ملخصات أدبية

اقوال وحكم مأثورة – المجموعة الشاملة

اقوال وحكم مأثورة.. المجموعة الشاملة في الأقوال والحكم..


أقوال في النساء

– قيل أراد رجل بيع جاريته فبكت فقال لها: مالك؟ فقالت لو ملكت منك ما ملكت مني ما أخرجتك من يدي فأعتقها وتزوجها..
– وقيل: لا تامن امرأة على سر ولا تطأ خادما تريدها للخدمة..
– قال تبعا الفزاري وهو من المعمرين: رأيت الدنيا ليلة في أثر ليلة ويوما في أثر يوم، ورأيت الناس بين جامع مال مفرق ومفرق مال مجموع، وبين قوي يظلم وضعيف يظلم، وصغير يكبر وكبير يهرم، وحي يموت وجنين يولد، وكلهم مسرور بموجود محزون بمفقود..
– وحكى أبو عمرو بن العلاء قال خرجنا حجاجا فصاحبنا رجل وجعل يقول في طريقه: ليت شعري هل بغت علي؟ فإذا انصرفنا من مكة قالها في بعض الطريق فأجابه صوت في الظلام:
نعم نعم وناكها حجية *** وهو رجل أحمر ضخم في قفاه كية
فسكت الرجل فلما سرنا إلى البصرة أخبرنا قال: دخل جيراني يسلمون علي فإذا فيهم رجل أحمر ضخم في قفاه كية، فقلت لأهلي من هذا؟ قالت رجل كان ألطف جيراننا بنا فجزاه الله خيرا فسألتها عن اسمه فقالت حجية فقلت الحقي بأهلك..
وقيل للمتزوج صبيحة البناء على أهله كيف ما تقدمت عليه فقال: الصلاح خير من كل شيء فأعلم أن امرأته قبيحة.
– وقال كثير: وسعا إلي بعيب عزة نسوة *** جعل الله خدودهن نعالها
– طلق أحدهم زوجته فتبعتها نفسه فأرسل إليها يطلبها فردت:
إن كنت ذا حاجة فاطلب لها بدلا *** إن الغزال الذي ضيعت مشغول
– وطلق الوليد بن زيد زوجته سعدى وأرسل يطلبها فأنشدت:
أتبكي على سعاد وأنت تركتها *** فقد ذهبت سعدى فما أنت صانع

اقوال وحكم مأثورة - المجموعة الشاملة

– إختصم رجلان في جارية فأودعاها مؤذنا فلما أصبح وفرغ من الأذان قال: لا إله إلا الله ذهبت الأمانة من الناس، فقالوا له كيف؟ فقال: هذه الجارية التي وضعت عندي قيل إنها بكرا فلما أتيتها وجدتها ثيبا..
– وقالوا: طاعة النساء ندامة..
– خليلي إن الحب صعب مراسه *** وإن عزيز القوم فيه يهان
– وكنت إذا ما جئت أدنيت مجلسي *** ووجهك من البشاشة يقطر
فمن لي بالعين التي كنت مرة *** إلي بها في سالف الدهر تنظر
– ودعت الحارث حبيبة له فحادثته ساعة فطلب الأكل فقالت أما في وجهي ما يشغلك عن الأكل؟ فقال جعلت فداك لو أن جميلا وبثينة قعدا ساعة لا يأكلان لبصق كل منهما على صاحبه..
– تقدمت امرأة جميلة إلى الشعبي فقضى لها فقال هذيل الأشجعي:
فتن الشعبي لما *** رفع الطرف إليها
فتنته ببنان (رأس الإصبع) *** كيف لو رأى معصميها
ومشت مشيا رويدا *** ثم هزت منكبيها
فقضى جورا على الخصم *** ولم يقض عليها
فتناشدها الناس وتداولوها حتى بلغت الشعبي فضرب الأشجعي ثلاثين سوطا. ومر الشعبي على خادمة تغني: فتن الشعبي لما، ولم تعرف البقية فلقنها الشعبي وقال: رفع الطرف إليها، ثم قال: أبعده الله أما أنا فما قضيت إلا بالحق..
– أذلني الهوى فأنا الذليل *** وليس إلى من أهوى سبيل
– لو أن قلبك لي يرق ويرحم *** ما بت من ألم الجوى أتألم
– وكل الناس يحفظون حريمهم *** وليس لأصحاب النبيذ حريم
فإن قلت هذا لم أقل عن جهالة *** ولكنني بالفاسقين عليم
– زر من تحب وإن شطت بك الديار *** وحال من دونه حجب وأستار
لا يمنعك بعد من زيارته *** إن المحب لمن يهواه زوار
– ومن رعى غنما في أرض مسبعة *** ونام عنها تولى رعيها الأسد
– قال حكيم: اعص هواك والنساء وافعل ما شئت..
– وقالوا: ليس خروج النساء بأضر من دخول من لا يوثق به عليهن فإن استطعت أن لا يعرفن غيرك فأفعل..
– وخلا أبو تمام بجارية له فعجز عنها فقال: ما أوسع حرك، فقالت:
أنت الفداء لمن كان يملؤه *** ويشتكي الضيق منه حين يلقاه
– وكان لرجل امرأة تخاصمه وكلما خاصمته قام إليها وواقعها فقالت: ويحك كلما تخاصمني تأتيني بشفيع لا أقدر على رده..
– وطلق الوليد بن يزيد زوجته سعدى وأرسل يطلبها فأنشدت:
أتبكي على سعاد وأنت تركتها *** فقد ذهبت سعاد فما أنت صانع
– وقالوا: ينبغي للرجل الذي يريد الزواج أن يرغب في ذات الدين وأن يختار الشرف والحسب.
– وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “تخيروا لنطفكم”، وقال صلى الله عليه وسلم: “أنظر في أي شيء تضع ولدك فإن العرق دساس”، وقال صلى الله عليه وسلم: “إياكم وخضراء الدمن، قالوا: وما خضراء الدمن يا رسول الله؟ قال: المرأة الحسناء في المنبت السوء”..
– وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عفوا تعف نساءكم..
– وقال حكيم: لم تنه امرأة عن شيء قط إلا فعلته..
– لا تركنن إلى النساء *** ولا تثق بعهودهن
فرضاؤهن جميعهن *** معلق بفروجهن
– من عاش في الدنيا بغير حبيب *** فحياته فيها حياة غريب
– أذلني الهوى فانا الذليل *** وليس إلى من أهوى سبيل

– ما إن دعاني الهوى لفاحشة *** إلا نهاني الحياء والكرم
فلا إلى فاحش مددت يدي *** ولا مشت بي لزلة قدم
– يعاهدني لا خانني ثم ينكث *** وأحلف لا كلمته ثم أحنث
وذلك دأبي لا يزال ودأبه *** فيا معشر العشاق عنا تحدثوا
– لو أن قلبك لي يرق ويرحم *** ما بت من ألم الجوى أتألم
– وقال أبو العلياء: رأيت جارية عند النخاس وهي تحلف أن لا ترجع لمولاها فسألتها في ذلك فقالت: إنه يواقعني من قيام ويصلي من قعود ويشتمني بإعراب ويلحن في القرآن ويصوم الخميس والإثنين ويفطر رمضان ويصلي الضحى ويترك الفرض، فقلت لا أكثر الله في المسلمين من أمثاله..
– وكانت ظلمة القوادة وهي صغيرة تسرق دويات الصبيان وأقلامهم فلما شبت زنت فلما كبرت قادت..
– وقال أنو شروان: أربعة في أربعة أقبح: البخل في الملوك والكذب في القضاة والحسد في العلماء والوقاحة في النساء..
– إذا كنت بين الجهل والحلم قاعدا وخيرت أنى شئت فالحلم أفضل
ولكن إذا أنصفت من ليس منصفا ولم يرض منك الحلم فالجهل أمثل
– وقال العتبي في قول الرسول صلى الله عليه وسلم: “إذا رأيتم المادحين فأحثوا في وجوههم التراب” هو المدح الباطل والكذب..
– وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله والتحدث بالنعم من الشكر”..
– وقال ابن عائشة: ما انعم الله على عبد بنعمة فظلم بها إلا كان حقا على الله تعالى أن يزيلها..
– قف بالديار فهذه آثارهم *** تبكي الأحبة حسرة وتشوقا
كم قد وقفت بها أسائل أهلها *** عن حالها مترجما أو مشفقا
فأجابني داعي الهوى في رسمها *** فارقت من تهوى وعز الملتقى
– قال علي رضي الله عنه: عفوا تعف نساؤكم
– جاءت امرأة بولدها إلى معلم صبيان تشكوه فقال له إما أن تنتهي وإلا فعلت بأمك، فقالت يا معلم هذا ما ينفع فيه الكلام فأفعل ما شئت لعله ينظر بعينه ويتوب، فقام وفعل بها أمام ولدها.
– إن لم يكن وفاق ففراق..
-صبري على الحبيب ولا فقده..

– كل كرها واشرب كرها ولا تعاشر كرها..
– طار طيرك وأخذه غيرك..
– دعت الحارث حبيبة له فحادثته ساعة فطلب الأكل فقالت أما في وجهي ما يشغلك عن الأكل؟ فقال جعلت فداك لو أن جميلا وبثينة قعدا ساعة لا يأكلان لبصق كل منهما على صاحبه..
– وقال حسان بن ربيع الحميري: لا تثق بالسلطان فإنه ملول ولا بالمرأة فإنها خئون ولا بالدابة فإنها شرود..
– خطب أعرابي طويل القامة دميم الوجه ، امرأة قصيرة وجميلة ، فسألوه عن ذلك ، فقال : أريد أن يأتي ولدها في طولي وفي جمالها ، فجاء ولدها في قبحه و في قصرها .
– وسأل رجل الحسن البصري فقال: إن لي ابنة فمن ترى أن أزوجها له، قال: زوجها بمن يتقي الله عز وجل فإن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها.
– والنساء لا تنال إلا بموافقتهن، ولا توافقن على شيء إلا بالطاعة، ولا ينال طاعتهن إلا الحاذق العالم بذلك، فالرجل لو كان بالغا النهاية في الجمال والغنى غير أن لا يكون بأمورهن عالما أبغضنه ولم يحببنه. ولو كان من الفاقة والدمامة وعدم الأخلاق الحميدة بعد أن يكون بأمورهن عالما وموافقتهن متأنيا، أحببنه ووددنه.
ومما يثبت المودة في قلبها له أن لا يذكر بحضرتها امرأة أخرى بتقريظ، إلا أن تكون امرأة لا تصلح للرجال، فإن فعل ذلك يداخلها من أمر شديد، وربما لم تظهره له.
وربما عرض لها غضب لغير ما سبب، بل تجن، فعليه أن يضرب عن مقابلتها ومقاتلتها، ويحتملها ويداريها، فإنها تنحل سريعا. وربما توهمت أن الرجل دنِيّا، فتلزمه إياه من غير تحقيق منها، فتجفوه وتغضب. فينبغي أن يحتملها عليه وألا يتعاظم، فليس يريدها لتعلوه بل هو يعلوها، ويجب أن يدس عليها من يعرف ما في نفسها ليعاملها على قدر ذلك.
– لا شيء أصيد لامرأة ولا أنقص لعرفها ولا أذهب لعقلها من أن يحيط علمها بأن إنسانا يحبها. وإن تمكن منها يوما في طريق فشكا إليها، واعترت يده رعدة ودمعت عيناه، فلو كانت في نسك رابعة العدوية ومعاذة القيسية لأفسد بقية دهرها.
– من علامات إعراض المرأة عن الرجل: تغير خلقها عليه، وامتناعها إليه، واستعمالها الضجر في كل ما تخاطبه به، وتلزمه العنت في سائر أعمالها، وتنقص شهوتها عند الجماع، وتضجر إذا جامعها، وتحب مفارقته سريعا، فإذا تنحى انطلق وجهها واستبشرت بذلك، فسبيله إذا شاهد هذه الخلال أن لا يطمع في مودة صاحبته وأن يخليها.
– سأل ملك جاريتان عنده: أخبراني ما الذي يغير المرأة بعد شدة الحب، فقالتا: شدة الغيرة وفتور الكمرة، قال: فما الذي يجرئهن على الفساد، قالتا: غفلة الرجل وكثرة الأموال، قال: فما الذي يحملهن على الانخلاع، قالتا: سوء المعاشرة.
– ومن طلب ما عند النساء بالغلظة لا يزداد منهن إلا بعدا.
– وأنشد علقمة بن عبدة:
وإن تسألوني في النساء فإنني *** بصير بأدواء النساء طبيب
إذا شاب رأس المرء أو قل ماله *** فليس له في ودهن نصيب

– ومن النساء من يستمال بالجزيل من المال غير مخلص في الوداد، بل كان انقياده للفائدة، وحرصه على وفور العائدة، فليس عند هؤلاء شيء أوقع في القلوب ولا أغفر للذنوب ولا أستر للعيوب من الدراهم والدنانير.
– من طمع في الغضة البضة بغير الذهب والفضة فقد خدع نفسه.
– وفي النساء من تغفر كل عيب وتستهين بكل فاقة مع بلوغ شهوتها. ووصولها إلى الشهوة يكون مع الرجل الذي لم يدخله خجلة الأحداث ولا هيبة الإناث، وكان طيب المشاهدة حلو المفاكهة قويا على المعاودة. وعلى قدر موافقة المجامعة واستلذاذ النطف ترعى المرأة حق الزوج والجارية حق المولى.

– أعظم آفات الرجال عند النساء وأفسدها لمودتهن، وأجلبها للبغضة منهن: الشيب. قال أبن المعتز:
صَدَّت شُرَيرُ وَأَزمَعَت هَجري *** وَصَغَت ضَمائِرُها إِلى الغَدرِ
قالَت كَبِرتَ وَشِبتَ قُلتُ لَها *** هَذا غُبارُ وَقائِعِ الدَهرِ
وقال آخر:
مات الهوى مني وضاع شبابي *** وقضيت من لذاته إطرابي
وإذا أردت تصابيا في مجلسي *** فالشيب يضحك بي مع الأصحاب
– ومن الأحوال التي يحتال بها في تطرية المودة وتجديد ما أخلق منها: أن يكون الرجل بصيرا بطبائع النساء، فهِما بما يلوح منهن ليستدل على ما في نفوسهن. وأن يكون عارفا بوجوه النكاح. أن يصبر على ما يحتجن إليه في الجماع. وأن يتلافى ما فسد منهن، وأن يبقي المودة ويحفظها.
– قال سقراط: الجماع بغير مؤانسة من الجفاء.
– قال الأصمعي : كل جماع ولا قبل فيه فهو خداج (ناقص).
وقال الشاعر في القبل:
وبتنا بليل والنجوم كأنها *** قلائد در حل عنها نظامها
فما برحت حتى حللت خمارها *** وقبلتها عشرا فزال احتشامها
– ويستحب للرجل والمرأة إخفاء نظره وعدم التحديق، قال الشاعر:
ويعجبني منك عند الخلاط *** حياة الكلام وموت النظر
إن شخوص النظر يحدث للمنظور إليه حياء، لاسيما في حال الجماع. وكذلك فإن الإنسان في وقت الجماع يكون وجهه في غاية القباحة.
– قال بعضهم: إذا نكحت المرأة فأعطيتها ما تشتيه منك ولم تعطك ما تشتهيه منها، ففراقها أمثل من إمساكها.
– ووطئ عبد الله بن معمر امرأته عاتكة بنت طلحة بنت عبد الله، وكان منها نخير وزفير وشهيق وغطيط قوي، فسئلت عن ذلك، فقالت: إذا لم تكن الجارية نخارة فليعتقد زوجها إنما خالط حمارة.
– وقالوا: إذا ظفرت بجارية مملوكة أو حرة لا غنج عندها فعلمها الغنج، وهو أن ترش عليها الماء البارد على حين غفلة منها، وتنخسها بإبرة أو شوكة وهي غافلة، فإنها تنخر وتزفر، فأدمن ذلك عليها مرارا من حيث لا تعلم، فإنها تتطبع على الغنج.
– قال الشاعر:
تنهق مثل العير في غنجها *** فما من الترك لها من بد
– ومنهن من يكون غنجها كله سب للرجل ودعاء عليه.
– ومنهن المستبهتة التي لا تحسن الغنج ولا التكسر.
– وقال آخر:
شفاء الحب تقبيل وضم *** وجر بالبطون على البطون
و رهز تهمل العينان منه *** وأخذ بالذوائب والقرون

– قال أعشى بكر بن وائل:
علقتها عرضاً وعلقت رجلاً … غيري وعلق أخرى غيرها الرجل

وقال العلامة الشنقيطي حبيب الله بن الأمين بن الحاج في زوجته، لا يبالي بشططها في المهر ولو كان عشرين من الإبل والبقر:
نلت ربحــا من الكريمة آبا …. ء ونفسا والأمهات كرام
بصداقٍ عشرين وهي لعمري …. مثلها بالألوف ليس يسام

وقال العلامة الشنقيطي الشيخ محمدو ابن حنبل فيمن شب وهو لا يعرف النحو:
كل فتى شب بلا إعراب…. فهو عندي مثل الغراب
وإن رأيته لخود عاشقا…. فقل لها اتقي الغراب الناعقا
ما للغراب وشذى الحسان…. شأن الغراب جيف الغربان

– قال أحد المغاربة: سوق أَنْسا سوق مَطيار يا الداخلو رَدْ بَالَكْ، إِوَرْيُولَك مَرْبَح قُنْطَار، ويَدْيُولك رَاسْ مَالك.
يحذر الداخل إلى سوق النساء، من أنهن يُرينه الربح قنطار، ويأخذن رأس ماله.

أقوال الخنازير الغربية ونخبة السوء من المثقفين التي عندنا من عبيدهم وعملاؤهم (قاتلهم الله، إعجابهم بالغرب الخسيس مثير للإشمئزاز والريبة):
– لا تطلب الفتاة من الدنيا إلا زوجا فإذا جاء طلبت منه كل شيء
– اثنان لا تقربهما أبدا: رجل كل رأس ماله المال و امرأة كل رأسمالها الجمال
– المرأة مثل الثعلب، رأس صغير وفراء جميل وحيلة لا تغلب
– المرأة متطرفة في الحب والكراهية ولا تعرف الوسط بينهما / سيروس
– تستطيع أن تكره المرأة وتستطيع أن تحبها لكنك لن تستطيع أبدا العيش بدونها / كيتس
– الجمال أول هبة تمنحها الطبيعة للمرأة وأول هبة تنتزعها منها / ميره
– المرأة الجميلة في غنى عن الثياب الجميلة / الفريد دي موسيه
– قل للمرأة أنها جميلة تتحول إلى حمقاء / روسو
– مثل الشيخ الذي تزوج شابة كمثل الجاهل الذي يقتني كتبا ثمينة ليقرأها غيره / ريكاردو
– عندما لا يكون للمرأة زوج طيب فإن هذا يرى في وجهها بشكل واضح / جوته
– عندما يسعى رجل وراء امرأة يقع في الزواج، وعندما تسعى امرأة خلف رجل تقع في الهاوية
– كل أحد يتزوج إلا المرأة الجاهلة والرجل العاقل / هيلدا هوايت
– من تزوج امرأة على عجل ندم على مهل / كونجريف
– في كثير من الأحيان تكون المرأة الفاضلة تلك التي لم يطلب منها الرجال شيئا / أوفيد
– ما أبشع المرأة المتكبرة إنها تدفع الثمن غاليا بأن تبقى عانسا / هومر
– المرأة العفيفة إذا أحبت تستحق الشفقة / لاروشفوكو
– تبلغ المرأة ذروة قوتها حين تبكي، وتكون أقرب إلى الهزيمة حين تغرق في الضحك / روجرز
– الدمعة تقنع الرجل والقبلة تقنع المرأة / سيدين
– المرأة التي تفكر بعقلها وتتأمل ليست ببنت حواء / أديسون
– إن النساء وجدن لنحبهن لا لنفهمهن / أوسكار وايلد
– الحاذق يقول للمرأة أنه يفهمها والغبي يحاول أن يثبت ذلك / سيدني سميث
– مع النساء ينبغي أن يكون الكلام أكثر احتراما بقدر ما تكون الحركات أقل احتراما / آتيان راي
– أخبث وأرذل الأعداء المرأة إذا انطوت على شر / هومر
– لا تثق بامرأة وإن دامت عشرتها ولا تغتر بمال وإن كثر / العتبي
– قبلة المرأة الساقطة تورث المرض
– الأعمار عند النساء تحسب بطرح السنين لا بجمعها / دوربان
– تظل المرأة في سن العشرين حتى آخر لحظة من حياتها / روسو
– أطول خمس سنوات في عمر المرأة تلك التي بين الخامسة والعشرين والثلاثين / جان هاي
– يوجد نوعان من النساء الأول سهل بسيط والثاني معقد مطلي بالألوان / أوسكار وايلد
– اتركوا للمرأة حريتها ولا تجعلوا عليها رقيب ثم قابلوني بعد سنة واخبروني / ستهور
– أفضل للمرأة أن تكون عبدة للشاب من أن تكون ممرضة للشيخ / رولاند
– الصداقة بين امرأتين تبدأ وتنتهي بمؤامرة ضد ثالثة / الفونس كار
– الصداقة النسائية لا تصمد أمام الرغبة في الفوز برجل / مارسيل بريفو
– أول شيء يعزيني في كوني امرأة هو أنني لن أتزوج امرأة / ليدي مونتاجو
– الصداقة بين النساء سلسلة من المؤامرات / ريفارول
– إذا أردت أن تعرف نقائص امرأة فاعمد على مدحها أمام امرأة أخرى / ماري كوريلي
– الرجال يستطيعون أن يصبحوا أصدقاء أما النساء فيقفن عند حد التعارف / حنا خباز
– يظل الرجل طفلا غريرا حتى تفتح عينيه المرأة الخائنة
– إذا سقطت المرأة فإنها لا تخجل من أي قبيح / تاكينوس
– الإتصال بالمرأة لذيذ ووجودها لا يحتمل / البير غينون
– الشهوة تضعنا عند أقدام النساء ولكن اللذة بدورها تخضعهن لنا / بومارشيه
– يتحتم علينا أن نتحدث إلى المرأة أحيانا حسب أنوثتها، تماما كما نتحدث إلى المجنون حسب جنونه / برنارشو
– لا تدخل على المرأة إلا والسوط في يدك / نيتشه
– إذ رأيت امرأة تكره رجلا حتى الموت فاعلم أنها كانت تحبه حتى الموت / حنا خباز
– لا يمكن للمرأة أن تكرهك وتخشاك في آن واحد / محمد جعفر
– المثل العليا بالنسبة للمرأة هي مجموعة من المعتقدات تتمسك بها المرأة دائما أمام الرجل الذي تكرهه / أحمد رجب
– قالت لي صبية ذات يوم إن أحب شيء عندها في الحياة هو الحقيقة، المسكينة كانت تقول لي ذلك وقد صبغت وجنتيها باللون الأحمر / فرانسيس دوكراوسيه
– لا تصدق المرأة إذا أقسمت وصدقها إذا احمر وجهها / أوسكار وايل
– بالكلب تصطاد الأرانب وبالمال تصطاد النساء
– صيد النساء محال بدون مال / برناردشو
– أحسن الرجال حظا مع النساء هو ذلك القادر على الاستغناء عنهن / بودلير
– الفرق بين القديسة والفاجرة هو أن الأولى لها ماضي أما الثانية فلها مستقبل / أوسكار وايلد
– الحنان صفة إذا تجردت منها المرأة تصبح حيوانا شرسا ضاريا / بتلر
– المرأة كالقطة إذا توددت إليها أعرضت عنك وإذا أعرضت عنها تمسحت بك / روسو
– المرأة حيوان بليد أحمق ولكنه من بواعث السرور / سقراط
– شهوة الرجال ضعيفة سريعة وشهوة النساء بطيئة قوية / محمد جعفر
– يمكن للرجل أن يتمتع جنسيا مع أية امرأة وإن لم يكن يحبها، ولكن المرأة لا يمكنها ذلك إلا مع من تحب / محمد جعفر
– يستحيل على المرأة العجوز أن تفصل بين عاطفتها ورغبتها الجنسية / علي سعد مراد
– استودع المرأة الخرساء سرا تجدها تنطق / سيمونيان
– ما أشد جهل الرجل الذي يطلع امرأته على كل أسراره / برناردشو
– المواساة هي ما تظهره المرأة لأخرى للحصول على اكبر قد من أسرارها / ليدي استلر
– ما نهيت امرأة عن شيء قط إلا أتته / المأمون
– النساء أطفال غريبو الأطوار / ديدروت
– النساء يقلبن كل شيء رأسا على عقب، وعندما تدخل امرأة في حياتك سوف تجد أنها تهدف إلى شي وأنت إلى شيء آخر / برناردشو
– عندما يتزوج الشيخ امرأة صغيرة يضحك الشيطان
– من تزوج امرأة غنية باع حريته
– رجل بلا امرأة رأس بلا جسد، وامرأة بلا رجل جسد بلا رأس
– مراقبة برغوث أسهل من مراقبة امرأة
– الفتاة الشابة شهوة، والمتزوجة حلوة، والعجوز بلوى
– إذا لم تستطيعي أن تكوني نجمة في السماء فكوني شمعة في بيتك
– الرجل رجل في بعض الأحيان والأنثى أنثى في جميع الأحيان / روسو
– المرأة مثل العشب الناعم ينحني أما النسيم ولكنه لا ينكسر أمام العاصفة / هوكيلي
– البيت الذي تزاول فيه الدجاجة عمل الديك يصير إلى الخراب
– المرأة ظل الرجل عليها أن تتبعه لا أن تقوده / برناردشو
– ابتسامة المرأة لفظ مشترك يحتمل جميع المعاني من الحب القاتل إلى البغض العميق / المنفلوطي
– أجمل ما خلقه الله على الأرض وجه المرأة الجميلة / الفريد دي موسييه
– أحب امرأة عبقرية لتعرف أن حب امرأة غبية نعمة بالنسبة إليك / تاليران
– إذا شكا لك شاب من قسوة امرأة فأعلم أن قلبه بين يديها / برنتيس
– إذا أردت أن تكسب أي امرأة تقابلها فقل لها فقط أنها لا تشبه أي امرأة أخرى يعد ذلك عاملها كأي امرأة أخرى / ويندهام لويس
– إذا ترددت المرأة فأعلم أنك فزت بها / أوسكار وايلد
– تجنب المناقشة مع المرأة لأنها إذا انتصرت عليك احتقرتك وإذا أنت انتصرت عليها أبغضتك
– إذا تألمت المرأة في صمت فهذا هو الألم الحقيقي / ادوارد دور شناك
– إذا ابتسمت المرأة للرجل في الطريق جرى خلفها، وإذا ابتسم الرجل للمرأة تمنت أن يجري خلفها
– المرأة كالحيوان غذها جيدا واحبسها في البيت / شوبنهاور
– المرأة محصورة الإدراك فهي كالمخلوق المتوسط في عقله المحصور بين الطفل والرجل
– المرأة الذكية تختار زوجا ضعيف الشخصية لتحكمه إلى الأبد
– مطاردة النساء لا تؤذي، المؤذي هو اللحاق بهن
– المرأة الشريفة لا تنظر إليك
– المرأة الجميلة كالفاكهة الجميلة لا تكون لذيذة الطعم دائما
– المرأة الشريرة ذلة للقلب وتقطيب للوجه وألم للفؤاد / انجيل لوقا
– المرأة الحسناء يمتلكها رجل واحد ولكنها تمتلك قلوب الكثيرين
– المرأة تترقب الرجل كما تترقب العنكبوت الذبابة/ برناردشو
– المرأة التي لا أشعر بالقرب منها بجمال الطبيعة وبجمال العواطف النبيلة لا يمكن أن أستريح أبدا لها / جوستاف فلوبير
– المرأة تحب الرجل الصادق لأنها لا تستطيع الكذب على الرجل الكذوب
– المرأة التي تتباهي بجهلها لشؤون المطبخ كالأمي الذي يتباهي بجهله القراءة والكتابة
– المرأة الجميلة ليست طيبة دائما ولكن المرأة الطيبة جميلة دائما
– المرأة تعجب بالرجل المهذب دائما في أول الطريق ولكنها تستحمره إذا ظل على ذلك طول الطريق

اقوال وحكم مأثورة - المجموعة الشاملة

– المرأة اللعوب متعة زائلة والمرأة البخيلة صحراء قاحلة
– المرأة المتكبرة أشبه بقزم ممسوخ، قامة طفل ووجه رجل وعقل قرد
– المرأة الفخورة بجمالها هي التي يسهل على الرجل إغراؤها
– المرأة التي تغار على زوجها من كل امرأة توحي إليه بأنها أقل من كل امرأة
– المرأة هي التي تختار الرجل الذي سيختارها / بول جيرالدي
– المرأة التي تعيش منطوية على نفسها لن يطول عليها الزمن حتى يرميها المجتمع في سلة المهملات
– المرأة طفل كبير يسهل تسليتها باللعب وتملقها بالمدح وإغواؤها بالوعود
– المرأة السعيدة هي التي لا تطلب ما تعلم أنها لا تقدر على الحصول عليه
– المرأة التي تصبغ شعرها لتخدع الناس اعتادت الخداع في كل شيء
– المرأة تعلمك الحب ثم تتركك بعد ذلك تتخبط في دياجيره
– تستطيع المرأة أن تنصت إلى زوجها باهتمام في الوقت الذي تفكر فيه بثوبها الجديد
– المرأة تخفي وجهها دائما إما خلف البرقع أو وراء المكياج
– للمرأة من القوة في تبسمها ما ليس لرجل في جميع عضلاته
– إذا أردت أن تعيش طويلا فابتعد عن مخاصمة النساء
– اختر زوجتك بسمعك لا ببصرك
– أحسن الزوجات من قامت بدور الزوجة والعشيقة
– السكنى في أرض برية خير من امرأة مخاصمة حردة
– المرأة إما حاكمة أو محكومة
– للرجل عقله وللمرأة عقلها ليس ثمة فرق بينهما إلا في مكان تواجد ذلك العقل .
– فتاة الأحلام وفتى الأحلام صورتان رسمتا على لوحة الخيال بمادة الهرمونات .
– لا تجادل امرأة غاضبة فأنت بذلك تضيع وقتك .. ولا تجادل امراة راضية فأنت بذلك تضيع وقتها ..
– بقدر ما أحبك يا عزيزتي .. بقدر ما أكره اليوم الذي أحببتك فيه .
– إذا قلت أن الغيرة من علامات الحب فأنت صادق إذا كان الحب الذي تعنيه حب النفس .
– لا تحزن إذا فاتك قطار الزواج فلأن يفوتك القطار خير من أن يدهسك .
– حاول بطريقة ما أن تحصل لخطيبتك على صورة حال صحوها في الصباح فذلك هو المنظر الذي سوف تصطبح به مدى الحياة.
– لا تسألني لماذا يفتر الحب بعد الزواج ، فلماذا يفتر الجوع بعد الغداء .
– مغرور جدا ذلك الرجل الذي يتوهم أن زوجته تحب فيه شيئا غير ماله وأولاده .
– حين تنظر إلى وجوه الجالسين على المقهى عند مرور أنثى جميلة تدرك أن قراءة الأفكار ليست من الأمور المستحيلة .
– لا تلم زوجتك على رداءة ذوقها أليست هي التي اختارتك ذات يوم.


أشعار في النساء

– وكنت إذا ما جئت سُعدى أزورها … أرى الأرض تطوى لي ويدنو بعيدها
من الخفرات البيض ود جليسها … إذا ما انقضت احدوثة لو تعيدها

– وما فارقت ليلى من مراد … ولكن شقوة بلغت مداها
بكيت نعم بكيت وكل إلف … إذا ماتت حبيبته بكاها

– أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى … فصادف قلبا خاليا فتمكنا

– وعلقت ليلى وهي ذات تمائم … ولم يبد للأتراب من ثديها حجم

– علقت الهوى منها وليدا فلم يزل …إلى اليوم ينمو حبها ويزيد

– بنات حواء ورود وأزهار … فأستلهم العقل وانظر كيف تختار

– نقل فؤادك حيث شئت من الهوى … ما الحب إلا للحبيب الأول
كم منزل في الأرض يألفه الفتى … وحنينه أبدا لأول منزل

– بصدرها كوكبا در كأنهما *** ركنان لم يدنسا من لمس مستلم
صانتهما بستور من غلائلها *** فالناس في الحل والركنان في الحرم

– وقفت يوم النوى منهم على بعد … ولم أودعهم وجدا وإشفاقا / النوى: البعد والرحيل

– ولما تبدت للرحيل جمالنا … وجد بنا سير وفاضت مدامع
تبدت لنا من عورة من خبائها … وناظرها باللؤلؤ الرطب دامع
أشارت بأطراف البنان وودعت … وأومت بعينيها متى أنت راجع
فقلت لها والله ما من مسافر … يسير ويدري ما به الله صانع
فشالت نقاب الحسن من فوق وجهها … فسالت من الطرف الكحيل مدامع
وقالت إلهي كن عليه خليفة … فيا رب ما خابت لديك الودائع

– يا راحلا وجميل الصبر يتبعه … هل من سبيل إلى لقياك يتفق
ما أنصفتك دموعي وهي دامية … ولا وفى لك قلبي وهو يحترق

– ولما وقفنا للوداع عشيته … وطرفي وقلبي دامع وخفوق
بكيت وأضحكت الوشاة شماتة … كأني سحاب والوشاة بروق

– مني الوصال ومنكم الهجر … حتى يفرق بيننا الدهر
والله لا أسلوكمو أبدا … ما لاح بدر أو بدا فجر

– إني رأيتك في المنام ضجيعتي … مسترشفا من ريق فيك البارد
وكأن كفك في يدي وكأننا … بتنا جميعا في لحاف واحد
ثم انتبهت ومنكباك كلاهما … في راحتي وتحت خدي ساعدي
فقطعت يومي كله متراقدا … لأراك في نومي ولست براقد

– خيالك في عيني وذكرك في فمي … ومثواك في قلبي فأين تغيب

– كم قد ظفرت بمن أهوى يمنعني … منه الحياء وخوف الله والحذر
أهوى الملاح وأهوى أن أجالسهم … وليس لي في حرام منهن وطر
وكم خلوت بمن أهوى فيقنعني … منه الفكاهة والتأنيس والنظر
كفاك الحب لا إتيان معصية … لا خير في لذة من بعدها سقر

– والله ما ادري أزيدت ملاحة … وحسنا على النسوان أم ليس لي عقل

– يا ليل دم لي لا أريد براحا *** حسبي بوجه معذبي مصباحا

– ومن يك معجبا ببنات كسرى *** إني معجب ببنات حام / أبو حاتم المدني

– كأن نساء الحي مادمت فيهم *** قباحا فلما غبت صاروا ملاحا

– أمنزلتي ميِّ سلام عليكما هل … الأزمن اللائي مضين رواجعُ / ذو الرمة

– أيا سرب القطا هل من يعير جوانحه … لعلِّي إلى من قد هويتُ أطير

– أيها القلب قد قضيت مراما … فإلام الـولـوع بالشـهـــوات

– أفاطم مهلا بعض هذا التدلل … وان كنت قد أزمعتِ صرمي فأجملي

– أقول وقد ناحت بقربي حمامة … أيا جارتا لو تشعرين بحالي
أيا جارتا ما أنصف الدهر بيننا … تعالي أقاسمك الهموم تعالي / أبو فراس

– وللخود مني ساعة ثم بيننا … فلاة إلى غير اللقاء تُجَابُ

– نقل فؤادك حيث شئت من الهوى … ما الحب إلا للحبيب الأول

– ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة … بوادي القرى إني إذا لسعيد / جميل بثينة

– ألا ليت شعري هل إلى أم معمر … سبيل فأما الصبر عنها فلا صبرا

– ملك الثلاث الآنسات عناني … وحللن من قلبي بكل مكان
مالي تطاوعني البرية كلها … فأطيعهن وهن في عصياني
ما ذاك إلا أن سلطان الهوى … وبه قوين أعز من سلطاني

– خليلي ما أعددتم لمـتـيـم … أسير لدى الأعداء جافي المرقد / أبو فراس الحمداني

– وحَلَّتْ سَوَادَ القلبِ لا أَنا باغياً … سواها ولا عن حبها مُتراخيا / النابغة الجعدي

– توهمت آيات لها فعرفتها … لستة أعوام وذا العام سابع / النابغة

– لو أن عزة حاكمت شمس الضحى … في الحسن عند موفق لقضى لها / كثير

– وفي سواد شعر جارية:
بيضاء تسحب من قيام شعرها … وتغيب فيه وهو وجه أسحم
فكأنها فيه نهار ساطع … وكأنه ليل عليها مظلم

– نشرت ثلاث ذوائب من شعرها … في ليلة فأرت ليالي أربعا
وأستقبلت قمر الزمان بوجهها … فأرتني القمرين في وقت معا / المتنبي

– ريم يتيه بحسن صورته … عبث النعاس بلحظ مقلته / ابن المعتز

– صل بخدي خديك تلق عجبا … من معان يحار فيها الضمير
فبخديك للربيع رياض … وبخدي للدموع غدير / ابن المعتز

– لاحت على مبسمه المشتهى … ثلاث شامات غدت في التئام
لا تعجبوا عن كثرت حوله … فالمنهل العذب كثير الزحام / ابن الريان

– رشفت ريقك حلوا … ولم يكن لي صبر
وسوف أحظى بوصل … فأول الغيث قطر

– ثلاث تجمعن في ثغرها … ملامح أدلتها واضحة
فإن قيل ما هي قلت … هي الطعم واللون والرائحة

– سألته في ثغره قبلة … فقال ثغري لم يجز لثمه
فهاكها في الخد واقنع بها … ما قارب الشيء له حكمه

– قبلت رجل حبيبي … فأزورّ وأحمر خدا
وقال تلثم رجلي … لقد تنازلت جدا
فقلت ما جئت بدعا … ولا تجاوزت حدا
رجلا سعت بك نحوي … حقوقها لا تؤدى

– كأنها حين تدنو … شمس عليها مظلة
وإن أضاءت بليل … تفوق نور الأهلة / عبد الله بن ابي خبيص

– ذات حسن إن تغيب شمس الضحى … فلنا من وجهها عنها خلف
أجمع الناس على تفضيلها … وهواهم في سوى هذا اختلف

– جاءت بساق أبيض أملس … كلؤلؤ يبدو لعشاقها
فأفتتنت فيها جميع الورى … وقامت الحرب على ساقها / ابن الرمة

– ما أقصر الليل على الراقد … وأهون السقم على العائد
كأنني عانقت ريحانة … تنفست في ليلها البارد
فلو ترانا في قميص الدجى … حسبتنا في جسد واحد / ابن المعتز

– يا ليل دم لي لا أريد براحا … حسبي بوجه معذبي صباحا

– ولم أنس ضمي للحبيب على رضا … ورشفي رضابا كالرحيق المسلسل
ولا قوله لي عند تقبيل خده … تنقل فلذات الهوى في التنقل

– ومن يك معجبا ببنات كسرى … فإني معجب ببنات حام / ابو حاتم المدني

– كأن نساء الحي ما دمت فيهم … قباحا فلما غبت صرن ملاحا

– قل للمليحة في الخمار الأسود … ماذا فعلت براهب متعبد
قد كان شمر للصلاة إزاره … حتى قعدت له بباب المسجد
ردي عليه صلاته وصيامه … لا تقتليه بحق دين محمد

– إذا تزوجت فكن حاذقا … واسأل عن الغصن ومنبته
وأول خبث الماء خبث ترابه … وأول خبث القوم خبث المناكح

– لا تأمنن على النساء ولو أخا … ما في الرجال على النساء أمين
إن الأمين وإن تحفظ جهده … لا بد بنظرة سيخون

– ولا خير في الدنيا بغير صبابة … ولا في نعيم ليس فيه حبيب
إذا لم تذق في هذه الدار صبوة … فموتك فيها والحياة سواء

