من فوائد كتاب القول البليغ في التحذير من جماعة التبليغ..
التعريف بالجماعة ومشايخها
قال الشيخ حمود التويجري رحمه الله (ت 1413هـ): جماعة التبليغ جماعة بدعة وضلالة، وليسوا على الأمر الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعون لهم بإحسان، وإنما هم بعض الطرق الصوفية ومناهجهم المبتدعة.
مؤسس بدعتهم وواضع أصولها الستة هو محمد إلياس الديوبندي الجشتي، وهو أمير الجماعة. ثم خلفه في الإمارة عليهم ابنه يوسف. أما أميرهم في زماننا فهو إنعام الحسن، وهو يبايع التابعين له على أربع طرق من طرق الصوفية، وهي: الجشتية، والقادرية، والسهرودية، والنقشبندية. يبايع أفراد جماعته من العجم على هذه الطرق الأربع بدون تحفظ، وأما العرب فللا يبايع عليها إلا من وثق به منهم.
وقد ذكر العلماء العارفون بهذه الجماعة كثيرا مما هي عليه من البدع وفساد العقيدة، ولا سيما في توحيد الألوهية، فهم في هذا الباب لا يزيدون على ما كان عليه أهل الجاهلية، لأنهم يقرون بتوحيد الربوبية فقط كما كان المشركون من العرب يقرون به، ويفسرون معنى “لا إله إلا الله” بتوحيد الربوبية، وهو أن الله تعالى هو الخالق الرازق المدبر للأمور، وقد كان المشركون يقرون بهذا التوحيد، ولم ينفعهم وحده في دخول الإسلام.
وقد جهلت الجماعة معنى “لا إله إلا الله” على الحقيقة، وهو أنه المستحق للعبادة دون ما سواه، وأن صرف شيء من العبادة لغيره يعني جعل ذلك الغير شريكا له في الألوهية، ومن خفي عليه هذا المعنى فهو أجهل الناس، ولا خير فيه.
وأما توحيد الأسماء والصفات، فإنهم فيه أشعرية وماتوريدية، وهما من المذاهب المخالفة لعقيدة أهل السنة ولجماعة.
وأما باب السلوك، فإنهم فيه صوفية، والصوفية من شر أهل البدع، وقد تقدم ذكر الطرق الأربع التي كانوا يبايعون أتباعهم على الأخذ بها.
وقد ذكر محمد أسلم أبا الحسن الندوي، وقال إنه جشتي صوفي، بايع عبد القادر راي فوري الذي هو من مشايخ الجشتية، وذكر أنه كان يقول بمبايعة الجشتية النقشبندية القادرية السهرودية، ويعمل عليها.
قال الشيخ تقي الدين الهلالي: “كل من عرف كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حق المعرفة يستحيل أن يتمسك بطريقة من الطرائق الصوفية، بل يتبع كتاب الله وسنة رسوله والصحابة الكرام، وقد نزههم – عليه الصلاة والسلام – عن الطرائق القِدَد، وأمرنا باتباعهم بإحسان بلا زيادة ولا نقصان”.
وقال أيضا: “ولا تشرع البيعة في الإسلام إلا للنبي صلى الله عليه وسلم، ولخليفة المسلمين”.
وقال محمد أسلم إن الندوي لما قد المدينة قال لطالب أخبره إن متعلق بأسرة ابن تيمية: “وقد وُجد في أسرتك علماء مشاهير أكبر من ابن تيمية أمثال خالد النقشبندي!”.
قال محمد تقي الدين الهلالي: “زعم أن خالد النقشبندي الطرقي المبتدع أفضل من شيخ الإسلام بن تيمية.. هذا شيخ الإسلام ملأ الدنيا علما وعملا، فماذا صنع خالد النقشبندي؟! لم يصنع شيئا غير نشر بدعة الطريقة المضلة”.
ومن خرافات مشايخ هذه الجماعة حكاية حكاها الندوي عن أحد شيوخهم أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر في المنام فقال له النبي: يا سيد أحمد.. ثم أخبره بأن هذه الليلة ليلة القدر لأنه كان يتوق إلى معرفتها !
وهذه الفرية يرد عليها أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل لأحد من أصحابه “يا سيد فلان”، بل لما قال له بعض الأعراب: أنت سيدنا، قال: “السيد الله”.
ولا شك في أنها هذا من تلاعب الشيطان بهؤلاء كما يتلاعب بالمتصوفة فيظنون أن الرسول صلى الله عليه وسلم يحضر مجالس ذكرهم !
وأما زعمه بان الرسول صلى الله عليه وسلم أخبره بليلة القدر فمردود لأنه صلى الله عليه وسلم قال: “إني قد رأيتها ثم أنسيتها”.
ومن خرافاتهم قولهم عن شيخهم زكريا أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام مرات عديدة يقول له أقوال لا تصح شرعا، ورأى الله سبحانه وتعالى مرات عديدة !
وهذا من التحلم وليس من الأحلام، وقد ورد الوعيد الشديد على التحلم. وأما غيره فهو من الكذب على الله تعالى وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم.
الأصول الستة للجماعة
دعا إليها الشيخ محمد إلياس الحنفي الديوبندي، وجعلها مرجعا للجماعة. وهي: الكلمة الطيبة (شهادة ألا إله إلا الله)، والصلوات الخمس، والعلم والذكر، وإكرام المسلم، وتصحيح النية، وتفريغ الوقت أو التبليغ الجماعي لا الفردي: أي الخروج مع الجماعة لتبليغ هذه الأصول الخمسة المذكورة ودعوة الناس إليها. ويلزمون أتباعهم بالتمرن عليها والخطابة عليها.
أما الكلمة الطيبة وهي شهادة أن لا إله إلا الله فهذه شرط في الإسلام، ولابد في الإستمساك بها من شرطين ذكرهما الله تعالى في قوله: “فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى”.
قال ابن كثير: “أي خلع الأنداد والأوثان، وما يدعو إليه الشيطان من عبادة كل ما يُعبد من دون الله، ووجد الله فعبده وشهد أن لا إله إلا هو، “فقد استمسك بالعروة الوثقى”، أي فقد ثبت في أمره، واستقام على الطريقة المثلى والصراط المستقيم”.
وذكر أن لا تنافي بين تعريفات الأئمة للعروة الوثقى، قال السدي إنها: الإسلام، وقال مجاهد إنها الإيمان، وقال سعيد بن جبير والضحاك إنها: لا إله إلا الله، وقال أنس بن مالك إنها القرآن، وقال سالم بن أبي الجعد إنها الحب في الله والبغض في الله.
وقد تمسك التبليغيون باللفظ وحده مع تركهم التصريح بالكفر بالطاغوت، ومنع أتباعهم من التصريح به، وجعلهم ذلك المنع أصلا من أصولهم التي يدعون الناس إليها. فعطلوا النصوص الواردة في الكتاب والسنة في الكفر بالطاغوت والنهي عن المنكر تعطيلا باتا.
