قصص واقعية من الحياة

مجموعة قصص واقعية من الحياة..


شهادة الحَجَلَة

كان علي بن أحمد الراسبي، أحد قادة الجند في الدولة العباسية، قد تولى قيادة جيشه في نيسابور، إحدى مدن فارس. وكان له مجلس يجتمع فيه الوجهاء والأتباع من شتى الطبقات، يجالسهم ويناقش أمورهم. وفي يوم من الأيام، اجتمع القوم في مجلسه يتغدون، وكان من بينهم رجل كردي اشتهر في ما مضى بقطع الطريق، لكنه كان قد استأمن القائد على حياته مقابل إقلاعه عن شروره.

قُدّم للقوم صحن كبير فيه طائر الحَجَلَة المشوي، ذلك الطائر المعروف الذي يُصاد من الجبال، وما إن وضع أمامهم حتى انفجر الكردي بضحكة عالية، بدت غريبة في مقامهم. رفع القائد رأسه إليه متعجبًا وسأله بحزم:
– ما الذي يُضحكك يا هذا؟

ابتسم الكردي وقد تذكّر شيئًا من ماضيه وقال:
– يا مولاي، تذكرت موقفًا مضى لي في سالف الأيام عندما كنت أقطع الطريق.

نظر إليه القائد بحدة وقال:
– حدّثنا بما جرى!

قال الكردي بصوت ممتزج بالغرور والتهكم:
– كنت يومًا أتجوّل في الجبال بحثًا عن قافلة أو عابر سبيل، حتى التقيت برجل من القرويين. أشهرت سيفي في وجهه، فارتعد المسكين، وانتزعت منه ماله وثيابه، ثم أمرته بالمغادرة. وقبل أن يبتعد، فكرت: “الجند قريبون، وربما يلجأ إليهم ليأخذوا بثأره فيقبضون عليّ. الأفضل أن أقتله وأطمئن!”

فناديته وأوثقته بالحبال، فقال لي والدمع يترقرق في عينيه:
– يا هذا، أخذت مالي وثيابي، فما بيني وبينك عداوة؟ لماذا تريد قتلي؟

أجبته ببرود:
– لأضمن أنك لن تخبر أحدًا بما فعلت.

صرخ المسكين:
– أقسم أنني لن أخبر أحدًا!

لكنني تجاهلت توسّلاته وألقيته على ظهره لأقتله. وبينما كان يتلفّت يائسًا يمينًا ويسارًا، وقعت عيناه على طائر الحَجَلَة يقف على صخرة قريبة. فنادى بصوت يملؤه الرجاء:
يا حَجَلَة، يا حجلة! اشهدي على هذا الظالم عند الله أنه يقتلني بغير حق! اشهدي عليّ يا حجلة!

قال الكردي ضاحكًا:
– فما إن أتم كلماته حتى قتلتُه. والآن أضحك على حماقته! ينادي طائر الحجلة ليشهد له! يا للغباء!

ساد الصمت المجلس، وتحولت أعين الجميع نحو القائد الذي علا وجهه الغضب. نهض علي بن أحمد غاضبًا وصاح:
يا عدو الله! لقد أمنتك على حياتك لتكفّ أذاك عن الناس، وها أنت تقرّ أمامنا بظلمك وقتلك بغير حق. لقد نادى الرجل الحجلة لتشهد عليه هناك، وها قد شهدت عليك هنا أيضًا!

ثم أمر:
نادوا السياف! ليقتصّ الله من هذا الظالم!

وقف السياف متأهبًا، واقتيد الرجل إلى حيث يُنفّذ الحكم.
يقول الراوي: وبينما كنّا نتغدى، رأيت رأسه يتدحرج على الأرض كأنه يُذكّرنا بعدل الله الذي لا يُغفل دعوة مظلوم ولا يُهمل ظالمًا.

العبرة:
دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب، والظلم ظلمات يوم القيامة. ما أقبح الظلم! فهو لا يُذهب فقط ببركة العمر والرزق، بل يستجلب كره الناس ودعواتهم على الظالم.
والأفضل للإنسان أن يبيت مظلومًا لا ظالما؛ لأن حقه محفوظ في الدنيا أو مؤجل للآخرة.

“اللهم احفظنا من ظلم أنفسنا وظلم غيرنا”.


المرأة الصالحة والشرير

في عام 1931م، وفي زمن البساطة والبيوت المتواضعة، كانت الحياة هادئةً مطمئنة، رغم شحّ الموارد وقلة الإمكانيات. أسرة صغيرة كغيرها من الأسر، تقطن إحدى القرى: أب صالح، أم حنون، وابنان أحدهما في مرحلة الدراسة الإعدادية، والآخر يكبره قليلًا.

كان الأب رجلاً بشوشًا، طيب القلب، محبًّا لأسرته، يكسب رزقه من دكان صغير. كان كلما أغلق دكانه يعود إلى بيته حاملاً معه بعض الهدايا، ليزرع البهجة في قلوب أحبته. وفي يوم تأخر الأب في العودة، وبدأ القلق يخيّم على أفراد الأسرة. مرت الساعات ثقيلة، حتى جاءت الشرطة تحمل نعشه… لقد توفي بعد أن صدمته سيارة وهو يعبر الطريق عائدًا لأهله ببعض اللحم أراد إسعادهم به.

تبدّل الحال، وحلّ الحزن محل السعادة. كانت الأم صابرة رغم مصيبتها، ولم تجد بُدًّا من إرسال الابن الأكبر ليجلس في الدكان الصغير مكان أبيه ويعيل الأسرة. فقد ورث الصنعة عن أبيه، والصنعة كما يقال “كنز الفقير”، فهي ما يحفظ للإنسان كرامته وسط متاعب الحياة.

لكن سرعان ما جاء الأمر بإلتحاق الابن بالخدمة العسكرية، وكان التجنيد إجباريًّا في ذلك الوقت. زاد حزن الأم، كيف لها أن تفقد معيلها الوحيد؟ ذهب الابن مع بقية المجندين، وكان الحزن باديًا على وجهه. سأله الضابط عن حزنه، فأخبره بمسؤوليته عن أسرته، فأشفقوا عليه ووضعوه في المطبخ للقيام بأعمال بسيطة بدل المعاناة.

علمت الأم بعد ذلك أن دفع 100 دينار يمكن أن يعفي ولدها من الخدمة. كان مبلغًا كبيرًا بالنسبة لها، لكن قلب الأم لا ييأس. قررت بيع البيت الذي تسكنه، وباعته في مقابل 400 دينار. حملت المال وسافرت إلى المدينة حيث يخدم ابنها لتدفع المبلغ وتعيده إلى أسرته.

اضطرت للسفر ليلاً لتأخرها، وركبت مع سائق تاكسي بعدما اتفقت معه على الأجرة. في الطريق، وبسبب البساطة والثقة المنتشرة آنذاك، تحدثت الأم مع السائق وأخبرته بقصتها وحاجتها لدفع المال لابنها. لكن الشيطان تسلل إلى قلب السائق، فطمع في المال.

توقّف السائق عند وادٍ موحش. أشهر سكينًا في وجهها، وأجبرها على النزول. قادها إلى عمق الوادي، وأخذ منها المال، ثم طعنها بوحشية حتى سقطت غارقة في دمائها. تأكد من موتها، ثم عاد وواصل رحلته وكأن شيئًا لم يكن.

لكن الله يمهل ولا يهمل. في طريق عودته مع ركاب آخرين، توقّف السائق عند نفس المكان ليتأكد من موت المرأة. نزل إلى الوادي ووجدها ما زالت تئنّ وتتأوه. صرخ في وجهها بوقاحة:
– ألم تموتي بعد يا ملعونة؟!

نفسه الظالمة اعتبرت أنها المظلومة، كأن مقاومتها للموت جريمة في حقه!

حين أراد رفع حجر ليجهز عليها، لدغته حية سامة كانت تحته. صرخ بأعلى صوته فسمعه الركاب الذين نزلوا إليه مذعورين. وجدوه مرميًّا بجوار المرأة التي كانت تحتضر. حملوهما إلى أقرب مستشفى، لكنه لم ينجُ، بل مات في الطريق. أما هي، فقد وصلت إلى المستشفى في الرمق الأخير.

عندما أفاقت، طلبت رؤية ابنها، وقالت له بصوت ضعيف:
خذ النقود واذهب لدفعها حتى يسرحوك.

كانت دعوة الأم وصدق نيتها هما السبب في نجاتها. شاء الله أن تُشفى، واشتهرت قصتها في القرية. تأثر الناس بها، وقرروا جمع مبلغ من المال لمساعدتها. ذهبوا إلى التاجر الذي اشترى البيت، وحين أرادوا دفع المال له، رفض وقال:
هو هدية مني لهذه المرأة الصابرة.

أعادوا لها بيتها، واجتمع الخير لأسرتها. وأصبح الدكان مقصدًا للساكنة تعاطفًا مع الأسرة، فتوسعت التجارة، وتحولت حياتها إلى اليسر، ثم تحولت إلى منزل كبير على شاطئ دجلة.

العبرة المستخلصة من القصة:

  1. البلاء اختبار من الله، لكنه قد ينقلب إلى خير لمن يصبر ويحتسب.
  2. الصلاح، والنية الصالحة والدعاء سلاح المؤمن في الشدائد، فالله لا يخذل من يلتجئ إليه بصدق.
  3. الناس معادن، فيهم الخير كما فيهم الشر. لا تكن ضحيةً للثقة العمياء.
  4. العمل والكتمان من أسباب النجاح، فالمغريات قد تُظهر الوجه القبيح في النفوس الضعيفة.
  5. صلاح الأم كان سببًا في نجاة الأسرة كلها، فالتقوى مفتاح لكل خير.

كما قال الله تعالى:

“وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ”


المبالغة في ضرب الأبناء

من عواقب ضرب الأبناء الكبار والصغار، ما يسمى ب”الصدمة النَّزَفيَّة” التي تنتج عن الضرب المتكرر الشديد، وهو ما يتعارض مع طريقة ضرب الأبناء في الإسلام، فهو فيه للضرورة والتأديب لا الأذية والتجريح والتشهير..
فيجب الحذر من الضرب بصفة عامة فقد تكون له عواقب وخيمة.

روى أحد الصحفيين قصة أب في هذا العصر، كانت له ابنة محبوبة ناجحة في دراستها، كان يعلق عليها كل آماله، ويفضلها على بقية إخوتها، وفي مرحلة الشهادة ابتليت بالنوع القاسي من الأساتذة، ذلك النوع من المرضى النفسانيين الذين يفرغون غضبهم في التلاميذ، كبرا وتجبرا، ويبالغون في إذلالهم ومعاكستهم حقدا وحسدا، فأسقطها وأكثر من 70 بالمائة من طلبة الفصل، في مادته الأساسية التي عليها المعول في المعدل النهائي.. فتوسلت إليه، وأخبرته بآمال أبيها فيها، مستعطفة ومستجدية، لكنه لم يلق لها بالا..

رجعت إلى البيت ظهرا وهي حزينة مغتمة لا تدري بم تواجه أباها الطيب الحنون الذي يعلق على دراستها كل آماله.. ووجدته أمامها، وكالعادة مبتسما بحنان، فرأت أن الوقت مناسب للتخفيف عن نفسها، فربما تجد في حضنه المواساة والمؤازرة، فالأمر مهما كان مجرد مادة دراسية (ومن المنهج الغربي اللعين)!
فأخبرته برسوبها في المادة وبأسبابه التي من بينها جلافة الأستاذ، فتحول الضياء في عينيه إلى ظلام، وشاهد أحلامه وأمانيه وهي تنهد أمامه في لحظة، صور له الشيطان ذلك في فيلم أكشن مدمر، فنسي كل شيء حتى حبه لها وشفقته عليها..

أخذ سلكا كهربائيا، وأدخلها في غرفة، وبدأ في ضربها من الظهر حتى الثامنة مساء، لا يتركها إلا ليستريح بضع دقائق أو يشرب كأس شاي يصور له الشيطان نفس الفيلم، فيعود ليضربها من جديد..
وعند الثامنة دخل عليها ليضربها للمرة الأخيرة فوجدها مستلقية على الأرض، مفتوحة العينين لا تتحرك، فقال لها مالك، قومي، وإلا ضربتك، فلم تجبه.. فقال قومي ولا تكرريها، فلم تجبه. فخرج وأخبر إخوتها، منعه الكبر حتى من الإقتراب منها للتأكد من حالتها، فهرعوا إلى الغرفة ليجدوها بلا حراك، وجسدها كلها مغطى بآثار الضرب، فخرجوا وهم يصيحون: بابا أدرك أختنا فهي تموت.. فهرعوا بها إلى المستشفى، لكنها توفيت عند وصولهم إليه..
وانهار الأب، أمضى 3 أسابيع في التحقيق يتعذب بين الأسئلة والوجوه الغريبة، والعياذ بالله. وأصيب بصدمة حتى فقد القدرة على الكلام، ثم بعد مدة عاد إليه صوته وعقله، فأخبرهم أنه لم يقصد قتلها، كيف وهي أحب أبنائه إليه؟!
حقا، إن من الحب ما قتل..
وجاء تقرير الطب الشرعي ليثبت أنها ماتت بما يسمى ب”الصدمة النزفية” التي تحدث نتيجة للضرب الشديد والمتكرر، فعند ضرب الجسد بسلك أو ما شابه، يحدث نزيف تحت الجلد، وعند تكرر الضرب يتفاقم ويمتد لمناطق أخرى، وهكذا حتى يمنع الأكسجين من الدوران مع الدم في الجسد، ويسبب الوفاة، وهذا غالبا هو سبب موت البعض في أقسام الشرطة، نتيجة الضرب والتعذيب، وكذلك في المنازل بوحشية بعض الآباء والأمهات..
والذي يربي الأبناء ليس الأهل بل الله سبحانه وتعالى وحده، هو الذي يسدد خطاهم ويحفظهم، فلا بد من الإرتكاز عليه في تربيتهم، وعدم تضخيم أمور وأوساخ الدنيا كالشهادات وأحلام الغنى، خاصة عند الإعتماد على التعليم الغربي الشيطاني اللعين الذي من الأفضل للأهالي سحب أبنائهم منه، كيف لا وهو يمهد اليوم لفرض تدريس الشذوذ على الأبناء في مدارس العالم الثالث، وقد فعلها فيما يسمونه زورا وبهتانا بالعالم الأول، أقذر وأرذل عالم..
لذا على الوالدين القيام بدورهما فقط، دون إفراط أو تفريط، ثم بعد ذلك يفعل الله ما يشاء، فهو المقرر الوحيد، كم من واحد حولته صرامة أهله إلى مجرم، وكم من آخر كفى في جعله إنسانا سويا ناجحا أقل القليل من التأديب!! الأمر بيد الله وحده، يهدي من يشاء ويضل من يشاء، ويغني من يشاء ويفقر من يشاء، الأمر كله ابتلاء، والحياة الدنيا كلها لا تساوي جناح بعوضة عند المؤمنين الصادقين، جعلنا الله وإياكم منهم..