– على وجه مي مسحة من ملاحة … وتحت الثياب العار لو كان باديا

– في ذم الهوى:
سبيل الهوى وعر … وحلو الهوى مر
وبرد الهوى حر … ويوم الهوى دهر

– لَو كُنتُ أَعلَمُ أَنَّ آخِرَ عَهدِكُم … يَومُ الرَحيلِ فَعَلتُ ما لَم أَفعَلِ / جرير

– يا ليل طل أو لا تطل … لا بد لي أن أسهرك
لو بات عندي قمري … ما بت أرعى قمرك

– والله لا أنساك ما هبت الصبا … وما عقبتها في الرياح جنوب
وإني لتعروني لذكراك هزة … لها بين جلدي والعظام دبيب

– فتاة عدمت العيش إلا بقربها … فهل في ابتغاء العيش ويحك من حرج

– مرض الحبيب فعدته … فمرضت من حذري عليه
وأتى الحبيب يعودني … فبرئت من نظري إليه

– وظللت أطلب وصالها بتذلل … والشيب يغمزها أن لا تفعلي / ابن المعتز

– سألتها قبلة يوما وقد نظرت … شيبي وقد كنت ذا مال وذا نعم
فأعرضت وتولت وهي قائلة … لا والذي أوجد الأشياء من عدم
ما كان لي في بياض الشيب من أرب .. أفي الحياة يكون القطن حشو فمي

– قالت أراك خضبت الشيب قلت لها … سترته عنك يا سمعي ويا بصري
فقهقهت ثم قالت من تعجبها … تكاثر الغش حتى صار في الشعر

– تبسم المشيب بوجه الفتى … يوجب سح الدمع من جفنه
وكيف لا يبكي على نفسه … من ضحك الشيب على ذقنه

– وكم كان من عين علي وحافظ … وكم كان من واش لها ورقيب
فلما بدا شيبي اطمأنت قلوبهم … ولم يحفظوني واكتفوا بمشيبي / ابن النقيب

اقوال وحكم مأثورة - المجموعة الشاملة

– فإن تسالوني بالنساء فإنني … بصير بأدواء النساء طبيب
إذا شاب رأس المرء أو قل ماله … فليس له في ودهن نصيب

– وظللت أطلب وصالها بتذلل *** والشيب يغمزها بأن لا تفعلي / ابن المعتز

– رأين الغواني الشيب لاح بمفرقي *** فأعرضن عني بالخدود النواضر
فما أقبح التفريط في زمن الصبا *** فكيف به والشيب في الرأس شاعل / ابن المعتز

– كبرت ودق العظم مني وعقني *** بني وزالت عن فراشي العقائد
وأصبحت أعشى اخبط الأرض بالعصا *** يقودني بين البيوت الولائد / علي بن الربيع

– ترجو أن تكون وأنت شيخ *** كما كنت في زمن الشباب
لقد كذبتك نفسك ليس ثوب *** دريس كالجديد من الثياب / الجاحظ


أقوال مأثورة عن الدنيا

– لا دار للمرء بعد الموت يسكنها … إلا التي كان قبل الموت يبنيها
فمن بناها بخير طاب مسكنه … ومن بـنـاها بشر خاب بانيها

– صبرت على اللذات حتى تولت … وألزمت نفسي صبرها فاستمرت
وكانت على الأيام نفسي عزيزة … فلما رأت عزمي على الذل ذلت

– فلا الجود يفنيها إذا هي أقبلت … ولا البخل يبقيها إذا ما تـولت

– خلقـنـا للـحـيـاة والممات … ومن هذين كل الحادثات

– ومن يولد يعش ويمت كأن لم … يـمـر خياله بالكائنات
تأمل هل تـرى إلا شراكــا … من الأيام حولك ملقيات
ولو أن الجهات خلقن سـبعا … لكان الموت سابع الجهات

– حكم المنية في البرية جاري … ما هذه الدنيا بدار قـرار
جاورت أعدائي وجاور ربه … شتان ما بين جواره وجواري

– هي الدنيا تقول بملء فيها … حذار حذار من بطشي وفتكي

– إذا ما خلوت يوما فلا تقل … خلوت ولكن قل علي رقيب

– وما الدنيا إلا حـلم لذيذ … تـنـبـهـه تباشير الصباح

– إنما هـذه الـدنيـا متاع … والسفيه الغبي من يصطفيها

– حكم المنية في البرية جاري … ما هذه الدنيا بدار قرار

– كفا زاجرا للمرء أيام دهره … تروح له بالواعظات وتغتدي

– بيتي أحب إليّ من … بيت الخليفة والوزير
إن القليل إذا صفا … وكفى ينوب عن الكثير

– لا تخضعن لمخلوق عن طمع … فإن ذلك نقص منك في الدين

– واسترزق الله مما في خزائنه … فإنما الرزق بين الكاف والنون

– زيادة المرء من دنياه نقصان … وربحه غير محض الخير نقصـان
وكل وُجدان حظ لا ثبات له … فإن معناه في التحقيق فـقـدان
ويا حريصا على الأموال يجمعها … بالله هل لخراب العمر عـمران
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم … فطالما أستعبد الإنسان إحـسـان
وكن على الدهر معوانا لذي أمل … يرجو نداك فإن الحر مـعـوان
واشدد يديك بحبل الدين معتصما … إنه الركن إن خانتك أركــان
من يتق الله يحمد في عواقبه … ويكفيه شر من عزوا ومن هانوا
من أستعان بغير الله في طلب … فإن نـاصـره عـجـز وخذلان
من جاد بالمال مال الناس قاطبة … إلـيه والـمال للإنسان فـتـان
من سالم الناس يسلم من غوائلهم … وعـاش وهو قرير العين جذلان
إلى قوله :
ورافق الرفق في كل الأمور فلم … يندم رفبق ولم يذممه إنـسـان
ولا يغرنك حظ جره خرق … فالخرق هدم ورفق المرء بنيان
وقوله:
لا تحسبن سرورا دائما أبدا … من سره زمن ساءته أزمان
لا تغتر بشباب وارف خضل … فكم تقدم قبل الشيب شبان
وهب الشيبة تبدي عذر صاحبها … ما عذر أشيب يستهويه شيطان

– حتى متى وأنت في لهو ولعب … والموت يهوي نحوك فاغرا فاه

– وما المرء إلا كالشهاب وضوئه … يحور رمادا بعد إذ هو سـاطع
وما المال والأهلون إلا ودائع … ولا بد يوما أن ترد الـودائـع
وما الناس إلا عاملان فعامـل … يُتَبِّرُ مـا بني وآخر رافــع
(يحور: يصير. ويُتبر: يَهدم)

– لو يعلم الخلـق مـا يراد بـهـم … وأيمـا مـورد غـــدا يردوا
ما استعذبـوا لـذة الـحـياة ولا … طاب لهم عيشهـم ولا رقـدوا

– أرى ذمي الأيام ما لا يضرها … فهل دافع عني نوائبها الحمد
وما هذه الدنيا لنا بمطيعة … وليس لخلق من مُداراتها بدُّ / الشريف الرضي

– وغاية هذي الدار لذة ساعـة … ويعقبها الأحـزان والهـم والغـم
وهاتيك دار الأمن والعز والتقى … ورحمة رب الناس و الجود والكرم

– ما مضى فات والمُؤمل غيبٌ … ولك الـسـاعة التي أنت فـيـها

– استَغْنِ ما أغْنَاكَ رَبُّك بالغِنَى … وإذا تُصِبْكَ خَصَاصَةٌ فَتَجَمَّلِ / عبدِ القيْس بن خفاف

– قال تبعا الفزاري وهو من المعمرين: رأيت الدنيا ليلة في أثر ليلة ويوما في أثر يوم، ورأيت الناس بين جامع مال مفرق ومفرق مال مجموع، وبين قوي يظلم وضعيف يظلم، وصغير يكبر وكبير يهرم، وحي يموت وجنين يولد، وكلهم مسرور بموجود محزون بمفقود..

– وما الناس إلا هالك وابن هالك *** وذو نسب في الهالكين عريق
إذا امتحن الدنيا لبيب تكشفت *** له عن عدو في ثياب صديق

– رب يوم بكيت منه فلما *** صرت في غيره بكيت عليه

– لا يغرنك صحة نفسك وسلامة أمسك فمدة العمر قليلة وصحة النفس مستحيلة..

– مشيناها خطى كتبت علينا *** ومن كتبت عليه خطى مشاها
ومن كانت منيته بأرض *** فليس يموت بأرض سواها

– هو الموت لا منجى من الموت والذي*** نحاذر بعد الموت أدهى وأفظع

– وقيل لأعرابي: “إنك تموت، قال: وإلى أين أذهب، قالوا: إلى الله تعالى، فقال: لا اكره أن أذهب إلى من لا أرى الخير إلا منه”.

– دنياك كلها وقتك الذي أنت فيه..

– إذا حان القضاء ضاق الفضاء..

– من عتب على الدهر طال عتبه..

– يغر الفتى مر الليالي سليمة *** وهن به عما قليل غوائر

– اليوم عمل والأمس مثل والغد أجل وبعد غد أمل..

– قال الشافعي:
دع الأيام تفعل ما تشاء *** وطب نفسا إذا حكم القضاء
ولا تجزع لحادثة الليالي *** فما لحوادث الدنيا بقاء
وكن رجلا على الأهوال جلدا *** وشيمتك السماحة والوفاء
وقال:
ومن نزلت بساحته المنايا *** فلا أرض تقيه ولا سماء

– إذا وقعت يا فصيح فلا تصيح..

– وإذا أراد الله أمرا لم تجد *** لقضائه ردا ولا تبديلا

– يا نفس قد حق الحذر *** أين المفر من القدر
كل امرئ مما يخا *** ف ويرتجيه على خطر
من يرتشف صفو الزما *** ن يغص يوما بالكدر

– ولرب نازلة يضيق بها الفتى *** ذرعا وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها *** فرجت وكان لا يظنها تفرج

– هي أيام الله والغِير *** وأمر الله ينتظر
أتيأس أن ترى فرجا *** فأين الله والقدر

– كنا على ظهرها والدهر يجمعنا *** والشمل مجتمع والدار والوطن
فمزق الدهر بالتفريق ألفتنا *** فصار يجمعنا في بطنها الكفن

– وبنى ملك قصرا فقال انظروا إن كان فيه عيب؟ فقال رجل: أرى فيه عيبين: يموت الملك ويخرب القصر. قال صدقت..

– إذا جزع صاحب المصيبة أصبح في مصيبتين، الثانية ذهاب أجره..

– وقال ابن عيينة: الدنيا كلها غموم فما كان فيها من سرور فهو ربح..

– ما سلم الله هو السالم *** ليس كما يزعم الزاعم
تجري المقادير التي قدرت *** وأنف من لا يرتضي راغم

– وقال عبد الله بن حنيف: لا تغتم إلا بشيء يضرك غدا ولا تفرح إلا بشيء يسرك غدا.

– وقال علي بن الربيع:
كبرت ودق العظم مني وعقني … بنيّ وزالت عن فراشي العقائد
وأصبحت أعشى أخبط الأرض بالعصا … يقودني بين البيوت الولائد

– أترجو أن تكون وأنت شيخ … كما كنت في زمن الشباب
لقد كذبتك نفسك ليس ثوب … دريس كالجديد من الثياب / الجاحظ
– يا خاضب الشيب الذي … في كل ثالثة يعود
عن الخضاب إذا نضا … فكأنه شيب جديد
فدع المشيب وما يريد … فلن يعود كما تريد (ينضو الإنسان ثيابه: أي يخلعها)

– رب يوم بكيت منه فلما *** صرت في غيره بكيت عليه

– وبي كل ما يبكي العيون أقله *** وإن كنت منه دائما أتبسم


في السعي والتوكل والحزم

– الحاجة تفتح أبواب الحيل وليس العاقل الذي يحتال للأمور إذا وقع فيها بل الذي يحتال للأمور أن لا يقع فيها..

– من لزم الرقاد عدم المراد ومن دام كسله خاب أمله..

– ما حك جلدك مثل ظفرك..

– الحاجة تفتق الحيلة..

– إذا لم تستطع أمرا فدعه *** وجاوزه إلى ما تستطيع

– تراب العمل ولا زعفران البطالة..

– قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من آتاه الله رزقا بغير مسألة ورده فكأنما رده على الله تعالى..

– وحكى أبو سعيد الخراز أنه كان في الحرم فقيرا ليس عليه إلا ما يستر عورته فأنفت نفسي منه فتفرس ذلك مني فقرأ “إن الله يعلم ما في أنفسكم فأحذروه” فندمت واستغفرت فتفرس ذلك أيضا فقرأ “وهو الذي يقبل التوبة عن عباده”..

– عليك بإظهار الجلد للعدا *** ولا تظهرن منك الذبول فتحقرا
أما تنظر الريحان ناضرا *** ويطرح في البيدا إذا ما تغيرا

– ولا عار إن زالت عن الحر نعمة *** ولكن عارا أن يزول التجمل

– قال الحسن: عندما نزلت الآية “‘إن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا” قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبشروا فلن يغلب العسر يسرين”..

– طوّلَ الغيبة وجانا بالخيبة..

– ولا تتعلل بالأماني فإنها *** عطايا أحاديث النفوس الكواذب

– لقد علمت وما الإسراف من خلقي *** أن الذي هو رزقي سوف يأتيني
أسعى إليه فيعييني طلبه *** ولو قعدت أتاني ليس يعييني

– ولو أن العقول تسوق رزقا *** لكان المال عند ذوي العقول

– ومن رعى غنما في أرض مسبعة *** ونام عنها تولى رعيها الأسد

– لا تكونن في الأمور هيوبا *** فإلى خيبة يصير الهيوب
فكل جسور للغايات مطلوب *** وهو عند بنات عمه محبوب

– على المرء أن يسعى لما فيه نفعه *** وليس عليه أن يساعده الدهر

اقوال وحكم مأثورة - المجموعة الشاملة

– وإني إذا باشرت أمرا اطلبه *** تدانت أقاصيه وهان أشده

– توكل على الرحمن في الأمر كله *** ولا ترغبن في العجز يوما عن الطلب
ألم تر أن الله قال لمريم *** وهزي إليك الجذع يساقط الرطب

– وقال الحسن لإسكافي: يا هذا اعمل وكل فإن الله يحب من يعمل ويأكل ولا يحب من يأكل ولا يعمل..

– وقال أعرابي: العاجز هو الشاب القليل الحيلة الملازم للأماني المستحيلة..

– وقال الخليل الفراهيدي:
وَعاجِزُ الرَأيِ مِضياعٌ لِفُرصَتِهِ *** حَتّى إِذا فاتَ أَمرٌ عاتَبَ القَدَرا


أقوال مأثورة عن العلم والنجاح والتقوى

– عن ابن عباس: “من أتى عليه أربعون سنة ثم لم يغلب خيره على شره فليتجهز إلى النار”..

– وقيل: عظ الناس بفعلك ولا تعظهم بقولك واستح من الله بقدر قربه منك وخفه بقدرته عليك..

– إذا ما الليل أظلم كابدوه *** فيسفر عنهم وهم ركوع
أطار الخوف نومهم فقاموا *** وأهل الأمن في الدنيا هجوع

– عن ابن عباس رضي الله عنه : من أتى عليه أربعون سنة ثم لم يغلب خيره شره فليتجهز إلى النار”..

– وقال إبراهيم الخواص: دواء القلوب خمسة أشياء: قراءة القرآن بتدبر، وخلو البطن، وقيام الليل، والتضرع عند السحور، ومجالسة الصالحين..

– وقال الفضيل: شر العلماء من يجالس الأمراء وخير الأمراء من يجالس العلماء..

– تعلم إذا ما كنت لست بعالم *** فما العلم إلا عند أهل التعلم
تعلم فإن العلم أزين للفتى *** من الحلة الحسناء عند التكلم

– وقيل لإبراهيم بن عيينة من أطول الناس ندامة فقال: أما في الدنيا فصانع المعروف إلى غير أهله وأما في الآخرة فعالم مفرط..

– وقيل أربعة يسودون العبد: العلم والأدب والصدق والأمانة..

– من أمات شهوته أحيا مروءته..

– من زادت شهوته نقصت مروءته..

– من عرف بشيء نسب إليه، ومن اعتاد على شيء حرص عليه..

– قال الشافعي:
تعصي الإله وأنت تظهر حبه *** هذا محال في القياس بديع
لو كان حبك صادقا لأطعته *** إن المحب لمن يحب مطيع
وقال:
تعصي الإله وأنت تظهر حبه *** هذا محال في القياس بديع
لو كان حبك صادقا لأطعته *** إن المحب لمن يحب مطيع

– ولقد لعبت وجد الموت في طلبي *** وإن في الموت لي شغلا عن اللعب
لو شمرت فكرتي فيما خلقت له *** ما اشتد حرصي على الدنيا ولا طلبي / أبو العتاهية

– وقال علي رضي الله عنه: لعمري ما كان قوم في خفض عيش فزال عنهم إلا بذنوب اقترفوها لأن الله تعالى ليس بظلام للعبيد..

ولما قتل مصعب بن الزبير المختار بن أبي عبيد خرج حاجاً، فقدم على أخيه عبد الله بن الزبير بمكة، ومعه وجوه أهل العراق، فقال له: يا أمير المؤمنين جئتك بوجوه أهل العراق، لم أدع لهم بها نظيراً، لتعطيهم من هذا المال؛ قال: جئتني بعبيد أهل العراق لأعطيهم مال الله! والله لا فعلت.
فلما دخلوا عليه وأخذوا مجالسهم، قال لهم: يا أهل الكوفة، وددت والله أن لي بكم من أهل الشام صرف الدينار والدرهم، بل لكل عشرة رجلاً. قال عبيد الله بن ظبيان: أتدري يا أمير المؤمنين ما مثلنا ومثلك فيما ذكرت؟ قال: وما ذلك؟
قال: فإن مثلنا ومثلك ومثل أهل الشام، كما قال أعشى بكر بن وائل:
علقتها عرضاً وعلقت رجلاً … غيري وعلق أخرى غيرها الرجل
أحببناك نحن، وأحببت أنت أهل الشام، وأحب أهل الشام عبد الملك. ثم انصرف القوم من عنده خائبين، فكاتبوا عبد الملك بن مروان وغدروا بمصعب بن الزبير.

قال الخليفة الواثق لأبي عثمان المازني: حدثني حديثاً ترويه عن أبي مهدية مستظرفاً؛ فقال: حدثني الأصمعي قال: قال لي أبو مهدية: بلغني أن الأعراب والأعزاب سواء في الهجاء؛ قلت: نعم؛ قال: فاقرأ: “الأعزاب أشد كفراً ونفاقاً” ولا تقرأ الأعراب، ولا يغرنك العزب وإن صام وصلى. فضحك الواثق حتى شغر رجله، وقال: لقد لقي أبو مهدية من العزبة شراً، وأمر له بخمسمائة دينار قال صاحب موقع سرد الثقافي: دونت هذه القصة صبيحة يوم قرأت قبله حزبا من القرآن، مع القيام في ضوء القمر، فلما انتصف الليل وقعت في ذنب سببه العزوبية! فجاء الذنب بين لحظتي صفاء: قراءة القرآن التي تبهج القلب واللسان، وقيام ليل في ضوء القمر المذكر بحلاوة الطاعة المكره في الذنوب، أسأل الله العلي العظيم أن يمن علي بالتوبة الصادقة، ويغنيني بالحلال عن الحرام، وجميع المسلمين.

قال حماد الراوية: قال لي كثير عزة ألا أخبرك عما دعاني إلى ترك الشعر؟ قلت: نعم؛ قال: شخصت أنا والأحوص ونصيب إلى عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، وكل واحد منا يدل عليه بسابقة وإخاء قديم، ونحن لا نشك أنه سيشر كنا في خلافته، فلقينا مسلمة بن عبد الملك، وهو يومئذ فتى العرب؛ فسلمنا، فرد، ثم قال: أما بلغكم أن إمامكم لا يقبل الشعر؟ قلنا ما توضح إلينا خبر حتى انتهينا إليك، ووجمنا وجمة عرف ذلك فينا؛ فقال: إن يك ذو دين بنى مروان قد ولي وخشيتم حرمانه، فإن ذا دنياها قد بقي ولكم عندي ما تحبون، وما ألبث حتى أرجع إليكم وأمنحكم ما أنتم أهله، فلما قدم كانت رحالنا عنده بأكرم منزل وأكرم منزول عليه؛ فأقمنا عنده أربعة أشهر يطلب لنا الإذن هو وغيره فلا يؤذن لنا، إلى أن قلت في جمعة من تلك الجمع: لو أني دنوت من عمر فسمعت كلامه فحفظته كان ذلك رأيا، ففعلت. فكان مما حفظت من كلامه: لكل سفر زاد لا محالة، فتزودوا لسفركم من الدنيا إلى الآخرة بالتقوى، وكونوا كمن عاين ما أعد الله له من ثوابه أو عقابه، فترغبوا وترهبوا، ولا يطولن عليكم الأمد فتقسو قلوبكم وتنقادوا لعدوكم.. أعوذ بالله أن آمركم بما أنهى عنه نفسي فتخسر صفقتي، وتظهر عيلتي، وتبدو مسكنتي، في يوم لا ينفع فيه إلا الحق والصدق. ثم بكى حتى ظننت أنه قاض نحبه، وارتج المسجد وما حوله بالبكاء، فانصرفت إلى صاحبي فقلت لهما: خذا في شرج من الشعر غير ما كنا نقول لعمر وآبائه، فإن الرجل آخري وليس بدنيوي. إلى أن استأذن لنا مسلمة في يوم جمعة ما أذن للعامة، فلما دخلت سلمت ثم قلت: يا أمير المؤمنين، طال الثواء وقلت الفائدة وتحدثت بجفائك إيانا وفود العرب؛ قال؛ يا كثير “إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل”، أفي واحد من هؤلاء أنت؟ قلت: بلى، ابن سبيل منقطع به، وأنا ضاحك؛ قال: ألست ضيف أبي سعيد؟ قلت: بلى؛ قال: ما أرى ضيف أبي سعيد منقطعاً به؛ قلت: يا أمير المؤمنين أتأذن لي في الإنشاء؟ قال: نعم، ولا تقل إلا حقاً، فقلت:
وَقَدْ لَبِسَتْ لُبْسَ الهَلُوكِ ثيابَهَا … تراءى لك الدُّنيا بكفٍّ ومعصمِ
وَتُومِضُ أحياناً بعينٍ مريضَةٍ … وتَبْسِمُ عَنْ مِثْلِ الجُمَانِ المُنظَّمِ
فأعرضتَ عنها مشمئزّاً كأنّما … سقتك مدوفاً من سمامِ وعلقمِ
إلى قوله:
فلما أتاكَ المُلْكُ عفواً ولم يَكُنْ … لطالبِ دُنيا بعْدهُ مِن تَكَلُّمِ
تركتَ الذي يفنى وإنْ كانَ مونقاً … وآثرْتَ ما يَبْقَى برأيٍ مُصَمِّمِ
وقوله:
ولو يستطيعُ المسلمونَ تقسَّموا … لكَ الشَّطْرَ من أعمارِهِمْ غيرَ
فعشتَ به ما حجَّ للهِ راكبٌ … مُغذٌّ مطيفٌ بالمقامِ وزمزمِ
فأربحْ بها من صفقة ٍ لمبايعٍ … وأعظمْ بها أعظمْ بها ثمَّ أعظِمِ

ولما ولي الحجاج بن يوسف الحرمين بعد قتله ابن الزبير استخلص إبراهيم بن محمد بن طلحة فقربه وعظم منزلته، فلم تزل حاله عنده حتى خرج إلى عبد الملك بن مروان، فخرج معه معادلاً، لا يقصر له في بر ولا إعظام، حتى حضر به عبد الملك، فلما دخل عليه لم يبدأ بشيء بعد السلام إلا أن قال له: قدمت عليك أمير المؤمنين برجل الحجاز، لم أدع له بها نظيراً في الفضل والأدب والمروءة وحسن المذهب، مع قرابة الرحم ووجوب الحق وعظم قد الأبوة وما بلوت منه في الطاعة والنصيحة وحسن الموازرة، وهو إبراهيم بن محمد بن طلحة، وقد أحضرته بابك ليسهل عليه إذنك، وتعرف له ما عرفتك؛ فقال: أذكرتنا رحماً قريبة وحقاً واجباً، يا غلام، ائذن لإبراهيم بن محمد بن طلحة، فلما دخل عليه أدناه عبد الملك حتى أجلسه على فراشه، ثم قال له: يا بن طلحة، إن أبا محمد ذكرنا ما لم نزل نعرفك به في الفضل والأدب والمروءة وحسن المذهب، مع قرابة الرحم ووجوب الحق وعظم قدر الأبوة، وما بلاه منك في الطاعة والنصيحة وحسن الوازرة، فلا تدعن حاجة عن خاصة نفسك وعامتك إلا ذكرتها؛ فقال: يا أمير المؤمنين، إن أول الحوائج وأحق ما قدم بين يدي الأمور ما كان لله فيه رضا، ولحق نبيه صلى الله عليه وسلم أداء، ولك فيه ولجماعة المسلمين نصيحة، وعندي نصيحة لا أجد بداً من ذكرها، ولا أقدر على ذلك إلا وأنا خال، فأخلني يا أمير المؤمنين ترد عليك نصيحتي؛ قال: دون أبي محمد؟ (يعني الحجاج)، قال: نعم، دون أبي محمد. قال عبد الملك للحجاج: قم. فلما خطرف الستر أقبل علي، فقال: يا بن طلحة، قل نصيحتك؛ فقال: تالله يا أمير المؤمنين لقد عمدتَ إلى الحجاج في تغطرسه وتعجرفه وبعده من الحق وقربه من الباطل، فوليته الحرمين، وهما ما هما، وبهما ما بهما من المهاجرين والأنصار والموالي الأخيار، يطؤهم بطغام أهل الشام ورعاع لا روية لهم في إقامة حق ولا في إزاحة باطل، ويسومهم الخسف ويحكم فيهم بغير السنة، بعد الذي كان من سفك دمائهم وما انتهك من حرمهم، ثم ظننت أن ذلك فيما بينك وبين الله زاهق، وفيما بينك وبين نبيك غداً إذا جاثاك للخصومة بين يدي الله في أمته، أما والله لا تنجو هنالك إلا بحجة، فاربع على نفسك أو دع. فقال له عبد الملك: كذبت ومنت وظن بك الحجاج ما لم يجده فيك، وقد يُظن الخير بغير أهله، قم فأنت الكاذب المائن. قال: فقمت وما أعرف طريقاً، فلما خطرف الستر لحقني لاحق، فقال: احبسوا هذا، وقال للحجاج: ادخل، فدخل، فمكث ملياً من النهار لا أشك أنهما في أمري، ثم خرج الآذِن، فقال: ادخل يا بن طلحة، فلما كشف لي الستر لقيني الحجاج، وهو خارج وأنا داخل، فاعتنقني وقبل ما بين عيني، وقال: أما إذا جزى الله المتواخيين خيراً تواصلهم فجزاك الله عني أفضل الجزاء، فوالله لئن سلمت لك لأرفعن ناظرك ولأعلين كعبك ولأتبعن الرجال غبار قدميك؛ قال: قلت: يهزأ بي وحق الكعبة. فلما وصلت إلى عبد الملك أدناني حتى أدناني عن مجلسي الأول، ثم قال: يا بن طلحة، لعل أحداً شاركك في نصيحتك هذه؟ قلت: والله يا أمير المؤمنين ما أعلم أحداً أنصع عندي يداً ولا أعظم معروفاً من الحجاج، ولو كنت محابياً أحداً لغرض دنيا لحابيته، ولكني آثرت الله ورسوله وآثرتك والمؤمنين عليه؛ قال: قد علمت أنك لم ترد الدنيا، ولو أردتها لكانت لك في الحجاج، ولكن أردت الله والدار الآخرة، وقد عزلته عن الحرمين لِما كرهتَ من ولايتِه عليهما، وأعلمته أنك استنزلتني له عنهما استقلالاً لهما، ووليته العراقين، وما هنالك من الأمور التي لا يدحضها إلا مثله، وأعلمته أنك استدعيتني إلى ولايته عليهما استزادة له، لألزمه بذلك من حقك ما يؤدي إليك عني أجر نصيحتك، فاخرج معه فإنك غير ذام لصحبته. فخرجت مع الحجاج وأكرمني أضعاف إكرامه.

قال ابن الكلبى: لما استخلف عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وفدت إليه الشعراء كما كانت تفد إلى الخلفاء قبله، فأقاموا ببابه أياماً لا يأذن لهم بالدخول، حتى قدم عون بن عبد الله، وعليه عمامة قد أرخى طرفيها، وكانت له منه مكانة، فصاح به جرير:
يا أيها الرجل المرخي عمامته … هذا زمانك إني قد مضى زمني
أبلغ خليفتنا إن كنت لاقيه … أني لدى الباب كالمصفود في قرن
وحش المكانة من أهلي ومن ولدي … نائي المحلة عن داري وعن وطني
قال: نعم أبا حزرة ونعمى عين. فلما دخل على عمر، قال: يا أمير المؤمنين، إن الشعراء ببابك، وأقوالهم باقية وسنانهم مسنونة؛ قال: يا عون: مالي وللشعراء؛ قال: يا أمير المؤمنين، إن النبي صلى الله عليه وسلم: قد مُدح وأعطى، وفيه أسوة لكل مسلم؛ قال: ومن مدحه؟ قلت: عباس بن مرداس (أمه الخنساء الشاعرة)، فكساه حلة قطع بها لسانه؛ قال: وتروي قوله؟ قلت: نعم:
رَأَيتُكَ يا خَيرَ البَرِيَّةِ كُلِّها … نَشَرتَ كِتاباً جاءَ بِالحَقِّ مُعلِما
وَنَوَّرتَ بِالبُرهانِ أَمراً مُدَمَّساً … وَأَطفَأتَ بِالبُرهانِ ناراً مُضَرَّما
فَمَن مُبلِغٌ عَنّي النَبيَّ مُحَمَّداً … وَكُلُّ اِمريءٍ يُجزى بِما قَد تَكَلَّما
تَعالى عُلُوّاً فَوقَ عَرشِ إِلَهِنا … وَكانَ مَكانُ اللَهِ أَعلى وَأَعظَما
قال: صدقت، فمن بالباب منهم؟ قلت: ابن عمك عمر بن أبي ربيعة؛ قال: لا قرب الله قرابته ولا حيا وجهه، أليس هو القائل:
ألا ليت أني يوم حانت منيتي … شممت الذي ما بين عينيك والفم
وليت طهوري كان ريقك كله … وليت حنوطي من مشاشك والدم
ويا ليت سلمى في القبر ضجيعتي … هنالك أو في جنة أو جهنم
فليته والله تمنى لقاءها في الدنيا، ويعمل عملاً صالحاً. والله لا دخل علي أبداً؛ فمن بالباب غير من ذكرت؟ قلت: جميل بن معمر العذري؛ قال: هو الذي يقول:
ألا ليتنا نحيا جميعاً وإن نمت … يوافي لدى الموتى ضريحي ضريحها
فما أنا في طول الحياة براغب … إذا قيل قد سوي عليها صفيحها
أظل نهاري لا أراها ويلتقي … مع الليل روحي في المنام وروحها
اعزب به، فو الله لا دخل علي أبداً، فمن غير من ذكرت؟ قلت: كثير عزة؛ قال: هو الذي قال:
رهبان مدين والذين عهدتهم … يبكون من حذر العذاب قعودا
لو يسمعون كما سمعت حديثها … خروا لعزة راكعين سجودا
أبعده الله ، فو الله لا يدخل علي ابدا . فمن بالباب غيره ممن ذكرت ؟ قال : الأحوص الأنصاري . قال : أبعده الله ، والله لا يدخل علي ابدا ، أليس هو القائل ، وقد افسد على رجل من المدينة جاريته حتى هرب منه :
الله بيني وبين سيدها … يفر بها مني و اتبعها
فمن بالباب غيره ممن ذكرت ؟ قال : همام بن غالب ، الفرزدق . قال : أليس هو القائل يفخر بالزنا :
هما دلتاني من ثمانين قامة … كما انقض باز ليّن الريش كاسره
فلما استوت رجلاي في الأرض قالتا … أحيٌّ فيرجى أم قتيل نحاذره
فقلت ارفعوا الأجراس لا يفطنوا بنا … ووليت في أعقاب ليل أبادره
والله لا دخل علي ابدا . قال : فمن بالباب غيره ممن ذكرت ؟ قال : الأخطل التغلبي . قال : أليس هو القائل :
و لست بصائم رمضان يوما … و لست بآكل لحم الأضاحي
و لست بزاجر عيسا بكورا … الى أطلال مكة بالنجاح
و لست بقائم كالعير ادعو … صلاة الصبح حي على الفلاح
و لكني سأشربها شمولا … و أسجد عند منبلج الصباح
أبعده الله عني ، فوالله لا دخل علي ابدا ، و لا وطئ لي بساطا . فمن بالباب غيره من الشعراء ممن ذكرت ؟ قلت: جرير بن الخطفي؛ قال: أليس هو القائل:
لولا مراقبة العيون أريتنا … مقل المها وسوالف الآرام
هل ينهينك أن قتلن مرقشا … أو ما فعلن بعروة بن حزام
ذم المنازل بعد منزلة اللوى … والعيش بعد أولئك الأقوام
طرقتك صائدة القلوب و ليس ذا … وقت الزيارة فارجعي بسلام
فان كان و لا بد ، فهذا . فدخل جرير وهو يقول :
إن الذي بعث النبي محمداً … جعل الخلافة في إمام عادل
وسع الخلائق عدله ووفاؤه … حتى أرعوى وأقام ميل المائل
والله أنزل في القرآن فريضة … لابن السبيل وللفقير العائل
إني لأرجو منك خيراً عاجلاً … والنفس مولعة بحب العاجل
فلما مثل بين يديه، قال: اتق الله يا جرير، ولا تقل إلا حقاً؛ فأنشأ يقول:
كم باليمامة من شعثاء أرملة … ومن يتيم ضعيف الصوت والنظر
ممن يعدُك تكفي فقد والدهِ … كالفرخ في العش لم ينهض ولم يطر
يدعوك دعوة ملهوف كأن به … خبلا من الجن أو مسا من البشر
إلى قوله:
إنا لنرجو إذا ما الغيث أخلفنا … من الخليفة ما نرجو من المطر
نال الخلافة إذ كانت له قدراً … كما أتى ربه موسى على قدر
هذي الأرامل قد قضيت حاجتها … فمن لحاجة هذا الأرمل الذكر
فقال: يا جرير، والله لقد وليت هذا الأمر، وما أملك إلا ثلثمائة، فمائة أخذها عبد الله، ومائة أخذتها أم عبد الله، يا غلام، أعطه المائة الباقية؛ فقال: والله يا أمير المؤمنين إنها لأحب مال إلي كسبته، ثم خرج؛ فقالوا له: ما وراءك؟ قال: ما يسوؤكم، خرجت من عند أمير المؤمنين يعطى الفقراء ويمنع الشعراء، وإني عنه لراض، ثم أنشأ يقول:
رأيت رقى الشيطان لا تستفزه … وقد كان شيطاني من الجن راقياً

اقوال وحكم مأثورة - المجموعة الشاملة

– وأمر مصعب بن الزبير برجل من أصحاب المختار أن يضرب عنقه؛ فقال: أيها الأمير، ما أقبح بك أن أقوم يوم القيامة إلى صورتك هذه الحسنة ووجهك هذا الذي يستضاء به، فأتعلق بأطرافك، وأقول: أي رب، سل هذا فيم قتلني؛ قال: أطلقوه فإني جاعل ما وهبت له من حياته في خفض، أعطوه مائة ألف؛ قال الأسير: بأبي أنت وأمي. أشهد أن لابن قيس الرقيات منها خمسين ألفاً؛ قال: ولم؟ قال: لقوله:
إنما مصعب شهاب من الله … تجلت عن وجهه الظلماء
ملكه ملك عزة ليس فيه … جبروت منه ولا كبرياء
يتقي الله في الأمور وقد أف … لح من كان همه الاتقاء

– وقال الشيخ سيدي محمد ولد الشيخ سيديّ في نصح للموريتانيين بالجهاد ضد المستعمر الفرنسي:
وَرَبِّي شَاهِدٌ وَكَفَى شَهِيدًا… بِهِ أَنِّي دَعَوْتُكُمُ جِهَارَا
وَكَمْ مِن نَّاصِحٍ قَبْلِي دَعَاكُمْ.. .جِهَارًا بَعْدَمَا يَدْعُو سِرَارَا
وَكُلٌّ حِينَ يَدْعُو لَم يَزِدْكُمْ … دَوَامُ دُعَائِهِ إلَّا فِرَارَا
فَرَبِّ اغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِينَا… وَمَن جَعَلُوا هُدَاكَ لَهُمْ مَنَارَا

– لعمرك ما أهويْتُ كفي لريبة … ولا حملتني نحو فاحشة رجلي / معن ابن اوس
ولست بماش ما حييت لمنكر … من الأمر ما يَمشي إلى مِثلهِ مِثلي


في حسن التصرف وكرامة النفس

– قال سَحْبان وائل: العَقْل بالتَّجارب، لأنَّ عَقْل الغَرِيزة سُلَّمٌ إلى عَقْل التجربة. ولذلك قال عليُّ بن أبي طالب رِضْوانُ الله عليه: رأي الشيخ خير من مَشْهد الغُلام.

– وعلى العاقل أنْ يكون عالماً بأهل زمانه مالِكاً للسانه مُقْبِلاً على شأنه.

– وقال الحسن البَصْريّ: لسانُ العاقل من وَراء قَلْبه، فإذا أراد الكلامَ تفكّر، فإن كان له قال، وإن كان عليه سكت. وقلب الأحمق من وراء لسانه فإذا أراد أن يقول قال، فإنَّ كان له سَكَت، وإن كان عليه قال.

– وسئِل المُغيرة بن شعْبة عن عُمَر بن الخطاب رضوان الله عليه فقال: كان واللّه أفضلَ من أن يَخدع، وأعقلَ من أن يُخدع، وهو القائل: لستُ بِخَبٍّ والِخَبُّ لا يَخدعني.

– وقيل لعَمْرو بن العاص: ما العَقْل؟ فقال: الإصابةُ بالظَّن، ومَعْرفة ما يكون بما قد كان. وقال عمرُ بن الخطّاب رضي الله عنه: مَنْ لم يَنْفعه ظنّه لم ينفعه يَقِينه.

– وقالوا: ظنُّ العاقل كهانة.

– وقال الأصمعيُ: ما سَمِعتً الحسن بنَ سهل مُذْ صار في مَرْتبة الوزارة يتَمثّل إلاّ بهذين البيتين:
وما بَقيتْ من اللَّذّات إلا … مًحادثةُ الرِّجال ذوي العُقول
وقد كَانوا إذا ذُكِرُوا قليلاً … فقد صارُوا أقلَّ من القَلِيل

– وقال الحسنُ البَصْريّ: لو كان للناس كلِّهم عُقول خَرِبت الدنيا.

– وقال الأحْنف بن قيْس؛ أنا للعاقل المدبر أرْجى منِّي للأحْمق المقبل.

– ومكتوب في الْحِكمة: إنَّ العاقلَ لا يغترَّْ بمودَّة الكَذوب ولا يثِق بنَصيحته.

– ويُقال: من عَير الناسَ الشيءَ ورَضِيه لنفْسه فذاك الأحْمق نفسُه.

– وكان يقال: العاقلٍ دائمُ المودَة، والأحمق سَريع القطِيعة.

– وكان يقال: صَديق كل امرئ عقله وعدوُه جَهْله.

– وقيل: ما شيء بأحسنَ من عَقْل زانه حِلْم، وحِلْم زانه عِلم، وعِلم زانه صِدْق، وصِدْق زانه عَمَل، وعَمَل زانه رِفْق.