ومن كانت هذه صفته فلا حظ له من الإستمساك بالعروة الوثقى لأنه ترك أحد الشرطين اللذين لابد منهما في الإستمساك بها.
وقال الله تعالى: “ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا اله واجتنبوا الطاغوت”. قال عمر رضي الله عنه: الطاغوت الشيطان. وقال مالك: “الطاغوت كل ما عُبد من دون الله”، قال الشيخ سلمان بن عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الله: “وهو صحيح، لكن لا بد فيه من استثناء من لا يرضى بعبادته”، أي لا يرضى بعبادة غيره له، فهذا ليس بطاغوت.
قال ابن القيم: “طاغوت كل قوم من يتحاكمون إليه غير الله ورسوله، أو يعبدونه من دون الله، أو يتبعنه من غير بصيرة من الله، أو يطيعونه فيما لا يعلمون أنه طاعة لله، فهذه طواغيت العالم، إذا تأملتها وتأملت أحوال الناس معها رأيت أكثرهم أعرض عن عبادة الله تعالى إلى عبادة الطاغوت، وعن طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى طاعة الطاغوت ومتابعته”. وكذلك السذج من أتباع مشايخ التبليغ كانوا يتبعونهم ويطيعونهم فيما لا يعلمون أنه طاعة لله.
ومن مخالفاتهم لهذه الكلمة أنهم في ذكرهم يفصلون بين النفي والإثبات، فيقولون “لا إله” 600 مرة، ويقولون “إلا الله” 400 مرة.
وهم في هذه الكلمة يؤمنون بتوحيد الربوبية، وبشيء من توحيد الألوهية إذ يوجبون كثير من التخضعات لغير الله باسم الأدب والتعظيم، ويعتقدون بالتصرفات الكونية لغير الله باسم الفيوض الروحية والكرامات.
وأما توحيد الأسماء والصفات، فهم أشاعرة أو ماتوريدية أو … ربما لحقوا بابن عربي وأمثاله في مسائله ومعتقداته.
وقد جعلوا المباحات أصناما، فالتكسب والبحث عن الرزق صنم لأنه يلهي الإنسان عن واجباته. وقد قال تعالى: “قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق”. فطلب الرزق مباح، وفي حديث أبي حميد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أجملوا في طلب الدنيا، فإن كلا ميسر لما كُتب له منها”. وعن جابر أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لا تستبطئوا الرزق، فإنه لن يموت العبد حتى يبلغه آخر رزق هو له، فأجملوا في الطلب: أخذ الحلال وترك الحرام”. وفي حديث آخر: “وأجملوا في الطلب، فإن استبطأ أحد منكم رزقه فلا يطلبه بمعصية الله، فإن الله لا ينال فضله بمعصيته”.
الصنم الثاني: القرابات والولاءات بجميع أنواعها أصنام لأنها تلهي الإنسان عن واجبه ! وكل هذه الأصنام جعلوها إشراكا بالله شركا أكبر! فالخارج معهم قد لا يبالي برضى الوالدين عنه في ذلك، ورضى الرب في رضى الوالد..
والعكس هو الحاصل فالله تعالى أمر ببر الوالدين وبصلة الأرحام والإحسان إلى الناس في آيات كثيرة، وأمر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وحث عليه في أحاديث كثيرة.
الصنم الثالث: النفس الأمارة بالسوء لأنها تصده عن الخير وعن سبيل الله، وتأمره مثلا بعدم الخروج مع جماعة التبليغ. وأنفسهم الأمارة بالسوء هي من يأمرهم بالبدع، أما غيرهم فيرجى أن تكون نفوسهم طيبة.
الصنم الرابع: الهوى. وهم وأتباعهم من وقع في حبائله لأنهم قد تشبثوا بأربع طرق صوفية.
الصنم الخامس: الشيطان، وهو أكبر المانعين عن الخير، وعن الخروج مع الجماعة مثلا.
فالخروج مع الجماعة تحطيم لهذه الأصنام.. ومع هذا لم يقولوا إن كل ما عبد من دون الله صنم يجب تكسيره، وطاغوت تجب محاربته إذا رضي بذلك، ولو قالوا ذلك لكان قولا سليما موافقا لنصوص الكتاب والسنة ومذهب أهل السنة.
أما الأصل الثاني “الصلوات الخمس والجمعة والجماعة والحج والأعياد” فعملهم يناقض قولهم، فهم دعاة مجدين إلى المذهب الحنفي، والتقليد الجامد الأصم الذي يرد النصوص..
وذكر عنهم أنهم يقولون إن الوهابية أخطر طائفة في الإسلام، والجمعة في القرى لا تجوز، والوتر خلف غير الحنفي للحنفي لا يجوز، والجمع والقصر في الأسفار حتى الحج وعرفة ومزدلفة، لا يجوز، ويمنعون عن الإشتراك في صلاة الظهر والعصر بعرفة يوم الوقفة.
قال الأستاذ سيف حسن إنهم كثيرا ما يبنون في كل منطقة أو مدينة مسجدا مركزا لهم ولدعوتهم، وكثيرا ما يسمونها مسجد النور، ويدعون الناس إليها وإلى حضور حلقاتها والمبيت فيها، ويرون أن الصلاة فيها أفضل من سائر العبادات، حتى الصلاة في الحرمين، وكثيرا ما يبيتون فيها، خاصة ليالي الجمعة إلى الصبح، ويحيونها بأذكار وأوراد ودعوات ثابتة وغير ثابتة، ومراقبات وضربات تصوفية، ويعتقدون أن الحضور في حلقاتهم أفضل من سائر أنواع العبادات، بل ربما زاد على الحج الأكبر والجهاد الأكبر.
وكل هذه مخالفات كمنعم من الجمع والقصر في الأسفار، ومن الصلاة في الطائرة، وتفضيلهم الصلاة في مساجدهم على سائر العبادات وعلى الصلاة ف الحرمين، والتزامهم بالبيتوتة فيها في ليالي الجمعة خاصة إلى الصبح…
وذكر الأستاذ سيف الرحمن أنهم لم يتركوا قرية ولا بلدة من المملكة إلا جعلوا فيها مسجدا يتخذونه مركزا لدعوتهم، يسمونه مسجد النور، وفي الحقيقة أنه مسجد الضرار حيث إنه لم يؤسس على التقوى. وذكر أن بعض مساجدهم لا تقام به جماعة، ولا ينتفع به، ولا أحد يقيم الصلاة فيه سوى ليلة الجمعة التي ي ليلة اجتماعهم، ثم يبقى مغلقا إلى الجمعة الأخرى. ومن ضرره أنهم يصدون الناس عن الصلاة في الحرم ليلة الجمعة. ويقولون إن كانت الصلاة في الحرم بمائة ألف صلاة، فالإعتكاف في هذا المسجد بسبع مئة ألف !.
وقد ذكر الشرقاوي أن التبليغين يهتمون بالصلاة مع إهمال معرفة أركانها وواجباتها وسننها.
قلت إن هذا مفسد للصلاة فلا ينفعه اهتمامه بها.
