ملخصات أدبية

شرح ديوان المتنبي للواحدي الملخص

ملخص شرح ديوان المتنبي للواحدي..


أبو الطيب المتنبي

هو أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبد الصمد الجعفي أبو الطيب الكندي الكوفي المولد، ولد سنة 303 هـ ، ينسب إلى قبيلة كندة نتيجة لولادته بحي تلك القبيلة في الكوفة لا لانتماء لهم. عاش أفضل أيام حياته وأكثرها عطاء في بلاط سيف الدولة الحمداني في حلب وكان أحد أعظم شعراء العرب، وأكثرهم تمكناً من اللغة العربية وأعلمهم بقواعدها ومفرداتها، وله مكانة سامية لم تتح مثلها لغيره من شعراء العربية. فيوصف بأنه نادرة زمانه، وأعجوبة عصره، وظل شعره إلى اليوم مصدر إلهام ووحي للشعراء والأدباء. وهو شاعر حكيم، وأحد مفاخر الأدب العربي. وتدور معظم قصائده حول مدح الملوك. ويقولون عنه بأنه شاعر أناني ويظهر ذلك في أشعاره. نظم أول أشعاره وعمره 9 سنوات. اشتهر بحدة الذكاء واجتهادهً.

صاحب كبرياء وشجاع وطموح ومحب للمغامرات. وكان في شعره يعتز بعروبته، وتشاؤم وافتخار بنفسه، أفضل شعره في الحكمة وفلسفة الحياة ووصف المعارك، إذ جاء بصياغة قوية محكمة. إنه شاعر مبدع عملاق غزير الإنتاج يعد بحق مفخرة للأدب العربي، فهو صاحب الأمثال السائرة والحكم البالغة والمعاني المبتكرة. وجد الطريق أمامه أثناء تنقله مهيئاً لموهبته الشعرية الفائقة لدى الأمراء والحكام، إذ تدور معظم قصائده حول مدحهم. لكن شعره لا يقوم على التكلف والصنعة، يمتلك ناصية اللغة والبيان، مما أضفى على شعره لوناً من الجمال والعذوبة. ترك تراثاً عظيماً من الشعر القوي الواضح، يضم 326 قصيدة، تمثل عنواناً لسيرة حياته، صور فيها الحياة في القرن الرابع الهجري أوضح تصوير، ويستدل منها كيف جرت الحكمة على لسانه، لاسيما في قصائده الأخيرة التي بدا فيها وكأنه يودع الدنيا عندما قال: أبلى الهوى بدني.

شهدت الفترة التي نشأ فيها أبو الطيب تفكك الدولة العباسية وتناثر الدويلات الإسلامية التي قامت على أنقاضها. فقد كانت فترة نضج حضاري وتصدع سياسي وتوتر وصراع عاشها العرب والمسلمون. فالخلافة في بغداد انحسرت هيبتها والسلطان الفعلي أصبح في أيدي الوزراء وقادة الجيش ومعظمهم من غير العرب. ثم ظهرت الدويلات والإمارات المتصارعة في بلاد الشام، وتعرضت الحدود لغزوات الروم والصراع المستمر على الثغور الإسلامية، ثم ظهرت الحركات الدموية في العراق كحركة القرامطة وهجماتهم على الكوفة. لقد كان لكل وزير ولكل أمير في الكيانات السياسية المتنافسة مجلس يجمع فيه الشعراء والعلماء يتخذ منهم وسيلة دعاية وتفاخر ووسيلة صلة بينه وبين الحكام والمجتمع. والشاعر الذي يختلف مع الوزير في بغداد مثلاً يرتحل إلى غيره فإذا كان شاعراً معروفاً استقبله المقصود الجديد، وأكبره لينافس به خصمه أو ليفخر بصوته. في هذا العالم المضطرب كانت نشأة أبي الطيب الذي وعى بذكائه الفطري وطاقته المتفتحة حقيقة ما يجري حوله، فأخذ بأسباب الثقافة مستغلاً شغفه في القراءة والحفظ، فكان له شأن. كان في هذه الفترة يبحث عن شيء يلح عليه في ذهنه، أعلن عنه في شعره تلميحاً وتصريحاً حتى أشفق عليه بعض أصدقائه وحذره من مغبة أمره، حذره أبو عبد الله معاذ بن إسماعيل في دهوك فلم يستمع له وإنما أجابه ً: أبا عبد الإله معاذ أني. إلى أن انتهى به الأمر إلى السجن.

ظل باحثاً عن أرضه وفارسه غير مستقر عند أمير ولا في مدينة حتى حط رحاله في أنطاكية حيث أبو العشائر ابن عم سيف الدولة سنة 336 هـ، واتصل بسيف الدولة بن حمدان، أمير وصاحب حلب، سنة 337 هـ وكانا في سن متقاربة، فوفد عليه المتنبي وعرض عليه أن يمدحه بشعره على ألا يقف بين يديه لينشد قصيدته كما كان يفعل الشعراء فأجاز له سيف الدولة أن يفعل هذا وأصبح المتنبي من شعراء بلاط سيف الدولة في حلب، وأجازه سيف الدولة على قصائده بالجوائز الكثيرة وقربه إليه فكان من أخلص خلصائه وكان بينهما مودة واحترام، وخاض معه المعارك ضد الروم، وتعد سيفياته أصفى شعره. غير أن المتنبي حافظ على عادته في إفراد الجزء الأكبر من قصيدته لنفسه وتقديمه إياها على ممدوحه، فكان أن حدثت بينه وبين سيف الدولة جفوة وسعها كارهوه وكانوا كثراً في بلاط سيف الدولة.
ازداد أبو الطيب اندفاعاً وكبرياء واستطاع في حضرة سيف الدولة في حلب أن يلتقط أنفاسه، وظن أنه وصل إلى شاطئه الأخضر، وعاش مكرماً مميزاً عن غيره من الشعراء في حلب. وهو لا يرى إلا أنه نال بعض حقه، ومن حوله يظن أنه حصل على أكثر من حقه. وظل يحس بالظمأ إلى الحياة، إلى المجد الذي لا يستطيع هو نفسه أن يتصور حدوده، إلى أنه اطمئن إلى إمارة حلب العربية الذي يعيش في ظلها وإلى أمير عربي يشاركه طموحه وإحساسه. وسيف الدولة يحس بطموحه العظيم، وقد ألف هذا الطموح وهذا الكبرياء منذ أن طلب منه أن يلقي شعره قاعداً وكان الشعراء يلقون أشعارهم واقفين بين يدي الأمير، واحتمل أيضاً هذا التمجيد لنفسه ووضعها أحياناً بصف الممدوح إن لم يرفعها عليه. ولربما احتمل على مضض تصرفاته العفوية، إذ لم يكن يحس مداراة مجالس الملوك والأمراء، فكانت طبيعته على سجيتها في كثير من الأحيان.

وفي المواقف القليلة التي كان المتنبي مضطرا لمراعاة الجو المحيط به، فقد كان يتطرق إلى مدح آباء سيف الدولة في عدد من القصائد، ومنها السالفة الذكر، لكن ذلك لم يكن إعجابا بالأيام الخوالي وإنما وسيلة للوصول إلى ممدوحه، إذ لا يمكن فصل الفروع عن جذع الشجرة وأصولها.

خيبة الأمل وجرح الكبرياء
أحس بأن صديقه بدأ يتغير عليه، وكانت الهمسات تنقل إليه عن سيف الدولة بأنه غير راض، وعنه إلى سيف الدولة بأشياء لا ترضي الأمير. وبدأت المسافة تتسع بين الشاعر والأمير، وظهرت منه مواقف حادة مع حاشية الأمير، وأخذت الشكوى تصل إلى سيف الدولة منه حتى بدأ يشعر بأن فردوسه الذي لاح له بريقه عند سيف الدولة لم يحقق السعادة التي نشدها. وأصابته خيبة الأمل لاعتداء ابن خالويه عليه بحضور سيف الدولة حيث رمى دواة الحبر على المتنبي في بلاط سيف الدولة، فلم ينتصف له سيف الدولة، ولم يثأر له الأمير، وأحس بجرح لكرامته، لم يستطع أن يحتمل، فعزم على مغادرته، ولم يستطع أن يجرح كبرياءه بتراجعه، وإنما أراد أن يمضي بعزمه. فكانت مواقف العتاب الصريح والفراق، وكان آخر ما أنشده إياه ميميته في سنة 345 هـ ومنها: (لا تطلبن كريماً بعد رؤيته). بعد تسع سنوات ونصف في بلاط سيف الدولة جفاه الأمير وزادت جفوته له بفضل كارهي المتنبي ولأسباب غير معروفة قال البعض أنها تتعلق بحب المتنبي المزعوم لخولة شقيقة سيف الدولة التي رثاها المتنبي في قصيدة ذكر فيها حسن مبسمها، وكان هذا مما لا يليق عند رثاء بنات الملوك. إنكسرت العلاقة الوثيقة التي كانت تربط سيف الدولة بالمتنبي.

فارق أبو الطيب سيف الدولة وهو غير كاره له، وإنما كره الجو الذي ملأه حساده ومنافسوه من حاشية الأمير. فأوغروا قلب الأمير، فجعل الشاعر يحس بأن هوة بينه وبين صديقة يملؤها الحسد والكيد، وجعله يشعر بأنه لو أقام هنا فلربما تعرض للموت أو تعرضت كبرياؤه للضيم. فغادر حلب، وهو يكن لأميرها الحب، لذا كان قد عاتبه وبقي يذكره بالعتاب، ولم يقف منه موقف الساخط المعادي، وبقيت الصلة بينهما بالرسائل التي تبادلاها حين عاد أبو الطيب إلى الكوفة وبعد ترحاله في بلاد عديدة بقي سيف الدولة في خاطر ووجدان المتنبي.