– وكان عمر بن الخطّاب رضىِ الله عنه يقول: ليس العاقلُ من عَرف الخير من الشر، بل العاقلُ مَن عرف خَير الشرّين.

– وقيل: عدوٌ عاقل أحب إلي من صديقٍ جاهل.

– وكان يقال: الزم ذا العقل وذا الكرم واسترسل إليه، وإياك وفراقه إذا كان كريماً، ولا عليك أن تصحب العاقل وإن كان غير محمود الكرم، لكن احترس من شين أخلاقه وانتفع بعقله، ولا تدع مواصلة الكريم وإن لم تحمد عقله، وانتفع بكرمه، وانفعه بعقلك، وفر الفرار كله من الأحمق اللئيم.

– وكان يقال: قطيعة الأحمق مثل صلة العاقل.

– وقال بزرجمهر: لا ينبغي للعاقل أن ينزل بلداً ليس فيه خمسة: سلطان قاهر، وقاضٍ عدل، وسوق قائمة، ونهرٍ جارٍ، وطبيب عالم.

– وسُئل أعرابي: أيُّ الأشياء أدلُّ على عَقل العاقل؟ قال: حُسن التَّدْبير. وسُئل: أي مَنافع العقل أعظم؟ قال: اجتنابُ الذّنوب. سُئل أعرابيّ عن العقل متى يُعرف؟ قال: إذا نَهاك عقلُك عمّا لا يَنْبغي فأنت عاقل.

– وقال النبي صلى الله عليه وسلم: العَقْل نُور في القْلب نُفرِّق به بين الحقّ والباطل، وبالعَقْل عُرِف الْحَلال والْحَرام، وعُرِفَت شَرائع الإسلام ومَواقع الأحكام، وجَعَله الله نُوراً في قُلوب عِبَاده يَهْديهم إلى هُدًى ويَصُدُّهم عن رَدى. وقال صلى الله عليه وسلم: قِوَام المَرْء عَقْلُه، ولا دينَ لمن لا عَقْل له.

– ومِن جَلالة قَدْر العَقْل أنَّ اللهّ تعالى لم يُخاطب إلا ذَوي العُقول فقال عزَّ وجلّ: “إنما يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَاب”. وقال: “لِتُنْذِرَ مَنْ كَانَ حَيًّا”، أي عاقلا، وقال: “إِنّ في ذَلِكَ لَذِكْرَى لمَنْ كَانَ لهُ قَلب”، أي عَقل.

– ويُقال: العَقْلُ إدْراك الأشياء على حَقائقها، فَمَن أدرَك شيئاً على حقيقته فقد كَمُل عَقْله.

– ولبعضهم:
إذا لم يَكُنْ لِلْمَرْءِ عَقْلٌ فإنَّه … وإن كان ذا نُبْلٍ على النَّاس هَين
وإن كان ذا عقْل أُجِلَّ لعَقْله … وأَفضلُ عَقْل عقْلُ مَنْ يتَدَيَّن

– ولمحمد بن الْحَسن بن دُريد:
وآفةُ العقل الهَوَى فمنْ عَلا … على هَوَاهُ عقلُه فَقد نَجَا

– وقال مَسْلمة بن عبد الملك: ما قرأتُ كتاباً قطُّ لأحد إلا عرفتُ عقله منه. وقال يحيى بن خالد: ثلاثةُ أشياء تدلُّ على عُقول أرْبابها: الكتاب يدُل على عقل كاتبه، والرسولُ يَدُل على عقل مُرْسِله، والهديَّةُ تدل على عقل مُهديها.

– وكان يُقال: بالعقل تُنَال لذَّة الدنيا، لأنّ العاقل لا يَسْعَى إلا في ثلاث: مَزِية لمَعاش، أو مَنْفعة لمَعاد، أو لذة في غير مُحرم.

– قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما أخلصَ عبدٌ العملَ لله أربعين يوماً إلا ظهرت يَنابيعُ الحِكْمة من قَلْبه على لسانه.
وقال عليه الصلاةُ والسلام: الحِكْمة ضالّة المُؤْمن يأخذها ممَن سَمِعها ولا يبالي من أيَ وعاء خَرجت.
وقال عليه الصلاةُ والسلام: لا تَضَعوا الحِكْمة عِنْدَ غير أهلها فتَظلِمُوها، ولا تَمْنعوها أهلَها فَتَظْلِمُوهم.

– وقال زياد: أيها الناس لا يَمْنعكم سوءُ ما تَعْلمون منَّا أن تنَتفعوا بأحْسَنِ ما تسمعون منّا، فإِنَّ الشاعر يقول:
اعْمَل بعِلْمي وإن قَصَّرْتُ في عَمَلي … يَنْفَعْك قولِي ولا يَضْرُرْكَ تَقْصِيرِي

– وقال عامر لحُممة: أين تُحِب أن تكون أياديك؟ قال: عند ذي الرَّثْية العَدِيم (وجع المفاصل واليدين والرجلين “الروماتزم”)، وعند ذي الخلّة الكَريم (الخلة الحاجة)، والمُعْسِر الغَريم، والمُسْتَضْعف الهضِيم. قال: مَن أحقُّ الناس بالمقْت؟ قال: الفَقِير المُختال، والضعيف الصوال، والعَييّ القوّال، قال: فمَن أَحق الناس بالمنّع؟ قال: الحَرِيص الكاند (الذي يكفر النعمة، والكنود الكفور)، والمُستميد الحاسد (المستميد والمستمير: المستعطى)، والمُلْحِف الواجِد. قال: فمن أجدرُ الناس بالصَنيعة؟ قال: من إذا أُعطي شَكر، وإذا مُنِع عَذر، وإذا مُطِل صَبر، وإذا قَدُم العهدُ ذكَر. قال: من أكرمُ الناس عِشْرة؟ قال: من إذا قَرُب مَنَح، وإذا بَعُد مدح، وإذا ظُلم صَفَح، وإذا ضُويق سَمح. قال: مَن ألأم الناس؟ قال: مَن إذَا سأل خَضع، وإذا سُئل مَنع، وإذا مَلك كَنَع (كَنع: تَقَبَّض، يقال: كَنًع جِلْدُه، إذا تَقَبَّض، يريد أنه مُمْسك بخَيل)، ظاهِره جَشع (الجَشَع: أسوأ الحِرْص)، وباطنه طَبع (الطَّبع الدَنس). قال: فمن أحْلم الناس؟ قال: من عَفا إذا قَدَر، وأجملَ إذا انتصر، ولم تُطْغِه عِزَّة الظَّفر. قال: فمن أحزمُ الناس؟ قال: مَن أَخذ رقابَ الأمور بيدَيه، وجَعل العواقبَ نُصْب عَيْنَيه، ونَبذ التهيب دَبْر أُذنيه. قال: فمن أَخرقُ الناس؟ قال: مَن رَكِب الْخِطار، واعتَسف العِثَار، وأَسرعَ في البِدَار قبلَ الاقتِدار (الاعتساف: رُكوب الطريق على غير هِداية، وركوبُ الأمر على غير مَعرفة). قال: مَن أَجوَدُ الناس؟ قال: مَن بذل المجهود، ولم يأس على المعهود. قال: من أنعم الناس عَيشاً؟ قال: من تحلَّى بالعَفاف، ورَضي بالكَفاف، وتجاوز ما يَخاف إلى ما لا يَخاف. قال: فمن أشقى الناس؟ قال: من حسد على النِّعم، وسَخِط على القِسَم، واستَشعر النَّدَم على فوْت ما لم يُحتم. قال: من أغنى الناس؟ قال: من استَشعر اليأس، وأظْهر التَّجمُّل للناس، واستكثر قليلَ النِّعم، ولمِ يَسْخط على القِسَم. قال: فمن أحكم الناس؟ قال: من صَمت فادًكر، ونَظر فاعتبر، وَوُعِظ فازْدَجر. قال: مَن أَجْهل الناس؟ قال: من رأى الخُرْق مَغْنما، والتَّجاوزَ مَغْرما.

– وقال عمرو بن العاص: ثلاثٌ لا أناة فيهنّ: المُبادرة بالعَمل الصالح، ودَفْن الميِّت، وتَزْويج الكُفْء.

– وقالوا: ثلاثة لا بقاء لها: ظِلُّ الغَمام، وصُحْبة الأشرْار، والثًناء الكاذب.

– وقالوا ثلاثة لا تًعرف إلا عند ثلاثة ذو البَأس لا يُعرف إلاّ عند اللقاء، وذو الأمانة لا يُعرف إلا عند الأخذ والعَطاء. والإخوان لا يُعرفون إلا عند النَّوائب.

– وقالوا: مَن طلب ثلاثة لم يَسْلم من ثلاثة: مَن طلب المالَ بالكيمياء لم يسلم من الإفلاس، ومَن طلب الدِّين بالفَلْسفة لم يَسلم من الزًندقة، ومَن طلب الفِقه بغرائب الحديث لم يَسلم من الكَذِب.

– وقالوا: عليكم بثلاث: جالِسوا الكبراء، وخالطوا الحكماء، وسائلوا العُلماء.

– وقال عمرُ بن الخطّاب رضوان الله عليه: أخوفُ ما أخاف عليكم شُحٌّ مُطاع، وهَوًى مُتَّبع، وإعجاب المرء بنفسه.

– واجتمعت عُلماء العَرب والعجم على أربع كلمات: لا تحمل على ظَنِّك ما لا تُطيق، ولا تَعْمل عملاً لا يَنْفعك، ولا تَغْترّ بامرأة، ولا تَثِق بمال وإن كثر.

– ولما قَتَل كِسْري بُزُرْجمهرَ وجد في مِنْطقتِهِ مكْتوباً: إذا كان الغدرْ في الناس طِبَاعاً فالثقة بالناس عَجْز، وإذا كان القَدَر حقَّاً فالْحِرْص باطل، وإذا كان المَوْت راصداً فالطمأنينة حُمق.

– وقالوا: إحسان المُسيء أن يَكُفَّ عنك أذاه، وإساءةُ المُحسن أن يَمْنعك جَدْواه.

– قال المنصور لولده: لا تقل في غير تفكير ولا تعمل بغير تدبير..
– سبعة ينبغي للعاقل أن لا يشاورهم: جاهل لأنه يضل، وعدو لأنه يرد الهلاك وحسود لأنه يتمنى زوال النعمة والمرائي لأنه واقف مع رضا الناس وجبان لأن من رأيه الهرب وبخيل لأنه حريص على جمع المال فلا رأي له في غيره وذو هوى لأنه أسير هواه فلا يقدر على مخالفته..

– الحيلة من فوائد الآراء المحكمة وهي مستحسنة ما لم يستبح بها محظور.. ولما أراد عمر قتل الهرمزان بعد فتح القادسية استسقى ماء فاتوه بقدح فيه ماء فامسكه في يده فأضطرب فقال له عمر: لا بأس عليك حتى تشربه، فألقى القدح من يده، فأمر عمر بقتله فقال أو لم تؤمني قال كيف؟ قال قلت لا بأس عليك حتى تشربه وهو أمان، ولم أشربه، فقال عمر قاتلك الله أخذت مني أمانا ولم أشعر..

– وجاء رجل سرق إوزه إلى سليمان عليه السلام فنادى الصلاة جامعة ثم خطبهم وقال إن أحدكم ليسرق إوز جاره ثم يدخل المسجد والريش على رأسه فمسح الرجل رأسه فقال: خذوه فهو صاحبكم.

– صاحب العجلة يقول قبل أن يعلم ويجيب قبل أن يفهم ويعزم قبل أن يفكر ويحمد قبل أن يجرب..

– يستدل على عقل الرجل بميله إلى محاسن الأخلاق وإعراضه عن رذائل الأعمال ورغبته في إسداء صنائع المعروف وتجنبه ما يكسبه عارا ويورثه سوء السمعة..

– وقالوا لعلي صف لنا لعاقل؟ قال الذي يضع الشيء في مواضعه، قالوا فصف لنا الجاهل؟ قال قد فعلت..

– أربعة تحتاج إلى أربعة: الحسب إلى الأدب والسرور إلى الأمن والقرابة إلى المودة والعقل إلى التجربة..

– الحمق غريزة لا تنفع فيها الحيلة وهو داء دواءه الموت..
لكل داء دواء يستطب به *** إلا الحماقة أعيت من يداويها

– ومن صفات الأحمق: ترك النظر في العواقب وثقته في من لا يعرف والعجب وكثرة الكلام وسرعة الجواب وكثرة الإلتفات والخلو من العلم والعجلة والخفة والسفه والظلم والغفلة والسهو والخيلاء، إن استغنى تبطر وإن افتقر قنط وإن قال أفحش وإن سئل بخل وإن قال لم يحسن وإن قيل له لم يفقه وإن ضحك قهقه وإن بكى صرخ، والسكوت عن الأحمق جوابه..

– يا أيها الرجل المعلم غيره *** هلا لنفسك كان ذا التعليم

– جهلت ولا تدري بأنك جاهل *** ومن لي بأن تدري بأنك لا تدري

– إياك وفضول الكلام فإنه يظهر من عيوبك ما بطن ويحرك من عدوك ما سكن..

– فإياك إياك والمزاح فإنه *** يجرئ عليك الطفل والرجل النذلا
ويذهب ما الوجه بعد بهائه *** ويورث بعد العز صاحبه ذلا

– قال الأحنف: كثرة الضحك تذهب الهيبة وكثرة المزاح تذهب المروءة ومن لزم شيء عرف به.

– من قرب السفلة وأطرح ذوي الأحساب والمروءات استحق الخذلان..

– من ساء خلقه ضاق رزقه..

– القليل مع التدبير أبقى من الكثير مع التبذير..

– ظن العاقل أصح من يقين الجاهل..

– الحازم من حفظ ما في يده لم يؤخر عمل يومه إلى غده..

– لا تفتح بابا يعييك سده ولا ترم سهما يعجزك رده..

– حق يضر خير من باطل يسر..

– كل الناس راض عن عقله..

– سل عن الرفيق قبل الطريق وعن الجار قبل الدار..

– إن لم يكن وفاق ففراق..

– استراح من لا عقل له..

– كثرة العتاب توجب البغضاء..

– اجلس حيث يؤخذ بيدك وتبر ولا تجلس حيث يؤخذ برجلك وتجر..

– وإذا غلا شيء علي تركته *** فيكون أرخص ما يكون إذا غلا

– ولا ترين الناس إلا تجملا *** وإن كنت صفر الكف والبطن طاويا

– وتجلدي للشامتين أريهم *** أني لريب الدهر لا أتضعضع
وإذا المنية أنشبت أظافرها *** ألفيت كل تميمة لا تنفع

– لا يصبر الحر تحت ضيم *** وإنما يصبر الحمار

– لا يسكن المرء في أرض يهان بها *** إلا من العجز ومن قلة الحيل

– ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم *** بهن فلول من قراع الكتائب

– لم أر شيئا حاضرا نفعه *** للمرء كالدرهم والسيف
يقضي له الدرهم حاجاته *** والسيف يحميه من الحيف (الظلم) / ابن الرومي

– لا تكن أول مشير وإياك والرأي الخطير..

– ما كل ذي نصح بمؤتيك نصحه *** وما كل مؤت نصحه بلبيب
ولكن إذا ما استجمعا عند واحد *** فحق له من طاعة بنصيب / الدؤلي

– وقال علي رضي الله عنه: إذا تم العقل نقص الكلام..

– وقيل: الكلمة أسيرة في وثاق الرجل فإذا تكلم بها صار في وثاقها..

– وقال الحسن: ستر ما عاينت أحسن من إشاعة ما ظننت..

اقوال وحكم مأثورة - المجموعة الشاملة

– وقال عبد الرحمن بن عوف: من سمع بفاحشة فأفشاها كان كالذي أتاها..

– وقال معاوية الضرير : في خصلتان ما يسرني رد بصري بهما: قلة الإعجاب بنفسي وخلو قلبي من إجتماع الناس إلي..

– وإذا غلا شيء عليّ تركته *** فيكون أرخص ما يكون إذا غلا

– ولست بمبد للرجال سرائري *** ولا أنا عن سرائرهم بسئوول

– إذا قلت في شيء نعم فأتمه *** فإن نعم دين على الحر واجب
وإلا فقل لا تسترح وترح بها *** لئلا يقول الناس كذاب

– إذا المرء أفشى سره بلسانه *** ولام عليه غيره فهو أحمق
إذا ضاق صدر المرء عن سره *** فصدر الذي يستودع السر أضيق

– وقيل: الطمأنينة إلى كل احد قبل الإختبار حمق..

– وكان الحجاج يستثقل زياد بن عمرو العكلي فلما قدم على عبد الملك بن مروان قال: يا أمير المؤمنين إن الحجاج سيفك الذي لا ينبو وسهمك الذي لا يطيش وخادمك الذي لا تأخذه فيك لومة لائم، فلم يكن بعد ذلك أحد على قلب الحجاج أخف منه..

– وما المرء إلا حيث يجعل نفسه *** ففي صالح الأعمال نفسك فأجعل

– ولما نصب معاوية رضي الله عنه ابنه يزيد لولاية العهد أقعده في قبة حمراء، وجعل الناس يسلمون على معاوية ثم يسلمون على يزيد، حتى جاء رجل ففعل ذلك ثم رجع إلى معاوية فقال: يا أمير المؤمنين اعلم أنك لو لم تول هذا أمور المسلمين لأضعتها، والأحنف ساكت، فقال معاوية: مالك لا تقول يا أبا بحر، فقال: أخاف الله تعالى إن كذبت وأخافكم إن صدقت، فقال: جزاك الله خيرا عما تقول، ثم أمر له بألوف.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “من أعطى حظه من الرفق فقد أعطى حظه من الخير كله، ومن حرم حظه من الرفق حرم حظه من الخير كله”.

قالت الحكماء: صدرك أوسع لسرك من صدر غيرك. وقالت الحكماء: ما كنت كاتمه من عدوك فلا تطلع عليه صديقك.
وقال الوليد بن عتبة لأبيه: إن أمير المؤمنين أسر إلي حديثاً ولا أراه يطوي عنك، أفلا أحدثك به؟ قال: لا يا بني، إنه من كتم سره كان الخيار له، ومن أفشاه كان الخيار عليه، فلا تكن مملوكاً بعد أن كنت مالكاً.

وقالوا: من أدمن قرع الباب يوشك أن يفتح له.
قال الشاعر:
إن الأمور إذا انسدت مسالكها … فالصبر يفتق منها كل ما ارتتجا
لا تيأسن وإن طالت مطالبة … إذ تضايق أمر أن ترى فرجا
أخلق بذي الصبر أن يحظى بحاجته … ومدمن القرع للأبواب أن يلجا

ونظر رجل إلى روح بن حاتم واقفاً في الشمس عند باب المنصور؛ فقال له: قد طال وقوفك في الشمس، فقال: ليطول وقوفي في الظل.

ونظر آخر إلى الحسن بن عبد الحميد يزاحم الناس على باب محمد بن سليمان فقال له: أمثلك يرضى بهذا؟ فقال:
أهين لهم نفسي لأكرمها بهم … ولا يكرم النفس الذي لا يهينها

وقال بعض الحكماء: انتهز الفرصة، فإنها خلسة؛ وثب عند رأس الأمر، ولا تثب عند ذنبه. وإياك والعجز، فإنه أذل مركب؛ والشفيع المهين، فإنه والله أضعف وسيلة.

وقيل: صالح سعيد بن العاص حصناً من حصون فارس على أن لا يقتل منهم رجلاً واحداً، فقتلهم كلهم إلا رجلاً واحداً.

قال ابن الكلبي: لما فتح عمرو بن العاص قيسارية سار حتى نزل غزة، فبعث إليه علجها: أن أبعث إلي رجلاً من أصحابك أكلمه. ففكر عمرو وقال: ما لهذا أحد غيري. قال: فخرج حتى دخل على العلج فكلمه، فسمع كلاماً لم يسمع قط مثله. فقال العلج: حدثني: هل في أصحابك أحد مثلك؟ قال: لا تسأل عن هذا، إني هين عليهم إذ بعثوا بي إليك وعرضوني لما عرضوني له، ولا يدرون ما تصنع بي؟ قال: فأمر له بجائزة وكسوة، وبعث إلى البواب: إذ مر بك فاضرب عنقه وخذ ما معه. فخرج من عنده فمر من رجل من نصارى غسان فعرفه فقال: يا عمرو قد أحسنت الدخول فأحسن الخروج، ففطن عمرو لما أراده، فرجع. فقال له الملك: ما ردك إلينا؟ قال: نظرت فيما أعطيتني فلم أجد ذلك يسع بني عمي، فأردت أن آتيك بعشرة منهم تعطيهم هذه العطية، فيكون معروفك عند عشرة خيراً من أن يكون عند واحد. فقال: صدقت، أعجل بهم، وبعث إلى البواب أن خل سبيله. فخرج عمرو وهو يلتفت حتى إذا أمن، قال: لا عدت لمثلها أبداً. فلما صالحه عمرو ودخل عليه العلج، قال له: أنت هو! قال: نعم، على ما كان من غدرك.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا غزا أخذ طريقاً وهو يريد أخرى، ويقول: الحرب خدعة.

ووفد حاجب بن زرارة على كسرى لما منع تميماً من ريف العراق، فاستأذن عليه، فأوصل إليه، فسُئل: أسيد العرب أنت؟ قال: لا؛ قال: فسيد مضر؛ قال: لا؛ قال: فسيد بني أبيك أنت؟ قال: لا. ثم أُذن له، فلما دخل عليه، قال له: من أنت؟ قال: سيد العرب؛ قال: أليس قد أوصلت إليك، أسيد العرب؟ فقلت لا، حتى اقتصرت بك على بني أبيك فقلت لا؟ قال له: أيها الملك، لم أكن كذلك حتى دخلت عليك، فلما دخلت عليك صرت سيد العرب؛ قال كسرى: آه، املئوا فاه دراً. ثم قال: إنكم معشر العرب غدر، فإن أذنت لكم أفسدتم البلاد، وأغرتم على العباد، وآذيتموني. قال حاجب: فإني ضامن للملك أن لا يفعلوا؛ قال: فمن لي بأن تفي أنت؟ قال أرهنك قوسي. فلما جاء بها ضحك من حوله وقالوا: لهذه العصا يفي! قال كسرى: ما كان ليسلمها لي لشيء أبداً فقبضها منه، وأذن لهم أن يدخلوا الريف.
ومات حاجب بن زرارة، فارتحل عطارد بن حاجب إلى كسرى يطلب قوس أبيه؛ فقال له: وقد وفى له قومه ووفى هو للملك. فردها عليه وكساه حلة.
فلما وفد إلى النبي صلى الله عليه وسلم عطارد بن حاجب وهو رئيس تميم، وأسلم على يديه، أهداها للنبي صلى الله عليه وسلم، فلم يقبلها، فقالوا: يا رسول الله، هلك قومك وأكلتهم الضبع، يريدون الجوع – والعرب يسمون السنة الضبع والذئب. فدعا لهم النبي صلى الله عليه وسلم، فأُحيوا؛ وقد كان دعا عليهم، فقال: اللهم اشدد وطأتك على مضر، وابعث عليهم سنين كسني يوسف.

واستأذنت بكارة الهلالية على معاوية بن أبي سفيان، فأذن لها، وهو يومئذ بالمدينة، فدخلت عليه، وكانت امرأة قد أسنت وعشي بصرها، وضعفت قوتها، ترعش بين خادمين لها، فسلمت وجلست، فرد عليها معاوية السلام، وقال: كيف أنت يا خالة؟ قالت: بخير يا أمير المؤمنين؛ قال: غيرك الدهر؛ قالت: كذلك هو ذو غير، من عاش كبر، ومن مات قبر. قال عمرو بن العاص: هي والله والقائلة يا أمير المؤمنين:
يا زيد دونك فاستشر من دارنا … سيفاً حساماً في التراب دفينا
قد كنت أذخره ليوم كريهة … فاليوم أبرزه الزمان مصونا
قال مروان: وهي والله القائلة يا أمير المؤمنين:
أترى ابن هند للخلافة مالكاً … هيهات، ذاك وإن أراد بعيد
منتك نفسك في الخلاء ضلالة … أغراك عمرو للشقا وسعيد
قال سعيد بن العاصي: هي والله القائلة:
قد كنت أطمع أن موت ولا أرى … فوق المنابر من أمية خاطبا
فالله أخر مدتي فتطاولت … حتى رأيت من الزمان عجائبا
في كل يوم للزمان خطيبهم … بين الجميع لآل أحمد عائباً
ثم سكتوا. فقالت: يا معاوية، كلامك أعشى بصري وقصر حجتي، أنا والله قائلة ما قالوا، وما خفي عليك مني أكثر؛ فضحك وقال: ليس يمنعنا ذلك من برك، اذكري حاجتك. قالت: الآن فلا.

– وقال يزيد بن المهلب: ما رأيت أشرف نفساً من الفرزدق، هجاني ملكاً ومدحني سوقة.

– لا تحلفن على صدق ولا كذب … فما يفيدك إلا المأثم الحلف

– أكف الجهل عن حلماء قومي … وأعرض عن كلام الجاهلينا

– حسب الكذاب من البليــ … ة ما يحكى عليه
فمتى ما سمعت بكذبة … من غيره نسبت إليه

– لا يكذب المرء إلا من مهانته … أو فعله السوء أو من قلة الأدب
لبعض جيفة الكلب خير رائحة … من كذبة المرء في جد ولعب

– أحرام على بلابـله الدوح … حلال للطير من كل جنس

– أيها المُنكِح الثُّرَيَّا سُهَيلا … عمرك الله كيف يلتقيان
هي شاميَّة إذا ما استقلَّت … وسهيل إذا استقلَّ يمان

– نقَّطتموا لهمُ وهم خطُّوا على … نُقَط لكم كمعلِّم الصبيان

– إذا أنت فضلت أمرأ ذا براعة … على ناقص كان المديح من النقص

– “اجلس حيث يُؤْخَذُ بيدك وَتُبَرُّ، ولا تجلس حيث يؤخذ برجلك وتُجَرُّ”.


في الكرم والبخل

– يَسرُّ الكريمُ الحمدُ لا سـيـمـا … شهادة من في خيرهِ يتقلبُ

– أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم … فطالما استعبد الإنسان إحسان

– مددت يدي إليك بالذل مفتقرا … إليك يا خـير من مدت إليه يد
فلا تردنها يا رب خائـبة … فبحر جودك يروي كل من يَرِدُ

– الناس للناس ما بين الورى رجل … والسعد لاشك تارات وهبات
وأفضل الناس ما بين الورى رجل … تُقضى على يده للناس حاجات

– فيا قبرَ معنٍ أنت أول حـفـرة … من الأرض خطت للسماحة موضعا
ويا قبر معن كيف واريت جوده … قد كان منه البر والبحر مترعا

– أرى الناس خلان الجواد ولا أرى … بخيلا له في العالمين خليل
وإني رأيت البخل يزري بأهله … فأكرمت نفسي أن يقال بخيل

– بث النوال ولا تمنعك قلته … فكل ما سد فقرا فهو محمود

– أَعاذلُ إن الجود ليس بمهلكي … ولا مُخلد النفس الشحيحة لومها

– إذا الجود لم يرزق خلاصاً من الأَذى … فلا الحمدُ مكسوباً ولا المال باقيا

– يَا يَزِيدَا لِآمِلٍ نَيْلَ عِزَّ … وغِنىَ بَعْدَ فاقَةٍ وَهَوَانٍ

قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه.

وفي الحديث المأثور: الخلق عيال الله، فأحب الخلق إلى الله أنفعهم لعياله.

وقال المأمون لمحمد بن عباد المهلبي: أنت متلاف. قال: منع الجود سوء ظن بالمعبود، يقول الله عز وجل: ” وما أنفقتم من شيء فهو يخلقه وهو خير الرازقين ” .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: اصطناع المعروف يقي مصارع السوء.

وقال عليه الصلاة والسلام: إن الله يحب الجود ومكارم الأخلاق، ويبغض سفسافها.

وقال أكثم بن صيفى حكيم العرب: ذللوا أخلاقكم للمطالب، وقودوها إلى المحامد، وعلموها المكارم، ولا تقيموا على خلق تذموه من غيركم، وصلوا من رغب إليكم، وتحلوا بالجود يكسبكم المحبة، ولا تقتعدوا البخل فتتعجلوا الفقر.

وكتب رجل من البخلاء إلى رجل من الأسخياء يأمره بالإبقاء على نفسه ويخوفه بالفقر. فرد عليه: ” الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم الفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلاً “، وإني أكره أن أترك أمراً قد وقع لأمر لعله لا يقع.

وقال الحطيئة:
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه … لا يذهب العرف بين الله والناس
(افعل الخير تكن خير الناس … لا يذهب العرف بين الله والناس)

وقال الشاعر:
لا تبخلن بدنيا وهي مقبلة … فليس ينقصها التبذير والسرفُ
وإن تولت فأحرى أن تجود بها … فالحمد منها إذا ما أدبرت خلفُ (الحمد: الشكر)

وقال محمود الوراق:
من ظن بالله خيراً جاد مبتدئاً … والبخل من سوء ظن المرء بالله

وأنشد لابن عباس رضي الله تعالى عنهما:
إذا طارقات الهم ضاجعت الفتى … وأعمل فكر الليل والليل عاكر
وباكرني في حاجة لم يكن لها … سواي ولا من نكبة الدهر ناصر
فرجت بمالي همه عن خناقه … وزايله الهم الطروق المساور
وكان له فضل علي بظنه … بي الخير إني للذي ظن شاكر

وقيل لأبي عقيل البليغ العراقي: كيف رأيت مروان بن الحكم عند طلب الحاجة إليه؟ قال: رأيت رغبته في الشكر وحاجته إلى القضاء أشد من حاجة صاحب الحاجة.

وقال أسماء بن خارجة: ما أحب أن أرد أحداً عن حاجة طلبها، لأنه لا يخلو أن يكون كريماً فأصون له عرضه، أو لئيماً فأصون عرضي منه.

– وقيل: من حق الولد على والده أن يوسع له حاله كي لا يفسق..

– وقال علي رضي الله عنه: أكرم عشيرتك فإنهم جناحك الذي به تطير فإنك بهم تصول وهم العدة عند الشدة، أكرم كريمهم وعد سقيمهم وأشركهم في أمورك ويسر عن معسرهم..

– وقيل: إذا كان لك قريب ولم تمش إليه برجلك ولم تعطه من مالك فقد قطعته..

– ويقال حق الأقارب إعظام الأصغر للأكبر وحنو الأكبر على الأصغر..

– واستقرض الأصمعي خليل له فقال: حبا وكرامة ولكن سكن قلبي برهن يساوي ضعف ما تطلبه فقال يا أبا سعيد أما تثق بي قال بلى وإن خليل الله كان واثقا بربه وقد قال له “ولكن ليطمئن قلبي”..

– وقيل: الفقر يذهب الحياء والحياء ضياعه يذهب البهاء ومن ذهب بهاؤه كأنه ذهب، وما من خلة للغني إلا وعكسها للفقير، فإن كان شجاعا سمي أهوجا وإن كان مؤثرا سمي مفسدا وإن كان حليما سمي ضعيفا وإن كان وقورا سمي بليدا وإن كان لسنا سمي مهذارا وإن كان صموتا سمي عييا.

– سألت رسوم القبر عمن ثوى به *** لأعلم ما لاقى فقالت جوانبه
أتسأل عمن عاش بعد وفاته *** بإحسانه إخوانه وأقاربه

اقوال وحكم مأثورة - المجموعة الشاملة

– أوليتني نعما أبوح بشكرها *** وكفيتني كل الأمور بأسرها
فلأشكرنك ما حييت وإن مت *** فلتشكرك أعظمي في قبرها

– الناس في الخير أربعة أقسام: منهم من يفعله ابتداء وهو الكريم، ومن يفعله اقتداء وهو الحكيم، ومن يتركه حرمانا وهو الشقي، ومن يتركه استحسانا وهو الدنيء..

– وقيل لبخيل: من أشجع الناس فقال: من سمع وقع أضراس الناس على طعامه ولم تنشق مرارته..

– وقيل لبخيل: تجعل لنا علامة نعرف بها استثقالك لمجلسنا، فقال: إذا قلت يا غلام هات الغداء..

– الجود أفلسهم وأذهب مالهم *** فاليوم إن راموا السماحة يبخلوا

– وقال علي رضي الله عنه: لا تستحي من عطاء القليل فالحرمان أقل منه..

– وأكل أعرابي مع أبو الأسود رطبا، فمد أبو الأسود يده إلى رطبة فسبقه الأعرابي فسقطت منه في التراب فأخذها أبو الأسود وقال: لا أدعها للشيطان يأكلها، فقال الأعرابي: ولا لجبريل وميكائيل لو نزلا من السماء..

– ونزل أعرابي بأبي الأسود قال: نزلت بواد غير ممطور ورجل بك غير مسرور فأقك بعدم أو ارحل بندم..

– تراه إذا ما جئته متهللا *** كأنك تعطيه الذي أنت سائله

– وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “خير الناس انفعهم للناس”.

– وروى الأحنف بن قيس قال بينما قيس بن عاصم يوما جالس في داره إذ جاءته خادم له بسفود (حديدة يشوى عليها اللحم) فنزعت السفود من اللحم وألقته خلف ظهرها فوق على ابنه فقتله لوقته فدهشت الجارية، فقال: لا روع عليك أنت حرة لوجه الله تعالى..

اقوال وحكم مأثورة - المجموعة الشاملة

– وكان ابن عمر إذا رأى من عبيده من يحسن صلاته يعتقه فعرفوا ذلك من خلقه فكانوا يحسنون الصلاة مراءاة له فكان يعتقهم فقيل له في ذلك فقال: من خدعنا في الله انخدعنا له..

وقال سعيد بن سلم: أهدر المهدي دم رجل من أهل الكوفة كان يسعى في فساد دولته وجعل لمن دله عليه أو جاءه به مائة ألف درهم. قال: فأقام الرجل حيناً متوارياً ثم إنه ظهر بمدينة السلام، فكان ظاهراً كغائب خائفاً مترقباً. فبينا هو يمشي في بعض نواحيها إذ بصر به رجل من أهل الكوفة فعرفه، فأهوى إلى مجامع ثوبه، وقال: هذا بغية أمير المؤمنين؛ فأمكن الرجل من قياده، ونظر إلى الموت أمامه. فبينما هو على الحالة إذ سمع وقع الحوافر من وراء ظهره، فالتفت فإذا معن بن زائدة، فقال: يا أبا الوليد، أجرني أجارك الله؛ فوقف وقال للرجل الذي تعلق به: ما شأنك؟ قال: بغية أمير المؤمنين، الذي أهدر دمه وأعطى لمن دل عليه مائة ألف. فقال: يا غلام، انزل عن دابتك، واحمل أخانا. فصاح الرجل: يا معشر الناس، يحال بيني وبين من طلبه أمير المؤمنين! قال له معن: اذهب فأخبره أنه عندي. فانطلق إلى باب أمير المؤمنين فأخبر الحاجب، فدخل إلى المهدي فأخبره، فأمر بحبس الرجل، ووجه إلى معن من يحضر به. فأتته رسل أمير المؤمنين وقد لبس ثيابه، وقربت إليه دابته، فدعا أهل بيته ومواليه فقال: لا يخلصن إلى هذا الرجل وفيكم عين تطرف. ثم ركب ودخل حتى سلم على المهدي، فلم يرد عليه. فقال: يا معن، أتجير علي؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين. قال: ونعم أيضاً! واشتد غضبه. فقال معن: يا أمير المؤمنين، قتلت في طاعتكم باليمن في يوم واحد خمسة عشر ألفاً، ولي أيام كثيرة قد تقدم فيها بلائي وحسن غنائي، فما رأيتموني أهلاً أن تهبوا لي رجلاً واحداً استجار بي؟ فأطرق المهدي طويلاً ثم رفع رأسه وقد سري عنه، فقال: قد أجرنا من أجرت. قال معن فإن رأى أمير المؤمنين أن يصله فيكون قد أحياه وأغناه فعل. قال: قد أمرنا له بخمسين ألف. قال: يا أمير المؤمنين، إن صلات الخلفاء تكون على قدر جنايات الرعية، وإن ذنب الرجل عظيم، فأجزل له الصلة. قال: قد أمرنا له بمائة ألف. قال: فتعجلها يا أمير المؤمنين فإن خير البر عاجله. فأمر بتعجيلها. فدعا لأمير المؤمنين بأفضل دعاء، ثم انصرف ولحقه المال. فدعا الرجل، فقال له: خذ صلتك والحق بأهلك وإياك ومخالفة خلفاء الله تعالى.

لا تكثري في الجُودِ لائمتي … وإذا بخلتُ فأكثري لومي
كُفِّي فلست بحاملٍ أبدًا … ما عشتُ همَّ غدٍ على يومي

وكتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري: اعتبر منزلتك من الله بمنزلتك من الناس، واعلم أن مالك عند الله مثل ما للناس عندك.

وقيل لبعض الحكماء: ما أفادك الدهر؟ قال العلم به. قيل: فما أحمد الأشياء؟ قال: أن تبقى للإنسان أحدوثة حسنة.
وقال بعض أهل التفسير في قول الله تعالى: ” واجعل لي لسان صدق في الآخرين ” . إنه أراد حسن الثناء من بعده.

وقال أكثم بن صيفي: إنما أنتم أخبار، فطيبوا أخباركم.

وقال أبو بكر محمد بن دريد:
وإنما المرء حديث بعده … فكن حديثاً حسناً لمن وعى

وقال المصنف:
إن الحياة مزارع … فازرع بها ما شئت تحصد
والناس لا يبقى سوى … آثارهم والعين تفقد
أو ما سمعت بمن مضى … هذا يذم وذاك يحمد

وقال الأحنف بن قيس: ما أدخرت الآباء للأبناء، ولا أبقت الموتى للأحياء، شيئاً أفضل من اصطناع المعروف عند ذوي الأحساب والآداب.

وقالوا: أحي معروفك بإماتة ذكره، وعظمه بالتصغير له.

وقالوا: للمعروف خصال ثلاث: تعجيله وستره وتيسيره، فمن أخل بواحدة منها فقد بخس المعروف حقه، وسقط عنه الشكر.

وقيل لمعاوية: أي الناس أحب إليك؟ فقال: من كانت له عندي يد صالحة. قيل: فإن لم تكن له؟ فقال: فمن كانت لي عنده يد صالحة.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: من عظمت نعمة الله عنده عظمت مؤونة الناس عليه، فإن لم يقم بتلك المؤونة عرض النعمة للزوال.

و قال أبو اليقظان: أخذ عبيد الله بن زياد عروة بن أدية أخا أبي بلال وقطع يده ورجله وصلبه على باب داره. فقال لأهله وهو مصلوب: انظروا إلى هؤلاء الموكلين بي فأحسنوا إليهم فإنهم أضيافكم.

الجود مع الإقلال: قال الله تبارك وتعالى فيما حكاه عن الأنصار: “ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون”.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: أفضل العطية ما كان من معسر إلى معسر.

ولجعفر بن أبي طالب:
ما كلف الله نفساً فوق طاقتها … ولا تجود يد إلا بما تجد

وقيل لبعض الحكماء: من أجود الناس؟ قال: من جاد من قلة، وصان وجه السائل عن المذلة.

وقال حماد عجرد:
بث النوال ولا تمنعك قلته … فكل ما سد فقراً فهو محمود

وقال حاتم:
أضاحك ضيفي قبل إنزال رحله … ويخصب عندي والمحل جديب
وما الخصب للأضياف أن يكثر القرى … ولكنما وجه الكريم خصيب

ومن أحسن ما قيل في الجود والإقلال، قول أبي تمام حبيب:
فلو لم يكن في كفه غير روحه … لجاد بها فليتق الله سائله

وقالوا: السخي من كان مسروراً ببذله، متبرعاً بعطائه، لا يلتمس عرض دنيا فيحبط عمله، ولا طلب مكافأة فيسقط شكره، ولا يكون مثله فيما أعطى مثل الصائد الذي يلقي الحب للطائر، لا يريد نفعها ولكن نفع نفسه.

