مجموعة المقالات الإسلامية.. مجموعة مقالات فكرية اسلامية في صفحة واحدة، للإختصار وترك مساحة لما هو أفضل وأكثر فائدة..
تجد فهرست المواضيع في أسفل الصفحة، وهي قابلة للتحديث، مع الإشارة إلى التحديثات في الصفحة الرئيسية.
الحوار بين الوهابية والصوفية والشيعة هو الحل، لكن الشيطان معترض!
من مقدمة روايتي “مدينة العواصف”.. فكرتها هي مناقشة الأفكار بعيد عن أشخاص أصحابها، أي بدون شخصنة، إيراد الدليل بدل ذكر فلان أو علان من أهل البدع.. فالحقيقة هي ضالة المؤمن، ولا أهم من توحيد الخالق، ولا أجمل، ولا أمر ولا أثقل من البدع المنتشرة، وآخرها بدعة “الديمقراطية”.. ولا أقبح من تكالب الغافلين على الدنيا وزخارفها، وترك الراحة والسعادة الباقية في الدار الآخرة وجمالها..
أعتقد أن من أسس عودة المسلمين إلى عزتهم – المحجة البيضاء، أن يتم التناصح بينهم، بدون حواجز، والأمر صعب لأن الشيطان موجود ويأبى ذلك، لكن إن ظهرت طائفة تقودهم نحو الحق والنصر، فسيعودون بإذن الله.. وستظهر، ومثالها المهدي وأصحابه، وقد كنت أطلقت على هذه الرواية اسم “رسالة إلى المهدي”، لكني غيرته خشية تضمنه لبعض المخالفات.
فلابد من فتح باب الحوار بين الطوائف الموجودة لكي يعرف الناس الحق، وحبذا لو ظهر في المسلمين حاكم من أهل العزم، يجبر علماء البدع على الجلوس مع أهل الحق على طاولة واحدة، ليعرف الناس أن أهل الباطل دجاجلة كاذبون، لا سلاح لديهم غير التخفي ببدعهم الغبية الغامضة المهولة، والتواري بضحايهم لنهبهم بالكذب والطمع فيما لا يقدر عليه إلا الخالق من رزق وشفاء، بل منهم من يهب صكوك الغفران كسلفه من رهبان النصارى، ويعد أتباعه بدخول الجنة بغير حساب!
الحقد على أهل الحق، ونشر كراهيتهم، وسبهم وشتمهم. أي شخصنة الأمور، وهي علامتهم، فبدل مناقشة الدليل وما ثبت، يحولون المسألة إلى شخص الشيخ كأن بين المخالف وبينه ثأر! وكأنه إذا أورد دليلا على أن الصحابة أفضل منه ولم يقل أحد منهم سأكون كذا وكذا يوم القيامة، فيه سبه له! ولا دليل لذلك الشيخ على ما يقول غير كلامه! عجبا أين أصول العلم والتعلم؟ كيف يأخذ العاقل من شخص غير معصوم زعمه أنه شبه معصوم؟! وما رأيك في أن القرآن والسنة وعمل الصحابة كله، يدل على أه هؤلاء دجاجلة كذابون، بل سحرة لإقترانهم بالشياطين؟! كان هذا مقبولا شيئا ما في السابق لإنتشار الجهل، لكن كيف يتبعهم مثقفون متعلمون في هذا الزمن؟
إن كلمة حق واحدة مؤيدة بالدليل كافية لدك بنيان المبتدعة، وإنقاذ الناس من شرهم، لذا يحرص الشيطان على بث الأحقاد على أهل الحق – سلفية أو وهابية – إبعادا لأتباع أتباعه عنهم! لا يريدهم أن يسمعوا منهم، ولا أن يجلسوا على طاولة حوار واحدة، ويناقشوا بعضهم بهدوء، وبقلوب سليمة، فالأمر مجرد كلام، مجرد حوار، لا أحد يرغم أحدا على ما يعتقد، ولا يستطيع لأن المطلع على القلوب هو الله وحده!
والحوار يؤدي إلى إحدى حسنين لا ثالثة لهما إلا عند اتباع الشيطان، الأولى هداية غيره، والثانية أن يهتدي على يده! وفقط، أما الثالثة فهي شيطانية، وهي الواقعة عند معظمهم، وهي أن حول الأمر إلى خلاف شخصي، ويسب ويشتم ويتراكل مثل الحمار، ولأجل لا شيء، فالشيخ الذي يدافع عنه أو الإمام الشيعي قد مات منذ قرون، وربه يدافع عنه إن كان من أهل الحق، فلماذا الشجار؟
لماذا الحقد والحسد والإفتراء الذي هو علامة أهل البدع جميعا والكفار، لا تجدهم إلا محاربين! يا أخي ليهدوا الناس إلى ما عندهم إن كانوا مهتدين، فذلك خير من الإفتراء عليهم والتراكل!
مثال إفترائهم، قولهم ان السلفية مجسمة، وهم يعرفون جيدا أنها غير مجسمة، فهذا افتراء واضح يدل على سوء الطريق، فكل كبير منهم يعلم هل هو محق أم مبطل، صادق أم كذاب مفتري، لكن الشيطان يزين له عمله.
جرب محاورة أحدهم، وستجد الشيطان حاضرا بقوة، فلا غضاضة عنده من الكذب والتدليس والإفتراء والتلاعب، المهم عنده هو إحراجك والفوز في المناظرة لأن ما يهمه اكثر هو اتباعه الذين يتفرجون لا الحق، يخاف عليهم مثل خوفه على دجاجه، فهل هذا على سبيل المهتدين؟ أبدا والله، بل على سبيل الشياطين، يكفي عمله ذلك وحده في الدلالة على أنه. شيطان، وهذا كثير، بل من اهل الحق السلفيين من يتلاعب في المناظرات بهدف الفوز، ولو قال كذبا أيضا، وهذا لا يجوز، لكن ذلك نادر جدا، أما عند أهل البدع، فالنادر هو أن يكون الواحد منهم صادق في المناظرة، بل النادر أن يكون قلبه لا يغلي فيها! مع أن الأمر بسيط، أبسط ما يتخيل.
الشيطان اللعين يبث الشقاق، ويجعل المبتدع لا يحتمل أهل الحق، لا كلامهم ولا قربهم ولا أي شيء متعلق بهم، فهي حيلة شيطانية واضحة لإبعادهم عن الدليل، فالرأي مهما كان، عبارة عن معتقد، مجرد كلام، يُرد بكلام مثله بالدليل، لا حاجة فيه للأذية ولا للبذاءة، لكن البشر يلجؤون لذلك بسبب الشيطان، فلا يحسبن متغير قلب نفسه على حق، فقلبه المنتكس هو أكبر دليل على أنه على باطل، خاصة إذا صاحب ذلك أذية لمخالفه بأي شكل من الأشكال (كذب، سب شتم سحر إلخ)، وفي الغالب كبار أهل البدع يعلمون أنهم شياطين، لذا لا غضاضة عندهم في أذية مخالفهم لأنه يسحب منهم أنعامهم، ولا مشكلة عندهم في فعل النقائص كالإفتراء والكيد وغيره، لأنهم شياطين، ويعلمون ذلك جيدا، ومنهم الشيخ الساحر الذي لا يحفظ من شره إلا رب العالمين، حفظنا الله والمسلمين من شرهم.
لذا كلامنا هذا موجه للبسطاء من المخالفين لا لرؤوسهم الشياطين، نريد لهم الخير فقط، ولا نريد مقابل ذلك اي أجر غلا من رب العالمين، فليفهموا هذا، إن تركهم الشيطان يفعلون!
وفي الكبار أحيانا من يقبل الحق، لكن ذلك نادر، لأن صاحبه سيضحي بالدنيا التي تغره، وبالمغريات وأولها عبادة اتباعه له، في سبيل الرجوع إلى الحق، فيكون ذلك أحيانا صعبا عليه، كقيصر الروم الذي علم أن النبي صلى الله عليه وسلم على حق، فمنعته مرتبته والدنيا من الإسلام.
لذا يدفع الشيطان بعض المغترين إلى سد آذانهم عن الحق، فيستغشون ثيابهم مثلما كان يفعل سلفهم من كفار قريش، وتكون النتيجة استمرارهم في غفلتهم وأباطيلهم، وقد لا يحس الواحد منهم بذلك أصلا، وقد يكون مسحورا من طرف الشيخ الصوفي – لا أستبعد ذلك لشدة تعصب البعض له، لأن القرب من الشياطين لا ينجم عنه إلا الأذية.
فما الضير من السماع من كل أحد، الشيخ والوهابي والأمريكي والصيني، على الأقل للمقارنة بين الأقوال، لو ترك الشيطان الواحد يفعل.
لن يخسروا شيئا، فإما أن يهتدوا أو يهدوا مخالفهم إذا كان على باطل. هذه هي نتيجة التواضع، نتيجة الإعراض عن الشيطان والإستماع للجميع، على الأقل لأخذ قرار على بينة، أي من أرضية ثابتة، لا تحت تأثير القيل وقال، والأرض التي تبتلع الواقف عليها..
بدل النظر في أدلة المخالف يأخذ الواحد منهم الخلاف على محمل العداوة الشخصية، ولا يقبل بسماع كلمة واحدة ممن حكم عليه بالنفي من خياله بالكراهية البغيضة والبغض، لمجرد أنه خالف شيخه، شيخه الذي مات منذ قورن، ولا تضره مخالفة كل الناس له، بل تضر الفاعلين إن كان حقا من أهل الخير!
يقول هذا وهابي، هذا سلفي! فهل كلمة “وهابي” دليل يدين الوهابية والسلفية؟ كلا والله، بل أدلة السلفيين هي أقوى الأدلة بشهادة المنصفين من أهل البدع أنفسهم، وهم يعلمون ذلك جيدا، لكن يكرهونها لأنها تنفر أتباعهم وتحرمهم من الغلول والمال الحرام الذي يعيشون منه.
فلينظر الكاره والمبغض في الجوهر لا في السماء والأشكال، لينظر في الأدلة لا في الألقاب التي يفتريها على أهل الحق، وسيفهم إن أراد الله له الفهم، لكن عليه أولا التواضع، فلا أحد يكفر أحدا، المهم الحق، أن يدور معه حيث دار إن كان من أهله..
لابد من التجرد وإخلاص النية وتصفية القلب من الغل والحقد والبغضاء، والبحث عند الحق عند كل أحد، ودعاء االله ليوصل إليه، يا أخي استخر ربك بصلاة خفيفة، واسأله إن كانت الوهابية على حق أن يشرح صدرك لها، وغن كانت على باطل أن يبعدك عنها، لا تستهن بالدعاء والإستخارة، واقبل الحق من أي أحد حتى إن كان وهابيا (قد لا تجده بذلك التفصيل عند غيره)..
لابد من كشف الباطل بمناقشته ليتبين الحق بدل الصمت المطبق الذي يغذي به الشيطان باطله العفن الذي يزداد قوة ووقاحة في هذا الزمن.
وما أعظم ذنب بعض الذين يدعون العلم اليوم، يتفرجون على البدع التي تهدم الإسلام وهم ساكتون!
متعايشون مع أهلها، ولا نقول: حاربوهم أو اضربوهم، بل قولوا كلمة الحق ولا تخشوا في الله لومة لائم، وإلا كنتم كسلفكم من بني إسرائيل، تسكتون عن الحق، وقد يأخذكم العذاب معهم، نجانا الله من كل سوء.
المطلوب من هؤلاء البُكم الدنيويون الديمقراطيون، أن يفتحوا أفواههم فقط بكلمة الحق، أن يقولوه ولو عليهم، لكنهم لا يفعلون حرصا على الدنيا وأهلها المبتدعة وغيرهم.
يرى أكثرهم دين ربه ينتهك ويتلاعب به من طرف أهل البدع المتصوفة وغيرهم، ويعرف ذلك جيدا، لكنه ساكت كالشيطان الأخرس، بذريعة الأخوة والأدب الزائفين، والسياسة الديمقراطية القائمة على تبادل المصالح ولو من خلال سرقة أستار الكعبة أو السكوت على سرقتها! يظن أن أهل البدع سيحبونه لذلك، لكن هيهات، مادام مخالفا لهم لن يحتملوه إلا نفاقا حتى يسكت عنهم فقط، وقد يؤذونه غفلة إن تمكنوا منه، فمن هو غير كافر آخر بشيخهم، منافق، ولا أحد يحب المنافقين!
فيا لبلاهته وقلة فقهه ودينه، يجازيه الله بازدياد بغضهم له، لعظم جرمه على نفسه وعلى المسلمين.
إذا استطعنا ترسيخ ثقافة الحوار، أو فرضها من طرف الحكام على من يفر منها من أهل البدع الجبناء، فإن ذلك سيسهم في انقراض البدع لا أعادها الله، أو على الأقل في الحد منها..
هذه القصة مجرد محاولة في ذلك الصدد..
كتبتها أولا، وأنا متساهل مع الشيعة شيئا ما، ثم ثبت لي فيما بعد أن رؤوسهم – لا عوامهم، على غير طريق الإسلام، لهم دينهم ولنا ديننا، قرآنهم صلواتهم، شريعتهم مصادرهم، مختلفة تماما عما عندنا، فليسوا على طريق السلف، وكيف يكونون وهم يبغضون كل الصحابة ما عدا قلة تعد على رؤوس الأصابع، كيف يأخذون الإسلام إذن وممن؟
أخذوا شيئا آخر، شيء ممتزج بنار المجوس، لذا يسميهم بعض العلماء بالمجوس، ويشترط لمحاورتهم أن يخلعوا عنهم لباس النار ويدخلوا في الإسلام، وقد يكون معه حق في ذلك.
ومع ذلك حاولت أن لا أكون شديدا عليهم في هذه الرواية، طمعا في أن يقرأها بعضهم، وربما يأخذ فكرة جديدة إن كان يريد.
لذا احتفظت بالشخصية التي تمثلهم في القصة على أساس أنها شخصية من العوام، والعوام هم هدفنا، لأن أكثرهم قد يعذر بالجهل إن لم تصله الحجة..
كتبت هذه القصة في “داكار” بالسينغال، وتدور أحداثها في زمن قريب من النهاية كما تخيلته، واخترت لها كعنوان: “مدينة العواصف”، وهي مدينة صحراوية تقع في جغرافية القصة جنوب مملكة الشمال الوهابية، وفيها الحرب الفاصلة بين أهل الحق أهل مملكة الشمال، والنازحين من مملكتي الجنوب والشرق (مملكتي التصوف والتشيع)، وكفار بلاد الصقيع الباحثين عن الملحمة الكبرى.. تجد القصة هنا.
أقسام المسلمين في فهم الإسلام
الناس في فهم الدين أربعة أقسام:
رجل يدري وهو يدري أنه يدري فذلك عالم، فتعلموا منه.
ورجل يدري ولا يدري انه يدري فذلك ناسي، فذكروه.
ورجل لا يدري، وهو يدري أنه لا يدري، فذاك جاهل، فعلموه.
ورجل لا يدري، وهو لا يدري أنه لا يدري، فذاك أحمق، فاجتنبوه.
من المؤسف أن يتحول من ينصح بالحق في زمن التواصل وانحسار الأمية، إلى محل تشكيك وسخرية ونبز باللأقاب من طرف خصومه الفكريين، لكن ما العمل، لابد من ذلك، لابد من مقارعة الحجة بالحجة، والإعتراض على الباطل. ويكون الأمر صعبا مع أهل الحماقة، فلكل داء دواء إلا الحماقة أعيت من يداويها، وعلامتها اتباع الهوى بعمى حتى بعد ظهور الدليل، والغضب والإزباد عند الإستماع لأقل انتقاد لما هو عليه من زيف وغرور.
والعلم الذي نتحدث عنه بسيط وميسر، إنه علم العقيدة المتفق عليه، علم التوحيد، علم شروط “لا إله إلا الله” التي لابد منها لكي تُقبل من صاحبها.
إنه معرفة أن الإخوان والدواعش خوارج، وأن أهل الباطن الصوفية أهل ضلال، وأن أهل العلمانية والديمقراطية علمانيون في ثياب مسلمين، كيف لا وهم يؤيدون الديمقراطية ويدعون لها، وهي الكفر بعينه، تمنع شرع الله ولا تتوافق معه، وهي حرب على المسلمين، ولهذا فرضها الغرب على دولهم فرضا لكي تخربها من الداخل، وتضع التشريع في يد حفنة من أراذل البشر السياسيين في البرلمان، وتنزعه من رب العالمين، وحاشاه! فمن دعا إليها أو أيدها فقد يكون موالي لأهلها الكفار الذين يقول فيهم الله تعالى: “ومن يتولهم منكم فهو منهم”، وهذا خطير.
العقيدة هي العلم الأساسي من علوم الإسلام، ثم يأتي بعده علم الفروع والعبادات التي جعلوها أساسية وأهملوه خشية كشف خبايا باطلهم، حتى حذفوا عندنا النشيد الوطني المبني على “كن لله ناصرا وأنكر المناكرا” (البدع)!
قفز عليه الرئيس السابق تاركا كل النقائص المحيط به، وغيره طاعة للشيطان! وضع نشيدا من تلحين دار الوبرا مصرية!
بعض المسلمين اليوم يجهل حقيقة التوحيد، رغم بساطتها وقوة حجتها، لذا يظهر من يذكرهم به بمظهر المغرد خارج السرب، والمتطرف الأحمق قليل الأدب المعترض على أهل الباطل من مشايخ تصوف وغيره، الوهابي المتخلف كما يسميه أعداء التوحيد.
الأسس الموجودة في القرآن، والتي تقيم الديم على عدم الإشراك بالله بدعوة غيره أو غير ذلك، جعلوها وهابية! مجرد اجتهادات سلفية رجعية تعتمد على ما تقرر في عصر الصحابة المتخلف حسب رأي العلمانيين الديمقراطيين!
ولا يقر الأشاعرة بالتوحيد المذكور عن مالك في الصفات، ثم يزعمون أنهم مالكية؟! فكيف وقد خالفوا مالكا في الأساس وهو العقيدة، فمالك وهابي فيها!
تجد أهل الشبهات يتهجمون على الصحابة لإسقاطهم، وذلك قائم اليوم على قدم وساق حتى أصبح الحديث عن عدم صحة أصح كتب الحديث أمر موضوع على طاولة نقاش الشياطين!
وهدفهم هو ضرب افسلام في مقتل، ضرب التوحيد الذي إذا أسقطوه سقط الإسلام معه، لذا سخر ابن عربي من دين الإسلام، فقال مقولاته الكفرية، وتجاوز كل الحدود، فتلقفه المتصوفة بالأحضان، وعظموه وقدسوه، وقالوا عنه الكبريت الأحمر والبرزخ المتسخ الذي جمع علم الظاهر والباطن (ولا يوحد علم باطن بالمناسبة، أعطونا دليلا واحدا عليه من عصر الصحابة الذين هم أعلم العلماء؟!).
لقد وصلنا إلى درجة من الدبلوماسية العلمانية غير مسبوق، حتى ناقش بعض البلهاء كطارق السويدان وغيره، مسألة حق المسلم في الإيمان أو الكفر، على الهواء. وناقش آخرون مسألة تطبيق الشريعة على الهواء، وغير ذلك من أسس الدين التي أصبحوا يصوتون عليها مثل الإنتخابات في هذا الزمن.
وما أضاع الإسلام إلا هذه الوسطية الدبلوماسية الديمقراطية التي تقبل بكل شيء. سكت الوسطيون الإخوان في تونس عن حذف القواعد الإسلامية من التشريعات، كالتفريق بين المسلم والكافر، وزواج المسلمة بكافر، والزواج بأربعة، وغير ذلك. وقالوا فعلنا ذلك لأنه من الوسطية والرزانة والتعقل وحسن الجوار والأدب مع الغير، ذلك الأدب الزائف الذي يغض فيه الواحد بصره عن دينه المنتهك من طرف البدع!
سكتوا عن الشيعة ظنا منهم أن ذلك أدبا معهم وجمعا للمسلمين، والسؤال المطروح هو “هل الشيعة مسلمون أصلا؟”.
لقد كذبوا القرآن في أكثر من موضع، فقالوا إنه غير محفوظ/ وأن الصحابة حرفوه، وقالوا أن أم المؤمنين عائشة زانية – حاشاها، فطعنوا في آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وهم يزعمون أنهم متبعون موالون لهم!
فهل تحب من يطعن في زوجتك؟ إذن لا توافقهم بعد طعنهم في أمك عائشة إن كنت مؤمنا، وزوج نبيك عليه الصلاة والسلام إن كانت لديك نخوة وغيرة.
ولكن الإخوان الملاعين يقبلون بذلك ويغضون الطرف عنهن ويقولون إن الشيعة إخوانهم، وهك أ,ل من أدخله إلى مصر – أحمدي نجاد – في زمن الهالك مرسي!
وآخر فضائحهم تصويتهم ضد اللغة العربية في الكنيست الإسرائيلي الذي لا أعرف ما الذي يفعلونه فيه! حتى قال لهم أحد اليهود غاضبا بعد أن خانوه بالطبع: “هل أنتم جماعة إسلامية؟ إن من يدعي أنه جماعة إسلامية لا يمكنه أن يصوت ضد لغة القرآن!”.
سكتوا عن شياطين الصوفية الذين كان الأولى النصح للعوام تحذيرا منه، وظنوا ذلك عدلا، لأن المهم عندهم هو أن تقول لا إله إلا الله، ثم تفعل ما تشاء (وهذه الكلمة لها شروط لا تقبل بدونها، هم أول من يخالفها)، فلا أهمية لقواعد الدين التي اتفق عليها علماء الإسلام المعروفين، يتبعون في ذلك مشايخهم النكرات الكذابيين الذين يقول الواحد منهم مشرعا دينا جديدا – والدين لا يقبل التشريعات الجديدة فهي بدع، لأنه اكتمل منذ 14 قرن،وفي زمن النبي صلى الله عليه وسلم – إنه يضعه أخذا عن النبي صلى الله عليه وسلم يقظة أو مناما وعن الخضر، وانه يجلس في حضرة إلهية! الكذاب الأشر! ثم يخدع الناس ببعض الخوارق الشيطانية التي يظنون أنها كرامات وهي نقيض الكرامات.
فيتلقف أتباعه العبادات المشكوك فيها من أدعية وصلوات وذبح لغير الله، ويتركون الثابت المعروف المتفق عليه!
والذي أتي أغلب مشايخهم شيطان يظنه نبيا أو ربا! وهدف الشيطان هو إفساد الدين على الناس، وهل يجد أفضل من شيخ البدعة لذلك؟ شيخ منتوف كذاب – أو جاهل مخدوع، فقد يخدعه الشيطان والهوى – يلتف حوله الآلاف من المسلمين تاركين الحق! بمثل ذلك يفرح الشيطان فهو فساد عظيم، ويربح أولئك الجشعين الذين لا تراهم إلا في ما يشبه المملكة، يتمسح بهم الناس ويهدونهم الغالي والنفيس طمعا في قدرات لا يملكها غير الله، كالمساعدة في شفاء أو اغتناء أو زواج أو إنجاب! فيربحون بعض النقود والجاه وما قدروا عليه من فروج النساء، ثم يأتي اليوم الذي يغادرون فيه الدنيا ليدفعوا ثمن ذلك مريرا، إن شاء الله.
يريدون للصوفي أن لا يصلي صلاة صحيحة، وأن لا يدع بدعاء صحيح، وأن يعتقد ان جنته تحت أقدامهم!
وأغلب طرقهم مبينة على السحر مما يدل على حضور الشيطان حضورا قويا في تراثهم وثقافتهم ومنازلهم، وهذا يشهد به العوام!
ولكي يخدعوا المغفلين يسمون سحرهم “كرامات”، وما هي بكرامات، فمثلا يأتيهم الجاهل فيقولون له جئت من الموضع لأجل كذا وكذا، فيعتقد المسكين أنهم يعلمون الغيب، ولا يعلم الغيب إلا الله وحده سبحانه وتعالى، لكن شياطينهم تسال قرينه فيخبرها بكل أسراره، وتوجد قصة في هذا، فقد أراد أحدهم أن يثبت كذب أحد هؤلاء المشايخ الملاعين، فوضع نقودا لا يعلم قدرها في جيبه، ثم سأل الشيخ عن قدرها، فاحتار ولم يحر جوابا لأن القرين الجاسوس لم يعرف ذلك!
فلن يخبروا إلا بما مضى أما ما هو آت فغيب لا يقدرون عليه!
ومن علامات السحر الظاهرة فيهم، سؤالهم عن اسم أم الشخص، وهذا سؤال يأله السحرة في كل الأديان والأماكن حتى القساوسة يسألونه! وهوعلامة على أن السائل ساحر، لأن تسلطهم على المسحور يكون أسهل عن طريق الأم فهي ثابتة أما الأب فقد يكون منسوبا إليه وليس والده.
شاهد مقطع الساحر التجاني التائب في قناة لقطة عابرة على التليجرام وستعرف الكثير عن هذه الطرق الصوفية.
أما العلماء فيعلمون أن أساس العبادة هو التوحيد “معرفة الله ثم الإستقامة”، أي اتباع الصراط المستقيم الذي تفرقت عنه الأمة إلى 73 فرقة كلها في النار إلا واحدة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
والعالم الحق، وكذلك طالب العلم والداعية، لا يمكنه أن يسكت عن البدع، فإذا فعل، فهو خائن لله ورسوله ولأمته (ألا يموت العوام المساكين أمامه على ذلك الضلال، وقد كان قادرا على إخراجهم منه بكلمة)، خان أمانة الدين الموكل بحفظه، ومن “أثنى على مبتدع فقد أعان على هدم دين الإسلام”، مثلما فعل الددو في طوبة السينغالية.
العالم لا يسكت عن المنكر خاصة طرقا محدثة تسحب الناس من المحجة البيضاء التي تركهم عليها نبيهم صلى الله عليه وسلم، لها أورادها وصلواتها وشيوخها وحتى أزيائها وطبولها! أولئك المشايخ الذين يقول بعضهم: “من رآني في الدنيا فهو من آمن يوم القيامة”، فضمن الجنة لمجرد رؤيته! فمن هو يا عقلاء ليقول ما لم يقله النبي صلى الله عليه وسلم، فقد رآه عمه أبو طالب، بل كفله واحبه وأعانه، لكنه في النار!
العالم لا يسكت عمن يقول هذا ومثله للناس! وما أكثر أقواله العجيبة حتى منها أنهم يجرون السماوات والأرض والجنة والنار مع الملائكة أو يجالسون رب العالمين في حضراتهم الكاذبة، أو يأتيهم النبي صلى الله عليه وسلم تاركا أوليائه الحقيقيين الوهابية!
العالم الذي تختلط عليه البدعة والسنة، كالموجود حاليا عندنا ليس بعالم بل جاهل، وضال مثلهم.
العالم لا يسكت عن دويلة إخوانية سرية تتحزب في الخفاء، لها بيعة ورئيس وهو المرشد، وجيش سري إرهابي يفجر الناس، وتعتمد الكذب والنفاق!
تحزب أقبح من تحزب الديمقراطيين، فهؤلاء على الأقل لم يقرنوا تحزبه بالدين، لذا يمكن تشبيه الديمقراطين بالمشركين الذين يعبدون صنم الديمقراطية، وتشبيه الإخوان بالمنافقين الذين هم في درك أسفل منهم.
العالم لا يسكت عن الديمقراطية الكفرية المشؤومة بضاعة الملاحدة الفلاسفة الموضوعة لمحاربة الدين ورفض الخالق، بقوانينها الوضعية المستجلبة من بلاد الكفار لتحل محل شرع رب العالمين، ولتحييده حتى لا يشرع غير أهلها من البشر اللئام الكذبة المنافقون (في البرلمان وغيره).
العالم لا يسكت إذا رأى مناهج تعليم أبناء المسلمين تتحول إلى العلمانية، ولا مجال فيها لعلوم الشرع المباركة التي تجعلهم صالحين في مجتمعه لا رأسماليين ماديين علمانيين مثل السياسيين والحقوقيين! ولو كانت المدارس تركز على الدين لما حطم المراهقون الزنوج سيارات البيض وممتلكاتهم في مظاهرات مايو 2023 التي يزعم أصحابها أنهم خرجوا اعتراضا على قتل الشرطة لزنجي (أصبحنا مثل أمريكا اللعينة). لكن ما ذنب المواطنين وممتلكاتهم في كل ذلك؟
فالتعليم الديني مصلح وحافظ، أما التعليم الغربي الخنزيري، ففيه الشقاق والبلاء، فاحصدوا ثماره يا من تفرحون به فأبناؤكم تحولوا إلى آلات مجنونة مدمرة ليس فيهم حتى من يفهم القرآن! إلا ما رحم ربي.
لا تشرع لنفسك فلست نبيا ولا رسول، لا تعبد الهوى
وصل الحال بالمسلمين في هذه الزمن إلى درجة الشك والتشكيك في كل ما له علاقة بالدين، وعدم تقبل كل شيء حتى الثوابت المتواترة التي تعارف عليها المسلمون من قبل. فعندما يتحدث الأستاذ في فصله عن الله ناصحا لطلبته، يقول له المدير: إياك أن تفعل، ذلك فقهك وحدك، لا تبثه في التلاميذ، لا تفسدهم بـأفكارك!
وعندما يتحدث الواحد عن الدين ينظرون إليه شزرا. ما الذي يفعل؟
فأين الفقه؟ بل أين الدين؟ هل انعدم حتى لم يعد الواحد قادرا على الكلام فيه بذريعة تجنب الخلاف؟ اللعنة على الإختلاف، كل شيء مباح فيه الخلاف، مستساغ التناظر والتحاور فيه إلا الدين جعلوه حجرا محجورا!
مسموح في المدارس بالحديث عن الفلسفة (وأكثرها كفر وإلحاد)، والديمقراطية السخيفة (وهي كفر لأنها تشريع محاد لتشريع الله سبحانه وتعالى)، والإقتصاد الذي أساسه الربا (الإقتصاد الربوي اليهودي العالمي)، لا مشكل فيه، ولا اعتراض عندهم عليه.
أما الحديث في الدين فلا، مجرد الدردشة فيه مشكلة، فما بالك بتعليمه للناس؟!
وهذه حيلة شيطانية لصد الناس عنه، وهو ما نجح فيه التغريب واتباع اليهود وعبيدهم النصارى والملحدين، إلى أبعد الحدود، فقد بدأ المستعمر في الفصل بين المجتمع ودينه من خلال العملاء الذين ترك في حكم الدول الإسلامية إلى هذه الساعة، فقاموا بالمهمة الشيطانية على أكمل وجه لأجل كراسيهم وشهواتهم التعيسة البائدة مثلهم، فحيدوا التعليم الديني من مناهج التعليم في المدارس، واتهموا كل داعية إلى التوحيد بالتطرف والغلو، فترعرع الشباب بين الجهل التام بالدين والتصوف الباطل ثم الديمقراطية الحقوقية الشيطانية فيما بعد. وفي ظل انتشار الشبهات، أصبح أكثر المسلمين يعتقدون أن الطائفة التي على الحق غير موجودة، لأن السلفية – أو الوهابية كما ينبزها البعض، طائفة متطرفة جاهلة كما يشاع عنها، يكفيها عيبا أنها مع الحاكم (مع الجماعة لو كانوا يفقهون).
فإن قلت للمحايد – وأغلبية الناس محايدون لا يتبعون أي شيء مثل الأنعام: ما رأيك في التصوف أو التشيع؟ قال: باطل، فإذا قلت له فما رأيك في الوهابية؟ قال: ألعن، لأن علمائها علماء سلطان؟
فإذا قلت له فأين أهل الحق إذن؟ فغر فاه وقال: “هاه هاه لا أدري، ولا أرغب في أن أدري، يكفي أني مسلم أتبع ما يمليه علي قلبي”. أي يعبد الله بهواه بغير علم.
فقول لذلك الجاهل وللمثقفين الأجهل منه أيضا: “قلبي عقلي دليلي”، دليل على الوقوع في حبال الشيطان، واتباع الهوى ثم الضلال. إن من أهم واجبات المسلم وواجباتك، البحث عن أهل الحق لمعرفتهم وبتالي معرفة الحق من خلالهم، فأنت لست نبيا بحيث يوحى إليك، لذا وجب عليك الإتباع، الإنضمام إلى أهل الحق بمعرفتهم على الأقل، لتعلم وتتعلم دينك من مصادره الموثوقة، وتتحصن من شيطانك وهواك اللعين، فلا تشرع لنفسك، ولا تتبع أهل البدع الشياطين، ومن لا يعرف الشر من الخير يقع فيه، خاصة في هذا الزمن الذي وقع فيه البعض في سخافة إنكار السنة لتماديهمم في اتباع الهوى وعبادة قلوبهم! لم يفهموا “فلب المسلم دليله”، ولا “استف قلبك”، فوقعوا في الزلل. فردوا مثلا هيئة الصلاة الواردة في السنة، واقتربوا من الكفر إن لم يكونوا كفروا كما تؤكد الأكثرية.
أما كبار القوم ونخبتهم فيتبعون الديمقراطية الخبيثة، حتى الرئيس الذي يعلم أنها أكبر عدو لكرسيه، يحاول الظهور بمظهر الديمقراطي! فاللعنة.
وهنالك من يتبع الصوفية والإخوان والشيعة، ويحسب أنه يحسن صنعا!
يعتقد المتصوفة في شيوخهم الشياطين (وهو وصفهم، لا وصف آخر لهم بدليل أنهم جميعا بين ساحر ومحتال) كل ما يوجد في هذه الأرض من الأكاذيب، فلابد من دراسة البدع لأنها أصبحت في كل هاتف اليوم، لم يعد يجدي معها الفرار بالتجاهل بعدا عن الإفتتان، لأن الأصل أصبح الإفتتان لا الصلاح العام.
قد تجد في الواحد خير، لكن لجهله بالبدع وإعراضه عن كل الطوائف بما فيهم السلفية الحق، إلا الطائفة الديمقراطية، فهذه اتفقت الأمة عليها! عجبا لها وهي دين الشيطان الجديد بمعنى الكلمة (طالع موضوعنا الكاشف لها)!
ترى الأبله المثقف، يغرف من كل إناء، يتبع هواه، لا مرجع عنده من علم ولا علماء! يتبع ما يوافق هواه وحده، من كلام وأشكال هندسية عجيبة يزعم أصحابها أنهم شيوخ أو علماء دين، ولا علاقة للدين ولامشيخة بهم.
فلا عجب في ظل غياب المعرفة بالحق وأهله أن يغتر الواحد بأهل البدع والأفكار المنحرفة، وما أكثرهم في هذا الزمن، يتبعهم نتيجة إنعدام أسس التمييز بين الحق والباطل، التي لا توجد إلا عند أهل الحق، وهم السلفيون أو الوهابية كما يسمونها (دعني أكون صريحا معا، فلا غضاضة في الحق)، وإني لك لمن الناصحين إن كنت تحب الناصحين، ابحث في ذلك بنفسك وستعرف، لا تتبع الهوى ولا أي فضائي متقنع بقناع العلم والمشيخة، لا تترك مجالا لأحد لأن يضللك، فالفساق كثيرون في هذا الزمن.
ما هي السفلية؟
هي الفرقة الناجية المتبعة لطريق السلف، هم أتباع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم بإحسان إلى يومنا هذا، أتباع الإسلام الواضح المأخوذ من الكتب المتفق عليها، الإسلام الذي تركه لنا النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام على المحجة البيضاء التي زاغ عنها الكثيرون، وفي الموقع مواضيع معرفة بذلك بصورة أفضل، فطالعها.
إلى الدكتور محمد الفايد بخصوص الفضاء والوهابية
كتبت ناصحا للدكتور المغربي محمد الفايد Dr Faid ولأحد متابعيه:
“الأرض ليست كروية كما تعتقد، والسلفية ليست داعش كما تتوهم، السلفية مع الحاكم وليست ضده. تواليه تحبه للخير الذي فيه، وأوله توفير الأمن الذي لا قرار بدونه، وتبغضه للشر الذي لا يعني غيره إن لم يكن كفرا ظاهرا معلنا به. فهي مع الجماعة، ولا جماعة بدون حاكم. وهي تحترم السلف الصالح من العلماء، ولا تسفههم مثلما يفعل الدكتور الذي يؤمن بالعلم الغربي الخبيث (المسمى زورا العلم الحديث)، والذي كان أول من تضرر منه هم عبدته! وهكذا يكافئ الشيطان أوليائه واتباعه، قتل أكثرهم بالوباء الكاذب!”، فرد علي أحد المتابعين ساخرا:
“لو تريد التحدي فتعال عندنا في الجامعة وجادلنا بالعلم وأرنا أبحاثك وتخصصك الدقيق”، ورد آخر: “لو كنت دارس علوم ما صدقت هده الخرافة”. المخرف يعتقد أني اؤمن مثله بالخرافات والشائعات!
من المؤسف أن يعتقد البعض خاصة من العقلاء والمحبين للدين، أن عالمنا عبارة عن فضاء تنتشر فيه الكواكب والمجرات والشموس اللانهائية، وأن السلفية الوهابية كما ينبزها بعض الحاقدين عليها، عبارة عن جماعة من الفضائيين الغرباء المزعجين الذين يتدخلون في بدع الآخرين بغير إذنهم، فلاهم يتركون للصوفية عبادة أضرحتها، ولا للإخوان قيام الليل تحت الكرسي وله، ولا للشيعة أحزانهم وثاراتهم التي لا نهاية لها! في حين أن السلفية هي الحق، وبالدليل.. لا مجرد الكلام مثلما لدى الآخرين.
اصبر فقط على الرأي الآخر إن كنت مخالفا، ألست ديمقراطيا؟ اصبر فالصبر مفتاح العلم.. والفرج..
لسنا أيها الفضائيون في مجرة التبانة ولا سوق الأربعاء، نخن في الأ{ض، والأرض وحدها، الأرض التي قال فيها تعالى “وسع كرسيه السماوات والأرض” لا الأراضون والمجرات، ولا ذرة غبار تافهة صغيرة مهملة، لا تُرى في حجم السماوات، إذ لو كانت كذلك لما قرنها الله سبحانه وتعالى بالسماوات العظيمة (الأرض عظيمة).
وعلى الدكتور المخرف التحقق قبل تأكيد وجود الفضاء بناء على أكاذيب الغرب التي لا نهاية لها (كورونا، والزلازل والغزو الفضائي.. والتيكتوك الأمريكي الذي يعتقد البعض أنه صيني، في حين أن الصين تحجره، ولا يدفع على المشاهدات إلا لمن يقيم في أمريكا أو دويلات أوروبا العفنة، فأين الصين منه وأين هو منها؟ كلها أكاذيب، حتى قناة الجزيرة أكذوبة تدار من تل أبيب، وربما يدار معها أكثر حكام دول المسلمين والعالم).
الفضاء غير موجود، ويجب الحذر من كذب الغربيين فقد افتضح، وعلينا التبين والتدقيق في كل ما يأتينا منهم حتى حلوى الأطفال.
علينا التأكد من مسألة علوم الفضاء الكاذبة، فالقرآن هو أول ما يردها إن كنا نعتبره فوق العلم، لأن العليم فوق العالم، وهؤلاء أصلا كلاب لا علماء. فهل من صنع القنابل بشر؟ إنهم شياطين (ابحث عن حقيقة نيوتن وأينشتاين وفولتير وغيرهم، وستطلع بنفسك على حقيقتهم الصادمة). فرجاء لا تحتقروا موضوع سطحية الأرض، فتبعدوا أنفسكم عن حقيقة جليلة ينبني عليها جزء من الإيمان المهم، وهو الإيمان بالسماوات والأرض وعدم تكذيب الله تعالى فيما أخبر عنهما أو التشكيك في قوله. وسقوط العلم الخبيث يعني سقوط الغرب، وهو ما يحاولون تأخيره بنشر الأكاذيب وتضليل الناس، ولكن حقيقتهم بدأت في الإنكشاف بل ضاقت بهم شعوبهم المسكينة، خاصة بعد طغيانهم الذي ظهر بجلية في قتل الناس بالأوبئة واللقاحات، وفرض الشذوذ على أبنائهم حتى ان هنالك بعض الفرنسيين الذين ينوون الهجرة إلى إسبانيا هربا من ذلك الشذوذ، فقد أصبح مفروضا على البنين والبنات في المدارس تحسس أعضاء بعضهم البعض الجنسية!
وما يسمى بالإعجاز العلمي عبارة عن “إزعاج علمي” لا غير – مثلما وصفه أحد الإخوة – يريدون به لي أعناق الآيات لتصدق العلم الحديث الكاذب – العلم الخبيث بمعنى أصح، فتذكر ذلك.
فلهؤلاء وللدكتور المخرف الضال المضل الدكتور الفائد الذي كنت يوما من المعجبين بعلمه في مجال الأعشاب لدرجة أني لخصت مواضيع قناته في مجموعات تجدونها هنا في موقع سرد الثقافي، وكنت أعتقد أنه ينصر الدين بإبراز قدرة الله في وضعه الشفاء في بعض النباتات الطبيعية، فوجدته للأسف أضل من السراب.
وقد كان يخفي عقيدته الخبيثة في إنكار السنة وزعم التمسك بالقرآن وحده، لم يظهرها في 2019 وهي السنة التي تابعته فيها، ولم يعترض على الوباء الدخيل ولم ينتقده، وكان ذلك أول ما أثار استغرابي منه (ففي الوقت الذي كان فيه علماء الفيروسات في أمريكا يصرحون بحقيقة الوباء الكاذبة ويطردون من عملهم نتيجة ذلك، بل تم قتل بعضهم، ظل الفائد الضال صامتا، يلمح من بعيد وينصح الناس بالأدوية الغربية، ويعتبر الوباء وباء عاديا وهو يعرف في قرارة نفسه أنه ليس كذلك).
فله ولكل من لا يعرف منهج التوحيد السلفي المبارك الذي هو الحق، ولكل من يعتقد أن الأرض كرة سلة أو قدم، معلقة في فضاء، لكل من يؤمن بالعلم الخبيث، أقول:
ما هي إلا النصيحة للمسلمين، والناصح مثلي يريد لكم الخير، أما العدو فلا يريد لكم إلا الشر أو نهب أموالكم، ففرقوا بين الناصح الذي يريد لكم الحق، والعدو الذي يدفعكم دفعا نحو هاوية الباطل.
إن الأرض مسطحة، وقد كنت من قبل أعتقد أنها كرة، فكنت أرسم للتلاميذ على السبورة – عندما كنت أستاذا في ثانوية مقطع لحجار الجميلة، شرق موريتانيا – نقطة في الفضاء لأبهرهم بسعة الكون، لكن صدقني لم أغير رأيي الذي كنت أتمسك به بشدة، حتى أني كتبت به قصة قصيرة خيالية في التسعينات هي قصة التقرير التي يمكنك مطالعتها هنا، أي كنت فضائيا ربما أكثر منك، ودرست علوم الرياضيات والفيزياء، وكنت مدمنا على أفلام الخيال العلمي (ولا زلت). ولكن القرآن ضد كل تلك الأكاذيب، والقرآن أولى بالإتباع من غيره.
القرآن هو الذي يدل على سطحية الأرض، لذا يعتبره البعض دليلا غير علمي! أي يقدمون أوساخ البشر التي يسمونها علوما عليه!
ولإثبات كذب العلم الغربي تكفينا الآية التي تدل على ثبات الأرض، أين تضعها في علومهم التي تقول إنها تلف حول نفسها وحول الشمس وحول المجرة؟!
فكر في هذه الحركة المجنونة العنيفة السريعة، فهي حدها تكفي في دحض جميع أكاذيبهم.
ثانيا، الشمس مسخرة للأرض، ذلك هو الثابت في القرآن الذي أخبرنا بأن كل ما حولنا مسخر لنا، ولسنا نحن ومن في المجرات الأخرى من الفضائيين أمثالنا مسخرون له! فهل يعقل أن يكون المصباح المسخر للبيت أكبر منه حجما؟
ولماذا حجم الشمس والقمر متقارب عند المشاهدة بالعين المجردة التي تكفي كدليل ملموس على ثبوت كذبهم؟
ولماذا تميل أشعة الشمس بزاوية عند السقوط على الأرض؟
لو كانت الشمس ضخمة كما يزعمون لما كانت هنالك زاوية لأشعتها على الأرض.
شغل عقلك، فإما أن تكون الأرض ثابتة والشمس مسخرة لها، وتنكشف كذبة ناسا التي تقول بالعكس، أو يكون القرآن غير ثابت، وحاشاه.
إن ثبات الأرض يكفي في إدخال الشك إلى نفس المؤمن بالقرآن المحترم له قبل كل شيء.
حتى أن بعض العلماء السلفيين كابن باز وابن عثيمين – رحمهما الله – كفر من قال إن الأرض تتحرك (وعنده حق)! وربما سخر عبيد العلم الخبيث من تلك الفتوى حينها، ولا زالوا.
إن مشكلة الذين يدعمون ناسا هي أن إيمانهم بالقرآن شبه منعدم أو فيه شك، فهم يشكون في كل ما يعتقدون أنه يخالف العلم حتى إن كان القرآن، وهذه هي حقيقتهم المؤسفة، لذا تجدهم يطوعون آيات القرآن ويلوون أعناقها لتتماشى مع العلم الخبيث الشيطاني.
خذ الآيات الكثيرة التي ذكرت الأرض كقرينة للسماوات، ألا يدل ذلك على الأقل على أنها عظيمة مثلها، أي ند لها.
خذ الآية التي تقول إن الجنة عرضها كعرض السماوات والأرض معا، لو كان عرض الأرض صغير جدا أي مهمل أمام عرض السماوات كما تقول ناسا الكذابة، فلماذا ذكره الله تعالى إلى جانب عرض السماوات ليصف لنا عرض الجنة العظيم؟
فكر في آية “وسع كرسيه السماوات والأرض”، هل تدل على صغر الأرض أم على العكس وهو عظمتها؟
خذ خلق الأرض والسماوات في القرآن، فقد تم خلق الأرض في أربعة أيام، في حين استغرق خلق السماوات كلها يومين.
انتبه. لقد بدأ الله تعالى بخلق الأرض أولا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سماوات.
الأدلة من القرآن كثيرة على أن الأرض هي الأصل لا فرع. ولا وجود لمجراتهم ولا لشموسهم التي لا نهاية لها، لكن يتطلب الأمر الصبر على سماع الحق، فالمرجع في كل الخلافات هو الدليل، وهو القرآن.
إن أول طريق الزلل هو الإغترار بالرأي، والكِبْر المذموم، فالبعض متكبر حتى على الحق. مبغض لعلماء السنة كابن تيمية وابن عثيمين وربيع المدخلي والجامي، كما لوكان بينه وبينهم ثأر بائت! حتى أني شاهدت احدهم في مناظرة يرفع يديه بالدعاء متنيا أن يصاب الشيخ ربيع المدخلي بداء عضال، فقلت في نفسي: عجبا لغرور هذا وكبره! ألا يخشى أن يرجع الدعاء إليه أو يعيده إليه بعض الحاضرين للمناظرة من الصالحين! عجبا للغباء والكبر البشري، البعض يتحرك وفقا لعاطفته وما كان عليه آبائه، حتى أنك لتجد بعض كفار قريش ممن كانوا يعبدون آبائهم دونه في التعصب لهم!
كذلك لا معنى للإتجاه نحو الكعبة إذا كانت الأرض كروية، شاهد هذا المقطع هنا.
وهل يمكن للماء أن يثبت على كرة معلقة؟
لماذا تثبت مياه البحار على الكرة الأرضية المتحركة هذه الحركة اللولبية المجنونة؟!
الجاذبية لا تمسك أي شيء، بل هي نفسها عبارة عن أكذوبة.
هل تعلم أن الكثير من الغربيين يؤمن أن الأرض مسطحة؟ ويعتبرون ناسا كذابة؟!!
ليسوا مسلمين، ولا يعرفون القرآن، ولكن الفطرة والمشاهدة تدل على أن ناسا كذابة.
شاهد مقطع العجوز المعمرة التي أكدت أنهم كانوا يعلمونهم في الثلاثينات في بريطانيا أن الأرض مسطحة هنا.
فمن يريد النقاش حول الأرض المسطحة عليه أولا الإطلاع على ما عند مخالفه قبل الحكم عليه، وهذا موضوع لخصناه لجمع الأدلة هنا.
إن البشرية كلها، وقد مر عليها 124 ألف نبي، كانت على القول بسطحية الأرض وثباتها ومركزيتها وتبعية الشمس لها وصغرها أمامها، ومقطع العجوز المسنة السابقة يدل على ذلك.
الدكتور الفايد يضل ضلالا بعيدا:
نأتي للمسألة الثانية، وهي نصيحة للدكتور العشاب المغربي الأحمق محمد الفايد، والذي تزيده الردود عليه اعتدادا برأيه وجنونا!
وقد كنت أعتقد أن معرفته بخلق الله من أعشاب ومخلوقات، ستجعله يعتد بدينه أكثر من اعتداده بالغربيين التافهين، فوجدته بدلا من انتقاد الغربيين المجرمين ينتقد دينه!