فكأنه جعل كافورا الموت الشافي والمنايا التي تتمنى ومع هذا فقد كان كافور حذراً، فلم ينل المتنبي منه مطلبه، بل إن وشاة المتنبي كثروا عنده، فهجاهم المتنبي، وهجا كافور ومصر هجاء مرا. و استقر في عزم أن يغادر مصر بعد أن لم ينل مطلبه، فغادرها في يوم عيد، وقال يومها قصيدته الشهيرة التي ضمنها ما بنفسه من مرارة على كافور وحاشيته، والتي كان مطلعها:
عيد بأية حال عدت يا عيد … بما مضى أم لأمر فيك تجديد
وفي القصيدة هجوم شرس على كافور وأهل مصر بما وجد منهم من إهانة له وحط منزلته وطعنا في شخصيته ثم إنه بعد مغادرته لمصر قال قصيدةً يصف بها منازل طريقه وكيف أنه قام بقطع القفار والأودية المهجورة التي لم يسلكها أحد.
فذكر في قصائده بعض المدن والمواضع الواقعة ضمن الحدود الإدارية لدُومة الجندل، والتي منها: طُردت من مصر أيديها بأرجلها … حتى مرقن بنا من جوشٍ والعلم
وقال أيضاً:
بُسيطة مهلاً سُقيت القطارا … تركت عيون عبيدي حيارا
وهي قصيدة يميل فيها المتنبي إلى حد ما إلى الغرابة في الألفاظ ولعله يرمي بها إلى مساواتها بطريقه.
لم يكن سيف الدولة وكافور هما من اللذان مدحهما المتنبي فقط، فقد قصد أمراء الشام والعراق وفارس. وبعد عودته إلى الكوفة، زار بلاد فارس، فمر بأرجان، ومدح فيها ابن العميد، وكانت له معه مساجلات. ومدح عضد الدولة ابن بويه الديلمي في شيراز وذلك بعد فراره من مصر إلى الكوفة ليلة عيد النحر سنة 370 هـ.


أغراضه الشعرية

المدح الإخشيدي، ومفاسده في سيف الدولة وفي حلب تبلغ ثلث شعره أو أكثر، وقد استكبر عن مدح كثير من الولاة والقادة حتى في حداثته.
الوصف: أجاد المتنبي وصف المعارك والحروب البارزة التي دارت في عصره وخاصة في حضرة وبلاط سيف الدولة، فكان شعره يعتبر سجلاً تاريخياً. كما أنه وصف الطبيعة، وأخلاق الناس، ونوازعهم النفسية، كما صور نفسه وطموحه. الهجاء: لم يكثر الشاعر من الهجاء. وكان في هجائه يأتي بحكم يجعلها قواعد عامة، تخضع لمبدأ أو خلق، وكثيراً ما يلجأ إلى التهكم، أو استعمال ألقاب تحمل في موسيقاها معناها، وتشيع حولها جو السخرية بمجرد الفظ بها، كما أن السخط يدفعه إلى الهجاء اللاذع في بعض الأحيان. بيد أن أبرز ما أتى به المتنبي على مستوى الهجاء كان القصيدة الشهيرة التي كتبها بعد فراره من مصر حيث استبقاه قسرًا كافور الإخشيدي. وتعتبر قصيدة هجاء كافور من أكثر قصائد الهجاء قسوة.

يا ساقيي أخمـر فـي كؤوسكمـا … أم فـي كؤوسكمـا هـم وتسهيـد..
وفيها: لا تشتر العبد إلا والعصا معه … إن العبيد لأنجاس مناكيد.
الحكمة: اشتهر المتنبي بالحكمة وذهب كثير من أقواله مجرى الأمثال لأنه يتصل بالنفس الإنسانية، ويردد نوازعها وآلامها. ومن حكمه ونظراته في الحياة:
ومراد النفوس أصغر من أن … نتعادى فيـه وأن نتـفانى.
غير أن الفتى يُلاقي المنايـا … كالحات، ولا يلاقي الهـوانا
ولـو أن الحياة تبقـى لحيٍّ … لعددنا أضلـنا الشجـعانا
وإذا لم يكن من الموت بُـدٌّ … فمن العجز ان تموت جبانا
مقتله: كان المتنبي قد هجا ضبة بن يزيد الأسدي العيني بقصيدة شديدة مطلعها:
مَا أنْصَفَ القَوْمُ ضبّهْ … وَأُمَّهُ الطُّرْطُبّه
وَإنّمَا قُلْتُ ما قُلْـ … ـتُ رَحْمَةً لا مَحَبّه
فلما كان المتنبي عائدًا إلى الكوفة ، وكان في جماعة منهم ابنه محسد وغلامه مفلح، لقيه فاتك بن أبي جهل الأسدي، وهو خال ضبّة، وكان في جماعة أيضًا. فاقتتل الفريقان وقُتل المتنبي وابنه محسد وغلامه مفلح بالنعمانية بالقرب من دير العاقول غربيّ بغداد.
قصة قتله أنه لما ظفر به فاتك… أراد الهرب فقال له ابنه: أتهرب وأنت القائل:
الخيل والليل والبيداء تعرفني … والسيف والرمح والقرطاس والقلم..
فرد عليه قائلا: قتلتني قتلك الله..

ولد أبو الطيب أحمد بن الحسين المتنبي بالكوفة في كندة في سنة 303 ونشأ بالشام والبادية وقال الشعر صبياً فمن أول قوله في الصبا:

أبلى الهوى أسفا يوم النوى بدنـي … وفرق الهجر بين الجفن والوسنِ[1]

روح تردد في مثل الخـلال إذا … أطارت  الريح  عنه الثوب لم يبنِ[2]

كفى بجسمي[3] نحولاً أنني رجل … لولا  مخاطبتي إياك لم ترني[4]

وقال أيضا في صباه ارتجالاً:

بأبي من وددته فافتـرقـنـا … وقضى الله بعد ذاك اجتماعاً[5]

فافترقنا حولاً فلما التقينا … كان تسليمه عليّ وداعاً

وقال من قصيدة يمدح بها ابن عبيد الله:

إلى فتًى يصدر الرماح وقد … أنهلها في القلوب موردها[6]

له[7]أيادٍ  إليّ  سـابـقةٌ … أُعدُّ  منها ولا أعددها

يُعطى فلا مطلهُ يكدرها … به ولا منه ينكـدهـا[8]

خير قريشٍ أبا وأمجدها … أكثرها نائلاً وأجودها[9]

وقال فيها:

تبكى على الأنصل الغمودُ إذا … أنذرهـا أنـه يجـردهـا[10]

لعلمها أنها تصـير دمـاً … وأنه في الرقاب يغمدها[11]

أصبح حسادهُ وانفسـهـمْ … يحدرها خوفه ويصعدها[12]

أطلقها فالعدو من جزعٍ … يذمها والصديق يحمدها[13]

وقال في صباه وقد مر برجلين قد قتلا جرذا وابرزاه يعجبان الناس من كبره:

لقد أصبح الجرذُ المستغـيرُ … أسير المنايا صريع العطب[14]

رماهُ الكنانيُّ والعامـريُّ … وتلاهُ  للوجه فعل العربْ[15]

كلا الرجلينِ أتلى قتلهُ … فأيكما غل حر السلب[16]

وأيكما كان من خلـفِـهِ … فإنّ به عضةً في الذنبْ

وقال أيضا في صباه يهجو القاضي الذهبي:

لما نسبت فكنت ابنـاً لـغـير أبِ … ثمَّ اختبرت فلم ترجع إلـى أدبِ

سميت بالذهبي الـيوم تـسـمـيةً … مشتقةً من ذهاب العقل لا الذهب

وقال:

يا من لجود يديه في أموالـه … نقم تعود على اليتامى أنعما[17]

حتى يقول الناس ما ذا عاقـلاً … ويقول بيت المال ما ذا مسلما[18]

وقال:

هو الأميرُ الذي بادت تميم بـه … قدما وساق  إليها حينها الأجلا

لما رأته وخيل النصـر مـقـبـلةٌ … والحربُ غير عوانِ أسلموا الحللا[19]

وضاقت الأرضُ حتى كان هاربهم … إذا رأى غير شيءٍ ظنه رجـلا[20]

وقال منها:

أرجوا نداك ولا أخشى المطالَ به … يا من إذا وهبَ الدنيا فقد بخلا[21]

وقال في صباه:

عمرك اللهَ هل رأيت بدورا … طلعت في براقعٍ وعقودِ[22]

رامياتٍ بأسهمٍ ريشها الهـد … بُ تَشقُّ القلوبَ قبل الجلود

يرتشفن من فمي رشفـاتٍ … هن فيه أحلى من التوحيدِ[23]

كالخمصانةٍ أرقُّ من الخم … رِ بقلبٍ أقسى من الجلمود[24]

ذات فرعٍ كأنما ضرِب العن … برُ فيه مـاءِ ورد وعـودِ[25]

وقال منها:

شيبُ رأسي وذلتي ونحـولـي … ودموعي على هواك شهودي

أي يومٍ سررتنـي بـوِصـالٍ … لم ترعني ثـلاثةً بـصـدودِ[26]

ما مقامي بدارِ نخـلة إلا … كمقامِ المسيحِ بين اليهودِ[27]

وقال منها:

عش عزيزاً أو مت وأنت كريمٌ … بين طعنِ القنا وخفقِ البنُـدِ

فرؤوس الرماحِ أذهبُ للغي … ظِ وأشفى لغلِ صدرِ الحقودِ

لا كما قد حييت غير حميدٍ … وإذا متَّ متَّ غيرَ فَقيدِ[28]

فأطلب العزَّ في لظى وذر الذلَّ … ولو كان في جنانِ الخـلـودِ[29]

يقتلُ العاجزُ الجبانُ وقـد يع … جزُ عن قطعِ بخنقِ المولودِ[30]

ويوقى الفتى المخش وقد خ … وضَ في  ماءِ  لبة الصنديدِ[31]

لا بقومي شرفتُ بل شرفوا بي … وبنفسي فخرت لا بجـدودي[32]

وبهم فخرُ كلِّ من نطق الضـا … دَ وعوذُ الجاني وغوتُ الطريدِ[33]

إن أكن معجباً فعجبُ عجيبٍ … لم يجد فوق نفسهِ من مزيدِ[34]

أنا تربُ الندى وربُّ القوافي … وسمامُ العِدَى وغيظُ الحسودِ[35]

أنا في أمةٍ تداركهـا الـل … هُ غريبٌ كصالحٍ في  ثمودِ[36]

وقال في صباه ارتجالا وقد أهدى إليه عبيد الله بين خُراسان هدية فيها سمك من سكر ولوز في عسل:

