“أنت أفضل مما تظن. توقف عن القسوة على نفسك”.
قلت لصديقي وهو يجلس أمامي، والدموع تنهمر على وجهه. كان صوته متقطعًا وهو يردد الكلمات: “لقد خذلتها. أنا لست جيدًا بما يكفي. لن أكون جيدًا بما يكفي أبدًا”.
لم أعرف ماذا أقول له. كان شخصًا لم يقبل نفسه يومًا، بغض النظر عن الإنجازات التي حققها.
صديقي بنى شركة بملايين الدولارات من لا شيء، وخرج من دائرة الفقر. اعتنى بوالديه المسنين، وأرسل شقيقيه إلى الجامعة وساعدهما حتى في الزواج — وكل ذلك قبل أن يبلغ الأربعين. ومع ذلك، وعلى الرغم من هذه الإنجازات الرائعة، كانت اجابته دائمًا نفسها عندما أثني عليه: “ليس جيدًا بما يكفي. ليس بعد”.
🌟 نشأة في بيئة مليئة بالمقارنات
أعرف هذا النمط جيدًا، إذ نشأت في عائلة ريادية كانت تقيس أدائي دائمًا من خلال المقارنات. “انظر إلى ابن فلان وكيف يسير بشكل جيد”، كان والدي يقول. تلك المقارنات والتوقعات كانت لا تنتهي.
هذه العقلية جعلتني أعمى عن 90% مما كنت أفعله بشكل صحيح. بدلًا من ذلك، كنت أركز على الـ10% التي لم أحققها بعد، لأثبت نفسي أو ألوم ذاتي والآخرين على الأداء غير المرضي. أدى ذلك إلى تضخم غير صحي في ثقتي أحيانًا أو انعدامها في أحيان أخرى.
🌟 السعي لإرضاء الآخرين بأي ثمن
عندما شعرت أنني لست “منافسًا” بما يكفي، خسرت فرصًا وأصدقاء، بينما كان بإمكاني البحث عن نهج تعاوني يحقق فائدة للجميع. في كثير من الأحيان، لم أكن أعرف حتى لماذا أتنافس؛ أردت فقط أن أثبت لوالدي أنني أفضل من الآخرين، وأنه كان مخطئًا.
لكن مع الوقت، أدركت أن هذا السعي المستمر لإرضاء الآخرين يأتي بسعر باهظ. الشعور الفوري بالنجاح لا يعوض السموم والطاقة السلبية التي ندخلها إلى أنفسنا. وصل الأمر بي ذات مرة إلى القول لوالدي أثناء شجار: “لماذا لا تتبنى أحد هؤلاء الذين تقارنني بهم، وسأجد لنفسي أبًا أفضل؟”.
كان ذلك بمثابة صدمة له، لكنه كان نتيجة طبيعية لشعوري المستمر بالإرهاق ومحاولاتي الدائمة لمواكبة صورته المثالية عن الابن الكامل.
🌟 الربط بين القيمة الذاتية والتوقعات
واحدة من أكبر الأخطاء التي نقع فيها هي ربط قيمتنا الذاتية بأهداف معينة أو توقعات الآخرين. عندما نفعل ذلك، يصبح أي فشل شعورًا بأننا بلا قيمة. نرى أنفسنا إما فائزين أو خاسرين، دون منطقة وسطى.
استغرق الأمر مني الكثير من التأمل لأفهم أن الظروف هي التي شكلت حياتي. لدينا جميعًا نقاط قوة وضعف، ولا يمكننا التحكم إلا بجزء مما يجري حولنا.
🌟 قصة صديقي
كان ألم صديقي أكبر من مجرد إنهاء علاقة. كان نتيجة الضغط الهائل الذي وضعه على نفسه ليكون مثاليًا في كل جانب من حياته.
تركته صديقته لأنه كان يركز أحيانًا بشكل كبير على عمله ولم يكن دائمًا متاحًا لقضاء الوقت معها في المناسبات الاجتماعية. لكنه، رغم كل شيء، كان يفعل أفضل ما يمكنه.
قلت له: “ما الذي يمكن أن تتوقعه أكثر من نفسك؟ كيف يمكن أن تتصرف بشكل مختلف ضمن ظروفك؟ على الأقل امنح نفسك التقدير لمحاولاتك”.
🌟 القبول الذاتي لا يعني المثالية
أدركت أن القبول الذاتي لا يعني أن نتفق مع كل ما فعلناه أو نكون سعداء بكل نتيجة. إنه ببساطة يعني أن نُقرّ بجهودنا ونبقى صادقين مع أنفسنا.
صديقته كانت تقارنه بالآخرين الذين ربما كانت مسؤولياتهم أقل. كان ذلك غير عادل. ربما لم يكن صديقي الشريك المثالي، لكنه كان يفعل أفضل ما في وسعه.
🌟 الدرس المستفاد: القبول الذاتي
القبول الذاتي صعب لأنه يتطلب شجاعة هائلة لنكون صادقين مع أنفسنا. يتطلب منا أن ننظر إلى من نحن دون إنكار أو هروب. عندما نرى الجوانب التي لا تتماشى مع معايير الآخرين، يجب أن نعترف أيضًا بالجوانب الجيدة فينا — الصفات الجميلة والقوة الإيجابية التي تضيف قيمة لحياة الآخرين.
🌟 الحياة تتطلب تنوعًا
الحياة تعلمنا أن التنوع هو ما يجعل الطبيعة مزدهرة. كل كائن ينمو وفقًا لنقاط قوته وظروفه. إنكار أفضل ما في أنفسنا يعني إنكار الهدايا التي منحتها لنا الحياة.
شجرة البلوط لا تحاول أن تكون شجرة موز أصغر أو جبلًا أكبر. إنها تنمو لتصبح أجمل شكل طبيعي لها، وتوفر الظل والقوة لمن يحتاجونها.
وهذا هو جوهر القبول الذاتي: أن تصبح أفضل نسخة منك دون مقارنة. عندما تقبل نفسك حقًا، كل شيء آخر يجد مكانه الطبيعي.