الشخصية النرجسية البغيضة شخصية لا يحس صاحبها بأي عاطفة تجاه الآخرين، بل يعذبهم حتى إن كان أبا أو أما.. لا يحس أبدا بأنه يحطمهم ويتسبب في شقائهم، وقد يكون من أسباب فعله لذلك تعرضه للإمتهان والتحطيم في طفولته، كالضرب المفرط وغيره، أو لمرض في نفسه، لذا تجده يقسو حتى على أبنائه، يحتقرهم ولا يحس بهم ولا بمعاناتهم، هدفه الوحيد هو اشباع رغبته الوضيعة في التنغيص على غيره وأذيتهم في سبيل الإحساس بنفسه التافهة الضائعة.
والحل معه هو الفرار منه، فإن لم يمكن فيجب الثقة في النفس، لأن ضحيته المفضلة هي الشخصية الضعيفة ، صاحبها هو من يقهر ويدمر أكثر، فيجب أن تكون الشخصية قوية في مواجهته، ولكن مع عدم القسوة عليه، لأنه أجوف من الداخل، خاوي وفارغ وضعيف، قد تعتقد أنه جبار أو ساحر وهو أعجز من عجوز عن كل ذلك، وكل ما يفعله سببه مرضه النفسي. فيجب اعتباره مريضا لأجل حسن التصرف معه، والأفضل الإبتعاد عنه قدر الإمكان.
عن هذه الشخصية
هي شخصية قبيحة إلى أبعد الحدود، ولا يستبعد كما قال بعض المتحدثين عنها، أن يكون أكثر أصحابها ملحدون، لأن منطلقها هو الأنا والعناد، وهذا قد يصل بها إلى تحدي خالقها وإنكار وجوده، وبحسب معاملة الإنسان لخلق الله تعرف معاملته لله، فإن كان يتقيه فيهم فهو من المتقين، وإلا فلا.
وهي شخصية ضعيفة منافقة إن كانت في حالة فقر وعجز، يعني ليست بالشجاعة التي تقتحم المخاطر والأهوال في جميع الأحوال، أي الشريفة العزيزة النفس، لذا تجدها لا تقدر على تحدى من يمكنه الإضرار بها، كلبة ذليلة أمام القوي، عفريتة ماردة أمام الضعيف أو من تتوهم فيه ضعفا لأنها ظلومة، أو لنقل البريء أو الفقير أو الساذج الذي يوهمها عقلها بأنها فوقه، في حين أنها تحته وتحت جميع البشر بمراحل. قد يمنعه حياؤه وحسن أخلاقه من مواجهتها بالمثل أو يكون ابنا بارا، فتتمادى في أذيته.
وأذيتها في الغالب أذية تافهة، لكن لا يحتملها الكثيرون، وهي من الشحصيات التي تصنع العقد في الناس وتمرضهم نفسيا، لذا لا تُحتمل، كالشيطان أقسمت أن في قرارة نفسها أن لا تترك ضحاياها يرتاحون، وقعدت لهم في طريقهم مثله، لا هم لها إلا التنغيص عليهم. فإن كانت أما فيا ويل أبنائها منها، لن يأكلوا ولن يناموا جيدا، ولن يرتاحوا وهم في كنفها حتى إن بلغوا السبعين! ما داموا في كنفها، لن يريحهم إلا الفرار منها، هم وغيرهم.
وإذا كان المجرمون الذي يرتكبون الكبائر كالقتل وأمثاله، قلائل في الناس، ومن أخبث طينة، فهي شخصية إن تطورت أو واتتها الظروف كانت من أعتاهم لأنها شخصية متكبرة معقدة كارهة للناس بغيضة.
وهي شخصية ممثلة أي كذابة، وهذه إحدى علاماتها، ففي الوقت الذي تظهر فيه حقارتها وقبحها لضحاياها، وهو نوع من الظلم مما يقودنا لصفة أخرى فيها وهي أنها ظالمة. نجدها في منتهى الظرافة وخفة الدم مع الغير، فكأنها تمثل أمامهم دور الشخصية الطيبة البسيطة المتفتحة التي انغلق عنها ضحاياها وظلموها، فهي دائما تعيش في المظلومية كأن العالم كله سلبها حقوقها، وذلك أحد أهم أمراضها، فيا لبطولة من يسلبها حقوقها، يجب وسمه بوسام تشريف. لذا تشوه سمعة ضحاياها أمام الناس، لتظهر لهم أنها هي الطرف الجيد وأنهم هم القباح، وهذا يقودنا إلى صفة ثالثة فيها، وقبيحة أيضا ككل ما فيها، وهي تقديمها للبعداء على أقرب الناس إليها، لأن حربها خلال حياتها الكئيبة ليست ضد الكفار، ولا ضد الحياة لأجل إسعاد أبنائها والمقربين منها، بل ضد أقرب الناس إليها، لذا تستغرب عندما تجدها أما لإبن عاطل عن العمل في الثلاثين بلا زوجة ولا بيت، ستجدها تزيد همه هما على هم وتعيره بقطط يربيها إن كان يربي القطط، كأن ذلك من الضعف والخور والغباء! بدلا من البحث معه عن حل لمشاكله كما تفعل كل أم، وكذلك يفعل الأب النرجسي، لا يهتم بغير نفسه وزوجته الثانية أو الثالثة.
لن تساعده حتى بالتعاطف ومحاولة التخفيف عنه، ولن تدعو له ولن تذكر الزواج أبدا، لأنها لا تريد أي حلول، لا تريد أي سعادة. وهذا يقودنا لخصلة أخرى فيها، وهي أنها كئيبة، فإضافة لكونها بغيضة هي كئيبة حزينة بعيدة كل البعد عن كل ما فيه سعادة، فتجدها منغلقة في بيتها الكئيب الذي حولته إلى بيت مهجور لا تدخله الراحة، فلا تخرج منه للنزهة أبدا، ولا تترك رائحة السعادة تدخله، وإن دخلته يوما كأن يقام فيه حفل، ويأكل من فيه جيدا وتمتعون ويمرحون، تصبح عليهم في اليوم التالي بأكل بعاق لا يُقرب، وتحزنهم بأفعالها التي لا نهاية لها، فعندما تلاحظ ان ضحيتها تكره شيئا أو أشياء، فتلك الأشياء هي التي ستكون أساس حياتها، ستظل تكررها في كل يوم حتى تموت هم ضحيتها أو تفر الأخيرة منها، لن تكل ولن تمل أبدا، وهي تعتقد أن هذا الإصرار العجيب على الإيذاء نوع من القوة، فيا لها من قوة! نوعها لا يمنعه إلا المرض أو الموت، وهذا ما يُتعب الضحية لأنها تجد نفسها أما شيطانة رجيمة لا هم لها إلا إتعابها نفسيا وبدنيا إن استطاعت!