قد شغل الناس كثرةُ الأمـلِ … وأنت بالمكرماتِ في شغلِ[37]

تمثلوا حاتما  ولو  عـقـلـوا … لكنت في الجود غاية المثلِ[38]

وقال منها:

أقل ما في أقلهـا سـمـكٌ … يسبحُ في بركةٍ من العسلِ[39]

وقال أيضا:

أرسلتها مملوءةً كرماً … فرددتُها مملوءَةً حمدا[40]

وقال فيها:

تأبى خلائقك التي شرفت … ألا تحن وتذكر العهـدا[41]

لو كنتَ عصراً منبتاً زهراً … كُنتَ الربيع وكانتِ الوردا[42]

وقال:

نزلنا على  حكمِ الرياحِ بمسجدٍ … علينا لها ثوبا حصاً وغبـارِ

خليلي ما هذا مناخنا لمثلـنـا … شدا عليها وأرحلا بنهـار[43]

ولا تنكرا عصفَ الرياحِ فإنهـا … قرى كلِ ضيفٍ باتَ عندَ سوارِ[44]

وقال أيضا في صباه يمدح أبا المنتصر شجاع بن محمد بن أوس بن معن بن الرِضّا الأزدي:

أرقٌ على أرق ومثلي يأرقُ … وجوى يزيدُ وعبرةٌ تترقرقُ[45]

جهدُ الصبابة أن تكون كما أرى … عينٌ مسهدةٌ وقلبٌ يخـفـقُ[46]

ما لاحَ بَرقٌ أو ترنمَ طائرٌ … إلا انثنيتُ ولي فؤادٌ شيقُ[47]

جربتُ من نارِ الهوى ما تنطفي … نارُ الغضا وتكلُّ عما تحـرقُ[48]

وعذلتُ أهلَ العشقِ حتّى ذُقْـتُـهُ … فعجبتُ كيف يموتُ من لا يعشقُ[49]

وعذرتهم وعرفتُ ذنبي أنني … عيرتهم فلقيتُ فيه ما لقوا[50]

أبنى أبينا نحن أهل منـازلٍ … أبداً غرابُ البينِ فينا ينعقُ[51]

نبكي على الدنيا وما من معشرٍ … جمعتهمُ الدنيا فلم يتفـرقـوا[52]

أين الأكاسرة الجبابـرةُ الأولـى … كنزوا الكنوزَ فما بقينَ ولا بقوا[53]

من كلِّ من ضاقَ الفضاءُ بجيشهِ … حتى ثوى فحواهُ لحدٌ ضـيقُ[54]

خرسٌ إذا نودوا كأن لم يعلموا … أن الكلام لهم حلالٌ مطلقُ[55]

فالموت آتٍ والنفوسُ نفائسٌ … والمستغر بما لديهِ الأحمقُ[56]

والمرءُ يأملُ والحياةُ شهـيةٌ … والشيبُ أوقرُ والشبيبةُ أنزقُ[57]

ولقد بكيتُ على الشبابِ ولمتي … مسودةٌ ولماءِ وجهي رونـقُ

حذراً عليه قبلَ يومِ فـراقـهِ … حتى لكدتُ بماءِ جفني أشرقُ

أما بنو أوسِ بن معنِ بن الرضا … فأعز من تحدى إليه الأينـقُ[58]

كبرتُ حولَ ديارهمُ لـمـا بـدت … منها الشموس وليس فيها المشرقُ[59]

وعجبتُ من أرضٍ سحابُ أكفهم … من فوقها وصخورها لا تورقُ[60]

وتفوحُ من طيبِ الثناءِ روائحٌ … لهم بكلِّ مكانةٍ تستنـشـقُ[61]

وقال فيها:

أمريد مثل محمدٍ في عصرنا … لا تبلنا بطلابِ ما لا يلحقُ[62]

لم يخلقِ الرحمن مثل محمدٍ … أحداً وظني أنه لا يخلـقُ

يا ذا الذي يهبُ الكثير وعنده … أني عليه بأخذهِ أتصـدقُ[63]

أمطر على ساحبَ جودك ثرةً … وأنظر إليّ برحمةٍ لا أغرقُ[64]

كذب ابنُ فاعلةٍ يقولُ بجهلـهِ … مات الكرام وأنت حيٌّ ترزقُ[65]

وقال أيضا في صباه يمدح عليّ ابن أحمد الخراسانيّ:

ولا ثوبَ مجدٍ غير ثوبِ ابن أحمدٍ … على  أحدٍ إلاّ بـلـؤمٍ مـرقـع[66]

وإن الذي حابى جديلة طـيىءٍ … به الله يعطى من يشاءُ ويمنعُ[67]

بذي كرمٍ ما مرَّ يومٌ وشمـسُـهُ … على رأسِ أوفى ذمةٍ منه تطلعُ[68]

وقال منها:

أليس عجيباً أن وصفك معجز … وأن ظنوني في معاليك تظلع[69]

وأنك في ثوبٍ وصدرك فيكـمـا … على أنه من ساحةِ الأرضِ أوسعُ[70]

وقلبك في الدنيا ولو دخلت بـنـا … وبالجنِ فيه ما درت كيف ترجع[71]

ألا كل سمحٍ غيرك اليوم باطلٌ … وكل مديح في سواك مضيع[72]

وقال في صباه على لسان بعض التنوخيين وقد سأله ذلك:

قضاعة تعلم أني الفـتـى ال … ذي ادخرت لصروف الزمان[73]

ومجدي يدل بني خنـدف … على  أن كل كريم يماني[74]

أنا أبن اللقاء أنا ابن الـسـخـاء … أنا ابن  الضراب أنا ابن الطعان[75]

أنا ابن الفيافي أنا ابن القوافـي … أنا ابن السروج أنا ابن الرعان[76]

طويل النجاد طويل العماد … طويل القناة طويل السنان[77]

حديد الحفاظ حديد اللحاظ … حديد الحسام حديد الجنان[78]

يسابق سيفي منايا العباد … إليهم كأنهما في رهان[79]

ثم قال:

ومن جاهلٍ بي وهو يجهل  جهله … ويجهل علمي أنه بي جاهـلُ[80]

تحقر عندي همتي كل مـطـلـبٍ … ويقصر في عيني المدى المتطاولُ[81]

وما زلت طوداً لا تزول مناكبي … إلى أن  بدت للضيم في زلازلُ[82]

فقلقلتُ بالهم الذي قلقلَ الحشا … قلاقلَ عيسٍ كلهنَّ قلاقـلُ[83]

إذا الليل وارانا أرتنا خـفـافـهـا … بقدحِ الحصى ما لا ترينا المشاعلُ[84]

كأني من الوجناءِ في ظهرِ موجةٍ … رمتْ بي بحاراً ما  لهنَّ سواحلُ[85]

يخيل لي أن البلاد مسامعي … وأني  فيها ما تقول العواذلُ[86]

ومن يبغ ما أبغي من المجد والعلا … تساوي المحائي عنده والمقاتـلُ[87]

ألا ليست الحاجات إلا نفوسكم … وليس لنا إلا السيوف وسائل[88]

وقال في صباه:

ضيفٌ ألم براسي غير محتشـمِ … والسيفُ أحسنُ فعلاً منه باللمم[89]

إبعدْ بعدتَ بياضاً لا بياض لـه … لأنت أسودُ في عيني من الظلم[90]ِ

بحبِّ قاتلتي والشيبِ تغـذيتـي … هواي طفلاً وشيبي بالغ الحلمِ[91]

فما أمر بـرسـمٍ لا أسـائلـه … ولا بذات خمارٍ لا تريقُ دمي[92]

تنفست عن وفاءِ غيرِ منصدعٍ … يومَ الرحيل وشعبٍ غير ملتئمِ[93]

قبلتها ودموعي مزج أدمعها … وقبلتني على خوفٍ فما لفم[94]

فذقتُ ماءَ حيوةٍ من مقبـلـهـا … لو صاب تربا لأحيا سالفَ الأممِ[95]

ترنو إليَّ بعين الظبي مجشـهةً … وتمسح الطل فوق الورد بالعنمِ[96]

رويد حكمك فينا غير منصفةٍ … بالناس كلهم أفديك من حكمِ[97]

أبديت مثلَ الذي أبديتُ من جزعٍ … ولم تجنى الذي أجننتُ من ألم[98]

ثم قال:

ليس التعللُ بالآمال من أربـى … ولا القناعةُ بالإقلال من شيمي[99]

ولا أظنُ بناتِ الدهرِ تتركنـي … حتى تسدَّ عليها طرقها هممي[100]

لمِ الليالي التي أخنت على جدتي … برقةِ الحالِ واعذرني ولا تلمِ[101]

ثم قال:

لقد تصبرت حتى لات مصطبرٍ … فالآن أقحم حتى لات مقتحـمِ[102]

لأتركنَّ وجوه الخـيل سـاهـمةً … والحربُ أقومُ من ساقٍ على قدمِ[103]

والطعن يحرقها والزجرُ يقلقها … حتى  كأن بها ضرباً من اللمم[104]

قد كلمتها العوالي فهـي كـالـحةٌ … كأنها الصابُ معصوبٌ على اللجم[105]

ثم قال:

إن لم أذركِ على الأرماح سائلةً … فلا دعيتُ ابن أم المجد والكرمِ[106]

أيملك الملك والأسيافُ  ظامـئةٌ … والطير جائعةٌ  لحمٌ على وضمِ[107]

من لو رآني ماءً ماتَ من ظمأٍ … ولو مثلتُ له في النومِ لم ينمِ[108]

ميعاد كل رقيق الـشـفـرتـين غـداً … ومن عصى من ملوك العرب والغجمِ[109]

فإن أجابوا فما قصدي بها  لهمُ … وإن تولوا فما أرضى لها بهمِ[110]

قال أيضا في صباه وقد عذله أبو سعيد المخيمري في تركه لقاءَ الملوك:

أبا سعيدٍ جنب العتـابـا … فربَّ راءٍ خطأً صوابا[111]

فإنهم قد أكثروا الحجابا … واستوقفوا لردنا البوابا[112]

وإن حد الصارم القرضابا … والذابلات السمر والعرابا[113]

ترفع فيما بيننا الحجابـا

وقال أيضا في صباه ارتجالاً على لسان رجلٍ سأله ذلك:

شوقي إليك نفى لذيذ هجوعي … فارقتني وأقامَ بين ضلوعي[114]

أوما وجدتم في الصراةِ ملـوحةً … مما  أرقرقُ في الفراتِ دموعي[115]

ما زلتُ أحذر من وداعك جاهداً … حتى اغتدى أسفي على التوديع[116]

رحل العزاء برحلتي فكأنما … أتبعته الإنفاس للتـشـييع[117]

وقال في صباه أيضا ارتجالا:

أي محلٍّ أرتقى … أي عظيمٍ أتقي[118]

وكل ما قد خلق الل … هُ وما لم يخـلـق[119]

محتقرٌ في همـتـي … كشعرةٍ في مفرقي[120]

وقال أيضا في صباه:

إذا لم تجد ما يبتر الفـقـر قـاعـدا … فقم واطلب الشيء الذي يبتر العمرا[121]

وقال مجيبا لإنسان قال له سلمت عليك فلم ترد الجواب:

أنا عاتبٌ لتعتبـك … متعجبٌ لتعجبك

إذ كنت حين لقـيتـنـي … متوجعا لـتـغـيبـك

فشغلتُ عن ردِ السـلا … مِ وكان شغلي عنك بك[122]

وقال أيضا في صباه ولم ينشدها أحدا:

حاشا الرقيب فخانته ضمـائره … وغيض الدمع فانهلت بوادره[123]

وكاتم الحب يوم البين منتـهـك … وصاحب الدمع لا تخفى سرائره[124]

لولا ظباء عديٍّ ما شقيت بهم … ولا بربربهم لولا جـاذره[125]

ن كل أحور في أنيابه شنبٌ … خمر يخامرها مسك تخامره[126]

نعج محاجره دعج نواظره … حمر غفائره سود غدائره[127]

أعارني قسم جفنيه وحمـلـنـي … من الهوى ثقل ما تحوى مآزره[128]

يا من تحكم في نفسي فعذبنـي … ومن فؤادي على قتلي يضافره[129]

بعودةِ الدولة الغـراءِ ثـانـيةً … سلوت عنك ونام الليل ساهره[130]

من بعد ما كان ليلى لا صباح له … كأن أول يوم الحشـر آخـره[131]

غاب الأميرُ فغاب الخيرُ عن بلدٍ … كادت لفقد اسمه تبكي منابره

قد اشتكت وحشة الأحياء أربعـه … وخبرت عن أسى الموتى مقابره[132]

حتى إذا عقدت فيه القباب له … أهل لله باديه وحـاضـره[133]

دت فرحاً لا الغم يطـرده … ولا الصبابة في قلبٍ تجاوره[134]

إذا خلت منك حمص لا خلت أبداً … فلا سقاها من الوسمي باكـره[135]

دخلتها وشعاع الشمس متـقـد … ونور وجهك بين الخيل باهره[136]

في فيلقٍ من حديدٍ لو قذفـت بـه … صرف الزمان لما دارت دوائره[137]

تمضي المواكبُ والأبصارُ شاخصة … منها إلى الملك الميمونِ طـائره[138]

قد حرن في بشرٍ في تاجه قمر … درعه أسد تدمى أظافره[139]

حلـو خـلائقـه شـوسٍ حـقـائقـه … تحصى الحصى قبل أن تحصى مآثره[140]

تضيق عن جيشه الدنيا ولو رحبت … كصدره لم تبن فيها عساكـره[141]

إذا تغلغل فكر المرء في طرف … من مجده غرقت فيه خواطره[142]

تحمى السيوف على أعدائه معه … كأنهن بـنـوه أو عـشـائره[143]

إذا انتضاها لحرب لم تدع جسدا … إلا وباطنه للعين ظـاهـره[144]

فقد تيقن أن الحق في يده … وقد وثقن بأن الله ناصره[145]

تركن هام بني عوفٍ وثعلـبةٍ … على رؤوس بلا ناس مغافرة[146]

فخاض بالسيفِ بحر الموت خلفهم … وكان منه إلى الكعبين زاخـره[147]

كم من دمٍ رويت منه أسنته … ومهجةٍ ولغت فيها بواتره[148]

وحائن لعبت سمر الرماح بـه … العيش هاجره والنسر زائره[149]

من قال لست بخير الناس كلهم … فجهله بك عند الناس عاذره[150]

أو شك أنك فرد في زمانـهـم … بلا نظير ففي روحي أخاطره[151]

يا من ألوذ به فيما أوملـه … ومن أعوذ به مما أحاذره[152]

ومن توهمت أن البحر راحتـه … جودا وأن عطاياها جواهره[153]

لا يجبر الناس عظماً أنت كاسرهُ … ولا يهيضون عظماً أنت جابرهُ[154]

يتبع..


شرح المعاني

[1] يقال بَلِيَ الثوب يبلى بِلًى وبلاءً وأبلاه غيره يبليه ابلاءً والاسف شدة الحزن يقال أسف يأسف أسفاً فهو آسف وأسف.. والمعنى يقول أدى الهوى بدني إلى الأسف والهزال يوم الفراق وعبد هجر الحبيب بين جفني والنوم أي لم أجد بعده نوماً.

[2] يقول لي روح تذهب وتجيء في بدن مثل الخلال في النحول والرقة إذا طيرت الريح عنه الثوب الذي عليه لم يظهر ذلك البدن لرقته أي إنما يرى لما عليه من الثوب

[3] الباء في بجسمي زائدة وهي تزاد في الكفاية في الفاعل.. وقد تزاد في المفعول أيضا كقول بعض الأنصار، وكفى بناء فضلاً على من غيرنا، حب النبي محمدٍ إيانا

[4] أي لو لم أتكلم لم يقع على البصر أي إنما يستدل عليّ بصوتي

[5] هذه الباء تسمى باء التفدية يقول فداء بأبي من وددته

[6] يصدر رماحه عن الحرب أي يرجعها ويردها وقد سقاها موضع ورودها في قلوب الأعداء دماءهم

[7] يعد بعض أياديه ولا يأتي على جميعها بالعد لكثرتها

[8] أي أنه لا يمطل إذا وعد الاحسان ولا يمن بما يعطى وينكده أي ينغصه ويقلل خيره وكان يقال المنة تهدم الصنيعة

[9] النائل العطاء وأجودها يجوز أن يكون مبالغةً من الجود والجود الذي هو المطر والجودة أيضا

[10] يقول إذا أنذر الغمود بتجريد السيوف

[11] أي لعلم الغمود أنه يغمد السيوف في دماء الأعداء حتى تتلطخ بها وتصير كأنها دم لخفاء لونها بلون الدم وأنه يتخذ لها أغماداً من رقاب الأعداء

[12] الواو في وأنفسهم واو الحال يقول أصبح حساده وحال أنفسهم أن خوفه يهبطهم ويصعدهم أي أقلقهم خوفه حتى أقامهم وأقعدهم وحدرهم وأصعدهم فلا يستقرون خوفا منه.. ويقال حدرت الشيء ضد أصعدته وأحدرته لغةٌ.

[13] اطلق الأنصل من الغمود (ج غمد) فذمها العدو خوفا وجزعا منها وحمدها الصديق لحسن بلائها على العدو

[14] المستغير الذي يطلب الغارة على ما في البيوت من المطعوم

[15] احدهما من بني كنانة والآخر من بني عامر وصرعاه لوجهه كما تفعل العرب بالقتيل.

[16] كلاهما تولى قتله أي اشتركتما في قتله فإيكما انفرج بسلبه وهو ما يسلب من ثياب المقتول وسلاحه وحرّة جيدة وغل أي خان وكل هذا استهزاءٌ بهما

[17] يقول جودك يفرق مالك كأنه ينتقم منه كما ينتقم من العدو باهلاكه وتلك النقم في اموالك نعم على الأيتام

[18] يفرط في جوده حتى ينسبه الناس إلى الجنون ويقول بيت المال ليس هذا مسلما لأنه فرق بيوت أموال المسلمين ولم يدع فيها شيئاً

[19] الحرب العوان التي قوتل فيها المرة بعد المرة والحلل جمع الحلة وهي المنازل التي حلوها

 [20] يقولون هذا ليس بشيءٍ معناه ليس بشيءٍ جيدٍ أو ليس بشيءٍ يعبأُ به..  ومن قال أن الله تعالى يخلق من لا شيءٍ جعل لا شيءَ شيئاً يخلقُ منه والصحيح أن يقال يخلق لا من شيء

[21] يقول لو وهبت الدنيا بأسرها كنت بخيلا لأن همتك في الجود توجب فوق ذلك

[22] أي أسأل الله تعالى عمرك أي أن يعمرك يخاطب صاحبه هل رأيت بدورا تلبس البراقع والحلى يعني نساءً

[23] ويروى أحلى من التأييد يقال رشفت الريق وترشفته إذا مصصته يقول كن يمصصن ريقي لحبهن أياي كانت تلك الرشفات أحلى في فمي من كلمة التوحيد وهي لا إله إلا الله وهذا افراطٌ وتجاوز حدٍّ.

[24] الخمصانة الضامرة البطن.. و قلب أصلب من الحجر.

[25] الفرع شعر الرأس يريد أن شعرها طيب الرائحة فكأنه خلط بهذه الأنواع من الطيب.

[26] يقول لم تصلني يوما إلا واعرضت عني ثلاثةَ أيامٍ

[27] نخلة قورية لبني كلب على ثلاثة أميال عن بعلبك من أرض الشام والمقام بمعنى الاقامة يقول ليست اقامتي ببلدهم إلا كإقامة عيسى عليه السلام بين اليهود أي أن أهل هذه القرية أعداءٌ لي كما كانت اليهود أعداءً لعيسى وبهذا البيت لقب بالمتنبي لتشبيه نفسه بعيسى عليه السلام في هذا البيت وبصالح فيما بعده

[28] يعني ولا تكن كما قد عشت إلى هذا الوقت غير محمود فيما بين الناس وإذا متّ على فراشك في هذا الوقت متّ غير مفقود لأن الناس يجدون ملك كثيرا فيستغنون عنك ولا يبالون بموتك فلا يذكرونك بعد موتك.

[29] لظى من أسماء جهنم.

