لحظات غفلة ! وبعض القصص

خاطرة لا أزعم سلامتها من الخطأ، أكتبها نصحا لنفسي ولكم في بعض المواقف التي من الأفضل أخذ الحذر التام فيها والإنتباه، لأنها لحظات غفلة قد تتضمن غير المتوقع:

1. الإلهاء في غير المكان المناسب

كإلهاء أو شغل إنسان – أو حيوان، في مكان قريب من السيارات العابرة:
حكى أحدهم قصة طفل كان يمر بالشارع فتبسم له وأشار، وقام الطفل بذلك، وفجأة مرت سيارة وصدمت الطفل، لكن كانت العواقب سليمة، والحمد لله.
وحصل ذلك لي مع جرو صغير، فقد أشرت له وهو يقطع الطريق وأنا متوقف في الجانب الآخر، فبدأ يبصبص ويتلهى وهو يقطع الشارع فصدمه أحد الطائشين بسيارته.
ففي مثل هذه المواضع يجب الإبتعاد تماما عن الهاء الغير مهما كان ذلك مغريا، فهي لحظة غفلة قد تتضمن أخطارا محدقة.

2. عند قيادة السيارة في سفر أو غيره

السياقة في غياب العقل، ففي تلك اللحظات قد تظهر العقبات فجأة، فالبعض يسرح به الخيال في عوالم أخرى فينسى ما حوله، فيظهر له فجأة عائق كحيوان أو غيره، فيتفاجئ لأنه لم يكن منتبها، فالإنتباه مهم جدا في هذه الحالة، وتجنب الملهيات والإنتباه للطريق، حفظنا الله وإياكم من كل شر.

3. عدم الحِلم والأناة

في لحظات الإنزعاج الشديد والغضب من حيوان أو شيء، قد يحدث ما لا نتوقعه، فلا تكن قاسيا أبدا، لا تطرد ذلك المخلوق ففي مثل تلك الحالة يمكن أن يحصل غير المتوقع، أعتقد لأنها لحظة خاصة، فيجب الإنتباه لذلك.
كان عندي قط صغير مريض هزيل وضعيف، بدأ يزعجني – رغم عطفي عليه، بتوسيخه للمكان بفضلاته، فصبرت على ذلك يومين أو أكثر، ثم أغلقت المدخل، وكانت الساعة العاشرة ليلا، والليلة باردة جدا، ودفعته للخارج ليمضي الليل في باقي مساحة المنزل الباردة، وتركته معتقدا أنه سيمضي الليل في ركن من أركان المنزل كبقية القطط – لأنها تفعل ذلك أحيانا، فأدار لي المسكين ظهره وتقدم للأمام بضعف حتى اختفى، ولم يظهر في الصباح كعادته، فكان آخر عهدي به، رغم أنه كان يبيت كثيرا في مساحة المنزل بدون اي مشاكل، فلا أعرف ربما يكون السبب هو اللحظة والحالة ؟! طبعا مع العلم أن ذلك كله مقدر ومكتوب.
عندما أفكر فيه أقول لنفسي المسكين كان ضعيفا مريضا وأنا طردته ! ثم أقول لم أقصد ذلك، وربما يكون بخير لأن الراعي الحقيقي لتلك المخلوقات ليس نحن بل خالقها عز وجل.
ربطت ذلك باللحظة تحذيرا من بعض المواقف واللحظات الشاذة علينا، التي يجب ان ننتبه لها ونملك أنفسنا، ولا نفعل أي شيء فيه مخالفة للمعهود حتى تمر، لأن الغفلة فيها أو الشر قد يكون لهما ثمن، والله الحافظ والموفق.
ولست متأكدا من ذلك، ما هي إلا دردشة أو سفسطة الهدف منها التحذير من الغفلة في غير مكانها، ومن الغضب على الغير أو الإنزعاج منهم وأذيتهم بذلك.

الخلاصة:
احذر بعض المواقف الخاصة التي تحس فيها بالمبالغة في شيء غير صحيح على غير عادتك، سواء بتخيل وأنت تقود، أو بتصرف في مكان بغير ما يليق به، أو بمعاقبة حيوان أو إنسان بقسوة بسبب إنزعاجك منه، أو بسبب غضبك منه أو أي سبب آخر.


1. الزواج رزق !