فهي شخصية كريهة تسير ضد تيار الحياة، لا تسعد ولا تمرح ولا تأكل جيدا ولا تشرب ما لذ وطاب، مستعدة للجوع وشرب البعاق إذا كان ضحاياها يشتركون معها في ذلك، فيا لها من تعيسة بغيضة. وهذا على عكس حال معظم الناس، الذين يعيشون حياتهم بسعادة ما استطاعوا، لا يبخلون على أنسهم إلا ان يكونوا بخلاء.
فهي شخصية لا تُقرب، من صبر عليها فعليه الصبر على العذاب الدائم الذي لا نهاية له إلا بنهايتها، وقد تسبب له العقوق إن كان ابنا لها، وهذا عجيب فهي ضد كل شيء حتى الأمومة الطبيعية! لذا هي بغيضة، لكن يمكن الصبر في كثير من الأحيان على تصرفاتها ما دامت أذيتها نفسية فقط، لكن تألم النفس الدائم يعني ما يشبه الضنك وحياة الشقاء، لا يحتمله إلا أهل العزم، وطبعا الأجر عند رب العالمين موجود.
ليست ممن يتشاجر يوما أو أسبوعا أو شهرا، وينتهي الأمر هنالك، بل شجارها ومعاكستها وتنغيصها ونكدها دائم بدوامها – لا أدامها الله، فيا لها من شخصية تعيسة شريرة بغيضة كريهة. لا عجب أن يصل بها العناد الكريه إلى معاندة خالقها في أول معاناة تتعرض لها، لن تقول هذا ابتلاء وتصبر وتسكت احتسابا مثل المسلمين – إن كانت مسلمة، بل قد تقفز إلى تحديه والكفر به بإنكار وجوده تحديا وعنادا. وهذا يقودنا إلى أمر آخر فيها، وهو أنه يسهل عليها الدخول في كل المحرمات كتعلم السحر وغير ذلك، لأنها شخصية ظلومة، والظالم والكافر أول ما يظلم هو نفسه.
صفات قبيحة في النرجسي
من الصفات المقرفة التي في هذا المخلوق: الغدر، والطعن في الظهر، والإفتراء، وشن حملات تشويه السمعة.
فيشن حملة تشويه السمعة عندما يحس بأن ضحيته تحاول التخلص من قبضته، أو أنها ماضية في ذلك بنجاح.
يستخدمها عندما يسقط قناعه مع ضحيته لكي يحافظ عليه مع الآخرين، فهو رغم شره وخبثه، يعتبر نفسه الضحية والآخرون مؤذيين مفترين رغم أنه من يفتري عليهم، فيشوه سمعتهم أمام الآخرين.
يختلق القصص ويفتري على ضحيته ويتهمها بالإتهامات الباطلة، أو يضخم أمرا في غير صالحها، أو يسيء إليها لكي يفضحها أمام الملأ ويشوه سمعتها بذلك. وقد يتهمها بالسرقة زورا وبهتانا، وغير ذلك لأن الناس وهم بعداء إذا مات عطشا قد لا يناوله أي واحد منهم كأس ماء، عنده أهم من ضحيته التي قد تكون ولده! فعجبا لعقله، بل الأصح عجبا لشره وأذيته.
ويحسب نفسه الأعلى في كل شيء حتى الذكاء، فيتوهم ان قدرته على أذية ضحيته وتلاعبه بها من الذكاء في شيء، فهو مثل ذكاء المجرم، ذكاء ناقص بلا فائدة، ولو كانا ذكيين بالفعل لتركا عنهما ما لا ينفع إلى ما ينفع.
أما الذين يصدقون النرجسي، وقد يتخذون موقفا سلبيا تجاه الضحية مثل الإسهام معه في تشويه سمعتها، فهؤلاء الأفضل للضحية تركهم وعدم تبرير أي شيء لهم، فهم ليسوا أصدقاء حقيقيين لأن الصديق الحقيقي يهتم بمعرفة رأي الضحية ويحاول التفهم.
أو قد يكونوا ضعفاء الشخصية مسيطر عليهم من طرف ذلك النرجسي، فهؤلاء أيضا لا أثر لهم.
وقد يكونوا من النوع الذي لا يعنيه الحق من الباطل، المهم عنده هو التواجد حيث مصلحته أي منافقون، إذا اعتقدوا أن مصالحهم مع النرجسي فهم معه حتى إن تأكدوا من قبحه، ويستمرون في النفاق حتى يذيقهم النرجسي من نفس الكأس حينها يختلفون معه، أو يخضعون له لأنهم منافقون في الأصل، أو يتحولون إلى شخصيات متلاعبة، وفي كل الأحوال على الضحية عدم الإهتمام بهم.
وعلى الضحية أن لا تسمح لذلك التشويه بأن يحطم معنوياتها أو يؤثر عليها تأثيرا كبيرا، فيجب الثقة في النفس وعدم اعتبار الناس البلهاء – في أكثرهم – ملائكة، وإذا سألها أحد عن الأمر، توضح له بما يناسب السؤال دون تفصيل، أي بحسب علاقته معها، فالمجاهيل لا يجب الإسترسال معهم. وليس إقناع الآخرين مهما لأنهم ليسوا الوحيدين الموجودين في هذه الدنيا.
وعلى المدى البعيد سيسقط قناع النرجسي، على الأقل أمام بعضهم، لذا لا يهم محاولة اقناعهم بأنه نرجسي، ولا التبرير لهم، سيقنعهم النرجسي الكافر بالنعمة بنفسه.
المهم هو أن لا ينجح النرجسي في هدفه وهو تشويه سمعة ضحيته والتأثير عليها وكسرها، فتلك هي متعته وهدفه.
لذا يجب الإقبال على الحياة بدل العيش في كآبته، والإنفتاح على الآخرين من أجل تغيير الأشخاص والأجواء.
ويجب الإبتعاد عن معاتبة النرجسي، وعن محاولة إفهامه أنه نرجسي، لأن ذلك يؤدي إلى تضاعف شره، وقد يتباكى ويلعب دور الضحية المظلومة.
والنرجسي عندما ينتقد أو يشوه سمعة ضحيته أمام الآخرين، يصفها بما فيه هو بدون أن يحس، فهو غير مبدع ليختلق الصفات القبيحة بل يأخذ من صفاته ليضعها على ضحيته.