[30] البخنق خرقة تقنع بها الامرأة رأسها يقول العاجز الجبان قد يقتل يعني أن العجز والجبن ليسا من أسباب البقاء فلا تعجز ولا تجبن حبذا للبقاء

[31]  المخشّ الدخّال في الأمور والحروب وخوض أكثر الخوض واللبة أعلى الصدر عند الحلق وماءها الدم والصنديد الشجاع الشديد يقول قد يسلم من يدخل الحروب في أشد الأحوال واكثرها خوفا وهذا حثٌّ على الأقدام

[32] هذا كقوله، نفس عصامٍ سودت عصاما، وعلمته الكر والإقداما، وصيرته ملكاً هماما، حتى عدا وجاوز الأقواما، ونحوه قول عامر بن الطفيل، فما سودتني عامرٌ عن وراثةٍ، أبى الله أن أسمو بأمٍ ولا أبٍ، ولكنني أحمى حِماها وأتقى، أذاها وأرمى من رماها بمقنبِ، قالت الرواةُ لو اقتصر على هذا البيت كان الم الناس نسبا

[33] الضاد للعرب خاصةً يقول فخر العرب كلهم وبهم عوذ الجاني يعني أن من جنى جناية وخاف على نفسه عاذ بقويم ليأمن على نفسه وبهم غوث الطريد وهو الذي نفى وطرد أي أنه يستغيث بهم ويلجأ إليه فيعز بمنعتهم

[34] المعجب الذي يعجب بنفسه والعجيب الذي يعجب غيره وهو بمنعى المعجب أيضا كالبديع بمعنى المبدع يقول أن أعجبت بنفسي فإن عجبي عجبُ معجبٍ لا يرى فوق نفسه مزيداً في الشرف أي ليس عجبي بمنكر

[35] يقول أنا أخو الجود ولدنا معا وأنا صاحب القوافي ومنشئها لأني لم أسبق إلى مثلها وإنا قتل اعدائي كما يقتل السم وأنا سبب غيظ الحساد لأنهم يتمنون مكاني فلا يدركونه فيغتاظون

[36] تداركها الله دعاءٌ لها أي ادركها الله ونجاهم من لومهم ويجوز أن يكون دعاءً عليهم أي أدركهم الله بالاهلاك لأنجو منهم قال ابن جنى انه بهذا البيت سمي المتنبي.

[37] يقول الناس مشغولون بكثرة آمالهم بك واطماعهم فيما يأخذون من اموالك وأنت مشغول بتحقيق آمالهم وبتصديق اطماعهم فذلك شغل بالمكرمات

[38] أراد تمثلوا بحاتم أي في الجود فحذف الباء ضرورةً وذلك أن المثل في الجود يضرب بحاتم.. ولو نظروا بعين العقل لضربوا المثل بك لأنك الغاية في الجود..

[39] يقول أقل شيء في هذه الهدية سمك بهذه الصفة ويريد بالبركة الإناء الذي كان فيه العسل يعني أن هذه الهدية كانت عظيمة أقلها ما ذكره

[40] يقول أرسلت الآنية مملوءة بكرمك الذي انعمت على فصرفتها اليك مملوءة بالحمد والشكر

[41] الخليقة ما خلق عليها الإنسان كالطبيعة وهي ما طُبع علهيا يقول اخلاقك الشريفة تأبى عليك إن لا تحن إلى اوليائك وتذكر عهدهم

[42] العصر الدهر والزهر واحد الازهار وهو ما ينبته الربيع من الانوار يقول لو كنت زمانا ينبت الزهر كنت زمان الربيع وكانت اخلاقك الورد أي كنت أفضل وقت وكانت أخلاقك أفضل نور

[43] يقول ليس هذا المكان منزلا لنا فشدا رحالكما على الإبل وارحلا قبل هجوم الليل

[44] يقول لا تنكرا شدة هبوب الرياح فإنها طعامُ من بات ضيفا عند سوار وهو اسم رجل هجا بهذا البيت لأن هبوب الرياح اشتد عليهم لما نزلوا بالمسجد الذي عند داره ولم يقرهم بطعام

[45] يقول لي سهادٌ بعد سهاد وعلى أثر سهاد ومثلي ممن كان عاشقا يسهد لامتناع النوم عليه وحزن يزيد كلَّ يومٍ عليه ودمع يسيل ويقال رقرقت الماء فترقرق مثل أسلته فسال

[46] الجهد المشقة والجهد الطاقة والصبابة رقة الشوق يقول غاية الشوق أن تكون كما أرى

[47] الشيق يجوز أن يكون بمعنى فاعل من شاق يشوق كالجيد والهين ومعناه أن قلبي يشوقني إلى أحبتي ووزنه فيعل وهو كثيرٌ مثل الصيب والسيد وبابه ويجوز أن يكون على وزن فعيل بمعنى مفعول ولمعان البرق يهيج العاشق ويحرك شوقه إلى أحبته لأنه يتذكر به ارتحالهم للنجعة وفراقهم ولأن البرق ربما لمع من الجانب الذي هم به وكذلك ترنم الطائر وذكرهما بهذا المعنى كثيرٌ في اشعارهم

[48] يريد أن نار الهوى أشدّ إحراقاً من نار الغضا وهو شجرٌ معروفٌ يستوقد به فتكون ناره أبقى

[49] يقول كيف يكون موت من غير عشق أي من لم يعشق يجب أن لا يموت لأنه لم يقاس ما يوجب الموت وإنما يوجبه العشق

[50] عرفت أني أذنبت بتعييرهم بالعشق

[51] ويروى فيها يريد يا أخوتنا ويجوز أن يكون هذا نداءً لجميع الناس لأن الناس كلهم بنوا آدم ويجوز أن يريد قوما مخصوصا إما رهطه وقبيلته يقول نحن نازلون في منازلٍ يتفرق عنها أهلها بالموت وإنما ذكر غراب البين لن العرب تتشاءم بصياح الغراب يقولون إذا صاح الغراب في دارٍ تفرق أهلها وهو كثيرٌ في اشعارهم

[52] يقول نبكي على فراق الدنيا ولا بد لنا منه لأنه لم يجتمع قوم في الدنيا إلا تفرقوا لأن عادة الدنيا الجمع والتفريق

[53] الاكاسرة جمع كسرى على غير قياس وهو لقب لملوك العجم والجبابرة جمع جبار والأولى بمعنى الذين ولا واحد لها من لفظها يقول تحقيقا لفقدهم أي هم الذين جمعوا الأموال لم يبقوا هم ولا أموالهم

[54] من في أول البيت للتفسير يقول اولائك الذين ذكرناهم من كل ملك كثرت جنوده حتى ضاق بهم الفضاء وثوى أقام في قبره فجمعه لحد ضيق يعني انضم عليه اللحد بعد أن كان الفضاء يضيق عنه

[55] يريد أنهم موتى لايجيبون من ناداهم كأنهم يظنون أن الكلام محرم عليهم لا يحل لهم أن يتكلموا ولو قال خرس إذا نودوا لعجزهم عن الكلام وعدم القدرة على النطق كان أولى وأحسن مما قال لأن الميت لا يوصف بما ذكره

[56] يقول الموت يأتي على الناس فيهلكهم وإن كانت نفوسهم نفيسة عزيزة والنفيس الشيء الذي ينفس به أي يبخل به والمستغر المغرور يعني أن الكيس لا يغتر بما جمعه من الدنيا لعلمه أنه لا يبقى ولا يدفع عنه شيئاً ومن لم يعلم هذا فهو أحمق وروى عليّ بن حمزة والمستعزّ أي الذي يطلب العز بماله فهو الأحمق

[57] يقول المرء يرجو الحياة لطيب الحياة عنده، والشهية المشتهاة الطيبة من شهى يشهى وشها يشهو إذا اشتهى الشيء فهي فعيلة بمعنى مفعولة والشيب أكثر وقارا والشبيبة وهي اسمٌ بمعنى الشباب انزقُ أخفّ وأطيش ويريد صاحب الشيب أوقر وصاحب الشبيبة انزق والإشارة في هذا إلى أن الإنسان يكره الشيب وهو خير له لأنه يفيده الحلم والوقار ويحبّ الشباب وهو شرّ له لأنّه يحمله على الطيش والخفّة

[58] أما لا تستعمل مفردةً لأن ما بعدها يكون تفصيلا فيقال أما كذا فكذا، كقوله تعالى أما السفينة فكانت لمساكين ثم قال وأما الغلامُ وأما الجدارُ وقد استعمله مفردا وهو قليل.. والمعنى هؤلاء أعز من يقصدهم الناس

[59] جعلهم كالشموس في علو ذكرهم واشتهارهم أو في حسن وجوههم والمعنى كبرت الله تعالى تعجبا من قدرته حين اطلع شموسا لا من المشرق وكأن منازل الممدوحين في جانب المغرب

[60] أي إذا كانوا يسقونها بندى أيديهم فلم لا تورق صخورها لفضل ندى أيديهم على ندى السحاب

[61] يقال مكان ومكانة كما يقال منزل ومنزلة ودار ودارة وقال الله تعالى أعلموا على مكانتكم والثناءُ يوصف بطيب الرائحة لأن طيب اخبار الثناء في الآذان مسموعةً كطيب الروائح في الأنوف مشمومةً وتستنشق تطلب رائحتها بالأنوف

[62] يقول يا من يريد أن يوجد له نظيرٌ لا تمتحنا بطلاب ما لا يدرك

[63] أي يعتقد أني إذا أخذت هبته فقد تصدقت بها عليه ووهبتها له

[64] الثرة الغزيرة الكثيرة الماء من الثرارة.. يقول اجعل سحاب جودك ماطراً على مطرا غزيرا ثم ارحمني بان تحفظني من الغرق كيلا أغرق في كثرة مطرك

[65] كنى بالفاعلة عن الزانية يقول كذب من قال أن الكرام قد ماتوا ما دمتَ في الأحياء مرزوق ويروى ترزق بفتح التاء أي ترزق الناس تعطيهم أرزاقهم والأول اجود لأنه يقال حيٌّ يرزق وذلك أنه ما دام حيّا كان مرزوقا لأن الرزق ينقطع بالموت

[66] روى ابن جنى: يرقع، يقول لم يخلص المجد لغيره إنما خلص له ومجد غيره مشوبٌ باللؤم

