طريقة في حفظ القرآن

القرآن.. كلماته مزلزلة.. صفحاته منيرة مبشرة ومنذرة..
كلها حكمة وتربية.. كلها خير وبركة..
هنيئا لمن جعل له منها وردا يوميا..
هنيئا لمن اعتاد على مناجاة ربه بها..
مسكين من قدم غيرها عليها..
لو توقف ولو للحظة ليتلو آية ويتدبر فيها لكان خيرا وحماية قبل أن يواصل الطريق.

فليكن لنا ورد من القرآن يذكرنا بربنا وينفعنا..
ليكن لنا ورد يحول بيننا وبين الفتن والشيطان.

القرآن الكريم: محكم في آياته عظيم في هدايته

قال الله تعالى: “كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ”، مما يدل على إتقان القرآن وتمام عدله وإحسانه. فالقرآن كله محكم في معناه وبلاغته، ومتشابه في جماله وتصديقه لبعضه. ومع ذلك، تنقسم آياته إلى محكمات واضحات الدلالة، ومتشابهات قد تلتبس معانيها على الأذهان، وهو ما يميز بين أهل الحق وأهل الهوى.

الواجب على المسلمين رد المتشابه إلى المحكم لفهم معاني القرآن بوضوح. أما أهل الزيغ، فإنهم يتبعون المتشابه بغية الفتنة، عكس الراسخين في العلم الذين يقولون: “كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا”، ويؤمنون بالقرآن كاملاً دون تعارض أو تناقض.

التعامل مع المتشابه: علم الله وعقل العلماء

يتباين تفسير المتشابه بناءً على نوع التأويل. إذا أريد به علم حقيقة الأشياء وكنهها، فإنها مما اختص الله بعلمه وحده، مثل حقائق صفات الله وكيفيتها. وهنا يظهر موقف السلف بوضوح، كما أجاب الإمام مالك عن قوله تعالى: “الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى”: “الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة”.

أما إذا أريد بالتأويل تفسير الآيات وبيان معانيها، فإن الراسخين في العلم يفسرون المتشابه ويردونه إلى المحكم، بما يجعل القرآن متسقًا في دلالاته، ويزيل أي لبس قد يطرأ على أذهان المتدبرين.

القرآن: وسيلة للإصلاح الذاتي وتنمية العقل

القرآن ليس مجرد كتاب للقراءة، بل هو طريق لمناجاة الله وتطهير النفس من الأدران. تدبر آياته والانتظام في قراءته يزيدان الإنسان هدايةً ووعيًا، ويغذيان العقل بالمعرفة. وقد قال الله تعالى: “وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ”، مما يشير إلى أن الانتفاع بالقرآن يتطلب عقلاً رزينًا وقلبًا متفتحًا.

حفظ القرآن يسهم في تحسين الذاكرة وتركيز الذهن. المراجعة المستمرة للمحفوظات والانتظام في تلاوة الآيات، هما من أهم طرق التثبيت ومنع النسيان.

أهمية ورد يومي من القرآن

اتخاذ ورد يومي من القرآن يحقق التوازن الروحي ويقوي العلاقة مع الله. القراءة المنتظمة تطهر النفس وتفتح أبواب البركات. كما أن الحفظ المتدرج، ولو كان يسيرًا، مع مراجعة المحفوظ، يعزز ارتباط القلب بالقرآن ويجعل تدبره عادة مستدامة.

أصل الهداية

القرآن الكريم هو أعظم مصدر للهداية، وحفظه وتنمية علاقتنا به يثمران خيرًا في حياتنا العقلية والروحية. المحكمات فيه هي الركيزة الأساسية لفهمه، والمتشابه يُرد إليها لإزالة اللبس. أما أهل البدع، فإنهم يضلون باتباع المتشابه. لذا، فإن الالتزام بالقرآن تلاوةً وحفظًا هو السبيل لتحقيق السعادة الحقيقية والنجاح في الدنيا والآخرة.

الحفظ: بوابة الارتباط المستدام بالقرآن

الحفظ هو أفضل طريقة للحفاظ على علاقتنا المستمرة مع القرآن. فالذي يحفظ القرآن يكون دائم المراجعة والتلاوة له، ما يعزز ارتباطه به ويحميه من الغفلة. في المقابل، قد يجد غير الحافظ نفسه بعيدًا عن قراءة القرآن بسبب انشغالات الحياة.