وهو يكره كل ما هو طيب وجميل في ضحيته حتى شكلها، ويحسدها بطبيعة الحال على كل ميزاتها. لذا تجده دائما حسود حقود. ولا يرتاح لحب الآخرين لضحيته أو احترامهم لشهاداتها أو نجاحها، وينتقد نجاحات الآخرين بشكل عام، ويعتبر نفسه محور الكون، فإذا كان الحديث في أي شيء لا يعرفه يتدخل كأنه العالم ويحاول سحب البساط من تحت المتخصص الذي يتكلم فيه، فهو في المجلس المحور رغما عن أنوف من حوله، لذا من كانت حوله نرجسية فليكن مجلسه بعيدا عنها إن أمكن، ولن تتركه، لأنها ستسحب منه أصدقائه ومن يأتيه من زوار، ولن يزيد أحد عليها في الكلام لثرثرتها التافهة في أغلبها لأنها تعتبر نفسها محور العالم. فيا ويل ضحيتها منها.
رأي متخصصة غربية
ما الذي يريده النرجسي فيما عدا قلب حياة ضحيته رأسا على عقب؟
إنه يستحوذ على كل شيء، يستحوذ عليك وعلى أصدقائك وعلى عائلتك وعلى كل شيء خاص بك، وهذه سلبيته، لا يمكنه تركك في حالك أبدا، بل يظل يتلاعب بك ويمتصك حتى النهاية.
إنه يسلبك مالك وصحتك وإيمانك بالناس، بل يسلبك روحك لأنه بلا روح، يريدك أن تختفي وأن لا توجد لكي يوجد هو وحده. وما دامت فيك أي علامة من علامات الحيوية يسلبك إياها.
إنه يضطرك إلى الإنفصال عن كل شيء حتى نفسك، كأنك واقف خارجها تراقبها من بعيد! أي أنه لا يفصلك فقط عن العالم الخارجي بل حتى عن نفسك. فيجعلك تحس بالعجز حتى عن الحركة، وهذا يقود إلى الكآبة والسلبية.
لكن الجميل في الأمر هو أنك عندما تعلم بأن النرجسي يريد سرقة حياتك، يكون بالإمكان العودة إلى الطبيعية والتعافي منه. المشكلة هي عدم العلم بذلك.
النرجسي لا يرضى أبدا
لا تحاول إرضاء النرجسي فلن يرضى أبدا، بل ستتعذب في سبيل ذلك ثم يكون الجزاء جزاء سنمار. فتوقف عن محاولة إرضائه وأرض ربك ونفسك فقط.
النرجسي لا يرضى ولا يتراضى مع ضحيته، ولا يشبع من مصها وإيلامها فتلك هي لذته، يظل يستهلك طاقتها حتى آخر رمق فيه أو فيها وإن أفنت عمرها في خدمته ومحاولة إرضائه، ففي كل مرة يهدم أقل خطأ ترتكبه – وقد لا يكون خطأ إلا في نظره القاصر – كل ما بنت على مر سنين، فيذهب جهدها سدى، كمن يضع كل ماله وجهده في أنثى.
وإذا خاصم النرجسي فجر، أي بالغ إما في إظهار قوته، أو في إغظهار ضعفه وشدة مظلوميته ليجعل الآخرين – لأنهم الأهم عنده – يعتقدون المظلوم جدا، أو الأقوى جدا، أي حسب الظروف، أحيانا تناسبه القوة فيفجر في الطغيان، مثال ذلك أم يربي ولدها الذي تجاوز الثلاثين كلبين يشفق عليهما، انتظرت حتى جاء بعض الغرباء لتفتخر عليهم بقهرها له، فقالت لهم خذو الكلب، فاعترض الولد، فقالت خذوه، فاعترض المسكين مرة ثانية وقال لن يأخذوه، فازبدت وارعدت وزعقت خذووووه، حتى أحرجت الآخذ، ولو لم يكن معه صبي أخذ الكلب بحياء احتراما للمأخوذ منه، وهو بكر الأسرة العاطل عن العمل الذي تجاوز الثلاثين، ليس طفلا، لكنها تتغذى على مشكلته تلك كعادة كل النرجسيين، بدلا من مساعدتها له! وهذا مثال لمناسبة القوة للنرجسي، ويوجد بعض النرجسيين أفظع عندما يتنمردون.
وأحيانا يناسبهم الضعف كنفس الأم النرجسية السابقة بعد تقدم العمر فيها، وعدم القدرة على المواجهة بالزعيق والضرب، تلجأ لسلاح آخر وهو التنغيص على أبنائها بتمثيل المظلومية والضعف، فتبكي بكاء الملعونين أمام الغرباء تشويها لسمعة أبنائها الذين تقدم بهم العمر، فعجبا لهذا النوع من البشر، ما أشد أذيته، وما أشامه، وجوده لا يبشر بأي سعادة، لأنه أول عدو لهما.
فتبالغ في إظهار أن قهرها وبكائها المرير أمام الغرباء، بسبب عقوق أولادها الجاحدين لها، وما الجاحد إلا هي. وهذا من الإبتلاء لأن شيطانها يدفعها إلى دفع أولادها بالفعل إلى عقوقها، ونوعها في الدول الغربية لا يجلس معه أولاده يوما واحدا ولا يجلس معهم. وقد يقتلوه أو يقتلهم والعياذ بالله.
إذن النرجسي لا يرضى أبدا، كل ما يريده هو امتصاص طاقة ضحيته مدى الحياة فهو كمصاص الدماء لكن في الواقع.
فلا تُرضي النرجسي أبدا على حساب نفسك.
والنرجسي يجهز لضحيته، حتى أولاده، قالبا معينا وفقا لهواه، أو سجنا يجعلهم يعيشون فيه. فتجد الضحية نفسها محبوسة في سجن، ومشاعر الغضب لديها في تزايد لكبتها لها. فمثلا وجبة الغداء في قالب بغيض لا يحتمل، تتكرر ولو مر على البيت ألف خدامة! وإذا أرادت إحدى النساء اللواتي فيه الطبخ صاحت لنرجسية: لا، أنا التي سأطبخ اليوم، فعجبا لهم ما أشد عنادهم وعزيمته على الأذية بأتفه الأشياء وأحقر التصرفات.