[67] جديلة: رهط الممدوح من طيىءِ، والنسبة إليهم جدلي وجميع من فسر شعره قالوا حابى بمعنى حبا من الحباء وهي العطية، يقول الذي اعطى بني جديلة هذا الممدوح فجعله منهم هو الله تعالى يعطي من يشاء ويمنع من يشاءُ وابن جنى يجعل يعطي من يشاءُ من صفة الممدوح

[68] بذي كرم بدل من قوله “به”، يقول: لم يمر يومٌ وشمسُ ذلك اليوم تطلع على رأس أوفى بالذمم من هذا الممدوح يشير إلى أنه أكثر الناس وفاءً وأكثرهم عهدا

[69] يقال طلعت النقاة تظلع إذا مشت مشية العرجاء من يدها أو رجلها يقول أليس من العجب أني مع جودة خاطري وبلاغة كلامي اعجز عن وصفك ولا يبلغ ظني معاليك فلا ادركها لكثرتها

[70] صدرك بالرفع استئناف، يقول أو ليس من العجب انك في ثوب قد اشتمل عليك وصدرك فيك وفي الثوب مع أنه أوسع من وجه الأرض

[71] يقول أو ليس من العجب أن قلبك قد احاطت به الدنيا وهو من السعة بحيث لو دخلت الدنيا بمن فيها من الجن والإنس في قلبك لضلت وما اهتدت للرجوع

[72] نصب غيرك كنصب، وما لي إلا أحمد شيعة، وما لي إلا مذهب الحق مذهب، وما في الدار غير زيد أحد، لأنه قد تقدم على المستثنى منه والسمح الذي يسمح بماله، يقول كل جواد سواك باطل، أي بالإضافة إليك، وكل مدح مدح به غيرك فهو مضيع لأنه ليس في أهله وفيمن يستحقه.

[73] يقول قبيلتي تعلم أني فتاها الذي يحتاجون إليه فيدخرونه لدفع ما ينزل بهم من الحوادث

[74] يقول شرفي دليل على أن كل كريم يمني أي من قبائل اليمن لأني منهم

[75] العرب تقول لكل من لزم شيأ انه ابنه حتى قالوا لطير الماء ابن الماء واللقاء ملاقاة الأقران في الحرب يقول أنا صاحب هذه الأشياء لا أفارقها

[76] وكان ينشده أيضا بطرح الياء من الفيافي والقوافي اكتفاء بالكسرة كقوله تعالى “جابوا الصخر بالواد” والرعان جمع الرعن وهو الشاخص من الجبل، يقول أنا صاحب الجبال لكثرة سلوكي طرقها

[77] النجاد حمالة السيف، وطولها دليل على طول قامته، والعماد عماد الخيمة الذي تقوم به، وذلك مما يمدح به لأنه يدل على كثرة حاشيته وزواره، وطول القناة يدل على قوة حاملها لأنه لا يقدر على استعمال القناة الطويلة إلا القوي

[78] الحفاظ: المحافظة على ما يجب حفظه، ومعنى حديد اللحاظ أنه يرى مقاتل عدوه في الحرب، يقول هذه الأشياء منى حديدة وأنا حديد هذه الأشياء

[79] يقول سيفي يبادر آجال الناس ليسبقها فيقتلهم قبل انقضاء آجالهم وهذا من قول عنترة، وأنا المنية في المواقف كلها / والطعن منى سابق الآجال

[80] يقول ومن رجل آخر لا يعرفني ولا يعرف أنه جاهل بي فهاتان جهالتان ويجهل أني أعلم أنه جاهل بي

[81] يقول همتي تريني كل شيءٍ اطلبه حقيرا والغاية البعيدة قصيرةً في عيني

[82] مناكب الجبل أعاليه، يقول لم أزل في الثبات والوقار طوداً لا يحركه شيء إلى أن ظُلمت فلم اصبر على الظلم بل تجردت لدفع الظلم عن نفسي وهو قوله (البيت الموالي)

[83] القلقلة التحريك، ويريد بالحشا ما في داخل الجوف، والقلاقل الأولى جمع قلقلٍ وهي الناقة الخفيفة، ويقال أيضا رجل قلقل وفرس قلقل إذا كانا سريعي الحركة، والقلاقل الثانية جمع قلقلةٍ وهي الحركة، يقول حركت بسبب الهم الذي حركة قلبي نوقا خفافا في السير يعني سافرت ولم اعرج بالمقام الذي يلحقني في الضيم، ويجوز أن يكون القلاقل الثانية ايضا بمعنى الأولى فإذا كان كذلك عادت الكناية من كلهن على العيس لا على القلاقل.. وعاب الصاحب اسماعيل ابن عباد أبا الطيب بهذا البيت فقال: ما له قلقل الله احشاء وهذه القافات باردة. ولا يلزمه في هذا عيبٌ فقد جرت عادة الشعراء بمثل هذا، سمعت الشيخ أبا منصور الثعالبي رحمه الله يقول: قال لي أبو نصر بن المرزبان ثلاثة من رؤساء الشعراء شلشل أحدهم وسلسلَ الثاني وقلقلَ الثالث، أما الذي شلشل فالأعشى وهو من رؤساء شعراء الجاهلية قال، وقد غدرت إلى الحانوتِ يتبعني / شاوٍ مشلٌّ شلولٌ شولُ، وأما الذي سلسل فمسلم بن الوليد وهو من رؤساء المحدثين وهو الذي قال: سلَّت وسلت ثم سلَّ سليلُها / فأتى سليلُ سليلها مسلولا، وأما الذي قلقل فهو المتنبي وهو من رؤساء العصريين وهو الذي يقول: (البيت)، فبلبلْ أنت أيضا، فقلت له أخشى أن أكون رابع الشعراء، أعني قول من قال: الشعراء فاعلن أربعة، فشاعرٌ يجري ولا يجري معهْ، وشاعرٌ ينشدُ وسطَ المعمعةْ، وشاعرٌ من حقه أن تسمعه، وشاعرٌ من حقه أن تصفعه، فقال بل لا تكون رابع الشعراء قال ثم قلت بعد حينٍ من الدهر، وإذا البلابل أفصحت بلغاتها، فأنفِ البلابلَ باحتساءِ بلابل، وفي هذا ما يبطل انكار ابن عباد علي أبي الطيب

[84] المواراة الستر والمشاعل جمع مشعلة وهي النار الموقدة والمشعلة بكسر الميم الآلةُ التي تحمل فيها النار يقول إذا سترنا الليل بظلامه أسرعت هذه الإبل حتى تصطك الحجارة بعضها ببعض وتنقد النار منها فنرى بها ما لا نراه بضوء المشاعل

[85] الوجناء الناقة الغليظة الوجنات وقيل هي من الوجين وهو ما غلظ من الأرض جعل الناقة من شدة عدوها كالموج وجعل المفازة كالبحر في سعتها

[86] يخيل لي أي يشبه واراد بالبلاد المفاوز يقول لا أستقر في البلاد كما لا يستقر في مسامعي كلام العذال وهذا منقول من قول من قال، كأني قذىً في عين كل بلاد، وقد قال البحتري، تقاذفُ بي بلادٌ عن بلادٍ / كأني بينها عيرٌ شرودُ

[87] العلا جمع العليا تأنيث الأعلى كالكبر في جمع الكبرى، والمحائي جمع المحيا بمعنى الحياة، يقول من يطلب ما أطلب من الشرف والرتب العالية استوى عنده الحياة والقتل لأنه علم أن الأمور العالية فيها المخاوف والهلاك فيكون قد وطن نفسه على الهلاك فهو يصبر عليه ولا يبالي به، وقوله تساوى إن كان مضيا يثبت بالياء وإن كان بمعنى تتساوى فلا ياءَ لأنه في محل الجزم جوابا للشرط

[88] يقول لملوك عصره لا نطلب إلا أرواحكم ولا نتوسل إلا بسيوفنا

[89] عنى بالضيف الشيب كما قال الآخر، أهلاً وسهلاً بضيفٍ نزلْ / واستودعُ الله الفاً رحلْ، يريد الشيب والشباب والمحتشم المنقبض المستحيي يريد أن الشيب ظهر في رأسه شائعا دفعةً من غير أن يظهر في تراخٍ ومهلةٍ.. ثم فضل فعل السيف بالشعر على فعل الشيب لأن الشيب بيضه وذلك اقبح الوان الشعر ولذلك سن تغيره بالحمرة والسيف يكسوه حمرةً إذا قطع اللحم.. وقال البحتري: وددتُ بياضَ السيف يومَ لقيتني / مكانَ بياضِ الشيب حل بمفرقي، فجعل نزول السيف برأسه أحب إليه من نزول الشيب برأسه

[90] يقال: بعد يبعد بعداً، إذا ذل وهلك، وعنى بالبياض الأول بياض الشيب وبالثاني الخصال الحميدة، يقول يا بياضاً ليس له بياضٌ يريد معنى قول أبي تمام، له منظرٌ في العين أبيضُ ناصعُ / ولكنه في القلب أسودُ أسفعُ.. يقول بياض الشيب ليس ببياضٍ فيه نورٌ وسرور وهو اشدّ سواداً من الظلم لما يورى به من قطع الأجل وقطع الأمل.. وسمعت العروضي يقول اسود هاهنا واحد السود، والظلم الليالي الثلاث في أواخر الشهر.. على أن أبا الفتح قد قال ما يقارب هذا فقال: وقد يمكن أن يكون لأنت اسود في عيني كلاما تاما ثم ابتدأ بصفة فقال من الظلم كما تقول هو كريمٌ من أحرارٍ، وهذا يقارب ما ذكره العروضيّ غير أنه لم يجعل الظلم الليالي

[91] عني بقاتلته حبيبته، يعني أن حبها يقتله، والباء في بحب من صلة التغذية، يقول تغذيتي بهذين بالحب والشيب، ثم فسر ذلك بالنصف الأخير من البيت يقول: هويت وأنا طفل وشبت حين احتلمت لشدة ما قاسيت من الهوى فصار غذاءً لي وهواي ابتداءٌ، وطفلا حالٌ سدّ مسدّ الخبر كما يقال انطلاقك ضاحكا وإقبالك مسرورا وعلى هذا التقدير أيضا وشيبي بالغ الحلم، والمصراع الثاني تفصيل ما اجمله في الأول لأنه بين وقت العشق ووقت الشيب