قص أحد الإخوة قصة حكاها مأذون سعودي يوثق الأفراح، قال إنه حضر كتابة عقد مرة، وكان الحضور أقارب العريس والعروسة المقربون، وقد أولموا وليمة خفيفة. فتأخر أحد أصدقاء العريس (المِعْرِسْ بلغتهم)، وكان قريبا له من بعيد، وأحد أقرب أصدقائه إليه، جاء بعد عقد القران فسلم على الحضور، وأقبل على العريس وسلم عليه وعانقه، ودعا له قائلا “بارك الله لكما وعليكما وجمع بينكما بخير ماشاء الله، الله يجعل بيتكما بيت سعادة ويجمع قلوبكما على التقوى”، وأضاف: “ويرزقني الرزاق الذي رزقك حتى تزوجت يا فلان”. فقال العريس: اللهم آمين.
ثم استدار عائدا ليجلس في مكان من المجلس، فأمسك بيده أحد كبار السن الذين كانوا بجانب العريس، وأجلسه بجانبه، وقال له: لست متزوجا؟ قال: لا، يا عم، قال: ولا نية لك في ذلك؟ قال: بل لدي نية ألم تسمعني وأنا أدعو أن يرزقني الله ذلك.
وكان الرجل المسن من أصحاب الفراسة في الناس، يعرف الجيد منهم من الطالح، فقال له: أعطيتك ابنتي، وهي متدينة وذت أخلاق وجمال، وأصغر منك.
فتفاجئ الشاب، وقال: جزاك الله خيرا، لا مانع عندي.
وكان من بين الموجودين رجل تاجر، فقال: والمهر علي، ستصل المعرس “100 ألف ريال”، وكذلك السكن علي، شقة بكامل تجهيزاتها.
فاستغرب الحضور، واندهش الولد!
ثم قال الرجل المسن لإبنه اتصل بأختك فلانة وأخبرها واسألها رأيها، فاتصل بها فأجابت بالموافقة، وقالت: كل ما يأتي من أبي خير.
وكان أبوها يبحث لها عن الزوج المناسب ولا يقبل كل من تقدم طالبا يدها، فعجبا للمقدر والمكتوب، كيف حصل زواجها بتلك السرعة!
كيف أمسكها أبوها ولم يعطها لأحد لأنها رزق لهذا الولد !
ثم قال الرجل المسن للمأذون افتح السجل واعقد لأخينا محمد (المعرس). فقال المأذون أريد أن أسمع موافقة البنت، فاتصلوا بها، فقالت انها موافقة. فعقد له في نفس المجلس.

تأمل في هذه القصة الحقيقية، تجدها متضمنة لأمور أهمها أن الواحد ينوي فقط العفاف والزواج، والله سيعينه. تأمل كيف وفقه الله سبحانه وتعالى لنطق تلك الجملة، ثم سخر له قلوب الحاضرين، أحدهم زوجه ابنته، والآخر دفع له المهر وجهز له بيتا !
لهذا رزق الواحد منا، لا يدري من أين يأتيه. المهم التقوى والنية الطيبة، وان يفعل الواحد ما عليه تجاه ربه، وفقط، والباقي كله بيد الله.
كان الشاب يحسب أن الموضوع كبير، فسهله الله له !
قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ثلاثة كان الله في عونهم”، وذكر منهم “الناكح يريد العفاف”.
فيا من تريد الزواج، انو العفاف وانو الزواج فقط، واخلص النية وسيعنك ربك كما ورد في الحديث.

قال الذي قص القصة: وأنا أعرف كثيرا من الشباب كانت نيتهم العفاف وأخلصوا النية، فأعينوا على الزواج، بحيث سهلت لهم الأمور بطريقة غريبة رغم أنه كانت تنقصهم أشياء كثيرة كانوا يحسبونها كبيرة جدا.
فلما علم الله سبحانه وتعالى من هذا الشاب الصدق، سخر له كل الموجودين:
سخر له الأب والتاجر والمأذون، وكذلك البنت. فسبحان الله.

2. تحول من البخل إلى الكرم

كان يوجد في حديث العصر والأزمان، شاب مجتهد مشتهر باللأمانة يعمل في بيع الغنم، فأتاه رجل في السبعينات، واشترى منه بعض الكباش، وطلب منه أن يقدم إلى منزله في يوم محدد، ويهيئ المكان ويعد الذبائح وما لذ وطاب من الفواكه والمشروبات،ويقدمها لضيوفه مقابل أجر، فوافق الشاب، وقام بالعمل على أكمل وجه، وفي آخر النهار سأله الرجل عن تكلفة ذلك، فأخبره أنها 2200، فكتب له شيك وناوله إياه، فإذا فيه 220000، فقال مندهشا: يوجد خطأ في الشيك فقد كتبت 220 ألف بدل ألفين ! فقال الرجل: ذلك الخطأ مقصود، انظر المكتوب بالخط تجده نفس المبلغ، وأنا أكرمك به كهدية لمساعدتك لما أعجبني من امانتك وحسن معاملتك.

فشكره الشاب ورجع إلى البيت، وأخبر أباه بذلك، فقال له: لا ندهش من فعله فهو غاية في الكرم والنبل، والغريب أنه كان في بداية حياته من أشد الناس بخلا، قال الولد وكيف ذلك؟ قال: اسأله فهو يحب أن يُسأل عن ذلك ليعطي العبرة لغيره.