وتعتقد الضحية أن النرجسي إنسان لديه إحساس أو إيجابية رغم سلبياته، ويمكنه أن يتغير إلى الأحسن، أو يمكن التراضي معه والحفاظ على العلاقات الطبيعية معه، وهذا خطأ لأن العلاقة الناجحة مع النرجسي أمر مستحيل. والسبب في ذلك هو أن النرجسي شخص أحادي، والعلاقة الأحادية غير ممكنة لأن العلاقة لابد لها من الثنائية وهو شيطان منفرد كإبليس.
فيجب التوقف عن محاولة إرضائه فيما لا يتعارض مع أمر الله، يجب قول “لا” بصوت عالي، أو الإصلاح بقوة مثل النرجسية التي تفسد راحة أهل البيت بشيء، إذا قدر عليها القيم عليه فعليه إيقافها بالتي هي أحسن أو إرغامها على عدم أذية من فيه لأنها تمرضهم نفسيا، وقد تمرضهم بدنا لأنها يمكن أن تدس لهم أي شيء يقلق راحتهم ويعرضهم للخطر، والعياذ بالله.
ويجب عدم ظلم النفس بوضعها بين كفي النرجسي ليخنقها، فللنفس أيضا حق على صاحبها. ولا يجوز إلقائها إلى التهلكة، والبقاء مع هذا نوع من الإلقاء إلى التهلكة.
ونتيجة إرضاء النرجسي في آخر المطاف هي نكرانه لكل جميل تم فعله له، ثم تجد الضحية نفسها في الأخير وقد ذهب عمرها وضاع شبابها بسبب مشاغل ذلك أو تلك الشيطانة، وضاع معه كل ما فعلت من خير عند ذلك النرجسي أو تلك النرجسية، لكن يبقى الأجر عند الله.
ظهور النرجسي في حياتك يدل على
عدة أمور، منها:
أنك غير قادر على التحرر من سجنك، فأنت مقيد بالنرجسية أو النرجسي، في حين أن أرض الله واسعة، وليس فيهما أحد فرض، ولا ينقص الإنسان ليهاجر إلا الهمة والعزيمة والتوكل على ربه. بل عندما يخرج يجد الكثير من الخير في طريقه، وعندما يبقى تحت كنف النرجسي يستيقظ يوما وقد بلغ الثمانين في ذلك الهم والغم والتنغيص، لم ينجز أي شيء، بل لم يسعد يومين متتاليين في حياته، ففي كل يوم يصطبح بوجه تلك النرجسية أو النرجسي، ويثيران حفيظته ليعبس وجهه باكرا، ويمسي عابسا بسببهما! هذا في كل يوم طلعت فيه الشمس، فأي حياة هذه؟ هذا إن لم يقتلاه، والعياذ بالله.
أنك غير قادر على قول “لا”.. يعني، تسمع إهانتك ولا تقدر على الإعتراض عليها، أو يغتصب منك شيئا من حقوقك وتسكت… إلخ. والمشكل إذا كانت أما أو زوجة مؤذية لا يمكن تحييدها!
أنك لا تقدر على اتخاذ القرار، خاصة في المواضيع المتعلقة بالعاطفة أو الأسرة أو المال أو العمل. لأن الرجال قوامون على النساء فكيف تسمح لنرجسية – ولو كان الأم او الزوجة – مهما كانت أن تفسد نظام البيت وأنت القائم عليه؟ على الأقل اعمل عليها انقلاب واعزلها، لا تضع نقود الإشراف في يديها، ولا توليها أي مسؤولية غير مسؤولية نفسها العكرة التي لن تصفو أبدا، بهذا تحد من شرها، أما الكلح والزعيق وكثرة الضجيج والمناوشات، فلا يمكن السلامة منها مع النرجسية والنرجسي لأنهما يعيشان بذلك.
أنك لا تقدر نفسك، أي لا تتقبل عيوبك، أي لا تحب نفسك كما هي، ترى نفسك قليلة والآخرون عظام، وتؤمن بأنك ضعيف، وتستحق ذلك مع المعاناة التي سيقابلك بها الآخرون عندما يستشعرون ضعفك، لن يرحموك، سيُخرج لك واحد منهم بلاه ويرميه عليك بسبب أو بدونه، فالضعف وقلة الثقة في النفس، معاناة داخلية وخارجية أيضا، لأن الناس ظلمة لا يقدرون الضعيف حتى إن كان أطيب الناس لحرصهم على مصالحهم التي يعتقدون أنها مع القوي وحده.
أنك متعلق به. خاصة عندما تعتقد أن فيه صفات مساعدة لك أو مريحة رغم كل ما يفعله بك. وذلك كثير في بعض الأزواج، فإذا أثنى عليك فكأنك فزت، وإذا قال لك كلمة غير جيدة فكأنك خسرت، وهذا في حالة التعلق به.
وهذا التعلق ضعف موجود في الضحية قبل حتى دخول النرجسي إلى حياتها، وبسبب وجود هذه الصفات يرمي النرجسي بنفسه في حياة الضحية، لأنه مثل السبع يختار ضحاياه الضعيفة بمنتهى الدقة، والضعفاء هم وجبته المفضلة.
أقوى سلاح ضد النرجسي
الحل مع النرجسي ليس الصراخ في وجهه لماذا تفعل هذا، حرام عليك! ولا ضربه. الحل هو تغيير الضحية نفسها بنفسها لجعله يضطر للتغير، لأن النرجسي لديه اضطراب في الشخصية فالنرجسية ليست شخصيته الأصلية، فهو عندما يرى الجرأة وعدم الخوف والتجاهل التام له في ضحيته، يضطر للتراجع ولو قليلا، وترتاح الضحية ولو قليلا أيضا، لكن ذلك مؤقت فقط، فالراحة التامة في جواره أمر مستحيل ما دام لديه أدنى تحكم أو تأثير على ضحيته، لذا وجب انتزاع القوامة منه قدر الإمكان لأن قوامته عذاب لمن تحت يده.
وإذا خاف النرجسي أن يفقد ضحيته، يبدأ الرجوع إلى الصواب شيئا ما، ليس إلى الصواب تماما بل قد عند حدوده فقط، تقل حدة شره وشراهته، وهو المطلوب في حال كان العيش معه أمر مفروض، أما غير المضطرين إليه فالأفضل لهم النجاة بأنفسهم.
ولدى النرجسي عالم خاص به أو سجن، يسحب ضحيته إليه ليجعلها تعيش فيه قدر الإمكان حتى يسيطر عليها ويبرمجها وفقا لما يريد، وإن كان متأكد من عدم قدرته على برمجتها يستمر في أذيتها عقابا لها على ذلك. أي يسحبها من العالم الآخر ويمرضها في جميع الأحوال.