[92] الرسم أثر الدار مما كان ملاصقا بالأرض، والطلل ما كان شاخصا، يقول كل رسم يذكرني رسم دارها فأسأله تسليا وكل ذات خمار تذكرنيها فتريق دمي

[93] يقول تنفست عند الوداع تحسرا على فراقي عن وفاءٍ، يعني في قلبها من وفاء صحيح غير منشق وفراق غير مجتمع.. ويريد بالشعب الفراق من قولهم شعبته إذا فرقته، ويجوز أن يريد بالشعب القبيلة ويكون المعنى عن فراق شعبٍ غير مجتمع لارتحالهم وتفرقهم في كل وجه، وهي كانت تشاهد ذلك والمعنى أنا افترقنا بالاجساد لا بالفؤاد لأنها كانت معي على الوفاء

[94] أي بكينا جميعا حتى امتزجت دموعي بدموعها في حال التقبيل والمزج مصدر سمي به الفاعل يقول دموعي مازجة دموعها أي ممتزجة بها، ونصب فما لأنه وضعه موضع اسم الحال كما تقول كلمته فاه إلى فيّ أي مشافها

[95] جعل ريقها ماء الحياة على معنى أن العاشق إذا ذاقه حيي به، ومعنى لو صاب تربا لو نزل على تراب من قولهم صاب المطر يصوب صوبا، ويجوز أن يكون بمعنى اصاب وقد ذكرناه، يقول لو وقع على الأرض لأحيى الموتى من الأمم المتقدمة، وأول هذا المعنى للأعشى بقوله: لو أسندت ميتاً إلى نحرها / عاش ولم ينقل إلى قابر، فنقل أبو الطيب الأحياء إلى ريقها

[96] جعل عينها عين الظبي لسوادها، ومجهشة متهيئة للبكاء، ويريد بالطل دموعها، وبالورد خدها، وبالعنم اطرافها بنانها محمرة بالخضب والعنم شجرٌ له ثمر أحمر يشبه العناب… قال الصلت بن مسعود الجحدري كنت على الصفا وإلى جانبي سفيان بن عيينة فقال لي يا شابُّ من أين أنت فقلت أنا من ناحية العراق فقال ما فعل شاعركم ما فعل ظريفكم؟ قلت من تعني؟ قال الحسن بن هانىء قلت وما الذي استظرفت من شعره قال قوله: يا قمراً أبصرتُ في مأتمٍ / يندب شجواً بين أتراب، يبكي فيلقي الدرَّ من نرجسٍ / ويلطم الوردة بعنابِ، قال فتعجبت من سفيان بن عيينه وانشاده شعر أبي نواس

[97] رويد اسم من أسماء الفعل بمنزلة صه ومهْ وإيهٍ، يقال رويدَ رويدا أي دعه وأمهله، وغير منصفة نصب على الحال والعامل فيه المصدر، وغير منصفة بمعنى ظالمة، يقول دعي أو أقلي حكمك علينا وأنت ظالمة لنا، ثم قال أفديك بالناس كلهم من حاكم يعني أنت حبيبة إلى أن حكمت بالجور

[98] يقال أجننت الشيء أي سترته وكتمته، يقول وافقتني في ظاهر الجزع للفراق ولم تضمري ما اضمرته من وجعه.

[99] التعلل ترجية الوقت بالشيء اليسير بعد الشيء، يقال فلان يتعلل بكذا أي يمضي به وقته ودهره، والإقلال الفقر والحاجة.. يقول ليس من عادتي ان أترجى بالآمال وأدافع الوقت بشيءٍ أرجوه لعله لا يكون ولا أن أقنع باليسير، يعني أنه يطلب الكثير ويسافر في طلب المال كما قال أبو الأسود: وما طلبُ المعيشة بالتمني / ولكن ألق دلوك في الدلاءِ

[100] بنات الدهر حوادثه ونوائبه التي تتولد منه وتحدث فيه، يقول لا تدعني النوائب حتى ادفعها عن نفسي بسدّ طريقها إلى وهو أن يتقوى بالمال والانصار

[101] يقول لمن لامه في الفقر لا تلمني ولم الدهر الذي اهلك مالي وسلبني الغني، يقال اخنى عليه الدهر إذا اتلفه، والجدة الغنى

[102] التاء في لات زائدة، ومن الحروف ما يزاد فيه هاء التأنيث نحو ثم وثمت ورب وربت، والجر به قليل شاذ، وقال ابن جنىّ من العرب من يجر بلات وانشد: طلبوا صلحنا ولات أوانٍ / فأجبنا أن ليس حين بقاءِ، والمصطبر بمعنى الإصطبار وكذلك المقتحم بمعنى الاقتحام وهو الدخول في الشيء، ويجوز أن يكونا بمعنى الوقت وبمعنى المكان، يقول تكلفت الصبر حتى لم يبق اصطبار فالآن أي أورد نفسي المهالك واوقعها في الحرب حتى ادرك مرادي فلا يبقى اقتحام

[103] ساهمة متغيرة لما يلحقها من شدائد الحرب، يقال سهم وسهم وجهه يسهم ويسهم إذا تغير سهوما، يقول لأكلفن الخيل من الحرب ما تسهم له ألوانها ولأتركن الحرب قائمةً كانتصاب الساق على القدم

[104] أي يعمل فيها الطعن عمل النار حتى كأنه يحرقها، ويروي يخرقها، والزجر الصياح بها عند اقتحامها في الحرب أو في الماء كأنه بذلك الصياح يزجها عن التأخر، ويقلقها يحركها، واللمم شبه الجنون يريد أنها تضطرب لما يلحقها من ألم الطعن وخوف الزجر فكأنها مجنونة إلا لا تستقر ولا تثبت

[105] التكليم تفعيل من الكلم الذي هو الجرح، يقول هي عابسةٌ لما اصابها من جراح الرماح، وكأن الصاب وهو نبت مر يقال له الصبر قد شد على لجمها فهي تجد مرارته

[106] يقول لنفسه أن لم اذكر سائلة الدم على الأرماح يعني أن لم احضر الحرب حتى يسيل الدم مني على الأرماح فلا ديعت أخا المجد والكرم

[107] الوضم كل شيء يوضع عليه اللحم، ويضرب اللحم على الوضم مثلا للضعيف الذي لا امتناع عنده ويقال للمرأة لحم على وضم، ومنه قول السنبسي: أحاذر الفقر يوما أن يلم بها / فيهتك الستر عن لحمٍ على وضم، وذلك أن الحيوان فيه نوع امتناع فإذا ذبح ووضع لحمه على الوضم كان عرضةً لكل أحد حتى الطيور والذباب، وقوله أيملك الملك استفهامٌ معناه الإنكار، يقول لا يملك الملك ضعيفٌ لا يمنع ولا يدفع عن نفسه والأسياف عطاش إلى دمه والطير لم تشبع من لحمه، يعنى أنه يقتل ويلقى للطيور ولا يملك

[108] “من” بدلٌ من قوله “لحم على وضم”، يقول: الذي لو كانت ماءً وكان عطشان لم يقدر أن يشرب مني لخوفه حتى يموت عطشا ولو رآني في النوم ماثلا له لهجر النوم خوفا من أن يراني في النوم

[109] أراد كل سيف رقيق الشفرتين وهو الذي رققت شرفتاه بكثرة الصقل، يعني أنه يحاربهم ويقود عليهم الجيش ومن عصى يريد ومن عصاني

[110] يقول إن اطاعوني وأجابوا إلى ما أدعوهم إليه فليست بسيوفي ولا اقتلهم بها وإن أدبروا عني فلا اقتصر على مثلهم بل اتعداهم إلى غيرهم

[111] يقول بعد عني عتابك ولا تعاتبني لأنك ترى الخطأ من زيارة الملوك صوابا، ويجوز رائي خطأٍ بالإضافة، وراء خطأً كما تقول زيد ضاربُ عمرو وضاربٌ عمرا إذا كان فيما يستقبل الرؤية ههنا بمعنى الظن والعلم فيجوز أن يتعدّى إلى مفعولين

[112] يقول الملوك نصبوا الحجاب الذين يحجبون عنهم الناس واستكثروا منهم وسألوا البواب وهو الذي يقف على الباب أن يقف على أبوابهم لصرف الناس عنهم

[113] القرضاب السيف القاطع والذابلات الرماح اللينة والعراب الخيل العربية، يريد أنه يتوصل إلى الملوك بالسلاح والخروج عليهم

[114] يعني شوقي إليك منعني طيب النوم فارقتني أنت وأقام الشوق في قلبي

[115] الصراة نهر يتشعب من الفرات فيصير إلى الموصل ثم إلى الشام، وكان حبيبه من جانب الصراة، يقول أوما وجدتم طعم ملوحة من دموعي في مائكم لبكاءي في الفرات، ويقال رقرق الماء والدمع إذا صبه

[116] يقول لم أزل أحذر من وداعك خوف الفراق، وأنا اشتاق الآن إلى التوديع واتأسف عليه لأني لقيتك عند الوداع فاتمنى ذلك لألقاك، قال ابن جنى: كنت أكره الوداع فلما تطاول البين أسفت على التوديع لما يصحبه من النظر والشكوى والبث

[117] يقول ارتحل الصبر عني بارتحالي عنكم فكأن أنفاسي تبعت العزاء مشيعةً له فهي صاعدة متصلة دائمة

[118] يقول لم يبق له محل ولا درجة في العلو إلا وقد بلغها، وأي استفهامٌ معناه الانكار، أي وليس يخاف عظيما يتقيه

[119] قوله وما لم يخلق ليس معناه ما لا يجوز أن يكون مخلوقا كذات البارىء عز وجل وصفاته لأنه لو أراد هذا للزمه الكفر بهذا القول، وإنما أراد وما لم يخلقه مما سيخلقه

[120] قوله وما لم يخلق ليس معناه ما لا يجوز أن يكون مخلوقا كذات البارىء عز وجل وصفاته لأنه لو أراد هذا للزمه الكفر بهذا القول، وإنما أراد وما لم يخلقه مما سيخلقه