لقد قتل أحب أبنائه إليه من أجل أمر تافه، فما أدراه أن سعادة ابنته أو سعادته، أصلا في الدراسة؟
ثم دخل في دوامة من التحقيق، ثم السجن، وانقلبت حياته رأسا على عقب، إضافة إلى تأنيب الضمير، والوزر.. كل ذلك لأجل دراسة سخيفة يقدسها بعض الأهالي لدرجة العبادة!

تم الحكم عليه ب 10 سنين سجنا، ثم تم التخفيف عنه فيما بعد، لكن حياته انقلبت رأسا على عقب ولم تعد كما كانت، وقد لا تعود.. تحولت الأحلام والآمال إلى كوابيس مظلمة بسبب ذلك السلك الكهربائي الذي كان خيرا منه أخذ ابنته بالأحضان، والتخفيف عنها في تلك السن التي يحتاج المراهق فيها لعقل ورزانة وحكمة أبيه أو أمه بدل التهور والطيش..
فاحذروا من ضرب الأطفال فهو ليس من الحب بل من الأنانية والكبر وحب النفس.. والعياذ بالله..


البيت المشؤوم

في هذه القصة عدة دروس، الأول منها هو أن مال الأب في حياته له لا لأبنائه، ومن حكمة الله سبحانه وتعالى أنه جعله لهم بعد موته، وفي نفس الوقت ألقى في قلوب الأبوين من الرحمة ما يجعل مالهما للأبناء حتى في حياتهما، ونفس الشيء في الأبناء الصالحين.
ويكثر في الآباء الصلاح، فلا تجد طالحا قاسيا على أولاده فيهم إلا قليلا، وهي ندرة لكنها موجودة، مثل الأمهات اللواتي يرمين أبنائهن أو يتخلين عنهم، والساديات الأنانيات اللواتي يعذبونهم، والآباء الذين يتبعون غرائزهم، ولا هم لهم غير الوقوع على تلك وتلك، أي شهواتهم التي لا تنقضي.

والحل مع الآباء القساة – إن جاز التعبير – هو طاعة الله فيهم، وعدم إصدار حتى كلمة “أف” لهم، والله تعالى يغني بعد ذلك ويعوض عن ذلك العناء.
أما الأبناء فهل يغلب عليهم أن يكونوا صالحين مع آبائهم أم العكس؟ ما رأيك؟
على كل حال ما في قلب الأبوين من عطف وحب فطري، قد لا يكون في قلوب الأبناء الذين لا يهتمون في الغالب إلا بأنفسهم وزوجاتهم.

من حق الأب في حياته التصرف في ممتلكاته، كإعطاء هذا بيتا، وتلك سيارة، لكن عليه العدل بين أولاده إن كان فقيها، فالمال ماله لا مال الأبناء، والجميع سائرون في طريقهم كل له رزقه بحسب المكتوب له.
فلا غرابة من أن يضطر الأب لشهوة في نفسه تجاه امرأة إلى كتابة كل ما يملك – أو جزء منه – لها، لكن الغريب هو أن يؤثر فيه ذلك إلى درجة ارتكاب جريمة!
وهذه من مشاكل فعل الإنسان ما فوق طاقته، فكل يجب أن يعطي على قدره، لأنه إذا زاد على ذلك فسيكون كمن يعطي من لحمه!

ويجب الإبعاد عن الإساءة إلى الآخرين، ولو بردها، فلا أحد يدري متى يتحول المظلوم إلى ظالم، فكم من شخص سبه آخر أي مجرد كلام تافه كان بإمكانه تجاوزه، ولكنهما تشاجرا وقتل أحدهما صاحبه! وفي حال كان المتعرض للسب هو القاتل، فقد رد الكلمة السيئة بما هو أسوأ منها، وهو القتل والعياذ بالله. وأنهى حياته وحياة ضحيته لأجل لا شيء.
فيجب معرفة أن ما يلقى الواحد من بشر في طريقه مجرد نقاط عابرة في طريقها، فلا يجب مثلا التشاجر في المرور ولا في الإدارات، فتلك قلة عقل، لأن الصبر عن ذلك يجعل الموقف كله يمر وينقضي في نفس اليوم، وربما لا يرى أحدهما الآخر بعد ذلك.
لذا من الجيد التعود على كتم الغضب فهو أحد أقبح أسلحة الشيطان، والصبر عن الرد على السفهاء، ذلك هو المنصوح به في القرآن، لأن المشهد السينمائي الذي تثور فيه الثائرة أي الأكشن لن يدوم، فما هي إلا لحظات ويصبح قصة تروى، فأيها أفضل، أن يعكر الواحد مزاجه ويدخل في شجار قد لا تحمد عقباه مع شخص لم يره طوال حياته إلا في تلك اللحظة، أم يصبر حتى يمر ذلك السفيه في طريقه غير مأسوف عليه.
حتى المؤذيين الملاصقين للواحد في بيته وحيه، عليه تعلم الصبر على أذيتهم، والتجاوز عن ذلك، وعدم تكبير صغائر الأمور لأنهم يعيشون من الأذية بصغائر الأمور، ومواجهتهم بالمثل قد يؤدي إلى ما لا تحمد عقباه مثلما حدث في هذه القصة..

إنها قصة كهربائي سوري في أواخر الخمسينات من عمره، عمل يوما في أحد المنازل فوقعت عينه على شابة في الثانية والعشرين، في غاية الجمال والحياء، فأعجبته، فقال لها يوما: أريدك للزواج، فاطرقت حياء وهي علامة القبول، فطار إلى بيته وأخبر ابنته التي تعيش معه فيه وحيدين بلا أنيس، بأنه يريد الزواج من تلك الفتاة وأنها في مثل عمرها! فصدمت من ذلك ولكنها تقبلت الأمر.
فأرسل أخته إلى أم الفتاة لجس النبض، فعادت إليه بموافقة البنت، فتقدم للزواج بها، فاشترطوا عليه كتابة البيت باسمها، وأن ذلك لاغي إذا طلب هي الطلاق، فوافق مع تضايقه من ذلك، وكتب البيت باسمها وتزوجها (عندما نرى كيف يكتب هؤلاء ما بين أيديهم وما خلفهم من أموال من أجل لذة عابرة، لا نستغرب من ضغط أمريكا على العرب، وابتزازها لهم ليل نهار، فالحياة مجرد ضغوطات وابتزاز، وتسابق على المصالح).

بعد مدة اكتشف أن المسكينة صماء، تستخدم جهازا للسمع، وحتى مع الجهاز لا تسمع جيدا، وتحتاج لعملية جراحية غير مضمونة النتائج، ومكلفة (وليته عمل على شفائها بدل القيام بالعكس)!
فغضب من ذلك واعتبره إهانة لكرامته – وأمواله/البيت الوحيد الذي يملك، ونظر إلى الأمر على أنه نصب عليه، لم ينظر له على انه مكتوب، وعلى الأقل حصل على شابة في العشرين!
فأراه الشيطان انه سيد الأرض الذي لا ينبغي لأحد تجاوز حدوده معه، ونفخ فيه حتى لم يعد يرى بساطة الفتاة وأخلاقها الحسنة، إضافة إلى جمالها وقوامها.
فركبه الشيطان، فلم ينصت لنصح ابنته وأخته بترك الشقاق والقناعة والرضا، فالبنت جميلة، وليس فيها إلا ذلك العيب البسيط، لكنه رفض الإنصات لهم وللمنطق، واعتبر أهلها نصابين، وأصبح يراها في صورة زعيمة مافيا، فضاق بها ذرعا حتى لم يعد يحتملها (رغم جمالها).
ولما ذهب إلى أهلها ليعترض على كتمانهم الأمر عنه، وعدم تركه يجلس معها بدون أخواتها وأمها تفاديا لإكتشافه لعيبها، أخبروه بأن ذلك ليس من شأنهم، وأن عليه تطليقها إن لم يكن يريدها، أي تطليق بيته أيضا.
فازداد غيظا وتوقدا، وبدأ يفكر في طريقة للخلاص منها، والتقط أول فكرة شيطانية تسقط عليه، وهي قتلها!

كانت المسكينة تحب النوم ضحى تحت نوع من الأغطية مكون من قماش سهل التوصيل بالكهرباء، وكان الرجل كهربائيا أصلا، فقرر وصل الغطاء بالكهرباء في يوم شديد البرودة، وخرج إلى عمله متعمدا الجلوس مع أكثر زملائه في ذلك اليوم ليشهدوا بأنه كان معهم!
وفي المساء رجع إلى البيت، فوجده مغلقا، فدق الباب ففتحت له الفتاة فاستغرب من ذلك، وتضايق، وقال في نفسه لماذا لم تدخل في الغطاء في هذا اليوم البارد، وذلك أحب شيء إليها؟!
ودخل إلى الغرفة ليفصل الكهرباء، فوجد فيها جثة متفحمة، فإذا بها جثة ابنته المسكينة التي لم تذهب إلى الجامعة في ذلك اليوم، وأرادت النوم في ذلك البرد تحت ذلك الغطاء!
فأصيب بانهيار عصبي، وحاول إسعافها بدون فائدة، وبعد التأكد من موتها بدأ يصرخ قائلا انه الذي قتلها، وأنه لم يقصد ذلك..
فتم الحكم عليه بالإعدام، ثم خُفف إلى المؤبد، وخسر زوجته وابنته وبيته.. وحياته!


ازدراء المرأة للرجل

خانت زوجها مع عشيقها الذي جلبت إلى المنزل بفكرة شيطانية هي التقدم لابنتها المراهقة، وبعد موافقة الزوج (الأب)، أصبح يأتي ليجلس مع الزوجة، فاشتكت البنت لأبيها قائلة إن الخطيب لا يهتم بها بل بأمها، فداخله الشك، وفضل الابتعاد بزوجته وابنته، فغادر المدينة إلى مدينة أخرى هربا بشرفه.

وعاد في يوم من الأيام إلى البيت ليجد الرجل جالسا مع زوجته، فسألها ما الذي أتى به، فردت: جاء ليسلم علينا، فقال لها ألم نفر منه، لماذا يتبعنا؟
فانفجرت فيه قائلة هل أنت غبي، أنا على علاقة به منذ البداية، أنا التي أوحيت لك بفكرة الخطوبة ليكون بجواري، طلقني فأنا أحبه هو لا أنت، فما كان منه إلا أن جلب السكين من المطبخ، فصاحت فيه هل تهددني بالقتل، فأجابها بعدة طعنات لتسقط ميتة.

واعتقد أن قتلها انتقاما لشرفه سينفعه في المحكمة، ولكن الأخيرة حكمت عليه بالإعدام، ثم بعد ذلك تولى أحد المحامين الأذكياء القضية، وأقنع المحكمة بأن الرجل سمع من المرأة إقرارا، والسمع حاسة معتبرة كالنظر، ويوجد شهود وشواهد على ذلك الإقرار، وهو ما يثبت أنها خانته، وبهذا حكمت المحكمة عليه بالسجن لمدة سنة مع البراءة، وكانت تلك السنة ضمن الفترة التي قضاها في السجن، فخرج مباشرة بعدها.

نستخلص من هذه القصة أن هتك أعراض الناس أمر خطير، فيجب الحذر من ذلك لأن المغبة قد تكون وخيمة، وأفضل شيء للعاقل هو الزواج مع تقوى الله.
الزواج بسرعة بالنسبة للشاب، لا تنتظر إكمال الدراسة ولا الوظيفة السخيفة، فقد لا تأتي أبدا، والشيطان موجود يستغل الضعف والتردد لصالحه، فالزواج هو الحل الوحيد لمشاكل الشهوة، ويمكن بالحلال فعل كل ما يرغب فيه الواحد بعيدا عن المغامرات والمخاطر الحرام.