نهيهم عن النهي عن المنكر
قال الشيخ حمود التويجري رحمه الله: وذكر – سيف الرحمن بن أحمد الدهلوي – أن من أصولهم التي يدعون إليها: ترك الصراحة بالكفر بالطاغوت والنهي عن المنكر. ومن أصولهم: تعطيل جميع النصوص الواردة في الكتاب والسنة بصدد الكفر بالطاغوت والنهي عن المنكر. ومن أصولهم: تجنب ومنع الصراحة بالكفر والطاغوت، وبالنهي عن المنكر، وتعليل ذلك أنه يورث العناد لا الصلاح.
وقد قال تعالى: “لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون * كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون”. والآيات والأحاديث في الحث على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والوعيد الشديد على تركه كثيرة جدا.
قال الله تعالى: “فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى”، دلت الآية على أن الإستمساك بالعروة الوثقى له شرطان لابد منهما: أحدهما الكفر بالطاغوت، والثاني الإيمان بالله. فمن لم يأت بهما أو ترك واحدا منهما فليس له حظ من الإستمسك بالعروة الوثقى، وهي الإيمان، وقيل: الإسلام، وقيل: لا إله إلا الله، وقيل: الحب في الله والبغض في الله. قال ابن كثير في تفسيره: “وكل هذه الأقوال صحيحة، ولا تنافي بينها”.
وإذا عرضنا الأصول الثلاثة التي تقدم ذكرها من أصولهم على هذه الآية تبين أنه لا حظ لهم من الإستمساك بالعروة الوثقى، فلا خير فيهم، ولا في مرافقتهم، والخروج معهم.
ثم إنهم لم يقتصروا على ترك الصراحة بالكفر بالطاغوت، بل ضموا إلى ذلك ما هو شر منه، وهو تجنب ذلك بشدة، والمنع منه بعنف، وتعطيل جميع النصوص الواردة في الكتاب والسنة بصدد الكفر بالطاغوت. وهذا من أوضح الأدلة على زيغهم وفساد معتقدهم.
وفي الحديث الذي رواه أحمد وأبي داود وغيرهما أن بني إسرائيل لما وقعوا في المعاصي نهاهم علماءهم فلم ينتهوا، فجالسوهم في مجالسهم، وواكلوهم وشاربوهم، فضرب الله قلوب بعضهم ببعض، ولعنهم على لسان داود وعيسى بن مريم (كما مر في الآية السابقة)، وكان النبي صلى الله عليه وسلم متكئا فجلس، فقال: “لا، والذي نفسي بيده، حتى تأطروهم على الحق أطرا”. هذا لفظ أحمد، وزاد في لفظ أبي داود: “أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض، ثم ليلعنكم كما لعنهم”.
وفي هذا الحديث أبلغ رد على التبليغيين الذين لا يبالون بالنهي عن المنكر، ولا يعدونه من واجبات الإسلام. ثم زادوا بالمنع من الصراحة بالنهي عن المنكر بشدة، ومنعهم من ذلك بعنف، وتعطيلهم جميع النصوص الواردة في الكتاب والسنة بصدد النهي عن المنكر.
وفي هذا أوضح دليل على مخالفتهم لطريقة الرسل صلوات الله وسلامه عليهم، فإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو وظيفة الرسل وأتباعهم إلى يوم القيامة. وإنما أرسلوا وأنزل الكتاب للأمر بالمعروف الذي أساسه التوحيد واتباع الرسل، وفروعه الأقوال الطيبة والأعمال الصالحة. والنهي عن المنكر الذي أساسه وأصله الشرك والبدع، وفروعه الأقوال الخبيثة وأنواع الفسوق والعصيان.
وبالقيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تعلو كلمة الله، ويظهر دينه، وإذا تُرك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ضعف الإسلام، وظهر الباطل وأهله (وهذا للأسف هو الحاصل اليوم في كثير من بلدان الإسلام).
وقد جمع الله تبارك وتعالى بين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في آيات كثيرة، وجمع بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحاديث كثيرة ثابتة عنه، فأبى التبليغين أن يجمعوا بينهما ! فصاروا بذلك مشابهين لليهود الذين قال الله فيهم: “أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون * أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون”.
فلا يأمن التبليغيون أن يكون لهم نصيب وافر من هذا الوعيد الشديد. وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من تشبه بقوم فهو منهم”.فالتبليغيون في غاية البعد من الجهاد الذي كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعون لهم بإحسان، وهو الجهاد المشتمل على الدعاء إلى التوحيد، وإخلاص العبادة بجميع أنواعها لله وحده، والنهي عن الشرك وذرائعه وما يقرب إليه من الأقوال والأعمال، والنهي عن البدع والمخالفات وجميع المنكرات. هذا هو الجهاد الحقيقي.
وقد حصل من بعض أكابرهم السب القبيح في كتبهم لشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله، وأحرق بعض أمرائهم مجموعة التوحيد المسماة ب”الجامع الفريد” لما أهداها له بعض الخارجين معه، وكان المُهدِي يظن أنه يُسر بالهدية، فكانت المقابلة إحراق كتب التوحيد..
وأما ما قيل من توقف الشيخ محمد بن إبراهيم فيهم، فإنه قد صدر منه جوابا قبل وفاته بسبع سنين، وقد صرح فيه أن جمعية التبليغيين “جمعية لا خير فيها، وأنها جمعية بدعة وضلالة “، وكان قد سئل عنهم قبل جوابه هذا بعشر سنين، فقال إن أمرهم لم يتبين له، ثم لما تبين له قال ما قال.
قال الشاعر:
فلا تصحب أخا الجهل …وإياك وإياه
فكم من جاهل أردى … حليما حين آخاه
يُقاس المرءُ بالمرءِ …إذا ما هو ماشاه
وقال آخر:
وما ينفع الجَرْباءُ قُرب صحيحة … إليها ولكن الصحيحةَ تَجربُ
وذكر الأستاذ محمد بن عبد الله بن محمد الأحمد الأستاذ المساعد بكلية الشريعة بالمدينة المنورة، أنه ذهب مع جماعة التبليغ إلى مدينة حجاج البحر بجدة لإرشاد الحجاج وتوجيههم، وكان الأمير باكستاني، ويساعده مصري لجهله باللغة العربية ! وفي اليوم الأخير من الرحلة طلب منه الأمير – أي من الأستاذ – توجيه كلمة إلى الحجاج بعد صلاة العصر، وحيث أنه حديث عهد بالخروج مع الجماعة فقد طلب من مساعده أن يخبره بأن يتجنب في حديثه الكلام عن ثلاثة أشياء: الأول: الكلام في السياسة، لأن سبب فشل دعوة الإخوان المسلمين هو الكلام في السياسة. الثاني: الكلام في الشركيات وأنواع البدع، لأن سبب انحسار دعوة الشيخ محمد عبد الوهاب هو الإهتمام الزائد في ذلك. الثالث: الكلام في الأحكام والفتوى، لأن للإفتاء دار معروفة في السعودية. وكان السبب في قطع صلته بهم..