وإذا استمعت له من قبل تجده يظهر عدم الثقة في الغرب، خاصة بعد ظهور الوباء، ولا يذكر الخلافات ولا يعرض رأيه في الدين إلا في العموميات، ولكن بدأ بعد خفوت الصوت المروج للوباء، وربما بعد أذه لرشوة أو زواجه من ضالة! بدأ في الثناء على الغربيين متخذا إياهم قدوة في كل شيء، وأصبح يقلد العلمانيين في رد أكثر ما يتعلق بالدين باعتباره تخلفا ورجعية، خاصة سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان سببا في جنون أكثر النساء بآرائه التافهة لدرجة أن بعضهن اليوم في إطار الإنسلاخ التام من الدين، لأن الإنسلاخ من السنة تطاول على النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يسلم متطاول واحد عليه من العقوبة في الدنيا قبل الآخرة (إن لم يتوبوا)، بدليل أن بعضهم أصبح لا يصلي معتقدا ان هيئة الصلوات الخمس وردت في السنة وحدها، وهو ضد السنة، وبالتالي يصلي صلاتين فقط متبعا آية من القرآن لم يفهمها، وذلك بالغدو والآصال! فهل توجد عقوبة أكبر من هذا؟ ذلك دليل على أن التطاول على النبي صلى الله عليه وسلم معجل العقوبة في الدنيا، والعياذ بالله، وحتى الفائد لن يسلم من ذلك، وأكبر دليل على ذلك تماديه في ذلك الجنون، حتى أن البعض تساءل: هل يصلي مثل المسلمين أم له صلاة خاصة مثل أفراخه.
مع ملاحظة أنه في زمن الوباء لم يجرؤ أبدا على القول بأن الأخير مؤامرة، بل كان بعض العلماء الأمريكان الغير مسلمين، أجرأ منه في ذلك، وقد عذرته لأن دولنا التابعة للغرب سنت قوانين محرمة لكل من ينتقد الوباء وشياطينه كوزير الصحة والإعلام، وكانت تلك سياسة عالمية حينها.
لكني استغربت من بعض حديثه، فقد كان مؤيدا للقاحات في بدايتها، ينصح بأخذها، ثم عندما بان عورها بدأ يلمح بانتقادها، ولم يصرح حتى اليوم بأنها قاتلة، ولا بأن الوباء مدسوس، بل لا زال يعتبره عاديا ينتشر عبر الهواء مثل الزكام البريء، وهو ما يجعل الواحد يضع أمامه علامة استفسار كبيرة. هل هو صادق في كلامه أم منافق كذاب؟ لأن الصادق إذا تأكد من أن الوباء دسيسة هو ولقاحاته، لا ينصح الناس بأخذها ولا يعتبره طبيعيا!
ثم بعدها جاءت الطامة الكبرى، فقد بدأ بعد حديثه عن الأغذية في القرآن، في الترويج لمذهب العلمانيين الذي يعتقد، وهو مذهب يُسقط السنة، أي أن صحيح البخاري على سبيل المثال لا قيمة له عنده، وهو ما صرح به!
ثم بدأ يُسقط الفقهاء، جميع الفقهاء، كأنه يريد بذلك أن يصرف الشباب عنهم! فهل هو بريء أم مجرم مدسوس يسعى للطعن في الدين وفي علماء الإسلام تنفيرا للشباب منهم بعد أن تمكن من الدعاية لنفسه بالأعشاب؟
وفيه خصلة تدل على النفاق والإجرام والخبث، وهي محاربته للرأي الآخر كجميع الشياطين، خاصة الرأي السلفي المبني على الإتباع بدل الإبتداع، فاتخذ سبيل المجرمين في ذلك، فمثلا أهل الوباء لم يعتبروا من ينتقد وبائهم حتى بالعلم والطب، منتقدا يجب الرد عليه بالعلم والطب، بل اعتبروه محاربا يفسد عليهم مخططهم، وحاربوه من ذلك المنطلق في الفيسبوك وتيويتر واليوتيوب، فحجبوه وحذفوه، وحاربوه بالبرلمانات في معظم الدول حتى لم يعد أحد قادر على انتقاد الوباء أيامها.
كذلك هو، مجرد شرير آخر لا يحتمل الرأي الآخر خاصة الرأي السلفي، وقد كنت أعلق له بتعليقات على أمل أن يرد علي ويحاورني، فإذا به كلما علقت عليه بتعليق يحذفه. فلا مكان عنده للرأي الآخر. ثم سمعت أنه تسبب في إغلاق قنوات كل الذين حاولوا الرد عليه بالدليل لأنه بلا دليل، مثلما أغلق أهل الشر منافذ الوظيفة عن كل من انتقدهم، وطردوه شر طردة.
ملخص بعض أقوال الفايد المردودة عليه:
أن السلفية ضلالة!
أن الأرض كروية، والتسطيح جهل وغباء!
أن صحيح البخاري لا قيمة له!
أن القرآن يكفي فلا داعي لتكميله بالسنة، أي لا حاجة للسنة!
أن الفقهاء جميعا على ضلال!
أن العلم الغربي والرجل الغربي هما المعيار. تبا لهما.
أن الحائض تصوم رمضان، وهذا مخالف لإجماع الأمة!
أن إبليس الذي رفض السجود لآدم قد يكون ميتا الآن!
أن بعض أهل البدع ومنهم شحرور والكيالي وعدنان إبراهيم، من اهل الحق (وهيهات)!
أن يوم القيامة ليست فيه أهوال!
أن الدين ليس تخصصا بل تكفي قراءة القرآن وتفهمه وفقا لهواك، وتكفي الإبتدائية في فهمه!
أن الربا قليل وكل المبالغات فيه بسبب الخلافات الفقهية!
أن الزكاة لم تحدد في القرآن.. إلى آخر اعتراضاته الغبية.
ومن الملاحظ في الفايد وفي كل أهل البدع، وكما قال ابن تيمية رحمه الله أن ما يسقطهم متضمن في كلامهم، فالمبتدع يكفي كلامه في الرد عليه.
فمثلا يدعو الناس للقراءة والمطالعة بزعمه أن ذلك سيجعلهم يكرهون السلفية وينبذون فقهاء الأمة! والعكس هو الصحيح، القراءة والمطالعة ستجعلهم ينبذونه هو وبتمسكون بالسلفية.
ويقول أن العلماء والفقهاء عقدوا الدين، في حين يميعه هو، ويحوله إلى فلسفة وآراء شخصية يتحكم فيه كل من هب ودب من غربان إنكار السنة بعقله، أي يصبح كل من هب ودب قادر على عبادة الله مثلما يريد! فهل يعمل هذا الفايد لدى دعاة الدين الإبراهيمي الجديد؟ لأن دعوته تصب في مستنقعهم الآسن.
كما جعل السلفيين والعلمانيين والشيعة في خندق واحد! مع أن كلامه كله مبني على العلمانية فهو ممجد للعلم الغربي (إله العلمانيين)، وممجد للغربيين الكفرة، وممجد لأهل البدع كشحرور والكيالي وابن سينا.. إلخ.
أساس السلفية هو الدليل:
المسألة الثالثة مسألة السلفية، أو لنقل معضلة السلفية التي اختلفت حولها الآراء بين مؤيد – قلة، ومعارض، قلة أيضا لأن الأغلبية محايدة، فأكثر الناس “لا يعلمون” و”لا يعقلون” ولا “يفقهون”.. إلخ.
لا تقل لي إن السلفية عبارة عن تطرف وتعصب وجهل، فذلك كذب لإبعادك عنها فقط، فالسلفية ليست داعش بدليل أنها أكبر خصوم داعش، والأخيرة لا تخشى خصما غيرها، بل لا تعتبر خصما غيرها (هل الصوفية أنداد للدواعش؟ أم الإخوان الذين منهم؟).
كما أنها تنصح للمتصوفة والشيعة والأشاعرة والعلمانيين، لذا تجدهم جميعا متفقون على بغضها لأنها تفضح أباطليهم التي يأكلون من خلالها أموال الناس بالباطل، وقد يضعون أيديهم في أيدي بعض بسبب ذلك، وذلك ظاهر في صحبة الإخوان للشيعة مثلا.
أما منهجها فليس مذهبا أو بدعة، بل هو العقيدة المستقاة من القرآن والسنة الصحيحة، ومن المعروف أن العقيدة لا مذاهب فيها، لذا لا نقبل من الصوفي أن يأتي بعقيدة جديدة، ويجعل ذلك مثل المذاهب الفقهية، ويطالب بالسكوت عنه أدبا واحتراما! لا، بل كل منهج مخالف لمنهج العقيدة يعتبر بدعة وضلالة، لأن العقيدة لا يوجد فيها تمذهب، وإلا ضاع جوهر الإسلام!
العقيدة هي الركن الأول والأساسي في الإسلام، وفي الحديث: “بني الإسلام على خمس”، أولها العقيدة، هي التي جذرها الأنبياء في النفوس، ودعوا لها كأساس لدعوتهم، وحوربوا لأجلها مثلما تُحاربُ السلفية اليوم من طرف أهل البدع والأهواء.
لا تتجمع أكثرية الناس حول أهلها رغم أن ما يقولون هو الحق، ولكنه صعب على النفوس المتبعة للهوى العابدة لما كان عليه الآباء!
لذا ترى حال الواحد من أهلها كحال الأنبياء في غربتهم، مثل ابن باز وابن عثيمين اللذان كان المتجمهرون حولهما قليل مقارنة بالمتجمهرين حول التافهين من أهل البدع كسفر الحوالي وسلمان العودة الصغير حينها، وغيره.
وكان أهل البدع المتذاكين يسخرون منهما قائلين إنهما علماء سلطان وحيض ونفاس، ولكنهم كانوا علماء توحيد وحق ووحدة وأمان. والتوحيد هو أساس دعوة الإسلام، لذا يندر أن يترك الشيطان من تمكن منه أن يقربه، وهذا هو سر بغض الأكثرية للوهابية السلفية.
وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم أن الأنبياء عُرضوا عليه، فرأى النبي ومعه الطائفة من الناس (قلة)، والنبي ومعه شخصان، والنبي وليس معه أحد!
تصور، نبي وليس معه مؤمن واحد؟ ألا يدلك ذلك على حال الدنيا؟
إنها هي سنة الإبتلاء، ابتلاء السلفي بنفور الناس منه مثلما ابتلي الأنبياء، وابتلاء الناس به مثلما ابتلوا بالأنبياء، وقليل من يصدق ويخلص في دعوته، جعلنا الله وإياكم من الموحدين المخلصين.
السلفية مبنية على احترام التوحيد الذي يجب احترامه لأنه أساس الدين ولا تمذهب فيه، وإلا فسد الإسلام، وهو الواقع لدى أكثرية أهل البدع اليوم، وأحد أسباب خذلان الأمة، لذا قال بعض السلف: “من سكت عن مبتدع فقد أعان على هدم الإسلام”، وهذا حق، لكن ليس المقصود ضرب المبتدع من طرف غير الحاكم، بل النصح له على أساس إرادة الخير له، هذا هو ما تريد السلفية من اعتراضها، لا مجرد الطعن في شخص الشيخ أو التلميذ، وهما غير مهمين.
القرآن والسنة هما أول من يرد على أهل البدع، لا السلفية التي تعتمد عليهما. تأمل في قول يوسف عليه السلام: “يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار”. هذه هي دعوة التوحيد، فكل من عبد غير الله كشيخ أو إمام أو شخص أو شيطان أو حجر أو أي طاغوت، وخافه وطمع فيه من دون الله، فقد أشرك بالله. ومن ذلك خوف الصوفية من شيوخهم، وطمعهم فيهم أن يدخلوهم الجنة، وهيهات، أليس ذلك من اتخاذهم أربابا!
فالذي تحاربه السلفية هو المبالغة في تقديس البشر والشياطين، وفعل كل ما لم يعرفه النبي صلى الله عليه وسلم من عبادات مجهولة وغيرها.
وإضفاء صفات الربوبية على المخلوقات، وقد كان لكل صنم من أصنام الكفار السابقين، شيطان أو شيطانة، فكان ذلك المخلوق هو المحذور لا ذلك الحجر الأصم، لأنه كان يدعو الناس لعبادته وتعظيمه والتقرب إليه كإله، واتخاذه إلها أو واسطة بين الخلق وربهم. والشرك أمر خطير فهو لا يُغفر، ولا فلسفة في ذلك ولا تعالم لذا تحذر السلفية منه، ويغضب البعض من ذلك بسبب جهله بخطورة المسألة وأهميتها.
السلفية لا تصدق ظهور شيخ صوفي في القرن 18 قائلا للناس أن لديه طريقة لم يعرف أدعيتها وصلواتها النبي صلى الله عليه وسلم ولا صحابته الكرام، فأي طريقة تلك غير طريقة الشيطان؟ مع العلم أن الإسلام قد اكتمل، وأن التشريع موقوف على نبينا عليه الصلاة والسلام!
ذلك الشيخ الغير معصوم، الذي لا هو بنبي ولا تابعي، تنزلت عليه الشياطين لتضل به الكثيرين حتى يومنا هذا، وأغلب ما جاء به متعارض مع القرآن والسنة، أو مكمل لهما بترقيع باطل، كما لو كان فيهما نقص، مثل بعض أدعية الصوفية والشيعة التي في السنة ما يغني عنها، والتي ترك أصحابها ما في السنة، وعدلوا عنه إلى تلك المستنقعات الآسنة ليغرقوا في أوحالها (طالع موضوع “الصوفية ما عليها وما عليها” هنا)!
قال لهم ذلك الشيخ لقيت النبي صلى الله عليه وسلم والخضر عليهما السلام، ولم ينقص إلا أن يقول “تنزل علي جبريل بهذه الطريقة المخترعة التي لم تكن معروفة من قبل”، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم في مقام جبريل، فكأن النبي صلى الله عليه وسلم جاءه بعد كل تلك القرون ليعلمه دينا جديدا لم يظهره لأصحابه في حياته، مع العلم أن الدين اكتمل في حياته، فأي عبث في الدين هذا؟
ألا تشم في ذلك رائحة الشيطان الذي أضل الناس بأولئك الشيوخ؟ سواء منهم من عرف أنه شيطان وسكت لأرباح يجدها، أو الساذج المغتر المضلل الذي يقاد إلى حتفه ككبش العيد.
وتقف السلفية أيضا مع الحاكم، فلا تكفره ولا تخرج عليه كما يفعل الدواعش والإخوان، فهي ليست داعش، وأهم صفاتها تعظيم التوحيد ونبذ الشرك، والرد عل أهل البدع بالأدلة، أي النصح لهم والتحذير منهم بكشف أباطيلهم، وبالأدلة، ولكن الأكثرية لا تحب الناصحين.
طالع مناظرات السلفية والصوفية في السودان في قناتنا “لقطة عابرة” في اليوتيوب والتليجرام، لترى أي الفريقين أهدى.
أهل البدع ليسوا الأكثرية بل عوام المسلمين
كنت مخطئا في اعتقادي أن أهل البدع من متصوفة وأشاعرة هم الأغلبية كما يزعمون، يقول الواحد منهم: “نحن نمثل السواد الأعظم للأمة”، وكأن في الكثرة أولا دلالة على الحق، لأن أكثر الناس في النار، مع أنهم ليسوا السواد الأعظم، وحتى في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كانت الأكثرية على ضلال. فالكثير فعلا أو المتمكن، هو رؤوسهم – لا كثرهم الله، تجد نسبة 95 بالمائة من الشعب المصري على فطرتها، سلفية تنتظر من يذكرها بالمنهج الصحيح الذي ابتعدت عنه بسبب الجهل به، لأن الحرب عليه من طرف جميع شياطين الأرض جعلته مخفيا لا يتحدث عنه إلا القلائل، فهذه ليست مخالفة ولا معاداة للسلفية، بدليل تقبل أكثرهم لطرحها (كما في مقاطعنا الموجودة في قناة لقطة عابرة على التليجرام، انظر مناظرات السلفية مع الصوفية في شوارع وأسواق السودان، وستلاحظ أن العوام مع الحق لا الضلال).
أما رؤوسهم فهم أشياخهم وكبارهم، وهؤلاء لا ينفع في أكثرهم نصح ولا كلام، فهم العدو، هم الشياطين، فمن الصعب أن يتراجعوا عن بدعهم لأنها تدر عليه أموالا ومراكز إجتماعية هي غايتهم في هذه الحياة الدينا (اشتروا دينهم بثمن قليل).
وإذا حاورهم السلفي فليس ليهديهم – غالبا – بل ليسمع أتباعهم ضلالهم ويفرون منهم.
مثال هؤلاء، مشايخ الصوفية في الزوايا، ومعممي الشيعة في الحسينيات، وقساوسة النصارى وحاخامات اليهود في الكنائس، لكل واحد منهم صلة وثيقة بجيوب الناس وممتلكاتهم وفروج نسائهم، لا يسعى إلا لإشباع شهواته بدعوى الإرشاد الديني والمباركة، إلا السلفيين لا تجدهم أبدا يطمعون في شيء من أحد، ولا يقبلونه منه إن أعطاهم إياه خشية ضياع الأجر عليهم، وكفى به دليل على أنهم على حق.
إن أغلب هذه الأمة على حياد، عوام من أهل الجهل والغفلة لا يعلمون من الدين إلا ظاهره بسبب إبعادهم مكرا واحتيالا، عن الدين الصحيح، فهو الغائب في تعليمهم وشوارعهم وإعلامهم، وحتى مساجدهم يحتلها المتصوفة والإخوان!
والمنخرطون في سلك العلمانية الديمقراطية والتغريب، أكثر عددا من الصوفية والأشاعرة مجموعين لأنهم من العوام المغترين بالديمقراطية اللعينة!
أما أهل الحق فغرباء في هذا الزمن، بدليل أن مثل هذا المقال لن تحتمله إلا قلة من المسلمين! فالأغلبية الصامتة هي العوام، وهم على فطرتهم، ينتظرون فقط من يبين لهم الصواب ويحذرهم من الضلال، لا ينقصهم لا إلا البيان وتعلم التوحيد، وهم جمهور المسلمين في كل بلد إسلامي، والحمد لله، وإذا عرف الواحد منهم التوحيد تمسك به ودافع عنه.
وهذا يدلك على أنه إذا ظهر قائد موحد في أي بلد إسلامي فإن أغلب من فيه سيتبعونه بإخلاص ويجاهدون الشياطين معه، لأنهم على الفطرة.
وقد عرفنا التاريخ بقتل زنديقين مرتدين بسبب أقوالهما التي أظهروها، وهما الحلاج والسهروردي، وكلاهما صوفي مؤمن بوحدة الوجود الخبيثة التي يؤمن بها ابن عربي الزنديق وأتباعه. فالسهروردي قتله صلاح دين الأيوبي، وفي ذلك أكبر دليل على أن الأخير لم يكن صوفيا كما يزعم المتصوفة! لأنني شخصيا احترت وأنا ألخص تاريخ الحروب الصليبية من ذكر تصوفه مرارا، وقلت في نفسي ربما كان تصوفه خفيفا، لكني سمعت من أستاذ في العقيدة هذه المعلومة، فأحببت إيرادها، فالتاريخ مليء بالكذب على الصالحين، والحاضر مليء بالكذب على السلفية التي ينبزونها بالوهابية، فاحذر من ذلك وتبين فأغلب الموجود من أنباء جاء بها الفسقة.
وهذا يعيدنا إلى الفكرة الأساسية، وهي أن أهل البدع قلة في كل دول المسلمين، والجهل بالإسلام يسمح للبدعة بالإستمرار خاصة إذا كان ذلك الجهل في أولياء الأمور، ففي هذه الحالة يدعمون التصوف أو غيره، ويعلون مراتب أهله، ويبنون لهم القباب المشؤومة، فيخيل للواحد أن البلد كله على التصوف، ونادرا ما نسمع بولاة أمر يدعمون التوحيد إلا فعل آل سعود لذلك في السعودية، وهم يدفعون ثمن ذلك حتى هذه الساعة، فالكل يبغضهم حتى من لا يعرفهم وليس من بلدهم، وذلك بإيحاء من الشيطان المحتنك لأكثر البشر، والذي لا يريد لأحد أن يعرف الحق والسلفية التي تدعو إليه.
فالمتحكم في شؤون الدين والتعليم في دول المسلمين في فترات الإنحطاط والضعف، هم الأشاعرة والصوفية والشيعة، ثم جاء السياسيون الديمقراطيون فأزاحوا الجميع، وأصبح التحكم للعلمانية الديمقراطية. أما التوحيد الذي هو الحق، فمحارب من طرف الجميع، إما جهلا به أو علما بخطره على مصالحهم.
والمناهج الغربية الصليبية تدرس للأبناء في المدارس كل ما يبعدهم عن دينهم ويقربهم من الرأسمالية والإلحاد، وإذا بلغ الواحد منهم فتحت له الديمقراطية أبواب أحزابها ليتهارش مع المنافقين وأولياء الكفار، على الدنيا.
فجمهور المسلمين هو البسطاء الذين على فطرتهم، ولا ينقصهم إلا من يبين لهم حقيقة الإسلام، ويوضح لهم أنه ليس ديمقراطيا علمانيا ولا صوفيا ولا إخوانيا ولا داعشيا ولا علمانيا ولا شيعيا، وستراهم جميعا يدافعون عنه، ويقصفون أهل البدع بصواريخ الحق الدامغة، ويرفضونهم ويلفظونهم من المجتمعات، لذا يخشى هؤلاء من السلفية ويتهمونها بكل النقائص حتى بالكذب حيلولة دون إنصات العوام لها، لأنهم يعرفون أن معنى ذلك خراب بضاعتهم.
وأكثر ما تشاهد في الإنترنت عن ابن تيمية وابن عبد الوهاب وغيرهما أو تسمع من مشايخ الضلال، كذب في كذب!
هؤلاء الملفقون لا يستحون من الكذب على شيبتهم! وذلك أكبر دليل على أنهم بلا دين وشياطين.
أكتب على سبيل المثال “الدكتور محمود الرضواني” – وهو أستاذ في العقيدة السلفية، يحذر من البدع – في بحث اليوتيوب، وستظهر لك عشرات المقاطع المشوهة له، وستنفر مباشرة منه! لكن إن ذهبت إلى المصدر الأصلي وهو كتبه أو قناته في اليوتيوب (البصيرة)، أو في التلفزيون – على النايلسات، ستعرف أن كل ذلك كذب.
وأتباع الشيطان جميعا يعتمدون الكذب وسيلة بل هو دينهم، به أخرج شيطانهم أبانا آدم من الجنة، وبه فرضوا على الناس لقاحات الوباء – وفرضوه من قبلها، والتي الله أعلم بما تتضمنه، وبه يكذبون على الناس بالديمقراطية والسياسة والدبلوماسية والفضاء والسلاح النووي، إلخ (شاهد هذا المقطع هنا).
وإذا تأملت في مناظرات السلفيين للمتصوفة، ستلاحظ أن الأغلبية الممثلة في العوام تنحاز دائما إلى أهل الحق السلفيين، وهذه الملاحظة أثلجت صدري شخصيا، وجعلتني أعيد التفكير في كون المبتدعة يشكلون خطرا على الأمة، فلا والله ما يشكل خطرا عليها إلا إبعادها عن دينها الحق (السلفية مرة أخرى)، وبفعل فاعل هو الغرب وكلابه الذين يعملون بإمرته في بلداننا.
أما الخطر الأكبر فيتمثل في الماسونية وفرختها العلمانية، التي تسيطر على أوروبا وأمريكا وتأبى إلا إفساد الأديان والناس ومحاربة الخالق، حتى أني فكرت يوما في ترك أهل البدع والتركيز عليها!! 🙂🙂
إن أهل البدع قلة، فالتصوف على سبيل المثال في بلدنا أهله قلة، يظهر منهم الواحد في العام مرة ثم يتلوه آخر بعد عامين، أما الأغلبية فعلى الفطرة رغم بعض الجهل بالدين.
وأهل البدع لا يركزون على العقيدة، وهذا يذكرني بقول أحد الأئمة درسني في مدينة مقطع لحجار في 2005 عندما كنت أستاذ رياضيات في الثانوية هنالك، جزء من كتاب ابن عاشر الذي يبدأ بأبيات العقيدة، فتجاوزها مباشرة، ولم يشرحها بحجة أنها تحتاج للمزيد من التوضيح، وقدرة الطلبة على الإستيعاب، أي خوفا عليهم منها!
إذن جعل المتصوفة العقيدة الواضحة، وهي التي لا يوجد فيها خلاف على عكس كل أبواب الفقه! جعلوها ألغازا وطلاسم، وفروا من مطالعتها، وكل ذلك من الشيطان ليبعدهم عن مطالعة كل ما له علاقة بالعقيدة لأنها أساس التوحيد الذي هو بدوره أساس الدين، لا الحيض والنفاس.
وللعلم فإن عقيدة مالك هي العقيدة السلفية في الصفات لا العقيدة المفتراة على الأشعري، والتي تنفي عن الله أكثر صفاته دون دليل من الكتاب أو السنة، وبحجة تنزيهه عن خلقه، وما دليلهم على ذلك؟ إنه العقل واتباع الهوى.. ذلك العقل القاصر عن إدراك كنه الإله.. وعقل من؟ لكل إنسان منا عقل!
أما أهل الحق من السلفية فيثبتون لله ما أثبت لنفسه في كتابه على الوجه الذي يليق به دون تشبيه أو تمثيل أو تعطيل، وليسوا مجسمة كما يقول المفترون، بل يثبتون لله ما أثبت لنفسه كالوجه واليد والسمع والبصر، لكن يقولون أنهم لا يعرفون كيفية ذلك لأن الله يشبه أحدا من مخلوقاته، ومقولة الإمام مالك تكفي في هذا الصدد، وقصتها أن مالكاً رحمه الله جاءه سائل وهو في مجلس التحديث يحدث الناس في المسجد، فقال: يا مالك “الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى”، كيف استوى؟ فأطرق مالك – أو سكت ملياً، ثم علته الرحضاء (العرق) ثم رفع رأسه، وقال: أين السائل؟ فقال: “الإستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا رجل سوء” ثم أمر به أن يُخرج من مجلسه (وعلى هذا فالأشاعرة رجال سوء، بل قد يكونوا أسوأ من هذا الرجل).
وهذا يقال في جميع الصفات، فلو سأل شخص وقال: “وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا”، كيف هذا العلم؟ أو سأل: “إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا”، كيف السمع؟ يقال له: العلم معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة.
كما أن المتصوفة يخجلون من التصريح ببعض ما يؤمنون به في دينهم، فلا يذكرونه إلا في مجالسهم الخاصة كبعض قصص شيوخهم المبالغ فيها، ومنها ما هو جنسي خبيث! أو ذكر بعض أقوالهم المنكرة كالقول بأن قراءة أحد أدعيتهم يعادل قراءة القرآن 6000 مرة إلى آخر ذلك، عجبا لعقولهم وعمى أفئدتهم باتباعهم لذلك الهوى والمارد الذي يغرهم به.
إن أهل البدع بمختلف أصنافهم، قلة، أسر تربت في ذلك الضلال فتشربته، أو قلة مغترة بهم، أو مسحورون بسحرهم وأكاذيبهم، فكل كراماتهم عبارة عن سحر وخوارق شيطانية، أما طرقهم – دينهم – فمبنية على الكذب، وهي ضلال لأنها غير ثابتة، وبعضها غير ثابت حتى عقلا! ولو كانت حقا ما سبقوا الصحابة إليها. فكله ضلال في ضلال، هدانا الله وإياهم وجميع المسلمين إلى الحق.
حفظ القرآن يساعد على تنمية المهارات الذهنية
حفظ القرآن يساعد على تنمية المهارات الذهنية.. إن أغلى ما عندنا هو القرآن الكريم، وأكثرنا اليوم يسمع بعظمته عن بعد دون اطلاع على ذلك بنفسه، فما رأيكم في رحلة قصيرة ماتعة في رحاب القرآن؟!
قال الله تعالى: “هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ”.
القرآن العظيم محكم كما قال تعالى: “كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ”، فهو مشتمل على غاية الإتقان والإحكام والعدل والإحسان. وكله متشابه في الحسن والبلاغة وتصديق بعضه لبعضه ومطابقته لفظا ومعنى. و”منه آيات محكمات”، أي: واضحات الدلالة ليس فيها شبهة ولا إشكال. “هن أم الكتاب”، أي: أصله الذي يرجع إليه كل متشابه، والآيات المحكمة هي معظمه وأكثره.
ومنه آيات “أخر متشابهات”، أي: يلتبس معناها على كثير من الأذهان لكون دلالتها مجملة (المجمل هو ما احتمل أكثر من معنيين)، أو يتبادر إلى بعض الأفهام غير المراد منها، فالحاصل أن منها آيات بينة واضحة لكل أحد، وهي الأكثر، وهي التي يرجع إليها، ومنه آيات تشكل على بعض الناس، فالواجب في هذا أن يرد المتشابه إلى المحكم، والخفي إلى الجلي، فبهذه الطريق يصدق القرآن بعضه بعضا، ولا يحصل فيه مناقضة ولا معارضة.
ولكن الناس انقسموا إلى فرقتين “فأما الذين في قلوبهم زيغ” أي: ميل عن الاستقامة بأن فسدت مقاصدهم، وصار قصدهم الغي والضلال وانحرفت قلوبهم عن طريق الهدى والرشاد (كمشايخ الضلال والمتعنتون)، “فيتبعون ما تشابه منه”، أي: يتركون المحكم الواضح ويذهبون إلى المتشابه، ويعكسون الأمر فيحملون المحكم على المتشابه “ابتغاء الفتنة” لمن يدعونهم لقولهم، فإن المتشابه تحصل به الفتنة بسبب الإشتباه الواقع فيه.
وإلا فالمحكم الصريح ليس محلا للفتنة لوضوح الحق فيه لمن قصده اتباعه، وقوله “وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله”.
وجمهور المفسرين يقف على كلمة “الله” من قوله “وما يعلم تأويله إلا الله”، وبعضهم يعطف عليها “والراسخون في العلم”.
فإن أريد بالتأويل علم حقيقة الشيء وكنهه كان الصواب الوقوف على “إلا الله” لأن المتشابه الذي استأثر الله بعلم كنهه وحقيقته، مثل حقائق صفات الله وكيفيتها، وحقائق أوصاف ما يكون في اليوم الآخر ونحو ذلك، فهذه لا يعلمها إلا الله، ولا يجوز التعرض للوقوف عليها، لأنه تعرض لما لا يمكن معرفته، كما سُئل الإمام مالك رحمه الله عن قوله “الرحمن على العرش استوى”، فقال السائل: كيف استوى؟ فقال مالك: “الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة” (وقد سأل الأشاعرة عنه، وأعملوا فيه عقولهم واتبعوا الهوى لأن العلم بكنه ذلك غير ممكن).
وهكذا يقال في سائر الصفات لمن سأل عن كيفيتها، فالله تعالى أخبرنا بتلك الصفات ولم يخبرنا بكيفيتها، فيجب علينا الوقوف على ما حُدَّ لنا (أي عند حدودنا)، فأهل الزيغ يتبعون هذه الأمور المشتبهات تعرضا لما لا يعنيهم، وتكلفا لما لا سبيل لهم إلى علمه، لأنه لا يعلمها إلا الله، وأما الراسخون في العلم فيؤمنون بها ويكلون المعنى إلى الله فيَسلمون ويُسلمون.
وإن أريد بالتأويل التفسير والكشف والإيضاح، كان الصواب عطف “الراسخون” على “الله”، فيكون الله قد أخبر أن تفسير المتشابه ورده إلى المحكم وإزالة ما فيه من الشبهة، لا يعلمها إلا هو تعالى، والراسخون في العلم يعلمون أيضا، فيؤمنون بها ويردونها للمحكم، ويقولون “كل” من المحكم والمتشابه “من عند ربنا”، وما كان من عنده فليس فيه تعارض ولا تناقض، بل هو متفق يصدق بعضه بعضا، ويشهد بعضه لبعض، وفيه تنبيه على الأصل الكبير، وهو أنهم إذا علموا أن جميعه من عند الله، وأشكل عليهم مجمل المتشابه، علموا يقينا أنه مردود إلى المحكم، وإن لم يفهموا وجه ذلك.
ولما رغب الله تعالى في التسليم والإيمان بأحكامه وزجر عن اتباع المتشابه قال: “وما يذكر”، أي: يتعظ بمواعظ الله ويقبل نصحه وتعليمه، إلا “أولوا الألباب”، أي: أهل العقول الرزينة، فهؤلاء يصل التذكير إلى عقولهم، فيتذكرون ما ينفعهم فيفعلونه، وما يضرهم فيتركونه.
إن القرآن كله محكم وإن جهلنا وجه ذلك الإحكام في بعض آياته، والمتشابه منه يُرد إلى المحكم، وتلك طريقة أهل العلم، أما أهل البدع فيتبعون الطريق المعاكس، وهو رد المحكم إلى المتشابه ليستدلوا للهوى بالأصل.
إن القرآن مناجاة للرب، فهل يهمل العاقل قرائته، ويتغافل عن ورد يومي منه يطهر به نفسه لتحل عليه البركات؟
من أهم الأسباب المُعينة على حفظ القرآن الكريم اتخاذ ورد منه، حفظ ما تيسر منه، وقرائته باستمرار، فمراجعة المحفوظ قراءة له، وهي كيفية حفظ القرآن بدون نسيان.
شعار داعش هو أذية المسلمين
الإسلام دين القوة والصرامة، دين يقطع الرأس في حد، واليد في دنانير، والرِّجل في سير إلى بغي وعدوان ! ولا يجامل أهل البدع ولا الديمقراطية التي تعارضه، والقرآن مليء بالردود على المبتعدين عنه والمعترضين عليه والمنافقين الذين بينهم، لا يقبل بمن ينافسه في التشريع لأنه فرض من رب العالمين.
ومع كل ذلك قد يصف البعض من يدعو إلى إقامة حدوده ومبادئه بالمتطرف! يقولون داعشي، وشتان ما بين المسلم العاقل والداعشي الأحمق الذي هو أحد أسباب خراب الأمة في كل زمان ومكان، وأحد وسائل الأعداء في الإساءة إلى الإسلام والمسلمين، استغلته المخابرات الماسونية ووجهته لضرب المسلمين، وتشويه الإسلام في نظر العالم كله، انظر إلى المناطق التي دخلها هذا التنظيم في العراق تجدها كلها سنية، لا يحارب إلا أهل السنة والمسلمين!
حتى أن أحد الشيعة افتخر بأن الحشد الشعبي الشيعي المجرم الذي قطع الأيادي والآذان وسلخ جلود أهل السنة، يطهر المناطق السنية من داعش خدمة لأهل السنة!!
كذلك في سوريا، لا تقتل داعش إلا أهل السنة، أما الشيعة واليهود فسالمون من شرها كما هو معلوم، لم نسمع يوما بأنها ضربت إسرائيل بحجر رغم تحجر أصحابها وشراستهم مع أهل السنة!
ادخل إلى غرف الدواعش في البرامج الحوارية وستحس بأن ألسنتهم تجلدك من شدة بغضهم لأهل السنة وتكفيرهم لهم بحجة موافقتهم للحكام الكفار عندهم، جعلوا الحاكم أساس الدين لا الدعوة إلى التوحيد.
وكما يعتبر الشيعة كل محب للشيخين ناصبيا وإن أعلن حبه للحسين، كذلك يعتبر الدواعش وجدتهم جماعة الإخوان – أم أمهم القاعدة – كل حكام المسلمين كفار، وكل من تبعهم من جيوش ورجال شرطة وعوام كفار مثلهم!
ومن فضائح داعش صفقة بينها وبين حزب اللات الشيعي – برعاية أمهما أمريكا – لنقلها في باصات مكيفة إلى حدود العراق بعد هزيمتها في سوريا في أغشت 2017!
إن داعش خلية مخابراتية تقودها أمريكا، قادتها عملاء لأمريكا، أما قنابلها البشرية فقلة من شباب المسلمين المتحمسين لدينهم المغرر بهم، ممن يحكمون عواطفهم بسبب ما تتعرض له الأمة من ظلم على يد الأعداء، وبسبب ذل وخنوع حكامها، فغرهم أولئك العملاء بالأوهام ليفجروا أنفسهم في المسلمين أساسا لا في الكفار واستغلوهم في الحرب على الإسلام والمسلمين، فضربوا الإسلام من حيث لا يريدون، وسلم منهم الكفار!
لقد كانوا في العراق أحد أسباب انهزام أهل السنة في ثورتهم على الشيعة بعد أن وصلوا إلى أسوار بغداد!
ثم ضربوا الأكراد السنة لتدخل أمريكا إلى أرضهم السنية بحجة محاربة داعش (وهم دليلها، غراب أمريكا الذي يتقدمها في كل مكان)!
كذلك ضربوا الإسلام ضربة موجعة بإظهاره كدين قتل وتفجير في أعين غير المسلمين من شعوب العالم، فأعطوا بذلك مادة دسمة للإعلام الغربي الماسوني لإنتقاد الإسلام في نشرات الأخبار وغيرها، وحتى اليوم، لا تكاد تخلو نشرة إخبارية فرنسية أو أمريكية أو بريطانية من خبر عن الإرهاب الإسلامي!
فبغضوا العالم في الإسلام، وأعطوا للصليبيين ذريعة ضرب دول المسلمين دون خوف من اعتراض أحد على ذلك الظلم البين، فتحركت الأساطيل الفرنسية إلى سوريا بحجة مواجهة الإرهاب بعد أن دبروا عملية في مرسيليا، قتل فيها فرد واحد بعض المارة بشاحنة، ليوافق البرلمان الفرنسي تحت نظر الشعب الفرنسي المخدوع، على ضرب الشعب السوري بالقنابل كرد على ذلك، فتم في الغداة إرسال البارجات الفرنسية إليها، والله أعلم كم قتلت من الأبرياء الذين لا ذنب لهم في جنون تلك الشاحنة!
ودمرت أمريكا أفغانستان والعراق بحجة مواجهة القاعدة، وحطموا برجي التجارة في نيويرك قائلين إنها القاعدة ليدمروا العراق بحجة محاربة الإرهاب..
وعندما تقرر امركيا الهجوم على شمال إفريقيا المسلم ستكون داعش هي وسيلتها في ذلك، سيرسلونها إلى الصحراء ثم يتبعونها! هذا هو دور داعش في هذه اللعبة الحربية القذرة، الخوارج لا يخدمون إلا أعداء الإسلام والمسلمين لهذا قال أحد الصحابة رضي الله عنهم “إنهم يذبحون المسلمين ويتركون الكفار”، فهذا هو حالهم بالضبط، بالإضافة لتحكم المخابرات الغربية فيهم تحكما كاملا..
وإذا فتشنا وراء كل ذلك وجدنا السبب الأساسي هو خوف حكام المسلمين من أمريكا، ولو طبقوا شريعة ربهم في بلدانهم – على الأقل – لما وجدت الدواعش ما تقوله في مجال الحاكمية التي هي السبب الأول لخروجها المقيت الذي كان الصبر عليهم خير منه لهم، فالحكام التافهين ذاهبون إلى مزبلة التاريخ، لا أحد خالد في الحكم ولا في أي مكان من هذه الدنيا فلماذا التسرع والعجلة،ثم لماذا لا ينظر هؤلاء الدواعش في أصل المشكل وهو ابتعاد الشعوب عن التوحيد؟ والتوحيد هو الدعوة الوحيدة التي تستحق الإهتمام بها، لا الدعوة إلى مشايخ التصوف ولا سيد قطب ولا البغدادي الذي تبين أنه عميل مدسوس!
التغيير يكون من الأساس بالعودة بالناس إلى التوحيد ثم بعد ذلك سيحكمهم من هو منهم، أي موحد قد يكون مثل عمر بن الخطاب، أما الآن ف”كما تكونون يول عليكم”، فيجب تغيير الأصل بوضع البذور الصالحة ورعايتها وستنبت الشجرة حاكما مجاهدا يدمر الكفار بالحق لأن الذي أهلك الأمة اليوم هو بعدها عن جوهر الدين – التوحيد – من خلال البدع والديمقراطيات المنتشرة.
لو ركزت الدواعش على نشر التوحيد – الذي لا تعرف للأسف – في المسلمين لكان خيرا للجميع لأن الدواعش يزعمون أنهم سلفية، وهم أقرب أهل البدع إلى التوحيد، وأكثرهم ردا للضلالات المفضوحة التي عفى عليها الزمن كضلالات الصوفية وغيرها، وهم أصدقهم لأن غيرهم منافقين دينهم الكذب مثل جماعة الإخوان التي تنتهج نهج الديمقراطية لتحقيق مآربها!
مع العلم أن داعش من القاعدة والقاعدة من جماعة الإخوان، يعني أن جماعة الإخوان هي الجدة المنتوفة لداعش!
والمتصوفة الذين من مبادئهم “كن مع الواقف لا الجالس| (والتي طبقوا في زمن الإستعمار بموالاته)، وأن الله – حاشاه – في كل شيء حتى الكلب والخنزير (وحدة الوجود)! فهل يمكن أن تعلو لمثل هؤلاء كلمة؟
ومع ذلك إذا نظرنا إلى السعودية التي تطبق الشريعة وجدنا الدواعش يخرجون عليها مثلما خرج أجدادهم على خير خلق الله (الصحابة الكرام). والسعودية للأسف تتردى اليوم في مستنقع الديمقراطية الآسن ولو بحذرن ولا خير فيه لها ولا للإسلام، فعليها الحذر.. وإن كان الإعلام يضخم الأمور ليصور للناس أن السعودية قد تحولت كلها إلى الترفيه، وذلك كذب.
ولا أعرف لماذا يهتم الكثيرون بالسعودية إلى درجة بغضها، وأمرها لا يعنيهم! يقول لك الموريتاني والجزائري والمغربي “آل سعود”، عندما تحدثه عن السلفية، كأنهم يحكمون أهله!! يسيس لك الدين مثل الإخوان والدواعش كأن دعوة الأنبياء هي السياسة لا دعوة الناس إلى التوحيد. وبهذا يضل الواحد منهم ضلالا بعيدا ببغضه للوهابية على سبيل المثال، فما أقدر الشيطان على ضعاف الناس فقد جعل أبعد الناس عن السعودية أكثر سعودية ومنابذة لآل سعود من أهلها!!
الزواج في الاسلام
علينا الإستفادة من فوائد سورة النور التي قال أحد دعاتنا، أن الله تعالى بدأها بالأوامر والنواهي، وأكمل ذلك بقوله “الله نور السماوات والأرض”، فهي نور في نور، أوامرها نور ونواهيها ظلمات.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الفائدة الأولى: حكم الزاني
قَالَ تَعَالَى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}. هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ فِيهَا حُكْمُ الزَّانِي. فَأَمَّا إِذَا كَانَ بِكْرًا لَمْ يَتَزَوَّجْ، فَإِنَّ حدَّه مِائَةُ جَلْدَةٍ، وَيُزَادُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يُغرّب عَامًا عَنْ بَلَدِهِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ، فِي الْأَعْرَابِيَّيْنِ اللَّذَيْنِ أَتَيَا رسولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ أَحَدُهُمَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ ابْنِي كَانَ عَسِيفا – يَعْنِي أَجِيرًا – عَلَى هَذَا، فَزَنَى بِامْرَأَتِهِ، فَافْتَدَيْتُ ابْنِي مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ وَوَليدَة، فَسَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ، فَأَخْبَرُونِي أَنَّ عَلَى ابْنِي جَلْدَ مِائَةٍ وتغريبَ عَامٍ، وَأَنَّ عَلَى امْرَأَةِ هَذَا الرَّجْمَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ: الْوَلِيدَةُ وَالْغَنَمُ رَدٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وتغريبُ عَامٍ. وَاغْدُ يَا أُنَيْسُ – وهو رَجُلٌ مِنْ أَسْلَمَ – إِلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا”. فَغَدَا عَلَيْهَا فَاعْتَرَفَتْ، فَرَجَمَهَا .
فَفِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى تَغْرِيبِ الزَّانِي مَعَ جَلْدِ مِائَةٍ إِذَا كَانَ بِكْرًا لَمْ يَتَزَوَّجْ، فَأَمَّا إِنْ كَانَ مُحْصَنًا فَإِنَّهُ يُرْجَمُ.
خَطَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَذَكَرَ الرَّجْمَ فَقَالَ: لَا تُخْدَعُنَّ عَنْهُ؛ فَإِنَّهُ حَدٌّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ”. إلى قَوْلِهِ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رَجَمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ. أَلَا وَإِنَّهُ سَيَكُونُ مِنْ بَعْدِكُمْ قَوْمٌ يُكَذِّبُونَ بِالرَّجْمِ وَبِالدَّجَّالِ وَبِالشَّفَاعَةِ وَبِعَذَابِ الْقَبْرِ، وَبِقَوْمٍ يَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ بَعْدَمَا امتُحِشُوا.
وَقَوْلُهُ: {وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ} أَيْ: فِي حُكْمِ اللَّهِ. لَا تَرْجُمُوهُمَا وَتَرْأَفُوا بِهِمَا فِي شَرْعِ اللَّهِ، وَلَيْسَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ الرَّأْفَةَ الطَّبِيعِيَّةَ، وَإِنَّمَا هِيَ الرَّأْفَةُ الَّتِي تَحْمِلُ الْحَاكِمَ عَلَى تَرْكِ الْحَدِّ. فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ.
أي: وَشَدِّدُوا عَلَيْهِ الضَّرْبَ، وَلَكِنْ لَيْسَ مبَرِّحا؛ لِيَرْتَدِعَ هُوَ وَمَنْ يَصْنَعُ مِثْلَهُ بِذَلِكَ. وَقَدْ جَاءَ فِي الْمُسْنَدِ عَنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَأَذْبَحُ الشَّاةَ وَأَنَا أَرْحَمُهَا، فَقَالَ: “وَلَكَ فِي ذَلِكَ أَجْرٌ”.
وَقَوْلُهُ: {وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}. هَذَا فِيهِ تَنْكِيلٌ لِلزَّانِيَيْنِ إِذَا جُلِدا بِحَضْرَةِ النَّاسِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُونُ أَبْلَغَ فِي زَجْرِهِمَا، وَأَنْجَعَ فِي رَدْعِهِمَا، فَإِنَّ فِي ذَلِكَ تَقْرِيعًا وَتَوْبِيخًا وَفَضِيحَةً إِذَا كَانَ النَّاسُ حُضُورًا.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الطَّائِفَةُ: رَجُلٌ إِلَى الْأَلْفِ.
الفائدة الثانية: الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة، والعكس
قوله تعالى: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}.
هَذَا خَبَر مِنَ اللَّهِ تَعَالَى بِأَنَّ الزَّانِيَ لَا يَطَأُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً. أَيْ: لَا يُطَاوِعُهُ عَلَى مُرَادِهِ مِنَ الزِّنَى إِلَّا زَانِيَةٌ عَاصِيَةٌ أَوْ مُشْرِكَةٌ، لَا تَرَى حُرْمَةَ ذَلِكَ.
وَكَذَلِكَ: {الزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ}. أَيْ: عَاصٍ بِزِنَاهُ، {أَوْ مُشْرِكٌ} لَا يَعْتَقِدُ تَحْرِيمَهُ.
قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً} قَالَ: لَيْسَ هَذَا بِالنِّكَاحِ، إِنَّمَا هُوَ الْجِمَاعُ، لَا يَزْنِي بِهَا إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} أَيْ: تَعَاطِيهِ وَالتَّزْوِيجُ بِالْبَغَايَا، أَوْ تَزْوِيجُ الْعَفَائِفِ بِالْفُجَّارِ مِنَ الرِّجَالِ.
قَالَ قَتَادَةُ، وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيّان: حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ نِكَاحَ الْبَغَايَا.
وَمِنْ هَاهُنَا ذَهَبَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، رَحِمَهُ اللَّهُ، إِلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْعَقْدُ مِنَ الرَّجُلِ الْعَفِيفِ عَلَى الْمَرْأَةِ الْبَغِيِّ مَا دَامَتْ كَذَلِكَ حَتَّى تُسْتَتَابَ، فَإِنْ تَابَتْ صَحَّ الْعَقْدُ عَلَيْهَا وَإِلَّا فَلَا، وَكَذَلِكَ لَا يَصِحُّ تَزْوِيجُ الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ الْعَفِيفَةِ بِالرَّجُلِ الْفَاجِرِ الْمُسَافِحِ، حَتَّى يَتُوبَ تَوْبَةً صَحِيحَةً؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَارِمٌ ، حَدَّثَنَا مُعْتَمِر بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: قَالَ أَبِي: حَدَّثَنَا الْحَضْرَمِيُّ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرو، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ استأذنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي امْرَأَةٍ يُقَالُ لَهَا: “أَمُّ مَهْزُولٍ” كَانَتْ تُسَافِحُ – وَتَشْتَرِطُ لَهُ أَنْ تُنْفِقَ عَلَيْهِ – قَالَ: فَاسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَوْ ذَكَرَ لَهُ أَمْرَهَا – قَالَ: فَقَرَأَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ}.
وَرَوَى النَّسَائِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: “جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: إِنَّ عِنْدِي امْرَأَةً هِيَ مِنْ أحبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَهِيَ لَا تَمْنَعُ يَدَ لامِس. قَالَ: “طَلِّقْهَا”. قَالَ: لَا صَبْرَ لِي عَنْهَا قَالَ: “اسْتَمْتِعْ بِهَا”.