كذلك بعض الوقاح، وأيضا الواثقين في أنفسهم جدا، و”كثيرا ما تتحول الثقة الزائدة إلى وقاحة”، يستخفون بالآخر لدرجة التعالي عليه وإهمال مشاعره وردود أفعاله، وهذا ما يوقعهم في ما لا يتوقعون، وقد يكون هو ما حدث للزوجة، فثقتها العمياء في أن زوجها ضعيف ومسالم جعلتها تتمادى في إهانته واحتقاره، وهو ما دفعت ثمنه غاليا كالكثير من النساء المغترات، فالحمل الوديع قد يتحول في لحظة إلى ذئب إذا تعرض للإستفزاز المبالغ فيه.

القصة التالية:
فيها براءة لقاتل في جريمة شرف، لم يقف بنفسه على جريمة الزنا أي لم يشاهدها، ولكن أيدته المحكمة ووقفت بجانبه، فالمحكمة تعتبر في الغالب النظر في مثل هذه القضايا، وليس كل مقتحم للبيوت يعامل معاملة القائم بالفاحشة كما حدث في القصة التالية.

القصة لشاب أحب بنت الجيران، وانتظرها حتى انهت الثانوية، فتقدم لها، وكان صغيرا، في عام 1987، والناس أيامها لا يزوجون بناتهم للعاطلين عن العمل، ولم يكن عندهم مانع في تزويج الصغيرات، فتقدم أبوه لأبيها، فرفض الأخير إعطائه ابنته بحجة أنه بلا وظيفة وصائع.
ولما رأى الأب ان الشاب يبالغ في التقرب من ابنته، قام بإعطائها لأول رجل تقدم لها بعد استشارتها، وكان عسكريا، ولم تكن متعلقة كثيرا بالشاب، فوافقت، أهم شيء عند الكثير من البنات ليس القصص الخيالية، بل الزواج، خاصة إذا جاءهن رجل محترم مناسب، الزواج هو المهم عند أكثرهن بالدرجة الأولى.
وازداد الشاب جنونا بعد ذلك، وعرف أين تسكن هي وزوجها، وأصبح في كل يوم يقف أمام البيت ويهاتفها، وهي تعتذر له بأنها متزوجة وتطلب منه تركها خشية الفضيحة، وهو يزداد إصرارا على اقتحام بيتها بذريعة الحب الشيطاني الذي يغر الكثيرين، وهو لا شيء، مجرد أوهام شيطانية.
وانتبه أن الزوج يضع المفتاح عندما يغادر في مكان قريب من الباب، فانتظر حتى خرج الزوج يوما، وكان ذلك في الشهر 7 من عام 1987، فأخذ المفتاح وفتح الباب ودخل عليها غرفة النوم وأيقظها، وقال لها خذي ملابسك لنهرب ونضع أهلنا أمام الأمر الواقع ليطلقك زوجك وأتزوجك.
وكان الزوج قد أحس منذ مدة بمن يراقب العمارة، فداخله الشك، فكلما خرج دخل المراقب، وعندما يدخل ورائه لا يعرف أين ذهب.
وفي ذلك اليوم انتظر مجيئه وأظهر أنه ذاهب إلى عمله، ثم رجع ودخل البيت وصعد السلالم، وقبل وصوله إلى الباب التقى بالشاب وهو خارج يهتف في زوجته هيا لنذهب.
فرجع الشاب إلى الداخل وأغلق الباب، فقام الزوج بإطلاق النار على الباب حتى فتحه، ووجدهما قد سدا عليهما باب غرفة النوم، فتسحب من الخارج ودخل عليهما من الشباك، فالتقته الزوجة – وقد احتمى الشاب بها – قائلة: انتظرن ودعني أفهمك الأمر، فلم يحدث بيننا شيء.
فأطلق عليه النار حتى فرغت ذخيرته، ثم ضربه بكعب المسدس على الرأس ليتأكد من أنه قد مات.
وفي المحكمة قال إنه أمسكها متلبسة، فقالوا له لا، أنت رأيتها معه، وكل منهما لابس ملابسه، أي غير متلبسين بالفاحشة، وهذه جريمة دخول مسكن أو سرقة أو غير ذلك، وليست جريمة شرف.. كان بإمكانك السيطرة عليه وتقييده لأنه لم يقاومك، ولم يدخل الباب إلا بمفتاحه.
يعني أن البعض يعتقد أن أي شخص يدخل إلى بيته معتديا يمكنه قتله، لكن في القانون الغربي (يجب معرفة الحكم في القانون الفقهي)، ذلك غير معتبر، سيُسأل لماذا قتله، وعن الظروف والملابسات.
وقد أكدت الزوجة أنه لم يحدث بينهما شيء، فحُكم عليه بالسجن 15 سنة ثم خففت إلى 10.

من قصص أبو طلال


قسوة

دارت أحداث هذه القصة في منطقة الباحة بالسعودية، وفيها رسائل كثيرة من أهمها أن الحقد الزائد عن الحد قد يدفع لفعل ما لا تُحمد عقباه، وأن الإحتيال والبغي نتيجتهما الوبال على صاحبهما في الدنيا والآخرة.
وأن الشاب والشابة عليهما الزواج عندما تتاح الفرصة لذلك، أو حتى بدونها، أي المبادرة إليه بدل الإنتظار الخطير على العقل والدين، لأنها غريزة يجب إشباعها كغريزة الأكل والشرب، ليست لعبة يتحكم فيها من يقول لا أريد الزواج الآن، فهو إما أن يقضيها في الحلال، أو في الحرام.

فيجب الحذر من كثرة رد الخطاب، فقد يفضي ذلك إلى الندم أو الضياع، فلا شيء يدوم على حاله، لا الشباب ولا الجمال ولا غيرهما، والعاقل يحسب حساب الأيام والليالي، ويبادر وهو قوي، بالعبادات والقربات وفعل الخيرات، ويتحرى ما هو صواب لأنه أثبت وعواقبه محمودة، ويبتعد تماما عن الحرام.

القصة لأم عِيضَة وابنتها عواطف وابنها عيضة، كانت لهم أرض تسمى أرض الصفوة من الأراضي الغالية في جنوب المملكة. وكانت لها أخت تسمى فاطمة لها ابن يسمى مصعب، كان مؤدبا يدرس في الخارج، أعجبت به عواطف المعروفة بجمالها ورزانة عقلها في القرية (ولعل عينا أصابتها جراء ذلك، فكل ذي نعمة محسود).

وكانت زوجة عيضة، وتسمى أم أميرة، ولها منه ابنة تسمى أميرة وولد ذكر، تحسد عواطف، والحسد أساس كل المشاكل، وهو ظلم، فأرسلها عيضة إليها يوما لتحاول إقناعها بأحد شباب القرية المحترمين الذين يعرفهم، وكانت تصد كل من يتقدم لها، فأخبرتها بأن ما يمنعها من الزواج هو حبها لإبن خالتها فاطمة، فطارت الحاسدة بذلك، وأخبرت زوجها بأن أخته على علاقة بابن خالتها، وزادت على ذلك بقولها إنها قد تكون حاملا منه، فجن جنونه، واقتحم بيت الأم وضربها ضربا مبرحا، ثم اقتنع بعد أن هدأ بأن زوجته وراء ذلك، فعاد إليها وضربها ضربا مبرحا، فازداد حقدها على عواطف، وبدأت تنسج الحبائل الخبيثة لتوقعها فيها، وهذا من خطر النساء، فرغم ضعفهن ورقتهن إلا أنهن يضخمن توافه الأمور، وتكون ردود أفعالهن تجاهها رهيبة، ويصبح المهم عند الواحدة منهن هو الإنتقام وحده، أي أذية كل من تتصور أنه آذاها، أو تكره حتى وإن لم يؤذها، ولا تتخيل أنها قد تدفع ثمن ذلك غاليا ككل المؤذيين، وأن فعلها قد تنتج عنه عواقب وخيمة هي المسؤولة عنها كلها، وأن الله سبحانه وتعالى سيحاسبها..
فينسيها الشيطان كل ذلك حتى ترتكب عظائم الأمور من حيث لا تشعر، كأن تضع سحرا قذرا في طعام زوجها، أو ترتكب ما هو أفظع.

استعانت أم أميرة بعجوز جوالة على البيوت لتبث في القرية شائعة أساسها أن عواطف على علاقة بابن خالتها، مشوهة بذلك سمعتها، وهذا من الظلم والتجاوز الذي لا يحسب له الكثير من الناس حسابا.. وهو ما دفع أهل القرية إلى سوء الظن فيها بعد أن كانت كالعسل على شفاههم، حتى خالتها فاطمة كرهتها وتشاجرت مع أختها بسبب ذلك، فطلبت منها الأخيرة أن تخبرها بالذي أخبرها بذلك، فذكرت لها العجوز النمامة، وبعد بحث طويل عثرت عليها.
وكانت الأم من ذلك النوع من النساء القوي الذي يطبق القانون بيده (الشخصية الطافرة التي تضر أكثر مما تنفع في الكثير من الأحيان، وكذلك كانت أختها التي هجرت الجميع هربا بابنها من السمعة السيئة، كان الكل يتصرف حسب هواه!)، فتناولتها بالضرب المبرح حتى أقرت بأن من طلب منها قول ذلك هو زوجة ابنها أم أميرة، فذهبت إليها وضربها أيضا ضربا مبرحا حتى ألجأتها إلى أهلها.

وبعد أيام تذكر الزوج سريره الفارغ، فذهب يترجى زوجته لترجع إليه، وكالعادة كان مستعدا لدفع كل ما يملك في سبيل ذلك، فلم تقبل بالرجوع إليه إلا بعد أن كتب لها أرض الصفوة هبة، فغضبت الأم من ذلك، وقالت له كيف تعطيها أرض أبوك الغالية التي يعتز بها، وهي حقيرة، وكانت السبب في تشويه سمعة أختك (حقا أنكم جبناء يا رجال).

أخذت الحقيرة الأرض وفوقها بوسة، ورجعت إلى غرفتا عزيزة مكرمة رغم فعالها كأغلب النساء، وماتت الأم وابنتها عواطف من الغيظ والحسرة.. والحقد..

وبعد أيام تهيأت قرية الزوجة لزواج أختي أم أميرة، فطلب عيضة من أمه مرافقته إلى العرس فرفضت، فقال لها اجلسي مع أبنائي على الأقل لرعايتهم ولا تدخلي إلى الناس في العرس، فوافقت وذهبت معه لترعى حفيديها أميرة وأخيها، وفي اليوم التالي أعادها إلى قريتها، ولكن أهل القرية اكتشفوا أن الطفلة أميرة مفقودة، ولم يعثروا لها على أثر.

وتتالت السنون، وازدادت كآبة عواطف التي لم يعد أحد يهتم بها بعد أن كانت أهم شيء عند الجميع، كل ذلك خشية أن تكون غير شريفة، فحتى مع معرفة الجميع بأن ما حيك مؤامرة للنيل منها، لم يوجد فيهم من يخاطر بطلبها خوفا من أن تكون بالفعل غير شريفة، وفي يوم من الأيام دق تاجر معروف وزوجته بابها، وخطبتها الزوجة بنفسها له.
وهنا وقفة، يجب الشك في الأمور الغير طبيعية لأنها تؤدي في الغالب إلى نتائج غير طبيعية، إلا استثناءات قليلة جدا قد تكون نادرة.

وافقت عواطف التي لم يعد لها من خيار، وتزوجها التاجر، لكنها طلبت منه قبل الدخول عليها أن يرسل إلى الداية للتأكد من أنها بريئة، ففعل ذلك، وتأكد من براءتها، وأعلن ذلك للناس.
وبعد مدة أتته بالولد الذي يبحث عنه بجنون، ففرح فرحا شديدا، وأقام حفلا ضخما بالمناسبة، أسرف فيه، رغم حزن القرية على ضياع أميرة، فغضب عيضة من ذلك، واعتبره إهانة لمشاعره، وحقد عليه.

وكان التاجر الإنتهازي – كأغلب التجار – وزوجته التي أنجبت له الإبنة الثانية عشر، يريدان آلة لتنجب لهما ولدا، وبعد ذلك يرميانها في الشارع، فلما علما بحال عواطف والتهمة الموجهة إليها، اعتبراها الأنسب لذلك، لأن تطليقها بعد الإنجاب سيكون أسهل بحجة سوء سمعتها، فذهبا إليها وخدعاها بزيف الحديث، حتى اعتبرتهما ملاكين، ووضعت الزوجة المنافقة في مرتبة الأخت!

وبعد الولادة كانت لديهم عادة أن المرأة تذهب إلى أهلها لتمضي معهم أسابيع، فطلب منها التاجر ترك الولد عنده – أي عند زوجته، بذريعة التعلق به، قائلا إنها سترضعه لأنها تحبه، وصدقته المسكينة التي كانت تعتبر تلك الأفعى أختا لها (بعض البشر لئيم منافق متلون كالحرباء، يُظهر عكس ما يبطن).

أخذ الزوج عواطف إلى بيت أمها بدون ولدها الذي تركته إكراما للغشاشين، وفي أثناء عودته التقى بأخيها عيضة فجرى بينهما عتاب أعقبه ضرب بسبب مشاعر عيضة (الغير مهمة، انظر كيف يعظم الناس صغائر الأمور)، فأخذها التاجر ذريعة لتطليق عواطف، فحزنت المسكينة، واستغرب عيضة من إدخاله لها في الموضوع، لكن الإنتهازي استغل الفرصة ليتخلص منها ظلما وعدوانا.