بدعة الخروج عندهم
قال الشيخ حمود التويجري رحمه الله: ذكر أحد العلماء في المدينة في مؤلف له، شهادة أحد الثقات السعوديين على مجموعة من دعاة هذه الجماعة، دخلوا في معسكر لتدريب المجاهدين الأفغان، وكان في باكستان، فاستقبلهم القائد ظانا أنهم قد جاؤوا ليشاركوهم في الجهاد، ولكنه فوجئ بقولهم إنما جئنا ليخرج معنا المجاهدون ويسيحوا معنا في الأرض من أجل الدعوة، وليتعلموا الإيمان، وترددوا إليه أياما، فأصدر أوامره بمنعهم من دخول المعسكر.
وقال الإمام ناصر الدين الألباني في جواب سؤال حول الخروج مع الجماعة: ما ننصحك بأن تخرج معهم لأن هؤلاء ليس عندهم علم بالإسلام حتى الإسلام التقليدي فضلا عن الإسلام السلفي، فهؤلاء يهتمون بهذا الخروج العددي وعددهم لا يساوي عالما، ونصحهم بلزوم حلقات العلم للتعلم، أما الخروج التبليغي فهو أمر تميزت به هذه الجماعة التي قال إنه يسميها “جماعة صوفية عصرية”، أي أنهم ورثوا بعض التصوف الطرقي لكنهم حاولوا جعله مختلفا عن التصوف المعروف سابقا. وهذا الخروج الذي يسمونه “الخروج في سبيل الله”، ليس في سبيل الله بل هو من البدع لأنه لم يعرف في المسلمين منذ أكثر من 14 قرنا، جماعة يخرجون للدعوة وهم بحاجة إليها ! بل كان النبي صلى الله عليه وسلم يرسل العلماء كمعاذ بن جبل لدعوة المسلمين، أما أن يخرج عشرة عشرين شخص للدعوة كما تفعل هذه الجماعة، فهذا من محدثات الأمور، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة”، وفي الحديث الآخر: “وكل ضلالة في النار” (من مقطع للشيخ على اليوتيوب).
بغضهم للتوحيد وأهله
قال الشيخ حمود التويجري رحمه الله: ذهب أحد كبار العلماء من المدينة إلى المقر الرئيسي للتبليغيين بدلهي في الهند، وأراد أن يلقي عليهم دروسا في بيان العقيدة السلفية وتوحيد الألوهية والتحذير من الشرك والبدع، وليبين لهم وجوب الكفر بالطاغوت ووجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فأظهروا له الجفاء، ومنعوه من الكلام في مقرهم، ولما سألهم عن قبر إمامهم محمد إلياس الذي وضع الخطة التبليغية – وكان قبرهم في زاوية مسجدهم -، قالوا إنه يبعد عن دلهي بمسافة مئة كيلومتر !وذكر الشيخ أحمد بن صالح بن ثابت الحسامي – بتاريخ 1393 هـ – أنه ذهب إلى الرياض، فألقى كلمة في مسجد المنتزه قرب المطار، فأوضح دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، وكيف بدأ دعوته بالدعوة إلى توحيد الله عز وجل، وحذر من جميع ما يعبد من دون الله، فعندما وضحت العقيدة الإسلامية، اعتدى عليه مجموعة من هذه الجماعة وأمسكه أحدهم وقال: أنت شيطان ناطق ! أنت بضد الإسلام والمسلمين ! أنت تريد تخرب جماعة التبليغ ! وأخذوا فيوز المكرفون.
وذكر الشيخ أبي سعيد اليربوزي أنه كان أول من خرج مع الجماعة في بلجيكا سنة 1970م، وخرج معها أيضا في 1972م للتجول في عدة بلدان، وخرج معهم في سنة 1974م لكنه تعرف ببعض الإخوان السعوديين والبحرينيين، وعاشرهم مما ساعده على تعلم اللغة العربية، لكن بعض كبراء الجماعة كانوا يحذرونه منهم، ويقولون: لا تجلس مع هؤلاء، لأنهم وهابيون، وعقائدهم تخالف عقيدة أهل السنة، وليس عندك معرفة في الدين، فلذا سيضلونك ! ورغم أن هذا التحذير أخافه فقد تساءل – ككل عاقل – ما هي عقائدهم الضالة؟ وفي مدة قصيرة عرف الكثير من الأمور، وأنهم كانوا يتكلمون عن التوحيد فقط، ويطعنون في مسائل الشرك، والجماعة كانت لا تحب أهل التوحيد، ولما رأوا منه تغيرا بدؤوا يعاملونه ببرود، وكان أملهم كبيرا في أن يؤثروا من خلاله على الخارجين من الأتراك. ثم قطع صلته بهم، ورغم ذلك كان يعاملهم معاملة جيدة، ولم يكن في خروجه معهم قد رأى أحدا من شيوخهم يتكلم عن التوحيد، فلما تكلم عنه في أحد الإجتماعات ببلجيكا أحاطوا به وبدؤوا يقولون لماذا تشوش عقول الناس بالأشياء التي لا يفهمونها، فتفسد عقول المسلمين الصافية بآراء ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب الباطلة ؟! ويتهمونه بمثل هذا.. ولم يسمحوا له بدخول المكان ثانية بعد أن خرج مع شيخهم الذي تركه واقفا بالخارج بعد أن قال له إنه يكفر الصوفية.. ثم طردوا جميع إخوانه من الإجتماع، ثم ضربوا شخصا حتى الفجر ظنا منهم أنه مثلهم..
كذلك روى فاروق حنيف أنهم عذبوه في مدينة “شارلوروا” لمجرد أنه قال إنه غير مطمئن لطريقة هذا الخروج، وقال إنه يفضل الخروج أربعة أشهر لتعلم العربية والحديث والفقه في الدين، لا الإستماع إلى الخرافات والمنامات التي لا شأن له بها، فقال محدثه: إذا في قلبك نفاق، وجره إلى مكان عذبوه فيه وهددوه بالصعق بالكهرباء ليقر بأنه أدخل شاحنة عامرة بالأسلحة ! ثم سلموه أوراقه وأطلقوا سراحه، ونصحوه بالإبتعاد عن المسلمين !
وألقى أحد كبار العلماء في المدينة المنورة موعظة في مسجد التبليغيين في المدينة، وهو الذي يسمونه مسجد النور، فانقض التبليغيون، وخرجوا من المسجد، ولم يستمعوا إلى كلامه وموعظته.