ومن الأسلحة المضادة للنرجسي:
أولا اترك دور المثالية والطيبة الزائدة، دور المضحي في علاقتك مع النرجسي، لأن الذي يجلب كل المصائب للضحايا، أريد أن أعمل بأصلي! نعم اعمل بأصلك، لكن مع الناس الصح أي مع الأشخاص الطبيعيين السويين الذين يعرفون أن سبب ذلك هو أصلك وحسن تربيتك، أما النرجسي فلا يلاحظ تلك الأشياء ولا يهتم لها أصلا، وهذا يقودنا إلى لئامته، فهو لئيم لا يبارى في اللئامة والخسة، مهما كان.
وإذا أعطاك النرجسي في العلاقة شيئا – إن كان زوجا أو زوجة، أو في غيرها، فأعطه ما يساويه فقط، لا تزد على ذلك، والأصل أنه لن يعطي شيئا لأن عطائه نادر جدا، وهذا يقودنا إلى خصلة أخرى فيه وهي البخل.
فلا تتول كل المسؤوليات وتتركه يجلس مرتاحا واضعا رجلا على رجل، فلن يُقدر ذلك، ولن يعطيك أي حقوق تستحقها لأنه يرى أنك لا تستحق أي شيء. أما حقوقه التي عندك فكأنها حقوق اليهود عند الأمريكيين والأوروبيين، سيطلبها بمنتهى العنف والشراهة.
ثانيا أحب نفسك ليحبك الآخرين، لأنك إذا كرهتها سيكرهك الآخرون، ومن ضمنهم الزوج النرجسي. فالنرجسي يطلب الحب والإهتمام لنفسه فقط لأنه أناني، لكن إذا رأى من يهتم بنفسه مثله ترتفع قيمته عنده، ويحدث ذلك عنده حيرة، ويلين شيئا ما لكي يرضي ضحيته حتى لا تتمرد عليه لأنه يخشاها حينها فقد تتحول لمثله أو تزيد عليه، فالأنانية علامة مقدرة عنده، لكن المهم هو ذلك النزر اليسير من محاولته إرضاء ضحيته، فهو يكفي، ولن يحاوله إلا إذا أحس بالخطر، وبالتالي يمكن حينها التعايش معه شيئا ما.
ثالثا لا تظهر له أنك تخاف منه، وإن هددك بأي شيء، فهو يتغذى على خوفك منه، وقد يغضب عندما تعترض عليه، ويكسر الأطباق التي حوله ليخيفك، فلا تخف فهو أجوف، ستجده يلين شيئا فشيء لأنه منافق كيده ضعيف مثل أخوه الشيطان، وذلك هو المطلوب.
الرابع وهو أقوى سلاح ضد النرجسي، وهو التجاهل، وسنتحدث عنه في هذا الموضوع بتفصيل أكبر.
كيف تقهر النرجسي وتوقفه عنده
أولا حافظ على هدوئك لأن هدف النرجسي هو استفزازك لكي يمسك عليك زلة، مع استمتاعه بذلك. فانتبه لأمر مهم، وهو أن كل ما يفعله من أشياء مثيرة لك هي أشياء غير حقيقية، أي أنه لا يفعلها لأنها أعمال مهمة بل فقط ليستفزك، فاتركه يتنطط مثل القرد ولا تسمح له باستفزازك، وتجاهله تماما، أو ضع حاجزا لا يمكنه اختراقه بينك وبينه.
مثال ذلك نرجسية تصر على أن تكنس الجزء الخاص بضحيتها من البيت، رغم عدم رغبة الضحية في ذلك وتأففها الواضح منه، ليس حبا في الكنس ولا في نظافة مكان ضحيتها بل تلاعب بها وإزعاج لها. كذلك عندما تصر على أنها من سيطبخ رغم وجود من يتقن ذلك أكثر منها، أو تتدخل في طبخ الشغلات بوضع قالب بغيض يتضمن عناصر مفسدة للطعام، يتبعنه حتى لا يهنأ لمن في البيت عيش، فمن يفعل هذا غير النرجسية المجنونة مستعدة لأن لا تأكل طيبا حتى لا يأكله ضحاياها؟ فمن يرغب في العيش مع من لا رغبته لديه أصلا في العيش؟!
ومن أهدافه استنزاف طاقتك بالزعيق والخناقات ليستمتع أولا، ثم ليزعجك أو لتستلم له وتخضع خضوعا تاما.
والنرجسي لا يحب الأشخاص الأذكياء أو المتعلمين، بل يحب الجهلة والضعفاء، ولا بد من وجود إحدى هاتين الصفتين أو كلاهما في الضحية لكي يتمكن منها. وإذا كانت الضحية ذكية متعلمة فيا ويلها منه إن كانت ضعيفة الشخصية، سيحاول امتهانها حسدا، ولن يسمع لها بالكلام في مجلس بإظهار أنه الأعلم، وفي العموم لا يمكن الإستمتاع مع النرجسي في مجلس لأنه أناني، إذا تحدث المتخصصون عن تخصص قاطعهم فارضا كلامه التافه، خاصة إن كان الكبير كالأم أو الأب او المسؤول عن البيت.
ولا يقل أبدا بأنه مخطئ حتى إن اتفقت الأمة على خطئه، مثال ذلك واحدة لا تتوضأ، من الصعب بل من المستحيل اقناعها بأن الوضوء فرض والصلاة بدونه لا تصح. فانظر مع من تتعامل إن ابتليت بأحد هذا الصنف.
ثانيا حافظ على مساحتك الشخصية، فهي الحدود بينك وبينه.. ستجده دائما يخترقها، ستجده يفتح هاتفك، ويفتش في أغراضك، ويراقبك بهدف سلبك حريتك، وهذا يجعلك ضعيف الشخصية معه غير حر في قراراتك ولا حتى في أفكارك. لذا حدود الشخصية ملك لك لا لغيرك، فلا تسمح لأي أحد بأن يخترقها.
ثالثا استعن بصديق. لا تكن وحدك مع النرجسي لأن علاقتك به مرهقة، ستدخلك في عالم الإكتئاب البغيض، لذا من الأفضل أن يكون بجانبك من تفضفض له أو يفضفض لك، أو تستعين به عليه، كالأبناء في بيت تسوده نرجسية إن لم يتفقوا على وضع خطة للحد من إفسادها دون لإضرار بها، فلن يستقيم لهم الحال، أو لنقل لن يستقيم بنسبة 50% على الأقل.