حفظ القرآن ليس مجرد عملية تعليمية، بل هو وسيلة لتحقيق فوائد روحية وعقلية متعددة، منها:

خطوات عملية لحفظ القرآن

  1. البداية التدريجية:
    • ابدأ بحفظ ربع من القرآن، مثل أول ربع من سورة البقرة.
    • خصص نصف ساعة يوميًا لحفظ هذا الربع بشكل أولي.
  2. المراجعة والتكرار:
    • كرر الربع المحفوظ خلال اليومين التاليين، واستمر حتى يثبت تمامًا في الذاكرة.
    • بعدها انتقل للربع التالي، مع مراجعة ما سبق يوميًا قبل البدء به، وهذا تلاوة له.
  3. التلاوة اليومية:
    • اجعل من المراجعة اليومية وردًا ثابتًا، فتقرأ حزبًا أو أكثر يوميًا.
    • هذا النظام يضمن استمرار ارتباطك بالقرآن تلاوة وحفظًا.

أدوات تقنية مساعدة في الحفظ

يمكن تعزيز عملية الحفظ باستخدام تطبيقات وبرامج مخصصة لتعليم القرآن وتلاوته:

  1. برنامج “آيات” (مشروع المصحف الإلكتروني – جامعة الملك سعود):
    • ميزات البرنامج:
      • الاستماع لتلاوة مشاهير القراء.
      • عرض تفسير الآيات بخمسة تفاسير عربية وترجمات متعددة.
      • خاصية التكرار لتسهيل الحفظ.
      • اختبار الحفظ ومراجعة الآيات.
    • خطوات الاستخدام:
      • تحميل التطبيق على هاتفك أو حاسوبك.
      • تحميل تلاوات القارئ المفضل لاستخدامها دون اتصال بالإنترنت.
      • تنويع التلاوات لتحفيز السمع وتثبيت الحفظ.

2. برنامج “المصحف الميسر”:

أهمية الارتباط اليومي بالقرآن

خطوات لحفظ القرآن

1- معرفة علامات الوقف ، وذلك أمر يمكن تعلم أساسياته بسهولة، شاهد هذه المقاطع على سبيل المثال: 1، 2، 3.
2- الإستماع إلى تلاوة ما تود حفظه حتى تعرف طريقة نطق الكلمات دون خطأ (يمكن الإستماع إليها بالبرامج التي ذكرنا سابقا أو أونلاين).
3- حفظ الآيات التي ترغب في حفظها (وننصح بحفظ ربع)
4- تكرار ما حفظت لمدة أيام (اليوم الأول تحفظ، والثاني تعيد وكذلك الثالث والرابع إلى ما شئت، المهم عندنا هو التلاوة، فقد ذكرنا من قبل أننا نرغب فيما يربطنا بالقرآن، وتكرار المحفوظ عبارة عن تلاوة وحفظ، أي فيه بركة الحفظ والتلاوة).
وفي نفس الوقت تطالع شرح الكلمات الصعبة، وتفسير الآيات لتعرف المعنى، ذلك مهم ومساعد (توفر البرامج السابقة بعض التفاسير، فمثلا البرنامج الأول – آيات – يعرضها مباشرة أسفل الآيات).
5- الإنتقال إلى الآيات التالية، وحفظها بنفس الطريقة (ولا تستعجل، المهم أن ترتبط بتلاوة القرآن، وبالتالي تحصل على بركته).
6- تكرار المحفوظ على مدى أيام أو أسابيع (لا بأس).
7- ثم إذا تم حفظ حزب، مراجعته كوحدة أي من خلال الربط بين أرباعه، حتى يتم تثبيته، ويمكن فعل ذلك أثناء حفظ الجديد من أرباع الحزب الموالي.
ثم بعد حفظ السورة محاولة الربط بين احزابها وتكرارها حتى تصبح وحدة واحدة أي تصبح قادرا على تلاوتها كاملة بدون أخطاء، ثم بعد ذلك تنتقل إلى السورة التالية.
وعند المراجعة تراجع السورة التي حفظت كاملة، وإذا كانت طويلة كالبقرة التي تتكون من 5 أحزاب تقريبا، فيمكنك تقسيمها إلى جزئين أو ثلاث، لتراجع كل جزء على حدة، مع ضرورة مراجعتها كاملة بين كل حين وحين.
ثم ابتداء من سورة الرعد إلى سورة الناس، ستلاحظ أن السور أصبحت خفيفة، أي متوسطها أقل من 3 أرباع، وبالتالي سيسهل عليك حفظها إذا كانت طريقتك هي حفظ الربع كاملا.
والأفضل في رأيي هو البدء بالأطول، أي ابتداء من البقرة، والله أعلم.

جرب هذه الطريقة وسترى أن بإمكانك حفظ ما تيسر من القرآن، والأهم هو أنها تربطك بالقرآن من خلال تلاوته المستمرة حفظا ومراجعة.

Exit mobile version