ومن أكبر مشايخ التبليغيين ودجاليهم حسين أحمد مؤلف كتاب “الشهاب الثاقب”. قال محمد أسلم في كتابه: “وهو شيخ الحديث، ورئيس التدريس في دار العلوم بديوبند”. وقال إنهم يسمونه شيخ الإسلام، ونقل عنه كلاما سيئا ذكره في كتابه “الشهاب الثاقب”، أقذع في سب شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب، وما ينقم منه إلا أنه كان شديدا على القبوريين والصوفية وغيرهم من الملوثين بالشرك والبدع والأحوال الشيطانية. وقد قيل:
كل العداوات قد ترجى مودتُها … إلا عداوة من عاداك في الدين
وإذا نظرت وجدت أن محمد بن عبد الوهاب كان متمسكا بالكتاب والسنة وما كان عليه السلف الصالح، وكان من الأئمة المصلحين الذين بذلوا جهدهم في نشر السنة ومحاربة الشرك ووسائله والبدع وأهلها، أما هو فكان من المتلوثين بالشرك والبدع والعقائد الفاسدة. زعم أن الشيخ محمد كان ظالما سفاكا فاسقا يقتل الناس وينهب أموالهم، يسب السلف الصالح، وأن العرب أبغضته أشد من اليهود والنصارى !
قال الشيخ تقي الدين الهلالي في كتابه “السراج المنير”: ” هذا كلام شيطان رجيم، جاحد للحق، ناصر للباطل، وقد أكذبه الله، وأظهر للناس جميعا مخرقته، فبارك في دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب حتى انتصرت وشاعت وذاعت في كل مكان، وهي مطابقة لكتاب الله وسنة رسوله. وزعمه أن دعوة الشيخ كان فيها أذى لأهل الحجاز كذب وزور، فإن أهل الحجاز هم الذين منعوا أهل نجد من الحج اثنتي عشرة سنة، إلى أن جاء نصر الله، ووقعت الحرب بين أهل الحق وأهل الباطل، فانهزم أهل الباطل في وقت قصير جدا، وكانت الدولة لأهل التوحيد، وهذا الأمر شاهدته أنا بنفسي. فإن كان هدم القباب والقضاء على الأوثان فيه أذى للمشركين، فلا زالوا في أذى، فإن هدم القبور وإبطالها هو الحق الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم”.
ثم ذكر حديث أبي الهياج الأسدي، قال: قال لي علي بن أبي طالب: “ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن لا تدع قبرا مشرفا إلا سويته، ولا تمثالا إلا طمسته”.
قال محمد أسلم: قال حسين أحمد مؤلف كتاب “الشهاب الثاقب”: “والوهابية يضيقون نطاق الشفاعة إلى حد يوصلونها إلى منزلة عامة”.
ورد الشيخ تقي الدين الهلالي، فقال في كتابه “السراج المنير”: “ليس الموحدون هم الذين ضيقوا نطاق الشفاعة بل الله تعالى هو الذي ضيقه، فقال: “ولا يشفعون إلا لمن ارتضى”، وقال: “يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا لمن أذن له الرحمن ورضي له قولا”. وقال: “وكم من ملَك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى”، أي: يأذن للشافع ويرضى عقيدة المشفوع له.
قال الشيخ حمود التويجري: قد جاء في تضييق نطاق الشفاعة وأنها خاصة بأهل التوحيد والإخلاص أحاديث كثيرة، منها حديث أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قلت: يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال: لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث: أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله خالصا من قِبَلِ نفسه”. رواه أحمد والبخاري. وفي رواية البخاري: “خالصا من قلبه أو نفسه”.
ومن حديث أبي هريرة أيضا، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لكل نبي دعوة مستجابة، فتعجل كل نبي دعوته، وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فهي نائلة إن شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا”. رواه الإمام أحمد ومسلم.قال الحافظ ابن حجر في الكلام على الحديث الأول من حديثي أبي هريرة: قوله: “من قال لا إله إلا الله”: احترازا عن المشرك. وقوله: “خالصا”: احترازا من المنافق.
قال ابن بطال: “وفيه دليل على أن الشفاعة إنما تكون في أهل الإخلاص خاصة، وهم أهل التوحيد”.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: “الأحاديث الصحيحة الواردة في الشفاعة كلها تبين أن الشفاعة إنما تكون في أهل لا إله إلا الله”. قال: “والشفاعة سببها توحيد الله، وإخلاص الدين والعبادة بجميع أنواعها له، فكل من كان أعظم إخلاصا كان أحق بالشفاعة، كما أنه أحق بسائر أنواع الرحمة.. فبين أن مدار الأمر كله على تحقيق كلمة الإخلاص، وهي لا إله إلا الله، لا على الشرك بالتعلق بالموتى وعبادتهم كما ظنه الجاهليون”.
وذكر محمد أسلم عن حسين أحمد قوله في “الشهاب الثاقب”: “وهم – أي الوهابية – يعتقدون أن النبي صلى الله عليه وسلم ليس له نصيب من العلوم الباطنية والأسرار الحقة لأحكام الشريعة”.
وقد رد عليه الشيخ تقي الدين الهلالي بقوله: “ماذا تريد يا هذا ب(العلوم الباطنية)، و(الأسرار الحقيقية)؟! أتريد شطحات المتصوفة وكفرهم وأكاذيبهم، كقول الحلاج: ما في الجبة إلا الله”، وقول الزنديق ابن عربي الحاتمي:
الرب عبد والعبد رب … يا ليت شعري من المكلف
إن قلت عبد فذاك حق … أو قلت رب أنى يُكَلف
وقول أبي يزيد البسطامي: “خضنا بحرا وقفت الأنبياء بساحله”! وقول التجيانيين عن شيخهم في “جواهر معانيهم”: لأنه قال: “إن القطب الفرد الغوث هو الخليفة عن الله في جميع مملكته، فلا تتحرك ذرة في العالم إلا بإذنه”! انتهى.
ورد الشيخ تقي الدين على اعتراض على الوهابية في بدعة المولد فقال: “ومقصوده أن يعيب على أل السنة إنكارهم لبدعة المولد المأخوذة من النصارى في أواسط القرن الرابع الهجري، أخذها منهم أبو القاسم العزفي، من أهل سبتة، ولم يأخذها من بعيد، فإن سبتة مجاورة للأندلس، وأهلها نصارى. فيقال له: هذا المولد المقتبس من النصارى، من أحدثه؟ هل هو سنة أو بدعة؟ هل فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم أو الصحابة أو التابعون أو الأئمة المجتهدون أو أهل الحديث كالسفيانين وعبد الله بن المبارك ومالك وأحمد والبخاري ومسلم؟ حاشاهم من ذلك. انتهى.