رابعا لا تعطي النرجسي شيئا بلا ثمن. لا تعطيه أي شيء إلا بعد أن تأخذ مقابله كحق أساسي لك. واحذر من وعود النرجسي وأكاذيبه، فهو كذاب. أره أنك حريص على حقك، وقيد ذلك بورق رسمي إن لزم الأمر.
خامسا لا تأمل في أن يتغير النرجسي يوما. ولا تحاول تغييره لأن علاقتك به ستسوء أكثر حينها وسيكون أسوأ، وستدفع الثمن المضاف للفاتورة التي كنت تدفعها من قبل. وستصاب بخبة الأمل أكبر.
سادسا اتقن فن التجاهل فهو سلاحك الأهم تجاه النرجسي. النرجسي يرى نفسه عقلاني ورزين، وأنه الصح، ولا يتخيل أنه كلب تافه نرجسي، ويحكم على ما حوله وفقا لما يتوافق مع مصلحته فقط، يعني هو أولا ثم الطوفان من بعده، فهو شخص أناني بغيض ليس لأحد عنده قيمة، ولا كبير عنده، ولا يتعاطف إلا مع نفسه الأمارة بالسوء. لذا لن يكون مستعدا حتى للنقاش، لن يسمعك ولن يحترمك ولن يعطيك حقوقك، لذا اعلم أن قيمتك وحقوقك، بيدك وحدك، أنت من تهبها لنفسك لا هو، لذا احصل عليها بنفسك، أي انتزعها انتزاعا دون مخالفة لأوامر الله فهي المهمة.
المرأة النرجسية لا تعترف أبدا بأخطائها
تتخيل نفسها فوق الآخرين، وتميل لإنتقاد كل شيء أو الإعتراض عليه.
وتتواصل مع الآخرين بطريقة مبهمة، أو بمعنى أصح، تواصل بدون تواصل!
وهذا النوع من النساء يقضي على الرجال الذين يدخلون في حياته سواء كان زوجا أو ولدا أو غيره.
فهي أولا لا تشفى أبدا من النرجسية.
ثانيا دائما ما تعترض وتنتقد أي صداع مستمر.
ثالثا هي دائما في هجوم على من حولها إرهاقا لهم ونكاية فيهم واستحقارا وتعاليا.
رابعا تعتقد أنها الأعلى وغيرها دونها بمراحل.
خامسا لا تتواصل أبدا مع الغير، وإن فعلت يكون ذلك ضعيفا ومبهما.
سادسا شديدة الغيرة، تبعد ضحيتها عن أهله وأصدقائه، وتضعها في قمع خاص بها لتحركها كما شاءت.
صفة تكشف النرجسي
وهي استغلاله لضحيته، والتعامل معها كأنه يمتلكها.
فكرة الإمتلاك هي التي تجعله يأخذ كل ما يريد بدون حدود أو مقابل، والأخذ بدون عطاء هو أسلوبه.
فيستغل ضحيته ثم يتفاخر – حتى عليها، كأنه صاحب الفضل الذي بيده كل شيء حتى إن كان الأمر بالعكس. فتفاخره تحقير من شأن الآخر. فهو يحس بالحقارة في داخله ولا يحس بأنه شيء إلا عندما يحقر من شأن غيره (وكذا النرجسية مثله).
الحل مع الشخصية النرجسية
أنجع الحلول هو الابتعاد عنه، الفرار منه لتجنب مشاكله الكثيرة، ولتفادي المعاناة التي لا نهاية لها. بعضهم يبلغ أولاده الخمسين، وهو مصر على نفس التصرفات، لا يغيره شيء ما داموا بجواره، خاصة إن كانوا بلا مال.
وعدم الدخول معه في جدال أبدا لأن الجدال معه بلا فائدة.
وعندما يصل الأمر لمد يده والضرب، فلا يجب السكوت على ذلك، والحل هو إنهاء العلاقة به مباشرة إن كان زوجا لأجل الراحة منه، والمجاملة في ذلك خطيرة على الزوجة الممتهنة، أما إن كان أبا أو أما فدخول الغرفة واغلاقها على النفس حتى تمر أزمته النفسية خير من التضارب معه لأن ذلك يوقع في العقوق المذموم وهو ما يريد شيطانه والشيطان الذي فوقه.
ولا تقل له أبدا إنه نرجسي، أو أنك عرفت حقيقته، فإن ذلك يزيد الطين بلة، لأن ما في رأسه هو السيطرة، فإن أحس بأنه يفقدها فقد يرتكب مصيبة أكبر أو يبطش لأنه مجرم، حفظنا الله وإياكم من كل شر.
وبالنسبة للمدير النرجسي قل له دائما إن ما قمت به من عمل فهو بفضله، وأنه عمل جماعي، لأنه يعتقد أن كل شيء بفضله (مجنون بالطبع).
والنرجسي عموما مهما قمت به تجاهه من عمل طيب وخير، يعتقد أن ذلك رغما عنك، وأنه بفضله هو. لذا الأفضل هو الإبتعاد عنه، وأرض الله واسعة.
صفات الشخصية النرجسية
همجي في التعامل، وقاسي، ويرسل رسائل للآخرين مفادها أنهم لا شيء، ولا يعرفون شيئا، أما هو فعَلم الأعلام، كلامه هو الحق، رغم أنه يعتمد فيه على الحجج الواهية والقصص الباردة، لكن لا يحس بذلك لأنه لا يرى ولا يسمع غير نفسه. فكأنه يضع في أذنه سدادة تمرر له ما يعجبه فقط، فإما أن يسمع ما يعجبه أو لا يسمع، لذا تجده دائما عندما يطغى على المجلس حديث في شيء مفيد لا يعرفه أو يعرف أنه لا يستطيع منافسة المتحدث فيه، ينزوي ويصم أذنيه، حتى إن كان ذلك الكلام عن قصص الأنبياء. وبعضهم يحشر نفسه بقصة سمعها في طفولته، فيحول الحديث من السلاسة إلى المطبات، فإما أن يسكت عنه الآخرون فلا يستمع أحد لشيء مفيد، وينفض المجلس سريعا، أو يعترضوا عليه، فيدخلهم في الجدال المذموم، ويحول لهم الحديث من قصص الأنبياء إلى مشاكل النرجسيين.
وإما أن تكون معه أو سيعتبرك ضده مثل الكلب جورج بوش.
وهو مخلوق مزعج مستنزف للناس، يصيبها بالأمراض النفسية، وقد يصيبها بالعضوية.