وسأل معاوية صعصعة بن صوجان: ما الجود؟ فقال: التبرع بالمال، والعطية قبل السؤال.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: استعينوا على حوائجكم بالكتمان لها، فإن كل ذي نعمة محسود.

وقال خالد بن صفوان: لا تطلبوا الحوائج في غير حينها، ولا تطلبوها من غير أهلها؛ فإن الحوائج تطلب بالرجاء، وتدرك بالقضاء.

وقال خالد بن صفوان: فوت الحاجة خير من طلبها إلى غير أهلها، وأشد من المصيبة سوء الخلف منها.

وقالت الحكماء: لا تطلب حاجتك من كذاب، فإنه يقر بها بالقول ويبعدها بالفعل؛ ولا من أحمق، فإنه يريد نفعك فيضرك.

وقال علي لإبنه الحسن عليهما السلام:
يَا بُنَيَّ، إِيَّاكَ وَمُصَادَقَةَ الْأَحْمَقِ، فَإِنَّهُ يُريِدُ أَنْ يَنْفَعَكَ فَيَضُرَّكَ. وَإِيَّاكَ وَمُصَادَقَةَ الْبَخِيلِ، فَإِنَّهُ يَقْعُدُ عَنْكَ أَحْوَجَ مَا تَكُونُ إِلَيْهِ. وَإِيَّاكَ وَمُصَادَقَةَ الْفَاجِرِ، فَإِنَّهُ يَبِيعُكَ بِالتَّافِهِ. وَإِيَّاكَ وَمُصَادَقَةَ الْكَذَّابِ، فَإِنَّهُ كَالسَّرَابِ للظمآن في الصحراء، يحسبه ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً. يُقَرِّبُ عَلَيْكَ الْبَعِيدَ، وَيُبَعِّدُ عَلَيْكَ الْقَرِيبَ.

ودخل محمد بن واسع على بعض الأمراء، فقال: أتيتك في حاجة فإن شئت قضيتها وكنا كريمين، وإن شئت لم تقضها وكنا لئيمين.

ودخل أبو حازم الأعرج على بعض أهل السلطان، فقال: أتيتك في حاجة رفعتها إلى الله قبلك، فإن يأذن الله لك في قضائها قضيتها وحمدناك، وإن لم يأذن في قضائها لم تقضها وعذرناك.

وفي بعض الحديث: “اطلبوا الحوائج عن حسان الوجوه”. أخذه الطائي فنظمه في شعره فقال:
قد تأولت فيك قول رسول ال … له إذا قال مفصحاً إفصاحاً
إن طلبتم حوائجاً عند قوم … فتنقوا لها الوجوه الصباحا
فلعمري لقد تنقيت وجهاً … ما به خاب من أراد النجاحا

وقالوا: وعد الكريم نقد، ووعد اللئيم تسويف.
وقال الزهري: حقيق على من أورق بوعد أن يثمر بفعل.
وقال الموبذان الفارسي: الوعد السحابة، والإنجاز المطر.

ولو لم يكن في خلف الوعد إلا قول الله عز وجل: “يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون” لكفى. وقال عمر بن الحارث: كانوا يفعلون ولا يقولون، ثم صاروا يقولون ويفعلون، ثم صاروا يقولون ولا يفعلون، ثم صاروا لا يقولون ولا يفعلون، فزعم أنهم ضنوا بالكذب فضلاً عن الصدق.

وقال القاسم بن معن المسعودي: قلت لعيسى بن موسى، أيها الأمير، ما انتفعت بك مذ عرفتك، ولا أوصلت لي خيراً مذ

اقوال وحكم مأثورة - المجموعة الشاملة

وكان يحيى بن خالد بن برمك لا يقضي حاجة إلا بوعد، ويقول: من لم يبت على سرور لم يجد للصنيعة طعماً.
وقالوا: الخلف ألأم من البخل، لأنه من لم يفعل المعروف لزمه ذم اللؤم وحده، ومن وعد وأخلف لزمه ثلاث مذمات: ذم اللؤم، وذم الخلف، وذم الكذب. قال زياد الأعجم:
لله درك من فتى … ولو كنت تفعل ما تقول
لا خير في كذب الجوا … د وحبذا صدق البخيل

استبطأ حبيب الطائي الحسن بن وعيب في عدة وعدها إياه، فكتب إليه أبياتاً يستعجله بها. فبعث إليه بألف درهم، وكتب إليه:
أعجلتنا فأتاك عاجل برنا … قلاً ولو أخرته لم يقلل
فخذ القليل وكن كمن لم يسأل … ونكون نحن كأننا لم نفعل

قال السموأل:
وإن هو لم يحمل على النفس ضيمها … فليس إلى حسن الثناء سبيل
إذا المرء أعيته المروءة يافعاً … فمطلبها كهلاً عليه ثقيل
تعيرنا أنا قليل عديدنا … فقلت لها إن الكرام قليل
وما ضرنا أنا قليل وجارنا … عزيز وجار الأكثرين ذليل

وذكروا أن جاراً لأبي دلف ببغداد لزمه كبير دين فادح حتى احتاج إلى بيع داره. فساوموه بها، فسألهم ألف دينار، فقالوا له: إن دارك تساوي خمسمائة دينار. قال: وجواري من أبي دلف بألف وخمسمائة دينار. فبلغ أبا دلف، فأمر بقضاء دينه، وقال له لا تبع دارك ولا تنتقل من جوارنا.

ووقفت امرأة على قيس بن سعد بن عبادة، فقالت: أشكو إليك قلة الجرذان، قال: ما أحسن هذه الكناية! املئوا لها بيتاً خبزاً ولحماً وسمناً وتمراً.

قال إبراهيم بن أحمد عن الشيباني: كان أبو جعفر المنصور أيام بني أمية إذا دخل البصرة دخل مستتراً، فكان يجلس في حلقة أزهر السمان المحدث. فلما أفضت الخلافة إليه، قدم عليه أزهر، فرحب به وقربه، وقال له ما حاجتك يا أزهر؟ قال: داري متهدمة، وعلي أربعة آلاف درهم، وأريد أن يبني محمد ابني بعياله، فوصله باثني عشر ألفاً، وقال قد قضينا حاجتك يا أزهر، فلا تأتنا طالباً، فأخذها وارتحل. فلما كان بعد سنة أتاه. فلما رآه أبو جعفر، قال: ما جاء بك يا أزهر؟ قال جئتك مسلماً. قال: إنه يقع في خلد أمير المؤمنين أنك جئت طالباً. قال: ما جئت إلا مسلماً. قال: قد أمرنا لك باثني عشر ألفاً، واذهب فلا تأتنا طالباً ولا مسلماً. فأخذها ومضى. فلما كان بعد سنة أتاه، فقال: ما جاء بك يا أزهر؟ قال: أتيت عائداً. قال: إنه يقع في خلد أمير المؤمنين أنك جئت طالباً. قال: ما جئت إلا عائداً، قال أمرنا لك باثني عشر ألفاً فاذهب ولا تأتنا لا طالباً ولا مسلماً ولا عائداً، فأخذها وانصرف. فلما مضت السنة أقبل، فقال له: ما جاء بك يا أزهر؟ قال: دعاء كنت أسمعك تدعو به يا أمير المؤمنين جئت لأكتبه، فضحك أبو جعفر وقال: إنه دعاء غير مستجاب، وذلك أني قد دعوت الله تعالى به أن لا أراك فلم يستجب لي، وقد أمرنا لك باثني عشر ألفاً، فاذهب وتعال متى شئت، فقد أعيتني فيك الحيلة.

قال الأصمعي: كنت عند الرشيد إذ دخل عليه إسحاق بن إبراهيم الموصلي فأنشده:
وآمرة بالبخل قلت لها اقصري … فليس إلى ما تأمرين سبيل
فعالي فعال المكثرين تجملاً … ومالي كما قد تعلمين قليل
فكيف أخاف الفقر أو أحرم الغنى … ورأي أمير المؤمنين جميل
فقال له الرشيد: لله در أبيات تأتينا بها! ما أحسن أصولها، وأبين فصولها، وأقل فضولها! يا غلام، أعطه عشرين ألفاً. قال: والله لا أخذت منها درهماً واحداً. قال: ولم؟ قال: لأن كلامك والله يا أمير المؤمنين خير من شعري. قال: أعطوه أربعين ألفاً. قال الأصمعي: فعلمت والله أنه أصيد لدراهم الملوك مني.

قال إبراهيم الشيباني: ولدت لأبي دلامة ابنة ليلاً، فأوقد السراج وجعل يخيط خريطة من شقق. فلما اصبح طواها بين أصابعه وغدا بها إلى المهدي فاستأذن عليه، وكان لا يحجب عنه. فأنشده:
لو كان يقعد فوق الشمس من كرم … قوم لقيل اقعدوا يا آل عباس
ثم ارتقوا من شعاع الشمس في درج … إلى السماء فأنتم أكرم الناس
وكان المهدي قد كسا أبا دلامة ساجاً. فأخذ به وهو سكران، فأتي به إلى المهدي. فأمر بتمزيق الساج عليه، وأن يحبس في بيت الدجاج، فلما كان في بعض الليل وصحا أبو دلامة من سكره ورأى نفسه بين الدجاج، صاح: يا صاحب البيت.
فاستجاب له السجان؛ فقال: مالك يا عدو الله؟ قال له: ويلك! من أدخلني مع الدجاج؟ قال: أعمالك الخبيثة، أتى بك أمير المؤمنين وأنت سكران فأمر بتمزيق ساجك وحبسك مع الدجاج. قال له: ويلك! أو تقدر على أن توقد سراجاً، وتجيئني بدواة وورق ولك سلبي هذا. فأتاه بدواة وورق: فكتب أبو دلامة إلى المهدي:
أمن صهباء صافية المزاج … كأن شعاعها لهب السراج
تهش لها النفوس وتشتهيها … إذا برزت ترقرق في الزجاج
وقد طبخت بنار الله حتى … لقد صارت من النطف النضاج
أمير المؤمنين فدتك نفسي … علام حبستني وخرقت ساجي
أقاد إلى السجون بغير ذنب … كأني بعض عمال الخراج
ولو معهم حبست لهان وجدي … ولكني حبست مع الدجاج
دجاجات يطيف بهن ديك … يناجي بالصياح إذا يناجي
وقد كانت تخبرني ذنوبي … بأني من عذابك غير ناجي
على أني وإن لاقيت شراً … لخيرك بعد ذاك الشر راجي
ثم قال: أوصلها إلى أمير المؤمنين. فأوصلها إليه السجان. فلما قرأها، أمر بإطلاقه وأدخله عليه، فقال: أين بت الليلة أبا دلامة؟ قال: مع الدجاج يا أمير المؤمنين. قال: فما كنت تصنع؟ قال: كنت أقاقي معهن حتى أصبحت. فضحك المهدي وأمر بصلة جزيلة، وخلع عليه كسوة شريفة.
قال له المهدي: أحسنت والله أبا دلامة! فما الذي غدا بك إلينا؟ قال: ولدت لي جارية يا أمير المؤمنين. قال: فهل قلت فيها شعراً؟ قال: نعم، قلت:
فما ولدتك مريم أم عيسى … ولم يكفلك لقمان الحكيم
ولكن قد تضمك أم سوء … إلى لباتها وأب لئيم

ولقى أبو دلامة أبا دلف في مصاد، وهو والي العراق، فأخذ بعنان فرسه وأنشد:
إني حلفت لئن رأيتك سالماً … بقرى العراق وأنت ذو وفر
لتصلين على النبي محمد … ولتملأن دراهماً حجري
فقال: أما الصلاة على النبي، فنعم، صلى الله عليه وسلم؛ وأما الدراهم، فلما نرجع إن شاء الله تعالى. قال له: جعلت فداك، لا تفرق بينهما. فاستلفها له، وصبت في حجره حتى أثقلته.

ودخل رجل من الشعراء على يحيى بن خالد بن برمك فأنشده:
سألت الندى هل أنت حر فقال لا … ولكنني عبد ليحيى بن خالد
فقلت شراء قال لا بل وراثة … توارثني عن والد بعد والد
فأمر له بعشر آلاف.

وقال عبد الله بن منصور: كنت يوماً في مجلس الفضل بن يحيى. فأتاه الحاجب فقال: إن بالباب رجلاً قد أكثر في طلب الإذن وزعم أن له يداً يمت بها. فقال: أدخله. فدخل رجل جميل الوجه رث الهيئة. فسلم فأحسن. فأومأ إليه بالجلوس، فجلس. فلما علم أنه قد انطلق وأمكنه الكلام قال له: ما حاجتك؟ قال له: قد أعربت بها رثاثة هيئتي وضعف طاقتي. قال: أجل، فما الذي تمت به؟ قال: ولادة تقرب من ولادتك، وجوار يدنو من جوارك، واسم مشتق من اسمك. قال: أما الجوار فقد يمكن أن يكون كما قلت، وقد يوافق الاسم الاسم، ولكن ما علمك بالولادة؟ قال: أعلمتني أمي أنها لما وضعتني، قيل: إنه ولد الليلة ليحيى بن خالد غلام وسمي الفضل، فسمتني فضيلاً، إعظاماً لاسمك أن تلحقني به. فتبسم الفضل وقال: كم أتى عليك من السنين؟ قال: خمس وثلاثون سنة. قال: صدقت، هذا المقدار الذي أتيت عليه، فما فعلت أمك؟ قال: توفيت رحمها الله. قال: فما منعك من اللحوق بنا فيما مضى؟ قال: لم ارض نفسي للقائك لأنها كانت في عامية وحداثة تقعدني عن لقاء الملوك. قال: يا غلام، أعطه لكل عام مضى من سنيه ألفاً، وأعطه من كسوتنا ومراكبنا ما يصلح له. فلم يخرج من الدار إلا وقد طاف به إخوانه وخاصة أهله.

وقال الأصمعي: ونظر زياد إلى رجل من ضبة يأكل أكلاً قبيحاً، وهو أقبح الناس وجهاً، فقال: يا أخا ضبة، كم عيالك؟ قال: سبع بنات أنا أجمل منهن وجهاً، وهن آكل مني، فضحك زياد وقال: لله درك! ما ألطف سؤالك! افرضوا له و لكل واحدة منهن مائة وخادماً، وعجلوا له و لهن أرزاقهم.

وذكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه الفقراء، فقال: إن سعيد بن حذيم منهم. فأعطاه ألف دينار، وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا أعطيت فأغن.

وقال صفوان بن أمية: لقد غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما خلق الله خلقاً أبغض إلي منه، فما زال يعطيني حتى ما خلق الله خلقاً أحب إلي منه. وكان صفوان بن أمية من المؤلفة قلوبهم.

وقال عبد الله بن عباس: لو أن فرعون مصر أسدى إلي يداً صالحة لشكرته عليها. وقالوا: إذا قصرت يدك عن المكافأة. فليطل لسانك بالشكر.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: الناس كإبل مائة لا تكاد تجد فيها راحلة.

وقالت الحكماء: الكرام في اللئام كالغرة في الفرس.

قال ابن أبي حازم:
وقالوا لو مدحت فتى كريماً … فقلت وكيف لي بفتى كريم
بلوت ومر بي خمسون حولاً … حسبك بالمجرب من عليم
فلا أحد يعد ليوم خير … ولا أحد يعود العود ثاني البدء

اقوال وحكم مأثورة - المجموعة الشاملة

وقال دعبل:
ما أكثر الناس لا بل ما أقلهم … والله يعلم أني لم أقل فندا
إني لأغلق عيني ثم أفتحها … على كثير ولكن ما أرى أحدا
(الفَنَدُ الخَرَفُ وإِنكار العقل من الهَرَم أَو المَرضِ. فَنَّدَ رأْيه إِذا ضَعَّفَه والتَّفْنيدُ اللَّوْمُ وتضعيفُ الرأْي).

وقدم الحطيئة المدينة إلى عتيبة بن النهاس العجلي فقال: أعطني. فقال: مالك عندي فأعطيكه، وما في مالي فضل عن عيالي فأعود به عليك. فخرج عنه مغضباً. وعرفه به جلساؤه، فأمر برده، ثم قال له: يا هذا إنك وقفت إلينا فلم تستأنس ولم تسلم، وكتمتنا نفسك، كأنك الحطيئة؟ قال: هو ذلك. قال: اجلس، فلك عندنا كل ما تحب. فجلس، فقال له: من أشعر الناس؟ قال: الذي يقول:
من يجعل المعروف من دون عرضه … يفره ومن لا يتق الشتم يشتم
يعني زهيراً: قال: ثم من؟ قال: الذي يقول:
من يسأل الناس يحرموه … وسائل الله لا يخيب
يعني عبيداً. قال: ثم من؟ قال: أنا.
فقال لوكيله: خذ بيد هذا فامض به إلى السوق، فلا يشيرن إلى شيء إلا اشتريته له. فمضى معه إلى السوق، فعرض عليه الخز والقز، فلم يتلفت إلى شيء منه وأشار إلى الأكسية والكرابيس الغلاظ والأقبية. فاشترى له منها حاجته، ثم قال: أمسك. قال: فإنه قد أمرني أن أبسط يدي بالنفقة، قال: لا حاجة في أن يكون له على قومي يد أعظم من هذه، ثم أنشأ يقول:
سُئِلتَ فَلَم تَبخَل وَلَم تُعطِ طائِلاً … فَسِيّانِ لا ذَمٌّ عَلَيكَ وَلا حَمدُ
وَأَنتَ اِمرُؤٌ لا الجودُ مِنكَ سَجِيَّةٌ … فَتُعطي وَقَد يُعدي عَلى النائِلِ الوُجدُ

والذين انتهي إليهم الجود في الجاهلية ثلاثة نفر: حاتم بن عبد الله بن سعد الطائي، وهرم بن سنان المري، وكعب بن مامة الإيادي.
ولكن المضروب به المثل: حاتم وحده، وهو القائل لغلامه يسار، وكان إذا اشتد البرد وكلب الشتاء أمر غلامه فأوقد ناراً في يفاع من الأرض لينظر إليها من أضل الطريق ليلاً فيصمد نحوه، فقال في ذلك:
أَوقِد فَإِنَّ اللَيلَ لَيلٌ قَرُّ … وَالريحَ يا موقِدُ ريحٌ صِرُّ
عَسى يَرى نارَكَ مَن يَمُرُّ … إِن جَلَبَت ضَيفاً فَأَنتَ حُرُّ
وقالت نوار امرأة حاتم: أصابتنا سنة اقشعرت لها الأرض واغبر أفق السماء، وراحت الإبل حدبا حدابير، وضنت المراضع على أولادها فما تبض بقطرة، وحلقت ألسنة المال وأيقنا بالهلاك. فو الله إنا لفي ليلة صنبر، بعيدة ما بين الطرفين، إذا تضاغى صبيتنا جوعاً، عبد الله وعدي وسفانة، فقام حاتم إلى الصبيين، وقمت أنا إلى الصبية، فوالله ما سكتوا إلا بعد هدأة من الليل، وأقبل يعللني بالحديث، فعرفت ما يريد فتناومت، فلما تهورت النجوم، إذا شيء قد رفع كسر البيت ثم عاد؛ فقال: من هذا؟ قالت: إلا عليك يا أبا عدي. فقال أعجليهم فقد أشبعك الله وإياهم. فأقبلت المرأة تحمل اثنين ويمشي جانبها أربعة كأنها نعامة حولها رئالها. فقام إلى فرسه فوجأ لبته بمدية فخر، ثم كشطه عن جلده، ودفع المدية إلى المرأة، فقال لها: شأنك. فاجتمعنا على اللحم نشوي بالنار، ثم جعل يمشي في الحي يأتيهم بيتاً بيتاً، فيقول: هبوا أيها القوم عليكم بالنار، فاجتمعوا والتفع في ثوبه ناحية ينظر إلينا، فلا والله إن ذاق منه مزعه، وإنه لأحوج إليه منا، فأصبحنا وما على الأرض من الفرس إلا عظم وحافر.

وأما هرم بن سنان فهو صاحب زهير الذي يقول فيه:
متى تلاق على علاته هرماً … تلق السماحة في خلق وفي خلق
وكان سنان أبو هرم سيد غطفان، وماتت أمه وهي حامل به، وقالت: إذا أنا مت فشقوا بطني فإن سيد غطفان فيه. فلما ماتت شقوا بطنها فاستخرجوا منه سناناً.
وفي بني سنان يقول زهير:
أو كانَ يَقعُدُ فَوقَ الشَمسِ مِن كَرَمٍ … قَومٌ بِأَوَّلِهِم أَو مَجدِهِم قَعَدوا
قَومٌ أَبوهُم سِنانٌ حينَ تَنسُبُهُم … طابوا وَطابَ مِنَ الأَولادِ ما وَلَدوا
وقال زهير في هرم بن سنان:
وأبيض فياض يداه غمامة … على معتَفيه ما تُغِبُّ نوائله
تراه إذا ما جئته متهللاً … كأنك تعطيه الذي أنت سائله

وأما كعب بن مامة الإيادي فلم يأت عنه إلا ما ذكر من إيثاره رفيقه النمري بالماء حتى مات عطشاً ونجا النمري، وهذا أكثر من كل ما أثني لغيره.
وله يقول حبيب:
يجود بالنفس إن ضن البخيل بها … والجود بالنفس أقص غاية الجود

اقوال وحكم مأثورة - المجموعة الشاملة

ومن جود عبيد الله بن عباس: أنه أتاه رجل وهو بفناء داره، فقام بين يديه فقال: يا بن عباس إن لي عندك يداً، وقد احتجت إليها. فصعد فيه بصره وصوبه، فلم يعرفه، ثم قال له: ما يدك عندنا؟ قال رأيتك واقفاً بزمزم وغلامك يمتح لك من مائها، والشمس قد صهرتك، فظللتك بطرف كسائي حتى شربت، قال: إني لأذكر ذلك، وإنه يتردد بين خاطري وفكري، ثم قال لقيمه: ما عندك؟ قال: مائتا دينار وعشرة آلاف درهم؛ قال فادفعها إليه وما أراها تفي بحق يده عندنا. فقال له الرجل: والله لو لم يكن لإسماعيل ولد غيرك لكان فيه ما كفاه فكيف وقد ولد سيد الأولين والآخرين محمداً صلى الله عليه وسلم، ثم شفعه بك وبأبيك.
ومن جوده أيضاً: أنه جاءه رجل من الأنصار فقال: يا بن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنه ولد لي في هذه الليلة مولود، وإني سميته باسمك تبركاً مني به، وإن أمه ماتت. فقال عبيد الله: بارك الله لك في الهبة وأجزل لك الأجر على المصيبة، ثم دعا بوكيله، فقال: انطلق الساعة فاشتر للمولود جارية تحضنه، وادفع إليه مائتي دينار للنفقة على تربيته، ثم قال للأنصاري: عد إلينا بعد أيام فإنك جئتنا وفي العيش يبس وفي المال قلة. قال الأنصاري: لو سبقت حاتماً بيوم واحد ما ذكرته العرب أبداً، ولكنه سبقك، فصرت له تالياً، وأنا أشهد أن عفوك أكثر من مجهوده، وكل كرمك أكثر من وابله.

ومن جود عبد الله بن جعفر: أنه أعطى امرأة سألته مالاً عظيماً. فقيل له: إنها لا تعرفك. وكان يرضيها اليسير. قال: إن كان يرضيها اليسير فإني لا أرضى بالكثير، وإن كانت لا تعرفني فأنا أعرف نفسي.

وكان يقال في معن بن زائدة: حدث عن البحر ولا حرج، وحدث عن معن ولا حرج. وأتاه رجل يسأله أن يحمله، فقال: يا غلام، أعطه فرساً وبرذوناً وبغلاً وعيراً وبعيراً وجارية، وقال: لو عرفت مركوباً غير هؤلاء لأعطيتك.

وقيل ليزيد بن المهلب: مالك لا تبني داراً؟ قال: منزلي دار الإمارة أو الحبس. ولما أتى يزيد بن عبد الملك برأس يزيد بن المهلب نال منه بعض جلسائه، فقال له: مه إن يزيد بن المهلب طلب جسيماً، وركب عظيماً، ومات كريماً.
ودخل الفرزدق على يزيد بن المهلب في الحبس فأنشده:
صح في قيدك السماحة والجو … د وفك العناة والإفضال
قال: أتمدحني وأنا في هذه الحال؟ قال: أصبتك رخيصاً فاشتريتك. فأمر له بعشرة آلاف.
وقدم على يزيد بن المهلب قوم من قضاعة من بني ضنة، فقال رجل منهم:
والله ما ندري إذا ما فاتنا … طلب إليك من الذي نتطلب
ولقد ضربنا في البلاد فلم نجد … أحداً سواك إلى المكارم ينسب
ومر يزيد بن المهلب في طريق البصرة بأعرابية فأهدت إليه عنزاً فقبلها، وقال لابنه معاوية: ما عندك من نفقة؟ قال: ثمانمائة درهم. قال: ادفعها إليها. قال: إنها لا تعرفك ويرضيها اليسير. قال: إن كانت لا تعرفني، فأنا أعرف نفسي، وإن كان يرضيها اليسير، فأنا لا أرضى إلا بالكثير.

وقدم ربيعة الرقى مصر فأتى يزيد بن حاتم الأزدي، فلم يعطه شيئاً، فخرج وهو يقول:
أراني ولا كفران الله راجعاً … بخفي حنين من نوال ابن حاتم
فسأل عنه يزيد، فأخبر أنه قد خرج، وقال كذا، وأنشد البيت؛ فأرسل في طلبه، فأتي به فقال: كيف قلت؟ فأنشده البيت. فقال: شغلنا عنك. ثم أمر بخفيه فخلعتا من رجليه وملئتا مالاً، وقال: ارجع بها بدلاً من خفي حنين.
فقال فيه لما عزل عن مصر وولي مكانه يزيد بن أسيد.
بكى أهل مصر بالدموع السواجم … غداة غدا منها الأغر ابن حاتم
وخرج إليه رجل من الشعراء يمدحه، فلما بلغ مصر وجده قد مات، فقال فيه:
لئن مصر فاتتني بما كنت أرتجي … وأحلفني منها الذي كنت آمل
فما كل ما يخشى الفتى بمصيبه … ولا كل ما يرجو الفتى هو نائل
وما كان بيني لو لقيتك سالماً … وبين الغنى إلا ليال قلائل

أما أبو دلف فاسمه القاسم بن إسماعيل، وفيه يقول علي بن جبلة:
إنما الدنيا أبو دلف … بين مبداه ومحتضره
فإذا ولى أبو دلف … ولت الدنيا على أثره
وبينما خالد بن عبد الله القسري جالس في مظلة له إذ نظر إلى أعرابي يخب به بعيره مقبلاً نحوه، فقال لحاجبه: إذا قدم فلا تحجبه. فلما قدم أدخله عليه فقال:
أصلحك الله قلّ ما بيدي … فما أطيق العيال إذ كثروا
وأناخ دهري علي كلكله … فأرسلوني إليك وانتظروا
فقال خالد: أرسلوك وانتظروا؟ والله لا تنزل حتى تنصرف إليهم بما يسرهم، وأمر له بجائزة عظيمة وكسوة شريفة.

وذكروا عن أبي النجم العجلي أنه أنشد هشاماً شعره الذي يقول فيه: “الحمد لله الوهوب المجزل”، وهو من أجود شعره، حتى انتهى إلى قوله: “والشمس في الجو كعين الأحول”.. وكان هشام أحول فأغضبه ذلك، فأمر به فطرد. فأمل أبو النجم رجعته، فكان يأوي إلى المسجد. فأرق هشام ذات ليلة فقال لحاجبه: ابغنى رجلاً عربياً فصيحاً يحدثني وينشدني. فوجد أبا النجم، فأتى به. فلما دخل عليه قال: أين تكون منذ أقصيناك؟ قال: حيث ألفاني رسولك. ثم سأله عن بناته، فذكر أنه زوج إحداهما، قال: فما حال الأخرى؟ قال: هي ظلامة التي أقول فيها:
كَأَنَّ ظَلّامَةَ أُختَ شَيبانْ … يَتيمَةٌ وَوالِداها حَيّانْ
العُنقُ مِنها عُطُلٌ وَالأُذُنانْ … وَالرَأسُ قَملٌ كُلُّهُ وَصِئبانْ
وَلَيسَ في الرِجلَينِ إِلّا خَيطانْ … وَقُصَّةٌ قَد شَيَّطَتها النيرانْ
تِلكَ الَّتي يَضحَكُ مِنها الشَيطانْ..
قال هشام لحاجبه: ما فعلت بالدنانير التي أمرتك بقبضها؟ قال: هي عندي، وهمس خمسمائة دينار. قال له: ادفعها لأبي النجم ليجعلها في رجلي ظلامة مكان الخيطين.


اقوال عن القوة والشجاعة

قيل لعنترة الفوارس: صف لنا الحرب. فقال: أولها شكوى، وأوسطها نجوى، وآخرها بلوى.

اقوال وحكم مأثورة - المجموعة الشاملة

وفي حكمة سليمان بن داود عليهما السلام: الشر حلو أوله: مر آخره.

وقال الأحنف بن قيس: ما قل سفهاء قوم قط إلا ذلوا.

وقال: لأن يطيعني سفهاء قومي أحب إلي من أن يطيعني حلماؤهم.

وقال: أكرموا سفهاءكم، فإنهم يكفونكم النار والعار.

وقال النابغة الجعدي:
ولا خير في حلم إذا لم تكن له … بوادر تحمي صفوه أن يكدرا
وأنشد هذا الشعر للنبي صلى الله عليه وسلم، فلما انتهى إلى هذا البيت، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا يفضض الله فاك. فعاش ثلاثين ومائة سنة لم تسقط له ثنية.

وقال النابغة الذبياني يصف الحرب:
تبدو كواكبه والشمس طالعة … لا النور نور ولا الإظلام إظلام
يريد بقوله: ” تبدو كواكبه والشمس طالعة ” شدة الهول والكرب، كما تقول العامة: أريته النجوم وسط النهار.

وقال بعض الحكماء: انتهز الفرصة، فإنها خلسة؛ وثب عند رأس الأمر، ولا تثب عند ذنبه. وإياك والعجز، فإنه أذل مركب؛ والشفيع المهين، فإنه والله أضعف وسيلة.

وخرجت خارجة بخراسان على قتيبة بن مسلم فأهمه ذلك، فقيل له: ما يهمك منهم! وجه إليهم وكيع بن أبي سود فإنه يكفيكهم. فقال: لا، إن وكيعاً رجل به كبر يحتقر أعداءه، ومن كان هكذا قلت مبالاته بأعدائه فلم يحترس منهم، فيجد عدوه غرة منه.

وقال عمرو بن العاص لمعاوية: والله ما أدري يا أمير المؤمنين أشجاع أنت أم جبان؟ فقال معاوية:
شجاع إذا ما أمكنتني فرصة … وإن لم تكن لي فرصة فجبان

وقال الأحنف بن قيس: إن رأيت الشر يتركك إن تركته فاتركه.

قال هدبة العذري:
ولا أتمنى الشر والشر تاركي … ولكن متى أُحمل على الشر أركب
ولست بمفراح إذا الدهر سرني … ولا جازع من صرفه المتقلب

وتقول العرب: إن الشجاعة وقاية، والجبن مقتلة. واعتبر من ذلك أن من يقتل مدبراً أكثر ممن يقتل مقبلاً؟ ولذلك قال أبو بكر رضي الله تعالى عنه لخالد بن الوليد: احرص على الموت توهب لك الحياة.

والعرب تقول: الشجاع موقى، والجبان ملقى.

وقال حسان بن ثابت:
ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا … ولكن على أقدامنا تقطر الدما

وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام – وقيل له: أتقتل أهل الشام بالغداة وتظهر بالعشي في إزار ورداء؟ فقال: أبالموت تخوفوني! فو الله ما أبالي أسقطت على الموت أم سقط علي.

وقال علي لابنه الحسن عليهما السلام: لا تدعون أحداً إلى المبارزة، وإن دعيت إليها فأجب، فإن الداعي إليها باغ، والباغي مصروع.

وقيل للمهلب بن أبي صفرة: ما أعجب ما رأيت في حرب الأزارقة؟ قال: فتى كان يخرج إلينا منهم في كل غداة فيقف فيقول:
وسائلة بالغيب عني ولو درت … مقارعتي الأبطال طال نحيبها
إذا ما التقينا كنت أول فارس … يجود بنفس أثقلتها ذنوبها
ثم يحمل فلا يقوم له شيء إلا أقعده. فإذا كان من الغد عاد لمثل ذلك.

اقوال وحكم مأثورة - المجموعة الشاملة

وقال هشام بن عبد الملك لأخيه مسلمة: يا أبا سعيد، هل دخلك ذعر قط لحرب أو عدو؟ قال: ما سلمت في ذلك من ذعر ينبه علي حيلي، ولم يغشني ذعر قط سلبني رأيي. قال هشام: صدقت، هذه والله البسالة.

وكان يزيد بن المهلب يتمثل كثيراً في الحرب بقول حصين بن الحمام:
تأخرت أستبقي الحياة فلم أجد … لنفسي حياة مثل أن أتقدما

وقالت الخنساء:
نهين النفوس وبذل النفو … س يوم الكريهة أبقى لها

ونظير هذا قول قطري بن الفجاءة:
وقولي كلما جشأت لنفسي … من الأبطال ويحك لا تراعي
فإنك لو سألت حياة يوم … سوى الأجل الذي لك لم تطاعي

وكان علي بن أبي طالب رضي الله عنه يخرج كل يوم بصفين حتى يقف بين الصفين ويقول:
أي يومي من الموت أفر … يوم لا يقدر أو يوم قدر
يوم لا يقدر لا أرهبه … ومن المقدور لا ينجي الحذر

كان فارس العرب في الجاهلية ربيعة بن مكدم؛ من بني فراس بن غنم ابن مالك بن كنانة، وكان يعقر على قبره في الجاهلية، ولم يعقر على قبر أحد غيره.
وقال حسان بن ثابت وقد مر على قبره:
نَفَرَت قُلوصي مِن حِجارَةِ حَرَّةٍ … بُنِيَت عَلى طَلقِ اليَدَينِ وَهوبِ
لا تَنفُري يا ناقَ مِنهُ فَإِنَّهُ … شَرّابُ خَمرٍ مِسعَرٌ لِحُروبِ
لا يَبعُدَنَّ رَبيعَةُ بنُ مُكَدَّمٍ … وَسَقى الغَوادي قَبرَهُ بِذُنوبِ
لَولا السِفارُ وَبَعدُ خِرقٍ مَهمَهٍ … لَتَرَكتُها تَحبو عَلى العُرقوبِ
فَرَّ الفَوارِسُ مِن رَبيعَةَ بَعدَما … نَجاهُمُ مِن غَمرَةِ المَكروبِ
وكان بنو فراس بن غنم بن كنانة أنجد العرب، كان الرجل منهم يعدل بعشرة من غيرهم. وفيهم يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه لأهل الكوفة: من فاز بكم فقد فاز بالسهم الأخيب، أبدلكم الله بي من هو شر لكم، وأبدلني بكم من هو خير منكم. وددت والله أن لي بجميعكم – وأنتم مائة ألف – ثلاثمائة من بني فراس بن غنم.

وقال عبد الله بن الزبير: التقيت بالأشتر النخعي يوم الجمل فما ضربته ضربة حتى ضربني خمساً أو ستاً، ثم أخذ برجلي فألقاني في الخندق وقال: والله لولا قرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اجتمع منك عضو إلى آخر.
وقال أبو بكر بن أبي شيبة: أعطت عائشة رضي الله عنها الذي بشرها بحياة ابن الزبير إذ التقى مع الأشتر، عشرة آلاف درهم.

وكان بعض أهل التمرس يقول لأصحابه: شاوروا في حربكم الشجعان من أولي العزم، والجبناء من أولي الحزم، فإن الجبان لا يألوا برأيه ما يقي مهجكم، والشجاع لا يعدو ما يشد بصيرتكم. ثم خلصوا من بين الرأيين نتيجة تحمل عنكم معرة الجبان، وتهور الشجعان، فتكون أنفذ من السهم الزالج والحسام الوالج.

وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا غزا أخذ طريقاً وهو يريد أخرى، ويقول: الحرب خدعة.

وكتب عمر بن عبد العزيز رحمه الله إلى الجراح: إنه بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث جيشاً أو سرية قال: اغزوا بسم الله، وفي سبيل الله، تقاتلون من كفر بالله، لا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا، ولا تقتلوا امرأة ولا وليداً. فإذا بعثت جيشاً أو سرية فمرهم بذلك.

وكان قتيبة بن مسلم يقول لأصحابه: إذ غزوتم فأطيلوا الأظفار وقصروا الشعور، والحظوا الناس شزراً، وكلموهم رمزاً، واطعنوهم وخزاً.

وقال سعيد بن سلم: أهدر المهدي دم رجل من أهل الكوفة كان يسعى في فساد دولته وجعل لمن دله عليه أو جاءه به مائة ألف درهم. قال: فأقام الرجل حيناً متوارياً ثم إنه ظهر بمدينة السلام، فكان ظاهراً كغائب خائفاً مترقباً. فبينا هو يمشي في بعض نواحيها إذ بصر به رجل من أهل الكوفة فعرفه، فأهوى إلى مجامع ثوبه، وقال: هذا بغية أمير المؤمنين؛ فأمكن الرجل من قياده، ونظر إلى الموت أمامه. فبينما هو على الحالة إذ سمع وقع الحوافر من وراء ظهره، فالتفت فإذا معن بن زائدة، فقال: يا أبا الوليد، أجرني أجارك الله؛ فوقف وقال للرجل الذي تعلق به: ما شأنك؟ قال: بغية أمير المؤمنين، الذي أهدر دمه وأعطى لمن دل عليه مائة ألف. فقال: يا غلام، انزل عن دابتك، واحمل أخانا. فصاح الرجل: يا معشر الناس، يحال بيني وبين من طلبه أمير المؤمنين! قال له معن: اذهب فأخبره أنه عندي. فانطلق إلى باب أمير المؤمنين فأخبر الحاجب، فدخل إلى المهدي فأخبره، فأمر بحبس الرجل، ووجه إلى معن من يحضر به. فأتته رسل أمير المؤمنين وقد لبس ثيابه، وقربت إليه دابته، فدعا أهل بيته ومواليه فقال: لا يخلصن إلى هذا الرجل وفيكم عين تطرف. ثم ركب ودخل حتى سلم على المهدي، فلم يرد عليه. فقال: يا معن، أتجير علي؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين. قال: ونعم أيضاً! واشتد غضبه. فقال معن: يا أمير المؤمنين، قتلت في طاعتكم باليمن في يوم واحد خمسة عشر ألفاً، ولي أيام كثيرة قد تقدم فيها بلائي وحسن غنائي، فما رأيتموني أهلاً أن تهبوا لي رجلاً واحداً استجار بي؟ فأطرق المهدي طويلاً ثم رفع رأسه وقد سري عنه، فقال: قد أجرنا من أجرت. قال معن فإن رأى أمير المؤمنين أن يصله فيكون قد أحياه وأغناه فعل. قال: قد أمرنا له بخمسين ألف. قال: يا أمير المؤمنين، إن صلات الخلفاء تكون على قدر جنايات الرعية، وإن ذنب الرجل عظيم، فأجزل له الصلة. قال: قد أمرنا له بمائة ألف. قال: فتعجلها يا أمير المؤمنين فإن خير البر عاجله. فأمر بتعجيلها. فدعا لأمير المؤمنين بأفضل دعاء، ثم انصرف ولحقه المال. فدعا الرجل، فقال له: خذ صلتك والحق بأهلك وإياك ومخالفة خلفاء الله تعالى.