وَقِيلَ: الْمُرَادُ أَنَّ سَجِيَّتَهَا لَا تَرُدّ يَدَ لَامَسٍ، لَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ هَذَا وَاقِعٌ مِنْهَا، وَأَنَّهَا تَفْعَلُ الْفَاحِشَةَ؛ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَأْذَنُ فِي مُصَاحَبَةِ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهَا. فَإِنَّ زَوْجَهَا – وَالْحَالَةُ هَذِهِ – يَكُونُ دَيّوثا، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْوَعِيدُ عَلَى ذَلِكَ. وَلَكِنْ لَمَّا كَانَتْ سَجِيَّتُهَا هَكَذَا لَيْسَ فِيهَا مُمَانَعَةٌ وَلَا مُخَالَفَةٌ لِمَنْ أَرَادَهَا لَوْ خلا بها أحد، أمره رسولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِفِرَاقِهَا. فَلَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ يُحِبُّهَا أَبَاحَ لَهُ الْبَقَاءَ مَعَهَا؛ لِأَنَّ مَحَبَّتَهُ لَهَا مُحَقَّقَةٌ، وَوُقُوعَ الْفَاحِشَةِ مِنْهَا مُتَوَهَّمٌ، فَلَا يُصَار إِلَى الضَّرَرِ الْعَاجِلِ لِتَوَهُّمِ الْآجِلِ، وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
قَالُوا: فَأَمَّا إِذَا حَصَلَتْ تَوْبَةٌ فَإِنَّهُ يَحِلُّ التَّزْوِيجُ، كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ أَبِي حَاتِمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عن ابْنَ عَبَّاسٍ وَسَأَلَهُ رَجُلٌ قَالَ: إِنِّي كُنْتُ أُلِمُّ بِامْرَأَةٍ آتِي مِنْهَا مَا حَرّم اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيَّ، فَرَزَقَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ ذَلِكَ تَوْبَةً، فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَزَوَّجَهَا، فَقَالَ أُنَاسٌ: إِنَّ الزَّانِيَ لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً. فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَيْسَ هَذَا فِي هَذَا، انْكِحْهَا فَمَا كَانَ مِنْ إِثْمٍ فَعَلَيَّ.
الفائدة الثالثة: عقوبة قاذف المحصنات، وحكم من لا شهود له غير نفسه
وَقَوْلُهُ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ فِيهَا بَيَانُ حُكْمِ جَلْدِ الْقَاذِفِ لِلْمُحَصَنَةِ، وَهِيَ الْحُرَّةُ الْبَالِغَةُ الْعَفِيفَةُ، فَإِذَا كَانَ الْمَقْذُوفُ رَجُلًا فَكَذَلِكَ يُجْلَدُ قَاذِفُهُ أَيْضًا، لَيْسَ فِي هَذَا نِزَاعٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ. فَأَمَّا إِنْ أَقَامَ الْقَاذِفُ بَيِّنَةً عَلَى صِحَّةِ مَا قَالَهُ، رُدَّ عَنْهُ الْحَدَّ، فَأَوجَبَ عَلَى الْقَاذِفِ إِذَا لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً على صِحَّةِ مَا قَالَهُ ثَلَاثَةَ أَحْكَامٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ يُجْلَدَ ثَمَانِينَ جَلْدَةً.
الثَّانِي: أَنَّهُ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ دَائِمًا.
الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ فَاسِقًا لَيْسَ بِعَدْلٍ، لَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَا عِنْدَ النَّاسِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ، فَذَهَبَ الْإِمَامُ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ إِلَى أَنَّهُ إِذَا تَابَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ، وَارْتَفَعَ عَنْهُ حُكْمُ الْفِسْقِ.
وَقَوْلُهُ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (7) وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ (8) وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ (9) وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ}.
هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ فِيهَا فَرَج لِلْأَزْوَاجِ وَزِيَادَةُ مَخْرَجٍ، إِذَا قَذَفَ أَحَدُهُمْ زَوْجَتَهُ وَتَعَسَّرَ عَلَيْهِ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ، أَنْ يُلَاعِنَهَا، كَمَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، وَهُوَ أَنْ يُحْضِرَهَا إِلَى الْإِمَامِ، فَيَدَّعِيَ عَلَيْهَا بِمَا رَمَاهَا بِهِ، فَيُحَلِّفُهُ الْحَاكِمُ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ فِي مُقَابَلَةِ أَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ، {إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ} أَيْ: فِيمَا رَمَاهَا بِهِ مِنَ الزِّنَى، {وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ} فَإِذَا قَالَ ذَلِكَ، بَانَتْ مِنْهُ بِنَفْسِ هَذَا اللِّعَانِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَطَائِفَةٍ كَثِيرَةٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَحَرُمَتْ عَلَيْهِ أَبَدًا، وَيُعْطِيهَا مَهْرَهَا، وَيَتَوَجَّهُ عَلَيْهَا حَدُّ الزِّنَى، وَلَا يَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ إِلَّا أَنْ تُلَاعِنَ، فَتَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لِمَنَ الْكَاذِبِينَ، أَيْ: فِيمَا رَمَاهَا بِهِ، {وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} ولهذا قال: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ}يَعْنِي: الْحَدَّ، {أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْها إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} فَخَصَّهَا بِالْغَضَبِ، كما أن الغالب أن الرجل لا يريد فَضِيحَةَ أَهْلِهِ وَرَمْيَهَا بِالزِّنَى إِلَّا وَهُوَ صَادِقٌ مَعْذُورٌ، وَهِيَ تَعْلَمُ صِدْقَهُ فِيمَا رَمَاهَا بِهِ. وَلِهَذَا كَانَتِ الْخَامِسَةُ فِي حَقِّهَا أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا. وَالْمَغْضُوبُ عَلَيْهِ هُوَ الَّذِي يَعْلَمُ الْحَقَّ ثُمَّ يَحِيدُ عَنْهُ.
وعند الْإِمَامِ أَحْمَدْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ من حديث له: جَاءَ هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ – وَهُوَ أَحَدُ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ – فَجَاءَ مِنْ أَرْضِهِ عِشَاءً، فَوَجَدَ عِنْدَ أَهْلِهِ رَجُلًا فَرَأَى بِعَيْنَيْهِ، وَسَمِعَ بِأُذُنَيْهِ، فلم يُهَيِّجْهُ حَتَّى أَصْبَحَ، فَغَدَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي جِئْتُ أَهْلِي عِشَاءً، فوجدتُ عِنْدَهَا رَجُلًا فَرَأَيْتُ بِعَيْنِي، وَسَمِعْتُ بِأُذُنِي. فَكَرِهَ رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا جَاءَ بِهِ، وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ، وَاجْتَمَعَتِ الْأَنْصَارُ فَقَالُوا قَدِ ابْتُلِينَا بِمَا قَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ، الْآنَ يَضْرِبُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هلالَ بْنَ أُمَيَّةَ، ويبْطل شَهَادَتَهُ فِي الْمُسْلِمِينَ. فَقَالَ هِلَالُ: وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُوَ أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِي مِنْهَا مَخْرَجًا. وَقَالَ هِلَالُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي قَدْ أَرَى مَا اشْتَدَّ عَلَيْكَ مِمَّا جِئْتُ بِهِ، وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنِّي لَصَادِقٌ. فَوَاللَّهِ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُرِيدُ أَنْ يَأْمُرَ بِضَرْبِهِ، إِذْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَحْيَ – وَكَانَ إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ عَرَفُوا ذَلِكَ، فِي تَرَبُّد وَجْهِهِ. يَعْنِي: فَأَمْسَكُوا عَنْهُ حَتَّى فَرَغَ مِنَ الْوَحْيِ، فَنَزَلَتْ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ} الْآيَةَ، فَسُرِّيَّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: “أَبْشِرْ يَا هِلَالُ، قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَكَ فَرَجًا وَمَخْرَجًا”. فَقَالَ هِلَالٌ: قَدْ كُنْتُ أَرْجُو ذَلِكَ مِنْ رَبِّي، عَزَّ وَجَلَّ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “أرسلوا إليها”. فَأَرْسَلُوا إِلَيْهَا، فَجَاءَتْ، فَتَلَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِمَا، وَذَكَّرَهُمَا وَأَخْبَرَهُمَا أَنَّ عذابَ الْآخِرَةِ أَشَدُّ مِنْ عَذَابِ الدُّنْيَا. فَقَالَ هِلَالٌ: وَاللَّهِ – يَا رَسُولَ اللَّهِ -لَقَدْ صَدَقتُ عَلَيْهَا. فَقَالَتْ: كَذَبَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “لَاعِنُوا بَيْنَهُمَا”. فَقِيلَ لِهِلَالٍ: اشْهَدْ. فَشَهِدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لِمَنَ الصَّادِقِينَ، فَلَمَّا كَانَ فِي الْخَامِسَةِ قِيلَ لَهُ: يَا هِلَالُ، اتَّقِ اللَّهَ، فَإِنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أهونُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ، وَإِنَّ هَذِهِ الموجبةُ الَّتِي تُوجِبُ عَلَيْكَ الْعَذَابَ. فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا يُعَذِّبُنِي اللَّهُ عَلَيْهَا، كَمَا لَمْ يَجْلِدْنِي عَلَيْهَا. فَشَهِدَ فِي الْخَامِسَةِ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ. ثُمَّ قِيلَ لَهَا اشْهَدِي أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لِمَنَ الْكَاذِبِينَ، فَلَمَّا كَانَتِ الْخَامِسَةُ قِيلَ لَهَا: اتَّقِي اللَّهَ، فَإِنَّ عَذَابَ الدُّنْيَا أَهْوَنُ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ، وإن هذه الموجبةُ التي توجب عليك العذاب. فَتَلَكَّأَتْ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَتْ: وَاللَّهِ لَا أَفْضَحُ قَوْمِي فَشَهِدَتْ فِي الْخَامِسَةِ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ. فَفَرَّقَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمَا، وَقَضَى أَلَّا يُدْعَى وَلَدُهَا لِأَبٍ وَلَا يُرْمَى وَلَدُهَا، وَمَنْ رَمَاهَا أَوْ رَمَى وَلَدَهَا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ، وَقَضَى أَلَّا بَيْتَ لَهَا عَلَيْهِ وَلَا قُوتَ لَهَا، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمَا يَتَفَرَّقَانِ مِنْ غَيْرِ طَلَاقٍ، وَلَا مُتَوَفى عَنْهَا. وَقَالَ: “إِنْ جَاءَتْ بِهِ أصَيْهِب أرَيْسَحَ حَمْشَ السَّاقَيْنِ فَهُوَ لِهِلَالٍ، وَإِنْ جَاءَتْ بِهِ أَوْرَقَ جَعْدًا جَمَالِيًّا خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ سَابِغَ الْأَلْيَتَيْنِ، فَهُوَ الَّذِي رُمِيَتْ بِهِ” فَجَاءَتْ بِهِ أَوْرَقَ جَعْدًا جَمَالِيًّا خَدَلَّجَ السَّاقَيْنِ سَابِغَ الْأَلْيَتَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “لَوْلَا الْأَيْمَانُ لَكَانَ لِي وَلَهَا شَأْنٌ”.
قَالَ عِكْرِمَةُ: فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَمِيرًا عَلَى مِصْرَ، وَكَانَ يُدْعَى لِأُمِّهِ وَلَا يُدْعَى لِأَبٍ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كنَّا جُلُوسًا عَشِيَّةَ الْجُمُعَةِ فِي الْمَسْجِدِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: أَحَدُنَا إِذَا رَأَى مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا فَقَتَلَهُ قَتَلْتُمُوهُ، وَإِنْ تَكَلَّمَ جَلَدْتُمُوهُ، وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَنْ غَيْظٍ؟ وَاللَّهِ لَئن أَصْبَحْتُ صَالِحًا لَأَسْأَلَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ: فَسَأَلَهُ. فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أحدنا إذا رأى مع امرأته رجلا فقتله قَتَلْتُمُوهُ، وَإِنْ تَكَلَّمَ جَلَدْتُمُوهُ، وَإِنْ سَكَتَ سَكَتَ عَلَى غَيْظٍ؟ اللَّهُمَّ احْكُمْ. قَالَ: فَأُنْزِلَتْ آيَةُ اللِّعَانِ، فَكَانَ ذَلِكَ الرَّجُلُ أَوَّلَ مَنِ ابْتُلِيَ بِهِ.
الفائدة الرابعة: تشديد الوعيد على من يتهم عائشة رضي الله عنها، حتى في هذا الزمن!
وَقَوْلُهُ: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الإثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ }.
هَذِهِ الْعَشْرُ الْآيَاتِ كُلُّهَا نَزَلَتْ فِي شَأْنِ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، حِينَ رَمَاهَا أَهْلُ الْإِفْكِ وَالْبُهْتَانِ مِنَ الْمُنَافِقِينَ بِمَا قَالُوهُ مِنَ الْكَذِبِ الْبَحْتِ وَالْفِرْيَةِ الَّتِي غَارَ اللَّهُ تَعَالَى لَهَا وَلِنَبِيِّهِ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بَرَاءَتَهَا صِيَانَةً لِعِرْضِ الرَّسُولِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ.
فَقَوْلُهُ: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإفْكِ} أَيْ: بِالْكَذِبِ وَالْبَهْتِ وَالِافْتِرَاءِ، {عُصْبَةٌ} أَيْ: جَمَاعَةٌ مِنْكُمْ، {لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ} أَيْ: يَا آلَ أَبِي بَكْرٍ {بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} أَيْ: فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، لِسَانُ صِدْقٍ فِي الدُّنْيَا وَرِفْعَةُ مَنَازِلَ فِي الْآخِرَةِ، وَإِظْهَارُ شَرَفٍ لَهُمْ بِاعْتِنَاءِ اللَّهِ بِعَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، حَيْثُ أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى بَرَاءَتَهَا فِي الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الذِي {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ}. وَلِهَذَا لَمَّا دَخَلَ عَلَيْهَا ابْنُ عَبَّاسٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَهِيَ فِي سِيَاقِ الْمَوْتِ، قَالَ لَهَا: أَبْشِرِي فَإِنَّكِ زَوْجَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانَ يُحِبُّكِ، وَلَمْ يَتَزَوَّجْ بِكْرًا غَيْرَكِ، وَأُنْزِلَ بَرَاءَتُكِ مِنَ السَّمَاءِ.
وَقَوْلُهُ: {لَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ (12) لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ}.
هَذَا تَأْدِيبٌ مِنَ اللَّهِ لِلْمُؤْمِنِينَ فِي قَضِيَّةِ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، حِينَ أَفَاضَ بَعْضُهُمْ في ذَلِكَ الْكَلَامِ السَّيِّئِ، وَمَا ذُكِرَ مِنْ شَأْنِ الْإِفْكِ، فَقَالَ: {لَوْلا} بِمَعْنَى: هَلَّا {إِذْ سَمِعْتُمُوهُ} أَيْ: ذَلِكَ الْكَلَامَ، أَيْ: الَّذِي رُمِيَتْ بِهِ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ {ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا}. أَيْ: قَاسُوا ذَلِكَ الْكَلَامَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ، فَإِنْ كَانَ لَا يَلِيقُ بِهِمْ فَأُمُّ الْمُؤْمِنِينَ أَوْلَى بِالْبَرَاءَةِ مِنْهُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى.
قال تعالى: {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (14) إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ}.
يَقُولُ [اللَّهُ] (1) : {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ} أَيُّهَا الْخَائِضُونَ فِي شَأْنِ عَائِشَةَ، بِأَنْ قَبِلَ تَوْبَتَكُمْ وَإِنَابَتَكُمْ إِلَيْهِ فِي الدُّنْيَا، وَعَفَا عَنْكُمْ لِإِيمَانِكُمْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الدَّارِ الْآخِرَةِ، {لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ}، مِنْ قَضِيَّةِ الْإِفْكِ، {عَذَابٌ عَظِيمٌ} . وَهَذَا فَي مَنْ عِنْدَهُ إِيمَانٌ رَزَقَهُ اللَّهُ بِسَبَبِهِ التَّوْبَةَ إِلَيْهِ، كمِسْطَح، وَحَسَّانَ، وحَمْنةَ بِنْتِ جَحْشٍ، أُخْتِ زينبَ بِنْتِ جَحْشٍ. فَأَمَّا مَنْ خَاضَ فِيهِ مِنَ الْمُنَافِقِينَ كَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ وَأَضْرَابِهِ، فَلَيْسَ أُولَئِكَ مُرَادِينَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَهُمْ مِنَ الْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ مَا يُعَادِلُ هَذَا وَلَا مَا يُعَارِضُهُ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ} قَالَ مُجَاهِدٌ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: أَيْ: يَرْوِيهِ بَعْضُكُمْ عَنْ بَعْضٍ.
وَقَوْلُهُ: {وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ} أَيْ: تَقُولُونَ مَا لَا تَعْلَمُونَ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} أَيْ: تَقُولُونَ مَا تَقُولُونَ فِي شَأْنِ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، وَتَحْسَبُونَ ذَلِكَ يَسِيرًا سَهْلًا، وَلَوْ لَمْ تَكُنْ زَوْجَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَا كَانَ هَيِّنا، فَكَيْفَ وَهِيَ زَوْجَةُ خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ وَسَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ، فَعَظِيمٌ عِنْدَ اللَّهِ أَنْ يُقَالَ فِي زَوْجَةِ رَسُولِهِ مَا قِيلَ!
وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَوْلا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُمْ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَتَكَلَّمَ بِهَذَا} أَيْ: مَا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَفَوَّهَ بِهَذَا الْكَلَامِ وَلَا نَذْكُرَهُ لِأَحَدٍ. {سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ}. أَيْ: سُبْحَانَ اللَّهِ أَنْ يُقَالَ هَذَا الْكَلَامُ عَلَى زَوْجَةِ نَبِيِّهِ وَرَسُولِهِ وَحَلِيلَةِ خَلِيلِهِ.
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا}. أَيْ: يَنْهَاكُمُ اللَّهُ متوعِّدًا أَنْ يَقَعَ مِنْكُمْ مَا يُشْبِهُ هَذَا أَبَدًا، أَيْ: فِيمَا يُسْتَقْبَلُ. فَلِهَذَا قَالَ: {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} أَيْ: إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَشَرْعِهِ، وَتُعَظِّمُونَ رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَمَّا مَنْ كَانَ مُتَّصِفًا بِالْكُفْرِ فَذَاكَ لَهُ حُكْمٌ آخَرُ.
ثُمَّ قَالَ: {وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ} أَيْ: يُوَضِّحُ لَكُمُ الْأَحْكَامَ الشَّرْعِيَّةَ والحِكَمَ القَدَريّة، {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} أَيْ: عَلِيمٌ بِمَا يُصْلِحُ عِبَادَهُ، حَكِيمٌ فِي شَرْعه وقَدَره.
{إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}.
وَهَذَا تَأْدِيبٌ ثَالِثٌ لِمَنْ سَمِعَ شَيْئًا مِنَ الْكَلَامِ السَّيِّئِ، فَقَامَ بِذِهْنِهِ مِنْهُ شَيْءٌ، وَتَكَلَّمَ بِهِ، فَلَا يُكْثِرُ مِنْهُ وَيُشِيعُهُ وَيُذِيعُهُ، فَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا} أَيْ: يَخْتَارُونَ ظُهُورَ الْكَلَامِ عَنْهُمْ بِالْقَبِيحِ، {لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا} أَيْ: بِالْحَدِّ، وَفِي الْآخِرَةِ بِالْعَذَابِ، {وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} أَيْ: فَرُدُّوا الْأُمُورَ إِلَيْهِ تَرْشُدُوا.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ ثَوْبَان، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “لَا تُؤذوا عِبادَ اللَّهِ وَلَا تُعيِّروهم، ولا تطلبوا عَوَرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ طَلَبَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، طَلَبَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، حَتَّى يَفْضَحَهُ فِي بَيْتِهِ”.
يَقُولُ تَعَالَى: {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ وَأَنَّ اللَّهَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} أَيْ: لَوْلَا هَذَا لَكَانَ أَمْرٌ آخَرُ، وَلَكِنَّهُ تَعَالَى رُؤُوفٌ بِعِبَادِهِ، رَحِيمٌ بِهِمْ. فَتَابَ عَلَى مَنْ تَابَ إِلَيْهِ مِنْ هَذِهِ الْقَضِيَّةِ، وطَهَّر مَنْ طَهَّر مِنْهُمْ بِالْحَدِّ الَّذِي أُقِيمَ عَلَيْهِ.
ثُمَّ قَالَ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} يَعْنِي: طَرَائِقَهُ وَمَسَالِكَهُ وَمَا يَأْمُرُ بِهِ، {وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} : هَذَا تَنْفِيرٌ وَتَحْذِيرٌ مِنْ ذَلِكَ، بِأَفْصَحِ الْعِبَارَةِ وَأَوْجَزِهَا وَأَبْلَغِهَا وَأَحْسَنِهَا.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} : عَمَلَهُ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: نَزَغَاتِهِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: كُلُّ مَعْصِيَةٍ فَهِيَ مِنْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ.
الفائدة الخامسة: حكم رمي المحصنات غير أزواج النبي
وَقَوْلُهُ: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (23) يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ}.
هَذَا وَعِيدٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ – خُرِّجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ، فَأُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ أَوْلَى بِالدُّخُولِ فِي هَذَا مِنْ كُلِّ مُحَصَّنَةٍ، وَلَا سِيَّمَا الَّتِي كَانَتْ سَبَبَ النُّزُولِ، وَهِيَ عَائِشَةُ بِنْتُ الصَّدِّيقِ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا.
وَقَدْ أَجْمَعَ الْعُلَمَاءُ، رَحِمَهُمُ اللَّهُ، قَاطِبَةً عَلَى أَنَّ مَنْ سَبَّها بَعْدَ هَذَا وَرَمَاهَا بِمَا رَمَاهَا بِهِ بَعْدَ هذا الَّذِي ذُكِرَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، فَإِنَّهُ كَافِرٌ؛ لِأَنَّهُ مُعَانِدٌ لِلْقُرْآنِ.
وَفِي بَقِيَّةِ أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ قَوْلَانِ: أَصَحُّهُمَا أَنَّهُنَّ كَهِيَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}. ذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّهَا خَاصَّةٌ بِعَائِشَةَ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: الْمُرَادُ بِهَا أَزْوَاجُ النَّبِيِّ خَاصَّةً، دُونَ غَيْرِهِنَّ مِنَ النِّسَاءِ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ عَنْ شَيْخٍ مَنْ بَنِي أَسَدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – قَالَ: فَسَّرَ سُورَةَ النُّورِ، فَلَمَّا أَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا} الْآيَةَ – قَالَ: فِي شَأْنِ عَائِشَةَ، وَأَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهِيَ مُبْهَمَةٌ، وَلَيْسَتْ لَهُمْ تَوْبَةٌ، ثُمَّ قَرَأَ: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} إِلَى قَوْلِهِ: {إِلا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا} الْآيَةَ، قال: فجعل لِهَؤُلَاءِ تَوْبَةً وَلَمْ يَجْعَلْ لِمَنْ قَذَفَ أُولَئِكَ تَوْبَةً، قَالَ: فَهَمَّ بعضُ الْقَوْمِ أَنْ يَقُومَ إِلَيْهِ فَيُقَبِّلَ رَأْسَهُ، مِنْ حُسْنِ مَا فسَّر بِهِ سُورَةَ النُّورِ.
فَقَوْلُهُ: “وَهِيَ مُبْهَمَةٌ”، أَيْ: عَامَّةٌ فِي تَحْرِيمِ قَذْفِ كُلِّ مُحْصَنَةٍ، ولَعْنته فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عن عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ”. قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: “الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ”. أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ.
وَقَوْلُهُ {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضْحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجذُه، ثُمَّ قَالَ: “أَتُدْرُونَ مِمَّ أَضْحَكُ؟ ” قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: “مِنْ مُجَادَلَةِ الْعَبْدِ رَبَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ: يَا رَبِّ، أَلَمْ تُجِرْني مِنَ الظُّلْمِ؟ فَيَقُولُ: بَلَى. فَيَقُولُ: لَا أُجِيزُ عليَّ شَاهِدًا إِلَّا مِنْ نَفْسِي. فَيَقُولُ: كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ شَهِيدًا، وَبِالْكِرَامِ عَلَيْكَ شُهُودًا، فَيُخْتَمُ عَلَى فِيهِ، وَيُقَالُ لِأَرْكَانِهِ: انْطِقِي فَتَنْطِقُ بِعَمَلِهِ، ثُمَّ يُخَلِّي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَلَامِ، فَيَقُولُ: بُعدًا لَكُنّ وسُحْقًا، فعنكُنَّ كنتُ أُنَاضِلُ”.
وَقَوْلُهُ: {يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {دِينَهُمُ} أَيْ: حِسَابَهُمْ، وَكُلُّ مَا فِي الْقُرْآنِ {دِينَهُمُ} أَيْ: حِسَابَهُمْ. وَكَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ.
الفائدة السادسة: لو لم تكن عائشة طيبة لما اختارها الله تعالى لأكرم رسله
وَقَوْلُهُ: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ}.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْخَبِيثَاتُ مِنَ الْقَوْلِ لِلْخَبِيثِينِ مِنَ الرِّجَالِ، وَالْخَبِيثُونَ مِنَ الرِّجَالِ لِلْخَبِيثَاتِ مِنَ الْقَوْلِ. وَالطَّيِّبَاتُ مِنَ الْقَوْلِ، لِلطَّيِّبِينَ مِنَ الرِّجَالِ، وَالطَّيِّبُونَ مِنَ الرِّجَالِ لِلطَّيِّبَاتِ مِنَ الْقَوْلِ. قَالَ: وَنَزَلَتْ فِي عَائِشَةَ وَأَهْلِ الْإِفْكِ.
وَهَكَذَا رُوي عَنْ مُجَاهِدٍ، وَعَطَاءٍ، وَوَجْهَهُ بِأَنَّ الْكَلَامَ الْقَبِيحَ أَوْلَى بِأَهْلِ الْقُبْحِ مِنَ النَّاسِ، وَالْكَلَامَ الطَّيِّبَ أَوْلَى بِالطَّيِّبِينَ مِنَ النَّاسِ، فَمَا نَسَبَهُ أَهْلُ النِّفَاقِ إِلَى عائشة هم أَوْلَى بِهِ، وَهِيَ أَوْلَى بِالْبَرَاءَةِ وَالنَّزَاهَةِ مِنْهُمْ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ} .
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: الْخَبِيثَاتُ مِنَ النِّسَاءِ لِلْخَبِيثِينِ مِنَ الرِّجَالِ، وَالْخِبِيثُونَ مِنَ الرِّجَالِ لِلْخَبِيثَاتِ مِنَ النِّسَاءِ، وَالطَّيِّبَاتُ مِنَ النِّسَاءِ لِلطَّيِّبِينَ مِنَ الرِّجَالِ، وَالطَّيِّبُونَ مِنَ الرِّجَالِ لِلطَّيِّبَاتِ مِنَ النِّسَاءِ.
وَهَذَا -أَيْضًا – يَرْجِعُ إِلَى مَا قَالَهُ أُولَئِكَ بِاللَّازِمِ، أَيْ: مَا كَانَ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَائِشَةَ زَوْجَةً لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا وَهِيَ طَيِّبَةٌ؛ لِأَنَّهُ أَطْيَبُ مِنْ كُلِّ طَيِّبٍ مِنَ الْبَشَرِ، وَلَوْ كَانَتْ خَبِيثَةً لَمَا صَلَحَتْ لَهُ، لَا شَرْعًا وَلَا قَدَرًا؛ وَلِهَذَا قَالَ: {أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ} أَيْ: هُمْ بُعَداء عَمَّا يَقُولُهُ أَهْلُ الْإِفْكِ وَالْعُدْوَانِ.
{لَهُمْ مَغْفِرَةٌ} أَيْ: بِسَبَبِ مَا قِيلَ فِيهِمْ مِنَ الْكَذِبِ. {وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} أَيْ: عِنْدَ اللَّهِ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ. وَفِيهِ وَعْدٌ بِأَنْ تَكُونَ زَوْجَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْجَنَّةِ.
الفائدة السابعة: الإستئذان قبل دخول البيوت
وَقَوْلُهُ: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَدًا فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (28) لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ}.
هَذِهِ آدَابٌ شَرْعِيَّةٌ، أَدَّبَ اللَّهُ بِهَا عِبَادَهُ الْمُؤْمِنِينَ، وَذَلِكَ فِي الِاسْتِئْذَانِ أَمَرَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَلَّا يَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِهِمْ حَتَّى يَسْتَأْنِسُوا، أَيْ: يَسْتَأْذِنُوا قَبْلَ الدُّخُولِ وَيُسَلِّمُوا بَعْدَهُ. وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَأْذِنَ ثَلَاثًا، فَإِنْ أُذِنَ لَهُ، وَإِلَّا انْصَرَفَ.
ثُمَّ ليُعْلمْ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْمُسْتَأْذِنِ عَلَى أَهْلِ الْمَنْزِلِ أَلَّا يَقِفَ تِلْقَاءَ الْبَابِ بِوَجْهِهِ، وَلَكِنْ ليَكن البابُ، عَنْ يَمِينِهِ أَوْ يَسَارِهِ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: “لَوْ أَنَّ امْرَأً اطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إِذَنٍ فَخَذَفته بِحَصَاةٍ، فَفَقَأْتَ عَيْنَهُ، مَا كَانَ عَلَيْكَ مِنْ جُنَاحٍ”.
وَأَخْرَجَ الْجَمَاعَةُ مِنْ حَدِيثِ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ قَالَ: أتيتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي دَيْنٍ كَانَ عَلَى أَبِي، فَدَقَقْتُ الْبَابَ، فَقَالَ: “مَنْ ذَا”؟ قُلْتُ: أَنَا. قَالَ: “أَنَا، أَنَا” كَأَنَّهُ كَرِهَهُ.
وَإِنَّمَا كَرِهَ ذَلِكَ لِأَنَّ هَذِهِ اللَّفْظَةَ لَا يُعرَف صَاحِبُهَا حَتَّى يُفصح بِاسْمِهِ أَوْ كُنْيَتِهِ الَّتِي هُوَ مَشْهُورٌ بِهَا، وَإِلَّا فَكُلُّ أَحَدٍ يُعبِّر عَنْ نَفْسِهِ بِـ”أَنَا”، فَلَا يَحْصُلُ بِهَا الْمَقْصُودُ مِنَ الِاسْتِئْذَانِ، الَّذِي هُوَ الِاسْتِئْنَاسُ الْمَأْمُورُ بِهِ فِي الْآيَةِ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ عَنْ رِبْعِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا رَجُلٌ مَنْ بَنِي عَامِرٍ اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ فِي بَيْتِهِ، فَقَالَ: أَأَلِجُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِخَادِمِهِ: “اخْرُجْ إِلَى هَذَا فعلِّمه الِاسْتِئْذَانَ، فَقُلْ لَهُ: قُلِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، أَأَدْخُلُ؟”، فَسَمِعَهُ الرَّجُلُ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، أَأَدْخُلُ؟ فَأَذِنَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَدَخَلَ.
وَقَالَ هُشَيْم عن مُجَاهِدٌ جَاءَ ابْنُ عُمَرَ مِنْ حَاجَةٍ، وَقَدْ آذَاهُ الرَّمْضَاءُ، فأتى فُسْطَاط امْرَأَةٍ مِنْ قُرَيْشٍ، فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، أَأَدْخُلُ؟ قالت: ادخل بسلام. فأعاد، فأعادت، وَهُوَ يُرَاوح بَيْنَ قَدَمَيْهِ، قَالَ: قُولِي ادْخُلْ. قَالَتِ: ادْخُلْ، فَدَخَلَ.
قَالَ ابْنُ جُرَيْج: وَأَخْبَرَنِي ابْنُ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَا مِنِ امْرَأَةٍ أَكْرَهُ إِلَيَّ أَنْ أَرَى عُرْيَتَهَا مِنْ ذَاتِ مَحْرَمٍ. قَالَ: وَكَانَ يُشَدِّدُ فِي ذَلِكَ.
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: سَمِعْتُ هُزَيل بْنَ شُرَحْبِيل الأوْدِيّ الْأَعْمَى، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ مَسْعُودٍ يَقُولُ: عَلَيْكُمُ الْإِذْنُ عَلَى أُمَّهَاتِكُمْ.
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ: أَيَسْتَأْذِنُ الرَّجُلُ عَلَى امْرَأَتِهِ؟ قَالَ: لَا.
وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ، وَإِلَّا فَالْأَوْلَى أَنْ يُعْلِمَهَا بِدُخُولِهِ وَلَا يُفَاجِئَهَا بِهِ، لِاحْتِمَالِ أَنْ تَكُونَ عَلَى هَيْئَةٍ لَا تُحِبُّ أَنْ يَرَاهَا عَلَيْهَا.
وَقَالَ قَتَادَةُ: قَالَ بَعْضُ الْمُهَاجِرِينَ: لَقَدْ طلبتُ عُمْرِي كلَّه هَذِهِ الْآيَةَ فَمَا أَدْرَكْتُهَا: أَنْ أستأذنَ عَلَى بَعْضِ إِخْوَانِي، فَيَقُولُ لِي: “ارْجِعْ”، فَأَرْجِعُ وَأَنَا مُغْتَبِطٌ لِقَوْلِهِ، {وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} .
وَقَوْلُهُ: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ مَسْكُونَةٍ فِيهَا مَتَاعٌ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ}. كَالْبَيْتِ الْمُعَدِّ لِلضَّيْفِ، إِذَا أُذِنَ لَهُ فِيهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ، كَفَى.
وَقَالَ آخَرُونَ: هِيَ بُيُوتُ التُّجَّارِ، كَالْخَانَاتِ وَمَنَازِلِ الْأَسْفَارِ، وَبُيُوتِ مَكَّةَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ.
الفائدة الثامنة: لابد من غض البصر وحفظ الفرج
وَقَوْلُهُ: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ}.
هَذَا أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِعِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ عَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ، فَلَا يَنْظُرُوا إِلَّا إِلَى مَا أَبَاحَ لَهُمُ النَّظَرَ إِلَيْهِ، وَأَنْ يَغُضُّوا أَبْصَارَهُمْ عَنِ الْمَحَارِمِ، فَإِنِ اتَّفَقَ أَنْ وَقَعَ الْبَصَرُ عَلَى مُحرَّم مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ، فَلْيَصْرِفْ بَصَرَهُ عَنْهُ سَرِيعًا.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدة، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَلِيٍّ: “يَا عَلِيُّ، لَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النظرةَ، فَإِنَّ لَكَ الْأُولَى وَلَيْسَ لَكَ الْآخِرَةُ”.
وَفِي الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ”. قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا بُدَّ لَنَا مِنْ مَجَالِسِنَا، نَتَحَدَّثُ فِيهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “إِنْ أَبَيْتُمْ، فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حقَّه”. قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: “غَضُّ الْبَصَرِ، وكَفُّ الْأَذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ، وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ”.
وَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ عن أَبِي أُمَامَةَ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: “اكْفُلُوا لِي بِستّ أَكْفُلْ لَكُمْ بِالْجَنَّةِ: إِذَا حدَّث أَحَدُكُمْ فَلَا يَكْذِبْ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ فَلَا يَخُن، وَإِذَا وَعَد فَلَا يُخْلِفْ. وغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ، وكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ، وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ”.
وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: “مَنْ يَكْفُلْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيه وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ، أَكْفُلْ لَهُ الْجَنَّةَ”.
وَلَمَّا كَانَ النَّظَرُ دَاعِيَةً إِلَى فَسَادِ الْقَلْبِ، كَمَا قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ: “النَّظَرُ سِهَامُ سُمٍّ إِلَى الْقَلْبِ”؛ وَلِذَلِكَ أَمَرَ اللَّهُ بِحِفْظِ الْفُرُوجِ كَمَا أَمَرَ بِحِفْظِ الْأَبْصَارِ الَّتِي هِيَ بَوَاعِثُ إِلَى ذَلِكَ. وحفظُ الفَرج تَارَةً يَكُونُ بِمَنْعِهِ مِنَ الزِّنَى، كَمَا قَالَ {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ}. وَتَارَةً يَكُونُ بِحِفْظِهِ مِنَ النَّظَرِ إِلَيْهِ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ في مُسْنَدِ أحمد: “احْفَظْ عَوْرَتَكَ، إِلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ”.
وَقَوْلُهُ: {ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ} أَيْ: أَطْهَرُ لِقُلُوبِهِمْ وَأَنْقَى لِدِينِهِمْ، كَمَا قِيلَ: “مَنْ حَفِظَ بَصَرَهُ، أَوْرَثَهُ اللَّهُ نُورًا فِي بَصِيرَتِهِ”. وَيُرْوَى: “فِي قَلْبِهِ”.
وَقَدْ قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: “مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَنْظُرُ إِلَى مَحَاسِنِ امْرَأَةٍ أَوَّلَ مَرّة ثُمَّ يَغُضّ بَصَرَهُ، إِلَّا أَخْلَفَ اللَّهُ لَهُ عِبَادَةً يَجِدُ حَلَاوَتَهَا”.
وَفِي الطَّبَرَانِيِّ عَنْ أبي أُمَامَةَ مَرْفُوعًا: “لَتغضُنَّ أَبْصَارَكُمْ، وَلَتَحْفَظُنَّ فُرُوجَكُمْ، ولتقيمُنّ وُجُوهَكُمْ – أَوْ: لَتُكْسَفَنَّ وُجُوهُكُمْ”.
وَفِي الصَّحِيحِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “كُتِبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظّه مِنَ الزِّنَى، أدرَكَ ذَلِكَ لَا مَحَالَةَ. فَزنى الْعَيْنَيْنِ: النَّظَرُ. وَزِنَى اللِّسَانِ: النطقُ. وَزِنَى الْأُذُنَيْنِ: الِاسْتِمَاعُ. وَزِنَى الْيَدَيْنِ: الْبَطْشُ. وَزِنَى الرِّجْلَيْنِ: الْخَطْيُ. وَالنَّفْسُ تمَنّى وَتَشْتَهِي، وَالْفَرْجُ يُصَدِّق ذَلِكَ أَوْ يُكذبه”.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “كُلُّ عَيْنٍ بَاكِيَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلَّا عَيْنًا غَضّت عَنْ مَحَارِمِ اللَّهِ، وَعَيْنًا سهِرت فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَعَيْنًا يَخْرُجُ مِنْهَا مِثْلُ رَأْسِ الذُّبَابِ، مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، عَزَّ وَجَلَّ”.
وَقَوْلُهُ: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
هَذَا أمْرٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِلنِّسَاءِ الْمُؤْمِنَاتِ، وغَيْرَة مِنْهُ لِأَزْوَاجِهِنَّ، عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، وَتَمْيِيزٌ لَهُنَّ عَنْ صِفَةِ نِسَاءِ الْجَاهِلِيَّةِ وَفِعَالِ الْمُشْرِكَاتِ. وكان سَبَبَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ مَا ذَكَرَهُ مُقَاتِلُ بْنُ حيَّان قَالَ: بَلَغَنَا – وَاللَّهُ أَعْلَمُ -أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيَّ حَدَّث أَنَّ “أَسْمَاءَ بِنْتَ مُرْشدَة” كَانَتْ فِي مَحِلٍّ لَهَا فِي بَنِي حَارِثَةَ، فَجَعَلَ النِّسَاءُ يَدْخُلْنَ عَلَيْهَا غَيْرَ مُتَأزّرات فَيَبْدُو مَا فِي أَرْجُلِهِنَّ مِنَ الْخَلَاخِلِ، وَتَبْدُو صُدُورُهُنَّ وَذَوَائِبُهُنَّ، فَقَالَتْ أَسْمَاءُ: مَا أَقْبَحَ هَذَا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} الْآيَةَ.
فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} أَيْ: عَمَّا حَرَّم اللَّهُ عَلَيْهِنَّ مِنَ النَّظَرِ إِلَى غَيْرِ أَزْوَاجِهِنَّ. وَلِهَذَا ذَهَبَ [كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ أَنْ تَنْظُرَ إِلَى الْأَجَانِبِ بِشَهْوَةٍ وَلَا بِغَيْرِ شَهْوَةٍ أَصْلًا. وَاحْتَجَّ كَثِيرٌ مِنْهُمْ بِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ، مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ نَبْهَانَ – مَوْلَى أُمِّ سَلَمَةَ – أَنَّهُ حَدَّثَهُ: أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ حَدَّثته: أَنَّهَا كَانَتْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَيْمُونَةُ، قَالَتْ: فَبَيْنَمَا نَحْنُ عِنْدَهُ أَقْبَلَ ابنُ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ بَعْدَمَا أُمِرْنا بِالْحِجَابِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “احْتَجِبَا مِنْهُ” فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَيْسَ هُوَ أَعْمَى لَا يُبْصِرُنَا ولا يعرفنا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “أَوَ عَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا؟ أَلَسْتُمَا تُبْصِرَانِهِ”.
وَذَهَبَ آخَرُونَ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى جَوَازِ نَظَرِهِنَّ إِلَى الْأَجَانِبِ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى الْحَبَشَةِ وَهُمْ يَلْعَبُونَ بِحِرَابِهِمْ يَوْمَ الْعِيدِ فِي الْمَسْجِدِ، وَعَائِشَةُ أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ تَنْظُرُ إِلَيْهِمْ مِنْ وَرَائِهِ، وَهُوَ يَسْتُرُهَا مِنْهُمْ حَتَّى مَلَّت وَرَجَعَتْ.
وَقَوْلُهُ: {وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْر:، عَنِ الْفَوَاحِشِ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَسُفْيَانُ: عَمَّا لَا يَحِلُّ لَهُنَّ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ:، عَنِ الزِّنَى. وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: كُلُّ آيَةٍ نَزَلَتْ فِي الْقُرْآنِ يُذْكَرُ فِيهَا حِفْظُ الْفُرُوجِ، فَهُوَ مِنَ الزِّنَى، إِلَّا هَذِهِ الْآيَةَ: {وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} أَلَّا يَرَاهَا أَحَدٌ.
وَقَالَ: {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} أَيْ: لَا يُظهرْنَ شَيْئًا مِنَ الزِّينَةِ لِلْأَجَانِبِ، إِلَّا مَا لَا يُمْكِنُ إِخْفَاؤُهُ.
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: كَالرِّدَاءِ وَالثِّيَابِ. يَعْنِي: عَلَى مَا كَانَ يَتَعَانَاهُ نِسَاءُ الْعَرَبِ، مِنَ المِقْنعة الَّتِي تُجَلِّل ثِيَابَهَا، وَمَا يَبْدُو مِنْ أَسَافِلِ الثِّيَابِ فَلَا حَرَجَ عَلَيْهَا فِيهِ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُمْكِنُ إِخْفَاؤُهُ.
وَقَالَ الْبُخَارِيُّ عَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: يَرْحَمُ اللَّهُ نِسَاءَ الْمُهَاجِرَاتِ الْأُوَلِ، لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} شقَقْنَ مُرُوطهن فَاخْتَمَرْنَ بِهِ.
وَقَوْلُهُ: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} يَعْنِي: تُظهر زِينَتَهَا أَيْضًا لِلنِّسَاءِ الْمُسَلِمَاتِ دُونَ نِسَاءِ أَهْلِ الذِّمَّةِ؛ لِئَلَّا تَصِفَهُنَّ لِرِجَالِهِنَّ، وَذَلِكَ – وَإِنْ كَانَ مَحْذُورًا فِي جَمِيعِ النِّسَاءِ – إِلَّا أَنَّهُ فِي نِسَاءِ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَشَدُّ، فَإِنَّهُنَّ لَا يَمْنَعُهُنَّ مِنْ ذَلِكَ مَانِعٌ، وَأَمَّا الْمُسْلِمَةُ فَإِنَّهَا تَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ فَتَنْزَجِرُ عَنْهُ. وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “لَا تُبَاشِرُ المرأةَ المرأةَ، تَنْعَتُهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا”. أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ.
وَقَوْلُهُ: {أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ} يَعْنِي: كَالْأُجَرَاءِ وَالْأَتْبَاعِ الَّذِينَ لَيْسُوا بِأَكْفَاءَ، وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ فِي عُقُولِهِمْ وَلَا همَّ لَهُمْ إِلَى النِّسَاءِ وَلَا يَشْتَهُونَهُنَّ.
وَقِيلَ الْمُغَفَّلُ الَّذِي لَا شَهْوَةَ لَهُ، والأبْلَه، والمُخَنَّثُ.
وَفِي الصَّحِيحِ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ؛ أَنَّ مُخَنَّثًا كَانَ يدخل على أهل رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانُوا يعدونه من غير أولي الإربة، فدخل النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ ينَعت امْرَأَةً: يَقُولُ إِنَّهَا إِذَا أَقْبَلَتْ أَقْبَلَتْ بِأَرْبَعٍ، وَإِذَا أَدْبَرَتْ أَدْبَرَتْ بِثَمَانٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “أَلَا أَرَى هَذَا يَعْلَمُ مَا هَاهُنَا، لَا يدخلَنّ عليكُنَ” فَأَخْرَجَهُ، فَكَانَ بِالْبَيْدَاءِ يَدْخُلُ يَوْمَ كُلِّ جُمُعَةٍ يَسْتَطْعِمُ.
وَقَوْلُهُ: {وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ}. كَانَتِ الْمَرْأَةُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا كَانَتْ تَمْشِي فِي الطَّرِيقِ وَفِي رَجْلِهَا خَلْخَالٌ صَامِتٌ – لَا يُسْمَعُ صَوْتُهُ – ضَرَبَتْ بِرِجْلِهَا الْأَرْضَ، فَيَعْلَمُ الرِّجَالُ طَنِينَهُ، فَنَهَى اللَّهُ الْمُؤْمِنَاتِ عَنْ مَثَلِ ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ شَيْءٌ مِنْ زِينَتِهَا مَسْتُورًا، فَتَحَرَّكَتْ بِحَرَكَةٍ لِتُظْهِرَ مَا هُوَ خَفِيٌّ، دَخَلَ فِي هَذَا النَّهْيِ؛ وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّهَا تُنْهَى عَنِ التَّعَطُّرِ وَالتَّطَيُّبِ عِنْدَ خُرُوجِهَا مِنْ بَيْتِهَا ليَشْتَمَّ الرِّجَالُ طِيبَهَا.
وَقَوْلُهُ: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}. أَيْ: افْعَلُوا مَا آمُرُكُمْ بِهِ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ الْجَمِيلَةِ وَالْأَخْلَاقِ الْجَلِيلَةِ، وَاتْرُكُوا مَا كَانَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ الْأَخْلَاقِ وَالصِّفَاتِ الرَّذِيلَةِ، فَإِنَّ الفَلاح كُلَّ الفَلاح فِي فِعْلِ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ وَرَسُولُهُ، وَتَرْكِ مَا نَهَيَا عَنْهُ.
الفائدة التاسعة: الحث على الزواج
وَقَوْلُهُ: {وَأَنْكِحُوا الأيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32) وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ (33) وَلَقَدْ أَنزلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ}.
اشْتَمَلَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ الْكَرِيمَاتُ الْمُبِينَةُ عَلَى جُمَلٍ مِنَ الْأَحْكَامِ الْمُحْكَمَةِ، وَالْأَوَامِرِ الْمُبْرَمَةِ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَأَنْكِحُوا الأيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ}: هَذَا أَمْرٌ بِالتَّزْوِيجِ. وَقَدْ ذَهَبَ طَائِفَةٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى وُجُوبِهِ، عَلَى كُلِّ مَنْ قَدَر عَلَيْهِ. وَاحْتَجُّوا بِظَاهِرِ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ”.
وَجَاءَ فِي السُّنَنِ -مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ -أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى الله عليه وسلم قال: “تَزَوَّجوا، تَوَالَدُوا، تَنَاسَلُوا، فَإِنِّي مُبَاهٍ بِكُمُ الْأُمَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ”، وَفِي رِوَايَةٍ: “حَتَّى بِالسِّقْطِ”.
الْأَيَامَى: جَمْعُ أيِّم، وَيُقَالُ ذَلِكَ لِلْمَرْأَةِ الَّتِي لَا زَوْجَ لَهَا، وَلِلرَّجُلِ الَّذِي لَا زَوْجَةَ لَهُ. وَسَوَاءٌ كَانَ قَدْ تَزَوَّجَ ثُمَّ فَارَقَ، أَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، يُقَالُ: رَجُلٌ أَيِّمٌ وَامْرَأَةٌ أَيِّمٌ أَيْضًا.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}، قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: رَغَّبَهُمُ اللَّهُ فِي التَّزْوِيجِ، وَأَمَرَ بِهِ الْأَحْرَارَ وَالْعَبِيدَ، وَوَعَدَهُمْ عَلَيْهِ الْغِنَى، فَقَالَ: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ سَعِيدٍ ابْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أَطِيعُوا اللَّهَ فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ مِنَ النِّكَاحِ، يُنْجِزْ لَكُمْ مَا وَعَدَكُمْ مِنَ الْغِنَى.
وَعَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ: الْتَمِسُوا الْغِنَى فِي النِّكَاحِ.
وَعَنِ اللَّيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنهم: النَّاكِحُ يُرِيدُ الْعَفَافَ، والمكاتَب يُرِيدُ الْأَدَاءَ، وَالْغَازِي فِي سَبِيلِ اللَّهِ”. رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ.
وَقَدْ زوَّج رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ الرَّجُلَ الَّذِي لَمْ يَجِدْ إِلَّا إِزَارَهُ، وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى خَاتَمٍ مِنْ حَدِيدٍ، وَمَعَ هَذَا زَوَّجَهُ بِتِلْكَ الْمَرْأَةِ، وَجَعَلَ صَدَاقَهَا عَلَيْهِ أَنْ يُعَلِّمَهَا مَا يَحْفَظُهُ مِنَ الْقُرْآنِ.
وَالْمَعْهُودُ مِنْ كَرَمِ اللَّهِ تَعَالَى وَلُطْفِهِ أَنْ يَرْزُقَهُ وَإِيَّاهَا مَا فِيهِ كِفَايَةٌ لَهُ وَلَهَا. فَأَمَّا مَا يُورِدُهُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ عَلَى أَنَّهُ حَدِيثُ: “تَزَوَّجُوا فُقَرَاءَ يُغْنِكُمُ اللَّهُ”، فَلَا أَصْلَ لَهُ، وَفِي الْقُرْآنِ غَنِيَّةٌ عَنْهُ، وَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي أَوْرَدْنَاهُ. وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} . هَذَا أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِمَنْ لَا يَجِدُ تَزْوِيجًا بِالتَّعَفُّفِ عَنِ الْحَرَامِ، كَمَا قَالَ – عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: “يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أغَضُّ لِلْبَصَرِ، وأحْصَنُ لِلْفَرْجِ. وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاء”.
وَهَذِهِ الْآيَةُ مُطْلَقَةٌ، وَالَّتِي فِي سُورَةِ النِّسَاءِ أَخَصُّ مِنْهَا، وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} ، إِلَى أَنْ قَالَ: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ}. أَيْ صَبْرُكُمْ عَنْ تَزْوِيجِ الْإِمَاءِ خَيْرٌ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَجِيءُ رَقِيقًا، {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} .
قَالَ عِكْرِمَةُ فِي قَوْلِهِ: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا} قَالَ: هُوَ الرَّجُلُ يَرَى الْمَرْأَةَ فَكَأَنَّهُ يَشْتَهِي، فَإِنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَةٌ فَلْيَذْهَبْ إِلَيْهَا وَلْيَقْضِ حَاجَتَهُ مِنْهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ امرأة فلينظر في ملكوت السموات وَالْأَرْضِ حَتَّى يُغْنِيَهُ اللَّهُ.
وَقَوْلُهُ: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا}. هَذَا أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِلسَّادَةِ إِذَا طَلَبَ مِنْهُمْ عَبِيدُهُمُ الْكِتَابَةَ أَنْ يُكَاتِبُوا، بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ لِلْعَبْدِ حِيلَةٌ وَكَسْبٌ يُؤَدِّي إِلَى سيِّده الْمَالَ الَّذِي شَارَطَهُ عَلَى أَدَائِهِ. وَقَدْ ذَهَبَ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ إِلَى أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ أمرُ إِرْشَادٍ وَاسْتِحْبَابٍ، لَا أَمْرَ تَحَتُّمٍ وَإِيجَابٍ، بَلِ السَّيِّدُ مُخَيَّرٌ، إِذَا طَلَبَ مِنْهُ عَبْدُهُ الْكِتَابَةَ إِنْ شَاءَ كَاتَبَهُ، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُكَاتِبْهُ.
وَقَوْلُهُ: {إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا}، قَالَ بَعْضُهُمْ: أَمَانَةً. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: صِدْقًا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَالًا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: حِيلَةً وَكَسْبًا.
وَقَوْلُهُ: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ}. اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ فِيهِ، فَقَالَ قَائِلُونَ: مَعْنَاهُ اطْرَحُوا لَهُمْ مِنَ الْكِتَابَةِ بَعْضَهَا، ثُمَّ قَالَ بَعْضُهُمْ: مِقْدَارَ الرُّبْعِ. وَقِيلَ: الثُّلُثُ. وَقِيلَ: النِّصْفُ. وَقِيلَ: جُزْءٌ مِنَ الْكِتَابَةِ مِنْ غَيْرِ وَاحِدٍ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلِ الْمُرَادُ هُوَ النَّصِيبُ الَّذِي فَرَضَ اللَّهُ لَهُمْ مِنْ أَمْوَالِ الزِّكَوَاتِ.
وَقَوْلُهُ: {وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} الْآيَةَ: كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ إِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمْ أَمَةٌ، أَرْسَلَهَا تَزْنِي، وَجَعَلَ عَلَيْهَا ضَرِيبَةً يَأْخُذُهَا مِنْهَا كُلَّ وَقْتٍ. فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ، نَهَى اللَّهُ الْمُسْلِمِينَ عَنْ ذَلِكَ.
وَكَانَ سَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ فِي شَأْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ بْنِ سَلُولٍ الْمُنَافِقِ، فَإِنَّهُ كَانَ لَهُ إِمَاءٌ، فَكَانَ يُكْرِهْهُنَّ عَلَى البِغاء طَلَبًا لخَراجهن، وَرَغْبَةً فِي أَوْلَادِهِنَّ، وَرِئَاسَةً مِنْهُ فِيمَا يَزْعُمُ قبحه الله ولعنه.
قَالَ البزَّار، رَحِمَهُ اللَّهُ، فِي مَسْنَدِهِ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كَانَتْ جَارِيَةٌ لِعَبْدِ الله بن أبي ابن سَلُولٍ، يُقَالُ لَهَا: مُعَاذَةُ، يُكْرِهُهَا عَلَى الزِّنَى، فَلَمَّا جَاءَ الْإِسْلَامُ نَزَلَتْ: {وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ} إِلَى قَوْلِهِ: {فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
وَقَوْلُهُ: {إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} هَذَا خَرَجَ مَخْرَجَ الْغَالِبِ، فَلَا مَفْهُومَ لَهُ. وَقَوْلُهُ: {لِتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا. أَيْ: مِنْ خَرَاجهن وَمُهُورِهِنَّ وَأَوْلَادِهِنَّ. وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَنْ كَسْبِ الحجَّام، وَمَهْرِ البَغيّ وحُلْوان الْكَاهِنِ – وَفِي رِوَايَةٍ: “مَهْرُ الْبَغِيِّ خَبِيثٌ، وَكَسْبُ الحجَّام خَبِيثٌ، وَثَمَنُ الْكَلْبِ خَبِيثٌ”.
وَقَوْلُهُ: {وَمَنْ يُكْرِهْهُنَّ فَإِنَّ اللَّهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ}. أَيْ: لَهُنَّ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ عَنْ جَابِرٍ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: فَإِنْ فَعَلْتُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لهن غفور رحيم، وإثمهن على من أكرههن.
وَلَمَّا فَصَّلَ تَعَالَى هَذِهِ الْأَحْكَامَ وبَيَّنها قَالَ: {وَلَقَدْ أَنزلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ}. يَعْنِي: الْقُرْآنَ فِيهِ آيَاتٌ وَاضِحَاتٌ مُفَسِّرَاتٌ، {وَمَثَلا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ} أَيْ: خَبَرًا عَنِ الْأُمَمِ الْمَاضِيَةِ، وَمَا حلَّ بِهِمْ فِي مُخَالَفَتِهِمْ أوامرَ اللَّهِ تَعَالَى. {وَمَوْعِظَةً} أَيْ: زَاجِرًا عَنِ ارْتِكَابِ الْمَآثِمِ وَالْمَحَارِمِ. {لِلْمُتَّقِينَ} أَيْ: لِمَنِ اتَّقَى اللَّهَ وَخَافَهُ.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فِي صِفَةِ الْقُرْآنِ: فِيهِ حَكْمُ مَا بَيْنَكُمْ، وَخَبَرُ مَا قَبْلَكُمْ، وَنَبَأُ مَا بَعْدَكُمْ، وَهُوَ الفَصْل لَيْسَ بالهَزْل، مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جَبَّار قَصَمَه اللَّهُ، وَمَنِ ابْتَغَى الْهُدَى مِنْ غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللَّهُ.
فقال تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عباس: {اللَّهُ نُورُ السَّموَاتِ وَالأرْضِ} يقول: هادي أهل السموات وَالْأَرْضِ.
وقال السدي: فبنوره أضاءت السموات وَالْأَرْضُ.
قَوْلُهُ: {كَمِشْكَاةٍ}: قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ مَوْضِعُ الْفَتِيلَةِ مِنَ الْقِنْدِيلِ. وَلِهَذَا قَالَ بَعْدَهُ: {فِيهَا مِصْبَاحٌ}، وَهُوَ الذُّبالة الَّتِي تُضِيءُ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَجِيح، عَنْ مُجَاهِدٍ: المشكاة الْكُوَّةُ بلُغة الْحَبَشَةِ. وَزَادَ غَيْرُهُ فَقَالَ: الْمِشْكَاةُ: الْكُوَّةُ الَّتِي لَا مَنْفَذَ لَهَا. وَعَنْ مُجَاهِدٍ: الْمِشْكَاةُ: الْحَدَائِدُ الَّتِي يُعَلَّقُ بِهَا الْقِنْدِيلُ.
وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَوْلَى، وَهُوَ: أَنَّ الْمِشْكَاةَ هِيَ مَوْضِعُ الفَتيلة مِنَ الْقِنْدِيلِ؛ وَلِهَذَا قَالَ: {فِيهَا مِصْبَاحٌ} وَهُوَ النور الذي في الذُّبالة.
قَوْلُهُ: {الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ} أَيْ: هَذَا الضَّوْءُ مُشْرِقٌ فِي زُجَاجَةٍ صَافِيَةٍ.
قَوْلُهُ: {يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ} أَيْ: يَسْتَمِدُّ مِنْ زَيْتِ زَيْتُونِ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ. {زَيْتُونَةٍ} بَدَلٌ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ. {لَا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ} أَيْ: لَيْسَتْ فِي شَرْقِيِّ بُقْعَتِهَا فَلَا تَصِلُ إِلَيْهَا الشَّمْسُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ، وَلَا فِي غَرْبِيِّهَا فَيَتَقَلَّصُ عَنْهَا الْفَيْءُ قَبْلَ الْغُرُوبِ، بَلْ هِيَ فِي مَكَانٍ وَسَطٍ، تَفْرَعُهُ الشَّمْسُ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ إِلَى آخِرِهِ، فَيَجِيءُ زَيْتُهَا مُعْتَدِلًا صَافِيًا مُشْرِقًا.
وَقَوْلُهُ: {نُورٌ عَلَى نُورٍ}. قَالَ الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يَعْنِي بِذَلِكَ إِيمَانَ الْعَبْدِ وَعَمَلَهُ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ، وَالسُّدِّيُّ: يَعْنِي نُورَ النَّارِ وَنُورَ الزَّيْتِ.
وَقَوْلُهُ: {يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ} أَيْ: يُرْشِدُ اللَّهُ إِلَى هِدَايَتِهِ مَنْ يَخْتَارُهُ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} لَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى هَذَا مَثَلًا لِنُورِ هُدَاهُ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ، خَتَمَ الْآيَةَ بِقَوْلِهِ: {وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} أَيْ: هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ يَسْتَحِقُّ الْهِدَايَةَ مِمَّنْ يَسْتَحِقُّ الْإِضْلَالَ.
اللهم اجعلني وكل المسلمين، ممن يستحق الهداية.
من تفسير ابن كثير.
أجلسوا الصوفية والوهابية على طاولة نقاش واحدة
يجدف بعيدا عن الحق، تتقاذفه أمواج الضلال وغربان الشؤم تحلق فوق رأسه منذرة بالضياع.. تائه في فيوض البحار والأنهار والأولياء، يجدف بعيدا وحيدا، لا ساحل له ولا أنيس.. لا نور له ولا دليل..
صراع الصوفية والوهابية لا معنى له غير استحواذ الشيطان على أهل الباطل وتلاعبه بهم!
لابد من وجود خلل يجعل المبتدع يغتر بمنهج الشيطان.. لابد أن يكون في نشأته أو تربيته أو تعليمه، خلل ما، وأبرز ذلك هو الترعرع بين أحضان أبوين صوفيين مسكينين مخدوعين بدين الشيوخ.
قد تكون النشأة في بيئة فاسدة ما يجعل الواحد منهم يتمسك بذلك الفساد – الذي يشك هو نفسه في صلاحه – تمسك الغريق بقشة لمجرد أنه وجد أبويه عليه، لكن يجب أن يتذكر – إن كان حر التفكير – أن الصحابة نشئوا في بيئة أشد فسادا، وآباء أكثر قسوة وصرامة من أبويه المسكينين!
بيئة تُعبد فيها الأصنام ويقتل فيها الإنسان لدينه، لكنهم خرجوا على ذلك إلى الحق بدون تردد عندما تبين لهم، لم يكابروا ولم يعاندوا، ولم يصروا على الباطل، ولم يعجزوا عن البحث والتبين، فكانوا بذلك أفضل الناس..
لم يتبعوا الهوى دفاعا عن أصنام آبائهم مثلما يفعل هؤلاء، بل منهم من قتل أباه في بدر تمسكا بالحق الذي اهتدى إليه!
فلماذا يصر المتصوفة على اتباع الهوى والباطل ظاهر منكشف؟ خاصة في هذا الزمن الذي أصبحت فيه المعلومة متداولة وفي يد الجميع!
اكتب “لقطة عابرة” في بحث تطبيق TELEGRAM، وستجد أكثر من مناظرة مصورة بين الصوفية والوهابية، شاهدها واحكم بنفسك أي الفريقين أهدى سبيلا..
إن تركك الشيطان تفعل، فلن يكون النظر في شيء فيه كلمة “السلفية” أو “الوهابية” سهل عليه ولا عليك إن كنت صوفيا، لكن عليك مقاومته، والتبين بنفسك حتى لا يغرك الفساق بأنبائهم..
كذلك قد يجعل التعليم هؤلاء يتمسكون بالباطل، فمن ترعرع في التعليم الصوفي الخالي من مبادئ العقيدة التي هي أساس الإسلام، لن يفهم الدين فهما جيدا، فالشيخ ليس محور الدين بل العقيدة، ولا علاقة له بها من قريب أو بعيد.
لن يقدر على مقاومة أضعف الشياطين، سيظل جاهلا غافلا إلى أن يهديه ربه أو يموت على ذلك الضلال، وربه أعلم بحاله حينها.
فلا بد من التواضع، والنظر إلى الآخر ولو كان السلفية الوهابية بعين الشفقة، والإنفتاح عليه لمعرفة ما هو عليه من أجل الإستفادة منه أو النصح له، أي إما نفعه أو الإنتفاع منه لأن الدين النصيحة، فماذا كل هذه التهاويل الشيطانية والحروب؟ لا تكبر الأمور عن قدرها فما هو إلا الرأي والحديث، ولا علاقة له بالسب والشتم والأذية إن كان الواحد ينشد الخير.
بتلك البغضاء والشحناء يصد الشيطان حزبه عن الحق وأهله، ترى الشيخ المسن منه لا يحتمل سماع كلمة “وهابية”، فلماذا؟ ما الذي فعلته له؟ ألا تدعوه إلى الحوار لمصلحته أكثر مما هي مصلحتها لأنها على الحق؟
أقول لك هذا لأني خبرت الفرقتين، وعرفت بالدليل الواضح أيهما أهدى طريقا، والهدف في الأول والأخير هو النصح للمسلمين لأننا مؤمنين والحمد لله.
الشيطان يصد أتباعه بتلك العداوة أو الحيلة، عن الحق وأهله، فيبث فيهم الأحقاد والعداوة السخيفة التي لا معنى لها، لأن الخلاف في الأصل فكري لا بين الدبابات والطائرات، والدليل يجابه بالدليل، والكلمة ترد بالكلمة لا بالطرد من المسجد أو الأذية!
والباحث عن الحق يتواضع للغير وإن كان يهوديا أو نصرانيا أحرى أن يكون مسلما.
|فيسمع منه بغرض إحدى الحسنيين، إما أن يهتدي على يده، وإما أن يهديه، أما الثالثة وهي التعصب للآباء والشيوخ أو للرأي، فمن الشيطان، وبها يحول الحوار الفكري إلى عراك!
فلا تعادي الوهابي ولا النصراني ولا اليهودي ولا البوذي، لا تعادي إلا من اعتدى عليك، لكن من يتكلم فقط، ويدعوك للمناظرة، ويريد لك الخير بالسلامة من البدع، هذا أحرى بك أن تكرمه بدل الإهانة!
اسمع من الوهابية، لن تخسر شيئا بذلك، وقارن ما عندهم بأدلتك، وخذ منهم إن احتجت لذلك فهو ليس من جيوبهم بل من فضل الله تعالى، فتواضع، ولا تقل وجدت أبي وقبيلتي على كذا وكذا، فقد قالها قبلك كفار قريش، فماذا ربحوا غير الخسران!
لن يُسألوا عن شيوخهم ولا عن أصنامهم، ولن يدفع أحد عنهم العذاب (لا تزر وازرة وزر أخرى)، بل سيقف الجميع منفردون بين يدي ربهم، ولن ينفعهم إلا العمل الصالح الذي أوله سلامة العقيدة لأن الشرك لا يغفر، وهو أخطر ما في البدع على المسلم..
عندما يبغض الواحد الوهابية أو غيرها، ممن يجب عليه الشفقة عليه لهدايته للحق، فاعلم أن الشيطان يحتنكه ويصده عن الخير، فتراه يسب ويشتم ويحارب بكل شيء إلا الدليل!
ولو فكر وتريث لعرف أنه أضاع وقتا في ذلك الضياع والتجاهل كان بإمكانه استغلاله في البحث العلمي لمقارنة ما عند الوهابية بما لدى شيوخه، وقد ينفعه ذلك أعظم النفع مثلما ينفع الإسلام الداخلين الجدد فيه من غير المسلمين، ففرحتهم به تعادلها فرحة المبتدع بالعودة إلى الصراط المستقيم، وكم من واحد هداه الله إليه، نسأل الله لنا ولكم الهدية وحسن الخاتمة، قال الشاعر:
تعلم الشر لا للشر ولكن لتوقيه … ومن لا يعرف الشر من الخير يقع فيه
don’t say لا تقل، لا أهتم بالوهابية ولا بالمسيحية ولا باليهودية، لأنك مسلم والمسلم داعية إلى الله، وعمله الأول في هذه الدنيا هو الدعوة إلى الله مثل الأنبياء والرسل وأتباعهم، تلك كانت رسالتهم الأولى، ثم بعدها تأتي أمور الدنيا الأخرى.
أنت سائر على خطا الأنبياء يا موفق، فلا تقل أنا محايد، الأمر لا يعنيني، بل قل أنا صوفي متواضع زاهد سليم الصدر محب للخير داعية إليه، التصوف يأمرني بذلك، أليس أساسه الزهد وسلامة الصدر، لماذا إذن كل هذه الأحقاد؟
لماذا لا أنظر فيما عند الوهابية بحسن نية وسلامة قلب وشفقة عليها، الهدف في الأول والأخير هو أن أهديهم أو أصل إلى الحق عن قناعة..
لم لا أناظرهم بالتي هي أحسن، وأناقشهم بالحب والود والأدب الذي يملأ قلبي وجوارحي، حتى إن كانوا شياطين.
لم لا أضفي عليهم من فيوض المحبة والقبول والرحمة ما لا يعرفون له مثيلا، لأثبت لهم على الأقل أني صوفي رائع، وأن الحق معي، لا أحد يعرف شيخي معرفة شخصية ليعاديه أو يحسده كما يزعم الجهلة، والحكم بمصيرنا ومصيره بيد الله وحده، كل شيء يناقش ويرد حتى كلامه، أليس بشرا مكلفا محاسبا ككل البشر، لن يكون أفضل من الصحابة وهم بشر عاديون.
سأبحث عن الحق بنفسي، سأنقب عنه أكثر من تنقيبي عن الجمال والفلوس..
لن أفر من مواجهة الوهابية بعد اليوم..
سأبدأ بكتب رأسهم ابن تيمية لأرى أيهما أهدى سبيلا، شيخي أم شيخه؟
من فضلك لا تعقد حاجبيك، ولا تنزعج، ولا تغضب.. الأمر بسيط، ما هو إلا الرأي والبحث!
التصوف هو أساس السحر الاسود والسحر السفلي في موريتانيا
احذروا من التصوف فربما يكون أساس السحر الاسود والسحر السفلي في البلد..
كلهم سحرة، حتى بيرام الداه اعبيد والطالب ولد عبد الودود، والإخوان وجماعة التبليغ، ضربت لكم مثلا بفردين، ليس لأنهما مهمين بل للمثال فقط، وبجماعتين، فكلهم يصرفون الناس عن الحق إلى الباطل، ويسعون في الأرض فسادا، والسحر هو الصرف كما هو معروف، فدعونا نتأمل في خيال الطرق الصوفية وأوهامها، ونلقي الضوء على بعض الأسحار الأخرى التي يقوم بها بعض الحقوقيين والسياسيين والمدونين..
لكن قبل ذلك، هذا فيديو لصوفي موريتاني احتج على سلفي بقوله: “نحن لا نقوم إلا بالذكر ودعاء الله”، فماذا كانت الإجابة؟ شاهد الفيديو هنا.
وشاهد شهادة القطب الصوفي التيجاني الساحر التائب الذي هدم ركن الطريقة التيجانية وكشف حقيقتها في السودان وغيره (طالعها هنا).
أذكر انه عندما تم نشر الموضوع في الفيسبوك منذ سنين مضت عبر قناة “لقطة عابرة”، تهافت بعض اتباع الطريقة التيجانية إلى إنكار قوله، والطعن في شخصه. أي إلى شخصنة الأمور كعادتهم، وهي وسيلة أهل البدع حفظنا الله من شرهم، عندما يفحمهم أهل التوحيد يبدؤون في الطعن في أشخاصهم أو محاولة أذيتهم، لأنهم بلا دليل. وما علاقة شخص الطاعن فيهم بما يقول؟ الدليل يرد بدليل مثله لا بالتجاوز في القول أو الفعل أو البحث في الأشكال والألوان والمراتب.
وتوجد أدلة كثيرة على أن أساس طرقهم كلها بدون استثناء، هو السحر والشياطين. لا يوجد تصوف سليم، كل الطرق الصوفية الموجودة اليوم باطلة بدليل أمر شياطينهم لهم جميعا بموافقة ابن عربي في نظرية الكفر: “وحدة الوجود” التي حكم جميع علماء الأمة بكفرها وكفر قائلها. وبدليل أن الشياطين تتنزل عليهم لتأمرهم بما يضلون به الناس، وذلك مغنم للشياطين، فبدلا من إضلال شخص واحد، يضلون شيخا فيقوم بدوره بإضلال أمة من الناس!
ويعتقد الشيوخ أو يكذبون وهو الراجح، أن النبي صلى الله عليه وسلم يظهر لهم يقظة، وهو الذي لم يظهر لصحابته في زمن هم أحوج الناس إليه فيه كزمن الفتنة.
ويستدلون بظهوره لهم على تخاريفهم البدعية، يقولون دليلنا أخذناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقظة أي عيانا لا من الكتب! فلماذا لم يأخذه الصحابة منه بعد موته، والعلماء الذين جاءوا من بعدهم، وهم أفضل مئات آلاف المرات من هؤلاء الشياطين؟
فإذا جاء أحدهم بدعاء غير معروف في كتب الحديث، ولم يسمع به صحابي، ولا أحد من سلف الأمة، قالوا دليلنا: قال الرسول صلى الله عليه وسلم، أو قال الخضر، أو قال رب العالمين، فلديهم حضرة إلهية، وما تحضرهم إلا الشياطين، الملاعين.
وهم أكبر السحرة في هذا البلد وفي كل دول المسلمين، لديهم السحر الابيض والاخضر والأسود، وبكل الألوان! وهل يقارن الشيخ الصوفي مثل الساحر الصوفي التائب الذي ضربنا به المثال، وكان يتبعه 286 شيطان ومارد، بساحر صغير منزو في مغارة لا يتبعه إلا شيطان واحد أو اثنان؟! الساحر الصوفي قطعا أخبث وألعن.
تأمل في تمسك بعض النساء بشيوخهم، تعبد الواحدة منهن شيخها من دون الله، فهو صنمها، تحج إليه بالمال الحرام الذي جعلهم من كبار الأغنياء، وهذا يناقض زعمهم الزهد في الدنيا! تأمل فقط في ذلك.
تحج إليه لكي يسحر لها زوجها، ويفرق بينه وبين أقربائه. فتغير حياته بذلك السحر، وهذا تدخل في المقادير بالمقادير. وعليها وزر جعل ذلك المخلوق خاملا وإفساد حياته أو قتله، فليس من حق أحد التلاعب بحياة غيره لأنه ليس إله، ليس من حق احد أن يوجه أحد وفق ما يريد فقط! لكن السحرة ومن يعبدونهم يفعلون ذلك! وربما يحسب البعض أن ذلك من الكرامات، أو من مواجهة السحر بالسحر الخيّر، ولا يوجد سحر خيّر، يقول بعضهن: أنا أحفظ نفسي فقط!
وهذا هو ما يفعله السحر، لذا فهو أخبث الأمور لأنه صرف عما هو طبيعي إلى ما هو غير طبيعي، وإفساد لحياة الناس وإمراض لهم أو قتل.
ووزر الذاهب إلى الساحر قد لا يقل عن وزر الساحر الذي عمل السحر إن لم يزد عليه، فالأخير لم يكن ليفعله لو لم تُدخل هي ذلك المسكين إلى عالمه القذر، بجلب بقية من عَرقه واسمه واسم أمه، والمال الحرام في مقابل السحر. فهي الساحرة الأولى، وهو تابع لها في ذلك! حفظنا الله وإياكم وجميع المسلمين.
والأدلة على أن شيوخ الطرق الصوفية في موريتانيا وغيرها سحرة، كثيرة جدا، بل إن أسحار المتصوفة مدونة في كتب المسلمين التي تشهد عليهم بما فيهم، ولكن الهوى يعمي أتباعهم، ويحول بينهم وبين رؤية الحق والهداية. فمثلا بعض ضعاف النفوس إذا أحب شيخا هام فيه بغير سبب، أكثر من هيامه في النساء، واستمر في ذلك وإن جائه كل دليل وبرهان.
ومن الأدلة على أن أدعيتهم وعباداتهم سحر، تضمن بعضها بعض الطلاسم، ويبررون ذلك بأنه من العلم الباطن الزائف الغير موجود أصلا، فالخضر كان نبيا يوحى إليه، فهل فيهم من يوحى إليه ليخالف الشرع بالزنا أو الفسق أو السحر؟ ذلك من الشيطان، وإن استحسنه كل من في الأرض، وأكثر الناس مجرمون.
ثم إن علم الإسلام هو العلم الظاهر أي الشرع، هو علم النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، لم يكن أحد منهم يتحدث عن علم باطن أو يهتم به، ولم يكونوا يعتمدون على الخوارق الكرامات حتى في أقصى لحظات الشدة لأنها ليست الأصل، انظر في بدر ألم يكن الله قادرا على أن يأمر جبريل بحمل الكفار على جناحه إلى سابع سماء وإلقائهم، أو خسف الأرض بهم، لكنه لم يفعل، لأن الأصل في الدنيا ليس العمل لتكون جنة خالية من الشياطين، بل هي دار الشياطين الملعونة، كل من يقدمها على آخرته فيه نسبة من التشيطن، قل ذلك أو زاد، لذا تجد أكبر الشياطين الملوك والرؤساء ومن تبعهم من رجال الأعمال ومن تبعهم، لأنهم يعضون على الدنيا بالنواجذ، والبلهاء يتسابقون لأخذ كراسيهم!
فمن كان سعيه للدنيا، يغر نفسه بأوهام ضرورة الكسب والصراع، سيكذب على نفسه، وقد يسرق مالا حراما، ويوهمها بأنه إنما فعل ذلك لضرورة، وأنه سيتصدق إذا كبر ويحسن! وكلها أكاذيب مثل أكاذيب التصوف.
فلابد من الحذر. فالدنيا دار ابتلاء وليست دار قرار، لذا نزل جبريل والملائكة في صورة البشر على أحصنة مثل غيرهم، وقاتلوا مع الناس في بدر.
وبعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، تدهور حال القرون، فخيرهم قرنه ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، ولم يدم ذلك أكثر من 300 سنة، فماذا تتوقعون من قرننا هذا؟ قرن الديمقراطية والتحكم اليهودي ونشر الأوبئة والشذوذ.
غبي من ظن أن شعب موريتانيا أو حتى شعب أمريكا، سيتقاسم الثروة يوما أو يهنأ بعيش! هيهات أيها الأغبياء، علينا فقط أن نحمد الله على أننا عشنا ردحا من الزمن سالمين من الحروب والويلات التي يتخطف الناس من حولنا بها. لكن دعاة الفتنة والحقوق والسياسة الديمقراطية الشيطانية بدليل هذا الموضوع هنا، مستعجلين عليها، يتسابقون إليها، لعن الله كل وموقد نار للفتنة في المسلمين.
الأصل هو أننا بشر ضعاف مبلتون في الدنيا بشياطين الإنس والجن والظروف، وعلينا فقط محاولة الخروج منها بزاد من الإيمان والتقوى، لا أكثر ولا أقل، فهي لن تصبح الجنة كما يحاول الحقوقي بيرام، والأمريكي الديمقراطي الطالب. ومن قبلهما الإخوان الذين بدل الدعوة إلى التوحيد ونبذ البدع لكي تُبنى الأمة من الأساس وهو الفرد، أي على الشعب، حاولوا جمع الدقيق المتفرق بمحاولة جمع كل الناس حولهم كافرهم ومبتدعهم وديمقراطيهم، حتى جلسوا مع اليهود في الكنيست ليمرروا قانونا يضر باللغة العربية لغة القرآن! وجلسوا مع العلمانيين في البرلمانات السياسية الآثمة، ولا تجدهم أبدا يعترضون على بدعة، كجماعة التبليغ، إلا أنها قد تكون خير منهم في الظاهر، فهي على الأقل منزوية في المساجد بدل البرلمانات، إلا أنها أيضا لا ترد بدعة، ولا تعترض عليها، المهم عندها كالإخوان هو جمع الدقيق المتفرق، أي جمع الناس حولها، وذلك مستحيل لأن الدار ليست دار كمال وسياسة دنيوية ديمقراطية خسيسة يتنفخ بطن صاحبها من المال الحرام ليشتعل في نار جهنم.
وكل داعية إلى الكمال، كاذب ومنافق، فصاحب الحقوق مثلا مضيع لحقوق أقرب الناس إليه، فكيف يدعو للجميع بها؟ وهل سيوفرها لهم من جيبه، أم أنه سينتزعها من الدولة غصبا كما يحاول! ومن هو ليفعل؟ ألا ترى ما في هذا الجنون السياسي من ظلم وعدوان وتدخل فيما لا يعنيه، فالحراطين ليسوا من رعيته، بل قد يكون فيهم أعدى أعدائه. رعيته هي نفسه الأمارة وزوجته الساخطة ومن حوله من أفراد قد يكونون معدودين على رؤوس الأصابع، إذن دعوته كذب كدعوة الطالب الذي يضرب الأمثال ليل نهار بأمريكا الملعونة، أو دعوة الإخوان وجماعة التبليغ والتصوف.
ولا يجب الإغترار بالشهرة الزائفة شهرة الحقوق أو السياسة أو التيكتوك والفيسبوك، فهي سراب، وبعضها فيه إجرام، وعما قريب سيشتهر الجميع حتى المجانينا، ويصبح كل من هب ودب مشهورا، ويضيع الطالب وبيرام في الزحمة، لأن افراطيط 17 سنة بدأوا في ممارسة السياسة، كيف لا، والأمر بما أنه شيطاني، لا يتطلب علما ولا خُلقا، فقط هاتف ووجه من حديد، وهذا ما سيضيع البلد إن لم يحفظه الله.
والدنيا التي يتهافتون جميعا عليها ملعونة، الشر فيها هو الغالب، بدليل حكم أهله اليوم، فهم في أوج قوتهم ممثلين في أخبث شياطين الإنس، وهم اليهود، هم الذين يحكمون العالم كله بالديمقراطية والأكاذيب، فانظر ما يفعلون في غزة، وتأمل في صمت عبيدهم المخزي وأولهم حكام العرب وروسيا والصين اللعينتين.
إن مشايخ التصوف ليسوا صالحين بل سحرة شياطين، هذه هي حقيقتهم التي يكذب بعض المقربين منهم فيها حتى على نفسه، رغم أنه يرى أدلتها جهارا نهارا، والأمر لا يخفى على من له عقل ودين.
يوجد شاب في التيكتوك يحاول الرد عليهم بالدليل، لا يسبهم ولا يشتهم، لأن السب والشتم سلاح من لا دليل له، فما الذي يجيبونه به؟ يقولون: صبي التيكتوك! ويضحكون!
يكتفون بتلك النفخة الشيطانية الزائفة كما لو أنهم أقاموا بها الحجة عليه! نعوذ بالله من الضلال.
فما علاقة سنه بما يقول؟ وأين دليل من القرآن والسنة – لا غيرهما لأن الدين مكتمل فيهما وحدهما – الذي يرد الدليل؟
لكنهم بلا دليل، ليس لديهم شيء من السنة ولا من القرآن، بل القرآن والسنة يحذران من اتخاذ الشيوخ بهذه الطريقة القبيحة، ودعاؤهم من دون رب العالمين كما يفعل أتباعهم، والطمع فيهم فيما لا يقدر عليه إلا الله سبحانه وتعالى كالشفاء من مرض أو الرزق أو إدخال الجنة! وبعض أتباعهم يعتقد أن شيخه سيدخله الجنة يوم القيامة على ما فعل، بمجرد حبه له!
القرآن يؤكد مرارا وتكرارا، لو كانوا يفقهون، أن الأنبياء والرسل، وهم الأعلى مقاما في البشر، لم يكونوا بشرا خارقين كشيوخ التصوف الكذابين، بل كانوا يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق ويتزوجون، ويفرحون ويغتمون، ويصارعون لأجل مرضاة الله ككل المؤمنين. الدنيا دار ابتلاء ليس دار كشف أسرار وحجب، أو تحكم في الرياح والناس والجنة والنار! فمن أعطى هؤلاء الشيوخ تلك المرتبة المزعومة غير الشيطان؟
من جعل بعضهم يجر الشمس والقمر؟ ويُدخل الجنة من شاء إن خدمه وعلف له!
إنهم انتهازيون بدليل أنه لو كانت فيهم ذرة واحدة من الدين لما قبلوا من أحد أوقية واحدة. لكنهم يجمعون النذر والأموال.
من جعل بعضهم عندما يهيم به شيطانه يزني، فيقال إن ذلك من العلم الباطن والبركة؟
إن حقيقة التصوف أيها العاقل، هي أنه بلاء سكت عنه أكثر العارفين به تزلفا لأهله والشيطان. ويحسبون أن ذلك من حسن الخلق والأدب مع المخالف، فهل من حسن الخلق والأدب تركهم يُضلون الناس ليل نهار دون نصح لهم، والدين النصيحة؟ عليهم من الله ما يستحقون..
هل منه السكوت عن بدعة واضحة لا يختلف فيها عالمان، أساسها الشيطان كما أكد الشاهد في الموضوع المرفق.
عجبا لمن يعتقد في مثل هذه الخزعبلات ولديه ما هو أفضل منها!
لديه الأدعية والعبادات الثابتة التي عرفها الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته! كيف يتركها إلى هذه التخاريف الشيطانية التي جاء بها بعض الجهلة بالدين في القرن الثاني عشر أو قبله أو بعده، بعد اكتمال الإسلام بقرون! وكل زيادة في الدين – أو محدثة – بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار..
لن تجد في شيوخ التصوف قاطبة عالما بالدين، ولا إمام مسجد إلا نادرا، ويكون مع ذلك يصلي بلا وضوء تزلفا للشيطان! هذه هي حقيقتهم التي يؤكدها الشاهد الذي أوردنا.
كل علمهم منحصر في التخريف والأوهام واتباع الهوى، كأن يرتاح الواحد في ركن من المرحاض بوسوسة من الشيطان، فيعتقد أن الملائكة تتنزل عليه فيه، وإذا قيل له إنها لا تدخل المراحيض، قال: ذلك علمكم الظاهر، لدينا علمنا الباطن الذي يقلب الأمور، الزنا فيه طاعة، وشرب الخمر لبن!
المهم عنده هو الهوى، الحب الزائف للأشياء الذي يجب الحذر منه، كتماديهم في حب شيوخهم كأن في ذلك قربة إلى الله! وذلك من الشيطان، يستلطف قلبه الأمر فيتبع شيطانه الذي يوحي إليه به فيضله، كاستلطافه للطريقة كلها من قبل!
هذا هو حال التصوف عموما، فهو عبارة عن اتباع للهوى وشياطين الإنس والجن الذين لا يخفى حالهم.. وفي موضوع الساحر التائب موعظة وعبرة، فطالعه هنا.
صلة الرحم وقاطعو الأرحام
صلة الرحم أمر في غاية الأهمة، لكن يوجد نوع من البشر، أبرز صفة فيه هي سهولة قطعه لرحمه، فتراه يقطعها مثلما يقطع الكعكة! وأهون الناس عنده هم المقربون منه! وهو مستعد لرميهم، بقدر ما هو مستعد لتقدير التافهين الأدنياء الذين لا يريدون له خيرا، ولا يوالون غير مصالحهم، ولا يعرفونه إن انزلق ووقع.
هذا النوع من البشر أسوا من النرجسي في نظري (طالع موضوع الشخصية النرجسية هنا)، لأن قاطع الرحم مقطوع لا دين فيه ولا خير ولا فائدة، خاصة الرحم القريبة، فبعضهم يرمي بأبنائه إلى الشارع ولا يكترث، ويكون غنيا وهم فقراء ولا يكترث، ويشبع وهم جوعى ولا يكترث.
وبعضهم يتجاهل أخته الفقيرة وإن جرفها السيل، لا يعبأ بذلك ولا يشغل باله، ولا يحوله عن قناة الجزيرة الكذابة، أو عن مباراة الدوري الإسباني السخيف! المهم عنده هو أن يحيا تلك الحياة المترفة، الضنك في حقيقتها، بعيدا عن الضوضاء، وأكبر ضوضاء عنده هي قرابته وأهله، أبوه وأمه وإخوته وإخوانه!
والبعض أسهل شيء عنده قطع الأخ الشقيق (أو الأخت)، ولا يبالي، ولأتفه الأسباب، كأنه يتعامل مع شخص من الشارع، حتى إن كان ذلك لمجرد خلاف بسيط، خاصة إذا دخلت الزوجة والأبناء المقدسون في المسألة، حينها تجده مستعد للتضحية بالأخ والأخت، اللذين عاش معهما عمره قبل أن يعرف تلك النزوة الزائلة من العدم! يرمي أقرب الناس إليه دون اكتراث، لمجرد أنه خالف هواه.
وبعضهم إذا كان أخوه – أو أخته، فقيرا، فيا لها من مسبة، ويا له من عار، تراه يحتقره بدل أن ينفعه، ويتجرأ عليه أكثر مما يتجرأ على البعيد، ولو كان غنيا مثله لما استطاع مجرد التفكير في ذلك!
والنوع المتصدر من هؤلاء الأراذل الثقلاء، عديمي الدين والضمائر والأخلاق، هو ملوك غابة قاطعي الأرحام، وأولهم الأبناء العاقون، ثم الآباء العاقون، لا أعرف هل تصنيفهم ضمن قاطعي الأرحام صحيح أم لا، ولكن مع وجوب السكوت عنهم، فيوجد آباء وأمهات عبارة عن لعنة حلت على أبنائهم، وللصابرين على ذلك أكبر الجزاء.
فلا يبالي قاطعو الأرحام بقريب، وقد يكون البعيد أقرب إليهم من القريب، فترى الواحد منهم إذا جلس إليه أقرب الناس وأبعدهم، مال إلى البعيد، واحترمه وقدره ووصله، وأهمل القريب، وإن خيرا من ذلك البعيد بسلامة قلبه ودينه، والأمور التي لم يعد أحد يكترث لها في هذا الزمن. فيضع ثقته في البعيد، بل يضع روحه بين يديه، ويبعد ويبتعد كل البعد عن القريب، ويجازيه بالشك وسوء الظن والإحتقار والمنع والإهمال!
وبعضهم المهم عنده مصلحته وراحته، أولاده وزوجته التي قد تكون ساحرة. وكل ما يزعج تلك الراحة المقدسة عنده يقطعه، ولو كان أقرب الناس إليه.
والعجيب أن قاطع الرحم كلما ابتعد عن أقرب الناس إليه، ممن جعل الله فيهم فطرة إرادة الخير له، كلما اقترب من أبعد الناس عنه، ممن جعل الله فيهم فطرة أذيته، ولعل ذلك عقاب عادل له. فغالبا ما يُبتلى بمن تزيده بعدا عن أهله، وفي نفس الوقت تسحره وتفسد حياته! والطيور على أشكالها تقع، فذلك ما يستحق.
كم من رجل رمى بأبيه وأمه وإخوته وأخواته وأهله لأجل امرأة، فكانت النتيجة أن سحرته وخبلته وقيدته عن كل خير، حتى لنفسه! وأكلته حيا وأكلت أمواله، أو عذبته.
وكم من أخ ترك أخواته الضعيفات لأجل ساحرة، ففقد معنى وجوده، وأصبح إمعة بين ذئاب لا تعرفه، ولا تريد أصلا أن تعرفه، ولا تنصح له إلا فيما فيه مصالحها، ولو كان في ذلك هلاكه.
صلة الرحم
أمر الله سبحانه وتعالى بصلة الأرحام، والبر والإحسان إليهم، ونهى وحذر من قطيعتهم والإساءة إليهم، وعدَّ صلى الله عليه وسلم قطيعة الأرحام مانعاً من دخول الجنة مع أول الداخلين، ومُصْلٍ للمسيئين لأرحامهم بنار الجحيم.
والصلة هي الوصل، وهو ضد القطع، ويكون الوصل بالمعاملة نحو السلام، وطلاقة الوجه، والبشاشة، والزيارة، وبالمال، ونحوها.
والرحم هو اسم شامل لكافة الأقارب من غير تفريق بين المحارم وغيرهم، وقال بعض أهل العلم أنه مقتصر على المحارم، بل قال بعضهم مقتصر فقط على الوارثين من المحارم.
وصلة الرحم واجبة وقطيعتها محرمة، وهي من الكبائر. قال القرطبي رحمه الله: “اتفقت الملة على أن صلة الرحم واجبة وأن قطيعتها محرمة”.
وقال ابن عابدين الحنفي: “صلة الرحم واجبة ولو كانت بسلام، وتحية، وهدية، ومعاونة، ومجالسة، ومكالمة، وتلطف، وإحسان، وإن كان غائباً يصلهم بالمكتوب إليهم، فإن قدر على السير كان أفضل”.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “لا يدخل الجنة قاطع رحم”. قطيعة الرحم من كبائر الذنوب، ومن أسباب حرمان دخول الجنة، إلا إذا عفا الله عن صاحبها، فالقطيعة من المنكرات والمعاصي الكبيرة.
وورد في الحديث: “أنَّ الرحم لما خلقها الله قامت، وقالت: يا رب، هذا مقام العائِذ بك من القطيعة، فقال الله لها جلَّ وعلا: ألا ترضين أن أَصِلَ مَن وصلَكِ، وأن أقطعَ مَن قطعك؟ قالت: بلى يا رب، قال: فذلك لك”، وفي اللفظ الآخر: “مَن وصلها وصلتُه، ومَن قطعها بَتَتُّه”.
فالواجب على جميع المسلمين العناية بالرحم، من الآباء، والأمهات، والأجداد، والجدّات، والأولاد، والإخوة وأولادهم، والأعمام، والعمّات، والأخوال. كل هؤلاء رحم، وكل مَن كان أقرب كان أشدّ في إثم قطيعة الرحم، وكان أعظم في الأجر في وصله، قال رجل: “يا رسول الله، مَن أبرُّ؟ قال: أمك، قال: ثم مَن؟ قال: أمّك، قال: ثم مَن؟ قال: أمك، قال: ثم مَن؟ قال: أباك، ثم الأقرب فالأقرب”، فبعد الأب والأجداد والأولاد يأتي الإخوة وبنوهم، والأعمام وبنوهم، ثم الأخوال، هؤلاء هم الأرحام.
وفي حديث المغيرة بن شعبة يقول النبيُّ صلى الله عليه وسلم: “إنَّ الله حرَّم عليكم: عقوقَ الأُمّهات، ووأد البنات، ومنعًا وهاتِ، وكَرِهَ لكم: قيلَ وقالَ، وإضاعةَ المال، وكثرةَ السؤال”، وفي اللفظ الآخر: “ويسخط لكم: قيلَ وقال، وإضاعةَ المال، وكثرةَ السؤال”، فهذا الحديث فيه تصريح بتحريم العقوق للأمهات، فعقوقهنَّ أشد من عقوق الأب، كما أنَّ برّهنَّ أوجب من برِّ الأب، ولكن عقوقهما جميعًا من أكبر الكبائر، وبرّهما جميعًا من أهم الواجبات، ولكن حقَّ الأم أكبر.
وقال صلى الله عليه وسلم: “ألا أُنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: الإشراك بالله، ثم قال: وعقوق الوالدين – فجعله يلي الشّرك، ثم قال: وشهادة الزور”، فالعقوق للوالدين من أقبح الكبائر، وللأمهات بوصفٍ خاصٍّ أشد في الإثم؛ لعظم تعبها عليه وإحسانها إليه، فالواجب أن تُقابَل بالإحسان والبِرّ، فإذا قابل هذا بالقطيعة صار ذلك أشدّ في الإثم من قطيعة الأب.
ومَنْعًا وهاتِ يعني: البخل والحرص، فلا يجوز للإنسان أن يكون بخيلًا شحيحًا، قال تعالى: “وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ”، وقال سبحانه: “وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ”، فلا يجوز البخل ولا الشح، والشح: الحرص على جلب المال ولو من طرقٍ محرَّمةٍ. والبخل: حبس المال وعدم إخراجه في وجوهه. والشَّحيح البخيل: هو الذي يحرص على جلب المال من كلِّ طريقٍ، ولو من حرامٍ، ثم يبخل به بعد وجوده، نسأل الله العافية.
وكَرِهَ لكم: قيلَ وقال، فلا ينبغي للإنسان أن يكون دأبُه قيل وقال، بئسَ مطِيَّة الرجل: “زعموا”، ينبغي أن يتثَبَّت، ولا يتكلم إلا عن بصيرةٍ، حتى لا يقع في الكذب، وفي الحديث الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم: “كفى بالمرء إثمًا أن يُحدِّث بكلِّ ما سمع”؛ لأنه إذا حدَّث بكلِّ ما سمع وقع في الكذب.
وهكذا إضاعة المال، فإضاعة المال لا تجوز، فكونه يبذر المال، أو يُسرف فيه أو يحرقه أو ما أشبه ذلك، فهذا من إضاعته، فيجب حفظه وصرفه في وجوهه، وعدم إتلافه، فإذا كان عنده سعة يتصدق ويُعطيه الفقراء والمحاويج، ويصرفه في المشاريع الخيرية.
ويكره لكم: قيلَ وقال، وإضاعةَ المال، وكثرةَ السؤال، فُسِّر السؤال بالعلم، وفُسِّر بسؤال الدنيا وهو يعمّ الجميع. والإلحاح في السؤال في طلب الدنيا لا يجوز؛ لأنه يُحرج المسؤولين، ويدل على جشع السائل، وفي العلم: قد يُقال في الأغلاط، فكثرة الأسئلة وتواليها قد تُوقع المسؤول في الغلط، فينبغي أن تكون الأسئلة بالقسط في المال وفي العلم، يسأل ولكن بالقسط، لا يُلحّ في السؤال، ولا يُكثِر، حتى يحفظ الجواب، وحتى لا يُلْجئ المسؤول إلى أن يقع في الغلط، فيسأل عن الأهم فالأهم، ثم يحفظ ويكتب ويُقيد حتى لا ينسى، ويكون سؤاله منظَّمًا حتى لا يقع هو في الغلط، ولا يُوقِع غيرَه في الغلط.
قاطع الرحم في القران:
قال الله تعالى: “يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا”. وقال تعالى: “فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ”.
وقال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: “يا رَسُول اللَّهِ إن لي قرابة أَصِلُهُمْ ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي. فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تُسِفُّهُمُ المل، ولا يزال معك من اللَّه ظهير عليهم ما دمت على ذلك”.
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: “مَنْ أحَبَّ أن يُبْسَطَ له في رِزْقِهِ، وَيُنْسَأَ له في أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ”.
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: “ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قُطعت رحمه وصلها”.
وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: “الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله اللَّه، ومن قطعني قطعه الله”. والأحاديث في هذا الباب كثيرة.