عجبا لمن ينصح بالبقاء مع هذا النوع والصبر عليه؟ هذا مخلوق مزعج لا حل معه إلا هجره والفرار منه، لأنه بلا إحساس ولا تقدير، لا يعرف سوى المتاعب والتلاعب بالغير، والكذب والخيانة والأذية والقسوة، ولا فائدة من الدخول معه في نقاشات علمية ولا في المشاحنات، لن يستمع لغير هواه، ويستمتع برؤية الآخرون وهم يعانون منه، لذا الخيار الأفضل معه الفرار منه أو الصمت والتجاهل، وعدم إعارته أي انتباه، وقد يقضي ذلك على غروره، لكن الأمر ليس بتلك السهولة.
أقوى سلاح ضد النرجسي
بالنسبة للذين لا يقدرون على الصمت معه، يمكنهم مواجهته بثلاث جمل تعيده إلى عالمه الفارغ، الأولى حول غضبه بدون سبب، فهو يتهم الآخرين بكل ما يصيبه لأجل التقليل من قيمتهم وزعزعتهم نفسيا، فيجب الرد عليه: “أنا آسف من أجل شعورك بهذا الإحساس”.
فهو ينتظر أن يخاف الواحد منه ويعتذر ويدافع عن نفسه، لأجل أن يسحقه ويستمتع بتأثيره عليه، وهذا الرد يقطع عليه ذلك الطريق، لأنه كالطفل دائم الشكوى والعتاب والبكاء، وهذا الرد يذكره بأنه هو من يعاني لا الضحية.
الجملة الثانية: “انا أوافق أن تحكم علي بشكل مختلف عما أنا عليه في الواقع، وعما يراني به الآخرون”.
هذه الجملة فائدتها أن النرجسي لا يفرح بسعادة الآخرين ونجاحاتهم، بل إذا رآهم ناجحون يعترض ويسخر بهدف إيلامهم، فجوابه في هذه الحالة هو الجملة السابقة، وبابتسامة واثقة، وستكون مفاجئة له، وهو لا يحب المفاجآت. وسيفهم أنك تقول له أن رأيه التافه لا يهمك.
الجملة الثالثة: “حسنا OK”. وهذا جواب أي كلام مؤلم يصدر منه، فكأنك تقول له أنا أستحمل رذالتك وسخافاتك.
فمثلا قد يقول لك أنا فعلت لك كذا وكذا، ويمن عليك منًّا، فقل له: “نعم ماشي OK”. فهذا يجعله يفشل في الوصول إلى مبتغاه من التعذيب وكسر الخاطر.
أحيانا يُفرض علينا العيش مع هذا النوع من الشخصيات المتعب والمؤلم في نفس الوقت، والمصيبة الأعظم هي أن يكون أما أو أبا أو زوجا أو مقربا لا يمكن معاقبته بالطريقة المناسبة ولا الفرار منه، ففي هذه الحالة تنفع الجمل السابقة معه.
يقول الدكتور عمر عبد الكافي
النرجسية صفة ذميمة لا يحب صاحبها أحد. وهي صفة خطيرة ومدمرة، وقد ذم القرآن والسنة رذيلة الكبر والتعالي، ولكنه اليوم مرض اجتماعي يصيب الكثيرين.
وقد أرجعوا النرجسية إلى الإنسان الذي يبالغ في حب نفسه.
ومن صفات الشخص النرجسي – أو المتكبر بمعنى آخر، أنه لا وجود لأصدقاء لديه لكن إن كان من حوله سعيدون بأصدقائهم فإنه يتدخل ليسلبهم منهم، ليس حبا فيهم بل تأثيرا على ضحيته وتشويها لسمعتها أمامهم، كأنه مركز الكون لشدة أنانيته وثقل دمه. فيرمي بنفسه في المجلس، وطبعا يجاملونه، وشيئا فشيئا يصبح القادم قادم إليه والصاحب صاحبه وحده! وهذا ملاحظ في الأم النرجسية وكذلك الأب أو الأخ او أيا كان في البيت.
ولديه ثقافة الضِّرَار لأنه يضر بحياة الآخرين.
ولديه شعور مبالغ فيه بذاته، ويكثر من الحديث عن إنجازاته مثل فعلت كذا، وقمت بكذا، وأوقفت فلان عند حده، ويعتقد أنه متوفق.
والكثير من الناس عندهم هذه العقدة، عقدة النرجسية والتفوق.
ويعتقد أنه يعرف كل شيء، حتى أنه إذا جلس مع فقيه تراه يتدخل في شؤونه الفقهية، ويحاول إظهار أنه يعرف موضوع الحديث، وإذا قيل له هل عندك معلومات فقهية، يقول أنا أعرض وجهة نظري، ولا يقبل أبدا أنه جاهل.
ودائما ما يحاول التقليل من شأن الآخرين، فكلهم تافهون عنده.
ودائما ما يحاول استغلال كل شيء، يستغل الحوار والمجلس وكل شيء.
ولديه من العجرفة والغطرسة ما لو وزع على حي بأكمله لصاروا كلهم أبالسة.
وعندما يلاحظ أنك لا تحتمل تصرفاته، أو لا تهتم به أو لا ترحب به، لا يصبر على ذلك، ولا يحتمل، لأنه يريد أن يشار إليه بالبنان دائما.
ويغضب بسرعة ويثور ثورة عارمة.
ولديه شعور بعدم الأمان، فهو دائما متوتر تجاه المال والأبناء.
ويعتقد أنه أساس الدنيا، وهو دائما يلوم زوجته وأولاده وينقص من قدرهم.
ويجد متعة في إيلام غيره، فمن حوله دائما في أذى منه، ويتلذذ بذلك، فإذا كان زوجا يحاول دائما أذية زوجته بكلمات يكررها يوميا مثل سأطلقك، سأترككم، ولو مت لأكلتكم الكلاب، إلخ.
ولا قدرة عنده على التواصل العاطفي.
وحنانه لحظي يتبخر بسرعة.
ويحب نشر الشائعات.
ولديه قسوة مفرطة.
ويحمل المشاكل للآخرين.
ولا يتمتع بحب أحد، فلا أحد يحب المتكبرين.
ولا يتعلم من ماضيه، بل لا يتعلم أبدا، التاريخ يريه كل شيء، ولكنه لا يتعلم أي شيء منه ولا يعتبر.
صفات المرأة النرجسية
من علامات المرأة النرجسية حديثها المستمر عن تضحياتها وعما فعلت، مثل قول الأم النرجسية: حملتكم 9 شهور، وأرضعتكم كذا، وجنتكم تحت قدمي هذه، وترفع قدمها أمام الملأ، وفعلت كذا، تظلل تكرر ذلك حتى يبلغوا الخمسين وأكثر (المساكين).