وقال خالد بن الوليد عند موته. لقد لقيت كذا وكذا زحفاً، وما في جسمي موضع شبر إلا وفيه ضربة أو طعنة أو رمية، ثم هأنذا أموت حتف أنفى كما يموت العير، فلا نامت أعين الجبناء.

وقال آخر (في الجبن):
قامت تشجعني هند وقد علمت … أن الشجاعة مقرون بها العطب
لا والذي منع الأبصار رؤيته … ما يشتهي الموت عندي من له أدب
للحرب قوم أضل الله سعيهم … إذا دعتهم إلى نيرانها وثبوا
ولست منهم ولا أبغي فعالهم … لا القتل يعجبني منهم ولا السلب

اقوال وحكم مأثورة - المجموعة الشاملة

ومن الفرارين: عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، فر من الأزارقة وكان في عشرة آلاف، وكان قد بعث إليه المهلب: يا بن أخي، خندق على نفسك وعلى أصحابك فإني عالم بأمر الخوارج ولا تغتر. فبعث إليه: أنا أعلم بهم منك، وهم أهون علي من ضربة الجمل. فبيته قطري صاحب الأزارقة، فقتل من أصحابه خمسمائة وفر لا يلوي على أحد. فقال فيه الشاعر:
تركت ولداننا تدمى نحورهم … وجئت منهزماً يا ضرطة الجمل

وقال أبو دلامة: كنت مع مروان أيام الضحاك الحروري، فخرج فارس منهم فدعا إلى البراز، فخرج إليه رجل فقتله، ثم ثان فقتله، ثم ثالث فقتله فانقبض الناس عنه وجعل يدنو ويهدر كالفحل المغتلم. فقال مروان: من يخرج إليه وله عشرة آلاف؟ قال: فلما سمعت عشرة آلاف هانت علي الدنيا وسخوت بنفسي في سبيل عشرة آلاف وبرزت إليه، فإذا عليه فرو قد أصابه المطر فارمعل ثم أصابته الشمس فاقفعل، وله عينان تتقدان كأنهما جمرتان. فلما رآني فهم الذي أخرجني، فأقبل نحوي وهو يرتجز ويقول:
وخارج أخرجه حب الطمع … فر من الموت وفي الموت وقع
فلما رأيته قنعت رأسي ووليت هارباً، ومروان يقول: من هذا الفاضح لا يفتكم؟ فدخلت في غمار الناس.

وقيل لأعرابي: ألا تغزو العدو؟ قال: وكيف يكونون لي عدواً وما أعرفهم ولا يعرفوني؟ وقيل لآخر: ألا تغزو العدو؟ قال: والله إني لأبغض الموت على فراشي، فكيف أخب إليه راكضاً.

ولم يقل أحد في وصف الجبن والفرار مثل قول الطرماح في بني تميم:
تميم بطرق اللؤم أهدى من القطا … ولو سلكت طرق المكارم ضلت
ولو أن برغوثاً على ظهر قملة … رأته تميم يوم زحف لولت

وليس يعاب الشجاع والبهمة البطل بالفرة الواحدة تكون منه خاصة لا عامة، وقليلة لا عادة، كما قال زفر بن الحارث، وفر يوم مرج راهط عن أبيه وأخيه، فقال:
أيذهب يوم واحد إن أسأته … بصالح أيامي وحسن بلائيا
ولم تر مني زلة قبل هذه … فراري وتركي صاحبي ورائيا

وفر عمر بن معد يكرب من عباس بن مرداس السلمي، وأسر أخته ريحانة. وفيها يقول عمرو:
أمن ريحانة الداعي السميع … يؤرقني وأصحابي هجوع
وفر عن بني عبس، وفيهم زهير بن جذيمة العبسي، وولده شأس بن زهير، وقيس بن زهير، ومالك بن زهير فقال فيهم:
أجاعلة أم الثوير خزاية … علي فراري إذ لقيت بني عبس
لقيت أبا شأس وشأساً ومالكاً … وقيساً فجاشت من لقائهم نفسي
لقونا فضموا جانبينا بصادق … من الطعن مثل النار في الحطب اليبس
ولما دخلنا تحت فيء رماحهم … خبطت بكفي أطلب الأرض باللمس
وليس يعاب المرء من جبن يومه … إذا عرفت منه الشجاعة بالأمس
وقال أيضاً:
ولقد أجمع رجلي بها … حذر الموت وإني لفرور
ولقد أعطفها كارهة … حين للنفس من الموت هرير
كل ما ذلك مني خلق … وبكل أنا في الروع جدير
وابن صبح سادراً يوعدني … ما له في الناس ما عشت مجير

وقال الحارث لامرأته، وذلك أنها نظرت إليه وهو يحد حربة يوم فتح مكة، فقالت له: ما تصنع بهذه؟ قال: أعددتها لمحمد وأصحابه. فقالت: ما أرى يقوم لمحمد وأصحابه شيء! قال: والله إني لأرجو أن أخدمك بعضهم، ثم أنشأ يقول:
إنْ يُقْبِلُوا الْيَوْمَ فَمَا لِي عِلَّهْ … هَذَا سِلَاحٌ كَامِلٌ وَأَلَّهْ
وَذُو غِرَارَيْنِ سَرِيعُ السَّلَّهْ
فلما لقيهم خالد بن الوليد يوم الخندمة انهزم الرجل، فلامته امرأته فقال:
إنَّكِ لَوْ شَهِدْتُ يَوْمَ الْخَنْدَمَهْ … إذْ فَرَّ صَفْوَانُ وَفَرَّ عِكْرِمَهْ
وَأَبُو يَزِيدَ قَائِمٌ كَالْمُوتَمَهْ … وَاسْتَقْبَلَتْهُمْ بِالسُّيُوفِ الْمُسْلِمَهْ
يَقْطَعْنَ كُلَّ سَاعِدٍ وَجُمْجُمَهْ … ضَرْبًا فَلَا يُسْمَعُ إلَّا غَمْغَمَهْ
لَهُمْ نَهِيتٌ خَلْفَنَا وَهَمْهَمَهْ … لَمْ تَنْطِقِي فِي اللَّوْمِ أَدْنَى كَلِمَهْ

وقال عبد الله بن مطيع بن الأسود العدوي وكان فر يوم الحرة من جيش مسلم بن عقبة، فلما كان أيام حصار الحجاج بمكة لعبد الله بن الزبير جعل يقاتل أهل الشام ويقول:
أَنَا الَّذِي فَرَرْتُ يَوْمَ الحَرَّهْ … وَالحُرُّ لَا يَفِرُّ إِلَّا مَرَّهْ
يَا حَبَّذَا الكَرَّةُ بعــد الفَـرَّهْ … لأَجْـزِينَ كـــَرَّةً بِفَـــرَّهْ
فلم يزل يقاتل حتى قتل.

وقالت هند بنت النعمان بن بشير لزوجها روح بن زنباع الجذامي: عجباً منك! كيف سودك قومك وأنت جبان غيور؟ قال: أما الجبن، فإن لي نفساً واحدة فأنا أحوطها؛ وأما الغيرة، فما أحق بها من كانت له امرأة حمقاء مثلك، مخافة أن تأتيه بولد من غيره فترمي به في حجره.

وقال كعب بن زهير:
بخلاً علينا وجبناً من عدوكم … لبئست الخلتان البخل والجبن

وقال العتبي: بعث عمر بن الخطاب إلى عمرو بن معد يكرب أن يبعث إليه بسيفه المعروف بالصمصامة. فبعث به إليه. فلما ضرب به وجده دون ما كان يبلغه عنه، فكتب إليه في ذلك. فرد عليه: إنما بعثت إلى أمير المؤمنين بالسيف، ولم أبعث إليه بالساعد الذي يضرب به.

وحدث العتبي عن بعض أشياخه قال: كنت عند المهاجر بن عبد الله والي اليمامة. فأتي بأعرابي كان معروفاً بالسرق فقال له: أخبرني عن بعض عجائبك. قال: عجائبي كثيرة، ومن أعجبها أنه كان لي بعير لا يسبق، وكانت لي خيل لا تلحق، فكنت أخرج فلا أرجع خائباً، فخرجت يوما فاحترشت ضبا، فعلقته على قتبي ثم مررت بخباء ليس فيه إلا عجوز ليس معها غيرها، فقلت: يجب أن يكون لهذه رائحة من غنم وإبل. فلما أمسيت إذا بإبل وإذا شيخ عظيم البطن شثن الكفين ومعه عبد أسود وغد، فلما رآني رحب بي، ثم قام إلى ناقة فاحتلبها، وناولني العلبة، فشربت ما يشرب الرجل، فتناول الباقي فضرب بها جبهته، ثم احتلب تسع أينق، فشرب ألبانهن، ثم نحر حواراً فطبخه، فأكلت شيئاً، وأكل الجميع حتى ألقى عظامه بيضاً. وجثا على كومة من البطحاء وتوسدها، ثم غط غطيط البكر. فقلت: هذه والله الغنيمة، ثم قمت إلى فحل إبله فخطمته، ثم قرنته ببعيري وصحت به، فاتبعني الفحل واتبعته الإبل إرباباً به في قطار، فصارت خلفي كأنها حبل ممدود. فمضيت أبادر ثنية بيني وبينها مسيرة ليلة للمسرع، ولم أزل أضرب بعيري مرة بيدي ومرة برجلي حتى طلع الفجر، فأبصرت الثنية وإذا عليها سواد، فلما دنوت منه، إذا الشيخ قاعد وقوسه في حجره. فقال: أضيفنا؟ قلت: نعم. قال: أتسخو نفسك عن هذه الإبل؟ قلت: لا. فأخرج سهماً كأنه لسان كلب، ثم قال: انظره بين أذني الضب المعلق في القتب، ثم رماه، فصدع عظمه عن دماغه، فقال لي: ما تقول؟ قلت: أنا على رأيي الأول قال: انظر هذا السهم الثاني في فقرة ظهره الوسطى، ثم رمى به فكأنما قدره بيده ثم وضعه بإصبعه. ثم قال: رأيك؟ فقلت: إني أحب أن أستثبت. قال: انظر هذا السهم الثالث في عكوة ذنبه، والرابع والله في بطنك، ثم رماه فلم يخطئ العكوة. قلت: أنزل آمناً؟ قال: نعم. فدفعت إليه خطام فحله، وقلت: هذه إبلك لم يذهب منها وبرة، وأنا متى يرميني بسهم يقصد به قلبي. فلما تباعدت، قال: أقبل؛ فأقبلت والله فرقاً من شره لا طمعاً في خيره. فقال: ما أحسبك تجشمت الليلة ما تجشمت إلا من حاجة. قلت نعم. قال فاقرن من هذه الإبل بعيرين وامض لطيتك. قال: قلت أما والله لا أمضي حتى أخبرك عن نفسك، فلا والله ما رأيت أعرابياً قط أشد ضرساً ولا أعدى رجلاً ولا أرمى يداً ولا أكرم عفواً ولا أسخى نفساً منك. فصرف وجهه عني حياء، وقال: خذ الإبل برمتها مباركاً لك فيها.

وكان أرمى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن أبي وقاص، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا له، فقال “اللهم سدد رميته، وأجب دعوته”، فكان لا يرد له دعاء، ولا يخيب له سهم.

وقالوا: أزفن للقرد في دولته.
أخذه الشاعر فقال:
لا تعبدن صنماً في فاقة نزلت … وازفن بلا حرج للقرد في زمنه (الزَّفْن :الرَّقْص)

وقال أحمد بن يوسف الكاتب: إذا لم تقدر أن تعض يد عدوك فقبلها.

اقوال وحكم مأثورة - المجموعة الشاملة

وقال الشاعر:
بلاء ليس يشبهه بلاء … عداوة غير ذي حسب ودين
يبيحك منه عرضاً لم يصنه … ويرتع منك في عرض مصون

وقالوا: لا تطمئن إلى العدو إن أبدى لك المقاربة، وإن بسط لك وجهه وخفض لك جناحه، فإنه يتربص بك الدوائر، ويضمر لك الغوائل، ولا يرتجى صلاحاً إلا في فسادك، ولا رفعة إلا بسقوط جاهك.

وقال الأخطل:
إن الضغينة تلقاها وإن قدمت … كالعرق يكمن حيناً ثم ينتشر
وقد أشار الحسن بن هانئ إلى هذا المعنى فأجاده حيث يقول:
وابن عم لا يكاشفنا … قد لبسناه على غمره
كمن الشنآن فيه لنا … ككمون النار في حجره

وفي كتاب الهند: إذا أحدث لك العدو صداقة لعلة ألجأته إليك فمع ذهاب العلة رجوع العداوة، كالماء تسخنه فإذا أمسكت عنه عاد إلى أصله بارداً: والشجرة المرة لو طليتها بالعسل لم تثمر إلا مراً.

وقال زهير:
وما يك في صديق أو عدو … تخبرك العيون عن القلوب

وقيل لزياد: ما السرور؟ قال: من طال في العافية والكفاية عمره، حتى يرى في عدوه ما يسره.

وقال الشيخ سيدي محمد ولد الشيخ سيديّ يستصرخ المسلمين في موريتانيا للجهاد ضد المستعمر الفرنسي:
فَيَا لَلْمُسْلِمِينَ لِمَا دَهَاكُمْ… إلَى كَمْ لَا تَرُدُّونَ الْحِوَارَا
أجِيبُوا دَاعِيَ الْمَوْلَى تَعالَى… أَوِ اعْتَذِرُوا وَلَن تَجِدُوا اعْتِذَارَا
أجِيبُوهُ بِدُنيَاكُمْ تَعِزُّوا… وَتَدَّخِرُوا مِنَ الْأَجْرِ ادِّخَارَا
فَإحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ لَكُمْ أُعِدَّتْ… حَمَالَةَ قَادِرٍ حَازَ الْيَسَارَا
بِجَنَّتِهِ اشْتَرَى مِنكُمْ نُفُوسًا… وَمَالًا يَا رَبَاحَكُمُ تِجَارَا
وَهَذَا مَا أَشَرْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ… وَلَو لَمْ تَجْعَلُونِي مُسْتَشَارَا
فَإِنْ أَنتُمْ تَوَلَّيْتُمْ فَحَسْبِي… وَجَارِي اللهُ نِعْمَ اللهُ جَارَا
وَمَنْ يَكُ جَارُهُ الْمَوْلَى تَعَالَى …كَفَاهُ فَلَنْ يُضَامَ وَلَنْ يُضَارَا
وَرَبِّي شَاهِدٌ وَكَفَى شَهِيدًا… بِهِ أَنِّي دَعَوْتُكُمُ جِهَارَا
وَكَمْ مِن نَّاصِحٍ قَبْلِي دَعَاكُمْ.. .جِهَارًا بَعْدَمَا يَدْعُو سِرَارَا
وَكُلٌّ حِينَ يَدْعُو لَم يَزِدْكُمْ … دَوَامُ دُعَائِهِ إلَّا فِرَارَا
فَرَبِّ اغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِينَا… وَمَن جَعَلُوا هُدَاكَ لَهُمْ مَنَارَا
وَزِدْنَا مِلَّةَ الْإِسْلَامِ عِزَّا… وَلَا تَزِدِ الْعِدَى إِلَّا تَبَارَا

– لا يسألون أخاهم حين يسألهم … في النائبات على ما قال برهان


اقوال عن التعليم والعلم

– قال ابن سِيرين رحمه اللهّ تعالى: العِلْم أكثرُ من أن يُحاط به، فخُذوا من كلِّ شيء أحسنه.

– قال ابن عبّاس رضي الله عنهما: كَفَاك من عِلم الدِّين أن تَعرف مالا يسع جهلُه، وكفاك من عِلم الأدب أن تَرْوِي الشاهد والمَثل، قال الشاعر:
وما من كاتب إلا ستبقى … كِتابتهُ وإن فنيت يدَاه
فلا تكتب بكفِّك غير شيء … يَسرّك في القِيامة أن تَراه

– وقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا يزال الرجلُ عالماً ما طَلب العِلم، فإذا ظَنَّ أنه قد عَلِم فقد جَهل.
وقال عليه الصلاةُ والسلام: الناسُ عالمٌ ومُتعلِّم وسائرهم هَمَج.

اقوال وحكم مأثورة - المجموعة الشاملة

– وقيل لأبي عمرو بن العَلاء: هل يَحْسُن بالشَيخ أن يتعلًم؟ قال: إن كان يَحسن به أن يعيش فإنه يحسن به أن يتعلم.

– وقال الشاعر:
نِعْمَ الأنيسُ إذا خلوْتَ كِتَابُ … تَلْهو به إن خانَكَ الأحبابُ
لا مُفْشِياً سرّا إذا استودعتَه … وتُفاد منهُ حكمةٌ وصَوَابُ

– وقال عبد اللهّ بن عبَّاس رضوان الله عليهما: مَنْهومان لا يَشبعان: طالِب علم وطالب دنيا.
وقال: ذَلَلتُ طالباً فعَزَزْتُ مطلوباً.

– وقال الشاعر:
تَعَلم فليسَ المرء يُولد عالماً … وليس أخو عِلم كمن هو جاهلُ

– وقال عليه الصلاةُ والسلام: يَحمل هذا العِلم من كل خَلَف عُدُولُه، يَنْفون عنهُ تحريف القائلين، وانتحالَ اْلْمُبْطلين، وتَأْويل الجاهلين.

– وقيل: لا تَمْنعوا العِلم أَهلَه فتَظلمُوهم، ولا تُعْطوه غير أهله فتَظْلموه.

– وقيل لبَعض العُلماء: كيف رأيتَ العِلم؟ قال: إَذا اغتممتُ سَلوتي، وإذا سَلَوت لذاًتي.

– وأنشد لسابق البرْبريّ:
العِلم زَيْن وتَشْريفٌ لصاحبه … والجَهْل والنَّوك مَقْرُونان في قَرَنِ

– وقال الشاعر:
وإذَا طَلَبت العِلِم فاعْلَم أنَّه … حِمْل فأَبْصر أيَّ شيء تَحْمِلُ
وإذَا علمتَ بأنّه مُتَفاضِلٌ … فاشْغل فؤادَك بالذي هو أَفضل

– وقال الشاعر:
لاَ يَنْفعُ العِلم قلباً قاسياً أَبَداً … ولاَ يَلين لفَكِّ الماضِغ الحجُر

– وقالوا: العِلْم ثلاثة: حَدِيث مُسْند، وآية مُحْكمة، ولا أَدْرِي.

– وقال الخَلِيل بن أحمد: إنك لا تَعْرف خَطأ مُعَلّمك حتى تَجْلِس عند غيره.
وكان الخليلُ قد غَلبت عليه الإباضية حتى جالسَ أيُّوب.

– وقال بعض الحكماء: لا يَنبَغي لأحد أن يَنتحَل العِلم، فإنّ الله عزِّ وجَلَّ يقول: “ومَا أُوتِيتُمْ مِنَ العِلْم إلا قَلِيلاً ” . وقال عز وجلّ: “وَفَوْقَ كُلّ ذِي عِلْمٍ عَلِيم” . وقد ذُكر عن موسى بن عِمْران عليه السلام أنّه لما كلّمه الله تعالى تَكليَماَ ودَرَس التَّوراةَ وحَفِظها، حَدَّثته نفسُه أنّ الله لم يَخلق خَلقاً أعلم منه، فهَوّن اللّه عليه نفسَه بالْخِضْر عليه السلام.

– وقال مُقاتل بن سُليمان، وقد دَخَلْته أبهة العِلم: سَلُوني عمّا تحت العَرْش إلى أَسفل الُثرى. فقام إليه رجلٌ من القوم فقال: ما نسأَلك عما تحت العرش ولا أسفل الثرّى، ولكن نسأَلك عَمَّا كان في الأرض، وذَكَرَه الله في كتابه، أَخْبرني عن كَلْب أَهل الكَهْف، ما كان لونُه؟ فأَفحمه.

– قال قَتَادة: حَفِظْتُ ما لم يَحفَظْ أَحَد، وأنسيتُ ما لم يَنْسَ أَحَدٌ، حَفِظت القرآن في سَبعة أشهر، وقَبَضت على لِحْيَتي وأنا أُريد قَطع ما تحت يدي فقطعتُ ما فوقها.
وقال: ما سمعت شيئاً قطُّ إلا حَفِظْتُه، ولا حَفِظت شيئاً قَط فَنَسيته، ثم قال: يا غلام، هَاتِ نعلي؛ فقال: هُما في رِجْليك، فَفَضحه اللهّ.
وأَنشد أبو عَمْرو بنُ العلاء في هذا المعنِى:
مَنْ تَحَلَّى بغير ما هو فيهِ … فضَحَتْهُ شواهدُ الامتحانِ

– وقالَ شَبِيب بن شَيْبة لفتى من دَوْس: لا تُنازع مَن فوقك، ولا تَقُل إلا بعِلْم، ولا تَتَعاطَ ما لم تَبْلُ، ولا يخالف لسانُكَ ما في قلبك ولا قولُكَ فِعْلَك، ولا تَدَع الأمرَ إذا أَقبل ولا تَطلبهُ إذا أَدْبر .

– وقالوا: لا يكون العالم عالماً، حتى تكونَ فيه ثلاثُ خِصال: لا يَحْتَقر مَن دونه، ولا يَحْسد مَن فوقه، ولا يأخذ على العِلم ثَمَناً.

– وقالوا: رأسُ العِلم الخوْف من الله تعالى.

– وقال الحسن: يكون الرجلُ عالماً ولا يكون عابداً، ويكون عابداً ولا يكون عاقلاَ.

– وقالوا: من تمام آلة العاِلم أن يكون شديدَ اْلهَيْبة، رَزِين المَجْلس، وَقُوراً صَمُوتاً، بطيء الالتفات، قليلَ الإشارات، ساكنَ الحَرَكات، لا يَصخَب ولا يَغْضب، ولا يُبْهَر في كلامه، ولا يَمسح عُثْنونه عند كلامه في كلّ حين؛ فإنّ هذه كلّها من آفات العِيّ.
وقال الشاعر:
مَلِيء بِبُهْر وآلْتِفَاتٍ وسُعْلةٍ … ومسحة عُثْنون وفَتْل الأصابع

اقوال وحكم مأثورة - المجموعة الشاملة

– وقال عبد اللهّ بن المُبارك في مالك بن أنس رضي الله عنه:
يَأتَي الجوابَ فما يُراجَع هَيْبَةً … فالسَّائلون نَوَاكِسُ الأذْقان
هَدْي الوَقار وعِزُّ سُلطان التُّقى … فهو المَهيب وليسَ ذَا سُلْطان

– ودخل رجلٌ علىِ عبد الملك بن مَرْوان، وكان لا يَسأَله عن شيء إلاّ وَجد عنده منه عِلماً، فقال لهُ: أَنىَ لك هذا؟ فقال: لم أَمْنع قَطّ يا أَميرَ المؤمنين علماً أفيده، ولم أَحتقر علماً أَستفيده، وكنتُ إذَا لَقيت الرَّجُلَ أَخذتُ منه وأَعطيتُهُ.

– وقال مالكُ بن دِينار: العاِلم إذا لم يَعْمل بعِلمه زَلَّت مَوْعظته عن القَلْب، كما يَزل الماء عن الصفا.
وقالوا: الكلمة إذا خرجتْ من القلب وقعتْ في القلب، وإذا خرجتْ من اللّسان لم تُجَاوز الآذان.

– وقال عمر بن الخطّاب رضوان الله عليه: أيها الناس، تعلَّمُوا كتابَ الله تُعْرَفوا به، واْعْمَلوا به تكونوا من أهله.

– وقالوا: لا تُناظر جاهلاً ولا لجوجاً، فإنه يجعل المُناظرة ذريعة إلى التعلّم بغير شكر.

– وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ارحموا عزيزاً ذلّ، ارحموا غنيّاً افتقر، ارحموا عالماً ضاع بين جُهًال.

– وجاء كَيْسان إلى الخليل بن أَحمد يَسأله عن شيء، ففكَّر فيه الخليلُ ليُجيبه، فلما استفتح الكلام؟ قال له: لا أَدري ما تقول؛ فأنشأ الخليل يقول:
لو كنتَ تَعْلم ما أقولً عَذَرْتَتي … أو كنتُ أَجْهل ما تقولُ عذلْتُكا
لكن جَهِلْت مَقالتي فعَذلْتَني … وعلمتُ أنك جاهل فعَذَرْتُكا

– وقالوا: إذا جلستَ إلى العاِلم فَسَلْ تَفَقُّهاَ ولا تَسَلْ تعَنَتاً.
وكان ابن سِيرين إذا سُئل عن مَسألة فيها أغلوطة –مسألة صعبة-، قال للسائل: أمْسِكها حتى نَسأل عنها أخاكَ إِبليس.
وقيل لابن عبَّاس رضي الله عنهما: ما تقول في رجل طًلّق امرأَته عددَ نُجوم السماء؟ قال: يَكْفيه منها كوكب الجوزاء.
وسُئِل عليُّ بن أبي طالب رضوان الله عليه: أين كان ربُّنا قبل أن يَخلق السماء والأرض؟ فقال: أين: تُوجب المَكان، وكان الله عزّ وجلّ ولا مكان.

– وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا أخْبركم بشرِّ الناس؟ قالوا: بلَى يا رسول الله؛ قال: العُلماء إذا فَسدوا.

– وقال الفُضَيل بن عِيَاض: كان العُلَمَاء رَبيعَ الناس، إذ رآهم المَريضُ لم يسرّه أن يكون صَحيحاً، وإذا نظر إليهم الفقيُر لم يَودَّ أن يكون غنياً، وقد صاروا اليومَ فتنة للناس.

– وقال عيسى بنُ مَرْيم عليه السلام: سيكون في آخرِ الزمان عُلماء يُزَهِّدون في الدُّنيا ولا يَزهدون، ويُرَغِّبون في الآخرة ولا يَرْغَبون، يَنْهَوْن عن إتيان الوُلاة ولا ينْتهون، يُقَرِّبون الأغنياء ويُبْعِدون الفُقراء، ويتَبسِّطون للكبراء ويَنْقبضون عن الحُقراء، أولئك إخوانُ الشياطين وأعداء الرحمن.

– وقال مالك بن دِينار: مَن طلب العِلم لنفسه فالقَلِيل منه يَكْفِيه، ومَن طَلبه للنَّاس فحوائجُ الناس كثيرة.

– وقال النبي صلى الله عليه وسلم: مَن طلب العِلْم لأرْبَع دَخل النارَ: مَن طلبه ليُباهي به العُلماء، وليُمارِي به السُّفهاء، وليَسْتَمِيل به وُجوه الناس إليه، أو ليأخذَ به من السلطان.

– وتكلّم مالكُ بن دِينار فأبْكَى أصحابَه، ثم افتقد مُصْحفه، فنظَر إلى أصحابه وكلهم يَبْكِي، فقال: وَيحكم! كلكم يبكِي، فمن أخذ هذا المُصحف؟

– وسُئل خالدُ بن صَفوان عن الحسَن البَصْريّ، فقال: كان أشبَهَ الناس علانيةً بسَرِيرة، وسريرة بعَلاَنِيَة، وأخذَ الناس لِنَفْسه بما يَأْمُر به غيرَه، يا له من رجل اسْتَغنى عمَّا في أيدي الناس من دُنياهم، واحتاجُوا إلى ما في يَدَيْه من دِينهم.

– ودَخل عُروة بن الزبير بُستاناً لعبد المَلِك بن مَرْوان، فقال عُروة: ما أحسنَ هذا البستان! فقال له عبدُ الملك: أنت واللّه أحسنً منه، إنَّ هذا يُؤتي أكله كلَّ عام، وأنت تُؤتي أكلك كلّ يوم.

– وذُكر الصحابةُ عند الحَسَن البَصريّ، فقال: رَحِمهم اللّه، شَهدوا وغِبْنا، وعَلِموا وجَهِلنا، فما اجتمعوا عليه اتَبعنا، وما اختلفوا فيه وَقَفنا.

– وقال ابن المُبارك: كلّ من ذُكر لي عنه وجدتُه دون ما ذُكر إلاّ حَيْوةَ بن شرُيح وأبا عَوْن. وكان حَيْوة بن شرُيح يَقعُد للناس، فتقول له أًمه: قُمْ يا حَيْوة ألقِ الشعيرَ للدَّجاج، فيقوم.

– وقال الحسنُ: حدّثني أبي قال: أمر الحجّاج أن لا يَؤمّ بالكوفة إلا عربيّ. وكان يحيى بن وَثّاب يَؤمّ قومَه بني أَسَد، وهو مَوْلى لهم؛ فقالوا: اعتزل، فقال: ليس عن مِثْلي نَهى، أنا لاحِقٌ بالعَرب، فأبَوا، فأَتى الحجاجَ فقرأ، فقال: مَن هذا.؟ فقالوا: يحيى بن وَثّاب؛ قال: مالَه؟ قالوا: أمرتَ أن لا يؤُمّ إلا عربيّ فَنحّاه قومه؛ فقال: ليس عن مِثل هذا نَهيتُ، يُصلِّي بهم.
قال: فصلّى بهم الفَجْر والظُهر والعَصر والمغْرب والعِشاء، ثم قال: اطلُبوا إماماً غيري، إنما أردتُ أن لا تَستذلّوني، فأمّا إذ صار الأمرُ إليّ، فأنا أؤمّكم؟ لا، ولا كرامة.

– وقال الحسن: كان يحيى بن اليَمان يُصلِّي بقومه، فتعصّب عليه قومٌ منهم، فقالوا: لا تُصلِّ بنا، لا نَرْضاك، إن تَقدَمت نَحَّيْنَاك. فجاء بالسيف فسَل منه أربَع أصابَع ثم وَضعه في اِلمحراب، وقال: لا يَدْنُو منى أحذ إلا ملأتُ السيفَ منه؛ فقالوا: بيننا وبينك شريك؛ فَقَدَموه إلى شريك، فقالوا: إن هذا كان يُصَلِّي بنا وكَرِهناه؛ فقال لهم شريك: مَن هو؟ قالوا: يحيى بن اليمان؛ فقال: يا أعداء الله، وهل بالكوفة أحدٌ يُشبه يحيى؛ لا يُصلِّي بكم غيرُه.
فلما حَضرتْه الوفاة، قال لابنه داود: يا بُني، كاد دِيني يَذْهب مع هؤلاء، فإن اضطُروه إليك بعدي فلا تُصلِّ بهم.

– وكان الحسن البصري إذا جَلس فتمكَّن في مَجْلسه ذَكَرَ عُثمان، فترحَّم عليه ثلاثاً، ولَعن قَتلته ثلاثاً، ويقول: لو لم نَلْعنهمٍ لَلُعِنّا؛ ثم يَذكر عليَّاً فيقول: لم يَزل عليٌّ أميرُ المؤمنين صلواتُ الله عليه مُظَفَرا مُؤيداَ بالنعم حتى حَكَّمَ، ثم يقول: ولمَ تُحَكِّم والحق معك؟ ألا تَمْضي قُدماً لا أبا لك -وهذه الكلمة وإن كان فيها جَفاء، فإنّ بعضَ العرب يأتي بها على معنى المَدْح- وأنت على الحق.

– وكان يَجلس إلى سُفيانَ فتى كثيرُ الفِكرة، طويلُ الإطراق، فأراد سُفيان أن يحرِّكه ليسمعَ كلامه، فقال: يا فتى، إن مَنْ كان قبلَنا مرُّوا على خَيْل عِتَاق وبَقينا على حَمِير دَبِرَة. قال: يا أبا عبد الله، إن كُنَا على الطريق فما أسرعَ لحُوقنا بالقوم.

– وكان إبراهيمً النَّخعيّ في طَريق فلَقِيه الأعْمَش فانصرف معه، فقال له: يا إبراهيم، إنّ الناسَ إذا رأَوْنا قالوا: أعمش وأعور، قال: وما عَليك أن يَأْثموا ونؤجر؛ قال: وما عليك أن يَسْلَموا ونَسْلم.

– وقال رجلٌ لإبراهيمَ النَّخعيّ: إني أَختِمُ القران كل ثلاث، قال: ليتك تَخْتِمه كلَّ ثلاثين وتَدْري أيَّ شيء تقرأ.

– وقالت عائشةُ رضي اللهّ تعالى عنها: كانت تَنْزل علينا الآيةُ في عَهْد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنَحْفظ حلالَها وحَرَامها، وأَمْرها وزَجْرها، قبل أن نَحْفظها.

– وقال الحسن: حَمَلة القرآن ثلاثة نفر: رجلٌ اتخذه بضاعةً يَنْقُله من مِصْر إلى مصر يَطْلُب به ما عند الناس، ورجل حَفِظ حُروفه وضيّع حُدُوده، واستدَرّ به الوُلاة، واستطال به على أهل بلده، وقد كثُر هذا الضَرب في حَملة القرآن، لا كَثّرهم الله عزَّ وجلَّ، ورجُل قرأ القرآن فوضع دواءه على داء قَلبه، فسَهِر ليلَته وهَمَلت عَيْناه وتَسَرْبل الخُشوعَ وارتدى الوَقَار واستَشعر الحُزن، وواللّه لهذا الضَّرب من حملة القران أقلّ من الكِبْريت الأحمر، بهم يَسْقي الله الغَيْث ويُنزِّل النَصر ويَدْفع البَلاء.

– وقال الشيخ الشنقيطي محمدو ابن حنبل في قصيدته في الحض على العلم والتعلم:
فكأني بذوي العلم غدا…. في نعيم وحبور وطرب
يحمدون الله أن عنهم جلا…. كل حزن وعناء وتعب

– تعلم يا فتى والعود رطـــب … وجـسـمـك لـيـن والـطبع قابل
فـحـسـبـك يا فـتى شرفا وعزا … سكوت الـحـاضريـن وأنت قائـل

– لا تدخر غير العلـو م … فإنـها نعم الذخـائـر
فالمرء لو ربح البقـا … ء مع الجهالة كان خاسر


اقوال عن الحسد والمعاداة

– وإِذَا أَرادَ اللَّهُ نَــشْـرَ فَضيلَةٍ *** طويتْ أتاحَ لها لسانَ حسودِ
لَوْلاَ اشتعَالُ النَّارِ، فيما جَاوَرَتْ *** ما كَانَ يُعْرَفُ طيبُ عَرْف العُودِ

– وقال حكيم: لا تصطنعوا ثلاثة: اللئيم فإنه بمنزلة الأرض السبخة، والفاحش فإنه يرى أن الذي صنعت إليه إنما هو مخافة فحشه، والأحمق فإنه لا يعرف قدر ما أسديت إليه..

– وقال رجل: ما أبالي أهجيت أم مدحت فقال له الأحنف: أرحت نفسك من حيث تعب الكرام..

– إذا رضيت عني كرام عشيرتي *** فلا زال غضبانا علي لئامها

– إذا ارتفع اللئيم جفا أقاربه وأنكر معارفه واستخف بالأشراف وتكبر على ذوي الفضل..

– سأترك بابا أنت تملك إذنه *** ولو كنت أعمى عن جميع المسالك
فلو كنت بواب الجنان تركتها *** وحولت رجلي مسرعا نحو مالك

– وقال علي رضي الله عنه: ما أضمر أحد شيئا إلا ظهر في فلتات لسانه وصفحات وجهه..

– قال الزمخشري: إن الحمار ومن فوقه *** حماران شرهما الراكب

– إذا لم يسالمك الزمان فحارب *** وباعد إذا لم تنتفع بالأقارب
ولا تحقر كيد الضعيف فربما*** تموت الأفاعي من سموم العقارب

– من أمارات الخذلان معاداة الإخوان..

– من فعل ما شاء لقي ما ساء..

– من لم تسر حياته لم تغم وفاته..

– إذا ملك الأراذل هلك الأفاضل..

– من ضاق خلقه مله أهله..

– أجع كلبك يتبعك..

– لقد أسمعت لو ناديت حيا..

– لا يضر السحاب نباح الكلاب..

– أسأت إذ أحسنت ظني بكم*** والحزم سوء الظن بالناس

– ستذكرني إذا جربت غيري *** وتعلم أني نعم الصديق

– متى بلغ البنيان يوما تمامه *** إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم

– من الناس من يغشى الأباعد نفسه *** ويشقى به حتى الممات أقاربه

– ما للمرء خير في حياة *** إذا ما عد من سقط المتاع

– ومن يكن الغراب دليلا له *** يمر به على جيف الكلاب

– يريك البشاشة عند اللقا *** ويبريك في السر بري القلم

– خبزه بلا أدام ويعزم على الجيران..

– شره ووضيع ويغضب سريع..

– صاحب يضر عدو مبين..

– ما كفانا همَّ أبونا قام أبونا جاب أبوه قال خذوا جدكم ربوه..

– يا ليتنا انكسرنا ولا بك انتصرنا..

– قال الشافعي:
ولا تعطين الرأي من لا يريده *** فلا أنت محمود ولا الرأي نافعه
وقال:
إن لم يكن صفو الوداد طبيعة *** فلا خير في ود يجيء تكلفا
ولا خير في خل يخون خليله *** ويلقاه بعد المودة بالجفا
وينكر عيشا قد تقادم عهده *** ويظهر سرا كان بالأمس قد خفا
وقال:
ولا خير في ود امرئ متلون *** إذا الريح مالت مال حيث تميل
وما أكثر الإخوان حين تعدهم *** ولكنهم في النائبات قليل
وقال:
ولما رأيت الجهل في الناس فاشيا *** تجاهلت حتى ظُن أني جاهل
وقال:
وداريت كل الناس لكن حاسدي *** مداراته عزت وعز منالها
كيف يداري المرء حاسد نعمة *** إذا كان لا يرضيه إلا زوالها
وقيل قديما:
فدارهم ما دمت في دارهم *** وأرضهم ما دمت في أرضهم
وقال:
من كنت عن ماله غنيا *** فلا أبالي إذا جفاني
ومن رآني بعين نقص *** رأيته بالتي رآني
ومن رآني بعين تم *** رأيته كامل المعاني
وقال:
أعرض عن الجاهل السفيه *** فكل ما قال فهو فيه
فما ضر بحر الفرات يوما *** أن خاض بعض الكلاب فيه
وقال:
يخاطبني السفيه بكل قبح *** فأكره أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهة فأزيد حلما *** كعود زاده الإحراق طيبا
وقال:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة *** وعين السخط تبدي المساويا
لست بهياب لمن لا يهابني *** ولست أرى للمرء ما لا يرى ليا
فإن تدن مني تدن منك مودتي *** وإن تنأ عني تلقني عنك نائيا
كلانا غني عن أخيه حياته *** ونحن إذا متنا أشد تغانيا
وقال:
ولا تُر الأعداء قط ذلا *** فإن شماتة الأعداء بلاء
ورزقك ليس يُنقصه التأني *** وليس يزيد في الرزق العناء
ولا حزن يدوم ولا سرور *** ولا بؤس عليك ولا رخاء
إذا ما كنت ذا قلب قنوع *** فأنت ومالك الدنيا سواء
وقال:
تموت الأُسد في الغابة جوعا *** ولحم الضأن تأكله الكلاب
وعبد قد ينام على حرير *** وذو نسب مفارشه التراب
وقال عن الدنيا:
وما هي إلا جيفة مستحيلة *** عليها كلاب همهن اجتذابها
فإن تجتنبها كنت سِلما لأهلها *** وإن تجتذبها نازعتك كلابها
وقال عن تمكن الدهر من الظالم:
فأصبح لا مال ولا جاه يرتجى *** ولا حسنات تلتقى في كتابه
وجوزي بالأمر الذي كان فاعلا *** وصب الله عليه سوط عذابه
وقال:
ومن هاب الرجال تهيبوه *** ومن حقر الرجال فلن يهابا

اقوال وحكم مأثورة - المجموعة الشاملة

– من قعد عن حيلته أقامته الشدائد ومن نام عن عدوه أيقظته المكائد..