واستتب الأمر للتاجر، وظن أن كل مشاكله قد حُلت، وأن الدنيا ستدوم له مع دعوة الظلم، وهيهات.
وازدادت المسكينة عواطف حزنا وأسى على فقد ولدها والظلم الذي وقع عليها، ولم يعد لها من حل غير الدعاء على من ظلمها (والدعاء هو أخطر أسلحة المظلوم).
وفي يوم من الأيام أخذت الطفل الحمى فنقلوه إلى المستشفى، وفارق الحياة، ولما علم الأب بذلك سقط مغشيا عليه، وتوفي بعدها بمدة متأثرا بالخبر.
هكذا يرتكب الإنسان الفظائع دون حساب للخالق المطلع عليه، والذي يقتص للنملة من التي ظلمتها، ولا يترك حقا يضيع.

وبعد مدة ذهبت الأم إلى قرية مجاورة بينها وبينها 2 كيلومتر، مشيا على قدميها (عادة المشي بين القرى الجميلة، أتذكر أنني وبعض الشباب في زمن المراهقة، ذهبنا من قرية إلى أخرى في ليلة مقمرة، فكان يتراءى لنا أشخاص يلبسون ثيابا بيضا، فأصبنا في تلك الليلة برعب شديد، لكن العواقب كانت سليمة والحمد لله، خاصة أن تلك المنطقة كانت معروفة بالجن)، فذهبت الأم لحضور زفاف فيها، فالتقت بأختها فاطمة، فأعرضت عنها لسوء ظنها بابنتها عواطف، فأقبلت عليها فاطمة واحتضنتها، واعتذرت لها، وقالت إنها ندمت على ما بدر منها بعد أن علمت أن عواطف بريئة، وأنها تعتبر نفسها المذنبة في حقها، وتريد التكفير عن ذلك، وأن ابنها مصعب لا زال يحبها ويريد الزواج بها، ورجعت معها إلى القرية وأخبرت عواطف بذلك ففرحت به، وتم زواجها بابن خالتها أخيرا (نهاية سعيدة للمظلوم).

وفي أثناء العرس غضب أحد الحضور وركب سيارته وانطلق بها مندفعا كالمجنون فصدم أم عيضة، فنقلوها إلى المستشفى لتسوء حالها وتستقر ثم تسوء حتى توفيت.
وفي العزاء أتت امرأة كانت على السرير بجانبها في المستشفى، إلى عيضة وعواطف، وأخبرته بأن أمه طلبت منها إبلاغه بسر وهو أنها التي قتلت اينته اميرة انتقاما من أسرة زوجته! وأنها أخذتها إلى أرض الصفوة القاحلة أيامها، وخنقتها ورمتها في حفرة، وطمرت عليها التراب، ليتبين فيما بعد، بعد تشريح الجثة، أن الطفلة المسكينة تم دفنها وهي حية.

وإذا تأملت في القصة، فإن الأم لم تمت مباشرة من الصدمة، بل كانت تفيق ثم تتدهور صحتها ثم تفيق وهكذا حتى ماتت، وقد يكون ذلك مثل العذاب الذي عذبت به تلك الطفلة المسكينة البريئة التي لا ناقة لها ولا جمل في ذلك الخلاف التافه الذي أساسه الشيطان والخبث البشري (وكما تدين تدان).

هكذا يدفع الحقد والعداوة إلى أمور لا تحمد عقباها، مثلما وقع لهذه الأم التي خنقت حفيدتها بيديها انتقاما من ميوعة ابنها – واكثر الأبناء مائعين تجاه نسوانهن -، ومن زوجته اللئيمة وأسرتها، فلم تجد من حل لأذيتهم إلا قتل حفيدتها بيدها، ولأجل ماذا؟ لأجل أرض وبعض التفاهات!!!

فيجب الحذر من معاداة الآخرين، لا تدفع الناس إلى الوصول معك إلى درجة “يا قاتل يا مقتول”، فأكثرهم حمقى لا يحسبون، لكن كن المظلوم الساكت المتفادي لشرهم، فذلك أفضل من أن تكون البطل المحارب لهم، فمن يدري، قد تتصرف أو يتصرف الواحد منهم بجنون.

لقد كانت ردة فعل هذه الأم أدهى وأقبح من كل الظلم الذي وُجد في القصة، وقد باحت بسرها قبل موتها رجاء أن يسامحها ابنها على ذلك، وهو ما يدل على أنها تعذبت بسببه طيلة حياتها، كيف لا وهي ترى أمامها في كل يوم وليلة مشهد حفيدتها البريئة وهي تختنق بسببها!

وبعد 2005 أصبحت أرض الصفوة مطلوبة للجميع، وتم بناء أكبر الفنادق الجنوبية عليها، فكانت وسيلة لإغتناء عواطف، فقد طلق عيضة زوجته أم أميرة التي أصيبت بالجنون بعد سماعها الخبر، وعاد في الهبة التي وهبها إياها.

من قصص أبو طلال


عين

كانت أجمل فتيات القرية، سعيدة مبتهجة بالحياة، تُعجب كل من حولها، وتدخل السرور إلى النفوس بجمالها الأخاذ الذي يأسر القلوب.
وفي ليلة زفافها أصيبت بالعمى، فذهب بصرها ولم تعد قادرة على النظر في وجوه المنبهرين بجمالها، فمضت السنون متتابعة إلى أن جاء اليوم الذي عاد إليها فيه بصرها فجأة.. وفي غمرة الفرح بالشفاء أتاها الخبر الحزين بوفاة أمها..
وقيل إن أمها أصابتها بالعين في ليلة زفافها، وتسببت في ذهاب بصرها الذي لم يعد إلا بعد موتها، يعني أن موت العائن فيه شفاء من العين! فهل ذلك ثابت؟

القصة الثانية لطفل مميز كان قرة عين أبيه في منطقة الباحة بالسعودية، يستقبل الضيوف كرجل، ويقدم لهم متطلبات الضيافة، فذهب عقله فجأة وهو في التاسعة من عمره، ولم يرجع إلا وهو في عمر متقدم، بعد أن عاش ردحا وهو مجنون..
كانت القرية كلها في عزاء أحد أمواتها، فأخبر رفيق الميت الأب بأن الميت هو السبب فيما أصاب أبنه، فقد قال أمامه في اليوم الذي ذهب فيه عقل الولد “لو لم يكن لهذا غير هذا لكفاه” (يقصد الأب والإبن)، فذهب عقل الطفل مباشرة بعدها، ولم يعد إلا بعد موت العائن!

على كل حال، ما أنا متأكد منه هو أن شفاء العين هو اغتسال العائن للمعان، ذلك هو المذكور في كتب السنة، هو والقرآن كالمعوذتين وغيرهما، ذلك هو الخبر الأكيد، أما موت العائن، فلم أسمع أنه يُذهب العين إلا عند هذا القصاص، ولعله على حق..

إن العين حق “تدخل الرجل القبر وتدخل الجمل القدر” كما قالت العرب، والوقاية منها تكون بالتعود على قراءة القرآن والأذكار، لا بد للواحد من وجود ورد يومي من القرآن، على الأقل لكي لا يتخذ القرآن مهجورا، ففيه البركة والشفاء من كل داء.
أما بالنسبة للعين، فمن شك في أن أحدا أصابه بها، وقد يكون أقرب المحبين له، بل قد يكون هو نفسه! فلا بأس من أن يطلب منه الإغتسال له، وطريقة الإغتسال مذكورة في كتب العلم.
ويقول البعض أنه لا بأس من أخذ بقية آثاره من وضوء وغيره بعلمه أو بدون علمه.
والسنة تأمر العائن بالإغتسال، فلا بأس من سؤاله ذلك، وعليه الطاعة، لكن يمكن أيضا التلطف في السؤال بجعله من باب تجربة الشفاء من جميع المحيطين به لا من أحدهم دون الآخرين، مثلا.

من قصص أبو طلال


هذيان مجرم

يختلف البنج عن المخدرات، فالمتعرض للبنج إذا كان يتحدث بكلام أثناء فقدانه لوعيه، فإن نسبة 90 بالمائة من كلامه تكون حقيقة، أي أنه يهذي بأشياء حقيقية، بعكس فاقد الوعي عن طريق المخدرات وغيرها.

تقوم دكتورة في هذه القصة بإجراء عملية لغني بخيل كان يبحث عن مكان رخيص ليجري فيه عملية قسطرة لقلبه بأقل تكلفة ممكنة، وتنجح العملية، ولكن يحدث خطأ في البنج، فلا يفيق المريض بعده كما هو منتظر، وتقلق الدكتورة من تبعات ذلك، وتبدأ في مراقبته يوميا لكي يستعيد وعيه بسلام، لكن حدث خلال ذلك أنه هذى قائلا: “سأدفنك هنا، ولن يعرف أحد مكانك، وسأتزوج ابنتك وأستحوذ على ثروتك”!

استغربت الدكتورة من الكلمات التي رددها المريض في أيام فقدانه لوعيه، ودونتها في ورقة.. وبعد أيام أفاق المريض، وجائته زوجته للزيارة، فسألتها الدكتورة عن حالهم، فأخبرتها أن زوجها يملك مقلاعا لحجارة البناء، وهي الحجارة السورية التي تبنى بها البيوت في الكويت وغيرها، وأن أباها كان المالك للمقلاع قبل زوجها، ولكنه اختفى منذ 10 سنين دون أن يترك أثرا!
فبدأ الشك يتسرب إلى نفسها، وبدأت تكثر من الأسئلة حتى ارتاب فيها المريض، وقال لها مهددا “أنت شابة جميلة، أمامها الحياة كلها للإستمتاع”، يريد صرفها بذلك عن أي تفكير مشبوه فيه، ولم يكن لديه أي دليل على أنها عرفت شيئا، ولكن المجرم قلق شكاك، ذلك طبعه، ولا يُكذب أول بادرة شك تتغلغل إليه، ويتصرف مباشرة على أساسها خوفا من الفضيحة ودفع ثمن ذلك..
لكن الدكتورة اتصلت بأحد الضباط، وأخبرته بما كان يهذي به المريض، فتصرف على أساس أنه حقيقة، وفاجأه يوما في مقلاعه بين عماله، وطلب منه مرافقته إلى مركز الشرطة، وهنالك واجهه بالهذيان الذي صدر منه، وقال له إنهم عثروا على الجثة التي دفنها، وعرفوا أنه هدد المالك بدفنه والإستحواذ على ثروته وابنته، فانهار واعترف..

وهنا ملاحظة، وليست تعاطفا مع المجرم بل تحذير من الإستدراج في الكلام وغيره، فيجب عدم الوقوع في فخه، فبعض الناس يبني فخاخا لإستدراج غيره نحو ما يريد، فيجب توقع ذلك من الناس، وعدم السماح لهم بأن يكونوا أذكى..
لو أنكر المجرم أنه القاتل ولو حتى آخر لحظة، أي ينكر أمام الشرطي والقاضي، حتى لا يعود للإنكار مجال، أي حتى يتأكد 100 بالمائة من أنهم كشفوه، لربما لم يستطيعوا إثبات شيء عليه، وهذا مثال فقط، والمقصود أن الإنكار سلاح جيد أمام المتذاكين، وهو ليس كذبا بل دفاع عن النفس ضد الماكر، فحتى إن بدت الأمور منتهية، ينبغي دائما تجاهل ذلك، والتمسك بخيط الأمل ولو كان ضئيلا..
لكن بما أنه مجرم، فإن نفسيته ضعيفة، لكن في الحياة العادية على الصالح أن يثق في نفسه ويحذر من استدراج الآخرين له، ولا يضعف أمامهم، فالمتذاكون كثر، ويلعبون تلك اللعبة دون أسباب مقنعة في  كثير من الأحيان، وبعضهم خبيث محتال وضيع، فيجب مواجهتهم بكل شجاعة وجرأة وعدم الضعف أمامهم.. أي مواجهتهم بوقاحة مثل وقاحتهم أو اشد، إن جاز التعبير، يعني الإنكار التام لكل ما يوقع في فخاخهم ولو كان وضاحا وضوح الشمس في كبد السماء، لن يخسر الواحد شيئا بالكذب على الكذابين دفاعا عن النفس..

اعترف الرجل بأنه القاتل، وقال إنه كان شابا مندفعا في العمل أمينا صادقا فيه، فقربه سيده صاحب العمل، وأحبه من دون العمال حتى أصبح المشرف عليهم، وكان يخاطبه بكلمة “يا ولدي”، فاعتقد أن له مكانة عنده، فتجرأ يوما على خطبة ابنته، فغضب وقال له “ليس عندي بنات للزواج”، فقال “ولكني مثل ابنك وأمين معك”، فرد عليه “تلك ليست منة لك علي، فأنت تحصل على مقابل أمانتك، فهي ليست بالمجان”!
فخرج من عنده وقد صار الضياء في عينيه ظلاما من شدة الغضب، وكمن له حتى غادر العمال وقتله!
فمن المخطئ هنا؟
هل هو الشاب أم رجل الأعمال أم المال أم النساء؟
على كل حال هي لخبطة، رجل الأعمال أخطأ لأنه أدخل العاطفة في عمله وتنازل للعمال، فلو ترك حدودا بينه وبينهم لربما لم يتجرأ الشاب على خطبة ابنته منه..
كذلك الشاب قد لا يكون بريئا، فقتله لسيده قد يدل على أنه كان فعلا يسعى وراء الثروة، وأن البنت لم تكن إلى مركوبا نحوها، لذا يجب عدم الإغترار بسعة الإبتسامة وكثرة الأمانة في لحظة الضعف والتمسكن، فكل الناس عندها ملائكة، لكن الشر الكامن ينتظر الفرصة للخروج، ولو خلا أحدهم بأستار الكعبة لسرقها..
وفي آخر القصة تكتشف بنت الغني أن زوجها مجرم يهدف للحصول على ثروة أبيها، فتتطلق منه، ويتم الحكم عليه بالإعدام، وينفذ فيه الحكم.
ويتم طرد الدكتورة من وظيفتها بسبب كشف أسرار ذلك المريض بحكم قضائي، لكن بنت الغني تهديها عيادة متكاملة الأجهزة، وبهذا يثبت لنا أن فعل الخير لا يضيع صاحبه أبدا.