سؤال: لو قال قائلٌ: أنا أزور أقاربي مرتين في السنة: في عيد الفطر، وفي عيد الأضحى، فهل يكون قاطعًا للرحم؟
الجواب: إذا ما صار بينه وبينهم سوءٌ فما هو بقاطع رحم، قاطع الرحم الذي يُؤذيهم، أو يقطع عنهم ما يجب لهم من الحقوق؛ لفقرهم وحاجتهم، أو لأمورٍ تلزمهم، لكن كونه يصلهم بالمكاتبة أو بالزيارة فهذا من باب تثبيت الصلة (من فتاوى ابن باز).
سؤال: هل الخال أولى بالبِرِّ من العم؟
الجواب: العم والخال متساويان، هذا أخو الأب، وهذا أخو الأم، أما الخالة فبمنزلة الأم، وهي أحقّ من العمَّة (من فتاوى ابن باز).
ثواب صلة الرحم
وعد الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، واصل الرحم بالفضل العظيم، والأجر الكبير، والثواب الجزيل، ومن ذلك أن واصل الرحم:
– موصول بالله تعالى في الدنيا والآخرة
– يُبسط له في رزقه
– يُنسأ له في أجلِه
– يزاد في عمره بسبب صلته لرحمه
– تَعْمُر داره
– تدفع عنه صلة الرحم ميتة السوء
– يحبه الله
– يحبه أهله.
– صلة الرحم سبب من أسباب دخول الجنة مع أول الداخلين، سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم، قال: “يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تعبد الله لا تشرك به شيئاً، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم”.
– وقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: “إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع. قيل:يا رَسُول اللَّهِ وما خرفة الجنة؟ قال: جناها”.
وقال صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: “ما من مسلم يعود مسلماً غدوة إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يمسي، وإن عاده عشية إلا صلى عليه سبعون ألف ملك حتى يصبح، وكان له خريف في الجنة”.
فمن أدب الإسلام أن يعود المسلم المريض، ويتفقد حاله تطيباً لنفسه ووفاء بحقه، وهي سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
عقوبة قاطع الرحم
– لا يرفع له عمل، ولا يقبله الله
– لا تنزل الرحمة على قوم فيهم قاطع
– تعجيل العقوبة للعاق في الدنيا قبل الآخرة
– أبواب السماء مغلقة دون قاطع الرحم
– لا يدخل الجنة مع أول الداخلين.
– لا تفتح له أبواب الجنة أولاً، أي لا يدخلها مع أول الداخلين.
– يُدخر له من العذاب يوم القيامة، مع تعجيل العقوبة في الدنيا إن لم يتب أويتغمده الله برحمته.
– يُسف المَلّ، وهو الرماد الحار.
تعذر البعض بأن أهله يسيؤون إليه
ودعوى البعض أن اقاربه يسحرونه فيقطع صلته بهم، هذه قد تكون دعوى باطلة، لا أساس لها، فقد تكون أوهامًا لا دليل عليها، فليتق الله، وليحاسب نفسه، وإذا تعدوا عليه؛ فله أن يسامحهم، وله أن يخاصمهم، لكن لا يقطع الرحم بمجرد الهوى، أو الوساوس، أو دعاوى لا أساس لها.
فليتق الله وليصل رحمه إلا إذا قطعوه، وأبوا أن يأتيهم، ولم يسمحوا له بذلك، فهو معذور حينئذ. أما ما داموا لم يمنعوه؛ فإنه يصلهم، ويحسن إليهم ولو أساؤوا إليه، قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ليس الواصل بالمكافي، ولكن الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها”. وجاءه رجل وقال: “يا رسول الله، إن لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال له صلى الله عليه وسلم: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل – المل هو الرماد الحامي، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك”.
فالمؤمن يصل أرحامه، وإن قطعوه يحسن إليهم، ويعالج الأمور، فإذا كانت من شحناء يعالجها بالحكمة، أو بتوسيط الأخيار الطيبين، ولا يستمر على القطيعة، بل يعالج الأمور، إلا إذا كانوا على بدع، أو معاصي ظاهرة، ولم يتوبوا، فله أن يتركهم، وله أن يهجرهم، أما من أجل الشحناء بين وبينهم، فعليه في هذه الحالة أن يعالج الأمر بالحكمة، بالأسلوب الحسن، وبتوسيط الأخيار؛ حتى تزول الشحناء، وتحل محلها المحبة والصلة.
ولا شك أن قطيعة الرحم جرم عظيم وإثم كبير، وكبيرة من كبائر الذنوب، بل هي سبب في الطرد من رحمة الله تعالى، كما قال سبحانه: “فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ*أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ”.
وثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر عن ربه أنه قال سبحانه وتعالى للرحم: “ألا ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى يا رب، قال فذاك”.
فنصيحتنا لمن وقع في شيء من ذلك أن يستمر في تذكير أهله بالله تعالى، وبخطورة هذا الأمر، وأن يستعين في ذلك بمن يرجو أن يكون لقوله تأثير عليهم من أهل العلم والصلاح، ومن أهل الرأي، ولا ييأس. وأن يحتسب ما يجد من أذى في سبيل ذلك، لأن الإصلاح بين الناس من أعظم القربات، ولا سيما الإصلاح بين ذوي الأرحام، قال تعالى: “لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً”.
ولا يجوز له أن يقطع رحمه من أجل إرضاء أحد من الناس، ولو كان أحد الوالدين، لأن قطيعة الرحم معصية، ولا يطاع أحد في معصية الله تعالى. فقد روى البخاري ومسلم عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا طاعة في المعصية إنما الطاعة في المعروف”.
فمن وقع في ذلك، فليبادر إلى التوبة، ومن تاب تاب الله عليه، وغفر له ذنبه، بل قد يبدل الله سيئاته حسنات بمنه وكرمه. وقطيعة الرحم كغيرها من المعاصي، فقد تترتب عليها آثار على الإنسان في نفسه وأهله، كما أُثر عن بعض السلف أنه قال: “إني لأعصي الله فأرى ذلك في خُلُقِ دابتي”. فالواجب الحذر من الذنوب والمعاصي.
والأعمام من ذوي الأرحام الواجبة صلتهم، فيجب الحرص على صلة العم والعمة، ومقابلة إساءتهما بالصفح والإحسان، لنيل الأجر العظيم بذلك. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم للصحابي الذي جائه شاكياً من حال قرابته، حيث قال: “يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت كأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك”.
هل يكفي السلام في الصلة، دون كلام مسبق؟
إن صلة الرحم درجات تتفاوت، وأقل ما تتحقق به على الراجح وينتفي به الهجران الشرعي، هو مجرد السلام، وهو أدنى المراتب، قال القاضي عياض: “وصلة الأرحام درجات بعضها أفضل من بعض، وأدناها ترك المهاجرة وصلتها بالكلام ولو بالسلام”. وقال الحافظ ابن حجر في الفتح: “قال أكثر العلماء: تزول الهجرة بمجرد السلام ورده”.
ولكن لا بد أن لا يكون في ترك المكالمة ـ غير السلام ـ أذى، فإن كان ترك الكلام يتأذى به رحمه، لم تنقطع الهجرة بمجرد السلام، ولم تحصل صلة الرحم، فمن تمام كلام الحافظ ابن حجر السابق، قوله نقلا عن الإمام أحمد أنه قال: “ترك الكلام إن كان يؤذيه لم تنقطع الهجرة بالسلام”.
وبهذا يتبين أن الأرحام إن كانوا لا يتأذون بترك تكليمهم، فإن مكالمتهم في الأعياد فقط والسلام عليهم عند الالتقاء بهم صدفة، تكفي في صلتهم، وأن ذلك لا يكفي إن كانوا يتأذون من ترك تكليمهم.
والصبر على الرحم المسيء، وتحمل الأذى منه، مما تعظم به عند الله المثوبات وترفع به الدرجات (فهو أمر عظيم يجب الحرص عليه).
والعبرة بسلامة الصدر، وتقارب القلوب، ونقاء الطوية والسريرة. ولله در ابن عباس حين قال: “قد تقطع الرحم، وقد تكفر النعمة، ولا شيء كتقارب القلوب”؛ وفي رواية عنه: “تكفر النعمة، والرحم تقطع، والله يؤلف بين القلوب لم يُزحزحها شيء أبداً” ثم تلا: “لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ”.
من أقوال السلف في صلة الرحم
قال علي بن الحسين لولده: “يا بني لا تصحبن قاطع رحم فإني وجدته ملعونا في كتاب الله في ثلاثة مواضع”.
وقال المقنع الكندي:
وإن الذي بيني وبين بنيأبي … وبين بني عمي لمختلف جداً
إذا أكلوا لحمي وفرتُ لحومهم … وإن هدموا مجدي بنيتُ لهم مجداً
وإن ضيعوا غيبي حفظتُ غيوبهم … وإن هُمْ هَووا غيِّي هويتُ لهم رشداً
وليسوا إلى نصري سراعاً وإن هُمُ … دَعَوْني إلى نصر أتيتُهم شداً
وإن زجروا طيراً بنحس يمر بي … زجرت لهم طيراً يمر بهم سَعْداً
ولا أحمل الحقد القديم عليهم … وليس رئيسُ القوم من يحملُ الحقدا
لهم جلُّ مالي إنْ تتابع لي غنى … وإن قلَّ مالي لم أكلفهم رفداً
وإني لعبد الضيف ما دام نازلاً … وما شيمة لي غيرها تشبه العبدا
قاطع الرحم لا يقبل عمله
أما بخصوص أثر قطيعة الرحم على قبول العمل من عدمه، فقد قال ابن حجر الهيتمي في كتابه الزواجر ما نصه: إن القاطع لا يدخل الجنة، وأنه ما من ذنب أجدر أن يعجل عقوبته من ذنبه، وأنه لا يقبل عمله.
وقد جاء التصريح بعدم قبول عمله في حديث أخرجه أحمد في المسند، وحسنه الأرناؤوط، ولفظه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إن أعمال بني آدم تعرض كل خميس ليلة جمعة فلا يقبل عمل قاطع رحم”.
ومن هذا ندرك خطورة قطع الرحم، وأن ذلك قد يحبط الأعمال الصالحة، لذا يجب المبادرة بصلة الأقارب، والتوبة إلى الله تعالى مما سبق منها، و”التائب من الذنب كمن لا ذنب له”، كما صح بذلك الحديث.
فقاطع الرحم مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب، يخشى عليه منها أن ترجح كفة إثم سيئاته على كفة ثواب طاعاته، فيكون عرضة للهلاك، إن لم تشمله رحمة الله وواسع مغفرته.
نقل الحافظ ابن حجر في الفتح عن القاضي ابن العربي قوله: “إِذَا جُعِلَتِ الْحَسَنَاتُ فِي كِفَّةٍ وَالسَّيِّئَاتُ فِي كِفَّةٍ، فَمَنْ رَجَحَتْ حَسَنَاتُهُ نَجَا، وَمَنْ رَجَحَتْ سَيِّئَاتُهُ وُقِفَ فِي الْمَشِيئَةِ؛ إِمَّا أَنْ يُغْفَرَ لَهُ وَإِمَّا أَنْ يُعَذَّبَ”.
فإذا عُلم هذا، فالواجب على قاطع الرحم أن يتوب إلى الله تعالى؛ حذرا من سوء المغبة، ولكنه إذا لم يتب فهو تحت المشيئة كما ذكرنا.
وأما فائدة فعله للعبادات فهي أن تبرأ بها ذمته، فقاطع الرحم الذي يفعل العبادات أقرب لحصول الرحمة ونيل المغفرة ممن لا يفعلها، وخير منهما التائب المقبل على الله تعالى الذي فعل جميع أوامره، وترك جميع نواهيه، وعلق قلبه به سبحانه، خائفا راجيا.
السحر وخذلان الشيطان للإنسان
السحر في الإسلام أمر محرم وغير مسموح به، ولا باقتراب من أهله حتى أن من ذهب إلى مجرد عراف ليسأله عن الغيب، وصدقه فقط، حُرم من صلاته مدة أربعين يوم، أما حكم الساحر فهو ضرب عنقه فماذا عن حكم الذاهبة أو الذاهب إليه المتسبب في السحر؟ قطعا سيكون قاسيا، وأمثال هؤلاء يستحقون ذلك فهو أسوأ من الساحر لأنهم السبب وهو مجرد أداة.
لن يترك الشيطان الإنسان، لا هو ولا أتباعه من شياطين الإنس والجن الذين يوظفهم، والذين تعتمد طريقتهم على طريقة سيدهم، بالإرتكاز على الوسوسة والمكر والغش وتزيين القبيح وجميع الطرق الملتوية، فهي وسيلة الشياطين إلى تحقيق مآربهم وأهدافهم التي أهمها أذية الإنسان، خاصة المسلم، وخاصة الموحد! فيوسوسون بناء على خطط مدروسة يجيزون فيها كل ما هو ذميم من أفعال وأخلاق.
ويشكلون خطرا على الناس عموما، هم والأنفس الأمارة، فتجد من يعرفك ومن لا يعرفك، يتشيطن لك في سبيل إزعاجك ودفعك إلى الزلل وحياة الضنك من قلق وغيره، ودواء ذلك هو الإعراض عن صاحبه، وتجاهل المقرب منهم قدر الإمكان، أما البعيد فما دام بعيدا، فليفعل ما شاء، ليحملق شزرا، بل ليسب ويشتم في المرور وغيره، فجوابه هو السكوت والإعراض ليواصل طريقه إلى غير رجعة إن شاء الله.
لا تدخل في شجار معه، فهو مجهول، أي في مرتبة المعدوم، اعتبر أن ما حدث لم يحدث، واصبر بضع دقائق ليتجاوز الموقف برمته من أمامك كأنه لم يكن، وقد لا تصادف صاحبه ثانية، فدعه يمر بسلام، لا توقفه لأن ذلك هو ما يريد الشيطان. فكم من جريمة قتل بسبب غضب سخيف في الشارع، لم يكن القاتل والمقتول يعرفان بعضهما البعض، فدخل الشيطان ليفسد عليهما حياتهما.
لا ترض بالحياة مع السلبيين فهم وباء كئيب مرير، ومثال للذين يسيطر عليهم الشيطان، ويستغلهم في أذية الناس، كالنرجسيين والمرضى النفسانيين الحاقدين على البشر عموما، فلا هدف لهؤلاء غير أذية الغير ولو بالحملقة!
وهم عذاب للروح لا شفاء منه في الغالب إلا بالإبتعاد عنهم والفرار، وفي الأرض متسع، فرؤيتهم غم، وأفعالهم وأقوالهم غم، وإن كان ولابد منهم، فتجاهلهم أولى من التناقر معهم، ولكنه صعب!
ويجب تعلم التجاهل فهو فن، ويعتبر السبيل الوحيد إلى إعادة المرتمين إلى مزابلهم التي خرجوا منها، أي إلى أماكنهم الطبيعية بعيدا عن عالم المسكين الذي احتلوه!
وأسلوب شيطانات الإنس هو أسلوب سيدهن الشيطان، أي الوسوسة، تظل الواحدة منهن جالسة تحت أذن الرجل مستغلة كل صغيرة وكبيرة في عالمه وعالم أهله أو أبنائه إن كان متزوجا قبلها، لتفتري الأكاذيب في سبيل إبعاده عن الجميع، وإذا وجدت الفرصة لسحره فعلت دون تردد! فيتحول من كريم خلوق إلى ما لا يحتمل، لا يبالي بما يصدر عنه من أقوال وأفعال ناقصة، ولا بنظر الناس إليه بعد أن كان ذلك أهم شيء عند!
ومع الوسوسة المستمرة، والأكاذيب المتكررة، والسحر، يلين الحديد. ويتحول المسحور إلى عدو لأحب الناس إليه، كاره لجميع البشر إلا السحارة التي تحته! مكروه من كل البشر حتى السحارة التي تحته.
تستخدم تلك الشيطانة، الوسوسة تحقيقا للمآرب الخسيسة، وهذا النوع من البشر معدود في شياطين الإنس لأنه على منهج الشياطين، ويعمل بأساليبهم، ولا يتورع عن أي فعل أو قول يؤذي به الغير، وأوله الوسوسة، يفترى على الغير الأكاذيب، ويتخذ ذلك وسيلة لتحقيق مآربه.
وبعض المحامين (محامو الشيطان) يدافعون عن المجرمين لأن الغرب الخسيس أعطى للمجرمين حقوقا! عجبا لإتباع المسلمين للغرب الكافر الذي بضاعته مردودة عليه! في الوقت الذي يفتك فيه بالشعوب الإسلامية وكذب على دينها بوصفه بالإرهاب وغيره، فمتى كان للمجرمين حقوق؟ أليسوا كالأسد المتجولة في الشوارع، إذا كان لها حقوق فلهم حقوق مثلها.
المجرم حيوان مفترس، يصول ويجول في الشارع مؤذيا الآمنين، فهل لمثل هذا حق غير رصاصة تريح الناس منه ومن شره؟
أليس ذلك هو الحل تجاه الأسد الهارب من حديقة الحيوان؟
إن ذنب المجنونة التي تهز أردافها إلى ساحر لتسحر الأبرياء ظلما وعدوانا، وهي تعلم أن السحر صرف وتغيير وتخبيل وإمراض وجنون! وتدخل سافر في حياة الآخرين لتحويلها إلى ظلام! فمن سمح لها بتتغير حياة الآخرين، لا بورك لها في حياتها؟!
من أعطاها ذلك الحق؟ فيا له من ذنب عظيم! تذهب إلى ساحر عفن قد ترضى بمواقعته لها في سبيل السحر، وكثيرا ما يمتهنهن السحرة وهم أقذر الناس، فيواقعونهن هم وشياطينهم، وقد تصاب بآثار من ذلك، ولا يكون في ذلك خير لها أبدا، لأن مخالطة ساحر كافر عابد للشيطان، لا خير فيها أبدا، مهما ادعى من الصلاح كبعض مشايخ الصوفية.
فهي الساحرة لا ذلك الساحر القذر، وعقابها إن لم يكن مثل عقابه فقد يكون أشد، لأنها السبب في ما وقع من أذية، هي أول من يتحمل المسؤولية عنها، ولولا شؤمها، وشؤم تفكيرها لما فكر الساحر للحظة في أذية الآمنين لمجرد أنها تبغضهم أو تتناقر معهم على أوساخ الدنيا!
فلا يدفعك – أختي – الشيطان إلى الإعتقاد في السحرة، فهم ليسوا بشيوخ، والتصوف نفسه ليس من الدين، ولا تكفر معينا بل نتحدث بعموم، فهؤلاء يعبدون ابليس، هو من شرع لهم طرقهم، إلا ما رحم الله، وأول علامات استخدامهم للشياطين سؤالهم عن اسم الأم، وهي علامة فارقة للتفريق بين الساحر والراقي الصالح.
قال الله تعالى في كتابه الكريم: “وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا”. تأمل في خذلان الشيطان لأهل المعاصي وهم في أمس الحاجة لها! إذا كان رمضان على الأبواب، يقول البعض لنفسه، سأرتكب هذا الذنب أو ذاك، آخر مرة، وأتوب توبة نصوحا، لكن الشيطان يخذله في تلك المرة لأنه لا يريد له التوبة، فلا يتيسر له الذنب لأن المرأة التي أرادها في الليلة التي تسبق رمضان في الحرام، رفضت طلبه بوسوسة من الشيطان، أو تمنعت ليزداد حرقة واشتعالا، حتى يدفعه ذلك إلى ارتكاب الإثم في رمضان، أو المسارعة إليه بعده. فعلى الواحد أن يعرف نقطة ضعفه فإن كانت شهوة النساء فعليه الزواج بدون تردد، فذلك هو الحل الوحيد، وليس معنى الزواج الإزدياد حرقة على القحاب، كما نجد عند بعض المضللين، بل القناعة والرضا، فكلهن سواء.
فخذلان الشيطان له، له أسباب من أهمها حرص الشطان على عدم انقطاعه عن الذنوب، وتعذيبه بها، فهو لا يريده ان يستمتع حتى بالذنوب، وهذا من الخذلان العجيب! ثم كيف يستمتع الواحد بما يضره عاجلا أم آجلا، حفظنا الله وإياكم من كل سوء.
المهم عند الشيطان أن يظل عدو الإنسان في شقاء لا ينقطع عن الذنوب التي يزين له، وفي نفس الوقت لا تشبع نفسه منها! فلا يتركه يستمتع، ولا يتركه يرتاح!
ويكون الخذلان يوم القيامة صريحا، أمام الملأ، حيث يقول الله تعالى: “وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم”. فيتألمون أكثر وأكثر، وهذه نتيجة اتباع الشيطان. حفظنا الله وإياكم من شره.
فهدف الشيطان ليس مصلحة الإنسان عندما يوسوس له بارتكاب الذنوب، وتناول الخمور والمخدرات، وخيانة هذا وغش ذاك، ونهب ذاك، وظلم ذاك، بل انهاكه في الدنيا والتسبب في دخوله النار بعد ذلك الضنك في الآخرة.
أما هدف الرب فهو خير الإنسان في الدنيا والآخرة، لا يأمر الإنسان إلا بما فيه خيره، ولا ينهاه إلا عما فيه شره، تأمل ذلك في كل الأوامر والنواهي.
فانظر في ذنوبك، وستجد الشيطان يخذلك فيها أكثر مما يمتعك بها! وهذا ينطبق على جميع أنواع الذنوب، لهذا قال الله تعالى: “وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا”، وقال تعالى: “وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ”، فوعد الشيطان خذلان وشقاء.
فلماذا لا يبدأ العاقل بخذلان الشيطان؟ لماذا لا يوجه إليه الضربة بدل استقبالها؟ إن الذين أرغموا أنف الشيطان أبطال، ولا يكون ذلك إلا بالتقوى الحق والصبر، وسيتعب الواحد في البداية، لكنه سيرتاح كثيرا إذا علم الله منه الإخلاص، وستتحول دنياه إلى جنة قبل جنة الخلد إن شاء الله. قال ابن تيمية: “إن في الدنيا جنة، من لم يدخلها لن يدخل جنة الآخرة”. فقيل إن جنة الدنيا هي القرآن، لكن صدق الشيخ، فلابد من الإحساس بها في هذه الدنيا كدليل على الخيرية، فذلك جزاء جميل معجل من الله سبحانه وتعالى الكريم، له في الدنيا قبل الآخرة.
إنها حرب عشواء لا هوادة فيها ولا راحة بل جهاد وصراع ضد الأنفس وشياطين الإنس والجن والظروف وامريكا وإسرائيل! فإما الإنتصال فيها على الشياطين بالتقوى والصبر، وإما الهزيمة!
فكم زين الخبيث من قبائح إذا عادت الفكرة بعد السكرة عرف الواقع فيها أنه خاص في مستنقع آسن، لكنه ينسى بعد أيام قليلة، ويعود للذنب بسبب الشيطان!
وهكذا دواليك، ذنب بعد توبة ثم توبة بعد ذنب، يظل الواحد يتعذب حتى يفقد الإحساس بالقبائح وينتكس قلبه، أو ينتصر ويتوب، فطريق الذنوب شؤم لا خير فيه ولا بركة، خير منه للواحد الزواج والتوكل على ربه، والبعد عن شياطين الإنس والجن قدر الإمكان.
وبالنسبة لشياطين الجن يكفي القرآن والعبادات والدعاء في صرفهم، ومن فعل ذلك وداوم عليه فإن الملائكة تحرسه وتعينه هي والجن المسلم عليهم، أما بالنسبة لشياطين الإنس فيجب الحذر منهم تمام الحذر لأنهم أخطر!
قل لشياطينهم الكثيرين والمحسوسين – ما أثقلهم – سلاما، تجاوز عن السفهاء فورائهم شؤمهم وشياطين الجن، وخطورتهم أكبر لأن التأذي منهم أبلغ، حفظنا الله وإياكم من كل شر.
مثال: قد تجد من يسبك في المرور بسبب أو بدونه، وأنت لا تعرفه ولا يعرفك، فالشيطان وراء ذلك، يريد إحداث فتنة بالإيقاع بينكما، فانتبه لذلك، وقل للسفيه سلاما، وتجاوزه، فقد لا تراه بعدها. ولا تستغرب من كثرة المؤذيين في هذا الزمن، فالبعد فيه عن الدين أكبر، ومصير ذلك العقاب الجميعي، سلمنا الله وإياكم منه.
حكى أحدهم قصة شخص تشاجر مع آخر في السوق على شيء سخيف، فضربه بعصى في يده على الرأس، فوقع على الأرض، فظن أنه قتله، ففر على وجهه، وأمضى 30 سنة وهو فار، لا يجرؤ على الظهور، حتى قرر يوما تسليم نفسه للشرطة ليرتاح، ففوجئ بأنه لم يقتله أصلا! وأنه نتيجة لذلك غير مطلوب! فنظر كيف أضاعه الشيطان، فترفع عن الأمور السخيفة، بل وعن الغير سخيفة، فلا شيء له قيمة في هذه الدنيا غير الأعمال الصالحة، جعلنا الله وإياكم من أهلها.
فلنخذل الملعون قبل أن يخذلنا، ولنهزمه قبل أن يهزمنا، ولن يتحقق لنا ذلك إلا بالتوبة النصوح التي لا رجعة فيها، والإلتزام بالدين، وتعلم التوحيد لكي لا يكون عملنا هباء.
ويجب إغلاق مداخل الشيطان، ومنها مدخل الشهوة، ولا يكون ذلك إلا بالزواج – حتى دون مال أو وظيفة – لأجل تحصين النفس، فتحصينها هو أهم شيء، لأنه يقيم نصف الدين، وبه وبالقناعة والتقوى، يتقى الواحد أعظم فتنة، وهي فتنة النساء، فلا يبقى إلا منع يده ولسانه عن الحرام، وغير ذلك من وسائل التقوى، فالدنيا كلها لا تساوي شيئا، والفائز فيها ليس من يترك خلفه القصور والألقاب والجوائز، فلا شيء من ذلك يغدر الدنيا، بل من يخرج برصيد كافي من الأعمال الصالحة، تلك هي البضاعة التي تنفع أما غيرها فهباء.
لا تذهبي إلا السحرة
هذا بالنسبة للسحرة فالذاهبة إليهم يتم تقييدها قطعا بالجن والسحر فعلا، فيتحول عالمها البسيط إلى فيلم رعب وأشباح آخر!
أما الدجاجلة الكذبة الذين هم ليسوا سحرة بل مجرد نصابين، فأيضا عندما يتمكنوا من الواحدة، فإنهم يمتصونها مصا ولا يتركونها إلا عظما! أما فجورهم بالنساء فمشتهر. وهذه القصة التي رواها أحد القصاص مثال على ذلك:
قال إن إحدى النساء المؤمنات بالسحر وصلاح المعالجين بالرقية أو نفعهم، وأكثرهم سحرة. فذهبت إلى شاب في الثامنة والعشرين من عمره، يلبس لباس المشايخ، فاستغل الفرصة وأقنعها بأنها مسحورة، ثم في أثناء الحديث أخذ منها معلومة عن امتلاك أختها لسيارة وأرض كبيرة، فطمع فيهما، فقال لها إنه خلصها من السحر، ولكن سحرها من النوع الذي يتم ربط شخصين به، وأن المربوطة الثانية هي أختها وطلب منها أن تخبرها بذلك لتأتيه ليخلصها من السحر.
فأخبرت أختها بذلك فاعترضت على الذهاب إليه، وحسنا فعلت، لنها أخبرت زوجها بذلك، وكان الزوج أضعف منها. فبعد مدة أصيب الزوج بمشكل في ظهره، فأجرى عملية جراحية ولم يغادره الألم، فنصحه البعض بالذهاب إلى راقي، فتذكر أنه يحتفظ برقم هاتف الراقي السابق، فاتصل به، ففرح الأخير بالصيد الذي دخل شباكه برجليه.
فأخذ منه مبلغا كبيرا في البداية، ثم أخبره أن السحر مرتبط بارض اشتراها، وهي الأرض التي أخبرته بها الأخت، وأن صاحبها مظلوم لذا وضع فيها سحرا لكي لا يهنأ بها أحد بعده، وأن عليه بيعها، ولكن حتى إن باعها ستستمر اللعنة في النقود، والحل هو أن يكتبها باسمه على أنه باعها له، ثم يبيعها هو ويعيد إليه النقود، وبهذا يخلص من السحر! ففعل ذلك.
ثم طلب منه مبلغا كبيرا آخر لمسألة أخرى! ثم اضطره إلى بيع سيارته وإعطائه نقودها، وابتزه ابتزازا شنيعا مما يدل على أن هؤلاء إذا تمكنوا من فريستهم فإنهم يلتصقون به طول العمر أحيانا مثل حال بعض النسوة مع السحرة عندما يذهب إليهم، تكون علاقة قد تدوم طيلة حياة أحد الطرفين، وقد تتخللها معاشرات جنسية مستمرة تحت ذريعة التخليص من الجن والسحر! وكل هذا بسبب شؤم الذهاب الأول إلى ذلك الساحر أو حتى الشيخ الصوفي، لأن الأخير ساحر أيضا.
ثم في الأخير وحتى يثبت للشرطة لأنه بريء إذا تم كشف أمره، أجبر الأخت الأولى التي جاءته، وهي المؤمنة بالسحر والسحرة مثل الكثيرات، على أن تشتري منه الأرض ب 100 ألف، ولم تكن تملك المبلغ، فهددها بأنه سيرسل عليها جميع خدام الأسحار إن لم تفعل، فأخذت قرضا من البنك وذهبت تستقصي عن الأرض، وحسنا فعلت لأن حرصها خلصها هذه المرة، فقد اكتشفت أن النصاب اشتراها من زوج أختها، وفهمت لعبته الخبيثة، وعرفت أنه استغل خوفها وثقتها والمعلومات التي أعطته في النصب على زوج أختها!
إن الساحر – وكذلك الدجال – عدو لله وللإنسان وللحيوان وللطبيعة، ومن أكبر المفسدين في الأرضوإن تزيا بزي الشيخ فلا تنخدعي بصلاحه المظهر بل انظري إلى أفعاله إن كنتِ تعقلين.
يريد بالسحر التأثير بتغيير الحقائق والتلاعب بحياة الناس التي لا تعنيه أصلا، فهل فيمثل هذا الكلب خير؟!
إنه مؤذي، لكن شرط وقوع أذيته أن تذهبي إليه بنفسك لتسهمي في أذية الأبرياء، فهو لا يؤذي إلا إن ذُهب إليه، والذاهب إليه هو الساحر الحقيقي، والمؤذي الأكبر، لا هو، فإذا كان حد الساحر ضرب الرقبة بالسيف في الدنيا، والإحراق بنار جهنم في الآخرة أبد الآبدين، فما حد الذاهبة إليه وعقوبتها، وهي أسوا وأخبث منه لأنها السبب الأصلي لوقوع الأذية؟
الساحر كافر بالله، وثمن تعلم السحر هو الكفر بالله، فهو مقلب للأحوال مضر بالغافلين الآمنين، فالواحد قد يتحول 180 درجة عن طبيعته بسبب السحر، وقد يرغم على أشياء لا يريدها أو يصرف عما يريده، أو يفرق بينه وبين أعز الناس إليه، أو يمرض أو يصاب بالمس أو الجنون، كل ذلك بالسحر! فهو تلاعب بحياة الناس، وأذية قذرة كبرى قد تصل للقتل.
وكعقاب للساحر في الدنيا قبل الآخرة التي ينتظره فيها الويل، فإن أول من يتضرر من السحر هو الساحر نفسه، فالشياطين التي تخدمه لا تخدمه لجماله وعلمه، بل لأذيته أيضا، فمهما كرمه الناس واتخذوه شيخا وليا من أولياء الشيطان، وهم يعتقدون أنه من أولياء الله، تكون حياته بائسة وضنك، وذلك عقاب كل من أعرض عن ذكر الله، وأول من يتسلط عليه هم شياطينه الذين يعتد بهم، فلا يتركون يرتاح، بل يجبرونهم احيانا على النوم في المرحاض وسط القذارة، ويصيبون أبنائهم بالجنون..
فلا تذهبي إلى الساحر فتكوني أسحر منه بذلك، لأن أصل السحر وسببه، لولا ذهابك إليه ما ضر الأبرياء الذين تحقدي عليهم او تنافسينهم على الدنيا الفانية التي لا قيمة لها!
لولا ذهابك إليه لما أحس بوجودهم، ولكنكِ جعلته يتدخل في حياتهم ويسحرهم، كل ذلك بسببك فمن الساحر الحقيقي؟ أنت أم هو؟ أيكما أسحر؟
فاحذري من أوهام التسلط على الغير والإنتقام، فالدنيا ليست دار صفاء أو قرار، ولن تدوم لك كما لم تدم لغيرك، وستدفعين الثمن غاليا إن لم تتوبين ويكون لك في ذلك مخرجا، فحق المسحور موجود!
فلا تذهبي إلى السحرة، وتوكلي بدلا من ذلك على ربك، واقنعي بما رزقك، واصبري على الأذية وعنها، تعيشين حياتك مرتاحة، وتغادريها مطمئنة عندما تحين اللحظة.
فلا تقربي السحرة، فهم أشد الناس أذية، فلا تتمني للناس السحر ولا تحبيه لهم، فالمسلم يحب لأخيه المسلم ما يحب لنفسه، وهل تحبين أن يسحرك أحد؟
المغنية وردة والصوفية
أصبحت أمرا تخشى منه سوء الخاتمة، مثل تقييد المتصوفة لأتباعهم بقيد سوء الخاتمة لكي لا يتركوا التصوف أو ينتبهوا لدينهم الحقيقي! فيمنعهم الخوف من الشيخ – الذي لو كان طيبا لما كانت فيه أذية – من مجرد الإعتراض خوفا من الإنطراد كما أكد الساحر التائب الذي فضحهم وفضح تصوفهم، فيما يلي..
والحقيقة التي يعرفها كل من يخشى الله من العلماء وغيرهم، هي أن الإسلام ليس فيه إلا الظاهر فقط، وشريعة الخضر لا تعنينا! بل إن الظاهر الذي كان شريعة موسى عليه السلام هو الذي يعنينا، وموسى عليه السلام أفضل من الخضر بكثير، لكن المتصوفة تركوا الظاهر الذي عند موسى واتبعوا الباطن الذي عند الخضر، تركوا الأفضل إلى المفضول..
والخضر لم يكن وليا فحسب بل كان نبيا يوحي الله إليه (بدليل آيات سورة الكهف ففيها أن الله سبحانه وتعالى هو الذي يوحي إليه)، فلم يفعل ذلك بالولاية كما زعموا بل بالنبوة، أي أن الله تعالى أوحى إليه فعل أشياء مخالفة في ظاهرها للشريعة، مثل قتل الغلام، فهل في هؤلاء الأولياء المزعومين نبي لكي نقبل تقليده له؟ فمنهم من يزني أو يشرب الخمر مخالفا للشريعة، أو يفسد الإسلام من أساسه ويصد الناس عن أركانه، ثم يقول هذا من العلم الباطن الذي كان عند الخضر؟!
وقصص هؤلاء المتصوفة الفاضحة كثيرة، تضج بها كتب علماء الإسلام، فمنهم من كان يأتي حمارة في وضح النهار، بل يقول للناس امسكوها لي! ومنهم من سب الله والرسول والدين كابن عربي والحلاج وغيرهما، ومنهم من كان يزني بنساء مريديه جهارا نهارا، والمريد يحسب انها روحه او البركة.. إلخ.. عليهم لعائن الله، لأن الشيطان الذي يحتوشهم لا يمكنه الصبر عن الفسق والكفر. ومن تبع الشيطان لابد ان تظهر لك أيها العاقل شطحات من شطحاته شيطانه، وشيبررها لك فلا تصدقه بل صدق القرآن والسنة، فلا يبيحان لأحد مهما كان الإتيان بمحظور حتى إن كان الإمتناع عن بعض الصلوات (وهو كثير في مشايخهم، تعسا لهم).
كان الصحابة رضي الله عنهم كالأنبياء الكرام، بشرا عاديين يأكلون الطعام، ويمشون في الأسواق، ويضربون ويُضربون في سبيل الله، لم يكونوا ملائكة يحركون الغمام كزعم شياطين التصوف الذين يمسك القطب منهم إحدى الجهات الأربع، ما أكذبهم..
ولم يرغبوا في البحث عن أي سر من الأسرار، لأن الدنيا دار ابتلاء، ليست دار أسرار وكرامات، لسنا هنا للحصول على الكرامات والمكاشفات بل لدخول الجنة وبالكدح والعناء لا الرخاء، إلا ما شاء الله، يسر الله لي ولكم دخول الجنة.
ولو كان الأمر كذلك لنفعت كرامات مشايخ المتصوفة – ما أكثرهم – غزة اليوم! فأين هم منها، وهم يزعمون أنهم يديرون الكون، عليهم لعائن الله إن لم يتوبوا. لكن بدلا من ذلك مشتغلون بزواياهم التي يحلبون فيها الفقراء، ويأكلون منها السحت، لذا الغالب على أبنائهم هو الضياع والجنون لقلة البركة، ولشدة القرب من الشياطين. ثم اشتغلوا بالسياسة! لتعرف أنهم يتبعن الشيطان لا الخضر، يشتغلون في السياسة الديمقراطية اليهودية الظاهر تعارضها مع الإسلام! طالع هذا الموضوع هنا.
لهذا قُتل الكثير من الأنبياء، وعُذب الكثير من الصالحين، ولم يكن لديهم سر ولا مكاشفة تفك قيودهم! بل ابتلوا وحصلوا على الثواب الحسن لقاء ذلك، فكيف بمن جاء بعدهم من التافهين الجهلة بالدين المقملين الذين يتربى الواحد منهم في صحراء المغرب أو موريتانيا المقملة، في خرافات التصوف والأسرار والمكاشفات الإبليسية، فلا يكون له من هم إلا الوصول لها، وعندما يصل يستقبله الشيطان بالأحضان النتنة، يستقبله بالسحر كما ذكر الساحر التائب الذي أوردنا كلامه لمن يتعظ.
فالتصوف باطل أيها المسلمون، ليس من الإسلام في شيء (المقصود كبرائهم الذين يضلون غيرهم لا العوام المساكين الذين قد يعذروا بالجهل، ومع هذا لا يعذر الواحد منهم إن بلغه الحق وصم أذنيه عنه)، بل من الشيطان كما أكد شاهد من أهلها. ولا تقل لي: فيهم وفيهم، فما فيهم إلا الشياطين (كبارهم لا العوام).
انتبه، الكلام هنا، ليس عن عوام الصوفية المساكين المغرر بهم، إخوتنا في الإسلام، هؤلاء قد يعذرون بالجهل، وهم الذين يُرجى لهم الخير بالنجاة من أغلال التصوف المرهقة (بعضهم يذكر ذكرهم مليون مرة في اليوم، فيضع الوقت والجهد والعمر فيما لا ينفع، المساكين). الكلام عن كبارهم ومشايخهم، وكل من أخذته العزة بالإثم منهم، ممن ذاق طعم المال الحرام والشهوات الباطلة، واستطيب ذلك وسال له لعابه! وما أكثرهم.
هؤلاء الذين تتنزل الشياطين عليهم، أما عوام الصوفية فمساكين قد يتداركهم الله برحمته فيتوب عليهم، وقد يلقوا ربهم بتلك الذنوب التي إن كان فيها الشرك بالله فيا ويلهم ويا سواد يومهم. ويحرص أولئك المشايخ الشياطين والكبار، على أن يوقعوهم في الشرك، لأن هدفهم هو قذفهم في جهنم، ذلك ما تريده شياطينهم التي تخدمهم أو يخدمونها بمعنى أصح.
وقد يتوب الواحد منهم مثل الساحر التائب الذي أوردنا شهادته، لكن ذلك قليل نادر مقارنة بتوبة العوام المساكين الذين فيهم بذرة خير. لذا وجب التحذير من التصوف، لكن بما أن الناس في هذه الدنيا يدورون مع المصالح والطرب، فقل من يعترض عليه ليري الناس الحق بالدليل. حتى السعودية التي كانت أساس العقيدة تخرب اليوم، يخربها ولي خرابها، لا قدر الله، يبيعها جهارا نهارا لليهود والنصارى.
ولم يكن منهم من يدعو شيخا أو فاضلا، ولا ينذر له ولا يجلب البقر والأموال للحصول على البركة والرزق والشفاء، ومن زعم انه يرزق ويشفي فهو كذاب، لأن ما لا يقدر عليه إلا الله سبحانه وتعالى لا يمكن لأحد من البشر وعفاريته فعله! ودعنا من العلم الباطن فهو عبارة عن سحر كما سترى.
لو كان فينا غير علماء البدع أخرى كالأشعرية والإخوان وغيرهم، لأعترض، لأن اهل البدع لا يعترضون على إخوانهم في البدعة، فمن قواعدهم سكوت بعضهم عن بعض حتى لا ينطبق عليهم المثل: “لم يرونا ونحن نسرق، ورأونا ونحن نختصم”.
لذا لا يرد عليهم إلا أصحاب الطائفة الظاهرة، الطائفة الوحيدة التي ترد على كل أهل البدع معا، بدءا بداعش اللعينة وانتهاء بكفار الملل الأخرى، الطائفة السلفية المباركة التي يُهد ركنها اليوم في السعودية، تداركها الله برحمته وأزاح الغمة، وأعادها أقوى، وإلا فعلى المسلمين السلام…
ترتيب حكام المسلمين في موالاة الكفار والمجرمين
ترى أحدهم ببطنه مترنحا مثل الزق المنفوخ، شامخ الرأس عابس الوجه، أوسمته متدلية على نحره بغير أدنى استحقاق.. محاط بالحرس، وبالمنافقين الذين يصفقون له بيد، ويصفعونه في بواطنهم بالأخرى، ويسارعون إلى دعم من يقلب حوافره بالإنقلاب..
عربيد فاجر مغرور متكبر متفرعن على شعبه، كلب عند غيره، يعتقد أنه وحيد قرن زمانه، بلا مثيل ولا شبيه، وهو أرذل الناس وأخسهم وأوسخهم..
فأر في الشدائد ثور في الرخاء، يخشى اليهود والكفار أكثر من خشيته لربه – والعياذ بالله، لا يحمل من الإسلام غير اسمه، ولا من العروبة غير رسمه، بل قد يكون يهوديا مدسوسا..
قيل لأحد حكام هذا الزمن: صف لنا الحرب. فقال: أولها يهود، وأوسطها يهود، وآخرها يهود.
وقيل في أحدهم:
ولا خير في عمالة إذا لم تكن لها … غدرات تحمي صفوها أن يكدرا
وغدراتهم ظاهرة في فلسطين، بل في بلدانهم، ففي كل بلد غدرة وغدرتين!
هذا يبدل الأخلاق والدين، وذاك ينشر الديمقراطية بقداسة، وذاك يبيع البلد للأوروبيين!
هم حكام المسلمين في هذا الزمان، زمن الرويبضة، وهو الرذل الجاهل الفاسق العميل المتصدر في كل مكان، باسم الديمقراطية أحيانا – لعنها الله، وباسم اليهود والنصارى أحيانا أخرى!
تفوح منهم رائحة العفن رغم العطور الغالية التي نهبوا، لا دين لهم ولا ضمائر ولا كرامة ولا جذور ولا أصول..
إنجازاتهم تضييق على الشعوب، يعتقدون أنهم كلما ضيقوا عليها كلما استتب لهم الأمر، ولن تستتب لهم إلا جهنم إن شاء الله..
سياستهم العمالة لأمريكا وأوروبا، وهم مستعدون لبيع كل شيء في سبيل الكرسي الملعون.. وأول ما يبيعون أنفسهم والدين والوطن!
لم يكتفوا ببيع الوطن والدين بل تجاوزوا ذلك إلى مساعدة اليهود في حربهم على الإسلام والمسلمين في فلسطين، رغم أن اليهود يلعنون آبائهم في السر والعلن، ليل نهار، ويعتبرونهم حميرا للركوب!
المراكيب، يعيش البغل منهم لأجل نومة هنيئة ووجبة لذيذة، وشابة كالتي في الصورة المرفقة ودونها..
ما بين بائع وطنه لليهود بأبخس الأثمان، أو يهودي مدسوس، أو بائع لدينه يسعى لتغيير جذور الإسلام في بلده، أو حارس لحدود اليهود ينتظر لحظة تسليمهم مفاتيح بلده، أو أداة في أيديهم، لا عمل له إلا إفساد دول المسلمين بقنواته الفضائية، وأمواله المشؤومة التي يدعم بها كل المفسدين في كل دول المسلمين!
فبماذا ابتليت أمة الإسلام اليوم لتستحق كل هذا؟
هل ابتلينا بالمستعمر اللعين، الذي دخل دولنا ولم يخرج منها حتى اليوم!
مزقها إربا، وحولها إلى دويلات متناحرة، مفرقا ليسود، وبث فينا عملائه ليحكمونا بيده، فبثوا فينا لغته وتعليمه اللعين، وثيابه البغيضة، ودينه الإلحاد، لينسونا ديننا وأصولنا وتاريخنا..
تخيل أن مدارسنا تُدرس من الفلسفة أكثر مما تدرس من السيرة وتاريخ الإسلام والدين!
حاربوا اللغة العربية، وثوابت المجتمع والدين فكانت النتيجة هذا الضياع، حتى أصبحت كرة القدم دينا للشباب، وأهم أولوياته!
أبرزوا كل ملحد ومفكر في الكفر والضلال من مجددي الشيطان، وطمسوا كل داعية إلى الخير.
أصبح أساس الحياة هو الحصول على وظيفة مشؤومة يتحول صاحبها إلى مرتشي آكل للمال الحرام! بعد أن كان الحصول على رضا الله هو الأساس!
انحلت العزائم وفترت الهمم وساد الجهل المقنع بالثقافة الغربية التافهة، وبرزت نخبة الجهلة من السياسيين المصلحيين النفعيين الذين لا دين لهم ولا ضمائر، الذين لن تجد أحدا منهم أبدا ينتقد أساس البلاء وهو الغرب، بل بالعكس يثنون عليه وعلى حضارته وديمقراطيته، رغم كل ما يفعل من أجل كراسيهم، مثل الحكام تماما! حتى وصلنا إلى اليوم الذي يُقتل فيه المسلمون أمامنا في غزة، ونحن نتفرج على المباراة، ونخرج بعدها إلى الشارع كالبهائم فرحين بالفوز السخيف!
فماذا أقول لهم؟
أقول لهم، ابتعدوا عنا إن كنتم يهودا، ابتعدوا عنا إن كنتم عملاء أو جبناء!
أفيقوا من سكرتكم، كفاكم ما تشربون من خمر آسنة، فمن حارب رب العالمين هلك!
لقد أصبح الواحد منا اليوم يشك أنكم يهود!
احذروا من التمدن الغربي الخسيس، فمآله إلى الخراب حتى في دولهم..
احذورا من السياحة وتوطين الأجانب فقد تستيقظون يوما على نسبة ال 90% التي ادخلتم تحتل بلدانكم لتحكمها باسم الهند أو أمريكا وإسرائيل الكبرى!
اتركوا عنكم بث الشقاق في دول المسلمين، ألا يفترض في هؤلاء أن يكونوا إخوتكم أيها الملاعين..
اتركوا عنكم مساعدة اليهود فقد يحشركم الله معهم بسبب ذلك إن شاء..
أقول لصاحبنا، لقد كانت سياستك الداخلية هادئة ولا زالت، وتلك محمدة، لكن سياستك الخارجية نار وجحيم، لقد صرت تسكن في الطائرات بين واشنطن وبروكسل، وذلك أمر مشبوه.. فلا تبعنا للغرب، لسنا سلعة تباع وتشترى، نحن مسلمون، وهذه أرضنا، هذه ثرواتنا، لسنا سلة غذاء لأحد خاصة هؤلاء الكفار، ولسنا فقراء لنحتاج لصدقاتهم، وهم لا يعرفون معنى الصدقة أصلا، ولا يعطون فلسا لوجه الله..
ابتعد عنهم، لا توالهم مثل غيرك من الحكام المخذولين، فموالاتهم كفر، وجحيم بعد الممات.. تكفي الذنوب الصغيرة، فلماذا تصرون على مقابلة ربكم بأكبر ذنب وهو موالاة الكفار وبيعهم الدين والأوطان؟!
لا نريد اللاجئين في بلدنا.. بل لا نريد أي شراكة مع أوروبا وأمريكا اللعينتين، انظر ما الذي فعلوا في فلسطين، وانظر ماذا فعل اللاجئون الحمقى في تونس، لقد كادوا يحتلونها!
أتريدهم أن يفعلوا ذلك في بلدنا؟
يكفينا ما نحن فيه من تفرق، لولا أننا جميعا مسلمون لدفعنا ثمنه.. فلا تجلب لنا من لا نعرف من أراذل إفريقيا وغيرها، يكفينا ما عندنا..
اللاجئون سيكونون الشعلة التي تشعل البلد لأن أغلبهم قد لا يكون مسلما، ما كان يحفظنا من مكائد الأوروبيين هو إسلامنا، وهؤلاء لن نعرف ما هم ومن هم..
في زمن أصبح مجرد سماع خبر لقاء رئيس عربي أو دبلوماسي بأحد الأمريكيين أو الأوروبيين، يغيظ ويؤلم القلب، لشدة بغض المسلمين لهذه الدول الظالمة المصرة على ظلمها بمنتهى الوقاحة، يصر حكامنا على الإرتماء في أحضانهم باسم السياسة البغيضة..