– لا تشتك ضعفك إلى عدوك فإنك تشمته بك وتطمعه فيك..

– لا يخلو المرء من ودود يمدح وعدو يقدح..

– إن الصديق يريد بسطك مازحا *** فإذا رأى منك الملالة يقصر
وترى العدو إذا يتيقن أنه *** يؤذيك بالمزح العنيف يكثر

– لا تغضب على امرئ *** لك مانع ما في يده
واغضب على الطمع الذي استد *** عاك تطلب ما في يده

– وقال حكيم لإبنه: عليك بطلب العلم وجمع المال فالناس نوعان خاصة تكرمك للعلم وعامة تكرمك للمال.

– وقيل: من ولد فقيرا أبطره الغنى ومن ولد غنيا لم يزده إلا تواضعا

– إذا ما رماك الدهر في الضيق فانتجع *** قديم الغنى في الناس إنك حامده
ولا تطلبن الخير من أفاده *** حديثا ومن لا يورث المجد والده

– لئن كانت الدنيا أنالتك ثروة *** فأصبحت ذا يسر وقد كنت ذا عسر
فقد كشف الإثراء منك خلائقا *** من اللؤم كانت تحت ثوب الفقر

– وقال لقمان لإبنه: إذا افتقرت فلا تحدث الناس به كيلا ينتقصوك ولكن اسأل الله من فضله..

– قال علي رضي الله عنه: يكفيك من الحاسد أنه يغتم وقت سرورك..

– تغتابني عند قوم وتمدحني *** في آخرين وكل عنك يأتيني
هذان شيئان وقد نافيت بينهما *** فأكفف لسانك عن شتمي وتزييني

– وقال عبد الرحمن بن عوف: من سمع فاحشة فأفشاها فهو كالذي أتاها..

– واغتاب الحسن البصري رجلا فأهداه طبقا من رطب فقال له اغتبتك وتهديني؟ وقال: لقد وهبت لي حسناتك فأردت أن أكافئك..

– قال علي رضي الله عنه: إذا قدرت على عدوك فأجعل العفو عنه شكرا للقدرة عليه.

– وقال زهير: إذا أنت لم تعرض عن الجهل والخنى *** أصبت حليما أو أصابك جاهل (الخنى: القول الفاحش)

– قيل لكسرى أي الناس أحب إليك أن يكون عاقلا فقال عدوي لأنه إذا كان عاقلا كنت منه في عافية وامن..

– وقيل إذا سئلت لئيما شيئا فعاجله ولا تدعه يفكر فإنه كلما فكر ازداد بعدا..

– قوم إذا أكلوا أخفوا كلامهم *** واستوثقوا من رتاج الباب والدار

– فأما جوده فعلى قحاب *** وأما سيفه فعلى كلاب (أقول على أحباب)

– الوحدة خير من جليس السوء، وهذا خير من الأكيل السوء..

– وقالوا: أسد يقود ألف ثعلب خير من ثعلب يقود ألف أسد..

– لا تغضب على امرئ *** لك مانع ما في يديه
واغضب على الطمع الذي استد *** عاك تطلب ما لديه

– سبعة ينبغي للعاقل أن لا يشاورهم: جاهل وعدو وحسود ومراء وجبان وبخيل وذو هوى فإن الجاهل يضل ويريد الهلاك والحسود يتمنى زوال النعمة والمرائي واقف مع رضا الناس والجبان من رأيه الهرب والبخيل حريص على جمع المال فلا رأي له في غيره وذو الهوى أسير هواه فلا يقدر على مخالفته..

– وقيل: ودك من نصحك وقلاك من مشى في هواك..

– وقال سليمان الخواص: من وعظ أخاه فيما بينه وبينه فهي نصيحة ومن وعظه على رؤوس الأشهاد فإنما بكته (يعني ضربه بسيف أو عصا)..

– ويقال: لا تأمن من كذب لك أن يكذب عليك، ومن أغتاب عندك أن يغتابك عند غيرك..

– وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة نمام..
والنميمة تطلق في الغالب على من ينم قول الغير إلى المقول فيه، كقوله فلان يقول فيك كذا فينبغي السكوت عن أحوال الناس إلا ما في حكايته فائدة للمسلم، ودفع معصية وينبغي أن يبغض النمام في الله لأن الله يبغضه..

– وقال أبو موسى الأشعري: لا ينم الناس إلا ولد بغي (ولد زنا)..

– وكان الفضل بن سهل يبغض السعاية فإذا أتاه ساع يقول له: إن صدقتنا أبغضناك وإن كذبتنا عاقبناك وإن استقلتنا أقلناك..

– وقيل لبعض الحكماء: ما الجرح الذي لا يندمل قال حاجة الكريم إلى اللئيم يرده بغير قضائها، قيل فما الذي هو أشد منه؟ قال وقوف الشريف بباب اللئيم ثم لا يؤذن له..

اقوال وحكم مأثورة - المجموعة الشاملة

– قل للذين تحجبوا عن راغب *** بمنازل دونها الحجاب
إن حال عن لقياكم بوابكم *** فالله ليس لبابه بواب

– إذا رام التخلق جاذبته *** طبائعه إلى الطبع القديم

– لا ينبغي للإنسان أن يقبل بحديثه على من لا يقبل عليه، وأن يحدث المستمع على قدر عقله، ولكل مقام مقال وخير القول ما وافق الحال..

– ثمانية إذا أهينوا فلا يلوموا إلا أنفسهم: الجالس في مجلس ليس له بأهل، والمقبل بحديثه على من لا يستمع إليه، والداخل بين الإثنين في حديثهما ولم يدخلاه فيه، والمتعرض لما لا يعنيه، والمتآمر على رب البيت في بيته، والآتي إلى مائدة السلطان بلا دعوة، وطالب الخبر من عدوه، والمستخف بقدر السلطان..

– إياك تغتر أو تخدعك بارقة *** من ذي خداع يُري بشرا وألطافا (المعري)

– خليلي جربت الزمان وأهله *** فما نالني منهم سوى الهم والعنا
وعاشرت أبناء الزمان فلم أجد *** خليلا يوفي بالعهود ولا أنا

– وقال وهب بن منبه: صحبت الناس خمسين سنة فما وجدت رجلا غفر لي زلة ولا أقال لي عثرة ولا ستر لي عورة..

– وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: إذا كان الغدر طبعا فالثقة بكل أحد عجز..

– إن كان لك مائة صديق فأطرح تسعة وتسعين وكن من الواحد على حذر..

– صلى وصام لأمر كان أمله *** فلما حواه فما صلى ولا صاما

– بلوت الناس قرنا بعد قرن *** فلم أر غير ختال وقال
ولم أر في الخطوب أشد وقعا *** وأمضى من معاداة الرجال ِ

– فما الناس بالناس الذين عهدتهم *** وما الدار بالدار التي كنت أعهد

– ذهب الذين يعاش في أكنافهم *** وبقي الذين حياتهم لا تنفع

– يقولون الزمان به فساد *** وهم فسدوا وما فسد الزمان

– وقال علي رضي الله عنه: فوت الحاجة أهون من طلبها إلى غير أهلها..

– وقال ذو الرياستين لثمامة بن أشرس: ما أدري ما أصنع بكثرة الطلاب؟ فقال: زل عن موضعك وعليّ أن لا يلقاك منهم أحد..

– وقيل: الخلوق ذو قرابة عند الأجانب والسيئ الخلق أجنبي عند أهله..

– وقال الفضيل: لأن يصحبني فاجر حسن الخلق أحب إلي من أن يصحبني عابد سيء الخلق، لأن الفاجر إذا حسن خلقه خف على الناس وأحبوه والعابد إذا ساء خلقه مقتوه..

– لا كثر الله في المسلمين من أمثال الذي تلقاه ببشر ويلقاك بوجه عبوس..

– شر الإخوان الواصل في الرخاء الخاذل عند الشدة..

– احذر من الكريم إذا أهنته ومن اللئيم إذا أكرمته ومن العاقل إذا أحرجته ومن الأحمق إذا مازحته ومن الفاجر إذا عاشرته..

– فما أكثر الأصحاب حين تعدهم *** ولكنهم في النائبات قليل

– إياك تغتر أو تخدعك بارقة *** من ذي خداع يري بشرا وألطافا / البحتري

– وكل خليل ليس في الله وده *** فإني به في وده غير واثق

– وقال لقمان لإبنه: كذب من قال أن الشر يطفئ الشر فإذا كان صادقا فليوقد نارين ثم ينظر هل تطفئ إحداهما الأخرى..

– ووصف بعضهم شريرا فقال: فلان عري من حلة التقوى ومحي عنه طابع الهدى لا تثنيه يد المراقبة ولا تكفه خيفة المحاسبة وهو لدعائم دينه مضيع ولدواعي شيطانه مطيع..

– ويقال: إن المهلب لما توسم النجابة في ابنه يزيد وهو صغير أراد أن يختبره ، فقال له : يا بني ما أشد البلاء ؟ فقال : أشد البلاء معاداة العقلاء ومسألة البخلاء وتأمر اللئام على الكرماء

اقوال وحكم مأثورة - المجموعة الشاملة

– وقال أكثم: الحر حر وإن مسه الضر، والعبد عبد وإن ألبسته الدر.

– إن مجاور رجال السوء والمصاحب لهم كراكب البحر إن هو سلم من الغرق لم يسلم من المخاوف.

– عوى الذئبُ فاستأنستُ بالذئبِ إذ عوى … وصوَتَ إنسانٌ فكدتُ أطيرُ


في الهجاء

1 – فتىً ما زال ينهض للمخازِي … وليس به إلى العلياء نهض / ابن الرومي

2 – ولِحيةٌ يحملُها مائِقُ … شِبْهَ الشِّراعين إذا شُرعا
لو قابل بها الريحَ مرةً … لم ينْبعِثْ من خَطْوِهِ إِصْبعا
أو غاص في البحر بها غوصةً … صاد بها حيتانَهُ أجْمعا / ابن الرومي

3 – وجْهُك يا عمرو فيه طولُ … وفي وُجوهِ الكلاب طُولُ

4 – و أنت من بيت أهل سوءٍ … قصتُهُم قـصةٌ تـطولُ
وُجُوهُهُم للورَى عِظَاتٌ … لكِنَّ أقْـفائـُهـُم طُبولُ / ابن الرومي

5 – يقتر عيسى على نفسه … وليس بباق ولا خالد
ولو يستطيع لـتقـتيرِه … تنفس من منخر واحد / ابن الرومي

6 – إذا كان إبلـيس خالقا بـشرا … فأنتِ عندي من ذلك البشر
صوَّركِ الماردُ اللعينُ فأعطتك … يـدُه مـقـابـح الـصور ابن الرومي

7 – رأيت الدهر يرفع كل وغدٍ … ويخفض كل ذي زينة ٍ شريفة
كذلك البحر يَرْسُبُ فيه دُرٌّ … ولا تـنـفـكُّ تطفو فيه جيفة / ابن الرومي

8 – يبدو فتقذفَهُ النفوسُ لثِقله … فتراه ابعد ما يكونُ إذا دنا / صفي الدين الحلي

9 – مملوكك الـيوم أبو حـبة … مـجـتهد في خسة النفسِ
يزاحم الحمال على قوتـه … ويخزن الفلس على الفلسِ
يـأكل والغـلمان في يومه … فـضـلة ما كان بالأمسِ
يـود يمسي عِرْضُهُ مُطْلقا … ومالهُ المَوْفوُرُ في حبـسِ
إذا رآى في قِدْرِهِ لَحْمَةً … تلى عليها آيةَ الكُرْسِي
و إذا رآى في بيته فأرة … بادرها بالسيف ِ والتِّرْسِ / صفي الدين الحلي

10 – لو أن قوة وجْهِهِ في قلبِه … قَنص الأسُود وجنْدَل الأبطالاَ
أو كان طولُ لسانِه بيمينِه … أفْنَى الكُنُوزَ وأنْفَذَ الأمْوَالاَ

11 – ليَهِنْكَ أنَّ لِي ولَدًا وعبدًا … سواءٌ في المقالِ و في المقام
فهذا سابقُ من غير سِنًّ … وهـذا عـاقـلٌ من غيرِ لام / صفي الدين الحلي
12 – سُمِّيِتَ عيسى و لم تظفر بمعجزةٍ … ولم تشابهْهُ في عِلمٍ و لا حسب
ولا أتـيـت بشيء من فضائلِه … إلا بأنـك من أمٍّ بـِغـيـر أبِ

13 – ما أنت بالحكم الترضى حكومته … ولا الأصيل ولا ذي الرأي والجدل

14 – ذو العقل يشقى في النعيم بعقله … وأخو الجهالة في الشقاوة ينعَم

15 – مات في عرس سليمان جماعة … لم يكن ذلك عرس بل كان مجاعة

16 – إذا كان الكريم له حجاب … فما فضل الكريم على اللئيم

17 – لا تعجبك أوجه مدهونة … وتظن أن الحسن بالتلوين
فالقرد ذو قبح وإن حسنته … والبدر لا يحتاج للتحسين

18 – لقد ولدت أم الفرزدق فاجرا … وجاءت بوزواز قصير القوائم

19 – فغض الطرف إنك من نمير … فلا كعبا بلغت ولا كلابا (قالت العرب إنه أهجى بيت)

20 – من علم الأسود المخصي مكرمة … أقومه البيض أم آبائه الصِّيد
أم أذنه في يد النخاس دامية … أم قدره وهو بالفلسين مردود / المتنبي

21 – أتزعم يا ضخم اللغاديد أننا … ونحن أسود الحرب لا نعرف الحربا (اللغاديد لحيمات بين الحنك و العنق)

22 – وما أدري و سوف أخال أدري … أقوم آل حصن أم نساء / زهير

23 – فخل الفخر يأبن أبي خويلد … وأد خراج رأسك كل عام / جرير

24 – وأنت امرؤ يا ذئب و الغدر كنتما … أخيين كانا أرضعا بلبان / الفرزدق

25 – لقد كنت فينا يا فرزدق تابعا … وريش الذنابي تابع للقوادم / جرير

26 – لو أن الباخلين وأنت منهم … رأوك تعلموا منك المطالا (المطال : المماطلة أي التسويف)

27 – زمان عز فيه الجود حتى … لصار الجود في أعلى البروجِ
مضى الأحرار فانقرضوا وبادوا … وخلفني الزمان على علوج
وقالوا لزمت البيت جدا … فقلت لفقد فائدة الخروج

28 – أيا دهر ويحك ماذا الغلط … وضيع علا ورفيع هبط
حمار يسيب في روضة … وطرف بلا علف يربط (الطرف : الحصان)

29 – كفى حزنا أن المروآت عطلت … وأن ذوي الآداب في الناس ضُيَّعُ
وأن الملوك ليس يحظى لديهم … من الناس إلا من يغني و يصفع

30 – سألتك حاجة فأجبت فيها … بأحسن ما يكون الجواب
فلما رُمتها رُمتُ الثريا … فصارت حاجتي فوق السحاب

31 – وعدتني وعدك حتى إذا … أطمعتني في كنوز قارون
جئت من الليل بغسالة … تغسل ما قلت بصابون

32 – إني لأعجب بل فعالك أعجب … من طول تردادي إليك وتكذب
وتقول لي قولا أظنك صادقا … فأجيء من طمع إليك وأذهب
فإذا اجتمعت أنا وأنت في مجلس… قالوا مسيلمة وهذا أشعب

33 – وشر المرتجين أخو مِطالٍ … يعمر في جوانبه الرجاء

34 – إذا أضحى فموعده مساء … وإذا أمسى فموعده ضحاء

35 – قوم مواعيدهم مزخرفة … تزخرف القول بالأكاذيب
يحتاج راجي نوالهم أبدا … إلى ثلاث من غير تجريب
كنوز قارون أن تكون له … وعمر نوح وصبر أيوب

36 – إما أن تكون أخي بحق … فأعرف من غثي من سميني
وإلا فاطرحني واتخذني … عدوا أتقيك وتتقيني

37 – أما الهجاء فدقّ عِرضك دونه … والمدح عنك كما علمت جليل
فأذهب فأنت طليق عرضك إنه … عرض عززت به وأنت ذليل

38 – ومغن بارد النغمة … مختل اليدين
قربه أقطع للذات … من غراب البين
ما رآه احد في … دار قوم مرتين (البين: البعد)

39 – كنت في دعوة قوم بعثوا … برسول نحو موسى الحطمة
فأتانا انفه قبل الضحى … وأتانا موسى بُعيْد العتمة (العتمة وقت صلاة العشاء الأخيرة)

40 – الموت أهون عنده … من مضغ ضيف أو التقامه
سيان كسر رغيفه … أو كسر عظم من عظامه

41 – ولو أن أهل العلم صانوه صانهم … ولو عظموه في النفوس تَعظما
و لكن أذلوه جهارا و دنسوا … محياه بالأطماع فتجهما

42 – ولو سُئِلَ الناسُ الترابَ لأَوشكوا … إِذا قيل : هاتوا أَن يمَلوا ويمنعوا

43 – كالحُوتِ لا يُلْهيهِ شَيْءٌ يَلْقَمُهْ … يُصْبحُ ظَمآناً وفي البحر فَمُهْ / رؤبة

44 – أبت شفتاي اليوم إلا تكلما … بسوء فلا أدري لمن أنا قائله
أرى وجها قبح الله خلقه … فقُبّح من وجه وقبّح حامله / الحطيئة

45 – تنحي فأجلسي عنا بعيدا … أراح الله منك العالمينا
أغربالا إذا استودعت سرا … وكانونا على المتحدثينا (الحطيئة في أمه. الكوانين: الثقلاء من الناس)

46 – يا أبا الفضل لا تنم … وقع الذئب في الغنم
إن حماد عجرد … شيخ سوء قد اغتنم
بين فخذيه حربة … في غلاف من الأدم
إن رآى ثم غفلة … جمع الميم بالقلم (بشار بن برد. الأدم: يصنع منها قراب يوضع فيه السيف)

47 – إن بشار بن برد … تيس أعمى في سفينة / الشمقمق

48 – بنو أمية هبو طال نومكم … إن الخليفة يعقوب بن داود
ضاعت خلافتكم يا قوم فألتمسوا … خليفة الله بين الماء والعود / بشار

49 – ألا أبلغ لديك يا أبا دلامة … فلست من الكرام ولا كرامة
جمعت دمامة وجمعت لؤما … كذلك اللؤم تتبعه الدمامة
إذا لبس العمامة قلت قردا … وخنزيرا إذا نزع العمامة / ابو دلامة

50 – لم تند كفاك من بذل النوال كما … لم يند سيفك مذ قلدته بدم (محمد بن وهب، الندى: الكرم وهو من تقاطر ماء الندى)

51 – انظر إلى الأيام كيف تسوقنا … قسرا إلى الأقدار بالأقدار
ما أوقد ابن طليب قط بداره … نارا وكان خرابها بالنار

52 – أقول وقد عاينت دار بن صورة … وللنار فيها وهجة تتضرم
فما هو إلا كافر طال عمره … فجاءته لما استبطأته جهنم (الوهج: حرارة الشمس والنار من بعيد)

اقوال وحكم مأثورة - المجموعة الشاملة

53 – لك وجه وفيه قطعة أنف … كجدار قد دعموه ببغلة
وهو كالقبر في المثال ولكن … جعلوا نصفه على غير قبلة

54 – لها جسم برغوث وساق باعوضة … ووجه كوجه القرد بل هو أقبح
تبرق عينها إذا ما رأيتها … وتعبس في وجه الضجيع وتكلح
لها منظر كالنار تحسب أنها … إذا ضحكت في أوجه الناس تلفح
إذا عاين الشيطان صورة وجهها … تعوذ منها حين يمسي ويصبح (الكلوح: أن تقلص الشفتان عن الأسنان، ويقال للعبوس)

55 – هجوت زهيرا ثم إني مدحته … ومازالت الأشراف تهجى وتمدح

56 – ولقد قتلتك بالهجاء فلم تمت … إن الكلاب طويلة الأعمار / أبو زيد العبدي

57 – إذا رضي عني كرام عشيرتي … فلا زال غضبانا علي لئامها / ابي العيناء

58 – أحب ابنتي وودت أني … دفنت بنيتي في قاع لحد
فإن زوجتها رجلا فقيرا … أراها عنده والهم عندي
وإن زوجتها رجلا غنيا … فيلطم خدها ويسب جدي
سألت الله أخذها قريبا … ولو كانت أحب الناس عندي / اللحد: القبر
59 – عقله عقل طائر … وهو في خلقة الجمل

60 – نهي أحدهم ولده عن شرب الخمر فقال:
أمن شربة من ما كرم شربتها … غضبت علي، الآن طابت لي الخمر
سأشرب فاسخط لا رضيت كلاكما … حبيب إلى قلبي عقوقك والسكر (السخط: ضد الرضا)

61 – تأملت أسواق العراق فلم أجد … دكاكينهم إلا عليها المواليا
جلوسا عليها ينفضون لحائهم … كما نفضت عجف البغال المخاليا (الموالي: ذوي الأصول الأعجمية)

62 – لم أر وجها حسنا … منذ دخلت اليمنا
فيا شقاء بلدة … أحسن من فيها أنا

63 – قل لعباس أخينا … يا ثقيل الثقلاء
أنت في الصيف سموم … وجليد في الشتاء
أنت في الأرض ثقيل … وثقيل في السماء (السموم: ريح حارة تهب في الصيف)
64 – كبرت ودق العظم مني وعقني … بنيّ وزالت عن فراشي العقائد
وأصبحت أعشى أخبط الأرض بالعصا … يقودني بين البيوت الولائد / علي بن الربيع

65 – أترجو أن تكون وأنت شيخ … كما كنت في زمن الشباب
لقد كذبتك نفسك ليس ثوب … دريس كالجديد من الثياب / الجاحظ

66 – يا خاضب الشيب الذي … في كل ثالثة يعود
عن الخضاب إذا نضا … فكأنه شيب جديد
فدع المشيب وما يريد … فلن يعود كما تريد (ينضو الإنسان ثيابه: أي يخلعها)

67 – وإن امرء أهدى إلي صنيعة … وذكرنيها مرة للئيم

68 – إذا أنت أكرمت الكريم ملكته … فإن أنت أكرمت اللئيم تمردا

69 – ليل البراغيث أعياني وأنصبني … لا بارك الله في ليل البراغيث
كأني وجلدي إذ خلون به … قضاة سوء أغاروا على المواريث (النصب: التعب)

70 – يا قائما في داره قاعدا … من غير معنى ولا فائدة
قد مات أضيافتك من جوعهم … فأقرأ عليهم سورة المائدة

71 – ومن يضع المعروف في غير أهله … يلاقي كما لاقى مجير أم عامر
أعد لها لما استجارت به … أحاليب ألبان اللقاح الدرائر
وأسمنها حتى إذا تمكنت … فرته بأنياب لها وأظافر
فقل لذوي المعروف هذا جزاء من… يجود بالمعروف على غير شاكر (أم عامر: الضبع، اللقاح: النوق)

– كتب أحدهم كتابا وأرسله مع قبيح وقد ضمنه: يأتيك بهذا الكتاب آية من آيات الله تعالى وقدره فدعه يذهب إلى نار الله وسقره..

– ومر أبو الأسود الدؤلي بمجلس لبني بشار فقال بعضهم: كأن وجهه وجه عجوز راحت إلى أهلها بطلاق.


في الملوك

– قال الله تبارك وتعالى: ” يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم “. قال أبو هريرة: لما نزلت هذه الآية أُمرنا بطاعة الأئمة، وطاعتهم من طاعة الله، وعصيانهم من عصيان الله.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “من فارق الجماعة أو خلع يداً من طاعة، مات ميتة جاهلية”.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: “عدل ساعة في حكومة خير من عبادة ستين سنة”.
وقال صلى الله عليه وسلم: “كلكم راع وكل راع مسئول عن رعيته”.

وطلب رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن يستعمله، فقال له: “إنا لا نستعمل على عملنا من يريده”.

وطلب العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم إلى النبي ولاية. فقال: “يا عم، نفس تحييها خير من ولاية لا تحصيها”.

وقال الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم فيما أوصاه به من الرفق بالرعية: ” ولو كنت فظاً غليظ لانفضوا من حولك ” .

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “من أعطى حظه من الرفق فقد أعطى حظه من الخير كله، ومن حرم حظه من الرفق حرم حظه من الخير كله”.

وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عدي بن أرطاة: “أما بعد، فإن أمكنتك القدرة على المخلوق فاذكر قدرة الخالق عليك، واعلم أن ما لك عند الله مثل ما للرعية عندك”.

وقال المغيرة بن شعبة: “ما رأيت أحداً هو أحزم من عمر، كان والله له فضل يمنعه أن يَخدع، وعقل يمنعه أن يُخدع”.
وقال عمر: “لست بخب، والخب لا يخدعني”.

وقال عبد الملك بن مروان: “إن أفضل الرجال من تواضع عن رفعة، وزهد عن قدرة، وأنصف عن قوة”.

من حق الإمام على رعيته أن تقضي عليه بالأغلب من فعله، والأعم من حكمه. ومن حق الرعية على إمامها حسن القبول لظاهر طاعتها، وإضرابه صفحاً عن مكاشفتها، كما قال زياد لما قدم العراق والياً عليها: “أيها الناس، قد كانت بيني وبينكم إحن، فجعلت ذلك دبر أذني وتحت قدمي، فمن كان محسناً فليزد في إحسانه، ومن كان مسيئاً فلينزع عن إساءته. إني والله لو علمت أن أحدكم قد قتله السل من بغضي لم أكشف له قناعاً ولم أهتك له ستراً حتى يبدي صفحته لي”..

ولما قدم معاوية من الشام – وكان عمر قد استعمله عليها – دخل على أمه هند، فقالت له: “يا بني، إنه قلما ولدت حرة مثلك، وقد استعملك هذا الرجل فاعمل بما وافقه أحببت ذلك أم كرهته”. ثم دخل على أبيه أبي سفيان، فقال له: “يا بني، إن هؤلاء الرهط من المهاجرين سبقونا وتأخرنا عنهم، فرفعهم سبقهم وقصر بنا تأخرنا، فصرنا أتباعاً وصاروا قادة. وقد قلدوك جسيماً من أمرهم، فلا تخالفن أمرهم، فإنك تجري إلى أمد لم تبلغه ولو قد بلغته لنوفست فيه”.

وقال المأمون: “الملوك تتحمل كل شيء إلا ثلاثة أشياء: القدح في الملك، وإفشاء السر، والتعرض للحرم”.

وقالوا: “من تعرض للسلطان أرداه، ومن تطامن له تخطاه”، فشبهوا السلطان في ذلك بالريح الشديدة التي لا تضر بما لان لها وتمايل معها من الحشيش والشجر، وما استهدف لها قصمته.

وعن الأصمعي قال: “خاطر رجل رجلاً أن يقوم إلى معاوية إذا سجد فيضع يده على كفله ويقول سبحان الله يا أمير المؤمنين ما أشبه عجيزتك بعجيزة أمك هند! ففعل ذلك. فلما انفتل معاوية عن صلاته قال: لا يا بن أخي، إن أبا سفيان كان إلى ذلك منها أميل، فخذ ما جعلوا لك، فأخذه”. ثم خاطر أيضاً أن يقوم إلى زياد وهو في الخطبة فيقول له: أيها الأمير، من أبوك؟ ففعل. فقال له زياد: هذا يخبرك، وأشار إلى صاحب الشرطة، فقدمه، فضرب عنقه. فلما بلغ معاوية، قال: “ما قتله غيري، ولو أدبته على الأولى ما عاد إلى الثانية”.

وجلس الوليد بن عبد الملك على المنبر يوم الجمعة حتى اصفرت الشمس، فقام إليه رجل فقال: “يا أمير المؤمنين إن الوقت لا ينتظرك وإن الرب لا يعذرك. قال صدقت: ومن قال مثل مقالتك فلا ينبغي له أن يقوم مثل مقامك، من ها هنا من أقرب الحرس يقوم إليه فيضرب عنقه”.

ولما وجه عمر بن هبيرة مسلم بن سعيد إلى خراسان، قال له: “أوصيك بثلاثة: حاجبك، فإنه وجهك الذي به تلقى الناس، إن أحسن فأنت المحسن وإن أساء فأنت المسيء، وصاحب شرطتك، فإنه سوطك وسيفك حيث وضعتهما فقدر ضعتهما. وعمال القدر. قال: وما عمال القدر؟ قال أن تختار من كل كورة رجالا لعملك، فإن أصابوا فهو الذي أردت، وإن أخطأوا فهم المخطئون وأنت المصيب”.

وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا يصلح لهذا الأمر إلا اللين من غير ضعف، القوي من غير عنف”.

ولما قدم رجال من الكوفة على عمر بن الخطاب رضي الله عنه يشكون سعد بن أبي وقاص، قال: “من يعذرني من أهل الكوفة؟ إن وليت عليهم التقي ضعفوه، وإن وليت عليهم القوي فجروه”. فقال له المغيرة: “يا أمير المؤمنين إن التقي الضعيف له تقواه وعليك ضعفه. والقوي الفاجر لك قوته وعليه فجوره”. قال: “صدقت، فأنت القوي الفاجر، فاخرج إليهم”. فخرج إليهم، فلم يزل عليهم أيام عمر وصدرا من أيام عثمان وأيام معاوية حتى مات المغيرة.

وقال عبد الملك بن مروان لبنيه: “كلكم يترشح لهذا الأمر، ولا يصلح له منكم إلا من كان له سيف مسلول، ومال مبذول، وعدل تطمئن إليه القلوب”.

وقال معاوية: “إني لا أضع سيفي حيث يكفيني سوطي، ولا أضع سوطي حيث يكفيني لساني، ولو أن بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت أبداً. فقيل له: وكيف ذلك؟ قال: كنت إذا مدوها أرخيتها، وإذا أرخوها مددتها”.

وقال أبرويز لابنه شيرويه: “لا توسعن على جندك سعة يستغنون بها عنك، ولا تضيقن عليهم ضيقاً يضجون بك منه، ولكن أعطهم عطاء قصداً، وامنعهم منعاً جميلاً، وابسط لهم في الرجاء، ولا تبسط لهم في العطاء”.

اقوال وحكم مأثورة - المجموعة الشاملة

وقال المنصور لبعض قواده: “صدق الذي قال: أجع كلبك يتبعك، وسمنه يأكلك”. فقال له أبو العباس الطوسي: “أما تخشى يا أمير المؤمنين إن أجعته أن يلوح له غيرك برغيف فيتبعه ويدعك”.

وفي كتاب التاج أن أبرويز كتب لابنه شيرويه يوصيه بالرعية: “و ليكن من تختاره لولايتك امرأ كان في ضعة فرفعته، أو ذا شرف كان مهملاً فاصطنعته. ولا تجعله امرأً أصبته بعقوبة فاتضع لها، ولا امرأً أطاعك بعد ما أذللته، ولا أحداً ممن يقع في قلبك أن إزالة سلطانك أحب إليه من ثبوته”.

قالت الحكماء لا ينفع الملك إلا بوزرائه وأعوانه، ولا ينفع الوزراء والأعوان إلا بالمودة والنصيحة، ولا تنفع المودة والنصيحة إلا مع الرأي والعفاف. ثم على الملوك بعد ذلك ألا يتركوا محسناً ولا مسيئاً ما دون جزاء؛ فإنهم إذا تركوا ذلك تهاون المحسن، واجترأ المسيء، وفسد الأمر، وبطل العمل.

وقالوا: “ليس شيء أضر بالسلطان من صاحب يحسن القول ولا يحسن الفعل. و لا خير في القول إلا مع الفعل، ولا في المال إلا مع الجود، ولا في الصدق إلا مع الوفاء، ولا في الفقه إلا مع الورع، ولا في الصدقة إلا مع حسن النية، ولا في الحياة إلا مع الصحة”.
وقالوا: “إن السلطان إذا كان صالحاً ووزراؤه وزراء سواء امتنع خيره من الناس، ولم ينتفع منه بمنفعة، وشبهوا ذلك بالماء الصافي يكون فيه التمساح، فلا يستطيع أحد أن يدخله، وإن كان محتاجا إليه”.

وقال أبو العتاهية:
يا من تشرف بالدنيا وطينتها … ليس التشرف رفع الطين بالطين
إذا أردت شريف الناس كلهم … فانظر إلى ملك في زي مسكين
ذاك الذي عظمت في الله نعمته … وذاك يصلح للدنيا وللدين

ودخل خريم الناعم على معاوية بن أبي سفيان، فنظر معاوية إلى ساقيه، فقال: “أي ساقين، لو أنهما على جارية! فقال له خريم: في مثل عجيزتك يا أمير المؤمنين. قال: واحدة بأخرى والبادئ أظلم”.

ودخل الحارث بن مسكين على المأمون فسأله عن مسألة، فقال: “أقول فيها كما قال مالك بن أنس لأبيك هارون الرشيد – وذكر قوله فلم يعجب المأمون – فقال: لقد تيست فيها وتيس مالك. قال الحارث بن مسكين: فالسامع يا أمير المؤمنين من التيسين أتيس. فتغير وجه المأمون. وقام الحارث بن مسكين فخرج، وتندم على ما كان من قوله. فلم يستقر في منزله حتى أتاه رسول المأمون؛ فأيقن بالشر، ولبس ثياب أكفانه، ثم أقبل حتى دخل عليه، فقربه المأمون من نفسه ثم أقبل عليه بوجهه فقال له: يا هذا إن الله تبارك وتعالى قد أمر من هو خير منك بإلانة القول لمن هو شر مني، فقال لنبيه موسى صلى الله عليه وسلم إذ أرسله إلى فرعون: “فقولا له قولاً لينا لعله يتذكر أو يخشى” . فقال: يا أمير المؤمنين، أبوء بالذنب وأستغفر الرب. قال: عفا الله عنك، انصرف إذا شئت”.

ونظير هذا قول الأحنف بن قيس لمعاوية حين شاوره في استخلاف يزيد، فسكت عنه. فقال: “ما لك لا تقول؟ فقال: إن صدقناك أسخطناك، وإن كذبناك أسخطنا الله، فسخط أمير المؤمنين أهون علينا من سخط الله. فقال له: صدقت”.

ودخل رجل على هشام فقال: “يا أمير المؤمنين، احفظ عني أربع كلمات فيهن صلاح ملكك، واستقامة رعيتك فقال هاتهن. فقال: لا تعدن عدة لا تثق من نفسك بإنجازها. قال: هذه واحدة فهات الثانية. قال: لا يغرنك المرتقى وإن كان سهلاً إذا كان المنحدر وعراً. قال: هات الثالثة. قال: إن للأعمال جزاء فاتق العواقب. قال هات الرابعة. قال: واعلم أن للأمور بغتات فكن على حذر”.

وقال عبد الملك بن مروان للحارث بن عبد الله بي أبي ربيعة: “ما كان يقول الكذاب في كذا وكذا؟ – يعني ابن الزبير – فقال: ما كان كذاباً. فقال له يحيى بن الحكم: من أمك يا حار؟ قال: هي التي تعلم. قال له عبد الملك: اسكت فهي أنجب من أمك”.

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: “ما ندم من استشار ولا خاب من استخار”.
وقد أمر الله تبارك وتعالى نبيه عليه الصلاة والسلام بمشاورة من هو دونه في الرأي والحزم، فقال: “وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل على الله”.

وأوصى ابن هبيرة ولده فقال: “لا تكن أول مشير، وإياك والهوى والرأي الخطير؛ ولا تشيرن على مستبد ولا على وغد ولا على متلون ولا لجوج، وخف الله في موافقة هوى المستشير فإن النماس موافقته لؤم، وسوء الاستماع منه خيانة”.

وقالوا: لا رأي لمن لا يطاع.

وقيل لرجل من عبس: ما أكثر صوابكم! قال نحن ألف رجل وفينا حازم واحد، فنحن نشاوره، فكأنا ألف حازم.

وكان يقال: لا تستشر معلماً ولا حائكاً ولا راعي غنم ولا كثير القعود مع النساء.

وكان يقال: لا تشاور صاحب حاجة يريد قضاءها.

وكان سعيد بن عتبة بن حصين إذا حضر باب أحد من السلاطين جلس جانباً، فقيل له: إنك لتباعد من الإذن جهدك. قال: لأن أدعى من بعيد خير من أن أقصى من قريب.

وقالوا: من أدمن قرع الباب يوشك أن يفتح له.
ونظر رجل إلى روح بن حاتم واقفاً في الشمس عند باب المنصور؛ فقال له: قد طال وقوفك في الشمس، فقال: ليطول وقوفي في الظل.

ونظر آخر إلى الحسن بن عبد الحميد يزاحم الناس على باب محمد بن سليمان فقال له: أمثلك يرضى بهذا؟ فقال:
أهين لهم نفسي لأكرمها بهم … ولا يكرم النفس الذي لا يهينها

ووقف بباب محمد بن منصور رجل من خاصته فحجب عنه، فكتب إليه:
علي أي باب أطلب الإذن بعد ما … حجبت عن الباب الذي أنا حاجبه
و
قيل لعبد الله بن الحسن: إن فلاناً غيرته الولاية قال: من ولي ولاية يراها أكبر منه تغير لها، ومن ولى ولاية يرى نفسه أكبر منها لم يتغير لها.

وقال عمر بن عبد العزيز: إذا أتاك الخصم وقد فقئت عينه، فلا تحكم له حتى يأتي خصمه، فلعله قد فقئت عيناه جميعاً.

وقال الشعبي كنت جالساً عند شريح إذ دخلت عليه امرأة تشتكي زوجها وهو غائب، وتبكي بكاء شديداً. فقلت: أصلحك الله، ما أراها إلا مظلومة. قال: وما علمك؟ قلت: لبكائها. قال: لا تفعل، فإن أخوة يوسف جاءوا آباءهم عشاء يبكون وهم له ظالمون.

ودخل عدي بن أرطأة على شريح، فقال: أين أنت أصلحك الله؟ قال: بينك وبين الحائط. قال: إني رجل من أهل الشام. قال: نائي الدار سحيق المزار. قال: قد تزوجت عندكم. قال: بالرفاء والبنين. قال: وولد لي غلام. قال: ليهنئك الفارس. قال: وأردت أن أرحلها. قال: الرجل أحق بأهله. قال: وشرطت لها دارها، قال: الشرط أملك. قال فاحكم الآن بيننا. قال: قد فعلت. قال: على من قضيت؟ قال: على ابن أمك. قال: بشهادة من؟ قال: بشهادة ابن أخت خالتك. يريد إقراره على نفسه.

– إذا صاحبت السلطان فداره مداراة المرأة العاقلة لزوجها الأحمق..

– أرى الملوك بأدنى الدين قد قنعوا *** ولا أراهم رضوا في العيش بالدون
فأستغن بالدين عن دنيا الملوك *** كما استغنى الملوك بدنياهم عن الدين

اقوال وحكم مأثورة - المجموعة الشاملة

– لكل دهر دولة ورجال..

– أجرأ الناس على الأسد أكثرهم رؤية له..

– قال الشافعي:
إن الملوك بلاء حيث حلوا *** فلا يكن لك في أبوابهم ظل
ماذا تؤمل من قوم إذا غضبوا *** جاروا عليك وإن أرضيتهم ملوا
فأستغن بالله عن أبوابهم كرما *** إن الوقوف على أبوابهم ذل

– وقال حسان بن ربيع الحميري: لا تثق بالسلطان فإنه ملول ولا بالمرأة فإنها خئون ولا بالدابة فإنها شرود..