من قصص أبو طلال


هدوء المرأة قبل العاصفة

قد يخفي هدوء المرأة نارا متأججة، والكلمة الجارحة والوعيد إذا خرج من الإنسان فإنه يفقد السيطرة على نتائجه.. فكتم المشاعر السلبية تجاه الآخرين، أمر مهم، وقوة وحسن أدب ودين، خاصة إذا لم يكن هنالك داع لإعلانها، كأن يكون الخلاف تافها، لأن الكلمة الجارحة إذا خرجت قد تغير الحال وتقلبه رأسا على عقب، ويصعب علاج جرحها بعد خروجها، فيظل المجروح يعيش في أوهامها وخيالاتها، يغريه الشيطان بالإنتقام بكل وسيلة ممكنة، فكم من واحد أو واحدة خربت بيتها وبيتها غيرها بسعيها للإنتقام.

القصة لشابة جميلة في عامها الجامعي الأخير، لها خال خلوق محترم في منتصف الأربعينات متزوج من امرأة يقال لها سارة له منها أبناء.. ولديه مزرعة يعمل فيها، وحياته بسيطة وعادية، وهو ملتزم بالصلاة في المسجد وحسن الخلق مع الناس..

أتت سارة يوما إلى الشابة نورا، وحادثتها في الزواج، وعرضت عليها أخوها، وأخبرتها بأنه في سنها ويحبها، فقالت لها نورا إنها مشغولة بالدراسة ولا تفكر في الزواج، فرجعت سارة إلى أخوها فأخبرته بذلك، فقال لها إنه يحبها ولا يقدر على الحياة بدونها، وأصر عليها حتى رجعت إليها بعد أيام، فاعتذرت لها بنفس العذر السابق، فأصر الشاب على أن تعود إليها وتخبرها بأنه لا يريد الزواج الآن، ومستعد لإنتظارها حتى تكمل دراستها، ولا يريد إلا الخطبة لزيادة ضمان أنها من نصيبه، فرجعت سارة إلى نورا، وأخبرتها بذلك، فغضبت الأخيرة من ذلك الإلحاح، وصاحت فيها لا أريد الزواج بأخيك ولا بأي أحد يقرب لك! وكانت تكرهها.
فغضبت سارة وسبتها، وقالت لها إنها لن تتركها تتزوج ما دامت حية، فقالت لها نورا ستدفعين ثمن كلامك هذا، وباتت تتقلب على أحر من الجمر غيظا وغضبا..

وراحت الأيام وجاءت، وكان في الجامعة مسؤولة أمن في الأربعين غير متزوجة، شكلها عادي جدا بل أقرب للبشاعة، فسألتها نورا لماذا لم تتزوجي حتى الآن، فقالت لها لم يأت النصيب بعد، فقالت لها نورا إذا أتاك أحد الآن هل تقبلينه مهما كان؟ قالت نعم، كل من تقدم لي أقبله، وأتعلق بالقطار الذي فاتني تعلقا، فقالت لها نورا إذا تقدم لك رجل في الأربعينات متدين ومتزوج هل تقبلي أن تكوني زوجة ثانية، قالت نعم، فوعدتها خيرا، وبدأت في تنفيذ خطتها..

ذهبت إلى خالها، وأخبرته بأن لها صديقة في الجامعة جميلة وغنية وأهلها محترمين، وتريد منه أن يساعدها في العثور لها على زوج متدين بما أنه متدين ويحب فعل الخير، فوعدها خيرا.. وبعد أيام أخبرها بأنه عثر لها على شاب في السابعة والعشرين من عمره، موافق عليها لأنها ذات مال وجمال وحسب..
فقالت سأخبرها، وعادت إليه بالجواب ومفاده أنها لا تريد إلا من عمره فوق الأربعين، فعثر لها على آخر، فقالت سأسألها، ثم زعمت أنها كلمتها ولم توافق لأنه لا يصلي في المسجد بالتزام، وكل ذلك إختلاقا منها، فهي لم تكلمها في ذلك كله، ثم أخبرته بأنها قالت لها أنها لما علمت بأنه في سنها وملتزم، ويبحث لها عن زوج، أصبحت تريده..
ثم أخبرته بأنها آية في الجمال، لكن لم يحدث نصيب، وكثيرا ما تكون البشعة الوقحة أكثر حظا من الملتزمة الخلوقة..
ففكر الخال في الأمر، واتصل بنورا وسألها هل تقبل صديقتها بشخص متزوج؟
فضحكت وقالت سأسألها.. ثم اتصلت بخالها وقالت له إنها طارت من الفرحة عندما علمت بأنه المتقدم لها.. فقال إنه سيتقدم لأهلها وكانت لديهم عادة أن لا ينظر الرجل إلى المرأة إلا بعد الزواج، ولا يعترفون بالنظرة الشرعية (حتى الشرع كان البعض – ولا زال – يزعم أنه أكثر حفظا منه، وما تلك إلا مبالغات شيطانية)، فقال إنه موافق لأنه كان يعتقد أنه لا حاجة لرؤيتها مما سمع من كلام ابنة أخته من ثناء عليها..
فتزوجها ودخل عليها، فحدثت الصدمة!
أين الجمال وأين الغنى!
فعرف أن ابنة أخته غشته، وبقي محتارا لا يقدر على تطليقها بسبب بشاعتها، فماذا يقول للناس وماذا يقولون عنه؟ فصبر على أساس تطليقها بعد أشهر بحجة عدم التفاهم معها..

كثيرا ما يكون الشخص الخلوق المتدين الذي لا يؤذي أحدا بكلمة أو نظرة، محتقرا ممتهنا، يستسهل الآخرون أذيته والتلاعب به، فربما يكون هذا هو سبب جرأت ابنة أخته المجرمة عليه، فتخيل معي لو كان جبارا مؤذيا هل كانت لتتجرأ عليه؟ لا أعتقد..
وعلى كل حال الأمر كله مجرد ابتلاء، وخير للواحد أن يكون هو المضروب الصابر من أن يكون هو الضارب الظالم..

ولما سمعت زوجته سارة بزواجه، صرخت فيه، وطلبت منه الطلاق، فحاول إقناعها بالدين، وقال إنه سيعدل بينهما..
وبدأت نورا تهرب منه وتتفاداه، لأن المهم عندها كان أذية سارة وبأي وسيلة، وهو يتساءل لماذا كذبت عليه، ثم صارح زوجته الجديدة شيماء بأنه غُش فيها، فاتصلت بنورا وأخبرتها بأن خالها متغير عليها، ويقول إنه قد تم غشه فيها، فقالت لها نورا قولي له إنك جميلة في الواقع، ولكنه مسحور، لذا يراك بشعة، ففعلت ذلك، وقالت له فتش في أغراضك فربما تجد السحر فيها، وهو من زوجتك سارة..

وكانت نورا تتصل بسارة وتزورها مثل بقية النساء لتواسيها وتصبرها، وتقول اصبري فانت أجمل، وسيعود إليك، ثم غافلتها يوما ووضعت بعض الأوراق التي رسمت فيها بعض الطلاسم الموهمة والجلود وشعيرات من شعر رأسها، في غرفة نومه، فرآها الخال في صندوقه، ومكتوب فيها “يجب أن ينقطع الحب والمودة بين فلان – هو – وشيماء”، فصدق أن سارة سحرته، وجن جنونه، وناداها وتخاصم معها وطلقها بعد أن تأكد شكه عنده..

وحققت نورا هدفها، فكانت أسعد بذلك الطلاق من غيرها.. ودخلت على سارة لتواسيها مع النساء، ثم اتصلت بها ليلا وقالت لها أتذكرين كلامك لي عن أخوك؟ فصدمت سارة، وقالت لماذا تثيرين هذا الموضوع الآن؟ فقالت نورا لأن كل ما جرى لك بفعلي أنا، والزوجة الجديدة مسؤولة أمن في الجامعة، والسحر أنا من ادخل أوراقه المزعومة إلى بيت خالي، وأغلقت الخط في وجهها، فصُدمت سارة من ذلك الفعل، وعادت سارة إلى أهلها..

وراحت الأيام وجاءت، وهنا سؤال: لماذا لم تخبر زوجها بذلك، خاصة وأنه يعلم أن بنت أخته غشته؟

بعد سنة من ذلك، تخرجت نورا من الجامعة، وخطبها شاب متعلم موظف، فلما علمت سارة بذلك جلست تخطط كيف تفسد ذلك الزواج، ولم تستطع فعل شيء خلال الخطوبة، فتزوجت نورا وذهبت إلى بيتها، وبقيت سارة تفكر كيف ستنتقم منها، ثم تعرفت على صديقة من صديقات نورا، غير مستقيمة، فأخبرتها بحقدها على نورا، وقالت إنها تريد الإنتقام منها ولن ترتاح إلا بذلك، وقصت عليها القصة، وطلبت منها المساعدة مقابل مبلغ من المال، فوافقت..

وأخذت تجمع بيانات زوج نورا، وكان يحب نورا، ولم يمض على زواجهما شهرين، فراقبته أياما حتى دخل يوما إلى السوبرماركت فأوقفت سيارتها خلف سيارته وأنامت أحد إطاراتها، وطلبت منه المساعدة، وكانت في هيئة مغرية، فجن جنونه..
ثم تحادثا قليلا، وانتهى الأمر بأخذها لرقم هاتفه.. وبدأت ترسل له الرسائل وتظهر له صورها، وطلبت رؤيته لشكره على فعله ذلك.. ثم طلبت منه ملاقاتها في فندق للسهر مع الشلة، فاعتذر لزوجته بعذر وذهب إليها، فوجد معها صديقاتها، وكانت فيهم واحدة تصوره بدون علمه، وترسل الصور والفيديوهات إلى سارة التي أرسلتها فورا إلى نورا مستخدمة رقما لا تعرفه، فجن جنون نورا وذهبت إلى الفندق مسرعة لتراه وسط البنات، فصرخت فيه وجن جنونها عليه.. والناس يصورون المشهد بهواتفهم، وكانت سارة قد طلبت من صديقتها عند قدوم نورا أن يجلب النادل كيكة خطوبة عليها رسمة حب، فلما رأتها نورا ازداد غيظها وأخذتها وألقتها عليه، فجذبها إلى السيارة وحاول الإعتذار لها، فصفعته فاغتاظ من ذلك، ورد لها الصاع صاعين، ثم ردها إلى بيت أهلها، وقرر أن لا يرى وجهها بعدها، خاصة بعد مد يدها عليه..
وبعد ذلك بيومين اتصلت نورا بالرقم الذي اتصل بها لتعرف من صاحبه، فردت عليها سارة، وقالت لها تلك واحدة بواحدة، ولدي فيديو لك وزوجك يضربك، وإذا زدت زدت..

وانتشرت القصة بين العائلتين فتعجبوا من كيد النساء، فرغم أنهما من العوائل المحافظة، والبنات مهذبات وذوات تربية، إلا أن المرأة إذا أثيرت فبإمكانها فعل أي شيء، نعوذ بالله من المرأة الحاقدة.. لا تستضعفها وتحتقرها، فلديها من الوسائل ما قد يهد الجبال، حفظنا الله من جميع الشرور..
الحل مع الخبيثات من النساء هو الفرار منهن لأجل السلامة من شرهن، لا تحدثك نفسك أبدا بأنك مسيطر وقادر عليهن، فقد لا تكون، وأقل شيء يفعلنه بالرجال هو سحرهم، والعياذ بالله.

من قصص أبو طلال


فترة التعارف قبل الزواج

المبادرة بالزواج خير من فترة التعارف التي قد تكون مشؤومة على الطرفين، فالزواج إما أن يستمر أو يفشل، ويذهب كل في طريقه دون مشاكل، أما فترة المواعدة فيدخل فيها الشيطان لأنها أصلا حرام، وقد تكون مغبتها وخيمة، خاصة إذا تضمنت تلاعبا بمشاعر الغير والأنانية المفرطة التي لا تحسب حسابا للطرف الآخر.

يتعرف بطل القصة على شابة جميلة، يأكل عقلها بحلو الكلام، ويستميل قلبها الصغير، فتقع في حبه، ويصبح كل شيء في دنياها الصغيرة..
وتستمر المواعدة سنين دون أن يتقدم للزواج بها، وتصبر على ذلك، ويستمر الحال على ما هو عليه حتى تفاجئ يوما بخبر عقد قرانه على صديقتها بعد أيام!