[121] البتر القطع وما يبتر الفقر هو المال يقول إذا لم تجد غنى يقطع عنك الفقر فقم وأطلب ما يقطع العمر وهو الحرب أي لتصيب مالا أو تقتل فتستغني عن المال

[122] أي: وكان اشتغالي في الظاهر اشتغالا عنك وفي الباطن اشتغالا بك

[123] حاشاه تجنبه وتوقاه، وغيض الدمع حبسه ونقصه، وانهلت انصبت، وبوادره سوابقه ومسرعاته. يقول تباعد عن الرقيب مخافة أن يطلع على هواه فظهر عليه ما يكتمه لأنه لم يقدر على كتمانه فوقف الرقيب على سره والضمائر جمع الضمير وهو ما يضمره الإنسان في قلبه، ومعنى خانته ظهرت للرقيب بغير قصده وإرادته

[124] يقول الذي يكتم حبه كيلا يطلع عليه يبدو سره يوم الفراق لأنه يجزع ويبكي

[125] كنى بالظباء عن النساء، وعدي قبيلة، والربرب قطيع من البقر والجاذر جمع جوذر وهو ولد البقرة الوحشية، والعرب تكنى بهذه الأشياء عن النسوان الحسان، يقول لولا نساء هذه القبيلة اللاتي هن كالظباء في عيونهن واعناقهن لم اشق بهم أي أحتاج إلى مجاملتهم واحتمال الذل لأجل نسائهم الحسان، ولا شقيت أيضا بالربرب لولا الصغار، يعني لولا الشواب المليحات لم اشق بالكبار في مضايقتهن

[126] ويروى مخامرها، يريد من كل ظبي احور وهو شديد سواد العين، والشنب صفاء الأسنان ورقة مائها وسئل ذو الرمة عن الشنب فأخذ حبة رمان فقال ذا هو الشنب أشار إلى صفائها ورقة مائها. قالوا الشنب الذي في أنياب هذا الأحور خمرٌ يخالطها مسك تخالط هذه الخمر ذلك المسك.. يعني أن خمراً قد خامرها المسك تخامر ذلك الشنب

[127] نعج جمع انعج والنعج البياض، والدعج السواد، والغفائر جمع غفارة وهي خرقة تكون على رأس المرأة يوقى بها الخمار من الدهن وقد يكون اسما للمقنعة التي يغطي بها الرأس، والمحجر جمع المحجر وهو ما حول العين، جعلها بيضا لبياض الوانهن وإن جعلنا الغفائر المقانع فإنما جعلها حمرا لأنهن شواب كما قال، حمر الحلي والمطايا والجلابيب، وإن جعلناها الخرق فهي حمر لكثرة استعمالهن الطيب من المسك والزعفران، والغدائر الذوائب واحدتها غديرة

[128] يريد بسقم عينيه الفتور وذلك مما توصف الحسان به، كما قال ابن المعتز: ضعيفة أجفانه والقلب منه حجر / كأنما ألحاظه من فعله تعتذر، والمآزر جمع المئزر وهو الازار،ـ وما تحويه المآزر الكفل وذلك مما يوصف بالثقل. والمعنى أنه أمرضني كمرض جفنونه واثقلني بالهوى كثقل اردافه. وهذا كقول منصور بن الفرج: حل في جسمي / ما كان بعينيك مقيما، ومثله للبحتري، وكأن في جسمي الذي / في ناظريتك من السقم

[129] المضافرة المعاونة، يعني أن قلبه يعينه على قتله حيث لا يسلو مع ما يرى من كثرة الجفاء وهذا كما يقال قلب العاشق عونٌ عليه مع حبيبه

[130] يعني دولة رجل كان قد عزل ثم ولي ثانيا. يقول لما عادت دولته ذهب حبك من قلبي ونمت الليل بعد أن كنت أسهره

[131] يقول من بعد ما كنت أقاسي من الحزن ما يسهرني فيطول على الليل للسهر حتى كأنه متصل بيوم الحشر

[132] الوحشة الحزن يجده الإنسان في قلبه عند وحدته عن الناس، وأربع جمع ربع وهو المنزل، والأسى الحزن. يقول لما غاب الأمير عن البلد حزن لغيبته الأحياء حتى أحست بذلك دورهم ومنازلهم وكذلك الموتى حزنوا حتى اخبرت المقابر عن حزنهم والضمير في الأربع والمقابر للبلد

[133] يعني القباب التي تتخذ للزينة والنثار، و”أهل لِله” أي رفعوا اصواتهم بالدعاء أهل البادية وأهل الحضر سرورا بعوده

[134] أي أن عودة دولته جددت فرحا لا يغلبه الغم ولا تجاوره شدة الشوق بعد هذا الفرح في قلب أي لا تسكنه أي لامتلاء كل قلب بهذا الفرح لا يكون فيه موضع للعشق

[135] حمص بلد بالشام ولد به الممدوح، وقوله لا خلت أبدا دعاء له، أي إذا خلت منك هذه البلدة فلا نزل بها المطر ولا سقاها باكر الوسمي وهو أول مطر في السنة والولي ثانية

[136] متقد مثل متوقد، يقول دخلت هذه البلدة في وقت اشراق الشمس حين كان يتوقد ضياؤها ونور وجهك قد بهر ضوء الشمس أي غلبه

[137] الفيلق العسكر وجعله من حديد لكثرته، يقول لو حاربت به الزمان ما دارت على الناس دوائره وهي حركاته وصروفه التي تدور على الناس وتأتي حالا بعد حال

[138] الطائر الفأل، والعرب يتفاءلون في الخير والشر بما طار فيسمون الفأل الطائر، يقول العيون ذاهبة في نظرها إلى الملك لا تنظر إلى غيره من عساكره

[139] حرن تحيرن يعني الإبصار، وأراد بالبشر الممدوح وبالقمر وجهه وجعله أسدا في الدرع لشجاعته والأظافر جمع اظفار وقوله تدمي أن تتلطخ بالدم بافتراسه اعداءه

[140] الخلائق جمع الخليقة بمعنى الخلق، والشوس جمع الأشوس وهو الذي ينظر نظر المتكبر، والحقيقة ما يحق على الرجل حفظه من الجار والولد، يقال فلان حامى الحقيقة، يقول اخلاقه حلوة وحقائقه محمية لا يحوم حولها أحد فهي ممتنعة امتناع المتكبر وهو كثير المآثر

[141] الكناية في عساكره تعود إلى الممدوح وهذا من قول أبي تمام، ورحب صدر لو أن الأرض واسعة، كوسعه لم يضق عن أهله بلد

[142] التغلغل الدخول في الشيء، يقول أدنى مجده يستغرق الفكر والخواطر لمن أراد أن يصفه

[143] يقال حمى الشيء يحمى حمًى فهو حامٍ وحمٍ إذا أشتد حره، يقول إذا حارب اعداءه واشتد حر غضبه غضبت سيوفه عليهم معه حتى كأنهن اقاربه وأدانيه الذين يغضبون لغضبه وهو من قول أبي تمام: كأنها وهي في الأرواح والغةٌ / وفي الكلى تجد الغيظ الذي تجد، وقد قال البحتري: ومصلتاتٍ كأن حقداً / بها على الهام والرقاب.

[144] يقول إذا أخرجها من أغمادها ليحارب بها لم تدع جسدا إلا قطعته إربا حتى تبدوا بواطن ذلك الجسد

[145] يقول علمت سيوفه أن الحق في يده ووثقت بنصر الله إياه لكثرة ما رأت ذلك وتعودت، والمعنى أنها لو كانت ممن يعلم لعلمت هذا

[146] ويروى بني بحرٍ، وهؤلاء قوم اوقع بهم، والمغافر جمع مغفر وهو ما يغفر الرأس أي يغطيه، يقول سيوفه فرقت بين رؤوس هؤلاء القوم وبين ابدانهم حتى صارت مغافرهم على رؤوس بلا ابدان، والهام جمع هامة وهي أعلى الرأس ومستقر الدماغ، والكناية في مغافرة تعود إلى الهام. يقول مغافر هام هؤلاء على رؤوس بلا ابدان لأن سيوفه فرقت بين الرؤوس والأبدان وقال ابن جنى لأنه جاء برؤوسهم لما قتلهم وعليها المغافر وعنى بالناس الابدان

[147] الزاخر الممتلىء، يقال زخر النهر يزخر زخورا إذا امتلأ، وعنى ببحر الموت والمعركة الممتلئة بالدم كالبحر الزاخر، يقول خاض ذلك البحر خلف هؤلاء إلا أنه لم يغرق ولم يبلغ ماؤه فوق كعبيه، وقال ابن جنى أي ركب منهم أمرا عظيما عليهم صغيرا عليه

[148] المهجة دم القلب، وولغت شربت، وأصل الولغ شرب السباع الماء بألسنتها، يقال ولغ الكلب في الماء يلغ ولوغا وولغا، والبواتر القواطع

[149] يقول وكم من حائن أي هالك لعبت رماحك به أي قتلته فهجره عيشه وفارقه وزاره النسر ليأكل لحمه، ومعنى لعب الرماح به تمكنها منه وقدرتها عليه

[150] يقول من لم يفضلك على جميع الناس فذلك لأنه جاهل بك وعذره في ذلك جهله بك

[151] أخاطره من الخطر الذي يكون بين المتراهنين، يقال خاطر فلان فلانا على كذا أي راهنه عليه، يقول من شك في كونك فردا بلا نظير فأنا لا أشك في ذلك واجعل الخطر بيني وبينه روحي حتى إن وجد لك نظير استحق روحي فقتلني وإنما يقول هذا لثقته بكونه فردا

[152] يقول يا من الجأ إليه في آمالي لأني لا ابلغها إلا به والجأ إليه مما أخافه لأني به انجو منه، يعني أنه يدرك به ما يرجوه ويأمن ما يخافه

[153] يقول يا من ظننت كفه البحر لجوده وإن ما يعطيه جواهر ذلك البحر

[154] الجبر اصلاح الكسر، والهيض الكسر بعد الجبر، يقال هضت العظم فهو مهيض، وانهاض إذا انكسر بعد الجبر، يقول إذا افسدت أمرا لم يقدر الناس على اصلاحه وإذا اصلحت أمرا لم يقدروا على افساده.

المواضيع المتعلقة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!