مدح جرير بن الخطفي الحجاج بن يوسف بشعره الذي يقول فيه:
من سد مطلع النفاق عليكم … أم من يصول كصولة الحجاج
وقوله:
دعا الحجاج مثل دعاء نوح … فأسمع ذا المعارج فاستجابا
فقال له الحجاج: إن الطاقة تعجز عن المكافأة، ولكني موفدك على أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان، فسر إليه بكتابي هذا. فسار إليه، ثم استأذنه في الإنشاد، فأذن له، فقال:
أتصحو بل فؤادك غير صاحي..
قال له عبد الملك: بل فؤادك. فلما انتهى إلى قوله:
تعزت أم حزرة ثم قالت … رأيت الواردين ذوي امتياح
ثقي بالله ليس له شريك … ومن عند الخليفة بالنجاح
سأشكر إن رددت إلي ريشي … وأثبت القوادم في جناحي
ألستم خير من ركب المطايا … وأندى العالمين بطون راح
ارتاح عبد الملك وكان متكئاً، فاستوى جالساً، ثم قال: من مدحنا منكم فليمدحنا بمثل هذا أو ليسكت؛ ثم قال له: يا جرير، أترى أم حزرة ترويها مائة ناقة من نعم كلب؟ قال: إذا لم تروها يا أمير المؤمنين فلا أرواها الله. فأمر له بمائة ناقة من نعم كلب كلها سود الحدقة؛ فقال: يا أمير المؤمنين، إنها أباق ونحن مشايخ، وليس بأحدنا فضل عن راحلته؛ فلو أمرت بالرعاء؛ فأمر له بثمانية من الرعاء. وكانت بين يدي عبد الملك صحاف من فضة يقرعها بقضيب في يده؛ فقال له جرير: والمحلب يا أمير المؤمنين، وأشار إلى صحفة منها، فنبذها إليه بالقضيب وقال: خذها لا نفعتك. ففي ذلك يقول جرير:
أعطوا هنيدة يحدوها ثمانية … ما في عطائهم من ولا شرف
ومما جاء في قصيدته:
أَتَصحو بَل فُؤادُكَ غَيرُ صاحِ … عَشِيَّةَ هَمَّ صَحبُكَ بِالرَواحِ
يَقولُ العاذِلاتُ عَلاكَ شَيبٌ … أَهَذا الشَيبُ يَمنَعُني مِراحي
وقوله فيها:
فَبَعضُ الماءِ ماءُ رَبابِ مُزنٍ … وَبَعضُ الماءِ مِن سَبَخٍ مِلاحِ
وقوله:
تَعَزَّت أُمُّ حَزرَةَ ثُمَّ قالَت رَأَيتُ … الوارِدينَ ذَوي اِمتِناحِ
وقوله:
ثِقي بِاللَهِ لَيسَ لَهُ شَريكٌ … وَمِن عِندِ الخَليفَةِ بِالنَجاحِ
أَغِثني يا فَداكَ أَبي وَأُمّي … بِسَيبٍ مِنكَ إِنَّكَ ذو اِرتِياحِ
فَإِنّي قَد رَأَيتُ عَلَيَّ حَقّاً … زِيارَتِيَ الخَليفَةَ وَاِمتِداحي
سَأَشكُرُ أَن رَدَدتَ عَلَيَّ ريشي … وَأَثبَتَّ القَوادِمَ في جَناحي
أَلَستُم خَيرَ مَن رَكِبَ المَطايا … وَأَندى العالَمينَ بُطونَ راحِ


اقوال عن الظلم

– قال أبو الدرداء: إياك ودمعة اليتيم ودعوة المظلوم فإنها تسري بالليل والناس نيام..

– لقي أحد الملوك في طريقه إلى الصيد أعورا فتطير منه وأمر بضربه وحبسه، ثم ذهب إلى الصيد فاصطاد صيدا كثيرا فلما عاد استدعى الأعور فأمر له بالمال فقال: لا حاجة لي به ولكن ائذن لي في الكلام، فقال تكلم، فقال: أيها الملك إنك تلقيتني فضربتني وحبستني، وتلقيتك فصدت وسلمت فأينا أشأم على صاحبه، فضحك الملك منه وأمر له بصلة.

– آفة القوة استضعاف الخصم (فما بالك بخصم لديه سلاح الدعاء)..

– من كثر ظلمه واعتداؤه قرب هلاكه وفناؤه..

– وقيل: من سلب نعمة غيره سلب غيره نعمته.. وقيل: من طال عدوانه زال سلطانه..

– وقال يوسف بان أسباط: من دعا لظالم بالبقاء فقد أحب أن يعصى الله في أرضه..

– اذكر عند الظلم عدل الله فيك وعند القدرة قدرة الله عليك..

– بغى وللبغي سهام تنتظر *** أنفذ في الأحشاء من وخز الإبر

– وحبس الحجاج رجلا فكتب إليه: قد مضى من بؤسنا أيام ومن نعيمك أيام، والموعد القيامة والسجن جهنم..

وقال معاوية: “إني لأستحي أن أظلم من لا يجد علي ناصراً إلا الله”.


في الأجوبة المسكتة والبيان

– قيل لأحدهم: ما البلاغة؟ قال: إيجاز الكلام، وحَذْف الفُضُول، وتَقْرِيب البعيد.
وقيل لبعضهم: ما البلاغة؟ قال: أن لا يُؤتى القائل من سُوء فَهْم السامع، ولا يُؤتى السّامع من سُوء بيَان القائل.
وقال مُعاوية لصُحارٍ العَبْديّ: ما البلاغة؟ قال: أن تُجيب فلا تُبطئ، وتُصيب فلا تُخْطئ.

– وسمع خالدُ بن صَفْوان رجلاً يتكلّم ويُكثْر فقال، اعلم رحمك الله أن البلاغة ليست بخِفّة اللسان، وكَثْرة الهَذَيان، ولكنها بإصابَة المَعْنى، والقَصْدِ إلى الحُجَّة.

– وقيل لأعرابيّ: مَن أَبلغ الناس؟ قال: أَسْهَلهم لَفظاً وأحسنهم بَدِيهة.
وقيل لآخر: ما البلاغة؟ فقال: نشر الكلام بمعانيه إذا قَصُر، وحُسْن التأليف له إذا طال.

– وقال الشاعر:
الدَّهرُ ينقص تارةً ويَطولُ … والمَرْءُ يَصْمت مَرَّةً ويَقُول
والقولُ مخْتلف إذا حصَّلته … بَعْضٌ يرَدّ وبعضُه مَقبول

– وقالوا: لكل مَقام مَقال، ولكل كلام جَواب، ورُبّ إشارة أبلغً من لفظ.

– الدِّلالة: كل شيء دلَّك على شيء فقد أخبرك به.

– ووَصف أبو الوَجيه بلاغةَ رجل فقال: كان واللّه يَشُول بلسانه شولان البَرُوق ويتخلّل به تخلًل الحيّة.

– قالوا: كل شيء كشف لك قناع المعنى الخفي حتى يتأدى إلى الفهم ويتقبله العقل، فذلك البيان الذي ذكره الله عز وجل في كتابه، ومن به على عباده، فقال تعالى: “الرحمن علم القرآن خلق الإنسان علمه البيان”.

– سئل النبي صلى الله عليه وسلم: فيم الجمال؟ فقال: في اللسان، يريد البيان.
وقال صلى الله عليه وسلم: إن من البيان لسحراً.
وقالت العرب: أنفذ من الرمية كلمة فصيحة.
وقالوا: البيان بصر، والعي عمى؛ كما أن العلم بصر، والجهل عمى.
والبيان من نتاج العلم، والعي من نتاج الجهل.
وقالوا: ليس لمنقوص البيان بهاء، ولو حك بيافوخه عنان السماء.

– دخل الشعبي على الحجاج، فقال له: كم عطاك؟ قال: ألفين؛ قال: ويحك! كم عطاؤك؟ قال ألفان؛ قال: فلم لحنت فيما لا يلحن فيه مثلك؟ قال: لحن الأمير فلحنت، وأعرب الأمير فأعربت، ولم أكن ليلحن الأمير فأعرب أنا عليه، فأكون كالمقرع له بلحنه، والمستطيل عليه بفضل القول قبله. فأعجبه ذلك منه ووهبه مالاً.

– وقال الشعبي: ركب زيد بن ثابت، فأخذ عبد الله بن عباس بركابه؛ فقال له: لا تفعل يا بن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال هكذا أُمرنا أن نفعل بعلمائنا؛ فقال له زيد: أرني يدك؛ فأخرج إليه يده، فأخذها وقبلها، وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت نبينا.

– ودخل معن بن زائدة على أبي جعفر، فقال له: كبرت يا معن؛ قال: في طاعتك يا أمير المؤمنين؛ قال: وإنك لجلد؛ قال: على أعدائك يا أمير المؤمنين؛ قال وإن فيك لبقية؛ قال: هي لك يا أمير المؤمنين؛ قال أي الدولتين أحب إليك أو أبغض، أدولتنا أم دولة بني أمية؟ قال: ذلك إليك يا أمير المؤمنين، وإن زاد برك على برهم كانت دولتك أحب إلي، وإن زاد برهم على برك كانت دولتهم أحب إلي؛ قال: صدقت.

– ودخل عقال بن شبة على أبي عبيد الله كاتب المهدي، فقال: يا عقال، لم أرك منذ اليوم؛ قال: والله إني لألقاك بشوق، وأغيب عنك بتوق.

– ولما ودع المأمون الحسن بن سهل عند مخرجه من مدينة السلام، وقال له: يا أبا محمد، ألك حاجة تعهد إلي فيها؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، أن تحفظ علي من قلبك ما لا أستعين على حفظه إلا بك.

– وخرج شبيب بن شيبة من دار الخلافة يوماً، فقيل له: كيف رأيت الناس؟ قال: رأيت الداخل راجياً، والخارج راضياً.

اقوال وحكم مأثورة - المجموعة الشاملة

– واعتذر رجل إلى جعفر بن يحيى، فقال: قد أغناك الله بالعذر عن الاعتذار، وأغنانا بحسن النية عن سوء الظن.
وقال الشاعر:
اقبل معاذير من يأتيك معتذراً … إن بر عندك فيما قال أو فجرا
فقد أطاعك من أرضاك ظاهره … وقد أجلك من يعصيك مستترا

– ودخل ابن السماك على محمد بن سليمان بن علي فرآه معرضاً عنه، فقال: مالي أرى الأمير كالعاتب علي؟ قال: ذلك لشيء بلغني عنك كرهته؛ قال: إذاً لا أبالي؛ قال: ولم؟ قال: لأنه إذا كان ذنباً غفرته، وإن كان باطلاً لم تقبله.
وقال الشاعر:
فإن كنت ترجو في العقوبة راحة … فلا تزهدن عند المعافاة في الأجر

– وهجا نهار بن توسعة قتيبة بن مسلم، وكان ولي خراسان بعد يزيد بن المهلب، فقال:
كانت خراسان أرضاً إذ يزيد بها … وكل باب من الخيرات مفتوح
فبدلت بعده قرداً نطوف به … كأنما وجهه بالخل منضوح
فطلبه فهرب منه، ثم دخل عليه بكتاب أمه، فقال له: ويحك بأي وجه تلقاني؟ قال: بالوجه الذي ألقى به ربي وذنوبي إليه أكثر من ذنوبي إليك. فقربه ووصله وأحسن إليه.

– وأقبل المنصور يوماً راكباً والفرج بن فضالة جالس عند باب الذهب، فقام الناس إليه ولم يقم، فاستشاط المنصور غيظاً وغضباً ودعا به، فقال: ما منعك من القيام مع الناس حين رأيتني؟ قال: خفت أن يسألني الله تعالى لم فعلت، ويسألك عنه لم رضيت، وقد كرهه رسول الله صلى الله عليه وسلم. فسكن غضبه وقر به وقضى حوائجه.

– قال الحجاج لرجل دخل عليه: أنت صاحب الكلمة؟ قال: أبوء بالذنب وأستغفر الرب وأسأل العافية؛ قال: قد عفونا عنك.

– ودخل أبو دلف على المأمون، وقد كان عتب عليه ثم أقاله، فقال له وقد خلا مجلسه: قل أبا دلف، وما عسيت أن تقول وقد رضي عنك أمير المؤمنين وغفر لك ما فعلت؛ فقال يا أمير المؤمنين:
ليالي تدنو منك بالبشر مجلسي … ووجهك من ماء البشاشة يقطر
فمن لي بالعين التي كنت مرة … إلي بها في سالف الدهر تنظر

– وقال المنصور لمعن بن زائدة: ما أظن ما قيل عنك من ظلمك أهل اليمن واعتسافك عليهم إلا حقاً؟ قال: كيف ذلك يا أمير المؤمنين؟ قال: بلغني عنك أنك أعطيت شاعراً لبيت قاله ألف دينار، وأنشده البيت وهو:
معن بن زائدة الذي زيدت به … فخراً إلى فخر بنو شيبان
قال: نعم يا أمير المؤمنين، قد أعطيته ألف دينار، ليس على هذا البيت، ولكن على قوله:
ما زلت يوم الهاشمية معلماً … بالسيف دون خليفة الرحمن
فمنعت حوزته وكنت وقاءه … من وقع كل مهند وسنان
قال: فاستحيا المنصور وجعل ينكت بالمخصرة، ثم رفع رأسه وقال: اجلس أبا الوليد.

– وأتي عبد الملك بن مروان بأعرابي سرق، فأمر بقطع يده فأنشأ يقول:
يدي يا أمير المؤمنين أعيذها … بعفوك أن تلقى مكاناً يشينها
ولا خير في الدنيا وكانت حبيبة … إذا ما شمالي فارقتها يمينها
فأبى إلا قطعه؛ فقالت أمه: يا أمير المؤمنين، واحدي وكاسبي؛ قال: بئس الكاسب كان لك، وهذا حد من حدود الله؛ قالت: يا أمير المؤمنين، اجعله من بعض ذنوبك التي تستغفر الله منها، فعفا عنه.

– وقال عمرو بن بحر الجاحظ: أتي روح بن حاتم برجل كان متلصصاً في طريق الرقاق فأمر بقتله؛ فقال: أصلح الله الأمير، لي عندك يد بيضاء؛ قال: وما هي؟ قال: إنك جئت يوماً إلى مجمع موالينا بني نهشل والمجلس محتفل، فلم يتحفز لك أحد، فقمت من مكاني حتى جلست فيه، ولولا محض كرمك وشرف قدرك ما ذكرتك هذه عند مثل هذا؛ قال ابن حاتم: صدق، وأمر بإطلاقه، وولاه تلك الناحية وضمنه إياها.

– ولما ظفر المأمون بأبي دلف، وكان يقطع في الجبال، أمر بضرب عنقه؛ فقال: يا أمير المؤمنين، دعني أركع ركعتين؛ قال: افعل. فركع وحبر أبياتاً، ثم وقف بين يديه فقال:
بع بي الناس فإني … خلف ممن تبيع
واتخذني لك درعاً … قلصت عنه الدروع
وارم بي كل عدو … فأنا السهم السريع
فأطلقه، وولاه تلك الناحية، فأصلحها.

اقوال وحكم مأثورة - المجموعة الشاملة

– وكتب قيصر إلى معاوية: أخبرني عن شيء ونصف شيء ولا شيء؟ فأجابه: أما شيء، فالرجل له عقل يعمل بعقله؛ وأما نصف شيء، فالرجل ليس له عقل ويعمل برأي ذوي العقول؛ وأما لا شيء، فالذي ليس له عقل يعمل به ولا يستعين بعقل غيره.

– قيل للمُهلِّب: بِمَ أدركتَ ما أدركتَ؟ قال: بالعِلم، قيل له: فإن غيرك قد عَلم أكثر مما عَلِمتَ، ولم يُدرك ما أدركت، قال: ذلك عِلم حُمِل، وهذا علم استُعْمل.

– وأمر مصعب بن الزبير برجل من أصحاب المختار أن يضرب عنقه؛ فقال: أيها الأمير، ما أقبح بك أن أقوم يوم القيامة إلى صورتك هذه الحسنة ووجهك هذا الذي يستضاء به، فأتعلق بأطرافك، وأقول: أي رب، سل هذا فيم قتلني؛ قال: أطلقوه فإني جاعل ما وهبت له من حياته في خفض، أعطوه مائة ألف؛ قال الأسير: بأبي أنت وأمي. أشهد أن لابن قيس الرقيات منها خمسين ألفاً؛ قال: ولم؟ قال: لقوله:
إنما مصعب شهاب من الله … تجلت عن وجهه الظلماء
ملكه ملك عزة ليس فيه … جبروت منه ولا كبرياء
يتقي الله في الأمور وقد أف … لح من كان همه الاتقاء

– وأتي الحجاج بأسرى من الخوارج، فأمر بضرب أعناقهم، فقدم فيهم شاب، فقال: والله يا حجاج لئن كنا أسأنا في الذنب فما أحسنت في العفو؛ فقال: أف لهذه الجيف، ما كان فيهم من يقول مثل هذا! وأمسك عن القتل.

– وأتي الحجاج بأسرى فأمر بقتلهم، فقال له رجل منهم: لا جزاك الله يا حجاج عن السنة خيراً، فإن الله تعالى يقول: “فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء” . فهذا قول الله في كتابه. وقد قال شاعركم فيما وصف به قومه من مكارم الأخلاق:
وما نقتل الأسرى ولكن نفكهم … إذا أثقل الأعناق حمل القلائد
فقال الحجاج: ويحكم! أعجزتم أن تخبروني بما أخبرني هذا المنافق! وأمسك عمن بقي.

– ودخل رجل من بني مخزوم على عبد الملك بن مروان، وكان زبيرياً، فقال له عبد الملك: أليس الله قد ردك على عقبيك؟ قال: ومن رُد إليك يا أمير المؤمنين فقد رد على عقبيه؟ فسكت عبد الملك وعلم أنها خطأ.

– دخل يزيد بن أبي مسلم على سليمان بن عبد الملك، فقال له سليمان: على امرئ أمرك وجرأك وسلطك على الأمة لعنة الله، أتظن الحجاج استقر في قعر جهنم أم هو يهوي فيها؟ قال: يا أمير المؤمنين، إن الحجاج يأتي يوم القيامة بين أخيك وأبيك، فضعه من النار حيث شئت.

– ودخل عبد الرحمن بن أبي ليلى على الحجاج، فقال لجلسائه: إن أردتم أن تنظروا إلى رجل يسب أمير المؤمنين عثمان ابن عفان فهذا عندكم، يعني عبد الرحمن؛ فقال عبد الرحمن: معاذ الله أيها الأمير أن أكون أسب أمير المؤمنين، إنه ليحجزني عن ذلك آيات في كتاب الله، قال الله تعالى: “للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون”. فكان عثمان منهم. ثم قال: “والذين تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون”. فكان أبي منهم. ثم قال: “والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم”. فكنت أنا منهم. فقال: صدقت.

– ولما أتي الحجاج بأسرى الجماجم أتي فيهم بعامر الشعبي، ومطرف بن عبد الله الشخمير، وسعيد بن جبير، وكان الشعبي ومطرف يريان التقية، وكان سعيد بن جبير لا يراها، وكان قد تقدم كتاب عبد الملك بن مروان إلى الحجاج في أسرى الجماجم أن يعرضهم على السيف، فمن أقر منهم بالكفر في خروجهم علينا فيخلي سبيله، ومن زعم أنه مؤمن فيضرب عنقه؛ فقال الحجاج للشعبي: وأنت ممن ألب علينا مع ابن الأشعث؟ اشهد على نفسك بالكفر؛ فقال: أصلح الله الأمير، نبا بنا المنزل، وأحزن بنا الجناب، واستحلسنا الخوف، واكتحلنا السهر، وخبطتنا فتنة لم نكن فيها بررة أتقياء، ولا فجرة أقوياء؛ قال: لله أبوك، لقد صدقت، ما بررتم بخروجكم علينا ولا قويتم، خلوا سبيل الشيخ. ثم قال لمطرف: أتقر على نفسك بالكفر؟ قال: أصلح الله الأمير، إن من شق العصا، وسفك الدماء، ونكث البيعة، وفارق الجماعة، وأخاف المسلمين، لجدير بالكفر، فخلى سبيله. ثم قال لسعيد بن جبير: أتقر على نفسك بالكفر؟ قال: ما كفرت منذ آمنت بالله، فضرب عنقه، ثم استعرض الأسرى، فمن أقر بالكفر خلى سبيله، ومن أبى قتله، حتى أتي بشيخ وشاب، فقال للشاب: أكافر أنت؟ قال: نعم. قال: لكن الشيخ لا يرضى بالكفر؛ فقال له الشيخ: أعن نفسي تخادعني يا حجاج، والله لو علمت أعظم من الكفر لقلته؛ فضحك الحجاج وخلى سبيله.

– وبلغ هشام بن عبد الملك عن رجل كلام غليظ، فأحضره. فلما وقف بين يديه جعل يتكلم؛ فقال له هشام: وتتكلم أيضاً؟ فقال الرجل: يقول الله عز وجل: “يوم تأتي كل نفس تجادل عن نفسها”، فنجادل الله تعالى جدالاً ولا نكلمك كلاماً؟ فقال هشام بن عبد الملك: ويحك! تكلم بحاجتك.

– وكان للمأمون خادم، وهو صاحب وضوئه، فبينما هو يصب الماء على يديه، إذ سقط الإناء من يده، فاغتاظ المأمون عليه، فقال: يا أمير المؤمنين، إن الله يقول: “والكاظمين الغيظ”. قال: قد كظمت غيظي عنك. قال: “والعافين عن الناس”. قال: قد عفوت عنك. قال: “والله يحب المحسنين”. قال: اذهب فأنت حر.

– وأمر عمر عبد العزيز بعقوبة رجل، فقال له رجاء بن حيوة: يا أمير المؤمنين، إن الله قد فعل ما تحب من الظفر، فافعل ما يحبه من العفو.
ودخل ابن خريم على المهدي، وقد عتب على بعض أهل الشام، وأراد أن يغزيهم جيشاً، فقال: يا أمير المؤمنين، عليك بالعفو عن الذنب، والتجاوز عن المسيء، فلأن تطيعك العرب طاعة محبة، خير لك من أن تطيعك طاعة خوف.

– وقال المبارك بن فضالة: كنت عند أبي جعفر جالساً في السماط، إذ أمر برجل أن يقتل، فقلت: يا أمير المؤمنين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إذا كان يوم القيامة نادى مناد بين يدي الله: ألا من كانت له عند الله يد فليتقدم، فلا يتقدم إلا من عفا عن مذنب. فأمر بإطلاقه.

– وقال الأحنف بن قيس: أحق الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة.

– وقال معاوية لعمرو بن سعيد: إلى من أوصى بك أبوك؟ قال: إن أبي أوصى إلي ولم يوص بي؛ قال وبما أوصى إليك؟ قال: أن لا يفقد إخوانه منه إلا وجهه.

– وقدم عبيد الله بن زياد بن ظبيان على عتاب بن ورقاء الرياحي – وهو والي خراسان – فأعطاه عشرين ألفاً، فقال له: والله ما أحسنت فأحمدك، ولا أسأت فألومك، وإنك لأقرب البعداء، وأحب البغضاء.

– ودخل الفرزدق على سليمان بن عبد الملك، فقال له: من أنت؟ وتجهم له كأنه لا يعرفه: فقال له الفرزدق: وما تعرفني يا أمير المؤمنين؟ قال: لا؛ قال: أنا من قوم منهم أوفى العرب، أسود العرب، وأجود العرب، وأحلم العرب، وأفرس العرب، وأشعر العرب: قال: والله لتبينن ما قلت أو لأوجعن ظهرك ولأهدمن دارك، قال: نعم يا أمير المؤمنين، أما أوفى العرب فحاجب بن زرارة الذي رهن قوسه عن جميع العرب فوفى بها، وأما أسود العرب فقيس بن عاصم الذي وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبسط له رداءه، وقال: هذا سيد الوبر؛ وأما أحلم العرب فعتاب بن ورقاء الرياحي؛ وأما أفرس العرب فالحريش بن هلال السعدي؛ وأما أشعر العرب فأنذا بين يديك يا أمير المؤمنين، فاغتم سليمان مما سمع من فخره ولم ينكره، وقال: ارجع على عقبيك، فما لك عندنا شيء من خير. فرجع الفرزدق وقال:
أتيناك لا من حاجة عرضت لنا … إليك ولا من قلة في مجاشع

– ولَقي الحُسين بن عليّ رضوان الله عليهما الفرزدقَ في مَسيره إلى العراق، فسأله عن الناس، فقال: القُلوب معك، والسُّيوِف عليك، والنَّصر في السماء.


في الكِبر

– ليس للمعجب رأي ولا للمتكبر صديق..

– قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من جر ثوبه خيلاء لا ينظر الله إليه..

– وقال الأحنف: ما تكبر احد إلا من زلة يراها في نفسه..

– ومر بعض أولاد المهلب بمالك بن دينار وهو يتبختر فقال له مالك: لو تركت هذه المشية لكان أجمل لك، فقال أو ما عرفتني؟ قال: أعرفك معرفة جيدة أولك نطفة مذرة وآخرك جيفة قذرة وأنت بين ذلك تحمل العذرة..

– وقال بن عوانة لغلامه: اسقني ما، فقال نعم، فقال إنما يقول نعم من يقدر أن يقول لا، إصفعوه، فصفع.. ودعا أكارا فكلمه فلما فرغ دعا بماء فتمضمض به استقذارا لمخاطبته..

– وقيل: لا يتكبر إلا وضيع ولا يتواضع إلا رفيع..

– قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من لا يرحم لا يرحم ومن لا يغفر لا يغفر له”..

– ودخل عامل لعمر عليه فوجد صبيانه يلعبون على بطنه فأنكر ذلك عليه فقال له عمر: كيف أنت مع أهلك، قال: إذا دخلت سكت الناطق، فقال عمر: اعتزل فإنك لا ترفق بأهلك وولدك فكيف ترفق بأمة محمد..

– وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أحب أن يتمثل له الناس قياما فليتبوأ مقعده من النار..

– وقال أبو مسلم صاحب الذخيرة: ما تاه إلا وضيع ولا فاخر إلا لقيط وكل من تواضع لله رفعه الله..

– وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من كبر.. وقال: من جر ثوبه خيلاء لا ينظر الله إليه..

– وقال الأحنف: عجبت لمن يجري في مجرى البول مرتين كيف يتكبر..

– وقيل ان امرأة مرت بسعيد بن زرارة فقالت: يا عبد الله كيف الطريق إلى مكان كذا، فقال: يا هنتاه، مثلي يكون من عبيد الله. وقيل أن عبد الله بن زياد التميمي خطب بالبصرة فأحسن وأوجز، فنودي من نواحي المسجد: كثر الله فينا مثلك، فقال: لقد كلفتم الله شططا. وأما ابن السماك فأضل راحلته فقال: والله لئن لم يردها الله علي لا صليت له أبدا، فوجدت وقد تعلق زمامها ببعض الشجر فقيل له: قد ردها الله عليك فصل فقال: ما كانت يميني قصدا، وقد قتل الحجاج الثلاثة.

ولما أراد جبلة بن الأيهم بن أبي شمر الغساني أن يسلم كتب إلى عمر بن الخطاب من الشام يعلمه بذلك يستأذنه في القدوم عليه، فسر بذلك عمر والمسلمون، فكتب إليه أن أقدم ولك ما لنا وعليك ما علينا: فخرج جبلة في خمسمائة فارس، فلما دنا من المدينة ألبسهم ثياب الوشي المنسوج بالذهب والفضة، ولبس تاجه وفيه قرط مارية، وهي جدته، فلم يبق يومئذ بالمدينة أحد إلا خرج ينظر إليه حتى النساء والصبيان، وفرح المسلمون بقدومه وإسلامه، حتى حضر الموسم من عامه ذلك مع عمر بن الخطاب، فبينما هو يطوف بالبيت إذ وطئ على إزاره رجل من بني فزارة فحله، فالتفت إليه جبلة مغضباً، فلطمه فهشم أنفه، فاستعدى عليه الفزاري عمر بن الخطاب، فبعث إليه فقال: ما دعاك يا جبلة إلى أن لطمت أخاك هذا الفزاري فهشمت أنفه؟ فقال: إنه وطئ إزاري فحله، ولولا حرمة هذا البيت لأخذت الذي في عيناه؛ فقال له عمر: أما أنت فقد أقررت، إما أن ترضيه وإلا أقدته منك؛ قال: أتقيده مني وأنا ملك وهو سوقة؟ قال: يا جبلة، إنه قد جمعك وإياه الإسلام فما تفضله بشيء إلا بالعافية؛ قال: والله لقد رجوت أن أكون في الإسلام أعز مني في الجاهلية؛ قال عمر: دع عنك ذلك؛ قال: إذن أتنصر؛ قال: إن تنصرت ضربت عنقك. قال: واجتمع قوم جبلة وبنو فزارة فكادت تكون فتنة؛ فقال جبلة: أخرني إلى غد يا أمير المؤمنين؛ قال: ذلك لك. فلما كان جنح الليل خرج هو وأصحابه، فلم يئن حتى دخل القسطنطينية على هرقل فتنصر، وأقام عنده، وأعظم هرقل قدوم جبلة وسُر بذلك، وأقطعه الأموال والأراضي والرباع.
فلما بعث عمر بن الخطاب رسولاً إلى هرقل يدعوه إلى الإسلام أجابه إلى المصالحة على غير الإسلام، فلما أراد أن يكتب جواب عمر، قال للرسول: ألقيت ابن عمك هذا الذي ببلدنا – يعني جبلة – الذي أتانا راغباً في ديننا؟ قال: ما لقيته؛ قال: القه، ثم ائتني أعطك جواب كتابك.
وذهب الرسول إلى باب جبلة، فإذا عليه من القهارمة والحجاب والبهجة وكثر الجمع مثل ما على باب هرقل. قال الرسول: فلم أزل أتلطف في الإذن حتى أذن لي، فدخلت عليه فرأيت رجلاً أصهب اللحية ذا سبال، وكان عهدي به أسمر أسود اللحية والرأس، فنظرت إليه فأنكرته، فإذا هو قد دعا بسحالة الذهب فذرها في لحيته حتى عاد أصهب، وهو قاعد على سرير من قوارير، قوائمه أربعة أسود من ذهب، فلما عرفني رفعني معه في السرير، فجعل يسائلني عن المسلمين، فذكرت خيراً وقلت: قد أضعفوا أضعافاً على ما تعرف؛ فقال: كيف تركت عمر ابن الخطاب؟ قلت: بخير، فرأيت الغم قد تبين فيه، لما ذكرت له من سلامة عمر؛ قال: فانحدرت عن السرير؛ فقال: لم تأبى الكرامة التي أكرمناك بها؟ قلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا؛ قال: نعم، صلى الله عليه وسلم، ولكن نق قلبك من الدنس، ولا تبال علام قعدت. قال: فلما سمعته يقول: صلى الله عليه وسلم، طمعت فيه؛ فقلت له: ويحك يا جبلة ألا تسلم وقد عرفت الإسلام وفضله؟ قال: أبعد ما كان مني؟ قلت: نعم، قد فعل رجل من بني فزارة أكثر مما فعلت، ارتد عن الإسلام وضرب وجوه المسلمين بالسيف، ثم رجع إلى الإسلام، وقُبل ذلك منه، وخلفته بالمدينة مسلماً؛ قال: ذرني من هذا، إن كنت تضمن لي أن يزوجني عمر ابنته ويوليني الأمر من بعده رجعت إلى الإسلام؛ قال: ضمنت لك التزوج، ولم أضمن لك الإمرة؛ قال: فأومأ إلى خادم بين يديه، فذهب مسرعاً، فإذا خدم قد جاءوا يحملون الصناديق فيها الطعام، فوضعت ونصبت موائد الذهب وصحاف الفضة، وقال لي: كل، فقبضت يدي، وقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الأكل في آنية الذهب والفضة، فقال نعم، صلى الله عليه وسلم، ولكن نق قلبك وكل فيما أحببت، قال: فأكل في الذهب والفضة وأكلت في الخليج، فلما رفع الطعام جيء بطساس الفضة وأباريق الذهب، وأومأ إلى خادم بين يديه، فمر مسرعاً، فسمعت حساً، فالتفت، فإذا خدم معهن الكراسي مرصعة بالجواهر، فوضعت عشرة عن يمينه وعشرة عن يساره، ثم سمعت حساً، فإذا عشر جوار قد أقبلن مطمومات الشعر متكسرات في الحلي عليهن ثياب الديباج، فلم أر وجوها قط أحسن منهن، فأقعدهن على الكراسي عن يمينه ثم سمعت حساً، فإذا عشر جوار أخرى، فأجلسهن على الكراسي عن يساره، ثم سمعت حساً، فإذا جارية كأنها الشمس حسناً وعلى رأسها تاج، وعلى ذلك التاج طائر لم أر أحسن منه، وفي يدها اليمنى جام فيه مسك وعنبر، وفي يدها اليسرى جام فيه ماء ورد؛ فأومأت إلى الطائر، أو صفرت بالطائر، فوقع في جام ماء الورد فاضطرب فيه، ثم أومأت إليه، أو صفرت به، فطار حتى نزل على صليب في تاج جبلة، فلم يزل يرفرف حتى نفض ما ريشه عليه، وضحك جبلة من شدة السرور حتى بدت أنيابه، ثم التفت إلى الجواري اللواتي عن يمينه، فقال: بالله أطربنني، فاندفعن يتغنين يخفقن بعيدانهن ويقلن:
لِلَّهِ دَرُّ عِصابَةٍ نادَمتُهُم … يَوماً بِجِلَّقَ في الزَمانِ الأَوَّلِيُ
يُغشَون حَتّى ما تَهِرُّ كِلابُهُم … لا يَسأَلونَ عَنِ السَوادِ المُقبِلِ
أولاد جفنة حول قبر أبيهم … قبر ابن مارية الكريم المفضل
بيض الوجوه كريمة أحسابهم … شم الأنوف من الطراز الأول
فضحك حتى بدت نواجذه، ثم قال: أتدري من قائل هذا؟ قلت: لا، قال: قائله حسان بن ثابت شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم التفت إلى الجواري اللاتي عن يساره، فقال: بالله أبكيننا، فاندفعن يتغنين يخفقن بعيدانهن ويقلن :
لمن الدار أقفرت بمعان … بين أعلى اليرموك فالخَمّان (جبل)
ذاك مغنى لآل جفنة في الدهر … محلاً لحادث الأزمان
قد أراني هناك دهراً مكيناً … عند ذلك التاج مقعدي ومكاني
ودنا الفصح فالولائد ينظمن … سراعاً أكلة المرجان
لم يعللن بالمغافير والصمغ … ولا نقف حنظل الشريان
قال: فبكى حتى جعلت الدموع تسيل على لحيته، ثم قال: أتدري من قائل هذا؟ قلت لا أدري؛ قال: حسان بن ثابت. ثم أنشأ يقول:
تنصرت الأشراف من عار لطمة … وما كان فيها لو صبرت ضرر
تكنفني منها لجاج ونخوة … وبعت لها العين الصحيحة بالعور
فيا ليت أمي لم تلدني وليتني … رجعت إلى الأمر الذي قال لي عمر
ويا ليتني أرعى المخاض بقفرة … وكنت أسيراً في ربيعة أو مضر
ويا ليت لي بالشام أدنى معيشة … أجالس قومي ذاهب السمع والبصر
ثم سألني عن حسان: أحي هو؟ قلت: نعم، تركته حياً. فأمر لي بكسوة ومال، ونوق موقرة برا، ثم قال لي: إن وجدته حياً، فادفع إليه الهدية وأقرئه سلامي، وإن وجدته ميتاً فادفعها إلى أهله، وانحر الجمال على قبره.
فلما قدمت على عمر أخبرته خبر جبلة وما دعوته إليه من الإسلام والشرط الذي شرطه، وأني ضمنت له التزوج ولم أضمن له الإمرة. فقال: هلا ضمنت له الإمرة، فإذا أفاء الله به الإسلام قضى عليه بحكمه عز وجل.
ثم ذكرت له الهدية التي أهداها إلى حسان بن ثابت. فبعث إليه وقد كف بصره؛ فأتي به وقائد يقوده، فلما دخل قال: يا أمير المؤمنين إني لأجد رياح آل جفنة عندك؛ قال: نعم هذا رجل أقبل من عنده؛ قال: هات يا بن أخي، إنه كريم من كرام مدحتهم في الجاهلية فحلف أن لا يلقى أحداً يعرفني إلا أهدى إلي معه شيئاً. فدفعت إليه الهدية: المال والثياب، وأخبرته بما كان أمر به في الإبل إن وجد ميتاً؛ فقال: وددت أني كنت ميتاً، فنُحرت على قبري. قال الزبير: وانصرف حسان وهو يقول:
إن ابن جفنة من بقية معشر … لم يغذهم آباؤهم باللوم
لم ينسني بالشام إذ هو ربها … كلا ولا متنصراً بالروم
يعطى الجزيل ولا يراه عنده … إلا كبعض عطية المحروم
فقال له رجل كان في مجلس عمر: أتذكر ملوكاً كفرة أبادهم الله وأفناهم؟ قال: ممن الرجل؟ قال: مزني؛ قال: أما والله لولا سوابق قومك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لطوقت طوق الحمامة.
قال: ثم جهزني عمر إلى قيصر وأمرني أن أضمن لجبلة ما اشترط به، فلما قدمت القسطنطينية وجدت الناس منصرفين من جنازته، فعملت أن الشقاء غلب عليه في أم الكتاب.


في الأخوة والوفاء

– رب أخ لم تلده أمك..

– ظاهر العتاب خير من باطن الحقد..

– عند النازلة تعرف أخاك..

– وقال لقمان لإبنه: لا يعرف الحليم إلا عند الغضب ولا الشجاع إلا عن الحرب ولا الأخ إلا عند الحاجة..

– وكنت إذا ما جئت أدنيت مجلسي *** ووجهك من البشاشة يقطر
فمن لي بالعين التي كنت مرة *** إلي بها في سالف الدهر تنظر

– زر من تحب وإن شطت بك الديار *** وحال من دونه حجب وأستار
لا يمنعك بعد من زيارته *** إن المحب لمن يهواه زوار

– وقال ابن السماك: أحق الإخوان ببقاء المودة الوافر دينه الوافي عقله الذي لا يملك على القرب ولا ينساك على البعد، فإن دنوت منه داناك وإن بعدت عنه راعاك وإن استعنت به عضدك وإن احتجت إليه رفدك وتكون مودة فعله أكثر من مودة قوله..

– وقالوا: إصحب من الإخوان من أولاك جمائل كثيرة فكافأته بواحدة فنسي جمائله كلها وبقي شاكرا ذاكرا لجميلك..

– وقالوا: إذا وقع بصرك على شخص فكرهته فأحذره جهدك..

– وقيل: المودة طلاقة الوجه والتودد إلى الناس..

– وقيل: المحبة شجرة أصلها الزيارة..


في الفراسة وتفسير الأحلام

– خرج عمرو بن عبد الله بن معمر ومعه مالك بن خراش الخزاعي غازيين فمرا بامرأة تخط للناس في الأرض، فضحك منها مالك هزوا وقال ما هذا، فقالت أما والله لا تخرجن من سجستان حتى تموت ويتزوج هذا زوجتك فكان كما قالت.

– وحكي أن ابن سيرين جاءه رجل فقال: رأيت كأني أسقي شجرة زيتون زيتا، فأستوى جالسا فقال: من الذي تحتك؟ قال جارية وأنا أطؤها، قال: أخاف أن تكون أمك، فوجدها أمه..

– وكانت نائلة بنت عمار الكلبي تحت معاوية فقال لفاختة بنت قرظة: اذهبي فأنظري إليها، فذهبت ونظرت، فقالت ما رأيت مثلها ولكني رأيت تحت سرتها خالا ليوضعن معه رأس زوجها في حجرها، فطلقها معاوية وتزوجها بعده رجلان، حبيب بن مسلمة والنعمان بن بشير فتل أحدهما ووضع رأسه في حجرها.