تصاب بالدهشة والذهول، فرغم جمالها وثقتها في حبه لها، يريد الزواج بصديقتها التي هي أصل معرفته بها؟!
تطلب منه لقائها في مكان خالي لتحدثه في أمر هام، فيقلها في سيارته إلى مكان منزوي، تسأله هل ما زلت على وعدك لي بالزواج، فيقول نعم بالطبع، فتخرج مسدسا من حقيبتها، وتضعه على خاصرته، وتسأله إذن ما صحة الخبر الذي سمعته عن زواجك بفلانة في نهاية الشهر؟
يرتكب ويتلعثم، فتطلق عليه 7 رصاصات، وتقتله لتضيع بذلك حياته وحياتها، ولو صبرت لربما كان من نصيبها من هو أفضل منه، وهكذا دائما المستعجلون، لا يرون أبعد من أفقهم الضيق، يضيق على الواحد منهم الفضاء فيتوهم أن الحياة كلها ما وُجدت إلا من أجل مشاكله الصغيرة، وهذا في حقيقة الأمر نوع من الجنون، فيضخم الأمور حتى يقتل نفسه انتحارا أو يقتل غيره، والمشكل أبسط مما يتخيل، بل الحياة كلها لا تستحق كل ذلك العناء.

فما الذي جذبه إلى صديقتها ليتركها؟
ذلك هو دور الشيطان، يزين للإنسان ما يؤذيه ويؤذي غيره، فلماذا الغش والكذب والخوف من الصراحة والوضوح؟
لماذا المواعدة من الأول، لو تزوجها لكان بإمكانه تركها والزواج بغيرها في الحلال دون أدنى ملامة!
نعم، بعض الناس مجانين يرتكبون أبشع ردود الأفعال لأتفه الأسباب، بحق أو بغيره، لكن أيضا البعض لا يبالي بنفسية الذين يضرهم، يقول سيتعكر المزاج يوما أو اثنين ثم ينسى، نعم هذا صحيح بالنسبة للسواد الأعظم من الناس، لكن توجد فئة مجنونة لا تسكت، وقد ترتكب ما لا تحمد عقباه بالنسبة للمؤذي، وهو ما يجعله يدفع ثمن ذلك الإحتقار غاليا.
هكذا يزين الشيطان للإنسان ما يضره، ويعظم صغائر الأمور في عينه حتى يرتكب ما يفسد حياته وحياة غيره لأتفه الأسباب، أمور يمكن تعويضها بما هو خير منها لو صبر عليها المغتر به.

من قصص أبو طلال


الأطفال والإختطاف

خطر التجمعات

يجب الحذر من التواجد في مكان خارج سيطرة الأمن، كالتجمعات الكبيرة..
قام أحد المخابيل أو السكرانين باتهام شاب بانه سبب حريق غابة، فتجمهر حوله الآلاف وقاموا بحرقه وقتله دون أن تقدر الشرطة على تخليصه من بين أيديهم لإنتشار بذرة الشر، والعياذ بالله.

كذلك عرض الفتاة لمفاتنها بين مجموعة كبيرة من الشباب، ترقص وتضحك، هل تتوقع أنهم جميعا أصحاب أخلاق؟
ذلك ما قد يؤدي بحياتها، فقد يتدافعون إليها من أجل التحرش ثم يدوسونها بالأقدام..

كذلك انتقاد مجموعة كبيرة من الناس غاضبة، كأن تكون في مظاهرة أو غيرها، قد يؤدي إلى القتل والعياذ بالله، كالشاب الذي أطل على جمهور من المتظاهرين الغاضبين منتقدا إياهم، فما كان منهم إلا أن ضربوه بالسكاكين وعلقوه من رجليه، وفي هذه الحالة قد لا يمكن توجيه تهمة إلى شخص معين..

فيجب الحذر من التجمهر، خاصة عندما تكون السيطرة عليه غير ممكنة (لهذا لا خير ولا بركة في المظاهرات التي سنها الغرب اللعين، ولا يأتي من ورائها إلا تعطيل المصالح والخراب).
فيجب الإبتعاد عن التجمهر والتجمعات الكبيرة، خاصة النساء فقد تكون خطيرة عليهن.

خطف الأطفال الصغار

أهم ردة فعل بعد وقوع عملية خطف الصغار تأتي في الدقائق الأولى التي تليها، فإذا افتقد الأب أو الأم طفله – لا قدر الله، فعليه التحرك بسرعة في الإتجاه الراجح عنده أو في جميع الإتجاهات، مع إثارة أكبر ضجة ممكنة كالإستنجاد بالحضور، لأن الخاطف لا يزال قريبا، وقد يؤدي به ذلك إلى ترك الطفل والفرار خوفا من لفت الإنتباه، أو الإمساك به متلبسا، أو ارتكابه أي خطأ يساعد في العثور على الطفل قبل ضياعه.
فيجب على المتعرض لذلك استغلال اللحظات الأولى التي تلي عملية الخطف بإثارة أكبر ضجة ممكنة، والتحرك سريعا مع الإستعانة بالموجودين، فهي لحظات مهمة في العثور على الطفل المختطف، حفظنا الله وإياكم من كل شر.

السؤال قبل الزواج

قد تكون الزوجة مجنونة (أو الزوج)، أو لها تاريخ في الإجرام هي وعائلتها، فالأفضل القيام قبل الزواج بتحريات بسيطة للتأكد من الأمور الأساسية، وهي العقل والخُلق..

تزوج أحد الموظفين امرأة جميلة، فجلبها إلى منزله فرحا بها، لتعيش معه ومع أمه العجوز التي في الثمانين من عمرها، فكانت النتيجة هي جلبه لسفاحة مجرمة مجنونة قطعت أمه قطعا، وضحكت في المحكمة معترفة بجرمها قائلة إنها أميرة الظلام وأن العالم مكان أفضل بدون العجائز!
والغريب أن أسرتها أيضا مجنونة، فهي التي زودتها بالساطور!

من قصص أبو طلال


شؤم المرأة السوء

يموت أبو حسن وأمه وهو صغير فيربيه عمه، فيكبر وهو محبوب من طرف جميع أهل القرية لحسن أخلاقه وطيب معاملته..
يزوجه العم ابنته زهرة التي لم تكن مستقيمة، ولم يدر الأب بذلك إلا بعد ضبط ضابط القرية لها متورطة مع باكستاني للمرة الثالثة، فكشف أمرها لأبيها بعد أن ستر عليها مرتين متتاليتين، فما كان من الأب إلا أن ضربها حتى اعترفت بجريمتها وبأن الولدين ليسا لحسن المسكين بل للباكستاني..
يقرر الأب قتل ابنته غسلا للعار، فيمنعه حسن طالبا منه تركها وترك الولدين البريئين اللذين لا ذنب لهما، قائلا انه سيرعاها ويربيهما!
وبالفعل يسكنها في الطابق العلوي من المنزل هي وأبنائها، ويتزوج هو في الطابق السفلي، وتمر الأيام.

وفي إحدى الليالي يدق عليه الباب ابنها الأكبر متلثما، وكان في السادسة عشر من عمره، ويخبره بأن الباكستاني رجع وأن أمه هربت معه، وأن عليه إدراكهما وقتلهما، ويطلب منه الإستعانة بسلاحه، وبالفعل يستجيب حسن، ويتبعه في ذلك الخلاء بعد أن سلمه السلاح مرتكبا بذلك أكبر غلطة، غلطة الثقة في قاتل!
وفجأة تظهر زهرة من بين الأحراش وهي تضحك، ويظهر خلفها الباكستاني شامتا، ويضع الإبن السلاح على رأس حسن المندهش، ويطلق عليه النار، فيرديه قتيلا، ويضعون جثته في سيارة ويشعلونها عليه، ويقلق دوي انفجارها أهل القرية..

ويهرب المجرمون، ويحزن الكل على حسن، ويتمنى عمه وزوجته أم زهرة، لو أمكنهما تقطيع ابنتهما زهرة انتقاما له.
ويصر ضابط القرية الذي كان زميلا له على الإمساك بالمجرمين، وتمر الأيام والشهور، ويتحول عجزه عن الإمساك بهما إلى قلق يغض مضجعه، فيقرر الإستقالة من مهنته ومغادرة القرية إلى غير رجعة خوفا على نفسه من الضياع، فيزور العم أبو زهرة، ويعتذر له عن فشله في الإمساك بالمجرمين، لكن العم يطمئنه، ويقول له اذهب مشكورا ونم قرير العين، فأنا سأتكفل بالمهمة بدلا عنك..

وتمر السنون ويتوفى العم، ثم تمرض زوجته، وتقول لأبنائها وهي على فراش الموت أن عليهم تحريك سيارة معينة من سيارات حسن المقتول، لم يتم تحريكها من قبل وفاء لذكراه، وسيجدون تحتها جثة أختهم زهرة والباكستاني وولديهما مقتولون.. ويتم العثور على جثث المجرمين بعد وفاتها..
وكان سبب قتلهما هو استعانة العم بأحد أصدقائه من ذوي اليد الطائلة، قام بالبحث عنهم وعثر عليهم ليجلبهم إليه، فقام برميهم في تلك الحفرة ودفنهم وهم بالحياة منتقما لنفسه ولإبن أخيه المسكين الذي قتله الذين أشفق عليهم من الموت والضياع..

بعض الناس فاسد خبيث، وهذا طبعه، لا تنفع فيه مجاملة ولا عفو ولا شفقة ولا إكرام، فمن مات ضميره بسبب سوء عمله ومنبته، لن يفكر أبدا في أحد، وهو مؤذي لأنه يعتقد أن الجميع يؤذونه حتى بنظرة الإنتقاص التي سببها فساده، فمثل هذا النوع يجب الإبتعاد عنه.
ويجب عدم الإستهانة بالأفعى اللعوب التي تحب كل من وقعت عينها عليه، أو تهوى شخصا آخر، أو تذهب إلى السحرة لتسحر زوجها، فهذا النوع من النساء الخير كله في الإبتعاد عنه ولو كان قمر زمانه.
لقد أنقذهم من الموت والضياع، ورباهم وحماهم، فجازوه بقتله، لأن المجرمين لا ينسوا أبدا أنهم مجرمون، قد ينسي الصالحون ذلك لكن المجرمون لن ينسوه (خاصة إذا لم تكن هنالك علامات توبة)، ويكفي في تذكيرهم كل يوم بذلك، نظرة الناس إليهم وتعاملهم الجاف معهم، فيظل الواحد منهم يربي الحقد في داخله، ثم يصبه على أقرب الناس إليه، ولو كان صاحب فضل عليه.
فكان الأفضل له الإبتعاد عن تلك الخبيثة وأبنائها، خاصة أنها ضبطت ثلاث مرات متلبسة مع الباكستاني، وما خفي أعظم!
فهذه لا ينفع فيها غير إقامة الحد عليها بشرع الله الذي ضيعناه في دولنا خوفا من أمريكا التي لا تريده، والتي تفرض بدلا منه القوانين الدستورية الديمقراطية الإلحادية التافهة التي تربي المغتصب في السجن شهرين أو ثلاث ليخرج أعتى على بنات المسلمين.
ثل هذه يجب تطليقها لأن نكاح الزانية حرام، أي الإبتعاد عنها للسلامة منها والراحة من شرها، لا مخالفة ذلك بتغليب الآمال الكاذبة والأوهام من حب وكرم وغيره، ومحاولة إصلاح ما لا يمكن إصلاحه! وبالتالي إعطائها الفرصة لأن تؤذي، وهو ما فعلت..
فلو تركوها تذهب مع الباكستاني في ستين داهية، فلربما قتلها الباكستاني أو قتلته، واستراح الجميع منهما..

من قصص أبو طلال


ناكر الجميل العضاض

أحيانا تقول لنفسك إن كنت من أهل الخير: ليتني أملك كل نقود العالم لأستمتع بصرفها على من أعرف ولا أعرف، ليتني أفعل الخير للناس لإسعادهم جميعا دون انتظار جزاء!
فهل يستحقون كل ذلك العناء الذي قد يكون الجزاء عليه جزاء سنمار؟

المشكلة هنا هي أن الإنسان المنحط قد يتضايق من الإحسان، ويصاب بعقدة من فاعله، ويعتبره تعاليا عليه أو تميزا وتفاخرا، أليس الشيطان معه؟!
لذا قد يعجز عن مقابلة الخير بالخير، فيقابله بالشر!

فهل الأفضل عند عمل الخير، أولا عمله لله عز وجل وحده، وبهذا يضمن الجزاء.
ثانيا عدم مخالطة الآخرين مخالطة تامة قدر الإمكان، مع الحذر منهم..
فأحيانا تصدق المقولة: “اتق شر من أحسنت إليه”، لأن الإنسان مليء بالشر والعقد والمشاكل.
والإنسان الذي لا يأتي منه خير ولا شر، أو العنصر المحايد، يعتبر كاملا لأن أغلبية الناس لا يأتي منها إلا الشر!

كان في الجزائر في الثمانينات صديقان أحدهما فقير يدعى جمال، أبوه ساعاتي، والآخر من أسرة غنية يدعى سليم.. وكان الفقير معجبا بأخت الغني، والأخير يحبه ويعتبره كأخ له، فتقدم لطلب يدها من أخيها، وطلب منه الوساطة له عند أبيهما، ففعل..
فعرض الأب الفكرة على الفتاة فاستشاطت غضبا، واتصلت بالفقير وقالت له هل نسيت قدرك؟ كيف تجرؤ على خطبتي؟ لا تدخل منزلنا بعد اليوم..
فقال لها: الأمر بسيط كان بإمكانك الرفض بهدوء دون تعنيف ومبالغات.. ونسي الأمر أو تناساه..
واستمرت العلاقة بين الصديقين، ثم تعرض الأب بعدها لنكبة أدت إلى إفلاسه وإغلاق مصانعه وسجنه حتى أنه مات في السجن، فتم الإستيلاء على ممتلكاته، وطُرد الأبناء ليتحولوا من الغنى إلى الفقر، وتدور عليهم الدنيا، نعوذ بالله من انقلابها..