ثم قال الهلالي عن أذكار الأولياء المزعومة: “مقصوده بأذكار الأولياء الأوراد التي يعطيها شيوخ التصوف أتباعهم ويسمونها أورادا، وهي حال يربطون بها أتباعهم”. إلى أن قال: “ثم يقال لحسين أحمد مطية الإستعمار الهندي: هذه الأذكار التي نسبتها لأوليائك – أولياء الشيطان -: هل جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم وعلمها أمته وورثها إياهم أم هي وحي أنزل على أولئك الأولياء لا يعرفه النبي صلى الله عليه وسلم؟ فإن قال: هي مما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وورثها أمته، صار أخذ الإذن فيها بدعة، وإنما يعلم أهل العلم ألفاظها ومعانيها، ولا تحتاج إلى إذن، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أعطاها أمته وأذن لها فيها. ومن ضلالات المتصوفة أنهم يقولون: إن الذكر إذا أخذ بالإذن من الشيخ يكون أجره أعظم، وإذا لم يؤخذ الإذن فيه من الشيخ، يكون أجره أقل. فمن ذلك قول التيجانيين عن شيخهم – بزعمهم -: إن صلاة الفاتح لما أغلق إذا أخذت بالإذن من الشيخ أو ممن أذن له الشيخ، تعدل ستة آلاف ختمة من القرآن، وإذا ذكرت بغير إذن فهي كسائر الصلوات، لا فضل لها على غيرها. فإذا أنكر الموحدون أوراد شيوخ التصوف، فغنما أنكروا البدع المحدثة، فمتى أعطى أبو بكر الصديق وردا؟! ومتى أعطى عمر وردا! وكذلك يقال في عثمان وعلي وسائر الصحابة؟! وهل كانت في الصحابة طرق: طريقة بكرية، وطريقة عمرية… سبحانك هذا بهتان عظيم.. فحسين أحمد يعيب الموحدين بمحافظتهم على سنة النبي صلى الله عليه وسلم ومحاربتهم البدع، فإذا عيرنا بمحبة النبي صلى الله عليه وسلم وترك البدع، فقد مدحنا من حيث يريد ذمنا”. انتهى.
(وبغضهم للشيخ محمد بن عبد الوهاب ولغيره من أئمة التوحيد، وافتراؤهم عليهم، يرد عليه قول الشاعر):
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه … فالقوم أعداء له وخصوم
كضرائر الحسناء قلن لوجهها … حسدا وبغيا إنه لذميم
وقال آخر:
لا يضر البحر أمسى زاخِرا … أن رمى فيه غلامٌ بحجرِ
كتبهم وأورادهم وخلواتهم
قال الشيخ حمود التويجري رحمه الله: من أورادهم “إلا الله” 400 مرة، و”الله، الله” 600 مرة يوميا، و”الأنفاس القدسية” 10 دقائق يوميا، يلصقون اللسان في سقف الفم، ويخرجون النفس من الأنف على صورة لفظ “الله”!.
ومنها “المراقبة الجشتية”، وهي نصف ساعة أسبوعيا عند احد القبور، بتغطية الرأس، والذكر بهذه العبارة: “الله حاضري، الله ناظري” !.
ولهم أذكار مبتدعة أخرى مثل فصل النفي عن الإثبات، يقولون “لا إله” 600 مرة، و”إلا الله” 200 مرة. وفصلهما بزمن متراخ يقتضي نفي الألوهية عن الله تعالى (وهذا من عمل الشيطان)، وذلك صريح الكفر إن وقع مرة واحدة، فكيف به إن وقع 600 مرة في مجلس واحد !
ذكر بعض العلماء أن أحد طلاب العلم خرج معهم، وأميرهم احد رؤساء الجماعة، وفي أثناء الليل رأى أحدهم يهتز ويقول: “هو، هو، هو” ! فأمسكه، فترك الحركة وسكت، وفي الصباح أخبر الأمير بما فعله الهندي الصوفي التبليغي، فأنكر الأمير عليه إنكاره على الهندي الصوفي، وقال له بغضب شديد: أنت صرت وهابيا، والله لو كان لي من الأمر شيء لأحرقت كتب ابن تيمية وابن القيم وابن عبد الوهاب، ولم أترك على وجه الأرض منها شيئا ! ففارقهم طالب العلم حين سمع منه هذا الكلام السيئ لأنه عرف عداوتهم لأئمة العلم والهدى من أهل التوحيد وأنصار السنة الناهين عن الشرك والبدع والخرافات الذين كانوا يحذرون من بدع الصوفية ودعاويهم الكاذبة في المكاشفات والكرامات والمنامات التي هي من تضليل الشيطان لهم وتلاعبه به.
ومن أوراد الجماعة أيضا كتيب “دلائل الخيرات”، وقد حذر العلماء منه فهو مليء بالشرك والغلو والأحاديث لموضوعة.
وذكر بعض العلماء أنهم يعتنون بقصيدة “البردة” وب”القصيدة الهمزية”، وفيهما من الشرك والغلو ما هو معروف عند أهل العلم.
وأهم كتاب عندهم كتاب “تبليغي نصاب” الذي لفه زكريا الكاندهولي، أحد رؤسائهم، ولهم عناية شديدة بهذا الكتاب، جعلوه مرجعا للهنود وغيرهم من الأعاجم التابعين لهم – بمرتبة الصحيحين عندنا -، وفيه من الشركيات والبدع والخرافات والأحاديث الموضوعة والضعيفة شيء كثير، اتخذوه مرجعا لنشر بدعهم وضلالاتهم وترويجها للهمج الرعاع.
ومما زينوه لهم إيجاب زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم بعد الحج، واستدلوا على ذلك بأحاديث موضوعة.
ومن الكتب التي يعتمدون عليها، ويجعلونها مرجعا، كتاب “حياة الصحابة” لمحمد يوسف الكاندهولي، وهو مملوء بالخرافات والقصص المكذوبة والأحاديث الموضوعة والضعيفة، وهو كسابقيه من كتب الشر والضلال والفتنة.
وللتبليغيين مسجد ومركز رئيس في دلهي، يشتمل على أربعة قبور في الركن الخلفي من المصلى، وهذا شبيه بفعل اليهود والنصارى الذين اتخذوا قبور الأنبياء والصالحين مساجد، وقد لعنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا الصنيع، وأخبر أنهم من شرار الخلق عند الله.
وقد ذكر سيف الرحمن بن أحمد الدهلوي في كتابه “نظرة عابرة اعتبارية حول الجماعة التبليغية”: أن أكابر أهل التبليغ يرابطون على القبور، وينتظرون الكشف والكرامات والفيوض الروحية من القبور، ويقرون بمسألة حياة النبي صلى الله عليه وسلم وحياة الأولياء حياة دنيوية لا برزخية مثل ما يقر القبوريون بنفس المعنى.
وذكر أن شيخهم الشيخ زكريا شيخ الحديث عندهم كان يأتي إلى المدينة المنورة، ويرابط عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم، ويذهب في المراقبة عدة ساعات.
وقد روى أحمد والبخاري ومسلم عن ابن مسعود أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “من مات وهو يجعل لله ندا، دخل النار”.فلينتبه المفتونون بالقبور وغيرهم، والتمائم الشركية والأحوال الشيطانية من التبليغيين وغيرهم لهذا الوعيد الشديد لمن أشرك بالله.
وقد ذكر القائد ميان في كتابه “جماعة التبليغ عقيدتها وأفكار مشايخها”: أن شيخ التبليغيين محمد إلياس كان يجلس في أكثر الأحيان خلف قبر عبد القدوس الكنكوهي (ذكر الشيخ أبو الحسن الندوي أن الشيخ عبد القدوس الكنكوهي رئيس الطريقة الجشتية الصابرية كانت تسيطر عليه فكرة وحدة الوجود والسكر والإضطراب والفناء والإستغراق)، وكان يجلس في الخلوة قرب قبر نور سعيد البدايوني، ويصلي بالجماعة هناك”.