فهل يحق للشعوب أن تحرم عليهم مجرد رد السلام عليهم؟
من حقها…
ألا تفهمون؟ ألا تحسون؟
الكفار يدمرون غزة، وأنتم تعقدون الإجتماعات الودية معهم ليل نهار!
الشعوب تتألم من مجرد سماع أسمائهم وأخبار أذيتهم، وأنتم تتسابقون إليهم ليزرعوا فيكم بذور الفساد، فاتقوا الله في الدين والمسلمين، في الأرض في الوطن..
هذه الدول ليست ملكا لجد أي واحد منكم، والشعوب ليست عبدة لكم..
لعن الله الكفار المجرمين وكل من يواليهم ويترضى عنهم في هذا الزمن وكل الأزمان، وأراح الله المسلمين من كل عميل وشرير، وأعزهم وأعز الإسلام..
التسدار والمال الحرام والسحر مشكلة في هذا البلد
التسدار والمال الحرام والسحر، ثلاثي خراب الدين والمجتمع (التسدار هو البحث عن النساء بغير وجه حق).
من المتعارف عليه المجهول للأكثرية، أن الدنيا دار ابتلاء وعناء واختلاف، لا دار تنمية وتوافق ومساواة وحرية، كما يزعم الديمقراطيون والحقوقيين والإخوان، وأول من يخالف تلك الحريات وذلك العدل المزعوم هو الغرب نفسه، مصدر الشبهات.
فالأصل فيها هو الفساد لا الصلاح، لذا فإن الإنسان فيها ثلاث أقانيم في واحد – كما يقول أهل الضلال، “هو ونفسه وشيطانه”..
“هو”: كائن معقد متشكل من التربية والبيئة والدين، وكلها عوامل متداخلة، ومن هنا نجد بعض الناس يتفقون على لئامة بعضهم، فيعتقد بعض الحقوقيين أن ذلك افتراء عليه، ولولا الإبتلاء لما وُجد اختلاف بين الناس، لأن دار التوافق والسلامة هي الجنة وحدها.
فإذا اتفق الناس على شيء وتعارفوا عليه، فمصدر ذلك التجربة لا النظريات، وهذا لا يعني أنه لا يوجد أخيار في منابت السوء، لكنهم قلة أو ندرة..
فإذا خبرت الطائفة المتهمة، تجد لحكم الناس عليها أصلا، وله فيها شكلا، فهو لم يأت من فراغ، وهي عاجزة عن نفيه بالدليل.
فالغالب على الناس الفساد، وأسباب فسادهم كثيرة، منها البيئة الخبيثة أو منبت السوء، فمن تربى في بيئة خبيثة تأثر بها، وقل من ينجو من ذلك.. فبعض الناس يتربون في قذارة، تجد الأب لا يهتم يغير بطنه وفرجه، والخال مستعد لإغتصاب ابنة اخته، والأم لئيمة فاسدة، لا هم لها غير سحر زوجها وإشباع بطنها، وعندما يكبر الأبناء يُرمون في الشارع للإستراحة من أفواههم الجائعة وتوفير نقود اطعامهم، فكيف يخرج مثل هؤلاء أسوياء؟
هذا بالنسبة للأسر الوضيعة العادية، فما بالك بالأسر المجرمة التي قد يكون فيها الأب والأم من كبار تجار المخدرات أو آكلي المال الحرام؟
ف”هو” متأثر ببيئته وشخصيته المتشكلة، وقد يكون محايدا ظاهره أنه بلا مشاكل، لكن عندما تتعاون نفسه وشيطانه عليه في لحظة ضعف مناسبة يرتكب الخطأ، لذا تصعب الثقة في أكثر هؤلاء.
والدنيا ليست الجنة، وكل من يدعو لكمالها من السياسيين والحقوقيين والإخوان وغيرهم، بلهاء انتهازيون لا يدعون إلا لمصالحهم الأنانية، الدار الوحيدة الكاملة الخالية من النقصان فهي الجنة، أما الدنيا فحتى أكابر أغنيائها يعانون! لا تصفو لأحد، ولا تتركه في سلام، بل تظل تختبره وتمتحنه وتقلبه يمينا وشمالا حتى يخرج منها إلى ربه ليقف بين يديه وحيدا لا شيخ معه ولا أب ولا أم، ولا حول له ولا قوة، ولا معين غير عمله الصالح.
وبما أنه ورد في الحديث أن من بين كل 1000 شخ، 999 منهم في النار، فالصالحين قلة مقارنة بالفاسدين، من عثر على واحد منهم فليتمسك به لندرتهم، وأهم علاماتهم تقوى الله.
ويخطئ البعض عندما يعتبر جميع الناس فاسدون، فينظر إليهم بنظرة الشك وقلة الإحترام، ويتكاسل حتى عن رد السلام عليهم، وهذا تجد مثله في طوابير الإنتظار، فاقدين للباقة التعامل مع الغير، متكاسلين عن القيام بأي شيء فيه نفع له ولو كان الجواب على سؤال.
وقد يكون الواحد منهم فاسدا فيظن الناس جميعا فاسدون، فالمشبوه يعتقد أن الكل مثله.
وليس الهدف الدخول مع الآخرين في حرب لا نهاية لها، إما ضارب أو مضروب، فذلك شقاء، بل النجاة منهم بأقل الخسائر، ولابد من الخسائر أحيانا لأننا نتعامل مع شياطين الإنس وهم أكذب وأخطر من شياطين الجن.
لذا من أهم القواعد في رأيي عدم اعتبار الناس، أي لا تخجل منهم، ولا تحسب لهم حسابا إذا كنت تقوم بما هو صحيح، وفي نفس الوقت لا تحتقرهم، ولا تثبت لهم شيئا!
يعني، يمكنك أن تكون الأذكى لكن لا تقل ذلك للآخرين!
يمكنك أن تتصرف كما لو كنت لا تحس بمن حولك، لكن لا تحاول أن تثبت له ذلك. يعني تصرف بحرية واستقلالية دون أن تقول للناس أنا أفعل. لا تثبت لهم شيئا، فأكثرهم لا يساوي بصلة، ولا يستحق حتى تضييع الوقت في إثبات شيء له.
وهذا ليس إفراط بل وسط بينه وبين التفريط، وتلك هي القاعدة “أن نسدد ونقارب” لأن العصمة لا تكون في الدنيا.
لذا يجب أخذ الحيطة بدل الثقة المطلقة في كل من هب ودب، فأكثر الناس يتصرف حسب الظروف، إذا كان الظرف ظرف معالي أخلاق وبشاشة، تجده من أفضل الناس في ذلك، ولكن إذا كان الظرف مواتيا لسرقة أستار الكعبة فإن أكثرهم لن يتردد في ذلك!
يعني، لا تخدعك بشاشة البعض واستقامتهم تحت الأضواء الكاشفة، فربما يكون سبب ذلك عدم وجود دواعي السرقة والنهب.
لذا قيل جرب الناس لمعرفة معادنهم. اسأل سلفة وانظر هل سيبخل عليك صاحبك أم يسارعون إلى مساعدتك، ومن بخل بالمال يبخل بكل شيء عداه.
وهكذا، بالتجربة يعرف الواحد حقيقة الناس لأنه يضعهم في الظرف الآخر، ظرف الإختبار الحقيقي.
والأخبث هو تلك النوعية من الناس التي تقبل على الواحد في أيام دولته، وعندما تزول تلك الدولة وتنتهي المصلحة، تدير له ظهرها بل تزيد على ذلك بمعاداته والإساءة إليه.
ومن علامات السخف كون الرجال كلاب للنساء، تبع لهن، عبيد لشهواتهم، يبررون ذلك “استكليب” بالرومانسية، كأن في الركوع للمرأة وتقديم وردة لها، جمال! وما فيه إلا الحطة وذهاب الهيبة والهوان..
تراهم مستعدون لفعل أي شيء من أجل ملء بطونهم وإشباع فروجهم، وبالحرام، وتلك علامة الضعف والدونية لا علامة القوة والكمال، ترى الواحد منهم مسؤولا في الدولة أو شيخ قبيلة أو أبا معظما أو تاجرا موسرا، وهو كلب نساء، تابع لشهواته، وبوقاحة، لا يستحي من أحد، كأن الوقاحة قوة شخصية..
تتلاعب به مراهقة، تنسيه نفسه ودينه وأهله.. ولا يستحي بعضهم من تلك الوضاعة، يظل يلهث مثل الكلب خلف الشهوات..
ومن قبائح ذلك، محاولة الشيخ منهم العيش في قصة حب مثل المراهق، فتراه كلما تقدمت به السن يبتعد عن التوبة بسبب الذنوب المتراكمة التي فاض كأسها وانكشفت للناس، وذلك مصير كل مذنب لا يتوب، وهو علامة الإنتكاس، والعياذ بالله..
ولا مقارنة بين الحلال والحرام، فالخبيثة التي يلتقط من الشارع، ربما مر عليها قبله في نفس الليلة أو اليوم، العشرات.. لا يمكنه ضمان نظافة بقعة واحدة من جسدها، ومع ذلك ترى بعض كبار الشخصيات يوقف سيارته الفارهة لذبابة عفنة.. فيا للمهزلة، له مكانة في المجتمع وسيارة ثمنها الملايين، وهو رذل تتصرف فيه ذبابة.. ومن هذا وحده نعرف أن وسخ الدنيا لا شيء.
على العاقل تجنب الوقوع في الفخ ف”قصص التسدار” لن تنفعه بشيء، فهو خبث وشقاء وضنك في الحياة، لا خير فيه ولا بركة، ولا حب ولا مودة، ولا صدق ولا أمن، ولا يمكن الإستغناء به عن الحلال، بل كلما واقع فاسدة كلما أحس بالجوع أكثر، فالراحة من ذلك لا تكون إلا بالزواج، لا تنتظر الوظيفة وبناء المنزل والإستقرار، فاستقرارك في شبابك والأمل يكون بالزواج لا غيره، حتى الشهادة!
الحلال الذي تهرب منه الأكثرية بسبب وسوسة الشيطان والأنفس الأمارة، سهل ومغني عن الحرام، ودائم ومضمون بعكس الحرام، ومعلن للناس لا حاجة للإختباء والتخفي من الشرطة كالمجرمين.
بالمناسبة، بعض أهل الحرام لا يتخفى ولا يستحي، بل إن أساس مرضه هو تحدي الناس وإظهار ذنوبه لهم، وهذا تجده في بعض من يستمتعون بوضع أيديهم على نسائهم أو صويحباتهم في الشارع، وهذا النوع يجب الأخذ على يده لأنه فاسد مفسد معلن للفساد، والأول مجاهر بالكبائر وتلك علامة تماديه فيها وسوء الخاتمة إن لم يتداركه لطف من ربه.
ويجب على الدولة مراقبة الأجانب الواردين لأن خلفياتهم قد تكون مختلفة، فبعضهم يبيع المخدرات والكحول في شقته، وبعضهم لا يستحي من فعل القبيح علنا، فعجبا لوقاحتهم التي لا توجد إلا في بلدنا، فهم مستضعفون يتمنون السلامة في كل دول العالم إلا في هذا البلد..
فاكتراء مثل هؤلاء للشقق ليس مدعاة لتركهم في حالهم، بل يجب على الشرطة مراقبتهم وعدم تركهم يفجرون حتى في شققهم، كما هو الحال في بعض الدول الإسلامية..
على الأقل أخذا لحق الجيران المتأذين من تصرفاتهم تلك فلم يعد للجوار معنى في ظل انتشار هذه الشقق التي يؤجرها أصحابها حتى للشياطين طمعا في المال!
الحلال هو الحل، لكن الشيطان يصعبه على الناس ابعادا لهم عنه، وفيه رضا الله والبركة والحب والسكينة وقلة التكلفة، فبدلا من أن يرتكب الواحد ذنبا يدفع ثمنه الآلاف في كل مرة، يكفيه جمع القليل مرة واحدة والزواج، والله هو الرازق لا غيره.
إن الحقيقة الصارخة هي أن البشر ضعاف، ويتفاوتون في ذلك الضعف، فبعضهم ضعيف أمام النساء، وهذه أكثرية، مشكلتها الشهوة.. وبعضهم ضعيف أمام المال الحرام، وآخرون أمام الغش والكذب والإحتيال، وآخرون أمام الغدر والخسة والرذالة.. وآخرون أمام الكِبر والجاه.. إلخ.
فإذا كان الضعف في مجال واحد كالشهوات مثلا، فالحل بسيط وهو الحلال، أما إذا كان في أكثر من مجال، فكلما زاد كلما كان اقرب للخسران، والعياذ بالله..
لا تكره الناس ولا تعاديهم، وفي نفس الوقت انطلق معهم من قاعدة “المتهم غير بريء إلى أن تثبت برائته”. تخيل مسبقا أنهم غشوك وخانوك واحتالوا عليك وخدعوك، وانطلق من ذلك، وستكون أكثر حرصا وصراحة في حفظ مالك.
مثال، إذا كنت من أهل الأدب وحسن الخلق والطيبة مع الجميع، واكتريت عاملا للقيام بعمل، فانطلق من أسوا الإحتمالات، تخيل أنه غشك وكذب عليك وسرق مالك ومعداتك،لأن ذلك غالبا هو المصير إن قدر عليه، وانظر كيف ستكون نظرتك إليه أكثر حذرا وتوقعا للضرر، وذلك قد يجنبك عناء فساد العمل والشكاية منه فيما بعد، فترتاح من كل ذلك بتكشيرة محترمة في وقتها ومحلها.
إنهم كالتاجر الحلو اللسان، ينومون الواحد مغناطيسيا بالكلام المعسول، حتى يضعوا نقوده في جيوبهم، ويا ويله بعدها من وجوههم الكالحة التي لا تعرف البشاشة، فلا تسمح لهم بالإحتيال عليك، لأن الواحد منهم عند لحظة الجد يخون بنسبة 99 بالمائة.
قل للعامل سأعطيك مبلغ كذا وكذا مقابل كذا وكذا، وحدد كل ما ترغب في إنجازه في العقد، ولا تهمل صغيرة ولا كبيرة، لأنه سيتعذر فيما بعد بأنها ليست ضمن العقد.
واعرف أولا ثمن الشيء، اعرف ثمن الخدمة والبضاعة، اسأل بائعان أو ثلاث أو من لديه خبرة قبل أن تكتري أو تشتري من أول كذاب تلتقيه، فقطعا سيضاعف لك السعر، وربما يعطيك أسوأ جودة، فترجع فاقدا لنقودك وببضاعة غير صالحة، يعني ضاعت النقود ولم تحصل على شيء، فتبين جيدا وتحرص وإلا خدعوك!
ولا يجوز الشراء من أول حانوت، بل التجول لمعرفة السعر الحقيقي وأنواع الجودة المتوفرة، وإلا وقعت في بضاعة غالية ذات جودة متدنية في نفس الوقت لأن أكثر هؤلاء غشاشون فاسدون.
فإذا اشتغل العامل يومين ثم دخل وقت صلاة المغرب في اليوم الثالث، وأظهر التعب وطلب نقوده لأنه في أمس الحاجة لها في تلك الليلة لألف عذر يتعذر به، وحلف أنه سيكمل القليل المتبقي غدا، فلا تعطيه فلسا واحدا حتى يكمل عمله ولو بعد عام، ولا تهتم بتعبه وكلامه فكله أكاذيب، إذا أظهر التعب قل له تعال بعد غد، وسترى أن التعب مجرد ذريعة للفرار من العمل، لا غير، وستعرف أنه لولا طمعه في النقود لما قام بأي عمل، ولن يقوم به إذا اعطيتها له بحسن ظن فلا أمان في ذلك ولا كرامة ولا أخلاق، ستعرف بعدها أنك المخطئ لا هو، لأنه لئيم، ولكنك متساهل وذلك تهور، وهو سبب كل المشاكل، لقد كان مقيدا بأجرته فاعطيتها له قبل إتمامه للعمل، فما الذي تنتظره منه؟
البساطة مهمة، ابحث عن رزقك بالطرق التي تتقن، وبالوسائل المتوفرة لديك، ولا تقنط ولا تكسل، ارم شباكك مع الشباك وانتظر الرزق من الله وحده، لا تنتظر المساعدة من أحد، وإذا انتظرتها فلأسبوع أو شهر أو سنة بالكثير، إذا لم يقدم لك شيئا خلالها فعلم أنه لن يقدمه لك أبدا، لأن المحب حريص على مصلحتك كأنها مصالحه، مبادر إلى نفعك ولو لم تسأله، فإن لم يفعل حتى إن كان أبا أو أخا فلا تعول عليه، ولا تضيع وقتك فيه لأنك ستندم، ومثل هذا الذي لا خير فيه لا يعامل معاملة الأعزاء، لكن بدون الغلط فيه، فإذا استطعت بعقلك نزع شيء منه برضاه وهو مبتسم فلا تتردد لأنه في هذه الحالة يكون مثل الآخرين، والحياة فهلوة.
قد يكون السحر أخبث الذنوب بعد الشرك والقتل، وهو خطير جدا، لأنه مغير للعقول والتصرفات، مؤثر على حياة الأبرياء بغير وجه حق..
والساحر كافر بالله، فما بالك بالذاهب إليه لأذية غيره من الأبرياء حقدا وحسدا وتهارشا على الدنيا الوضيعة مثل الكلب.
ومن صدق عرافا – وهو دون الساحر، مجرد تصديقه، لا تقبل صلاته أربعون يوما، فما بالك بمن أخذ منه السحر، وحمله بيده الآثمة، ودسه أو رشه أو دفنه لغيره من الآمنين الغافلين الذين ربما لم يفعلوا له شيئا من أساسه؟
فالساحر الحقيقي هو ذلك الكلب أو الكلبة، الذاهبة إلى الساحر المتسببة في السحر، لا الساحر صاحب العزائم، إذا كان هذا شيطان فهي عفريتة أو ماردة، وريما يكون ذنبها أكبر من ذنب الساحر لأنها أصل السحر وسببه!
قالمتسبب في السحر أكثر تشيطنا من الساحر، وأعظم ذنبا منه في رأيي، فلولاه لما فكر الساحر للحظة في المسحور ولما سمع باسمه، فمن دله عليه غير تلك الغرابة المجرمة، على كل ساحر وساحرة ومتسبب في السحر من الله ما يستحق..
تخيل معي ما يجتمع لتلك الحاقدة المؤذية من ذنوب (النساء هم أكثر من يذهب إلى السحرة)، أولا ذنب الذهاب إلى الساحر، وذنب مشاركتها في التعبد للشياطين وطاعتهم، فقد ذبحت وقدمت القرابين من مالها، وربما يفجر بها الساحر أمامهم ليقع السحر.
فيالها من ذنوب عظيمة متراكمة مثل التلال، فإذا كان حكم الساحر، وهو دون المتسبب في الأذية، هو الكفر وضرب الرقبة، فما بالك بحكم المتسببة في السحر التي هي أصل البلاء؟
وهنا نقطة مهمة، وهي أن بعضهن تعتقد أنها تتعامل مع صالح من الصالحين وهو ساحر، كما هو الحال في الدول التي ينتشر فيها التصوف السخيف الذي لا علاقة له بالدين من قريب أو بعيد لأن طرقه مجهولة، ليست من الإسلام الذي نزل على محمد عليه الصلاة والسلام واكتمل في حياته عليه الصلاة والسلام، بدليل أنه لا يعرفها لا هو ولا صحابته الكرام! وأكثرها شيطاني تمثل لهم الشيطان في صورة وقال لهم إنه النبي أو الخضر، فصدقوه، فأوحى لهم بتلك الأدعية والصلوات التي جهلها الصحابة ودينهم قد اكتمل!
فالتصوف لا أصل له، ولا حاجة، إذا كان الزهد كما يزعمون، فالزهد داخل في الإسلام، يقال لصاحبه مسلم لا صوفي، ولا يتميز عن غيره بشيء، لا بلباس ولا بطريقة معوجة.
لكن الحقيقة هي أن التصوف شيء آخر غير الزهد، دين آخر منزل من طرف الشياطين، وهذا هو تعريفه، وبدليل اختلافه عن الإسلام الأصلي ومقارعته له، فأدعيتهم تزيح عندهم الصلوات الإبراهيمية، وتخريف شيوخهم مقدم عندهم على عبادة الصحابة، والمتأمل لحالهم يجد صلواتهم وأدعيتهم ومناسكهم مما لم يشرعه الشارع ولم يعرفه الصحابة، فهل يتلقف مثل هذا ويترك ذاك عاقل؟
التشريع موقوف على النبي صلى الله عليه وسلم، لذا يزعمون أنه يأتيهم لأجل إضفاء المصداقية على تشريعاتهم الجديدة، لكن نقول لهم كذبتهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم قد مات، ولو كان ياتي أحجا لأتى أصحابه في أمس الحاجة إليه، في زمن الفتنة، فلماذا تركهم وأتى هؤلاء الجهلة الشيوخ الخارجين من المغرب العربي!
والقرآن أكد اكتمال الدين بالآية “اليوم أكملت لكم دينكم”، فلا تشريع بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، والذي يأتيهم شيطان لا النبي ولا الخضر..
الشيطان هو الذي أتى شيوخهم الجهلة، وأوحى إليهم تلك الأكاذيب التي فصلوا منها طرقا على مقاساتهم ولبسوها لأجل خداع الناس وأكل أموالهم بالباطل، وهو ما يفعلون إلى يومنا هذا لا ترى الواحد منهم إلا وهو يعيش في مملكة، فأين هذا من الزهد؟ الكذابون.
وهم سحرة، يستخدمون الجن في الخوارق ليبهروا الناس فيعتقدون انها كرامات، وما هي كذلك بل خوارق شيطانية، فاعتقد الجهلة أنهم صالحون، وأفسدوا عليهم دينهم بذلك طاعة للشيطان. ثم يقول شيوخهم إنهم يوم القيامة سيكونون فوق الناس حتى الصحابة (كيف)! وسيقدمون عليهم، ولن يقدموا إلا إلى الجحيم إن ماتوا على هذا هم ومن وقع في الشرك من اتباعهم ولم يغفر له ربه.
فلا غرابة في أن يكون في اتباع التصوف ما يحول بين هؤلاء الشيوخ من يتبعهم وبين الكمال، وأول ما يحول بينهم وبينه هو تعبدهم ودعاؤهم بغير ما أنزل الله، إضافة للشرك، فبعضهم يكاد يعبد شيخه، يناديه عند الكرب ويطلب منه الرزق والفرج، بل الجنة!
وهذه المبالغات دليل على أن الأمر شيطاني، فمن عبد الصحابة وهم أعظم قدرا من هؤلاء الجهلة؟
من عبد النبي صلى الله عليه وسلم نفسه، وطمع في أن يُدخله الجنة بدون عمله الصالح؟
لا غرابة في أن تجد المتصوفة يصلون صلاة الصبح في غير وقتها، ليضيعها الشيطان عليهم.
ولا غرابة في أن تجد مشايخهم يقولون لبعضهم نحن نحمل عنكم ذنوبكم.
أو يقولون لبعض النسوة: “هذا ليس سحرا بل بركة”، و”لا تتوضأن فليس فرضا على المرأة” إلى آخر ترهاتهم التي كلها فساد للدين والحياة.
التصوف دين مصدره الشيطانن نزل به على أوليائه الذين يسميهم هؤلاء بالأولياء، وهم كذلك بالفعل، لكنهم أولياء للشيطان، جاءهم في صورة النبي والخضر وغيرهما، بل يزعمون أنهم يجلسون في حضرة الإله!
وما ذلك كله إلا شيطان يخدعهم بتلك الطرق التي ما أنزل الله بها من سلطان، وهو ما جعل العلماء يتفقون على أنها بدع، وعلى تضليلهم، وأكثرهم يكفرهم..
شاهد مقطع الساحر السوداني التائب “حامد آدم موسى” في قناتنا “لقطة عابرة” على التليجرام هنا، ففيه شهادة قيمة وممتعة على ما عليه التصوف من سحر وبدع وأكاذيب وضلالات، لخصته من 8 أجزاء إلى ثلاث، مركزا على الفائدة وحدها أي بدون حشو، شاهد الرابط هنا..
وتوجد خصلة خبيثة أخرى يمكن إضافتها كبونس، وهي حب الإفتخار!
فأغلب الشباب هنا محب لذلك، متفاني في التباهي بما يملك وما لا يملك، حلم الواحد منهم هو التميز على غيره وإشعاره بالدونية، معتقدا أنه بذلك يحقق مرتبة عالية، خاصة إذا كان في الجوار فتاة أو امرأة، فذلك يجعله ينقلب إلى سوبرمان خارق للعادة والعادات مباشرة..
وهذه الخصلة القبيحة لا تكون إلا في من لا قيمة له ولا اعتداد بالنفس، وليست علامة على القوة، ولا على قوة الشخصية والرجولة والغنى، بل بالعكس تدل على الخواء والفراغ والضعة وفقر صاحبها الذي ربما يكتري سيارة أو دراعة ليظهر بمظهر الغني، لسخفه..
فهي خصلة ليست من التجمل كما يعتقد البعض، فالتجمل من التخلق بالأخلاق الحميدة وإظهار القوة المباح، ولا يكون ذلك إلا من منطلق سليم أوله الصدق والتواضع لا العكس..
ويشترك الكبار أيضا مع الصغار عندنا في خصلة التفخار هذه للأسف، وخير من يستغلها فيهم هم النساء. فيضيع جهد المفتخر، ويصبح مسخرة تضحك عليه الصغيرة قبل الكبيرة، فيضعه ذلك التفخار في أسفل المراتب وهو يعتقد أن مرتفع به، وبعضهم يعرف أن تفخاره يحط من قيمته، لكنه ينطلق في الأصل من أنه بلا قيمة، أو أن ذلك العمل مفيد له.
الحمد لله على إقصاء كل المنتخبات العربية
اللعنة على كرة القدم عندما تشغل المسلمين عما يجري لإخوتهم في غزة من تقتيل على يد اليهود (تزامن ذلك مع هذه الكأس المشؤومة)، ففي الوقت الذي تخرج فيه الجماهير الغبية فرحة بتأهل منتخب عربي سخيف، مدفوعة من طرف اليهود لأن الملعب اليوم ملعبهم، ونحن كالبلهاء نترنح فيه على غير هدى!
خرج الأغبياء إلى الشارع مدفوعين من طرف الشيطان ليعربدوا ويفرحوا فرحا غير محمود في هذا الوقت، ولا في غيره، ثمالى من سكر كرة القدم السخيفة، يترنحون مع أعلام المنتخب السخيف، في الوقت الذي يخرج فيه من قدر على الخروج من إخوتهم الذين يدكون بالصواريخ في غزة من منزله هربا بحياته ليقع في شراك القناصة اليهود المتربصين به في الشارع!
اللعنة على كرة القدم عندما..
تصبح الشغل الشاغل لشباب المسلمين الذي يفترض فيه أن يكون أهم شيء عنده هو القرب من الله والإعداد للعدو المتربص به..
الشباب الذي يفترض فيه أن يكون متدينا، عارفا بقواعد الدنيا أكثر من غيره، كيف يغره اليهود وحميره الأوروبيين بهذه بالتفاهات؟
اللعنة على كرة القدم عندما..
تكون مثل الديمقراطية.. بضاعة ماسونية شيطانية تهدف إلى إلهاء المسلمين عن ذكر الله، وصدهم عن شرعه الذي أصبح من الخيال العلمي في هذا الزمن، لا يمكن تطبيقه خوفا من اصطدامه بالحقوق الحيوانية اليهودية، وعن فعل الصواب اعتراضا على ذبح المسلمين تحت ذريعة السياسة الدولية اللعينة التي وضعها شياطين الغرب والكفار، وابتلعها المسلمون بكل بلادة مثلما ابتلعوا كرة القدم والتعليم الغربي والديمقراطية والبنوك الربوية والمنتجات الغربية المعلبة التي لا تصلح للبشر…. والأسعار التي يضعونها.. عجبا! المشتري هو الذي يضع السعر لما يشتري في هذا الزمن، الإرهابي هو الذي يضع قوانين محاربة الإرهاب، ويحدد من الإرهابي من المسالم، وطبعا يستهدف المسلمين..
هؤلاء هم من يضع أسعار البترول والحديد، وقوانين الدساتير اللعينة، وربما قريبا يضعون كيف نصلي ونصوم، أما كيف نفرح ببلادة ونرقص ونفجر ونلحد، فقد وضعوها..
المنتخب المصري..
منتخب الجبناء، هذا رأيي.. محمد صلاح الرعديد الجبان الضعيف الخسيس، كيف يحقق شيئا؟ وجوده خذلان، وهو ما يقع في كل مرة، أخمر لاعب عرفته، وخسيس، له أفعال معادية للقضية العربية والشرف في المستنقع الغربي الذي يسكن فيه بمنتهى الفرح ككل الأغبياء الفرحين..
لاعبون يخافون من الإلتحام بالخصوم حتى في كرة القدم، كيف ينتصرون؟!
صاحبهم يخاف من اليهود، ويعبد أمريكا، ويعلنها صراحة: “جيشنا ليس للدفاع عن المسلمين بل لمصر وحدها”!.. اللعنة، ما هذه الأنانية، وهل تستطيع مصر وحدها مواجهة كل عالم الكفر المتربص بها؟! والمصريون ساكتون، لاهون يشجعون منتخبهم الخسيس!
المنتخب المغربي..
مثل المصري، منتخب الحظوظ.. منتخب الدفاع مثل تونس، ولا خير في الدفاع إن لم يرافقه هجوم فعال..
زياش المراهق.. والآخر المتلاعب بالأعصاب بأنانيته وألاعيبه السخيفة التي يعتقد أنها تقدمه وتقدم البلد، وهي أساس البلاء.. كيف ينتصر على دولة هي الوحيدة التي دعت اليهود إلى محكمة الظلم – أو العدل – الدولية؟
تحيا جنوب إفريقيا، كم فرحت بنصرها عليهم (على افتراض ان دعوتها لليهود حق وليست مسرحية)..
كيف ينتصر المسلمون في شيء اليوم، وهم أبعد الناس عن الدين، وأجبنهم، وأغباهم، وأكثرهم خنوعا ومسايسة لليهود والنصارى وتبعية للعالم الغربي السخيف سياسة وأدبا وصحافة ودينا!
استح على وجهك أيها الأشيب، ماذا تركت للصغار، بل ماذا تركت للكفار؟
المنتخب الموريتاني..
غير موجود أصلا.. فريق لا يتوفر على أبسط مقومات الفريق، فاز بالحظ على الجزائر، وهي أحق منه بالفوز بمراحل، فاعتقد المشجعون الواهمون أنهم حرروا القدس، وأنه سيفوز على غيرها، وكنت اعلم – وكذلك هم – أنه لم ولن يحقق شيئا، خاصة في هذه الظرفية التي لا ينتصر فيها المسلمون في أي شيء حتى كرة القدم السخيفة..
وهو ما يستحقون..
المنتخب الجزائري..
مثل غيره، لكنه كان يستحق الفوز على المنتخب الموريتاني الذي حالفه الحظ في تلك المباراة، لذا قلناها مرارا وتكرارا، خاصة للأشايب، لا تعولوا على كرة القدم فهي لعبة سخيفة مبنية على الحظ، وما كان على كف عفريت لا يؤمن به ولا يتبعه إلا الأبله عديم العقل والدين والشغل..
واتركوا عنكم “المرابطون”، لا تسموا هؤلاء السخفاء بهم، المرابطون لم يعرفوا الهزيمة بل رفعوا راية التوحيد على أرض البدع، وأعادوا المتصوفة وغيرهم من التائهين إلى جادة الصواب، لذا يبغضونهم ويسخرون منهم بلصق اسمهم على هؤلاء المهزومين الذين لا يعرفون للنصر معنى، كما حذفوا “كن للإله ناصرا وأنكرا المناكرا، وأولها التصوف” من النشيد الوطني، ووضعوا مكانها نشيدا من الأوبرا المصرية، وأحاطوا العلم بخطين أحمرين قانيين، كفى الله المسلمين في هذا البلد شرهما إن كان فيهما شر..
لا يذكرون المرابطين، ولا يتشرفون بهم رغم أنهم حافظوا على الأندلس من السقوط لأكثر من 400 عام! وجميع المسلمين في كل أنحاء العالم يفخرون بهم إلا المتصوفة الديمقراطيين من أهلهم، وسبب ذلك هو البدع وأولها التصوف الذي لا علاقة له بالدين والدليل من قريب أو بعيد، بل هو مجرد تخاريف وهوى وتصابي وتبعية عمياء للخيالات والأوهام، وعبادة لأشخاص لا ينفعون ولا يضرون كأصنام قريش!!
مجرد شرك يبغضه الله والمؤمنون الصادقون، وسيعلم المبتدعة ومن يؤيدهم أو لا ينصحهم لهم، أي منقلب ينقلبون، فالشرك هو أخطر الأشياء على المسلمين، وهذه البدعة مبنية على تضخيم ما يسمى بالشيوخ لدرجة إشراكهم مع الله في الحول والقوة والعياذ بالله، وبدليل أن اتباعهم المساكين يتعلقون بهم لدرجة طلب الشفاء والرزق ودخول الجنة!
والله لا أعرف، كيف تسلل هؤلاء الشيوخ ليحلوا محل العلماء عند بعض الناس؟! وهم لا يفقهون شيئا في العلم، وإذا اجتهد أحدهم ففي اللغة وحدها أو القليل من الفقه المالكي الذي بإمكان أي أحد التخصص فيه، أما العقيدة فصفر، وهي الأساس!
أما الإتيان بجديد كشق طريقة غير معبدة جديدة مثلما فعل علي جمعة قريبا في مصر، فأمر يتسابقون إليه، يزعم كل واحد منهم أن لديه مفاتيح الجنان ببعض الأدعية وطرق الصلاة الغير معروفة من قبل، يدمجونها مع الثابت كمن يخلط عصيرا، ليخرجوا للناس بدين جديد، وهو ما يسمى البدعة، فهي كل محدثة، وكل محدثة ضلالة وكل ضلالة في النار..
لم يجدوا ما يطلقون عليه اسم المرابطين إلا هذا الفريق المنهزم التعيس!
لقد نجح الكفار في خداع العالم بكرة القدم، لكن انخداع المسلمين بها أقبح، كانخداع الساسة بالسياسة الدولية، وسكوتهم عما يجري لإخوتهم ودولهم من تخريب وتدمير من طرف الأعداء الذين لا يخفون حتى أنهم أعداء! فصاحب الدويلة المدسوسة يعلنها صراحة، حدودنا تتجاوز النيل، وصاحب مصر يتفرج ويسايس، ويثق في الأعداء!
كأن حكام العرب بلا وجود، وكأن المسلمين أيضا بلا وجود!
كل ذلك بناء على خدعة السياسة الدولية الغربية المبنية على المصالح الشيطانية والخذلان، باعد الله بينهم وبينها، والتي لا تصلح للمسلمين، لا هي ولا الكرة اللعينة ولا جميع متعلقات حضارتهم الشيطانية.. لا تعليمهم، ولا أي شيء آخر يأتي من عندهم حتى بضائعهم.
لقد نجحوا في خداع المسلمين بالديمقراطية التي هي دين الشيطان في هذا الزمن، تحكم للناس وتشرع لهم، كأن رب العالمين غير موجود، أين أحكامه أيها العقلاء؟! انظروا حولكم لا يوجد من احكامه ودينه إلا المسميات والقشور!
بالديمقراطية يتم اختيار ولاة الأمور، بتزييفها وألاعيبها وأكاذيبها وأكاذيب أهلها التي لا نهاية لها.. والذين أعتقد شخصيا أنهم الرويبضة المذكورين في الحديث، ألا ترون أن الممارسين للسياسة في هذا الزمن هم التافهون يتحدثون في الشأن العام؟! بل يتم إعطاء المسؤوليات والإدارات في الدولة لمجرد أنهم سياسيين! أصبحت الوقاحة وصلابة الوجه أهم بضاعة مربحة في هذا الزمن! لا ينبغ إلا الرويبضة الكذاب المنافق الخسيس!
كذلك كرة القدم التي تعتبر سخافة من آمن بها عبد قنوات بين سبورت الملعونة التي يفترض في المسلم أن لا يدخلها بيته، لا هي ولا أمها الخنزيرة الملعونة، لولا الغباء والبعد عن الدين.. لذا لا عجب أن تجد أغلب الشباب يتابعون جميع الدوريات حتى الياباني منها! يعني بالكاد يجدون الوقت للصلاة!
هذا الزمن غريب، الإنسلاخ من الدين فيه عجيب، العلماء لم يعد لهم وجود.. انظر ما يجري في السعودية، لم يعد أحد يستطيع الإعتراض على الزندقة الواضحة المبينة على تغيير الدين وأخلاق المسلمين عن سبق الإصرار والترصد تقربا لليهود!
الأكثرية تتفرج، كان الله في عونها، كأن في ذلك طاعة للأمير، ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فما بالك بتغيير الدين؟! كذلك لا خير في المظاهرات، لكن يتطلب الأمر تضحية من أهل الشرف والشجاعة من العلماء وغيرهم، ومحاولة التغيير، أعان الله الجميع.
أما عندنا، فالعلماء أكثرهم أشاعرة ومتصوفة، والصالحون منهم ندرة لا تأثير لها، وبالتالي لا وجود!
كنا من قبل نحاور المتصوفة والشيعة انطلاقا من الأسس، وهي القرآن والسنة أما اليوم، ففقد أصبحت الأسس هي موضوع النقاش!
من جهة، يرفض البعض أي فهم للقرآن غير فهمه الأعوج، وهو العاجز حتى عن تلاوته بدون أخطاء إملائية!
ومن جهة أخرى يرد آخرون الأحاديث لأنهم يعتبرون من جاء بها بشر عاديون مثلهم – وهيهات – وأولهم البخاري الذي يناطحه بعض الأغبياء اليوم!
فإلى أين يسير المسلمون؟
هل سيكون معجبا رؤية اليهود ينتقلون إلى دولهم دولة دولة ليجعلوها قاعا صفصفا تنعق فيه الغربان، مغيرين معالمها ودينها أو مبيدين للهنود العرب الذين يسكنونها، والمسلمون الآخرون يتفرجون كما اعتادوا؟! يخربون بلدا اليوم بأي حجة، وينتقلون للبلد التالي غدا!!
حدث ذلك للعراق وليبيا وسوريا واليمن، ويحدث الآن في غزة، وغدا الضفة ثم تصفية الفلسطينيين كلهم إن لم يتدارك الله الجميع برحمته، فمن يعترض؟
العقلاء أطم من المراهقين.. لاهون بكرة القدم والمصالح السياسية السخيفة التي ربما يدفعون ثمنها يوم القيامة من حسانتهم وموالاتهم للكفار، هم والحكام، ودعوتهم إلى مبادئهم ودينهم الديمقراطي الذي كثر رسله وانبيائه في هذا الزمن، والعياذ بالله!
توقعوا تسبب كرة القدم السخيفة في نشوب حروب بين المسلمين مثلما تتسب الخلافات الحدودية السخيفة (ولا حدود في الحقيقة بين المسلمين) والدبلوماسية الشيطانية التي غرت الجميع…
الربح من تيك توك بالباطل ربح السيئات
الربح من تيك توك بالباطل ربح السيئات وبعض الملاليم في دولنا العربية.. فقد سيطر الغوغاء على مجال التدوين بعد ظهور التيكتوك الذي أزاح الفيسبوك وحتى اليوتيوب، فدخلت النساء المجال متحدين ذوي السلاطة من المثقفين (الذين عفا عليهم الزمن)، قائلات: إن كنتم تجلبون المشاهدات ببذاءة ألسنتكم وصلابة وجوهكم ونفاقكم وسواد قلوبكم، فنحن نجذبهم بجمال قوامنا وعذوبة ألسنتنا، فأينا أقوى أيها الأراذل؟!
وبالفعل أكثر الحسابات المتعلقة ب”اسماء مشاهير التيك التوك” اليوم، لا تقارن من جهة الإقبال، بحسابات عارضات الأجساد والمجانين المضحكين والتافهين المتنططين!
دخل التافهون مجال الرأي والتدوين بقوة بفضل التيكتوك الذي يحمله كل إنسان في جيبه، مكتسحا الوسائل الأخرى المملة التي تتطلب قدرا من الثقافة والكتابة والبحث والإلقاء العلمي الممل. فاكتسح التيكتوك – اليهودي، ليس صينا بل أمريكيا – بمقاطع التقليد والهز والرقص السخيف، ساعده في ذلك سهولة الإستعراض والتواصل، وإمكانية عرض كل من هب ودب لبضاعته ونفسه، خاصة من غير المثقفين، وتلك طامة لكن لها فوائد فقد جعلت الناس سواء في النجومية! وأصبح تيك توك مرتعا للعنصريين ومثيري الفتن والشهوات، حتى أن مقطع الواحد منهم ليتجاوز بلده إلى البلدان المجاورة!
فبعض المرضى من دولة مالي أو السنغال أصبحوا يتهمون بلدنا بالعنصرية ويتدخلون في شؤونه بسفور، وهو بريء منهم ومنها لسبب بسيط هو أنه بلد مسلم، لو كانت العنصرية حقا موجودة فيه لشاهدناها، لكنها غير موجودة، يوجد الحاقدون والحاسدون والبلهاء من كل كل الأجناس، وتلك سنة الحياة، لكن العنصرية شبه منعدمة مقارنة بفرنسا أو أمريكا مثلا، التي يتخذونها مثلا!
والذين يتحدثون عنها بكثرة هم أهلها، الذين يعترضون عليها ويكثرون من الكلام فيها، هم من يثير غبارها ويسبح بكراهيتها! من يتحدث أكثر عن العنصرية هو العنصري، لا من لا يذكرها البتة، هو الذي تشرب فكرها الأسود! وقد كتبت مقالا في ذلك في التسعينات محذرا من المتباكين على ألوانهم الذين لا هم لهم إلا الحديث عن العنصرية البغيضة والألوان، وتتبع عورات غيرهم والسخرية منهم، ومعاكستهم حتى في الطوابير، فضلا عن النظر إليهم شزرا كما لو كان الجرذ منهم بينه وبين من لا يعرف ثأر!
أما الأكثرية فمسلمة، وكفى! لكن قد يتأثر البعض، خاصة من أهل العجز الذين يرون في الغير سببا في قلة أرزاقهم، التي هي بيد الله وحده، بالمناسبة، فهؤلاء قد يتأثرون قليلا بأولئك الكلاب لأن الفتنة متداولة بطريقة وبوسائل غير مسبوقة منها التيكتوك.
سيصدق بعض العوام هذه الأكاذيب ويزداد حقدا وحسدا، وقد يؤذي بريئا لا ناقة له ولا جمل في ألوان المرضى الذين يشعلون هذه الفتن، قاتلهم الله.
فعلى سبيل المثال خرجت واحدة – من دولة إفريقية – لتحلل سياسة البلد مع فرنسا، خارجة بخلاصة مفادها أنه أصبح – نتيجة لبياض من يحكمه – عدوا للسود، ووسيلة دخول فرنسا في مالي! تصور، وانظر إلى تحليل البلداء المرضى الذين لو كان فيهم خير لما كان هذا حالهم!
الغبية تجهل أن الغرب لا يحتاج لحصان طروادة فبإمكانه دخول أي بلد دون اعتراض، خاصة من أمثالها من العنصريين! فلماذا يستعين ببلدنا؟ هل مالي قوة عظمى؟ لكنها – وأمثالها من العنصريين الحاقدين على العنصر العربي – يرون في البلد أصل جميع مشاكلهم – كثر الله منها -، ويلمونه بدل لوم الغرب الذي هو أصل شقائهم وعبوديتهم وهوانهم، بل بالعكس تلاحظ أنهم أمام الفرنسي عبيد، أما أمام المسلم الأبيض فذئاب تتحين الفرصة للإنقضاض، لا يمنعها منه غير العجز وقلة العقل والحيلة، الأمر الذي يميزهم، والذي يعتبر أصل ضعتهم وحطتهم؟!
لكنه الحسد – على أرزاق ومُلك، لا يهبهما إلا الله -، وهو ظلم وعنصرية مقيتة، ورغبة في تشويه سمعة الأبرياء، وإيغار صدور السود عليهم لمجرد أنهم بيظان أو بيض! حتى انهم في المظاهرات ضد الشرطة هجموا على سيارتي الشخصية وهم يهتفون “بيظاني بيظاني”، رغم أني مجرد مواطن لا ناقة لي ولا جمل فيما فعلت الشرطة بهم، إذن الأمر خطير، فعلى الدولة الإنتباه، والصارمة في مواجهة هؤلاء الغربان بالقانون – 5 سنوات سجن لم خرج في مظاهرة محطما حانوت أو سيارة بريء لأنه قد يجطمه هو شخصيا إن قدر عليه – هذه حرابة وقطع للطريق على الناس، وأذيتهم ولو بالكلام لمجرد اختلاف سخيف في الألوان لا يفكر فيه مسلم عاقل..
ذكرت الغبية أن نسبة 3.2 من البلد مستعبدة! وجعلت البيض أكثر شرا من فرنسا وأمريكا اللتين استعبدتا أجدادها، ولا زالتا تستعبدان دولتها حتى يومنا هذا!
والملاحظ في الأمر أنها استشهدت بكلام منظمات الغرب الذي يعرف الجميع أن أساسه الكذب! صدقت أسيادها الغربيين وزرعت الفتنة بين المسلمين لا وفقها الله! كل هذا لأن التيكتوك اللعين يتيح الفرصة للمريض في عرض أفكارهم التافهة المدمرة في بعض الأحيان.
وربما يعجل التيكتوك من وقوع الفتن، فما كان يجري من حوادث بغيضة – هنا وهناك – كان يفوت الناس، ولا يسمع أحد به، وبالتالي لا يهتم، أما اليوم فكل واحد يحمل هاتفا صينيا ولا يصور غير ما يملي عليه شيطانه الأسود تصويره! وهذه مشكلة بل مصيبة.
فيجب تمييز المتحدثين، فالعنصري واضح، يظهر ذلك جليا في كلامه، فهو حاقد بغيض مبغض يعمم ويفتري، أما البريء الذي يعرض أفكاره ويتظلم، فبعكسه، لا يحقد ولا يعمم، ويعرف أنه لا فرق بين عربي واعجمي إلا بالتقوى، فالدنيا كلها في يد ماسون أمريكا اليوم، فما الذي سيخرجون به منها؟ لا شيء! إذن الهدف من وجودنا في هذه الحياة هو الفوز في امتحانها، ولن يكون ذلك إلا بالتقوى بعد معرفة حقيقتها، وهي أنها دار إبتلاء، بالبيظان ولحراطين ولكور وأمريكا وفرنسا (ولا تجد عاقلا يشكو من البيظان أكثر من شكواه من عدوه الحقيقي عدو دينه، وهو الغرب، بل تجده غالبا عبد للغرب وليا له).
حتى في إطار الأسرة الواحدة قد يبتلى الواحد بأبيه وأمه وصاحبته وبنيه! بل قد يجد الأسود الخير في أبعد البيض منه، ولا يجده في أقرب السود إليه، والعكس، وقد الواحد يدافع عن الحراطين أو البيظان أو لكور، ثم يأتيه ابلاء ممن دافع عنهم، ويأتيه الفرج ممن ظن انهم أصل كآبته وحيته الضنك! الأمر مجرد ابتلاء، لا توجد فيه أفضلية للون ولا لأحد على أحد إلا بالتقوى، فالأسود المتقي خير من ملايين البيض الغير متقين. ولسنا هنا لنتطاحن بل ليسلم بعضنا من بعض، ونغمل على دخول الجنة فذلك هو الفوز الحقيقي الذي قد يمنع منه مجرد الدعوة إلى مظاهرة ضد البيظان أو لكور أو لحراطين، فقد يقتل فيها بعض الناس فيكون على الداعي إلى ذلك وزر منه، إذن لينتبه كل منا لشؤونه الخاصة، فهي تكفيه، رعيته أو عالمه الصغير أكبر منه، لن يقدر على ضبطه ورعايته إلا بشق الأنفس فلماذا يتطلع إلى ضبط ورعاية الدولة وثرواتها واغنياها وشياطينها! فلننتبه لأنفسنا فذلك خير لنا.
الثروة والأرض والأرزاق بيد الله وحده، ليست بيد البيظان ليطالبهم أحد بنصيب منها! كلنا عبيد لله، سلط بعضنا على بعض ليمحص الصابرين المتقين (من كل طائفة متسلطون على بني جلدتهم)، وليكب الظالمين في جهنم، فيجب الحذر من ذلك.. وعندما يكبر الواحد يعرف أنه في ابتلاء، وأن سخافة البيظان ولكور ليست أصل الحياة، وأن حكم ولد الغزواني أو ولد الحرطاني لن يغير شيئا من حقيقة كون هذه الحياة مجرد ابتلاء لا كمال فيه ولا راحة حتى لدى أغنى الأغنياء.. اسألوهم..
لذا لن يكون من السهل على العوام الذي دخلوا مجال المثقفين بهواتفهم البائسة، وأصبح كل من يحمل هاتفا اليوم مثقفا وفاعلا!! عليهم فهم ذلك واستيعابه.