ولم يجد سليم غير جمال ليطلب منه المساعدة، خاصة وأن الأخير قد بدأت تجارته تتطور، فاستقبلهما بدلا من الشارع والتشرد، وأعطاهما شقته ليعيشا فيها، واتخذ لنفسه مكانا غيرها..
وكانت إحدى الشركات العالمية قد عرضت عليه إدارة فرعها في دمشق، وكان المستقبل المزهر يفرد ذراعيه له بعكس أولئك الأغنياء الذين انقلب حالهم من الغنى إلى الفقر، وهكذا هي أحوال الدنيا..
فاستقبل جمال الأخوين وأسكنهما في شقة يملكها، ونفذ جميع مطالبهما من عهده لصديقه، ولو كانت في مكانه نسبة 99 من البشر الذين نعرف، لقالوا لأنفسهم: هذا لم تعد له فائدة، ولربما تجنبوا حتى السلام عليه..

وبدأت البنت تحس بتأنيب الضمير على فعلها بعد إحسانه إليهما، ثم قالت له معتذرة إنها آسفة على ما فعلت، وأن ذلك كان طيش شباب، فقبل اعتذارها، لكنها أخبرته بأنها مستعدة للزواج به إن كان لا يزال يرغب فيها! ومن هنا بدأ الغلط..
أخبرها أن الأمر انتهى بالنسبة له وقد سامحها على فعلها، ولا يفكر في الزواج حاليا بل في تنمية أعماله، فحقدت عليه، وأخبرت أخيها، فغضب لعرضها نفسها عليه، وحقد عليه بدوره، واعتبر ذلك إهانة لهما وللأسرة من طرف ذلك الفقير المسكين السليم الصدر إلى درجة السذاجة..

سافر جمال إلى دمشق كمدير لفرع الشركة هنالك، وتوسع في عمله فأصبح يجمع أنواع الساعات الغالية ويعرضها على التجار بصفة مستقلة محققا أرباحا أكبر..
أما الأخوان فبقيا في الجزائر، الأخت تعمل كسكرتيرة أياما وتجلس شهورا، لا تكاد تصبر على عمل، والأخ يعمل في الأعمال البسيطة، وكلاهما يسكنان في شقة جمال..
ثم تعرف سليم على شلة من العمال البسطاء، وفكروا في السفر إلى سوريا بقصد العمل، فأرسل سليم إلى جمال يخبره بنيته السفر وبأنه لا يملك مالا لأجل ذلك، فأرسل له حوالة بالمبلغ المطلوب، فقدموا إلى دمشق، فاستقبلهم في المطار، وأبى إلا أن يسكنوا في منزله لحين عثورهم على سكن مستقل، ولم يقصر في إكرامهم..
ورغم ذلك كله لم ينفع في سليم الخير ولا البشاشة! فقال لأصدقائه يوما: هل لاحظتم الساعات الغالية التي يجمعها جمال في منزله، لو استطعنا سرقتها لكفتنا العمل وأصبحنا أغنياء، فثمنها آلاف الدولارات، فاستغربوا من جرأته على مكرمه وعضه ليده الممتدة إليه بالخير مثلما يفعل الكثير من الأنذال.
ووافقوا على ذلك العرض الشيطاني المغري، وتقرر أن يضعوا لجمال مخدرا في عصير، ويربطون يديه ورجليه ويطعمونه لمدة أيام حتى يتصرفوا في الساعات ويغادروا البلد، فجاءوه يوما مستبشرين فاستقبلهم بنية سليمة وقدم لهم العصير، فغافله أحدهم ووضع في كوبه مخدرا، فوقع على الأرض، فربطوه جيدا وغادروا، وبدءوا يسألون عن ثمن كل ماركة من الساعات ال 58 التي سرقوا ليعرضوها كلها على تاجر واحد، ويتخلصوا منها مرة واحدة بنقص ثمنها شيئا ما.
وفي اليوم التالي ذهب سليم وأحد الشلة إلى جمال لإطعامه مثلما تقرر في الخطة، فوجداه في بداية الإستيقاط لا يعرف ما حوله، فقررا المغادرة إلى المساء لأنه لا يستطيع الشرب والأكل، فخرجا من المنزل فقال سليم لصاحبه انتظرني قليلا، ورجع إليه ووضع قطعة قماش على أنفه بنية قتله، وخرج، فسأله صديقه عما كان يفعل، فأخبره بأنه أراد التأكد من أنه موثق جيدا..
وذهبت الشلة إلى أحد التجار وعرضت عليه الساعات، فقبل شرائها بشرط عرضها على خبير للتأكد من جودة نظامها الإلكتروني الداخلي، فذهبوا معه إليه ليفحصها ويدفع لهم مباشرة بعد التأكد من سلامتها، فدخل بهم إلى الحارة التي فيها جمال، فسألوه عمن يقصد، فأخبرهم انه ذاهب بهم إلى جزائري مثلهم أمين وخبير في الساعات، فقالوا له سنتصل بك غدا، وغادروا..
فذهب إلى بيت جمال ودق الباب فلم يجبه أحد، فغادر، وفي اليوم التالي اتصل بهم فلم يجيبوه، فداخله الشك فيهم، وذهب ثانية إلى بيت جمال ودق الباب فلم يجبه أحد، فاتصل بالشرطة واخبرهم بما وقع وانه يشك في الشلة التي خافت عندما سمعت بذكر جمال، فذهبت الشرطة إلى بيته لتجده ميتا، ولم يكن القبض على العصابة بعدها صعبا..
حتى أفراد العصابة عندما علموا بمقتله، وأن القاتل هو سليم، قالوا للأخير كنا نستغرب من سرقتك لصديقك، لكن كيف سمحت لك نفسك – الدنية – بقتله؟!
تم الحكم على سليم بالإعدام، أما أصحابه فتفاوتت أحكامهم..

فهذا شخص غير حر في نفسه، بل شيطانه هو سيده كمعظم الناس، ولو فكر جمال رحمه الله في أنه يتعامل مع سليم وشيطانه، لربما لم يخالطه بتلك الدرجة التي كان ثمنها حياته، ولعرف أن بعض الناس – أو لنقل أكثرهم، لا يزيده الإحسان إلا لؤما وحسدا وحقدا وشرا، فنعوذ بالله من مخالطة ذلك النوع من الشياطين.
فكن من الناس على حذر ولا تؤذهم، وافعل ما تفعل من خير لله، ولا تكثر من مخالطتهم.

من قصص أبو طلال


أبناء الغربة

كان أحمد شابا يمنيا صدوقا ذا خلق، تعرف على تاجر كويتي يدعى “أبو أَبْرَارْ”، فساعده في الوصول إلى بلغاريا، وعرفه على بلغارية في منتهى الجمال فتزوجها، وأنجب منها ابنا يميل لونه للسمار، سماه “أبرا” على اسم بنت التاجر أبرار، وفاء له.

وبعد أعوام هجرته البلغارية بذريعة عدم احتمال طبعه، وذهبت إلى مدينة يجهلها، فقام بتربية ابنه على أمل أن تعود إليهما يوما، حتى أنه رفض عرض أحد المصريين الكرام ابنته عليه للزواج بعد تعرفه عليه واعجابه بحسن أخلاقه، قائلا إن هدفه في الحياة هو تربية ابنه أبرا على أمل أن تعود أمه إليهما.

وكبر أبرا، وازداد تعقدا من عروبة أبيه وشكله، ولم يعد يحتمل كونه عاملا بسيطا يعمل في مجال الآثار، وفي أحد الأيام عملت المدرسة للفصل رحلة إلى أحد المساجد الشهيرة، وكان فيه الأب، فرآه التلاميذ ينظف السقف، فغضب أبرا من ذلك واستعر من أبيه أكثر فأكثر.
وفي يوم من الأيام دخل عليه بجاكت، فسأله من أين له ثمنها، فلم يجبه، فعنفه الأب وضربه، فاتصل بالأمن واشتكاه، فأخذوه إلى دار رعاية حتى يبلغ الثامنة عشر ليقرر بعدها العيش مع أبيه أو ما يشاء بحسب قانونهم الأرعن (هؤلاء حمير لا متطورين)، وحذروه من معاملته بعنف وإلا انتزعوا منه الجنسية البلغارية التي ما أعطوها له إلا لأجل البلغارية، فحذروه من ضياع الجنسية والترحيل إلى بلده.

فاتصل على صديقه الكويتي، فنصحه بأن لا يرتكب أي خطأ، وإلا رحلوه، وأن يبدأ في استمالة ابنه بإعطائه النقود كلما رآه حتى يضمن رضاه بمقابلته، فأصبح يعمل بكد من أجل شراء ما يحبه ابنه العاق، فقط ليراه!
ثم عمل في سيارات نقل الأموال، ووصل الإحتقار والإجرام بالإبن إلى درجة التخطيط لسرقة البنك عن طريق أبيه، فاستغله في الدخول إلى البنك، لتعطش الأب لتواجده بجواره، وبعد ساعات من دخولهم إلى البنك، أخرج مسدسا كاتما للصوت وأطلق رصاصة على صدر أبيه، فألقاه أرضا، ثم قتل زميله التونسي وبلغارية كانت معه، وحمل ما قدر على حمله وفر هاربا، وبعد فتحه للباب الزجاجي كان عليه إغلاقه وإلا تم إطلاق الإنذار بعد 180 من فتحه، ولم يكن الكلب يعرف تلك المعلومة، ولكن الأب الملقى أرضا ناداه اهرب قبل الإنذار!
تأمل في حنان وشفقة الآباء!

واعترف الأب بعدها أنه الفاعل للتغطية على ابنه، فسأله المحققون عن شريكه الذي اختلف معه بزعمه وفر بالمسروقات، فرفض إخبارهم بأي شيء، كل ذلك من أجل الحمار ابنه.
ذكر أبو طلال أن كويتيا عندهم قال له أبوه مرة: “يا حمار”، فاشتكاه للسلطات بسبب ذلك!!

تم الحكم على الأب أحمد ب 15 سنة، وأن يتم ترحيله بعدها إلى اليمن، ونقلوه إلى أتعس سجن في البلد، سجن على الحدود يضعون فيه كبار المجرمين.
والمشكلة أن زميله التونسي المقتول له إخوان يعملون في المافيا البلغارية، أقسموا أن يشربوا من دم قاتله أحمد حسب ظنهم، وكرهه البلغاريون لقتله امرأة بلغارية بريئة، حسب اعتقادهم، وكانت مطلقة تعيل العديد من الأبناء.
فتعذب في السجن من طرف المساجين الذين ضربوه 24 ساعة على 24، حتى وصل به الأمر إلى عدم الإحتمال، فتذكر صديقه الكويتي أبو أبرار، فترجاهم أن يتصل به، وبعد رفض طويل أعطوه 3 دقائق، فاتصل ببيته فأجابته إحدى البنات، وكانت تعرفه بأن أباها في ألمانيا يجري عملية جراحية، فأستحى من إخبارها بمصابه خوفا من إزعاجه.

وبعد سنة تذكرت البنت الإتصال، وأخبرت الأب بأنه قال لها أنه عنده مشكلة ولم يوضح رغم أن صوته يوحي بانه واقع في مشكلة كبيرة، فعرف أنه في ورطة، خاصة أن كلامه بدا ككلام شخص يودع الدنيا، فقال لبناته رغم أنه في السبعين من عمره، ما رأيكم في جولة سياحة إلى بلغاريا ليبحث عن صديقه أحمد.
فسافر إليها، وسأل عنه حتى عرف أنه مسجون في سجن على الحدود، فاستغل مركزه في جلب الوساطات حتى قابله، وصدم من شكله الذي يوحي بأنه في المائة من عمره رغم انه في التاسعة والخمسين!
وسأله عن سبب ذلك، وقال له ليس عندنا إلا 15 دقيقة، والبلغار حاقدون عليك لأنك قتلت البلغارية، ولا يرغبون في أن يزورك أحد، وطلب منه إخباره بالسبب، فقال له أحمد سأخبرك لكن لا تخبر أحدا، وأخبرك فقط لكي لا تفقد ثقتك في، وأخبره بالقصة الحزينة.
فغضب الكويتي من الإبن العاق، وقصد أفضل شركة محاماة في بلغاريا، واعتمد كل محاميها في الدفاع عن أحمد، وكانوا أكثر من 30 محاميا، دفع لهم ما يقارب المليون يورو، ووعدهم بمثلها إن كسبوا القضية، فقالوا نطلعه من السجن ولو كان مجرما.
فبدأ الحديث في الصحف والإعلام عن برائته، وتغيرت النظرة إليه، وحكموا في الأخير ببراءته مع تعويض من الدولة على ما أصابه من ظلم، ولم يعثروا على الإبن المجرم أبرا.