وذكر – في نفس الكتاب – عن الشيخ سردار محمد الباكستاني، أنه قال: “ظللت في جماعة التبليغ عشر سنوات تقريبا، وكثيرا ما ذهبت مع الشيخ محمد يوسف الدهلوي أمير جماعة لتبليغ في ذلك الوقت قريبا من نصف الليل إلى قبر محمد إلياس في محلة نظام الدين مقر الجماعة بدلهي، فكنا نجلس حول قبره وقتا طويلا في حالة المراقبة، ساتري الرؤوس”.
وكان الشيخ محمد يوسف يجلس مراقبا عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم عدة ساعات خلال إقامته في المدينة المنورة”.
قال الشيخ محمد أسلم: “هذه الطريقة معروفة بين مشايخ جماعة التبليغ، وهم يعملون عليها بالكثرة”.
قال الشيخ محمد تقي الدين الهلالي – وكان صوفيا تجانيا ثم من الله عليه وأصبح أحد أسود أهل السنة والجماعة-، قال: “قول محمد يوسف: (إن صاحب هذا القبر – يعني أباه محمد إلياس – يوزع النور الذي ينزل من السماء في قبره بين مريديه حسب قوة الإرتباط والتعلق به)، هذا يسمى في اصطلاح غيرهم من أهل طرائق التصوف: استمدادا. وقد تقدم أن الشيخ عبد الكريم المنصوري السجلماسي لما أعطاني الطريقة التجانية أمرني إذا جلست لذكر الله تعالى أن اتصور صورة الشيخ أحمد التجاني أمامي وعمود من نور يخرج من قلبه ويدخل في قلبي، يعني أنه ينور قلبي ويشرح صدري ويؤهله للفيوض”.
وهذا كفر صريح. وقد أخبرني الثقات أن عليا أبا الحسن الندوي كان يجلس في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم مستقبلا الحجرة الشريفة في غاية الخشوع، لا يتكلم ساعتين وأكثر، فاستغربت هذا الأمر، وفهمت أنه استمداد، ولم أكن أعلم أن هذا شائع عندهم في طريقتهم، إلى أن كشفه محمد أسلم.
فهذا شرك بالله تعالى، واتخاذ وسائط بين العبد وربه، وفي كتاب “كشاف القناع في شرح الإقناع” – من أشهر كتب الحنابلة -، قال الشيخ – ابن تيمية -: “من اتخذ وسائط بينه وبين الله، كفر إجماعا”.
وفي رسالة لشيخ الإسلام ابن تيمية تسمى “الواسطة بين الخلق والحق”: “من جعل الملائكة والأنبياء وسائط يدعوهم ويتوكل عليهم ويسألهم جلب المنافع ودفع المضار، فهو كافر بإجماع المسلمين”.
وقال فيها أيضا ما ملخصه: “ومن سوى الأنبياء من مشايخ العلم والدين، إن أثبتهم وسائط بين الله وخلقه، كالحجاب الذين بين الملك ورعيته، بحيث يكونون هم يرفعون إلى الله حوائج خلقه، فالله إنما يهدي عباده ويرزقهم بتوسطهم، فالخلق يسألونهم وهم يسألون الله، كما أن الوسائط عند الملوك يسألون الملوك حوائج الناس لقربهم منه، والناس يسألونهم أدبا منهم أن يباشروا سؤال الملك… ومن المعلوم أن الله تعالى هو الذي يمد عباده بالأرزاق الحسية كالطعام والشراب وقوة البدن، وبالأرزاق المعنوية كهداية القلوب وتنويرها، وشرح الصدور والتجليات، ولكن الله تعالى لا يحتاج إلى واسطة يتوسط بينه وبين خلقه في منحهم تلك الأرزاق، لا من الملائكة، ولا من الأنبياء، ولا من الصالحين.
فالملائكة يستغفرون للمؤمنين، ويسألون الله لهم الرحمة، ولا يستطيعون أن يعطوهم مثقال ذرة من ذلك ولا أقل. والأنبياء يعلمون أممهم، ويبلغونهم رسالة ربهم، ولا يستطيعون أن يعطوا أحدا منهم مثقال ذرة من الهداية ولا أقل من ذلك، لأن الهداية بيد الله وحده. قال الله تعالى لسيد الأنبياء: “إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء”.
(وهؤلاء يضعون أنفسهم وأولادهم بين أيدي هؤلاء الشيوخ على أساس أن أمور تكميلهم وتربيتهم وهدايتهم في أيدي أولئك الشيوخ ! وهذا من الشرك.
وذكروا قصة أن أحد مشايخهم كان رغب في سماع القرآن من أحدهم – الشيخ زكريا -، ولكنه مات قبل ذلك، ودفن بأرض شديدة الحر، فأتى ذلك الشيخ وقرأ القرآن عند قبره مدة ثلاثة أيام اعتدل الجو فيها، فلما غادر عاد إلى حاله من الحر ! فهل الشيخ المدفون يتصرف في حرارة وبرودة الجو؟ والشيخ المدفون هو مرشد أبي الحسن الندوي الذي نقل محمد أسلم أنه قال: “الدنيا رآها المتنورون، لكني رأيتها أكثر منهم، ومع هذا أقول بطريقة المبايعة الجشتية النقشبندية القادرية السهرودية، وأعمل عليها”. فهذا كلام أبي الحسن الندوي يقر بولائه لهذه الطرق الأربعة لتعلم أنه من المفلسين في التوحيد.
وقد ذكر قصة المرشد الذي يؤثر على الأجواء، الشيخ تقي الدين الهلالي في كتابه “السراج المنير في تنبيه جماعة التبليغ على أخطائهم”، وذكرها محمد أسلم.
فإذا كانت هذه الأمور قد راجت على الشيخ زكريا الذي يصفونه بأنه ريحانة الهند، والمحدث الكبير، وعلى أبي الحسن الندوي الصوفي التبليغي، وعلى غيرهم، فلم يروا بها بأسا، فلا تسأل عن حال أتباعهم السذج.
ومن ترهاتهم التي يذكرونها، أن مدرسة ديوبند أسسها النبي صلى الله عليه وسلم، وإنه كان إلى هذه الدار أحيانا مع أصحابه وخلفائه لتدقيق حساب المدرسة”.
قال الشيخ تقي الدين الهلالي بعد ذكره لهذه الطامة: “اقرؤوا أيها الناس واعجبوا كيف يؤسس النبي صلى الله عليه وسلم مدرسة تحارب سنته وتنبذ هديه، فهي ماتريدية في العقائد، حنفية المذهب، أسست على معصية الرسول والتفرق في الدين، لا يرضاها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا الخلفاء الراشدون المهديون ولا أبو حنيفة، لأن عقيدة أبا حنيفة رواها عنه الثقات بعيدة كل البعد من الماتريدية والتقليد والتفرق، ولكن إذا لم تستح فاصنع ما شئت”.ثم قال: “والماتريدية يقولون: إن الله تعالى ليس فوق العرش بذاته، وأبو حنيفة يكفر من يقول بهذا القول كما في “الفقه الأكبر”، وغيره”. انتهى.
