حب في مواجهة شيطان

المرأة المحبة إحدى نعم الحياة ودعائمها الأساسية – بعكس المرأة المقرفة النكدية اللئيمة، بدون الأولى يظل الرجل يلهث حتى نهاية المطاف، فيا بخت من يحصل عليها، ويا سواد ذيل من يحصل على الأخرى..
المرأة الجميلة الوديعة الرقيقة تعرف أن قوتها في الضعف لا الجبروت، في الصوت الرخيم لا الجهوري، في الابتسامة الحنونة لا التكشيرة..
إنها تحب زوجها بصدق، وتعترف له بالجميل، وتفديه بنفسها إذا لزم الأمر.. تكبر معه وتشيخ وتموت إن لم يسبقها.. ويتلاقيان في الجنة فما أجمله من لقاء، حينها يخلد أبد الدهور..

إنها المرأة الرائعة التي يبحث عنها الكل في كل مكان وزمان، وتحاك حولها القصص والأساطير في كل كتاب وفيلم ومسلسل حتى يعيش التعساء والمحرومون في ذلك الخيال الجميل ولو للحظات تنسيهم واقعهم الكئيب..

نظرة حب من امرأة محبة إلى زوجها تعدل الدنيا بما فيها.. هكذا اعتقد الحالمون، فهل هم على حق؟!

حب في مواجهة شيطان

في هذا الفيلم.. لدينا امرأة هادئة جميلة حالمة، تعيش مع زوجها وابنتها حياة سعيدة، ويشكلان كل عالمها الصغير.. لكنها تعمل كوسيطة روحية في استخراج الشياطين من الأجساد بمساعدة زوجها المغامر.. وفي إحدى المرات يهددها أحد الشياطين في إحدى الرؤى بقتل زوجها أمام عينيها نكاية فيها..

حب في مواجهة شيطان

يدفعها ذلك إلى اعتزال ذلك العمل، مطاردة الشياطين بالسحر والأكاذيب، لكن الشياطين تطاردها، ولا تتركها في حالها.. فتضطر للسفر إلى لندن السبعينات رفقة زوجها، لدراسة حالة فتاة صغيرة تلبسها شيطان.. وهنالك في ذلك البرد والضباب، تتجدد مخاوفها من فقد زوجها، وتحس بأن الشيطان المحتل لتلك الفتاة هو نفسه الذي يزورها في أحلامها ويهددها بحرمانها من حبها..

حب في مواجهة شيطان

حاول فيلم الرعب التشبث بالرومانسية تشبث الغريق بالقشة.. رومانسية في عالم مرعب من الشياطين؟!
فهل نجح في ذلك؟
لقد أصبح الحب أساسا لكل شيء في أفلامهم – الموجهة أساسا للمراهقين الأغبياء.. وهو أساس في الحياة أيضا – تدور أغلبية من الناس في فلكه، وأكثر الموجود منه مغشوش، أفضل منه التمثيل الذي في الأفلام!

أصبح الحب ضروريا حتى في أفلام الرعب؟!
الكل متعطشون له! المخرج والممثلين والمشاهدين..
يحلمون به، يريدونه ويحبونه، لكن قليل منهم من هو مستعد لأن يحب حبا صادقا، بسبب نفسه الشيطانة، وفطرته المنتكسة، حتى أصبح الحب عملة نادرة لا توجد إلا في القصص والقصائد والأفلام الكاذبة..
هذه هي التي تغذي مشاعر الناس اليوم لندرة الحب، يعيش في الواحد – أو الواحدة، ساعة ونصف أو ساعتين ثم يعود إلى الواقع المضني الذي يؤلم قلبه ليل نهار بالبغض والكراهية والتشيطن – عكس الحب تماما..
أول المخدوعين بحب الأفلام هم الممثلون التعساء الذين لم ولن يعرفوه بسبب سوء طريقهم (طريق الضنك والملذات الشيطانية التافهة).. لا يجدون منه إلا تلك بضع صور كاذبة عابرة تلتقطها مخيلاتهم من تلك الأفلام الخسيسة..

حب في مواجهة شيطان

في هذا الفيلم:
نجحت الممثلة في دورها – كما يقولون، وأعطت انطباعا قريبا من الواقع للمرأة المحبة المسكينة “وإذا أحبت المرأة استحقت الشفقة كما يقولون”.. ولن أقف عند تفاصيل قصة الرعب التي في الفيلم فهي قصة كلاسيكية مبنية على أوهام معجزات الصليب الذي لا ينفع بل يضر، وعلى أفكار سخيفة أساسها أن معرفة اسم الشيطان تضعفه وقد تقضي عليه! HOW
لكني سأقف عند القصة الإنسانية التي جسدها هذا الثلاثي – الممثل والممثلة والطفلة الجميلة لاتي معهم، لقد نجحوا رغم كذبهم في انتشال الفيلم من بؤرة الخوف إلى رحابة المشاعر الإنسانية الراقية. فمن جهة نجد المرأة تخاف على زوجها وتتحدى شيطانا ماردا لأجله، وهذه تضحية عظيمة..
ومن جهة ثانية نجد زوجا عطوفا يحن على طفلة مسكينة لم يرها من قبل، تلبسها الشيطان، فيقتحم الماء الذي قد يكلفه حياته لأجل مساعدتها كما أكدت له زوجته من الكوابيس التي يريها ذلك الشيطان..

حب في مواجهة شيطان

من جهة أخرى نجد طفلة جميلة مضطربة بسبب انفصال والديها عن بعضهما البعض، يتخذها الشيطان مطية لإحدى غاياته الدنيئة، فلا تجد أمامها إلا هذين الزوجين الرائعين اللذين يسعيان بكل ما أوتيا من قوة وتضحية إلى إنقاذها.. يحبانها بصدق فتبادلهما الحب والجميل..

أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم.. وأحبهم يحبونك.. وعلى قدر العطاء يكون الأخذ.. لا تتوقع أن تأخذ وأنت لا تعطي..
أعط واضعا ربك في اعتبارك حتى لا تندم يوما على ذلك العطاء ويدخلك الشيطان..

محب التوحيد

محب التوحيد الشنقيطي. أسير على نهج السلف، متمسكًا بالكتاب والسنة. أستلهم من الصحابة وحدهم فهم منارات الهدى. لا أرى مجاملة أهل البدع، ولا أرى أيضا الغلظة معهم أو مع أي أحد. وأرى أن السكوت عنهم مداهنة في الدين. أكتب للعقول المتفتحة، وأغرس حب التوحيد في القلوب المزهرة، طمعًا في أن تكون كلماتي نورًا يهدي الباحثين إلى الحق. وفقنا الله وإياكم للخير والفضيلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!