والمنتظر إن لم يتم قطع الإنترنت أو الحد منها أن ينتشر الأذى انتشارا غير مسبوق، ويتم تداوله على نطاق أوسع لتمرض قلوب أكثر، وتكون نتيجة ذلك وقوع فتنة، فهو شحن في تزايد، ولو كنا في ظروف لا يوجد فيها التيكتوك – كما كنا من قبل – لربما لم تكن لتقع الفتنة، أو لكان وقوعها يتطلب مدة أكبر، أما اليوم فالأمر متسارع نحو الهاوية، حفظنا الله من كل شر.
إذن في التيكتوك، لم يعد الأمر متعلقا بالعلم والثقافة وفن الكتابة والتفكير الذي لم نر منه سوى التخلف والانحطاط، إذا فكر الواحد منهم فكر فقط في انتقاد الدين! لا يعلم أننا بدونه لا شيء، مجرد حمر مستنفرة لأننا أمة أعزها الله بالإسلام فإن تخلت عنه فلا مكان لها بين الأمم مهما غرها به هؤلاء السياسيين والمفكرين من أكاذيب.
النجومية في التيكتوك اليوم تعتمد على الزعيق والنعيق والإستعراض أكثر منها على المعرفة العلمية.
كان السابقون يتسلقون على حساب المسؤولين وغيرهم وفقا لقاعدة “خالف تعرف” التي لا يتبعها إلا ضعيف شخصية بلا أساس أو مشبوه.
ولم تصل القاعدة السابقة بهم عندنا إلى الطعن في الدين مثلما حدث في الدول المجاورة التي عندما يفكر الواحد من الأراذل فيها في الشهرة لا يجد حائطا أقصر من الدين – في نظره، ليقفزه.
أما عندنا فالمثقف متفاخر ومتعالي ومجنون بنفسه، ويعتقد أن لسانه السليط هو الذي يحقق له النجاح، وبالفعل يحققه أحيانا (بالح، مجرد أقدار)، لكن يا له من نجاح، يعرف صاحبه في قرارة نفسه أنه لا شيء ولا ينادي إلى شيء!
ولو كنا في بلد يعترض فيه المسؤولون على كلام أمثال هؤلاء، لما قدروا على توجيه كلمة واحدة لهم لأن المشتكي أقدر على الشكاية من المشتكى منه الذي لا يملك غير حاسوبه في أغلب الأحيان.
لماذا ينتقد هؤلاء غيرهم بالإتهامات والبذاءة والوقوع في الأعراض؟
ألا يحترمون الرئيس والوزير والمدير وأي عامل آخر؟
لماذا يستسهلون كلمة “لص” “مجرم”؟ أليست مما يعاقب عليه القانون؟
ما كل هذا التعبير عن الرأي الذي لا وجود له أصلا حتى في أمهم أمريكا؟!
ظنوا وسائل اللاتواصل الغير اجتماعية منصات للتعبير، خاصة الفيسبوك اللعين – الذي أعجب ممن يُعجبه – فعبروا فيها بأساليب تشمئز منها النفوس، تدل دلالة واضحة على أنهم محاربون باحثون عن غنائم لا غير، أو مدسوسون، لم لا، مثلهم من تسعى خلفه أمريكا لتحرق بلسانه المجتمعات الإسلامية!
ودينهم الديمقراطي الذي يسجدون له في محاريب الحرية والتنمية والسياسة الشيطانية المبنية على الكذب، دين شيطاني خبيث، على المسلمين تجنبه، وعلى من يمارسه التوبة من ذلك، فهو قائم على الكفر والإلحاد، وعلى نشر شعارات الشيطان التي تحقق أمانيه في الناس، فهل يحب المسلم ان يكون داعية إليها يا دعاة الديمقراطية؟
كيف يدعو المسلم لمذهب وضعه الملحدون الفلاسفة الأوروبيون، أكفر وأتعس البشر؟
كيف يدعوا لقيم زائفة لا يمكن تحقيقها على أرض الواقع.
فالشعب لا يستطيع حكم نفسه بنفسه، ذلك مستحيل! والذين يجلسون في البرلمان لا يمثلونه بل يمثلون أنفسهم وحدها، وهم أكذب خلق الله لأنهم سياسيون، وكل من على الأرض يعرف أن السياسيين هم أكذب وأقذر خلق الله، فهم بلا ضمائر ولا دين.
والذين في البرلمان تكون في الغالب أغلبيتهم من العلمانيين والمتحررين، فهل سيبقى لقوانين الدين مكان؟
هذا هو واقع الديمقراطية في كل مكان، وقد أذاق أصحابها الشعوب الوبال بالوباء ولقاحاته الآثمة، ولو كانت الشعوب تعقل لأسقطت الديمقراطية التي يتخذونها وسيلة لتحقيق مآربهم الشيطانية لأنها أصل البلاء.
الديمقراطية كذبة كبرى انخدع بها الكثيرون في زمننا هذا، أساسها الغش والكذب والنفاق الذي يسمونه سياسة ودبلوماسية (والمسلم لا يكون كذابا).
والمساواة التي تسعى لها بين الناس، مستحيلة، فلن يتساووا أبدا.
وحرية المرأة أكذوبة أخرجتها من بيتها ليتلاعب بها كل من هب ودب من مدير وموظف وعابر طريق!
ضاع بيتها وتحولت حياتها من الراحة والسكون والطمأنينة إلى الضنك والشقاء لتصبح مثل الرجال!
شاهد رأي هذه المغربية في تحويلهم للمرأة إلى آلة هنا 13.
وتطبيق الديمقراطية مبني على التزوير، يقولون أنه التصويت النزيه، وهيهات.
أم التصويت فحتى إن كان نزيها، ولن يكون أبدا حتى في أمريكا، فهو تصويت العوام الجهلة والفساق والمراهقين الذي تشترى أصواتهم بالحفلات والنقود وغيرها، ومثل هؤلاء لا ينبغي ان يكون لهم صوت في أي انتخاب، فقارن بين التصويت فيها والتصويت في الإسلام (تصويت العدول والثقات).
ولا توجد الديمقراطية في أي مكان حتى أوروبا وأمريكا، وإلا لما ظل الماسون المحاربون للبشرية يتعاقبون على الحكم منذ ظهورها إلى يومنا هذا.
الموجود في أوروبا هو “تطبيق القانون” باحترام، ذلك هو ما يميزهم بالفعل، ولو طبقنا نحن شرع ربنا لتجاوزناهم في ذلك، لأن الشرع يصلح النفوس أما قانونهم فلم يفلح في تقليل نسبة الجريمة في مدنهم، بل زادها!
إذن قيم الغرب كلها سخيفة وشيطانية، فلماذا ينادي بها هؤلاء المدونون الذين نرى في الفيسبوك كحل لكل المشاكل؟
ألا يتوبون من ذلك الذنب العظيم، الدعوة للشيطان؟!
أين دعوتهم إلى تطبيق الشرع والدين؟
أين كلامهم عن الدين، والكلام فيه أفضل من اللغو السياسي الذي لا يقدم ولا يؤخر، عجبا ممن يحتمل الإنصات له ساعة أو اثنتين في التلفزيون التافه الذي يعرض استعراض السياسيين المنافقين لوطنيتهم، وحرصهم على البلد، وما يحرصون إلا على جيوبهم وبطونهم!
أين الله ودينه في قواميس أولئك المدونين؟
يعلم السياسيون والمدونين وأمثالهم من الرأسماليين الباحثين عن المصلحة، أنهم كاذبون، وذلك ما يجعلهم يستمرون في الكذب، لكن الأمر تحول إلى لعبة مصالح قذرة، تجد العاقل يستسيغ فيها كل شيء حتى الكذب والنفاق!
من لا يدون اليوم وفي أيدي الجميع هواتف غبية؟!
المنافسة في ارتفاع حتى أن نجوم الفن المشاهير نزلوا إلى السوق ليحصلوا على نسبة منه، ولأول مرة في تاريخ وسائل اللاتواصل، أصبح النجم يجلس وجها لوجه مع الجمهور في التيكتوك، وسيكون ذلك سببا في سقوط تلك النجومية الكاذبة الأخرى.
والحقيقة هي أنهم ليسوا بنجوم بل عبيد للمنتجين المشوهين للمجتمعات بالأفلام والمسلسلات الخبيثة، وعندما يفتح الواحد منهم فمه معترضا يتم ركنه في بيته، وقطع مصدر رزقه من ذلك، لذا لا كرامة لدى أكثرهم، وهم في ذلك مثل الصحفيين التابعين للجهة التي تدفع لهم رواتبهم مثل التعساء الذين في قناة الجزيرة مثلا. كلهم أنذال، لأن من يبيع كرامته وضميره ورأيه، لا يستحق أي انتباه أو تقدير، فعجبا لمن يتابع فيصل قاسم وأمثاله، وهو يعتقد انهم أحرار في قول ما يشاؤون!
أذكر في بداية افتتاح قناة الجزيرة أنني كنت أحلم بأن أُكتتب فيها، ولكني لم أكن لأصبر على الغش والكذب أبدا، فكان عدم ذلك خيرا لي مثل الكثير من الأشياء التي يظنها الواحد ربحا وقد تكون، فالخيرة فيما اختاره الله.
المصيبة أن التفاهة تسود في التيكتوك، والثقافة والعلم يتوارى (لا أقول الدين فقد جعلوه يتوارى منذ القِدم)، لأن أهلهما أصلا تافهون، فخبا بريق المدونين السابقين الذين كانوا يعتمدون على الثقافة، والذين اعتقدوا أنها دامت لهم، فظهر بدلا منهم جيل من التافهين الجدد من الشباب الصغير، أغلبهم حمير، فيهم من يضع نظارات رؤية ليوهم متابعيه بأنه العالم الأوحد في مجاله، وأكثرهم جهلة بكل شيء. حتى طريقة اقتباس المعلومات من جوجل فاشلون فيها!
اختلط الحابل بالنابل، حتى أصبح من الصعب أن يجد المثقف السابق الذي دخل الأربعين أو الخمسين أو الستين، مكانا بين الحمير الصغار وحميرهم التابعة لهم، وهو أصلا لا يحتملهم، وهم أيضا لا يحملون قشرة وجهه، لذا أعجب من قوة شخصية من يصبر على التافهين ويتعاطى معهم!
مما يعني أن الثقافة التي طالما كانت وهما سخيفا، لأن المسلم كان عليه أن لا يستبدل دينه بأي شيء، تتهاوى اليوم لقلة بركتها. تذكر القوميين والأدباء والمفكرين الذي تركوا دينهم، واتبعوا تلك الأفكار الغربية الرجعية السخيفة مقلدين فلاسفة وأدباء أوروبا وأمريكا اللاتينية، فعوقبوا بالضياع مثلهم، عوقبوا بالتفاهة التي تتغلب عليهم اليوم.
وهكذا كل فكر إبليسي مآله إلى الإنحطاط والسقوط (أرانا الله يوما في حضارة أمريكا)، إلا الحق فإنه يعلو ولا يعلى عليه، قد يخبو بريقه أو يقل عدد المتابعين له، ولكنه يظل موجودا قويا من الداخل حتى نهاية الدنيا.
من خطورة التيكتوك أن الجميع يعرضون بضائعهم فيه، أولهم الفاجرات وأهل البدع والضلالات، حتى السحرة والمنجمين موجودين!
أما أهل الحق فقلة، قليل من يُلقي لهم بالا من المتابعين، وتلك علامتهم.
إذا قلت حقا أتعبك الأبالسة بالتبليغات والحذف، وقد تضيق ذرعا بالتيكتوك وغيره. أما إذا نهقت ورقصت فستلاقي الإعجاب والمتابعين إن كنت تبحث عنهم أكثر من بحثك عن تجذير مبادئك وحفظ ضميرك!
إنها بداية سقوط حضارة الغرب السخيف، فقد فاضت كأسهم النتنة، وما بعد وصول السكران المتخبط إلى القمة إلا التردي.
والتيكتوك تطبيق أمريكي، فرغم أنه صيني إلا أن الطمع الصيني جعله تابعا لأمريكا!
قارن بينه وبين تطبيق التليجرام الروسي المستقل عن أمريكا والغرب، تجد الأخير يعطي حرية أكبر لمن ينتقد الغرب ويحذر منه، إذا كتبت فيه منتقدا كورونا أو مدرجا مقطعا فيه أغنية محظورة، ترك المنشور لأنه لا يلقي بالا لا لأمريكا ولا لقوانينها، أما في التيكتوك واليوتيوب والفيسبوك، فلا يتركونه حرصا على رضا أمريكا ونفاقا أو تبعية لها!
فهو تطبيق منافق يبحث عن المال وحده (وتلك سمة أهله)، لذا يستهدف الجميع، ولو قدر على اكتساب الشياطين لفعل، فهو تطبيق بلا مبادئ لا تثقف فيه كثير.
ولا يمثل دولته التي تزعم أنها ند لأمريكا، ولا يعبر عنها بل عن أمريكا.
والند الظاهر للغرب وأمريكا هو روسيا وحدها، وتطبيقها التليجرام لا يهتم بقوانينهم السخيفة بعكس التطبيق الصيني الذي لا خير فيه، ولن استغرب إن قامت الحرب بين أمريكا وروسيا أن تغدر الصين روسيا حرصا على المال.
لقد احتنك الشيطان أكثر المدونين إلا القلة، فجمعهم تحت لوائه، ومن أهم وسائل الشيطان ووسائل عبيده الذين يحكمون العالم اليوم، أن أصبح لكل من يمشي على الأرض ملفا في جوجل الذي يتجسس عليه هو وغيره من التطبيقات، كل هاتف محمول عبارة عن جاسوس علم ذلك صاحبه أم لم يعلم!!
وانضاف لوجود الشيطان وجنوده الكثر، الجهل بالله ورسوله ودينه، فقليل من يعرف العقيدة الصحيحة، عقيدة السلف الصالح، عقيدة التوحيد ولو صبر عليها المثقف لكان بالفعل مثقفا!
فلماذا لا يطلعون على ما عند خصومهم بصدق نية وتجرد للحق ليعرفوه على الأقل، بدلا من اتباع الأكاذيب المبثوثة فيه؟
أكثرهم لا وقت عنده للحديث عن الدين، تراه يهرف بما لا يعرف من أمور السياسة الخبيثة ليل نهار، وهم أبكم أصم إذا تعلق الأمر بالدين!
ثم يزعم بعد ذلك أنه مسلم محياه ومماته لرب العالمين!! بل للديمقراطية والأحزاب والحرية الكاذبة التي هو أبعد الناس عن توفيرها لأقرب المقربين إليه!
لقد كثر السحرة الذين يلبسون ثياب الصالحين، وكثر المنافقون السياسيون الذي يخدعون الناس بكذب التنمية واقتسام الثروة والمواطنة والحقوق السخيفة التي لا يوفرها الواحد منهم لأبنائه.
كثر التافهون في التيكتوك وفي كل مكان، وأصبح جمهور التفاهة الأكبر، فهل نتوقع بعد ذلك غير خراب المجتمعات؟ فبقدر بعدها عن الدين يكون العقاب، حفظنا الله وإياكم والمسلمين من كل شر، وأعاد الأمة إلى جادة الصواب.
ليكن همك التمسك بمبادئك ولو غردت وحيدا خارج السرب المنفلت، لا تنجرف إلى الباطل ولو كانت المكافأة ملايين الدولارات، فقد تتحول إلى أغلال في عنقك يوم القيامة.
ولا تعن أهل الباطل من ديمقراطيين وأهل بدع، على هدم الدين والمجتمعات.
ابحث عن الإسلام الحق وتمسك به ولو كنت وحدك، لن يضرك ضلال أكثر الناس إن اتبعت الحق..
لا يكن هذا القس خيرا منك فقد افتتح مناظرته مع احمد ديدات بكلمة حق، قال إن هدفه من البحث فيما لدى الآخرين هو معرفة الحق، فبدون ذلك لن يعرف موضوعه منهم ومن الحق، فماذا يصر البعض على تجاهل الطرح السلفي الوهابي كما يسمونه؟ أليس طرحا قويا يفرض نفسه، بل يزعم أنه فوق غيره؟ لماذا يتجاهلونه إذن.. هل هذا القيس أعقل منهم وهم مسلمون؟
شاهد مقطع ذلك القس الذي إن صدق فهو أذكى من الكثيرين، هنا 15.
ابحث عن الحق في كتب ابن تيمية وابن القيم، وفي كتب علماء السعودية الكبار كابن عثيمين وابن باز والفوزان.. لا تشتط غضبا قبل القراءة لهم، فما هو إلا البحث والتمحيص بهدف الوصول للحق أو معرفة ما عليه الغير على الأقل، وفي الحالتين أنت الرابح.
ابحث عن الحق في قناة البصيرة المصرية الموجودة في بيتك، تبث في قمر النايلسات، وستسعد بها لأنها أفضل قناة إسلامية مجودة الآن، اصبر عليها فقط (مشكلة الناس هي أنهم لا يصبرون لا ما يخالف هواهم، ولو فعلوا لربما كان خيرا لهم)..
ابحث عن الحق، ولا تكن شيطانا أخرسا.. ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة، وليس من ذلك السكوت عن أهل البدع والديمقراطية كما يفعل الشياطين الخرس الذين من بينهم من يخطب الجمعة، والله المستعان.
لا تنتظر من أحد الجزاء فالله سبحانه وتعالى هو الرازق وحده، ولا تلعب لعبة السياسة الإلحادية الخبيثة فقد تخرجك من الدين بموالاة الكافرين، فأهلها كفار علمانيون يصرحون بذلك، ومستقبلها طين، وربما بدأ انحطاطهم اليوم بارتفاع دعوات الشذوذ، تلك الدعوات المشؤومة التي ما دعا بها أحد إلا قُصم ظهره، ولعلها هي والوباء اللعين، قاصمة ظهر الحضارة الغربية اللعينة.
لا تبحث عن المسؤولية فحسابها عسير، لا تطلبها بالتدوين ولا بالسياسة لأنها لعب مع المجرمين، ومشاركة لهم في الإجرام..
لا تدون لأجل الشهرة بل لله، وانصر دينك بما تعرف، وخذها مني نصيحة كل ما ترى من نجومية وشهرة، هذا “كاتب مبدع” وتلك “أميرة شعراء”، وذاك “سياسي مناضل”، كل ذلك هباء.
لو كنا في عالم يسود فيه الحق (ولن يكون ذلك إلا في زمن المهدي، والله أعلم)، لما ساد هؤلاء الملحدون الفساق الغربيون، ولما استطاع أحد كتابة كلمة سوء في الملك أو الرئيس أو غيرهما من أصحاب المراتب لأنهم أقوى منه!
من هو ليناطح الرئيس؟ أليس نكرة؟ إن بائعة الجسد في التيكتوك أشرف منه وأعز نفس، لأن مشكلتها توجد في الشهوة التي إذا غلبت فقد يكون ذلك طبيعيا، أما مشكلته هو ففي ضميره الذي باع للشيطان.
يقال للمشاهير “الفنان الكبير”، و”الشاعر الكبير”، و”المدون الكبير”، و”السياسي المخضرم”.. وكلهم لا شيء، أكثرهم بلا عقل ولا ضمير ولا دين، وحياتهم ضنك مهما أقبلت عليهم الدنيا لأنهم معرضون عن الله سبحانه وتعالى “وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى”.
بل وجد بعض الشياطين في التيكتوك، مثل الملحدين ومنكري السنة – الذين يزعمون أنهم قرآنيين والقرآن لا يعرفهم، بل يستطيعون قراءة آياته بطريقة صحيحة – فرصة للظهور بعد أن كانوا مطمورين في غرفة البالتاك التي لا يعرفها أحد!
فكثرت الصفحات الساخرة من أصول الدين في التيكتوك، واندس بعض اليهود والعملاء الغريبيين في اللعبة لإغواء الشباب بتلك الفكار المنحطة، وإفساد دينهم – ولن أعجب إن كانت بعض المنظمات المعادية للإسلام والمسلمين في الغرب ترعى كفرهم ذلك بأموالها الحرام -، وظهرت الأحقاد وقلة المصداقية وانعدام الوضوح، وبعكس عوام اليهود والنصارى الذين يتحاورون بتجرد أحيانا، وينصتون، ينطلق هؤلاء من منطلق الحرب على الإسلام ولو بالكذب الذي يدركون أنه كذب!
يعترضون على الإسلام الذي لم تقدر الديمقراطية ولا علمها الخبيث، ولا المسيحية ولا اليهودية ولا البوذية ولا الهندوسية، ولا المخابرات الأمريكية على تحديه فكريا إلى حوار علني في ال CNN أو غيرها، إلى يومنا هذا!
يأتي هؤلاء المارقون ليجحدوا أصوله، وبشبهات عفا عليها الزمن!
وإذا دخل من لديه علم إلى صفحاتهم أتعبوه بالإنزال والحظر والتلاعب الشيطاني، أما الجاهل فه صيدهم، وأكثرهم نساء ومخنثون ومرضى نفسانيون واناس قباح المعدن، لا شك في ذلك، ويتبين من طريقة كلامهم وتصرفاتهم وقبح وقاحتهم وقلة أدبهم!
يبحث الكثيرون عن موقع زيادة متابعين تيك توك، لكي يستطيعوا عمل المباشر، ولكن الأمر يزداد صعوبة في ظل المنافسة، وحتى مع نشر المقاطع الهادفة، قليل من يشترك في الحساب، لذا فإن الأفضل هو وضع قناع من حديد والظهور للناس بثقة والتحدث في سابع المستحيلات وكل ما يجذب، وهنا تقع الأكثرية في خطأ المبالغة واصطياد الذنوب!
توجد مواقع عربية وأجنبية تبيع المتابعين الحقيقيين كما تزعم، لكن اكثرها يفرض ئراء الحزم بالبطاقة المصرفية، وبعضها يظهر رسالة “فشل عملية الشراء” بعد التقاط معلومات البطاقة، لذا يجب الحذر، وعدم اعتماد البطاقات المهمة في ذلك.
والربح من تيك توك في دولنا قليل، أكثر منه الربح في الدول الغربية، فهي المقدمة عند التيكتوك وغيره، رغم أن العالم العربي قد يكون السوق رقم واحد لكل مواقعهم ومنتجاتهم لميزة الشراء التي يتمتع بها. ومع هذا يحتقرونه ولا يضعونه في الإعتبار، لا هو ولا لغته العربية إلا قليلا. ومع كل ذلك يوجد من يتساءل هل فلوس التيك توك حلال ام حرام؟ هل لديك فتوى في ذلك؟
رئيس هيئة علماء المسلمين يفتي بجواز تهنئة الكفار بأعيادهم
أخيرا أصبح لهؤلاء صوت وهيئات وأسماء رنانة ك”رئيس كذا وكذا” و”رابطة علماء المسلمين”، وكدأب مفتو أوروبا المتساهلين الذين قد يكون من بينهم من يشرب الخمر – باعتباره حلالا او نصف حلال – خرج رئيس هيئة علماء المسلمين في العالم يبيح تهنة المسيحيين بالكريسماس، وربما يخرج قريبا من يعطي للمثلية مكانة في المجتمع الإسلامي!
رئيس هيئة علماء المسلمين الغريب العجيب
إنه لوضع مؤسف، أنه في الوقت الذي يقل فيه تأييد الحق واتباع أهله المتبعين لما كان عليه الصحابة وتابعوهم بإحسان، يتعالى صوت المبتدعة المتساهلين في الدين الذين يتعلقون بأكاذيب قيم الحضارة الغربية السخيفة، التي لا أصل لها ولا وجود على أرض الواقع كأكذوبة رقيهم وإنسانيتهم وحقوقهم وتسامحهم وقبولهم بالرأي الآخر!
وكل ذلك لتدمير قواعد الإسلام التي لا يعرفون، وكيف يعرفونها وهم إما غربيون تغريبيون أو صوفية أو إخوان شياطين! بدعهم ظاهرة، فالصوفية ليسوا من أهل السنة لأنهم تركوا سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، واتبعوا سنن شيوخهم المشبوهين الذين لا دليل لهم غير الحكايات والأساطير، يقول الواحد منهم: “رأيت في المنام”، و”فُتح علي بكذا”، و”التقيت بالرسول والخضر”، وجلست مع رب العالمين في الحضرة الإلهية.. الكذاب.
لنكن صريحين في اتهامهم بالكذب، فما أفسد ديننا إلا المجاملات التي ليست في محلها، ومنها هذه الفتوى السخيفة، فهذه المجاملات هي أحد أسباب انتشار البدع وخفوت صوت الحق، وما هذه الخلافات إلا وجهات نظر لها أدلة، فأجدر بالواحد البحث عن الدليل بدل اتباع الهوى وإبليس.
ناقشها بالعقل وتدبر فيها ثم ارددها بعد ذلك إن شئت، لكن لا تحاربها ولا تسخر منها قبل معرفة حقيقتها بنفسك، لا تسمع من غيرك في ذلك، فقد يكون فاسقا كذابا يتهم السلفية بما ليس فيها حقدا على الحق (وهو حال أغلب الطاعنين في السلفية).
المتصوفة يريدون لشيخهم أن يكون ربا لذا لا يرغبون فيمن يسفه لهم منهجه ولو كان ذلك بادلة من القرآن، رغم أنه مجرد بشر بل فيهم من هو أفضل منه عقلا وأكثر مالا!
كيف يحرك ذلك الإنسان المجهول الكون وهو نكرة لا شيء؟
كيف يفعلها ولم يفعلها قبله من هو أكبر منه قدرا وأعلى منزلة كالرسل والأنبياء ثم الصحابة والتابعين؟
أما الإخوان فيرغبون في كرسي الحاكم، لذا يبغضون كل من يواليه ويدافع عنه، حتى أصبح مجرد الثناء على الحاكم – وهو الأصل عندنا كمسلمين – نفاقا وعمالة!
فكلهم أصحاب هوى ومصالح شيطانية.
الإخوان ليسوا من الجماعة بدليل شقهم عصا الطاعة، وخروجهم على الحاكم، سواء كان ذلك بالمظاهرات أو غيرها.
وخروجهم ظاهر للعيان، ونتائجه التخريبية بادية لا تخفى إلا على أعمى بصيرة، انظر إلى حال سوريا وليبيا وغيرها، فهم سبب حرقها بخروجهم الذي عرف الأعداء كيف يستغلونه.
فكلهم مبتدعة، هم من يفتح مثل هذه المؤسسات الدولية ويطلق عليها أسماء مهولة ك “كهيئة علماء المسلمين”، حتى يخيل للواحد انه لا وجود للعلماء بعدهم!
ولن أستغرب من تبعية مثل هذه المؤسسات الرأسمالية لليونسكو والأمم المتحدة والكونجرس وغيره، كلها هيئات شيطانية ماسونية مرتمية في أحضان الغرب تعمل لأجله، بدليل هذه الفتوى وأمثالها في أوروبا (يهدمون بها الدين هنالك ليلائم العلمانية التي هي أكبر أعدائه في الوقت الحالي، عجبا من مسلم سياسي – منافق كذاب -، وعجبا من مسلم له حزب ديمقراطي، وعجبا أكبر من مسلم يجلس في برلمان كالبرلمان التونسي لتشرع الديمقراطية الدخيلة فوق رأسه ما يتنافى مع شرع رب العالمين، لترد قوانين رب العالمين أمام انظاره، وهي جالس يكتفي بالحياد! المنافق.
تبا له وللديمقراطية ولهم جميعا، المهم عندهم هو أن يرضى عنهم اليهود والنصارى.
يقولون “هيئة علماء المسلمين” و”رابطة علماء المسلمين”، وهم أصلا ليسوا بعلماء ولا شيء، بل مبتدعة جهلة يعبدون الهوى، والمبتدع ليس عالما لأنه يجهل أهم أسس الإسلام ألا وهو التوحيد.
أما علماء المسلمين الحقيقيين فلا يتحزبون، ولا يتبعون لا اليونسكو ولا الأمم المتحدة، ولا يرتزقون بالسياسة والهيئات الحقوقية التي تنفخ بطون أصحابها أكثر مما تنفع الدين والفقراء.
خلاصة القول أن هؤلاء الضالين لا يمثلون الإسلام ولا المسلمين من قريب أو بعيد، فمن أراد الإسلام فعليه اتباع السلف الصالح، فذلك أقرب إلى السلامة، وقد عاش النصارى مع السلف، فهل لدى هؤلاء المبتدعة دليل واحد على أنهم كان يهنؤونهم بمناسبة الكريسماس التي لا يخفى الشرك الذي فيها؟
لو كان عندهم دليل واحد، ولو أضعف دليل، لطاروا به، أما قوله “لا يوجد نص شرعي يمنع من ذلك”، فذلك بحسب فهمه الأعوج الذي يحلل له ما يقربه من الشرك والمشركين، فبعض مخابيل المبتدعة يفهم القرآن بالمقلوب، فإذا قرأ آية تأمر بعدم الشرك بالله، فسرها بعبادة شيخه، وصاح قائلا لن تفهموني فالعلم الباطن لا يطلع عليه غير خاصة الخاصة!
وما العلم الباطن إلا أوهام وأكاذيب شيطانية.
هؤلاء لا يمثلون المسلمين، لا هم ولا هيئتهم بل هي “الهيئة الأوروبية للإبتداع والتبعية العمياء للغرب”، ولا يجب اعتبار مثل تلك الأسماء المهولة التي يسمون بها أنفسهم بلا برهان، فهم لا شيء.
موقع RT الروسي يخدع المسلمين بخبر إباحة علماء المسلمين لتهنئة الكفار بأعيادهم
تاريخ الخبر ديسمبر 2022 – أعلن رئيس هيئة علماء المسلمين المدعو محمد العيسى، عن حكم شرع شيطانه – لا الشرع – في مسألة تهنئة الكفار بأعيادهم العقدية. وأوضح العيسى في برنامج “في الآفاق” (آفاق الإخوان والضلال)، عدم وجود أي نص شرعي يمنع تهنئة المسيحيين بـ “الكريسماس” وغيره من أعيادهم. وذكر أن تبادل التهاني مع المشركين، صدرت فيه فتاوى بالجواز من علماء كبار في العالم الإسلامي (يقصد علماء أوروبا الذين فيهم واحد مخنث في فرنسا يصلي بالمغفلين)، وقال انه لا يجوز الاعتراض على المسائل التي تتعلق بالإجتهاد الشرعي، بزعمه (كأن ذلك اجتهاد، أتعبونا بكلمة إجتهاد، فمن هم ليجتهدوا أصلا؟ أليس اكثرهم متلبس بالبدع؟ كيف يجتهد مبتدع معدوم التوفيق؟).
ملاحظة: الموقع الذي أورد الخبر، أورده بحيث يفهم القارئ منه أن الفتوى معتبرة وتحل مشكلة تهنئة الكفار في أعيادهم حلا نهائيا بالجواز، وهذا يدلك على خطورة الإعلام، فالإعلام كذاب ومدلس وشيطان، فبحسبهم كأن علماء الأمة اتفقوا جميعا على ذلك، في حين أنه حتى علماء البدعة الذين في الهيئة، لم يتفقوا عليه!
والحقيقة هي أنه رأي فرد هو الغبي “العيسى”، قاله في برنامج تلفزيوني!
إذن المصدر ليس هيئة العلماء المذكورة ولا هيئة غيرهم، بل تغريدة على صفحة البرنامج التلفزيوني التافه في موقع تويتر الأتفه.
عجبا لهم، حتى موقع RT الروسي الذي نعتبره اليوم الأقرب للقضايا الإسلامية، عدو لنا، محارب للإسلام، يستغل الفرصة للترويج لكل ما يهدم أسسه، وبغير مصداقية، إذ لو صدقوا لقالوا إنه رأي فرد وفي برنامج، وليس رأي جميع علماء المسلمين كما سيعتقد البعض!
فينبغي الحذر من الإعلام، فاختلاف روسيا وأمريكا لا يجعل روسيا تحب الخير للمسلمين، هؤلاء جميعا يتهارشون علينا مثل الكلاب، وليس فيهم صديق ولا حليف لأنهم كفار أعداء، ومهما صفت نوايانا تجاههم، ودعا البلهاء إلى تهنئتهم وأخذهم بالأحضان، لن يتركوا عدائنا أبدا، وسيستمرون في محاولة أذيتنا، والواقع يشهد بذلك.
طالع موضوع الولاء والبراء هنا لتعرف أسباب تشدد العلماء في معاملة المسلم معهم، ليس لأن المسلم متطرفا أو إرهابيا بل لأنهم هم المتطرفون الإرهابيون الذين لن يتكوه أبدا في حاله بسبب الشيطان، فالعداوة قائمة بينه وبين أهل الحق إلى يوم الدين، وهم ببساطة عبارة عن جنده الذين يحارب بهم.
حكم الشرع في تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية المبنية على مخالفة التوحيد
أخي الكريم، الأمر لا يحتاج لعلم ولا لتعالم، فأغلب ديننا جلي واضح، نستخدم في الإستدلال عليه إضافة لعقولنا ما تعارف عليه من سبقنا من سلفنا أي الثوابت التي تلقتها الأمة بالقبول، أما الآراء الدخيلة المبنية على الهوى وحدثتني نفسي وأظن وأعتقد، فلا نريدها لأننا متبعون لا مبتدعون.
إذا رأيت العالم يقول عن وعن، ويضع نفسه دون السابقين لأن السلف أسبق للنبي وأعلم به وبالدين منا، فاعلم أنه خير من الذي يطلق الأحكام من جعبته ويضع نفسه فوق الجميع.
إذن، قول البعض يجب أن تكون عالما لتحكم، قول ليس على إطلاقه لأن أكثر الدين واضح بالدليل والعقل، وذلك القول يعد من ضعف الهمة وقلة الثقة في النفس، ويبعد عن الدين تحت ذريعة الجهل به، حتى أصبح البعض لا يقدر ذكر رأيه أو مناقشة أي مسألة من مسائل الدين، فضاع الأخير بذلك، ونسي المغفل أن العالم فلان لن يحاسب بدلا منه، وأنه المسؤول لا العالم فلان، وعليه أن يبحث ويعرف ويناقش ليصل للحق بدل الإعراض والسكوت وترك الكيكة للعلماء! فوقع الكثيرون في الخطأ الذي غرهم به الشيطان، فركنوا دينهم جانبا ومرت أيامهم ولياليهم وهم يتحدثون في كل شيء إلا الله ورسوله! وطبعا أكثر كلامهم عن كرة القدم والسياسة الديمقراطية التافهة!
فلا يذكر الواحد منهم غزوة للإعتبار (وإذا ذكرها غيره أمامه ليجره إليها نظر إليه باحتقار وقال في نفسه هل هذا عالم؟!)، ولا يذكر آية للتدبر، ولا يعترض على منكر، ولا يأمر بمعروف، كل ذلك بذريعة أنه ليس بعالم! تبا للغباء قبل الجهل. فكان العلم في هذه الحالة الشاذة حائلا بينه وبين الخير؟ فتدبر في هذه.
ولو كان الأمر كذلك لدخل الجنة العلماء فقط، أما المسكين فسيسأل وحده، ولن تزر وازرة وزر أخرى، ولن ينفعه غير علمه وعمله الناجم عنه، لا عمل وعلم الشيخ أو العالم فلان!
فأصبح الحديث في السياسة أسهل عنده من الحديث في دينه، فملأ بذلك فراغه وضاع فيه عمره، وذلك هو غاية ما يريد الشيطان، أن يصد الناس عن الكلام في الفِرق والبدع والدين عموما، بحجة أن ذلك من التطرف وتضييع الوقت فيما لا يفيد، والعكس هو الواقع، فمن ذلك يتعلم الواحد دينه، ويتجنب البدع، ويفهم الإسلام أكثر، ويقترب من العلماء أكثر حتى إن لم يكن منهم، وقد يصبح منهم، لم لا.
كلنا يعلم نسبة من العلم قلت أو كثرت، فلماذا نبخس علمنا وأنفسنا؟
من منا لا يريد أن ينفعه علمه، والعلم يُتعلم، وهو درجات، ولا يستطيع أحد الإحاطة به، يكفي البدء بالقليل ثم الإستزادة شيئا فشيء، أما اعتبار النفس حمارا جاهلا، وترك الدين جانبا، فمنتهى الغباء.
فيجب علينا أولا معرفة الفرض العيني، أي الواجب علينا معرفته من الأحكام، كأمور العقيدة والفقه، فلا يعقل أن يجهل الواحد تفاصيل ذلك. بعدها سيصبح من طلبة العلم، ويكون مؤهلا لمعرفة أكثر فأكثر.. فالمسلم لا يكون جاهلا بل عالم ولو علِم القليل.
لا تقل هذا متطرف وذاك وسطي، فما أدراك أن المتطرف ليس بمتطرف، وأن الوسطي هو المتطرف كالإخواني مثلا. وقبل إطلاق الإتهامات والسب والشتم، والدخول في العداوة التي لا فائدة فيها، شغل عقلك واستفت قلبك، وانظر إلى الدليل، أي دقق في الصورة أكثر من الإطار، فالإطار قد يكون من الذهب المصقول المزين بعبارات “الوسطية” و”الجمع بين المسلمين ولو على البدع” و”الجمع بين المسلمين والكفار”.
كلام الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، يكفي في هذا الصدد، وهو أحد علماء السلفية في العصر الحديث، وسيتضح لك أن كلامه مبني على الدليل، أي “قال الله عز وجل” و”قال رسوله صلى الله عليه وسلم”، وكان “السلف الصالح على” و”قالوا كذا”، فمثله لا يأتي بشيء من جعبته، بل يرد المنهل الحق ويأخذ منه، بعكس أهل البدع الذين يقومون بالعكس كصاحب هذه الفتوى مثلا، والذي لم يستدل بغير “عليكم احترام اجتهادنا”!، والسؤال المطروح عليه هو: لماذا نحترمه إن لم يكن لك عليه دليل؟
فإن كان لدى المخالف رأيا آخر غير رأي الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، فليأت بأدلته، المهم، وهو عدم الحكم بالهوى والنفس الأمارة على أهل الحق، فهم لا يريدون للناس إلا الخير، والنجاة من الضلالات والخطأ، فلا تسمحوا للشيطان بأن يبعدكم عن الحق وأهله، وعندما تجد الغرب والشرق متفق على أن الإسلام المكروه هو الذي عليه الوهابية، فاعلم أنها الحق، ولا تغضب، قم بالبحث فقط وسيتبين لك ذلك إن شاء الله.
اسال نفسك لماذا كل أهل البدع في كل الدول العربية يمقتون الوهابية؟
لماذا حتى البرلمان الفرنسي والبريطاني والكونغرس الأمريكي يحاربون الوهابية لا غيرها؟
لماذا عندما ينصح مسلم الناس بالإسلام يتهمونه بالفكر المتشدد والسلفية؟
لماذا عندما ننصح الناس بالتوحيد في اليوتيوب والتيكتوك يتم حذف مقاطعنا كأن الحرب مشنونة فقط علينا، في حين أن أهل البدع والداعين للخراب بالمظاهرات يتحدثون كما يشاؤون، ولا أحد يوقفهم، مع انهم مجرمون داعون إلى الخراب! حتى إن شكى منهم رئيس بلد لن يعتبر اليوتيوب كلامه!
لاحظ أن الغرب لا يحارب داعش – وهي صنيعتهم – بقدر ما يحارب الوهابية!
حتى في كأس العالم عندما دعا بعض اللاعبين المغاربة الغير إلى الإسلام اتهموهم بأنهم سلفية!
إذن السلفية هي الحق الذي تحاربه شياطين الأرض، هي المذهب الذي يتفقون جميعا على محاربته! فلماذا؟
لماذا نجدهم متصالحون فيما بينهم، أمريكا تشجع التصوف والإخوان وتلتقي بهم في ابليت الأبيض، أما الوهابية فلا!
فكر في هذه يا أخي، وابحث بنفسك وقارن، لا تتبع الإعلام الكذاب، ولا تغرك صفحات جوجل الأولى فأكثرها لتشويه الحق، قم بالتدقيق، إذا قيل لك ابن تيمية قال كذا وكذا من الأكاذيب، فابحث عن قول من معه لا من ضده، لتعرف الحقيقة (الأمر بسيط، لماذا تثق الأكثرية في أهل الباطل ولا تحتمل مجرد الإنصات لأهل الحق؟! الجواب لأنها سنة الحياة، فقد وضعوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم خوفا من سماع الحق من الرسول صلى الله عليه وسلم، فما بالك بمن دونه؟!).
سُئل فضيلة الشيخ اين عثيمين رحمه الله عن وصف الكافر بأنه أخ؟
فأجاب بقوله: لا يحل للمسلم أن يصف الكافر – أيا كان نوع كفره؛ سواء كان نصرانيا، أم يهوديا، أم مجوسيا، أم ملحدا -، لا يجوز له أن يصفه بالأخ أبدا، فاحذر يا أخي مثل هذا التعبير، فإنه لا أخوة بين المسلمين وبين الكفار أبدا، الأخوة هي الأخوة الإيمانية كما قال الله – عز وجل -: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}. وإذا كانت قرابة النسب تنتفي باختلاف الدين، فكيف تثبت الأخوة مع اختلاف الدين وعدم القرابة؟ قال الله – عز وجل – عن نوح وابنه لما قال نوح عليه الصلاة والسلام: {رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنْتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ قَالَ يَانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ}. فلا أخوة بين المؤمن والكافر أبدا، بل الواجب على المؤمن ألا يتخذ الكافر وليا كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ}.
وسئل عن حكم تهنئة الكفار بعيد الكريسماس؟ وكيف نرد عليهم إذا هنئونا به؟ وهل يجوز الذهاب إلى أماكن الحفلات التي يقيمونها بهذه المناسبة؟ وهل يأثم الإنسان إذا فعل شيئا مما ذُكر بغير قصد؟ أي إنما فعله إما مجاملة أو حياء أو إحراجا أو غير ذلك من الأسباب؟ وهل يجوز التشبه بهم في ذلك؟
فأجاب فضيلته بقوله: تهنئة الكفار بعيد الكريسماس أو غيره من أعيادهم الدينية حرام بالاتفاق، كما نقل ذلك ابن القيم – رحمه الله – في كتابه “أحكام أهل الذمة”، حيث قال: “وأما التهنئة بشعائر الكفر المختصة به فحرام بالاتفاق، مثل أن يهنئهم بأعيادهم وصومهم، فيقول: عيد مبارك عليك، أو تهنأ بهذا العيد ونحوه، فهذا إن سلم قائله من الكفر، فهو من المحرمات، وهو بمنزلة أن تهنئه بسجوده للصليب، بل ذلك أعظم إثما عند الله، وأشد مقتا من التهنئة بشرب الخمر وقتل النفس، وارتكاب الفرج الحرام ونحوه. وكثير ممن لا قدر للدين عنده يقع في ذلك، ولا يدري قبح ما فعل، فمن هنأ عبدا بمعصية أو بدعة أو كفر، فقد تعرض لمقت الله وسخطه”. انتهى كلامه رحمه الله.
وإنما كانت تهنئة الكفار بأعيادهم الدينية حراما، وبهذه المثابة التي ذكرها ابن القيم؛ لأن فيها إقرارا لما هم عليه من شعائر الكفر، ورضا به لهم، وإن كان لا يرضى بهذا الكفر لنفسه، فيحرم على المسلم أن يرضى بشعائر الكفر، أو يهنئ بها غيره؛ لأن الله تعالى لا يرضى بذلك، كما قال الله تعالى: {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ}. وقال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا}. وتهنئتهم بذلك حرام سواء كانوا مشاركين للشخص في العمل أم لا.
وإذا هنئونا بأعيادهم، فإننا لا نجيبهم على ذلك؛ لأنها ليست بأعياد لنا، ولأنها أعياد لا يرضاها الله تعالى؛ لأنها إما مبتدعة في دينهم، وإما مشروعة، لكن نسخت بدين الإسلام الذي بعث الله به محمدا – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – إلى جميع الخلق، وقال فيه: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.
وإجابة المسلم دعوتهم بهذه المناسبة حرام؛ لأن هذا أعظم من تهنئتهم بها، لما في ذلك من مشاركتهم فيها.
وكذلك يحرم على المسلمين التشبه بالكفار بإقامة الحفلات بهذه المناسبة، أو تبادل الهدايا أو توزيع الحلوى أو أطباق الطعام أو تعطيل الأعمال ونحو ذلك، لقول النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من تشبه بقوم فهو منهم». قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه: “اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم”: “مشابهتهم في بعض أعيادهم توجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل، وربما أطمعهم ذلك في انتهاز الفرص واستذلال الضعفاء”. انتهى كلامه رحمه الله.
ومن فعل شيئا من ذلك فهو آثم سواء فعله مجاملة، أو توددا، أو حياء أو لغير ذلك من الأسباب؛ لأنه من المداهنة في دين الله، ومن أسباب تقوية نفوس الكفار وفخرهم بدينهم.
والله المسئول أن يعز المسلمين بدينهم، ويرزقهم الثبات عليه، وينصرهم على أعدائهم، إنه قوي عزيز.
وسئل فضيلة الشيخ عن مقياس التشبه بالكفار؟
فأجاب بقوله: مقياس التشبه أن يفعل المتشبه ما يختص به المتشبه به، فالتشبه بالكفار أن يفعل المسلم شيئا من خصائصهم، أما ما انتشر بين المسلمين، وصار لا يتميز به الكفار؛ فإنه لا يكون تشبها، فلا يكون حراما من أجل أنه تشبه، إلا أن يكون محرما من جهة أخرى، وهذا الذي قلناه هو مقتضى مدلول هذه الكلمة، وقد صرح بمثله صاحب الفتح حيث قال ص272 ج10 “وقد كره بعض السلف ليس البُرْنُس؛ لأنه كان من لباس الرهبان، وقد سئل مالك عنه فقال: لا بأس به. قيل: فإنه من لبوس النصارى، قال: كان يُلبس ها هنا “. اهـ. قلت: لو استدل مالك «بقول النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – حين سئل ما يلبس المحرم، فقال: لا يلبس القميص، ولا السراويل، ولا البرانس» الحديث؛ لكان أولى.
وفي الفتح أيضا ص307 جـ1: وإن قلنا: النهي عنها (أي عن المياثر الأرجوان) من أجل التشبه بالأعجام فهو لمصلحة دينية، لكن كان ذلك شعارهم حينئذ وهم كفار، ثم لما لم يصر الآن يختص بشعارهم زال ذلك المعنى، فتزول الكراهة. والله أعلم. اهـ.
وسئل فضيلة الشيخ حول ادعاء بعض الناس أن سبب تخلف المسلمين هو تمسكهم بدينهم، وشبهتهم في ذلك أن الغرب لما تخلوا عن جميع الديانات وتحرروا منها، وصلوا إلى ما وصلوا إليه من التقدم الحضاري، وربما أيدوا شبهتهم بما عند الغرب من الأمطار الكثيرة والزروع؛ فما رأي فضيلتكم؟
فأجاب بقوله: هذا الكلام لا يصدر إلا من ضعيف الإيمان، أو مفقود الإيمان، جاهل بالتاريخ، غير عالم بأسباب النصر، فالأمة الإسلامية لما كانت متمسكة بدينها في صدر الإسلام كانت لها العزة والتمكين والقوة والسيطرة في جميع نواحي الحياة، بل إن بعض الناس يقول: إن الغرب لم يستفيدوا ما استفادوه من العلوم إلا مما نقلوه عن المسلمين في صدر الإسلام، ولكن الأمة الإسلامية تخلفت كثيرا عن دينها، وابتدعت في دين الله ما ليس منه عقيدة وقولا وفعلا، وحصل بذلك التأخر الكبير والتخلف الكبير، ونحن نعلم علم اليقين ونشهد الله – عز وجل – اننا لو رجعنا إلى ما كان عليه أسلافنا في ديننا، لكانت لنا العزة والكرامة والظهور على جميع الناس، ولهذا لما حدث أبو سفيان هرقل ملك الروم – والروم في ذلك الوقت تعتبر دولة عظمى- بما عليه الرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه؛ قال: “إن كان ما تقول حقا فسيملك ما تحت قدمي هاتين”، ولما خرج أبو سفيان وأصحابه من عند هرقل قال: “لقد أمر أمر ابن أبي كبشة، إنه ليخافه ملك بني الأصفر”.
وأما ما حصل في الدول الغربية الكافرة الملحدة من التقدم في الصناعات وغيرها، فإن ديننا لا يمنع منه لو أننا التفتنا إليه، لكن مع الأسف ضيعنا هذا وهذا، ضيعنا ديننا وضيعنا دنيانا، وإلا فإن الدين الإسلامي لا يعارض هذا التقدم، بل قال الله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ}. وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ}. وقال تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا}. وقال تعالى: {وَفِي الْأَرْضِ قِطَعٌ مُتَجَاوِرَاتٌ}. إلى غير ذلك من الآيات التي تعلن إعلانا ظاهرا للإنسان أن يكتسب ويعمل وينتفع، لكن ليس على حساب الدين، فهذه الأمم الكافرة هي كافرة من الأصل، دينها الذي كانت تدعيه دين باطل، فهو وإلحادها على حد سواء، لا فرق. فالله سبحانه وتعالى يقول: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ}. وإن كان أهل الكتاب من اليهود والنصارى لهم بعض المزايا التي يخالفون غيرهم فيها، لكن بالنسبة للآخرة هم وغيرهم سواء، ولهذا أقسم النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أنه لا يسمع به من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ثم لا يتبع ما جاء به إلا كان من أصحاب النار، فهم من الأصل كافرون، سواء انتسبوا إلى اليهودية أو النصرانية أم لم ينتسبوا إليها.