وفي تلك الأثناء وقع أبو أبرار طريح الفراش، ورغم ذلك كان يسأل دائما هل خرج أحمد، وفي المرة الأخيرة قالوا له يخرج بعد أيام قليلة، لكن هجم الوباء اللعين على العالم – بفعل فاعل شاهد الفيديو الفاضح له في قناة لقطة عابرة على التليجرام ففيه شهادات المتأذين منه – فتم عزل أحمد مع 3 من المسنين في زنزانة واحدة، وفي صباح أحد الأيام عثروا عليه ميتا بالسكة القلبية، رحمه الله.

أعطانا أبو أبرار مثالا للشخصية العربية المسلمة الغنية الرائعة التي تنصر الحق وتعطف على خلق الله وتتفاعل معهم، وهذا هو المسلم الحقيقي.
أما مشكلة الإبن العاق فمتكررة، وهذا نصيب لا يمكن تغييره، والدنيا أرزاق وحظوظ، حتى سيدنا نوح كان له ابن عاق، لكن مع الصبر والحمد، يعوض الله كل ذلك بما هو خير منه.
أنا شخصيا أعرف أبناء صالحين متدينين أمناء لا يغشون ولا يكذبون، لكن آبائهم يعقونهم ويهملونهم على حساب أبناء أخر إن لم يكونوا فاسدين، فإن إفسادهم لهم هو بداية شرورهم، تجد الإبن الطالح كلما دخل السجن أخرجه أبوه منه، وصرف عليه أكثر لييسر له الفساد. فكلها مقادير وابتلاءات، فلا تحزن على أمور الدنيا الزائلة، المهم هو الدار الباقية تلك هي التي يجب أن نحاول بنائها خير بنيان.

ومن هنا يتبين خطر الزواج من الغربيات المنعدمات الدين والأخلاق، سواء كان ذلك في دولنا أو في دولهن، فالواحدة منهن يستمتع بها الواحد أياما، ثم تتركه لأتفه الأسباب أو تخونه أو تهرب بأبنائه إلى بلدها، أو تحولهم إلى ديانتها، أو تسحبهم حكومة بلدها منه رغما عن أنفه.
وقليل من يسلم له أبناؤه هنالك..

من قصص أبو طلال


جريمة الغضب

لا يمكن للغضوب أن يحقق نجاحا، لا يمكنه أن يترقى في إدارة ولا أن يصبح مديرا أو وزيرا، لأن الآخرين لن يعطوه فرصة لذلك، لذا لا تجد مسؤولا في الغالب إلا وفيه خصلة الحلم (بل النفاق والضعة أحيانا)، لهذا يجد الفرص للتقدم إذا كان متواضعا وبسيطا، ويكون مستحقا لذلك إذا كان شهما وصادقا.

ولا تخلو الدنيا من شرور الناس، وبسببهم وبسبب الشياطين التي تؤزهم، تحدث المصائب..
بطل قصتنا من النوع الغضوب، وفي نفس الوقت لم يسلم من شر الناس ظلما وعدوانا بسبب الحسد والمنافسة على أوساخ الدنيا التي تعمي بصر وبصيرة الكثيرين..

كان تاجرا في مجال قطع الغيار، فيه الكثير من الخصال الحميدة كالعطف على الفقراء والأمانة ووضع السعر المناسب للناس دون طمع، رأفة بهم، وغير ذلك من الخصال الحميدة التي عُرف بها، إلا أنه كان غضوبا لا يحتمل من يثيره، ويطبق القانون بيده، وذلك أحد أكبر الأخطاء التي يرتكبها بعض المندفعين، فالبعض يعتقد أن بوسعه ضرب وسحل كل من يغيظه، وينسى أن ذلك ليس من حقه، فالكلمة ترد بكلمة لا باللكمة، واللكمة لا يمكن التنبؤ بعواقبها، فقد تقتل أو يُقتل صاحبها، والعياذ بالله.

والمتعدي ظالم، وكثير من الناس يستخدم يده بدل لسانه معتقدا أنه بذلك أقوى، وتكون النتيجة في كثير من الأحيان عكسية، فكم من متجبر قتله أضعف الناس بسبب ظلمه وتجبره، فجاءه الأذى من حيث لا يحتسب، والبغي مصرعه وخيم.

تسبب غضبه في فساد علاقته حتى بأبنائه، فتركوه جميعا رغم غناه، وغادروا.
لكن أكبر مشاكله جاءته من الحسد والمنافسة على الجاه والسلطة، فقد تمكن بفضل حب الفقراء له من الفوز في انتخابات المشيخة في قريته، فانضاف الشيوخ (الوجهاء) إلى تجار قطع الغيار في حسده، وكان من بينهم واحدا سلط عليه قريبا له من المحامين لينغص عليه عيشته حتى يدخله السجن فتتلطخ بذلك مشيخته.
وهذه هي مصيبة الطمع وجمع المال، لا أشك شخصيا في أن أيدي أكثر كلاب الأعمال (أو رجال الأعمال كما يسمون، وهم آلات أعمال، إلا قلة متقية متميزة بمعرفتها لربها) متلطخ الأيدي بعظائم الذنوب، لك أن تتخيل ما فعل في سبيل جمع تلك النقود، كم باع من دينه وكرامته، بل ربما يكون باع جسده مثلما تفعل الممثلات والموظفات المسكينات اللواتي يخرجن من ستر بيوتهن إلى ذئاب المكاتب.
فكم ظلموا أفسدوا وباعوا واشتروا في الحرام، ثم ترى بعضهم مع كل ذلك يصلي في المساجد، لا تنهاه صلاته عن الإجرام، يبيع السجائر والمواد المزورة ويغش ويخون ويتآمر على البلد والناس.
وإذا سار الواحد في طريق جمع المال، فسيكون إما ظالما أو مظلوما، إما غاشا أو مغشوشا، لن تتركه الثروة يستقيم لأن أول متطلبات وجودها هو أن يكون معوجا، فقليل منهم المستقيم، واكثرهم كبائعات الهوى، باع الكثير من مبادئه ودينه في سبيل الحصول على الثروة.

فتبعه المحامي كظله، وأخرج له القضايا من كل مكان، وكان يأتي كل مشتكي يحرضه على رفع قضية عليه حتى أرهقه وشغله عن نفسه وعمله، ولما ضاق ذرعا به، سأله لماذا تتبعني هكذا؟ فأخبره بأنه يحقق رغبة ذلك الشيخ، وأنها أصبحت رغبته أيضا. فطلب منه التوقف عن ذلك، وقال له سأعطيك ضعف ما يعطيك فاتركني فأنا لا أعرفك ولا تعرفني، فرفض المحامي، فقال له إني أحذرك، فأنا لا أستطيع إمساك نفسي ولا أترك حقي، وإذا شاهدتك مرة ثانية في المحاكم ستندم على ذلك، فضحك المحامي مستخفا بقوله، لكن ذلك الإستخفاف كان السبب في مصرعه مثلما قتل الكثيرين.

وبعد أسابيع التقاه في المحكمة، فغضب وقرر الإنتقام منه، وبعد أيام شاهده في الشارع فنزل من سيارته وأقبل عليه والشر يتطاير من عينيه، فضحك المحامي مستهزأ به، فطعنه بالسكين وقتله في الشارع، وركب سيارته وهرب..

وانزاح الحمل عن التجار والشيوخ اللئام، وفرحوا بما وقع، وربما فرح الشيخ الذي وكل المحامي بمقتله!
فحرضوا العمال على نهب متاجره فلم يتركوا له شيئا، وجاء ولده بعد أن سمع بما وقع له فلم يجد شيئا في المحلات..
واستمر هو في هربه إلى أن تم إلقاء القبض عليه والحكم عليه بالإعدام رميا بالرصاص، فذهب بعض المحبين له إلى أصحاب الدم ليعفو عنه وأقنعوهم بذلك مقابل أربع ديات، وذهبوا إليه في السجن ليبشروه بذلك، فقال لهم بعصبيته المعهودة، إذا خرجت سأقتل الذي كان السبب قاصدا بذلك التاجر الذي حرض عليه المحامي وبعض الذين آذوه، وهذه الصراحة كانت سببا في قتله، وكثير من الناس يعتقد مخطئا أنه ينفس عن نفسه بذكر ما يفكر فيه ويخطط له، ولا يحسب حسابا للسر الذي يجب أن يظل مكتوما، ولا لما يمكن قوله مما لا يمكن قوله.
فقالوا له نحن لا نتحمل مسؤولية ذلك، وخرجوا من عنده وقد أسقط في أيديهم، وشاع الخبر، فأقبل التجار على أبناء المحامي وطلبوا منهم عدم التنازل، وأغروهم بإعطائهم عشر ديات بدل الأربعة، وبالفعل تمسك الورثة بحقهم في القصاص، وتم تنفيذ الإعدام فيه، فرموه بثلاث رصاصات، ونقلوا جثته إلى المشرحة، وفي الطريق أفاق وهو يصيح “سأقتلكم جميعا سأنتقم منكم”، فضربوه برصاصات أخرى حتى تأكدوا من موته..

وعرف الناس أنه مات مظلوما بسبب أذية البعض، فحزنوا عليه، ودفعه الغضب إلى خسران كل شيء!
وربما لم يعرف الشيخ الذي غرته الدنيا بجاهها ومناصبها، أنه السبب في كل ما جرى له، فهو الشيطان الذي قتله، هو المحرض على قتله، هو الذي رمى بالمحامي في طريقه، وحرض الورثة في الأخير على عدم التنازل، هو وتجار السوء المنافسين على فتات الدنيا، كلهم قتلة.
وفي طريق الدنيا الصعب طريق جمع المال والجاه والشهوات والسلطة، يكون الواحد نتيجة الإبتلاء إما متسلطا أو متسلط عليه، أي قاتلا أو مقتولا.
ومثال ذلك الشيخ المرأة التي تذهب إلى الساحر لسحر زوجها أو غيره.
أيهما الساحر الحقيقي؟ إنها المرأة، هي السبب في الأذية، لولاها ما فكر الساحر في سحر المسحور، فهي الساحرة الحقيقية. وهذه حقيقة لا ينتبه لها الكثيرون، يعتقدون أن سعيهم في الأذية ليس أذية رغم أنه شرارتها، يعتقدون أنهم بسبب عدم توليهم الأذية بأيديهم مباشرة، سالمون من تبعاتها أو أن ذنبهم خفيف، لذا ترى أكثر النساء الساحرات يعتقدن أنهن بلا ذنب أصلا، وكذلك ذلك الشيخ والتاجر قد يعتقد أنه بلا ذنب، بل ربما يكذب عليه شيطانه بإقناعه بأنه كان فقط يدافع عن نفسه.

وبعد مدة انتخب الناس ابن الرجل وفاء لأبيه، وهو اليوم أحد كبار الشخصيات في اليمن.

من قصص أبو طلال


عداوة حتى ضد الأطفال

كانت لها بنت صغيرة تسلطت عليها بنت الجيران الأقوى بدنيا منها، فصارت تضربها كلما رأتها دون رد، وعلمت الأم بذلك فتشاجرت مع أهل البنت وقاطعتهم، ثم وصل بها الشيطان إلى درجة إقدامها على قتل بنت الجيران برميها في النهر، وكان الشاهد الوحيد عليها هو ابنتها!

انظر إلى أين تصل العاطفة وتكبير الصغائر بالبعض، عاطفة الأمومة والغضب والإحساس بظلم الآخرين، لقد تحولت من مظلومة إلى ظالمة!

ومشاكل الصغار مهما كانت لا تعدو قدرها، فلا يجب تضخيمها، وكذلك الكثير من المشاكل الأخرى، الحل معها هو تجاهلها أو الصبر عليها.
والبعض يدخل في مشاكل لا حصر لها مع مجاهيل لم يرهم قبل تلك اللحظة، وربما ما رآهم بعدها في حياته، فينتصر لنفسه الأمارة ويدخل في شجار مع مجهول رمته الأقدار في طريقه، بسبب زحمة في المرور أو قلة صبر، ولو تغاضى عنهم لما دخل معهم في تلك المشاكل.

بعدها هربت الأم من السجن بعد أن تم الحكم عليها ب 15 سنة، واستقرت في الأردن، بعد أن أخذت إثباتات أختها وتسمت بإسمها، وأصبحت سيدة أعمال مشهورة.
وبعد عشرين سنة كبرت البنت، وتزوجت بشاب وغادرت معه إلى ليبيا (البلد الأصلي)، ثم بعد فترة بدأ بضربها فاستنجدت بأمها، فأتتها من الأردن وهي مطمئنة إلى عدم معرفة أي أحد بقصتها، فاشتكت لها البنت وطلبت منها تطليقها من زوجها الذي أصبح يسيء معاملتها بالضرب، فقال لها الزوج غادري البلد في ظرف 24 ساعة وإلا ستندمين، فاستغربت من ذلك التهديد، وبعد انقضاء المدة بلغ عنها السلطات، فألقوا عليها القبض، وكان السبب هو ابنتها!
والمصيبة أنها بعد أن هربت من السجن ذهبت إلى بيتها وقتلت أختها بدم بارد، وأخذت أوراقها لتعيش بها في بلد آخر! وهذا ما اكتشفه التحقيق!

فتأمل في القصة، الغضب ليس دائما أساس كل المشاكل، بل الإجرام أيضا، فبعض الناس شياطين، فمن أجل المصالح والهوى يمكن للواحد منهم أن يفعل أي شيء! ولا ينفع مع هذا النوع إلا التعوذ بالله من شياطين الإنس والجن.

من قصص أبو طلال

Exit mobile version