وفي اليوم التالي ذهب الشاب إلى مجلس الرجل، وشرب معه القهوة ثم أخبره بما قال له أبوه، فقال: صدق أبوك، وقصتي هي أني كنت في بداية شبابي حريص على المال أجمعه ولا تسمح لي نفسي بإخراجه أو صرفه، فعذبت بذلك زوجتي وأبنائي.
وفي يوم من الأيام وأنا في السوق كان أمامي عاملان فقيران حصلا على راتبهما مع مكافأة، فكانت الفرحة لا تسعهما، فقال أحدهما للآخر ما الذي ستفعله بالمكافأة، فرد عليه سأذهب الآن وأشتري لحما وفاكهة كثيرة وأدخل السرور على زوجتي وأولادي.
قال الرجل فوقفت مشدوها، هذا عامل لا يجد ما يقيم به نفسه، يدفع كل مكافاته في سبيل إسعاد أهل بيته، وأنا الغني الذي لدي الكثير من المال أقتر على أهل بيتي؟!
فكأن كلمته مرت من أذني إلى قلبي مباشرة، فذهبت إلى بائع اللحم وقلت له قم بإعداد 2 كيلو من اللحم وأرسله إلى بيتي، وهذا ثمن ذلك لمدة شهر، ترسله كل يوم إلى بيتي، ثم ذهبت إلى بائع الفواكه واشتريت ما طاب منها، وحملت الأكياس وأنا فرح بفرح أهل بيتي بذلك.
وكان بائع اللحم قد أعد طلبي أثناء ذلك وأرسله مع ابنه إلى بيتي، فدق الباب فسألت زوجتي من بالباب، فقال لها انا ابن الجزار، عندي 2 كيلو لحم لكم، فقالت له أنت غلطان، هذا ليس لنا، فقال بل لكم، فقال ارجع إلى أبيك وقل له إننا ميسورين فليتصدق به على من يستحقه، فقال لها بل هو لكم فخذيه لأني لا أستطيع الرجوع به إلى أبي، فأخذته منه وهي مستغربة.
وبعد مدة جاء الرجل وهو يحمل أكياس الفواكه والحلويات، وأخبرها بما صنع، واعتذر لها عن تقصيره السابق معهم، وأكد لها أن ذلك لن يتكرر.

وقال للشاب، أنا الآن عمري 75 سنة، ولي 45 سنة وأنا في هذا، أحرص على فعل الخير والزكاة والصدقة ونفع الناس، ووالله ما نقص مالي بل زاد ! كلما صرفت شيئا رجع إلي أضعافا مضاعفة.
فشكره الشاب على ذلك الدرس الجميل.

نستخلص من هذه القصة عدة أمور:
منها أن الصدقة بركة، فهي تزيد المال ولا تنقصه، مع ما يرافقها من أجر عظيم – هو أهم شيء، فكيف يستبدلها الواحد بتخزين النقود لتأكلها الفئران؟ وقد لا يستفيد منها لا هو ولا أهله ولا من حوله من المحتاجين، في حين أنها فرصة لأعظم شيء وهو الإنفاق الذي حث عليه الشراع في القرآن عشرات غن لم أقل مئات المرات !

ومنها أن إعطاء الصدقة يجب أن يكون لمستحقيها، فمن الناس من يتصدق على الأغنياء، فتصدقه على الفقراء أولى، إلا إذا كانوا أولي قربى، أو لدوافع أخرى.
وبدل إعطاء 100 شخص كل واحد قطعة نقدية، أليس أفضل جمع المبلغ وإعطائه للأسرة واحدة أو فرد أو فردين فيكون الإنتفاع به أكبر؟
كذلك بالنسبة للدولة، أليست خادمة للشعب؟ ألا تقف له في مصانعه وثرواته مثلما يفعل العامل الأمين – وما أحوجنا لصفتي الأمانة والكرم، فلماذا لا تخصص ولو 5% من عائدات ثرواتها لتقسيمها على الشعب، فتختار في كل شهر حيا من أحياء مدينة، وتوزع عليه تلك العائدات، ثم تفعل نفس الشيء مع الحي التالي، وهكذا.
تخيل أن ذلك المبلغ من عائدات السمك وحده، قد يصل لعدة ملايين من الدولارات أي عدة مليارات من الأوقية، فلماذا لا توزعه على أهل حي من أحياء المدينة ليفرحوا به ويحل لهم مشاكلهم ويحبب الرئيس ولاوزير إليهم؟
ويكون عطاء بحق، مبلغ كبير لكل منزل من منازل ذلك الحي. فيفرح المسلمون ويرتفع الفقر، بدل وضعه في الخزينة ليأتي أحد اللصوص المسؤولين وينهبه أو ليصرف تبذيرا فيما لا يفيد من حيل أولئك المسؤولين التي يأكلون بها ذلك المال الحرام، أو وهو الأدهى يدفع للدول الدائنة التي تعذب البلد بالديون التي لا تنتهي – ديون القراصنة العلوج.

ومنها أن الكرم صفة جميلة، يسعد بها الكريم والمتكرم عليه، أما البخيل فيموت بحسرته، ولا ينتفع بشيء في حياته!
الكرم من أجمل الصفات، وهو رفعة وزينة، سخاء وجمال وبهاء وإسعاد للقلوب، يكفي صاحبه أنه يصبح مطمعا للناس – وذلك شرف ما بعده شرف لأن خير الناس أنفعهم للناس، فإذا أنفق في سبيل الله حصل له الخير الكثير.

القصة حقيقية رواها أحد الإخوة بشواهدها.

Exit mobile version