وأما ما يحصل لهم من الأمطار وغيرها، فهم يصابون بهذا ابتلاء من الله تعالى وامتحانا، وتعجل لهم طيباتهم في الحياة الدنيا، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام لعمر بن الخطاب، وقد رآه قد أثر في جنبه – عليه الصلاة والسلام – حصير، فبكى عمر. فقال: “يا رسول الله، فارس والروم يعيشون فيما يعيشون فيه من النعيم، وأنت على هذه الحال. فقال: يا عمر، هؤلاء قوم عُجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا، أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة». ثم إنهم يأتيهم من القحط، والبلايا والزلازل والعواصف المدمرة ما هو معلوم، وينشر دائما في الإذاعات وفي الصحف وفي غيرها، ولكن من وقع السؤال عنه أعمى، أعمى الله بصيرته فلم يعرف الواقع، ولم يعرف حقيقة الأمر، ونصيحتي له أن يتوب إلى الله – عز وجل – عن هذه التصورات قبل أن يفاجئه الموت، وأن يرجع إلى ربه، وأن يعلم أنه لا عزة لنا ولا كرامة ولا ظهور ولا سيادة إلا إذا رجعنا إلى دين الإسلام، رجوعا حقيقيا يصدقه القول والفعل، وأن يعلم أن ما عليه هؤلاء الكفار باطل ليس بحق، وأن مأواهم النار، كما أخبر الله بذلك في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه سلم، وأن هذا الإمداد الذي أمدهم الله به من النعم ما هو إلا ابتلاء وامتحان وتعجيل طيبات، حتى إذا هلكوا وفارقوا هذا النعيم إلى الجحيم ازدادت عليه الحسرة والألم والحزن، وهذا من حكمة الله – عز وجل – بتنعيم هؤلاء، على أنهم كما قلت لم يسلموا من الكوارث التي تصيبهم من الزلازل والقحط والعواصف والفيضانات وغيرها، فأسأل الله لهذا السائل الهداية والتوفيق، وأن يرده إلى الحق، وأن يبصرنا جميعا في ديننا، إنه جواد كريم.
وسئل فضيلة الشيخ هل يمكن أن يصل المسلم في هذا العصر إلى ما وصل إليه الصحابة من الالتزام بدين الله؟
فأجاب بقوله: أما الوصول إلى مرتبة الصحابة فهذا غير ممكن؛ لأن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قال: «خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم». وأما إصلاح الأمة الإسلامية حتى تنتقل عن هذا الوضع الذي هي عليه، فهذا ممكن، والله على كل شيء قدير، وقد ثبت عن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أنه قال: «لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك». ولا ريب أن الأمة الإسلامية في الوضع الحالي في وضع مزر، بعيدة عما يريده الله منها من الإجماع على دين الله والقوة في دين الله؛ لأن الله يقول: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ}.
المصدر: «مجموع فتاوى ورسائل العثيمين» (3/ 50)
سؤال ورد في فتوى للشيخ ابن عثيمين رحمه الله:
نحن في بلد عربي لنا جيران نصارى يحملون جنسيتنا، تمر عليهم أعياد كعيد الميلاد فلابد من مشاركتهم وتهنئتهم، وإن لم تفعل ذلك صار بيننا من الحقد والضغينة الشيء الكثير، نعم بيننا وبينهم كفر وإسلام ولكن أتكلم عن مصالح العباد، وهل يختلف الحكم لو كان جاري النصراني خالاً لأبنائي؟
الجواب لإبن عثيمين رحمه الله:
لا يجوز لك أن تشاركهم في أعيادهم ولا أن تهنئهم، وأما مسألة الإحسان فهو شيء والمعاملة شيء، أما أن تشاركهم في أعيادهم وتهنئهم فهذا لا يجوز حتى ولو كان خالاً لأولادك.
وقال في موضع آخر:
والعلماء اتفقوا على عدم جواز تهنئة الكفار ومشاركتهم في تلك الأعياد، بينما اختلفوا في حكم ابتداء الكفار بلفظ السلام عليكم لا مجرد التحية، فلو أنه ابتدأهم بقوله: “صباح الخير أو مساء الخير” لم يك عليه حرج، لكن ابتداؤهم بقول: “السلام عليكم”، هو موضوع الخلاف، فأكثر العلماء على منع الابتداء، واستدلوا بحديث: “لا تبدأوا اليهود والنصارى بالسلام”. رواه مسلم.
وذهب جَمْعٌ من السلف إلى جواز ذلك، وقد فعله ابن مسعود وأبو أمامة وأبو الدرداء وعمر بن عبد العزيز. وهذه الأقوال مروية عنهم في المصنف لابن أبي شيبة وغيره.
وقد سئل الأوزاعي عن مسلم مر بكافر فسلم عليه؟ فقال: “إن سلمت فقد سلم الصالحون، وإن تركت فقد ترك الصالحون قبلك”. على أننا نقول: “إن كانت هناك مصلحة كترغيبه في الإسلام أو دفع ضره، فلا نرى بأساً من إلقاء السلام عليه، وفي ألفاظ التحية الأخرى مَنْدُوحَةٌ للمسلم عن هذا الحرج”.
وقال:
ولتعلم أيها الأخ الكريم، أن تهنئة الكفار ببعض أعيادهم تعد تكذيبا لصريح القرآن، ومما يدل على ذلك أن القرآن جاء فيه أن عيسى عليه السلام لم يصلب بل رفعه الله إليه، وأما النصارى فكما هو معلوم فإنهم يعتقدون أنه صلب ودفن، وبقي في قبره ثلاثة أيام ثم قام، ويوم قيامه من قبره يعظمونه ويحتفلون به ويسمونه عيد القيامة المجيد، فكيف يطيب لمسلم موحد أن يهنئهم على مثل ذلك الكفر؟ (نعم يا عقلاء: كيف يُكذب ربه؟) (ولمزيد بيان حول الموضوع طالع موضوع الولاء والبراء هنا).
أقول:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه: “اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم”: “مشابهتهم في بعض أعيادهم توجب سرور قلوبهم بما هم عليه من الباطل، وربما أطمعهم ذلك في انتهاز الفرص واستذلال الضعفاء”.
صدق شيخ الإسلام، ألا ترى كيف خضعنا لهم وتنازلنا وذللنا حتى طمعوا اليوم في جمعنا تحت القبة اللاإبراهيمية، قبة دينهم العالمي الجديد الذي لا نهي عن المنكر ولا أمر بالمعروف فيه، ولا كافر ولا مسلم.
كذلك طمعهم في قبولنا للمثلية التي ينشرون بقوة في هذه الأيام، كل ذلك بسبب فتاوى أمثال هذا العيسى ومن في هيئته.
هل حرر المغرب فلسطين بفوز منتخبه على إسبانيا أم فتح روما؟
المغرب اسبانيا.. هل حرر المغرب فلسطين بفوز على إسبانيا أم فتح روما؟ مثل هذا العنوان يثير حفيظة الأغلبية، لا لشيء إلا لغيرتها على جناب الساحرة المستديرة أكثر من غيرتها على دينها وواقع أمتها!
سيقول أصحابها: ما علاقة هذا بكرة القدم المقدسة؟
الجواب ضمن طيات الموضوع إن لم تأخذهم العزة بالإثم والكرة، ويتجاهلونه..
فأقول أولا، ليس في ما يلي تنقيص أو حط من شأن الفوز المغربي على إسبانيا، فهو فوز أفرح الشباب، ولكن الواقع يدفع لمثل هذه الكتابات، والعقلاء يفهمون القصد من ذلك..
لقت قلت في أول مباراة للمغرب، ودونت ذلك في موضوع “كأس العالم 2022“، أن المغرب يمكنه الفوز بكأس العالم، لم لا؟ الظروف مواتية جدا: الجمهور عربي، والمنافسون مخنثون! او أغلبهم كذلك.. فلماذا جعلنا الفوز بكأس العالم أو التحرر من الإستعمار الغربي أمرا مستحيلا؟
جمعت الملاعب المغرب وإسبانيا، وفاز الأول بضربات الترجيح ، رغم الضربات الإسبانية الهجومية المتعددة التي حالفه الحظ في عدم إثمارها، وتركيزه المبالغ فيه على الدفاع الذي إن كان نجح هذه المرة في حماية الشباك، فقد لا ينجح في المرة القادمة، فيجب معه الهجوم، أو على الأقل وضع لاعب في منطقة الخصم، وتركه هنالك يشوش عليه، أما إعادة الجميع للخلف، فأمر مشين، إضافة إلى أنه يسمح للفريق الخصم بالإستحواذ على الكرة في انتظار ثغرة واردة جدا، خاصة في ظل التوتر والخوف (لا زالت الإنهزامية سائدة، وهي ما أخشى على المغرب في الأدوار القادمة).
فلماذا لا زال بعضنا لا يتخيل أن فرقنا يمكنها الفوز بكأس العالم؟
ما هو كأس العالم؟
بل ما هو الناتو؟ ليسوا شيئا إن عدنا لديننا وأصولنا، صدقني..
هل الكأس حلال عليهم وحرام علينا؟!
حقا، لا يحصل المرء إلا على ما يستحق، حتى حثالات أمريكا اللاتينية أخذتها!
المغرب إسبانيا.. مذيعو راديو Medi 1 المغربي منهزمون قبل خوض المباراة (الربع النهائي ضد البرتغال)، يقولون كفانا التأهل للدور الثاني، نحن أول فريق عربي يصنعها، ذلك يكفينا..
والحقيقة هي أن التأهل للدور الثاني ليس شيئا، حتى الوصول للمباراة النهائية والخروج منها بلا كأس، ليس شيئا!
الشيء أو الإنجاز بمعنى أصح هو الفوز باللقب، واللعب لأجل ذلك، لهذا قدمت المنتخبات إلى البطولة، أم أنها جاءت لتخرج من الأدوار الأولى وتحتفل بخروجها ذلك مثل العرب!
قرأت في خبر أن “صامويل إيتو” وبخ المنتخب الكاميروني على خروجه من البطولة، وقال إنه سيطردهم جميعا، لأنهم أتوا من أجل الفوز لا الخروج من أول وهلة!!
فيجب التعود على الثقة في النفس، فلعبة كرة القدم – السخيفة – لعبة مبنية على الحظ، لا يمكن التنبؤ فيها بنتائج المباريات إلا في حال انهزامية الخصم، فمثلا إذا قلت لي من سينتصر، ريال مدريد أم فريق من الدرجة الثالثة، أقول لك ريال مدريد لأن الآخر بضع نفسه في مرتبة دون، فهو منهزم قبل بداية المباراة، أما عندما يثق في نفسه، فكثيرا ما نسمع عن هزيمة الفرق الكبيرة من طرف الفرق الصغيرة، مع عدم إغفال جودة الفرق واللاعبين والتدريبات، وغيرها، كلها عوامل مساعدة، لكن العامل الأهم من بينها هو الثقة في القدرة على الفوز، أما العامل الساسي فهو الحظ.
تأمل في فرديات المنتخب المغربي أمام الإسبان، لقد جعلهم يعرفون أنهم ليسوا وحدهم أصحاب المهارات الفردية، نحن أفضل منهم ومن البرازيليين فيها، لكن بشرط أن نثق في أنفسنا، وكلنا نعرف أن الأوروبيين هم آخر من يتكلم عن المهارات الفردية..
إن سبب الهزيمة بالدرجة الأولى هو الخوف والإنهزامية المتجذرة في نفوس اللاعبين والمدربين والمشجعين، وحتى الرؤساء والشعب كخوف جميع دول العالم، خاصة العربية منها، من أمريكا وحزبها الشيطاني الأوروبي المخنث، يخافون من قوتها القاهرة، وأن تدمر بأسلحتها النووية – الكاذبة هنا – الأرض.. فهل هي رب العالمين لتُخشى إلى هذه الدرجة؟
الحقيقة أن القوة القاهرة لا يملكها بشر، لأن الضعف هو سمته الأساسية، والناس يتدافعون في الأرض إلى يوم القيامة، لن تسيطر دويلة واحدة على الجميع وتعبدهم للشيطان، أبدا، لهذا خرجت لهم روسيا اليوم..
كما أن الأرض عظيمة، ليست ذرة غبار سابحة في الفضاء مثلما يقولون (طالع “دلائل الأرض المسطحة“)..
تذكر أن الحصول على كأس العالم هو أسهل شيء، يتطلب ذلك الثقة في النفس، ووجود من يؤمن بأنه يستطيع الممانعة والتسجيل انطلاقا منها.
ثم بعد ذلك خوض 7 مباريات فقط، وبرأس مرفوع، 7 مباريات فقط!!
ثلاث في الدور الأول، و4 بعده، والسابعة هي النهائية!
الأمر سهل، يتطلب مواجهة 7 فرق فقط، ليس أمرا مهولا مستحيلا كما تعتقد الأغلبية التي وضعت نفسها في أسفل المراتب، وجعلت كل مباراة تحد مستحيل، وكل ذلك من الذل والهوان الغير مقبول، خاصة لدى المسلمين، فلن نحصل إلا على ما نعتقد أننا نستحقه.
تأمل في لعب كوريا الجنوبية ضد البرازيل، تقدمت الأخيرة بهدفين، وفي الدقيقة 26 من الشوط الأول ومع الهزيمة الثقيلة، كان الكوريون يهاجمون، لم يتركوا في الخلف سوى لاعبين فقط.
سيقول الإنهزامي: لهذا أخذوا 4 أهداف!!
نعم يا جبان، أخذوها ولكن بشرف المحاولة، لم يستسلموا مثل فريقك، ولولا أن الحظ كان إلى جانب البرازيل، وثقتها في نفسها أكبر، لربما ساعدهم ذلك في الفوز عليها، فالهجوم هو الحل، ثم نترك للحظ القرار أي التسديدات العشوائية وغيرها مما لا يمكن وضع نتائجه في الحسبان..
والخروج بواحد صفر سيان هو والخروج ب 6 صفر، بل الذي أخذ ستة لعب لعبا مفتوحا، في حين أن الذي أخذ واحد لعب بانغلاق وجبن، فبماذا أفاده ذلك؟ لا شيء.
مثل مباراة المغرب وإسبانيا، كان المغرب يلعب على الدفاع فقط، مع استغلال بعض ردود الفعل الهجومية ومهارات بعض لاعبيه، لكن ماذا لو حالف الإسبان الحظ وسجلوا؟ وقد كادوا، فقد هزت الكرة العارضة المغربية..
لقد لعبت كوريا لعبا هجوميا شجاعا، ولم يحالفها الحظ فقط، أو ربما كانت البرازيل أذكى منها على المستوى الفردي، وهو أمر مهم أيضا، وأعجب بالمناسبة من فوز الفرق الأوروبية على فرقنا، وهي دونها في الفرديات، مع ملاحظة أن الأوروبيون في بداية الألفية الثانية بدءوا يركزون شيئا ما على الفرديات نتيجة جلبهم للكثير من اللاعبين البرازيليين وغيرهم إلى أنديتهم، فتعايشوا معهم وتعلموا منهم، فشاهدنا المهارات في اللاعبين الإسبان، وقليل في غيرهم، أما عندنا فكل شيء مرتكز على الفرد والفرديات، لكن الفرد الماهر عندنا أناني يلعب لأجل نفسه فقط، مما ضيع الفرق، لأن اللعب الجماعي هو شرط الفوز، وذلك ما فهمته البرازيل باكرا، فمزجت بين اللعب الجماعي والفردي، فاستحقت شهرتها..
حتى في مباراة اسبانيا والمغرب وجد أحد اللاعبين الكرة أمام المرمى فلم يتردد في التسديد رغم أن زميله كان بجانبه، لو مررها إليه لكان هدفا محققا، فضيعها لمجرد الرغبة في التسجيل والإشتهار، ليضمه أحد الأندية الأوروبية الخسيسة بعدها.
فيجب أن لا نختفي بما يسمى بالخروج بشرف، فلا شرف في الخروج، بل نثق في أنفسنا ونلعب لعبا مفتوحا اعتمادا على فردياتنا، ولن يقف أحد أمامنا.
قال أحد الأفارقة لزميل له ضاحكا “قطر لم تسجل إلا هدفا واحدا، سجلته في يوم خروجها من المونديال”!
وقد يحتفلوا بذلك الهدف مثلما يحتفل الكثيرون بالهزيمة المشرفة الغبية!
الحقيقة أن المغرب يجب أن تحصل على الكأس، لأن الذين يلعبون ضدها أغلبهم مخنثون أو داعمون للمخنثين (لم يعد هنالك رجال)، وشؤم تلك الدعوة البغيضة واقع على الغرب اليوم، وقد أخرج ألمانيا من الدور الأول.
يجب الإبتعاد عن تضخيم الأمور السخيفة، وإعطائها من الأهمية ما لا تستحق، ومنها كرة القدم، فذلك التعلق المبالغ فيه بها، أقبح من هزيمة الفريق الوطني، فهو نوع من أنواع الإنحطاط والهوان والجهل بالدين والسخافة، فلا يمكن لشباب الأمة أن يكون قويا وهو سخيف إلى درجة جعل متابعة كرة القدم أولى أولوياته!
يبكيه الفوز على إسبانيا كما شاهدنا في المدرجات يوم المباراة!!
ويهب إلى الشوارع كما لو كان الفريق حرر فلسطين!!
يخرجون إلى الشارع متراكضين مثل الحمر المستنفرة التي فرت من قسورة لأتفه الأسباب!فهل وصل المسلمون إلى هذه الدرجة من الحطة والخواء..
حقا لا يأتي من وراء حضارة الغرب التافهة غير القبائح والغباء والخراب..
لقد سمحوا لكرة القدم بأن تحتل شغاف قلوبهم حتى أنا أصبحت أهم عند الأكثرية من دينهأ!
فمن شاهد تعلق هؤلاء بالكرة، علم يقينا أن الأمة تضيع، فالشباب الضائع اليوم، بلا دين ولا علم ولا تربية، تشرب الحضارة الغربية ولغات القوم، وكرتهم التي كاد يقع لها ساجدا!
من يحب ميسي الذي بكى أمام حائط المبكى دعما للإسرائيليين؟
من يحبه غير جاهل مخدوع؟
يوجد من المسلمين اليوم من يعرف ميسي أكثر من معرفته بصحابة رسول لله صلى الله عليه وسلم فماذا تنتظرون؟!
من العاقل الذي يجعل التفوق في كرة القدم هدفا وطنيا ساميا، ويصرف على اتحاديتها المشؤومة المليارات لمجرد التأهل لكأس إفريقيا؟
حصل هذا عندنا من طرف بعض المسؤولين الذين قد يكون الإشتراك في جهاز “بين سبورت” عندهم هو الأهم ككل المغترين بالكرة.
صدقني، إن تحرير فلسطين أو فتح روما أو إستقلال دولنا من الإستعمار الغربي الذي ينهبها ليل نهار، ويغير فكر أبنائنا وشرعنا، أمر قد يعتبره أكثر هؤلاء المشجعين ثانويا أمام فوز المغرب بكأس العالم!
فهل أصبحت كرة القدم صنما جديدا يُعبد؟!
الأمر ليس بمستبعد.
احكم على محمد الحسن ولد الددو
الددو العالم الموريتاني الشنقيط ذائع الصيت، لا أقول لكم إنه لا يحفظ شيئا من القرآن والفقه، أو لا يقوم الليل، أو لا يزكي ويتصدق، هذه أمور يفعلها كل مسلم، بل كل منافق أمام الناس!
لكني أعرض عليكم بعض أخطائه التي يمكن اعتبار بعضها ضلالات، فإذا كنتم من أهل الإنصاف ستعرفون أنها حق أو تتضمن بعض رائحة الحق، المرجو عدم المبالغة فيه، فتقديس الرجال علامة على أمرين، الأول أن يكونوا مثل الصحابة تماما، وذلك مستبعد جدا في هذا الزمن، خاصة ممن عُرف بمثل هذه الأخطاء الكبيرة، الثاني أن يكونوا شياطين كشياطين التصوف والشيعة مثلا، ألا ترون كيف يقدسهم الناس ويثنون عليهم ولا يقبلون أي طعن فيهم رغم دينهم الشيطاني الواضح المعالم؟! حتى إن كان ذلك النقد من خلال أدلة القرآن والسنة!
الددو بشر، قلناها لكم مرارا وتكرارا، فلا تقدسوا الرجال، فالتقديس والسكوت عن الضلال أو تقويته، خاصة إذا ورد ذلك ممن هو في مكانته، أمر خطير على المسلمين، ويجب الرد عليه ممن يعلم، فإن لم يفعل، فمن الأدنى فالأدني.
والطعن فيه أو في كبار أهل الباطل من المتصوفة والشيعة، ليس طعنا في الإسلام، بل بالعكس دفاعا عن الإسلام، فافهموا ذلك!
والآن تتراجع السلفية المدافعة عن الإسلام بالرد على كل أهل البدع، في عقر دارها للأسف! لذا وجد جميع أهل الباطل الفرصة للظهور، فخروجوا من جحورهم إلى النور، بعد أن كانوا يتكتمون – ولا زالوا شيئا ما، على باطلهم، وزاحموا الديمقراطيين على مناصب الدولة وثروات البلد، لم يعد يكفيهم الإختفاء بقود المساكين من الناس التي تجبى إليهم بغير وجه حق.
وعاد المبالغون في الرجال إلى تقديس الددو، رغم عدم تراجعه عن أي خطأ من الأخطاء الواردة في الفيديو، وهذا ما يدل على ضلاله!
لست ضده ولا ضد أي أحد، لكني مع الحق، والحق في هذا الزمن بل في كل زمن، ثقيل على الأسماع والقلوب!
المحامي ولد أمين الذي أثار ضجة بطعنه فيه، قد يكون علمانيا، والعلمانيون حاقدون على الدين وأهله، لكني لست كذلك، ورأيي في الددو معروف منذ زمن، ولدي اثباتات على ما أقول، لا أتحدث من فراغ لأني لا أحب ظلم أحد، خاصة من هو مثله، فالمفروض أن نفرح به أكثر من فرحنا بولد أنجاي الذي أصبح رئيسا للوزراء مثلا!
الفيديو المرفق يبين لكن بعض ضلالاته، أو لنقل أخطائه، والتي تخرجه على الأقل من دائرة العلماء الكبار، وتنزع عنه علامة “العلامة”، لأن العلامة الذي لا يعرف شسئا في العقيدة التي هي أساس الإسلام ودعوة الأنبياء، ليس بعلامة.
ملاحظة: هذه هي مشكلة التعليم الشرعي في موريتانيا، يتجاهل بسبب حب التعايش مع المتصوفة والأشاعرة أو تغلغلهما فيه، كل ما له علاقة بالعقيدة، أذكر شيخا في مقطع لحجار، درسني أجزاء من ابن عاشر والأخضري، قال في بداية الكتاب عن العقيدة: أمر نتجاوزه، ولا نخوض فيه!
فلماذا كل هذا الخوف من العقيدة، هي أساس الإسلام، لكن لا صحبة معها لأكثر الناس، وهم يريدون صحبة الناس، ربما أكثر من صحبة رب العالمين، ويتعللون بالحجج الواهية من الفقه الديمقراطي، ويبررون تقاعسهم عن نصرة الدين! ولا يفكرون أبدا في طريق الأنبياء المبني على العقيدة أولا، كيف أهينوا وقوطعوا وعذبوا بسببها! لأنهم لم يدرسوها أصلا، وهذه مشكلة. وهذا بعكس السلفية التي تجعلها الأساس، وتنطلق منها، وذلك هو الصحيح، وهو ما كان يفعله الأنبياء والرسل صلوات الله عليهم وسلامه، ولم يكن يؤمن لبعضهم إلا بعض الأفراد القلائل، أما هؤلاء فيريدون أن يثني الآلاف عليهم! فما الفرق بينهم وبين الصوفية والشيعة الذين يحج الناس إليهم أفواجا إن لم يكونوا أصلا منهم؟!
كلامنا عن الددو بدليل من الواقع والكتاب والسنة، فمن كان من أهل الحق سيعرف ذلك، ومن كان من أهل الباطل والمغترين بهم – وما أكثر المغترين بهم، المدافعين عنهم بلا سبب، فلا أقل من أن نذكره بالحق، والذكرى تنفع المؤمنين.
يتضمن الفيديو بعض الأدلة بالصوت والصورة المثبتة لسقوط الشيخ الددو من مرتبة العلماء الكبار على الأقل، وكيف يكون منهم وهو ضدهم أو من غيرهم؟! من أهل الباطل أو معهم على الأقل!
وأخطائه كثيرة وكبيرة…
الخطأ الأول: وقوفه مع الصوفية!
اعتداده بهم، والعرفان لهم بالجميل على تربيته على اباطيلهم، والسكوت عن بدعهم، وترك الناس يكتتون بها! بل أثني في بداية الفيديو على كبار مشايخ الطريقة التجانية في السنغال، وهو جالس بينهم، وقال لهم: أنتم سائرون على خطى الصحابة!
وهذه حاول المبالغون في تقديسه من المائلين للحق، وجود مخرج له منها! فلم يجدوا غير الإعتذار والتبرير! ولا يقبلها منه موحد واحد.
الخطأ الثاني: وقوفه مع الإخوان!
بل يؤكد البعض ولعله الواقع، أنه واحد منهم! ولا يكون كذلك من فيه ذرة من علم. ومثل الخطأ الأول، تجاوز مرة أخرى قواعد العقيدة التي بنيت عليها دعوة الأنبياء جميعا، وهي دعوة الناس إلى توحيد الله وتحذيرهم من الشرك، وإلى لزوم الجماعة!
فوافق الإخوان في شق العصا عن الحاكم، ولو بالمعارضة! ودافع عنهم حتى اعتبره البعض مرشدهم في موريتانيا!
ومن المعروف أنهم جماعة خارجية هي أم القاعدة وجدة داعش! سواء بتنظيمهم الحربي السري أو تنظيمهم السياسي، وهدفهم واحد هو نزع ما في أيدي الحكام، وهذا ظاهر لا ينكره عاقل، بل يكفرونهم كعادة الخوارج الذين كفروا عليا رضي الله عنه والصحابة، وللدو فيديوهات يكفر فيها بعض الحكام كالقذافي وغيره، ولوجدي غنيم فيديوهات يكفرهم فيها جميعا، بل يكفرون الجيش والشرطة، بل يكفرون الشعوب معهم! وهذه علامة الخوارج الأولى.
لذا لا مشكلة عنده مع الديمقراطية والمظاهرات، بل يعتبرها حقا، لأنها تقربهم من الخروج على الحاكم، والمظاهرات بالنسبة لهم وسيلة في ذلك، وقد أصابه الرئيس السابق معاوية ولد سيد أحمد الطائع بعقدة عندما سجنه، وأعتقد انها لا زالت ملازمة له حتى الآن! وقد تكون أصل كل مشاكله.
الخطأ الثالث: وقوفه مع الأشاعرة!
يحاول التبرير لهم، والإعتزاز بهم، وربما يكونون أقرب طوائف أهل البدع إليه، وضلالاتهم معروفة، وفي الفيديو الرد على بعضها.
الخطأ الرابع: غلطه في الفتوى والحديث!
وهذا كثير في الفيديو المرفق، ستدرك من ردود الناس عليه أن ما يوهم الناس به من علم وحفظ، فيه “إن”. وبالنسبة لي شخصيا هو غير مقنع بالمرة، وتلاوته للقرآن غير مريحة بالنسبة لي، أحس فيه تصنع الحفظ والمبالغة، ولعل ذلك سبب بعض أخطائه في الحفظ والحديث كما ورد في الفيديو.
أخطاؤه كثيرة، وطريقه ليست طريق العلماء ولا الأنبياء، بل بالعكس طريق السياسيين والشياطين، طريق الإخوان أصحاب المنظمات والمبتدعة. الأمر ظاهر لا يخفى، ولو ناقشت معكم ما ورد في الفيديو وحده من ضلالاته لطال الموضوع، لكني أترككم تستكشفونه بأنفسكم ومن أراد الإعتراض فليكتب اعتراضه في تعليق وبدليل، لا تضيعوا وقتنا ووقتكم في السب والشتم، والأمور الغبية الخارج عن مجال الإستدلال، فلا خير فيها ولا فائدة، وتذكروا: ليس الهدف التنقيص من الددو أو غيره حتى من أهل الباطل الصوفية الواضحين، بل إظهار الحق بما قدرنا الله عليه، والله الحافظ المعين.
كنت آمل في الددو أول ما عرفته أن يكون فخرا لأهل الحق والبلد بما أذيع عنه من سعة علم، أن يتبع طريق أجداده المرابطين برفع راية التوحيد في البلد ونصرته، خاصة في وقت لم يعد يوجد فيه علم ينصره، وإنقاذ عوام المسلمين المساكين الذين يموتون على الشرك أحيانا، من براثين البدع والضالين، لكنه انجرف مع التيار القبيح للأسف، حمله أهل البدع معهم كسقط المتاع مثلما يحملون الكثيرين من مدعي العلم في البلد!
حقد حارق القرآن ودويلة السويد على المسلمين
راسموس الكلب الدنمركي السويدي الجنسية، لا بارك الله فيه ولا في من يدعمه، ولا في من يسكت عمن يدعمه، يُقدم مجددا على حرق القرآن الكريم!!
دعونا نضع النقاط على الحروف:
من المسؤول فعلا عن حرق القرآن؟ هل هو راسموس البغيض أم الحكومة السويدية الأبغض؟
من المعروف أنه حصل على الإذن من الحكومة بحرق القرآن، فأين ردة فعل حكوماتنا على ذلك، أم أن القرآن لا يعنيها، العلاقات مع السويد خير منه عندها؟
تأمل في حال المسلمين اليوم، في الماضي كان الحاكم رغم ظلمه أحيانا، يطبق شرع الله، ويجاهد في سبيله، ولو سمع باستغاثة امرأة مستضعفة هب إلى نصرتها بجيوشه، أحرى بحرق حكومة لقرآنه!
فأين حكوماتنا؟ لو كانت لنا كرامة ونخوة وعزة ما بقيت دولة واحدة من دولنا تصادق السويد بعد هذا الفعل الشنيع الذي وقع بمباركتها له، ولكن ما العمل أصبحنا أدنياء، أصبحنا قصعة كل آكل كما ورد في الحديث، تنهش وحوش أوروبا وأمريكا وآسيا فينا، ونحن نتفرج بخنوع!
هل هذا هو الأسلوب الأمثل في الإعتراض على الإسلام؟
السؤال مطروح على الكلب الدنماركي راسموس بالودان وعلى كل الحكومات الغربية وكل من يعادي الإسلام؟
إن كنتم حقا تعتقدون أن الإسلام باطل وقاتل (يا قتلة)، فلماذا لا تجرؤون على مواجهته فكريا بالدليل لتحطيمه والخلاص منه بدل هذه الألاعيب الشيطانية المخنثة؟
لماذا يا حكومة أمريكا وفرنسا وبريطانيا ومن معكم من خنازير الشرق والغرب، لا تناظرون الفكر الوهابي الذي تتهمون بالإرهاب، مناظرة مباشرة على رؤوس الأشهاد، ليعرف العالم كله أن ديمقراطيتكم وإلحادكم هو الحق لا الإسلام؟
لماذا يحرق هذا الملعون الدنماركي السويدي القرآن بدل مناظرة أهله؟
ما الذي يستفيد من حرقه له؟
ما الذي تستفيد السويد ومن ورائها من المجرمين من ذلك غير الإجرام المعروفون به؟
لو كان صاحب حق لجلس مع القرآن على طاولة المناظرة ليُري العالم كله، وبالدليل وحده، أن القرآن باطل وخطير كما يزعم، لكن بدلا من ذلك يصب جام غضبه على أوراقه.
إن حرقهم للقرآن، وتصويرهم للإسلام على أنه دين إرهاب بالكذب والإفتراء، هو أكبر دليل على صحة الإسلام، وقوته وغلبته على كل ما لديهم من أفكار ومذاهب، فالحمد لله ألف حمد على نعمة الإسلام، لا تحزن، بل احمد الله على نعمة الإسلام، فلو لم يكن الحق لما اتفق هؤلاء جميعا على محاربته بمثل هذه الأساليب الملتوية التي تدل على أنهم أهل باطل، فالمبطل لا يستطيع مواجهة صاحب الحق وجها لوجه بل يفر منه فرار الفأر من القط، لاحظ ذلك في فرار الصوفية والشيعة والإخوان من مناظرة السلفية الوهابية التي تتحداهم إلى المناظرة العلنية!
لقد ترك هؤلاء المجرمون كل الأباطيل كالهندوسية والبوذية وعبادة الأشجار والصليب والحائط، وهجموا على الإسلام لأنه الحق!
إن من يلجأ إلى حرق الكتب بدل ردها بالكتب (أي بالدليل)، شخص وضيع دنيء حاقد عاجز عن المناظرة الفكرية!
إنهم الديمقراطيون الملاعين أتباع الدين الديمقراطي الشيطاني الذي يقرر ما يُفعل بالقاتل والسارق والمغتصب، بدلا من شرع الله، والذي أصبح منهجا الأكثرية لأن البلادة والجشع أصبحا المذهب الأساسي لأكثر الناس!
لا أحد ينتقد الديمقراطية أو يردها بل بالعكس يهللون جميعا بحمدها ويتعبدون للشيطان في برلماناتها ومقرات أحزابها السياسية المشؤومة!
إن إحراقه للقرآن هو أكبر دليل على أن منهجه باطل، أيا كان، سواء كان المسيحية أو الديمقراطية الإلحادية التي علينا جميعا ركلها بأرجلنا انتقاما لمنهج ربنا المضيع بسببها، بدل التحزب للشيطان بالإنضمام لأحزابها، أو الدعوة لها بدلا من الدعوة الإسلام.
الديمقراطية هي معتمده في حرق القرآن فهو يفعل ذلك من باب كفالتها لحرية التعبير، وأي تعبير؟! هؤلاء البهائم لا يسمحون لا في اليوتيوب ولا في التيكتوك ولا في الفيسبوك بانتقاد الوباء! فأي حرية تعبير يتحدثون عنها؟!
إنه على باطل، والحكومة السويدية التي ورائه على باطل، والدول الغربية التي ورائها على أبطل الباطل، كلهم على باطل بدليل تحريمهم لمناظرة الإسلام على أنفسهم، فقد حرموا ذلك على إعلامهم ونخبتهم الزائفة بدعوى احترام الآخر! أي احترام يا قتلة يا من لا تعرفون للإحترام معنى وأنتم تقتلون المسلمين ليل نهار ظلما وعدوانا!
وبدلا من مواجهته فكريا أو تركه على الأقل، لا يملون من الإفتراء عليه، ففي كل يوم يُخرجون مسرحية إرهابية بطلها داعشهم، يشوهون سمعة الإسلام بها في إعلامهم أمام شعوبهم تنفيرا لها منه، ويحرضون على قصف سوريا كنتيجة لذلك، وبين الحين والحين يخرج كلب من كلابهم ليذكر بهائمهم بأن افسلام هو العدو بحرقه للقرآن، ولو كانوا يعقلون لأسلموا جميعا نتيجة لذلك، فلو لم يكن القرآن هو الحق لما أحرقه هذا العلج الدنمركي البارد الذي لا علاقة له به ولا بأهله، وما مثال ذلك إلا أن يحرق أحدنا بقرة مقدسة من الرخام منتقدا الهندوسية، ما شأنه بها؟! لكننا لن نفعل لأن الهندوسية باطلة أما هم فسيقفزون على القرآن لأن شيطانهم سيدفعهم لذلك دفعا حربا عليه.
لو كان القرآن يحث على القتل لكان هذا العلج وجورج بوش وكل من حارب المسلمين الآن تحت الثرى، قتلى بتفجير أو طعن أو غيره، ولكن المسلمين مسالمين، وداعش لا وجود لها إلا في جحور مخابراتهم، هم الذين يخرجونها لتنفيذ العمليات التي تصب في مصالحهم الشيطانية، لذا لا تراها تقتل أبدا المؤذيين منهم، بل تحاول فقط قتل المسلمين!
وإذا أظهر الواحد منهم غضبه على الإسلام، فعلى أي إسلام يصب غضبه ذلك؟
فكر في هذه فهي في غاية الأهمية لأنها تدلك على المذهب الإسلامي الصحيح، لأن الكفار لا يحاربون إلا الإسلام الصحيح!
لا تعتقد أن الإسلامات الكثيرة المنتشرة فينا هي الحق، بل أكثرها بدع وضلالات، وهي سبب ضياعنا وذلنا.
اسأل نفسك على من صب جورج بوش اللعين جام غضبه؟
المقاطع موجودة، فقد صب غضبه هو وأوباما وكلينتون وماكرون وغيرهم على…
على الوهابية السلفية، فلماذا؟
لا يذكرون القاعدة ولا داعش (الخوارج)، مع أن المفروض أنهما العدو، ولكن يذكرون الوهابية الواقفة مع الحاكم في السعودية (أي أنها ليست من الخوارج) التي تطبيق شرع الله، ويعترضون على ذلك، وعلى فكرها المتشدد في نظرهم لإتباعه لما في القرآن والحديث!
ابحث عن كلام جميع المحاربين للإسلام وستجدهم لا يحاربون إلا الوهابية، فلماذا؟
لماذا لا يحاربون التصوف؟ بل بالعكس هم راضون عن هيمان أصحابه؟
لماذا لا يحاربون التشيع؟
لماذا لا يحاربون التأخون؟ بل لم يضعوا جماعة الإخوان في قائمة الإرهاب حتى اليوم!
قد تفتح فمك دهشة وتصيح: الوهابية؟؟
الوهابية الداعشية المتطرفة المعادية للأولياء الشيطان المبغضة للأئمة الشيعة الكارهة لأفنديات الإخوان كأبو طربوش حسن البنا وسيد قطب!
الوهابية التي ترفض الديمقراطية!!
nO wAy مستحيل.
لكن الحقيقة هي عكس ما يعتقد البعض، صدقني فقد كدت يوما أن أكون عدوا لها مثل الكثيرين، لكن الحقيقة هي أنها الفرقة الظاهرة الباقية في المسلمين على الحق اليوم، بدليل حربها على كل أهل الباطل، وأولهم داعش، لأن هدفها ليس قتل خصومها بل هدايتهم إلى الحق الذي هو التوحيد، ولا يجرؤون جميعا على مناظرتها، ولا أدلة لديهم ليقفوا أمامها بل يفترون عليها لتنفير الغافلين والجهلة منها، مثلما تفتري الحكومات الغربية عليها وعلى الإسلام لتنفير شعوبها منهما، وكلها أكاذيب يظهر زيفها إذا دقق الواحد وبحث عن الحق بنفسه غير منصت لإعلانات قناة الجزيرة ومشايخ التصوف التي تفتري عليها.
يتهمونها بالتطرف والغلو مثلما يفعل أولياؤهم الغربيون (توليهم لهم ظاهر، من يدعم الصوفية غير البيت الأبيض؟ من يدعم الإخوان وغيرهم غيره، أما الوهابية فمُحارَبة بالترفيه وغيره).
الوهابية هي الحق، لا حاجة في معرفة ذلك إلى الكثير من البحث، يكفي أنها الإسلام المنتقد من طرف جميع شياطين الأرض في الشرق الأوسط وأمريكا وأوروبا وإسرائيل، فهي إذن الإسلام المعتبر، أما غيرها فهم أول أولياؤه وحلفاؤه.
الحق هو ما يحاربه هؤلاء، وهو ما عليه الوهابية أو السلفية بمعنى آخر، الإسم للتميز فقط، وكفى بحربهم عليها دليلا على أنها الحق ولو كره الكافرون والغافلون.
والعجيب أن الكلب راسموس المؤذي يعرض نفسه كصاحب قضية ورأي!
لو كان المسلمون قتلة، هل كان هذا الكلب سيظل على قيد الحياة إلى يومنا هذا؟ يكرر فعلته ويزداد جرأة وإجراما..
لو كنا قتلة لذُبح وذبح كل مؤيد له من الحكومة السويدية، وكل من تسول له نفسه ذكر الإسلام بكلمة سوء أو إيذاء دول المسلمين من ساسة الشيطان الذين لا شغل لهم إلا التصويت على قصف دول المسلمين وابتزاز حكامهم! أعداء الإسلام من هؤلاء كثر، ولو كان الإسلام إرهاب يقتل، لما وُجد منهم أحد، ففرنسا مثلا أغلب سكانها من المغرب العربي، فلماذا تركوا المتطرف لوبين وابنته حتى يومنا هذا؟
الجواب: لأنهم ليسوا قتله، المسلمون ليسوا قتلة، لو كانوا كذلك لما تجرا لوبين ولا بناته على ذكرهم بكلمة سوء واحدة!
نحن أصحاب حضارة ورحمة وشفقة على الناس، أصحاب دين وحوار، ينتشر ديننا بسلطان الدليل أما أديانهم البلهاء فهباء أمامه لذا يلجؤون للإرهاب كبديل للحرب عليه، ويتهمونه بالأكاذيب، لكن الذي يُغيظ فعلا هو سكوت حكوماتنا وخورها أمام كل تصرفاتهم المؤذية!!
دولنا عاجزة عن فتح قنوات في السويد تتحدى راسموس الكلب وأمثاله إلى المناظرة؟ وسيفرون من المناظرة قطعا!
دولنا عاجزة عن فتح قنوات في أمريكا تحول الشعب الأمريكي إلى الإسلام، أو على الأقل تفضح الذين يكذبون عليه!
وبدلا من ذلك يفتحون البيران والفنادق لا فتح الله للظالمين!
لهذا يزداد هؤلاء الكلاب جرأة علينا يوما بعد يوم، ولن ينفع حكامنا نفاقهم لهم يوم يقررون ذبحهم مثلما فعلوا في العراق وليبيا.
فمن الإرهابي إذن؟
هل هو الحيوان الذي يحرق مقدسات غيره بلا أدنى احترام واعتبار، أم المظلوم الذي ينتفض رفضا لإرهابه ذلك؟
أليس حرقه للقرآن إرهابا؟
لو ذبحه أحد المسلمين غدا، من سيكون الظالم؟
هو أم الذابح؟
سيقولون: انظروا، ألم نقل لكم إن المسلمين إرهابيون؟ وسيستغلون 10 سنين تالية في افتتاح نشراتهم اليومية بذلك الخبر الإرهابي العظيم لتتجذر فكرة الإسلام الإرهابي في رؤوس بلهائهم، تلك هي سياستهم المقيتة التي أصبحت مفضوحة متعرية اليوم!
وقد يكون كل ما يفعله راسموس الخنزير اليوم لأجل إيجاد ذريعة لطرد المسلمين من السويد أو التضييق عليهم ليقبلوا بقوانين الحكومة السويدية الجائرة التي تخطف أبناء المسلمين من أسرهم لتربيهم على هواها!
عجبا لهؤلاء، يأخذون أبناء المسلمين منهم تحت أي ذريعة، زاعمين أنهم أولى بهم منهم! فأي احتقار هذا للمسلمين في كل مكان!
ألا يقولون إن الإسلام دين إرهاب؟ لماذا إذن نرى جرأة أمثال هؤلاء على قرآنه؟
لماذا هم أبطال في ذلك على ما فيهم من جبن وخسة؟
لو كان راسموس يعرف أن حياته مهددة من طرف المسلمين لما أقدم على ذلك الفعل لأنه أجبن من أن يقوم بذلك، وروحه أغلى عنده من الكنيسة والديمقراطية وإبليس نفسه.
لكنه يعلم أن داعش تابعة للمخابرات الغربية، وأن المسلمين مسالمون لا يعتدون على أحد، هذا هو ما يجرئه ويجرؤهم علينا، لكن الصبر الصبر، فالذي يطبق القانون ليس الأفراد بل الدول، ونحن مع دولنا حتى في مواجهة أمريكا – من هي أمريكا؟
كلهم بشر أراذل، أحط وأقذر وأرذل وأكفر أنواع البشر، وسيأتي اليوم الذي يتغير فيه حالنا إلى الأفضل إن شاء الله.
علينا حاليا الصبر، والقيام بأهم شيء، وهو البحث عن الإسلام الحقيقي، لا تجلس مكتوف اليدين، ولا تستمع للشائعات ولا حتى لما أكتب أنا هنا، قم بالبحث بنفسك، قارن، قم بدراسة متجردة، كفى من العصبيات الحمقاء والإنتصار لآراء الآباء والوسط المحيط الذي قد يكون على ضلال (أخبث بدعة في نظري اليوم هي بدعة الديمقراطية، لا تقل لي إنها ليست من الدين، بل هي دين، دين شيطاني مكتمل الأركان).
الأمر أصبح يتعلق بمصيرنا، لم تعد البدع حالة نادرة متخفية كما كانت من قبل، بل عمت، وعم معها الجهل بالدين بعد دخول حضارة الغرب اللعينة إلى دولنا ومدارسنا وسيطرتها فكريا بفعل فاعل، والجهل المطبق اليوم على المسلمين بدينهم وجهادهم ونبيهم وقرآنهم (لا يعرف أكثرهم حتى أن السلفية هي الحق)، هو الذي جعلهم عاجزون عن قطع العلاقات مع حكومة دويلة باردة تحتقرهم مثل السويد، أحرى بأمريكا التي تزعم أنها صديقتهم وهي تدعم عدوهم الذي يغتصب أرضهم.
قام أحد المصريين من حاملي الجنسية السويدية بالتقدم للسويد في بدايات عام 2023 بطلب ترخيص لحرق الإنجيل والتوراة، فثارت ثائرة القوم، ورفضوا الترخيص له، وخرج السفير الإسرائيلي متحدثا عن منع ذلك الفعل المخزي منعا باتا، ومتوعدا فاعله!
فأين سفراء الدول الإسلامية والقرآن ينتهك هنالك ليل نهار، ولا اعتبار لهم ولا للإسلام ولا للمسلمين؟!
بهذا نعرف أن الترخيص يعطي فقط لمن يؤذي الإسلام والمسلمين، وبكل وقاحة، وتحت ذريعة الديمقراطية الوقحة الكاذبة التي لم نر منها كمسلمين إلا اللعنات سواء في بلداننا أو خارجها (تبا لمن يدعو إليها فينا)! هي التي يجب علينا حرقها بغاز لا الإنجيل والتوراة المحرفين ولا حتى راسموس الكلب، وإذا فعلنا نكون قد أحرقنا أساس الشر.
أما من يتجرأ على مجرد انتقادهم في دولهم تلك، فعقابه ليس المنع فقط بل الحرق إن قدروا عليه! حفظنا الله وجميع المسلمين من شرورهم، وأخزاهم وسلط عليهم ما لا طاقة لهم به.
دولنا غير موجودة، مجرد أعلام ترفرف في الهواء!
دولنا محتلة من طرف الكفار وبأبشع أنواع الإحتلال، الإحتلال الذي لا يمكنها فيه مجرد الإعتراض على حرق قرآنها!
قضى آخر الرافضين للغرب وهو القذافي، ولم يبق غير بشار الذي يحاربه العالم كله اليوم، والذي مهما اختلفنا معه يقاوم هؤلاء الكلاب.
ولولا مساعدة روسيا لبشار، لما قدر على الصمود، ولكنه صامد حتى اليوم، لذا قال أحدهم إنهم سيشنون حربا على روسيا، ليس لأنهم لا يهابونها فهم يرتعبون منها، بل لأن ذلك سيكون الحل الوحيد أمامهم بعد أن فقدوا هيبتهم أمام الدول العربية والإفريقية، وذلك ما سيتركهم عراة جائعون بلا مصادر يتغذون عليها، وحينها لن يكون أمامهم إلا خيار الحرب، أهلكهم الله فيها إن شنوها.
يعتقد البعض أن هؤلاء الكلاب متحضرون، وأنهم وصلوا لعصر المصالحة والسلم الذي لا حرب فيه، لكن هيهات، سيظل البشر يتطاحنون ويدفع بعضهم بعضا حتى يوم القيامة، ولولا أن استعمار هؤلاء الوحوش الخفي للعالم ناجح حتى الآن لما تركوا دولة واحدة منه بدون احتلال إن قدروا عليها، لكنهم موجودون في دولنا ينهبوننا بل يتدخلون حتى في أدق شؤوننا!
وعندما يأتي اليوم الذي نمنع فيه خيراتنا عنهم، وأعتقد أنه أصبح قريبا لإنفضاح أمرهم بعد الوباء، لن يحتملوا ذلك وسيهاجموننا، وربما يخرجون لنا أسلحتهم الغريبة المخفية في المنطقة 51 الأمريكية المشؤومة، على شكل أطباق طائرة وهولوجرامات يتم بثها في السماء لتجسيد بعض الأشكال، ويقصفون دول العالم زاعمين أن الفضائيين يهاجمون الأرض!
الكذبة، لا وجود للفضاء ولا للفضائيين، السماء سقف محفوظ مغلق علينا، والأرض هي المركز، وعرضها هي والسماوات كعرض الجنة، فهي إذن عظيمة وثابتة، وليست مجرد ذرة غبار في فضاء مليء بالمجرات كما يزعمون، هذا قول القرآن الذي يدحض جميع أكاذيبهم.