ولا تقبل النصح من أبنائها، فتراهم متعلمين ومفكرين وأساتذة، فلا تسمع منهم. حتى في مسائل الدين قد يكون لديهم علم، وهي تعرف ذلك لأن الآخرين يعرفونه، لكن لا تعيرهم ولا تعير علومهم تلك أدنى اهتمام، بعكس الأم الصالحة التي تفرح بذلك وتتعلم من أبنائها ما ينفعها وينفعهم.
ومن أبرز المتكبرين في هذا الزمن، أهل الضلالات من أهل البدع والملحدين، فهؤلاء من الصعب حتى الحديث معهم بهدوء، ومع ذلك يقدس كل واحد منهم مذهبه كما لو كان قرآنا منزلا، وليته قدس القرآن الذي فيه النهي الواضح عن بدعته تلك، وتعظيمه للشيخ وغير الشيخ من دون الله.
اجتمع بعض الملحدين في العراق في 2003 أيام الغزو البغيض، وكانوا يطلقون عليهم الأسماء مخففة كعلمانيين ومفكرين ومثقفين وأدباء، وغير ذلك، وأطلقوا على مؤتمرهم “نحو خطاب ثقافي جديد”، فتأمل في نرجسيتهم وتكبرهم الفكري، قرروا ما يلي:
أن القرآن منتهي وضيق ومحدود والحياة غير محدودة، والعياذ بالله.
وأن الأحاديث كلها مكذوبة إلا 10 منها.
والصحابة ليسوا قدوة لأنهم الذين نقلوا وزوروا هذه الأحاديث.
وأنه يجب حذف المادة التي تقول إن الدين الرسمي هو الإسلام.
وأنه يجب إلغاء التعليم الديني واللغة العربية والفقه الإسلامي لأنه ظلامي ومتخلف.
وبهذا يقضون على الجذور الأصولية!
فهؤلاء لديهم نرجسية فكرية ضد الإسلام، أوصلتهم نرجسيتهم إلى حد الكفر، فالكبر يدفع الواحد إلى الوقاحة التي لا نهاية لها، وقد تقوده إلى تحدي خالقه.
أهم صفة في النرجسي
جنون العظمة، فهو مجنون بحبه لنفسه وعدم تجاوز النظر إلى غيرها حتى إن كانوا أينائه. وبقدر ما يعذب ضحاياه فإنه يشوه صورهم أمام الآخرين لإثبات علوه وأنه طبيعي، الآخرون هم المهمون عنده، تراه يتصرف معهم بطيبة ومرح وطبيعية مبالغ فيها ليقول لهم: انظروا أنا الطبيعي أما الضحية فمعقدة ومؤذية، ودوني!
ويبالغ طوال اليوم في إظهار أنه سعيد، إلا في لحظات التنغيص على ضحيته، وغالبا ما ينغص عليها بعيدا عن الناس، أي بعيدا عن المراقبين.
وكما لا يمل من التنغيص على ضحيته ليل نهار، وفي أي وقت كأنه شيطان قاعد لها، لا يمل أيضا من إظهار السعادة والمرح والطيبة للآخرين إثباتا لوجوده التافه وطيبته الزائفة.
وإذا كانت أما، فقد تضيق على أبنائها في كل شيء حتى الأمور الأساسية مبالغة في أذيتهم، ولو بإغضابهم وتعذيبهم بذلك، أما إذا دخل المنزل أغريب فإنها تبالغ في إكرامه، والأولاد محرومون.
النرجسي لا يكون سعيدا
النرجسي كذاب، وكذلك يكذب في إظهاره للسعادة، فيبالغ في إظهار انه سعيد طوال الوقت، ومن يبالغ في إظهار السعادة مثل الضحك المستمر وغيره، يخفي حزنا عميقا.
والنرجسي يبالغ أيضا في إظهار الرضا، والرضا هو أساس السعادة، فالسعيد راض عن الله أولا، وعن ما عنده وحوله. لكن النرجسي ليس راضيا عن أي شيء بدليل حياته الكئيبة.
والإنسان الطبيعي لديه طموح بأن يحقق أكثر فأكثر، أما النرجسي فليس طموحا بل طماع، يهدف فقط إلى التسلق من أجل النجاح المزيف، لذا يركز على ركوب ضحاياه كلما قدر على ذلك، وحتى إن أخر أو عرقل نجاحهم، فغن ذلك يكفيه لأنه يعني أنه ما زال في مرتبة فوقهم، وتراه دائما بينهم وكأنه الرأس في كل شيء، حتى تخصصاتهم!
فإذا جمعك بالنرجسي أو النرجسية مجلس، وكانت لديك أي ميزة، ولو كانت العلم، ستجد ذلك النرجسي يسحب البلاط من تحتك ليظهر في ذلك المجلي بما فيك من أجل إزاحتك، وترى الحضور يضحكون من جهله، لكن لا يعنيه، المهم عنده هو النجاح في حجبك تماما، فإذا سكت لم تشرح شيئا، وإذا تكلمت كان الكلام كله تناقر معه، فلا يستفيد أحد، وأولهم أنت!
وحتى أصدقائك أو معارفك عندما تكون معه في منزل، لا تعود الأساسي الذي يقدمون لأجله ولو كان عمرك متقدما، فالنرجسي لا يرحم ضحيته خاصة إن كانت ابنا أو بنتا تحت كنفه، ولا يقول لنفسه أبدا لقد كبر العيال ارحمهم بق.
يعاني من يسكن مع النرجسي وهو مضطر، لأن غير المضطر لا يجب أن يقربه، لذا عليه أن يستقل عنه ما استطاع، ولو بحيازة غرفة أو مكان ينفرد فيه بنفسه بعيدا عن أذاه أو يجلب إليه زواره، وإلا سرقهم النرجسي مثلما يسرقه.
وليته سرقهم فحسب، لكنه يسرقهم ويزيحه وهو صاحبهم الأساسي، حاجبا له ومشوها لسمعته، لأنه يعتقد أنه أقوى شخصية وأهم، وأن الضحية عبدة له خاصة إن كان ابنا أو ابنة، فهنا سيظل ينظر إليها بعين النقص مهما بلغت.
فالنرجسي تافه، ولص، يسرق كل ما لدى ضحاياه من أمور جيدة، ويبالغ في تعذيبهم حتى لا يقدروا على إنجاز أي شيء، لذا يعاني من لديه نرجسي مسيطر عليه في منزل، ويكون من الصعب الإستقلال عنه وكسر أغلاله.