في الفخر

– قال الأحوص في الفخر، وهو أفخر بيت قالته العرب:
وإذا سألت عن الكرام وجدتني … كالشمس لا تخفى بكل مكان

– عرفت الشر لا… للشر ولكـن لتوقـيـه
ومن لا يعرف … الشر من الناس يقع فيه

– من ليس يخشى أسود الغاب إن زأرت … فكيف يخشى كلاب الحي إن نبحت

– قد هون الصبر عندي كل نازلة … ولين العزم حد المركب الخشن

– وخل الهوينى للضعيف ولا تكن … نئوما فـإن الحزم ليس بنائم

– وإذا لم يكن من الموت بد … فمن العجز أن تكون جبانا

– إذا بلغ الـفطام لـنا صبي … تخِـرُّ له الجبابر ساجدينا / عمرو بن كلثوم

– نثرتُهم فوق الأُحَـيْدِبِ نَـثْـرَةً … كما نُثرت فوق العروس الدراهمِ / المتنبي

– واني وان كنت الأخير زمانه … لآت بما لم تـسْطِعْهُ الأوائـل / المعري

– ألا لا يـجهل أحد علـينا … فـنجهـل فوق جهل الجاهلـينا / عمرو بن كلثوم

– فصبرا في مجال الموت صبرا … فـما نيل الخلود بمسـتطاع / قطري بن الفجاءة

– أولئك آبائي فـجـئـني بمثلهم … إذا جمعتنا يا جرير المجامع / الفرزدق

– ولا تحسبن المجد زقًّا و قَـيْنَةً … فما المجدُ إلا الطعنُ والفَتْكَةُ البِكْرُ / المتنبي

– لم يأن أن يبكي الغمام على مثلي … ويطلب ثأري البرق مُنْصَلِتَ النصل
وهلا أقامت أنجم اللي مأتما … لتندب في الآفاق ما ضاع من نبلي / ابن زيدون

– كم تطلبون لنا عيبا فيعجزكم … ويكره الله ما تأتون والكرم / المتنبي

– كم قد نُعِيتُ إليكم في مجالسكم … ثم تنفضت فزال القبر و الكفن / المتنبي

– يا عمرو إلا تدع شتمي ومنقصتي … أضربك ضربا حتى تقول الهامة أسقوني
الهامة: طائر يقولون أنه يخرج من روح القتيل يصيح على قبره حتى يثأر له

– لنا الدنيا ومن أضحى عليها … ونبطش حين بطشنا قادرينا / عمرو بن كلثوم

– سيذكرني قومي إذا جد جدهم … و في الليلة الظلماء يفتقد البدر / أبو فراس

– وهل أنا إلا من غزية إن غوت … غويت وإن ترشد غزية أرشد / دريد بن الصمة

– فأزورَّ من وقع القنا بلبانه … وشكا إليّ بعبرة وتَحَمْحُمِ / عنترة
اللبان : الصدر ، العبرة : الدمعة ، التحمحم : ترديد الفرس لصوته

– ذلّ من يغبط الذليل بعيش … رُبَّ عيش أخف منه الحمامُ
من يهن يسهل الهوان عليه … ما لجرح بميت إيــلامُ

– فلو شاء قومي كان حلمي فيهـم … وكان على جهال أعدائهم جهلي / جرير

– وإن هو لم يحمل على النفس ضيمها … فليس إلى حسن الثناء سبيل / السمو أل
الضيم: الظلم، يقال: غلان لا يحمل الضيم إذا كان يأباه ويدفعه على نفسه

– مالك عندي غير سهم وحجر … وغـيـر كبداء شديدة الوتر / الكَبْدَاءُ : قوس

– فأحجم لما لم يجد فيك مطمعا … وأقدم لما لم يجد عنك مهربا / يقصد الأسد

– أتـاهم الـمنـتخـب الأواه … محمد صـلى عـلـيـه الله / محمد بن الجهم

– سلي إِن جهلتِ الناس عنا وعنهمُ … فليس سواءً عالمٌ وجهول / السموأل

– وإن مُدَّتِ الأَيدي إلى الزاد لم أَكن … بأَعجلهم إِذْ أَجشعُ الناس أَعجل / الشنفرى

– هذا ابن عمي في دمشق خليفة … لو شئت ساقكم إلي قطينا
القطين : هم سكان الدار وحشمها الذين لا يكادون يبرحونها

– فإنْ تَتَّعدْني أَتَّعدْكَ بمثلِها … وسَوفَ أَزيدُ الباقياتِ القَوارِضَا / الأعشى
اتعدته: أوعدته بالشر. القوارض: جمع قارض وهي الكلمة المؤذية.

– أحَقّاً بين أبْنَاءِ سَلْمَى بْنِ جَنْدلٍ … تَهدُّدُكُم إيَّايَ وَسْطَ المَجَالِسِ / الأسود بن يَعْفُر

– يا لَقَومي ويَا لَأَمْثَالِ قَوْمي … أُناسٍ عُتُوُّهُم في ازْدِياد

– يَا لَلْرِّجَالِ ذَوِي الأَلْبَابِ مِن نَفَر … لاَ يَبْرَحُ السفَهُ المُرْدِي لهم دِينا

– قالوا عقيم ولم يولد له ولد … والمرء يخلفه من بعده الولد
فقلت من علقت بالحرب همته … عاف النساء ولم يكثر له عدد / الحسن بن يزيد

– إن كنت عبدا فنفسي حرة كرما … أو أسود اللون إني أبيض الخلق / نصيب

– وأسر سلمة بن مرة الناموسي وكان قصيرا، امرؤ القيس اللخمي الملك، فقالت ابنته اطلق سراح أبي يا قصير، فسمعها فقال:
لقد زعمت بنت امرئ القيس أنني … قصير وقد أعيا أباها قصيرها
ورب طويل قد نزعت سلاحه … وعانقته والخيل تدمى نحورها

– علي ثياب لو تقاس جميعا … بفلس لكان الفلس منهن أكثرا
وفيهن نفس لو يقاس ببعضها … فلوس الورى كانت أجل وأكبرا / الورى: الناس جميعا

– إذا وقع الذباب على طعام … رفعت يدي ونفسي تشتهيه
وتجتنب الأسود ورود ماء … إذا كانت الكلاب يلغن فيه

– إذا قيل حلم قلت للحلم موضع … وحلم الفتى في عير موضعه جهل

– وكانت هنيدة بنت صعصعة عمة الفرزدق تقول: من جاءت من نساء العرب بأربعة كأربعتي يحل لها أن تضع خمارها عندهم فصرمتى لها: أبي صعصعة، وأخي غالب، وخالي الأقرع بن حابس، وزوجي الزبرقان بن بدر، فسميت ذات الخمار (الصرمة: القطعة من الإبل ما بين العشرين إلى الثلاثين).

قدم النعمان بن المنذر على كسرى وعنده وفود الروم والهند والصين، فذكروا من ملوكهم وبلادهم، فافتخر النعمان بالعرب وفضلهم على جميع الأمم، لا يستثنى فارس ولا غيرها. فقال كسرى – وأخذته عزة الملك: يا نعمان، لقد فكرت في أمر العرب وغيرهم من الأمم، ونظرت في حال من يقدم علي من وفود الأمم، فوجدت الروم لها حظ في اجتماع ألفتها، وعظم سلطانها، وكثرة مدائنها ووثيق بنيانها، وأن لها ديناً يبين حلالها وحرامها ويرد سفيهها ويقيم جاهلها؛ ورأيت الهند نحواً من ذلك في حكمتها وطبها، مع كثرة أنهار بلادها وثمارها وعجيب صناعاتها وطيب أشجارها ودقيق حسابها وكثرة عددها؛ وكذلك الصين في اجتماعها، وكثرة صناعات أيديها في آلة الحرب وصناعة الحديد، وفروسيتها وهمتها، وأن لها ملكاً يجمعها، والترك والخزر على ما بهم من سوء الحال في المعاش وقلة الريف والثمار والحصون، وما هو رأس عمارة الدنيا من المساكن والملابس، لهم ملوك تضم قواصيهم وتدبر أمرهم؛ ولم أر للعرب شيئاً من خصال الخير في أمر دين ولا دنيا، ولا حزم ولا قوة؛ مع أن مما يدل على مهانتها وذلها وصغر همتها، محلتهم التي هم بها مع الوحوش النافرة والطيرة الحائرة؟ يقتلون أولادهم من الفاقة، ويأكل بعضهم بعضاً من الحاجة، قد خرجوا من مطاعم الدنيا وملابسها ولهوها ولذتها، فأفضل طعام ظفر به ناعمهم لحوم الإبل التي يعافها كثير من السباع لثقلها وسوء طعمها وخوف دائها؛ وإن قرى أحدهم ضيفاً عدها مكرمة، وإن أُطعم أكلة عدها غنيمة؛ تنطق بذلك أشعارهم وتفتخر بذلك رجالهم، ما خلا هذه التنوخية التي أسس جدي اجتماعها وشد مملكتها ومنعها من عدوها، فجرى لها ذلك إلى يومنا هذا؛ وإن لها مع ذلك آثاراً ولبوساً وقرى وحصوناً وأموراً تشبه بعض أمور الناس – يعني اليمن. ثم لا أراكم تستكينون على ما بكم من الذلة والقلة والفاقة والبؤس، حتى تفتخروا وتريدوا أن تنزلوا فوق مراتب الناس.
قال النعمان: أصلح الله الملك، حق لأمة الملك منها أن يسموا فضلها ويعظم خطبها وتعلو درجتها، إلا أن عندي جواباً في كل ما نطق به الملك، وفي غير رد عليه ولا تكذيب له، فإن أمنني من غضبه نطقت به. قال كسرى: قل، فأنت آمن.
قال النعمان: أما أمتك أيها الملك فليست تنازع في الفضل، لموضعها الذي هي به من عقولها وأحلامها وبسطة محلها وبحبوحة عزها وما أكرمها الله به من ولاية آبائك وولايتك. وأما الأمم التي ذكرت، فأي أمة تقرنها بالعرب إلا فضلتها. قال كسرى: بماذا؟ قال النعمان: بعزها ومنعتها وحسن وجوهها وبأسها وسخائها وحكمة ألسنتها وشدة عقولها وأنفتها ووفائها.
فأما عزها ومنعتها، فإنها لم تزل مجاورة لآبائك الذين دوخوا البلاد ووطدوا الملك وقادوا الجند، لم يطمع فيهم طامع، ولم ينلهم نائل، حصونهم ظهور خيلهم، ومهادهم الأرض، وسقوفهم السماء، وجبنتهم السيوف، وعدتهم الصبر؛ إذ غيرها من الأمم، إنما عزها الحجارة والطين وجزائر البحور.
وأما حسن وجوهها وألوانها، فقد يعرف فضلهم في ذلك على غيرهم من الهند المحترقة، والصين المنحفة، والترك المشوهة، والروم المقشرة.
وأما أنسابها وأحسابها، فليست أمة من الأمم إلا وقد جهلت آباءها وأصولها وكثيراً من أولها، حتى إن أحدهم ليسأل عما وراء أبيه، فلا ينسبه ولا يعرفه، وليس أحد من العرب إلا يسمي آباءه أباً فأباً، حاطوا بذلك أحسابهم، وحفظوا به أنسابهم، فلا يدخل رجل في غير قومه ولا ينتسب إلى غير نسبه ولا يُدعى إلى غير أبيه.
وأما سخاؤها، فإن أدناهم رجلاً الذي تكون عنده البكرة والناب – الناقة المسنة – عليها بلاغه في حموله وشبعه وريه، فيطرقه الطارق الذي يكتفي بالفلذة – القطعة – ويجتزئ بالشربة، فيعقرها له، ويرضى أن يخرج عن دنياه كلها فيما يكسبه حسن الأحدوثة وطيب الذكر.
وأما حكمة ألسنتهم، فإن الله تعالى أعطاهم في أشعارهم ورونق كلامهم وحسنه ووزنه وقوافيه، مع معرفتهم بالأشياء، وضربهم للأمثال وإبلاغهم في الصفات، ما ليس لشيء من ألسنة الأجناس. ثم خيلهم أفضل الخيل، ونساؤهم أعف النساء، ولباسهم أفضل اللباس، ومعادنهم الذهب والفضة، وحجارة جبلهم الجزع، ومطاياهم التي لا يبلغ على مثلها سفر ولا يقطع بمثلها بلد قفر.
وأما دينها وشريعتها، فإنهم متمسكون به، حتى يبلغ أحدهم من نسكه بدينه أن لهم أشهراً حرماً وبلداً محرماً وبيتاً محجوجاً ينسكون فيه مناسكهم ويذبحون فيه ذبائحهم، فيلقى الرجل قاتل أبيه أو أخيه وهو قادر على أخذ ثأره وإدراك رغبته منه، فيحجزه كرمه ويمنعه دينه عن تناوله بأذى.
وأما وفاؤها، فإن أحدهم يلحظ اللحظة ويومئ الإيماءة فهي ولث وعقدة لا يحلها إلى خروج نفسه. وإن أحدهم ليرفع عوداً من الأرض فيكون رهناً بدينه، فلا يغلق رهنه، ولا تخفر ذمته؛ وإن أحدهم ليبلغه أن رجلاً استجار به، وعسى أن يكون نائياً عن داره، فيصاب، فلا يرضى حتى يفني تلك القبيلة التي أصابته أو تفنى قبيلته، لما خفر من جواره؛ وإنه ليلجأ إليهم المجرم المحدث من غير معرفة ولا قرابة، فتكون أنفسهم دون نفسه وأموالهم دون ماله.
وأما قولك أيها الملك: يئدون أولادهم؛ فإنما يفعله من يفعله منهم بالإناث أنفة من العار وغيرة من الأزواج.
أما قولك: إن أفضل طعامهم لحوم الإبل على ما وصفت منها؛ فما تركوا ما دونها إلا احتقاراً له، فعمدوا إلى أجلها وأفضلها، فكانت مراكبهم وطعامهم؛ مع أنها أكثر البهائم شحوماً، وأطيبها لحوماً، وأرقها ألباناً، وأقلها غائلة، وأحلاها مضغة؛ وإنه لا شيء من اللحمان يعالج ما يعالج به لحمها إلا استبان فضلها عليه.
وأما تحاربهم وأكل بعضهم بعضاً، وتركهم الانقياد لرجل يسوسهم ويجمعه؛ فإنما يفعل ذلك من يفعله من الأمم إذا أنست من نفسها ضعفاً، وتخوفت نهوض عدوها إليها بالزحف، وإنه إنما يكون في المملكة العظيمة أهل بيت واحد يعرف فضلهم على سائر غيرهم، فيلقون إليهم أمورهم، وينقادون لهم بأزمتهم؛ وأما العرب، فإن ذلك كثير فيهم، حتى لقد حاولوا أن يكونوا ملوكاً أجمعين، مع أنفتهم من أداء الخراج والوطف بالعسف.
وأما اليمن التي وصفها الملك، فإنما أتى جد الملك الذي أتاه عند غلبة الحبش له، على ملك متسق وأمر مجتمع، فأتاه مسلوباً طريداً مستصرخاً قد تقاصر عن إيوائه، وصغر في عينه ما شيد من بناءه؛ ولولا ما وتر به من يليه من العرب، لمال إلى مجال، ولوجد من يجيد الطعان، ويغضب للأحرار، من غلبة العبيد الأشرار.
قال: فعجب كسرى لما أجابه النعمان به، وقال: إنك لأهل لموضعك من الرياسة في أهل إقليمك ولما هو أفضل. ثم كساه كسوته، وسرحه إلى موضعه من الحيرة.

ووفد أبو ليلى نابغة بني جعدة على النبي صلى الله عليه وسلم، فأنشده شعره الذي يقول فيه:
بلغنا السماء مجدنا وسناؤنا … وإنا لنبغي فوق ذلك مظهرا
قال له النبي صلى الله عليه وسلم: إلى أين أبا ليلى؟ قال: إلى الجنة؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن شاء الله. فلما انتهى إلى قوله:
ولا خير في حلم إذا لم تكن له … بوادر تحمي صفوه أن يكدرا
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: لا يفضض الله فاك، فعاش مائة وثلاثين سنة لم تنفض له سن. وبقي حتى وفد على عبد الله بن الزبير في أيامه بمكة وامتدحه.

قال الشاعر في صنهاجة (بربر صحراء شمال إفريقيا الذين منهم المرابطون):
قوم لهم نسب العلياء من حِمير …. وإذا قيل صنهاجة فهمو همو
لما حووا فخار كل عظيمة …. غلب الحياء عليهم فتلثموا
وقال في الغربيين:
قوم لهم نسب الزنى من غرب … وإذا قيل الأمريكيون فهمو همو
لما حووا رذائل كل خسيسة … غلب الفُجر عليهم فتمثلوا (من المثلية إن جاز التعبير)


في البدع

– قيل لابن سيرين إن أقواما إذا سمعوا القرآن صعقوا فقال ميعاد ما بيننا وبينهم أن يجلسوا على حائط فيقرأ عليهم القرآن من أوله إلى آخره فإن صعقوا فهو كما قالوا..

– وسئل بعض العلماء عن المتصوفة فقال: أكلة ورقصة..

– وجلس بشار يوماً مع الناس على باب المهدي ينتظرون الإذن ، فقال بعض موالي المهدي لمن حضر : ما عندكم في قوله تعالى: ” وَأوْحَى رَبُّكَ إلى النَحْلِ ” ما المراد بالنحل ؟ فقال بشار : النحل التي يعرفها الناس ، فقال: هيهات يا أبا معاذ! النحل هنا بنو هاشم ، وقوله: ” يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِهَا شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ ألْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ للنّاسِ” هي أنواع العلوم ، فقال له بشار : جعل الله طعامك وشرابك وشفاءك ما يخرج من بطون بني هاشم ، فغضب وشتم بشاراً ، وبلغ الخبر المهدي فدعاهما فسألهما عن القصة ، فأخبره بشار بها فضحك حتى أمسك على بطنه.


أقوال غربية

إذا سددت أنفك كلما شممت رائحة كريهة فمعنى ذلك أنك سوف تقضي حياتك معتمدا في أعمالك على يد واحدة .

أغلبية الناس تأكل لتعيش وذلك في سبيل الأقلية السعيدة التي تعيش لتأكل .

يؤكد لي رجل فقير أن الشيء الوحيد الذي شبع منه في حياته هو الجوع .

في بعض المناصب يجب أن يوزن الموظف عند تعينه توطئة لإعادة وزنه في نهاية السنة المالية .

طبعا أنا ضد السرقة ( يقول واحد منهم ) ما دمت أنت الذي يسرق لا أنا .

لم يحدث عبر التاريخ أن اخترع الإنسان سلاحا وأمسك عن استخدامه ، فلا تكن مطمئنا بهذه الدرجة إلى كلمة التعادل النووي (أقول: هذا يدل أيضا على ان السلاح النووي لا وجود له بل هو أكذوبة، لم يطبقه أحد إلى هذه الساعة، لا تصدق كذبة هيروشيما).

أحيانا أميل إلى قراءة الكتابات الخرافية ، بالأمس عكفت ساعة على قراءة ميثاق حقوق الإنسان .

رأى نظرتي الحادة إلى سيارته الفاخرة جدا ، فقال لي : إن تلك السيارة مشتراة بعرق الجبين ، وبسرعة صعد إليها ورقع الباب خلفه ، و أنطلق بها قبل أن أجد الفرصة و أسأله : جبين من ؟

لن أعمل أكثر مما ينبغي ، فالإرهاق قد يقتلني في شبابي فأكون بذلك قد عملت أقل مما ينبغي .

في علاقتي بالبحر أحب أن أنظر إليه من بعيد دون أن أغوص فيه وكذلك الحال في علاقتي بالناس .

في استعراضي للذين خذلوني في حياتي أجد نفسي مضطرا للاعتراف بأن أحدا لم يخذلني مثل نفسي .

في علاقتي بالآخرين أحب على الدوام أن يظلوا آخرين .

بعد أن تمرنت عليه ثماني ساعات يوميا طوال خمسين سنة ، كيف تتوقع مني أن أخشى الموت .

الكاتب العبيط يصور الحياة كما يراها ، و الذكي يصورها كما يراها الناشر .

لكي لا يموت الكاتب جوعا يجب عليه بين الحين والحين أن يهذي .

لا شك أن الذي ينصب الفاعل جاهلا ، غير أن من يرفعه ليس بالضرورة عالما .

لأن تصبح الدعارة فنا كما يحدث في بعض المسرحيات الغربية ، خير من أن يصبح الفن دعارة كما يحدث في بعض مسرحياتنا.

أخوك محتاج لقرشين هل أجد عندك فكرة لقصة سخيفة .

لن تكون رساما لمجرد أن عندك فرشاة ، ولن تكون موسيقيا لمجرد أن عندك نايا ، لكن تستطيع أن تكون كاتبا لمجرد أن عندك قلما .

لماذا يا صغيرتي تسأليني عن أقصر طريق إلى شاشة السينما ما دام وجهك قد أحمر من نفسه .

ما سبب الطلاق بين الممثلين والممثلات ، ذلك أنهم وقد تعبوا من التمثيل في المسارح والاستوديوهات لا يطيقون مزيدا من التمثيل في البيت .

لا أدري إن كان هذا النبأ صحيحا أم لا ، نبأ الراقصة التي طالبت بمضاعفة أجرها بمناسبة ارتفاع أسعار اللحم .

أذن الديك للفجر فتثاءبت البومة وتهيأت للنوم ..

قد يكون صوت الحمار قبيحا لكنه هو الآخر محتاج لأن يعبر عن نفسه .

في حديقة الحيوان أشعر بأمن أكبر بكثير من الذي أشعر به في الشارع ، فحيوانات الحديقة كما تعلم محبوسة .

الحمار حيوان سيء الحظ ، فعلى العكس من البقرة والثور والكبش والثعبان والتمساح لم يجد المسكين جماعة من الناس تقدسه .

يبتلى الإنسان في حياته بأشياء كثيرة و أسوا ما يبتلى به هو نفسه .

من الصفات الرئيسية في الرجل المغفل انه لا يعرف أنه كذلك .

الجهلاء أنواع ودرجات وأكثرهم ضررا حملة الشهادات العليا .

كثيرا ما يكون جنون النظافة من الخارج دليلا أكيدا على شدة القذارة من الداخل .

لماذا أضربك؟
لأنك أضعف مني بالطبع .

لا يحق للإنسان أن يقول أنه قد تحضر حقا إلا عندما يكف عن استعمال الأقفال والمفاتيح .

لا تكذبني إذا قلت لك أنني رأيت رجلا في العاشرة وطفلا في الأربعين .

يسألونك عن أحلى سنوات العمر قل هي تلك التي لم تأتي بعد .

للأب و الأم اللذين يوجهان إلى ولدهما ذلك السؤال الخالد: بتحب بابا ولا ماما أكثر؟ أقول أنهما بهذا السؤال يلقنان الولد أول دس في الكذب.

وفقا لقانون الغاب يجب على كل حيوان يقابل الآخر أن يقتله ، أما وفقا لقانون المدنية فيجب أن يقبله أولا .

شكرا لله على أن الحمير ليس لها من الإمكانيات ما يتيح لها هي الأخرى أن تستأجر مكبرات الصوت


النوادر والنكت

– أُتي الحجاج بحرورية (امرأة من الخوارج)، فقال لأصحابه: ما تقولون في هذه؟ قالوا: اقتلها ونكل بها غيرها. فتبسمت الحرورية؛ فقال لها: لم تبسمت؟ فقالت: لقد كان وزراء أخيك فرعون خيراً من وزرائك يا حجاج، استشارهم في قتل موسى، فقالوا: أرجه وأخاه، وهؤلاء يأمرونك بتعجيل قتلي؛ فضحك الحجاج، وأمر بإطلاقها.

– وقف سائل على قوم فقالوا يفتح الله عليك فقال كسرة قالوا ما نقدر عليها فقال قليل من بر وفول قالوا لا نقدر عليه فقال فقطعة من دهن قالوا لا نقدر عليها فقال فشربة ماء قالوا ما عندنا فقال ما جلوسكم هنا قوموا فاسئلوا فأنتم أحق بالسؤال مني..

– جاءت امرأة بولدها إلى معلم صبيان تشكوه فقال له إما أن تنتهي وإلا فعلت بأمك، فقالت يا معلم هذا ما ينفع فيه الكلام فأفعل ما شئت لعله ينظر بعينه ويتوب، فقام وفعل بها أمام ولدها.

– دخل مجنون الطاق إلى الحمام وكان بغير مئزر فرآه أبو حنيفة فغمض عينيه فقال له المجنون: متى أعماك الله؟ فقال: حين هتك سترك..

– وقالت عجوز لزوجها أما تستحي أن تزني ولك حلال طيب؟ فقال: أما حلال فنعم أما طيب فلا..

– ودخل أعرابي المسجد وبيده صرة سرقها فقرأ الإمام “وما تلك بيمينك يا موسى” فقال الأعرابي: والله إنك لساحر ورمى الصرة وخرج..

– وصلى أعرابي مع قوم فقرأ الإمام “قل أرأيتم إن أهلكني الله ومن معي أو رحمنا” فقال أهلكك الله وحدك إيش كان ذنب الذين معك..

– ودخلت أعرابية على قوم يردد إمامهم “وانكحوا ما طاب لكم من النساء” وجعل يكررها، فولت هاربة حتى جاءت أختها فقالت : ما زال الإمام يأمرهم أن ينكحونا حتى خشيت أن يقعوا علي..

– ولقي الرشيد ومعه عيسى بن جعفر والفضل بن يحيى شيخا من الأعراب على حمار وهو رطب العينين فقال له الفضل هل أدلك على دواء لعينيك؟ قال ما أحوجني إلى ذلك، فقال: خذ عيدان الهواء وغبار الماء فصيره في قشر بيض الذر واكتحل به ينفعك، فانحنى الشيخ وضرط ضرطة قوية وقال: خذ هذه في لحيتك أجرة لوصفتك وإن زدت زدناك..

– وقال الحجاج لرجل من الخوارج: إني لأبغضكم فقال الخارجيّ : أدخل الله أشدنا بغضاً لصاحبه الجنة .

– قال عبد الرحمان بن أبي الزناد لأشعب : أنت شيخ مسن ، فهل تروي شيئاً من الحديث قال: نعم ، حدثني عكرمة عن ابن عباس أنه عليه الصلاة والسلام قال : خصلتان من حافظ عليهما دخل الجنة قال : قلت : فما هما ؟ قال : نسي عكرمة إحداها ونسيت أنا الأخرى .

– وتداعى قوم من بني راسب وقوم من الطفاوة إلى زياد في غلام وأقام كلّ بينة ، فأشكل الأمر على زياد ، فقام سعد الرابية اليربوعي فقال : أيها الأمير قد تبين لي في هذا الكلام وجه الحكم فوَلنِيِه ، فقال: ما هو ؟ فقال : يطرح في النهر، فإن طفا فوق الماء فهو للطفاوة، وإن رسب في الماء فهو لبني راسب، فنهض زيد وذهب وقد علاه الضحك، ثم أرسل إلى سعد فقال : ألم أنهك أن تمازح في مجلسي قال : أصلحك الله حضرني أمر خفت أن أنساه.

– ودخل رجل على الشعبي وامرأته معه فقال: أيكما الشعبي ؟ فقال الشعبي : هذه ، وأشار إلى المرأة ، فقال مخاطبا المرأة : ما تقول في رجل شتمني في أول يوم من رمضان أيؤجر على ذلك أم لا ؟ فقال الشعبي : أما إن قال لك : يا أحمق فأرجو أن يكون له في ذلك الأجر العظيم .

– و أُخذ قوم محاربون ، فقدموا لتضرب أعناقهم فقال واحد منهم : والله ما كنت إلاّ أغني لهم ، فقيل له : فغَنِّ إذن ، فلم يجرِ على لسانه غير قول القائل :
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه *** فكل قرين بالمقـارن مـقـتـد
فقيل له : صدقت وضربت عنقه .

– وعن بعضهم قال : لقيت شيخاً من الأعراب فرجوت أن يكون يقول الشعر أو يرويه فسألته فقال : أما الرواية فلم أسمع من أروي عنه ، وأمّا القول فلم أقل قط إلاّ بيتاً واحداً ، فقلت : وهذا خير ، أروي عنك هذا البيت فتحصل به رواية شعرك فما هو ؟ فقال :
سقياً ورعياً وزيتوناً ومغفرة *** قتلتم الشيخ عثمان بن عفان
قال الراوي : فجعلت أتأمله ، فقال الشيخ : لعلك تتأمل في فهم معناه ، قلت : نعم ، قال : أنا قلته منذ سبعين سنة وأنا أفكر في معناه فما فهمته فكيف تطمع به أنت في ساعة واحدة .

– وكان المأمون يوماً جالساً مع ندمائه مشرفاً على دجلة يتذاكرون أخبار الناس ، فقال : ما طالت لحية إنسان إلاّ نقص من عقله بقدر ذلك ، فلم يسلم له أصحابه ذلك ، فبينما هم في ذلك رأوا رجلاً كبير اللحية حسن الهيئة والثياب ، فقال المأمون : عليّ به ، فلما وقف بين يديه سلم ، فأجلسه المأمون ، وقال له: ما أسمك ؟ قال : أبو حمدونة ، فقال : وما كنيتك ؟ قال : علوبة، فضحك المأمون وأقبل على جلسائه فغمزهم عليه ، ثم قال : ما صنعتك قال : فقيه أجيد الشرح للمسائل ، فقال : نسأل عن مسألة ، فقال: سل عما بدا لك ، قال : فما تقول فيمن أشترى شاة فلما قبضها خرجت من أستها بعرة فقأت عين رجل ، على من تجب دية العين ؟ على البائع أم على المشتري ؟ ، فنكت بإصبعه الأرض طويلاً ثم قال : دية العين على البائع ، قال المأمون : ولمَ ؟ قال : لأنه باع ولم يشترط أن في أستها منجنيقاً ، فضحك المأمون ومن معه ، ثم أنشأ يقول :
ما أحد طلت له لـحـية *** فزادت اللحية في هيئته
إلاّ و ما نقص من عقلـه *** أكثر مما زاد في لحيته

– أراد ملك أن يجرب مدى صلابة رؤوس الأكراد و إصرارهم على آرائهم فأستدعى أحد السجناء منهم و قال له : بم يقطع الحبل بالسكين أم بالمقص ، فرد الكردي معاكسا : بالمقص ، فقال الملك : بل بالسكين ، رد الكردي معاندا : بل بالمقص ، فربطه الملك في الشمس حتى أحس أنها أنهكته ثم سأله : بم يقطع الحبل ، رد عليه الكردي بإعياء : بالمقص ، فجلده حتى كاد يقتله ثم طرح عليه نفس السؤال ، فرد بإصرار : بالمقص ، فوضعه في بركة من الماء وأمر أن يغمسوا رأسه فيها عنوة حتى لا يتنفس ، فأخرج إصبعيه من الماء و أشار بهما مقلدا المقص .

– قيل لكذاب اصدقت قط، فقال: لولا أني خاف أن أصدق في هذا لقلت لك لا.

– وسأل رجل ولد: في أي سورة أنت، قال: لا أقسم بهذا البلد ووالدي بلا ولد، فقال: لعمري من كنت أنت ولده فهو بلا ولد.

– كتب احدهم كتابا وأرسله مع قبيح وقد ضمنه: يأتيك بهذا الكتاب آية من آيات الله تعالى وقدره فدعه يذهب إلى نار الله وسقره.

– وقال الجاحظ: ما أخجلني قط إلا امرأة مرت بي إلى صائغ فقالت: اعمل مثل هذا فبقيت مبهوتا، ثم سألته فقال: أرادت أن اعمل لها صورة شيطان فقلت: لا ادري كيف أصوره فأتت بك.

وقال الأصمعي: نظر زياد إلى رجل من ضبة يأكل أكلاً قبيحاً، وهو أقبح الناس وجهاً، فقال: يا أخا ضبة، كم عيالك؟ قال: سبع بنات أنا أجمل منهن وجهاً، وهن آكل مني، فضحك زياد وقال: لله درك! ما ألطف سؤالك! افرضوا له و لكل واحدة منهن مائة وخادماً، وعجلوا له و لهن أرزاقهم.

نكت:

نذل اتصل على ( FM ) يهدي أغنيه ( بابا فين ) لكل أيتام العالم.

واحد قال لزوجته نكتة، قالت: هاهاها بايخة.. قال: هاهاها أنت طالق..

غبي سقط على الأرض فذهب إلى الطبيب فأعطاه مرهم وقاله ادهن مكان السقطة فدهن الأرض.

أهبل أعطاه أبوه كتب في الدين.. بعد أسبوع دخل على أبوه وقال له أريد أن أتحجب.

لعب قرويان الشطرنج فقال الأول: لقد قتلت حصانك، بعد مدة جاءه الثاني وهو يقول: لقد سممت لك بقرتك.

محشش سرق دجاجة وذهب ليأكلها على البحر، أخذته الشرطة فقال له الشرطي: أمسكناك متلبس والريش بجانبك، رد: أنا ما سرقتها لقد ذهبت لتسبح وقالت لي انتبه الملابس.

ذهب غبي لشراء تذكرة، فقال له الموظف: تريد تذكرة ذهاب وإياب أو ذهاب فقط؟ قال ذهاب وإياب.. وخرج وهو يضحك قائلا: لقد ضحكت عليهم أنا ذاهب فقط ولن أرجع.

غبي تزوج بواحدة ولدت بعد 3 شهور، حلف أن يقتلها. قالت له تعال نحسبها، أنت منذ كم تزوجتني؟ قال لها منذ 3 شهور، قالت: وأنا منذ كم تزوجتك، قال: منذ 3 شهور، قالت له ونحن الاثنان منذ كم تزوجنا؟ قال لها: منذ 3 شهور، قالت له: طيب 3و3و3 يساوي 9. قال لها: صدق الذي قال إن العلم نور.

ربح أحدهم في اللوتو فوضع ماله كله في بطاقة الجوال. وبعد ما كمّل ردت عليه خدمة الزبائن: رصيدك إلى يوم القيامة.

كان أحد المحششين حامل علبة مسامير، فجأة سقط منهم مسمار، فقال له: يا ولدي أرجع إلى العلبة يرحم والديك.. لكن المسمار لم يرجع.. فصب علبة المسامير كلها على الأرض و قال لهم: جيبوووه.

سأل ولد أبوه: بابا كيف أعرف أن واحد سكران. قال له أبوه: شوف يا ولدي.. هل ترى تلك الشجرتين. السكران يراهم أربعة شجرات. استدار الولد لكنه لم ير إلا شجرة وحدة!!!

قال طفل لأبيه: مدرسنا انخبل أمس، يقول 3+2=5 واليوم يقول 1+4=5

محشش ماشي مع بنت، شافت أبوها صرخت: أبي. قال: قولي له إني أخوك.

كان أغبياء يرمون أسدا بحجارة، فأقبل عليهم الأسد فهربوا كلهم إلا اثنين قالوا له: نحن لم نشارك في رميك بالحجارة.

أراد أغبياء أني يفجروا مبنى فحطوا القنابل في الدور الأول واختبئوا في السطوح..

غبي مشتهي لبن فتح الثلاجة فإذا تاريخ صلاحيته منتهي.. قام بتزوير التاريخ وشربه.

كان نذل يستعد لإخراج سيارته من موقف السيارات فرأى أحدهم يستعد لإدخال سيارته مكانه، فخرج من سيارته وركب تاكسي.

نمر مر بجانبه قط يلاحق فار، ضحك وقال يلعن أبو حركات الابتدائي.

أهبل أعطوه رقم جني فأخذ يزعجه ويرسله مسج كل دقيقة (بسم الله الرحمن الرحيم).

سرق احدهم كرسيا من قهوة فتبعه النادل ، فلما أحس بأنه لا محالة مدركه ، وضع الكرسي على الأرض وجلس عليه قائلا في ثقة : كأس ماء سادة من فضلك ..

القاضي : لم سرقت الإسورة الذهبية؟
اللص : أولا لم اسرقها ، وثانيا لم تكن ذهبية..

تجاورت بصلة وموزة من مصر، قالت الموزة :
– ابعدي عني ريحتك المقرفة ..
قالت البصلة :
– والله عال ، بقيتي تعرفي تتكلمي يا عوجه ..

كانت بقرة تبكي بحرقة ، فسألتها صديقتها عن السبب ، فقالت :
– اليوم فقط ، ثبت لي أن زوجي الذي أحببت من كل قلبي ثور ..

تزوج لص محترف امرأة ، فقالت له : أطفئ النور هذه فرصتك . فسرق هاتفها الجوال ..

ركب شخص دميم على حمار ، وكان الحر شديدة ، فرأى امرأة جميلة، فقال :
– أول مرة أرى القمر يمشي بعز القائلة ، فردت عليه :
– وأنا أول مرة أرى حمارا بطابقين ..

التقى خجول بصديق له ، فسأله :
– كيف حال الوالد ؟
ثم تذكر فجأة أن أبوه قد مات ، فقال مستطردا :
– ألا يزال في نفس المقبرة ؟

كان أحدهم يأكل منفردا بيده الشمال، فقالوا له إن الشيطان يأكل معك ، فقام بوضع السم في الطعام..

نجح أحْول في امتحان القبول في الجيش ، فوضعوه في كتيبة القصف العشوائي ..

مرّ فضولي بناس متجمهرين على حادث سير ، فقال : أفسحوا الطريق أنا ابن عم المصاب من شدة لهفته على مشاهدته.. فلما وصل وجده حمارا ميتا ..

الطفل : أبي أنا الوحيد الذي أجاب على سؤال اليوم ..
الأب : رائع .. وما كان السؤال ..
الطفل : من الذي عجز عن حل تمارين الأمس ..

الأول : الدنيا لازالت بخير .. تصور أن احدهم التقط ساعة من الشارع وسلمها لي معتقدا أنها وقعت مني ..
الثاني : يا للحظ ..
الأول : طبعا فالساعة لم تكن ملكي..

تسابق حماران مسافة 100 متر عدوا .. قال الخاسر للرابح :
– مبروك يا حمار ..
رد عليه الرابح بغضب :
– احترم نفسك ..

سأل الزبون بائع البطيخ :
– بكم البطيخة ؟
رد عليه البائع غاضبا :
– جئت لتشتري أم لتسأل ؟

الأول : أحمد الله أنني لم أولد في الصين ..
الثاني : لماذا ؟
الأول : لأنني لا أعرف كلمة واحدة من اللغة الصينية..

سودانية راحت لمفسر احلام وقالت له حلمت بفحمة، قالها ذاك فارس احلامك

محشش اتصل على المطعم قال في عندكم عشا قالوله إيه قال ليش ما عزمتوني

واحد معصب وزعلان راح يعزي قال للاولاد كيف مات ابوكم قالو قطع الشارع وضربته سيارة قال ليش هو حمار ما يشوف الطريق؟

مره المدرس سأل الاطفال فى الفصل الى يحسب نفسه غبى يقف … بعد شوي وقف تلميذ …فساله المدرس و ليش تحسب نفسك غبي ..فرد عليه التلميذ اصلي ما حبيت اشوفك واقف لوحدك يا أستاذ.

مدرس سأل تلميذ غبي : الثعلب يبيض والا يلد؟
قال : والله الثعلب مكار ، كل شي يسويه!!

قال الاستاذ للتلاميذ من سألته ولم يجب يعطيني 50درهم، ومن سألني ولم أجب أعطيه 100درهم، فسأل تلميذا ما هي الحشرة التي عندها 999999 رجل، فكر التلميذ قليلا وقال لم أعرفها خذ 50درهم. قل لي أنت ما هي؟ فلم يعرفها واعطاه 100 درهم.

كسول راح للحلاق وجلس على الكرسي منزل راسه.. قال له الحلاق: شعر ولا ذقن.. قال الكسول: دقن. قال له الحلاق ارفع رأسك.. قال: لا خليه شعر.

مرة واحد راح يسخن في الملعب احترق

مسطول 1 : أنا متهيأ لي إني زرافة ، مسطول 2 : أمال أنت إيه؟

المواضيع المتعلقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

Back to top button
error: Content is protected !!