وقد تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار”.
توسلهم بالذوات، وحياة النبي عندهم، ودعاء غير الله
قال الشيخ حمود التويجري رحمه الله: ذكر محمد أسلم في كتابه عن الشيخ حسين أحمد أنه قال في “الشهاب الثاقب”: “إننا نتوسل بالأنبياء، بل برجال شجرة التصوف، كالجشتية والنقسبندية وما سواهما من مشايخ السلاسل”. قال: “والوهابية لا يتوسلون”.
وقد رد عليه الشيخ تقي الدين الهلالي، فقال في “السراج المنير”: “المبتدعون يتوسلون بالذوات، وتوسلهم فاسد، والموحدون يتوسلون إلى الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العليا، وبمحبتهم واتباعهم لرسوله الكريم، ونصرهم لشريعته، وتمسكهم بسنته، وهذا هو التوسل الصحيح الذي علمنا إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حكى لنا قصة أصحاب الغار، وتوسل كل واحد من الثلاثة بعمله، فالأول توسل إلى الله ببر الوالدين، والثاني توسل إلى الله بالتعفف عن الزنا، والثالث توسل إلى الله بالإحسان إلى الأجير. وهذا الحديث ثابت في الصحيحين من رواية عبد الله بن عمر، وشجرة التصوف لا وجود لها في الكتاب والسنة، ولا في سير الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين، فهي شجرة الزقوم طعام الأثيم، إلا من وحد الله منهم واتبع الرسول صلى الله عليه وسلم، فعسى أن يغفر له اختراع هذا الإسم المبتدع”.
ومن العقائد الفاسدة التي ذكرها محمد أسلم عن الشيخ حسين أحمد: قوله: “إن الأنبياء أحياء عندنا حياة حقيقية غير برزخية”. قال: “والوهابية الخبيثة مخالفون لنا في ذلك”.
قال الشيخ تقي الدين: “قوله إن الأنبياء عنده أحياء حياة حقيقية غير برزخية: كذب وبهتان، لم يقله أحد قبله، لأن الحياة حياتان لا ثالثة لهما إلا حياة أهل الجنة، فالحياة الدنيوية مضادة للموت، والحياة البرزخية تجتمع مع موت الجسد، لأنها حياة روحية، أما حياة أهل الجنة فهي أفضل من الحياتين السابقتين، لا موت فيها ولا مرض ولا حزن. وقد زاد هذا الدجال حياة رابعة لا وجود لها إلا في خياله الفاسد. وهو الذي أفتى في الهند بأن استقلال باكستان غير جائز شرعا، يعني في شرع الشيطان، يريد أن يبقى المسلمون في الهند تحت حكم أعدائهم الوثنيين.. أفيكفر بقوله تعالى: “إنك ميت وإنهم ميتون”، وقوله تعالى: “وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم”، ويكذب أبا بكر الصديق في قوله: “من كان يعبد محمدا، فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله، فإن الله حي لا يموت، أم يكذب الآيات كعادته في خبطه خبط عشواء في ليلة ظلماء”.
وذكر الشيخ تقي الدين ما يلزم من هذا القول من لوازم باطلة، فقال إن منها أن يكون الأنبياء يمشون على الأرض مثل غيرهم من الأحياء، ويأكلون، ويشربون، ويحتاجون إلى قضاء الحاجة مثل غيرهم من الأحياء، وأن يكونوا ظاهرين بين الناس يرونهم ويتعلمون منهم. ومن اللوازم الباطلة التي تلزم على قوله أن يكون قبر النبي صلى الله عليه وسلم خاليا من جسده الشريف، وكذلك سائر قبور الأنبياء، وهذا معلوم البطلان بالضرورة عند كل عاقل. ومنها تكذيب الآيتين السابقتين والتي تدل على موت النبي صلى الله عليه وسلم، وقوله تعالى: “وما جعلنا لبشر من قبلك الخُلد أفإن مت فهم الخالدون * كل نفس ذائقة الموت”. فالموت عام للأنبياء وغيرهم من سائر البشر، فإذا لم يكن عندهم ما يجيبون به على الأيات والأحاديث الدالة على موته صلى الله عليه وسلم وجميع الأنبياء، فالواجب عليهم الرجوع إلى الحق الذي يدل عليه الكتاب والسنة وما كان عليه السلف الصالح.
وما ذكره محمد أسلم عن حسين أحمد في كتابه “الشهاب الثاقب”، قوله: “والوهابية النجدية يعتقدون وينادون على مرأى ومسمع: أن القول: يا رسول الله ! استعانة بغير الله، وهذا شرك”.
وكلامه هذا يدل على أنه كان لا يرى بأسا بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم، وينكر أن يكون دعاؤه والإستعانة به شركا، وهذا من جهله بالتوحيد الذي بعث الله به رسوله صلى الله عليه وسلم، وأمره أن يدعو الناس إليه وإلى إخلاص العبادة بجميع أنواعها لله تعالى، وينهاهم عن الشرك والإلتجاء إلى غير الله، ومن الشرك دعاء الأموات، كقول القائل: يا رسول الله أغثني. ونحوه مما يستعمله كثير من المفتونين بالموتى وإشراكهم مع الله في الدعاء وغيره من أنواع العبادة.
وقد أمر الله تعالى عباده بالتوحيد ونهاهم عن الشرك به في آيات كثيرة من القرآن، وأخبر أن دعاء غيره ضلال، وأن الذين يدعونهم من دونه لا يستجيبون لهم بشيء، ولا يملكون لهم ضرا ولا نفعا، والآيات في هذا كثيرة جدا، منها: قول الله تعالى: “وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا”. فهذا يعم الملائكة والأنبياء وغيرهم من سائر الخلائق. وقال تعالى: “قل إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحدا”.
والآيات في النهي عن دعاء غير الله كثيرة جدا، وما جاء فيها من النهي عن دعاء غير الله يعم دعاء العبادة ودعاء المسألة، ومن دعاء المسألة طلب الحوائج من الموتى والإستغاثة بهم والتوجه إليهم. قال ابن القيم: “وهذا أصل شرك العالم، فإن الميت انقطع عمله، وهو لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا، فضلا لمن استغاث به أو سأله”.
قال الشيخ تقي الدين في الرد على حسين أحمد: “ويلك يا مشرك ! فإذا لم يكن: (يا رسول الله) عبادة، فأين العبادة؟ فإذا قلت: يا الله ارحمني، فقد عبدت الله، وإذا قلت: يا رسول الله أغثني، فقد عبدت الرسول وكفرت بالله، والرسول بريء منك”.
ومن سخافات مشايخ التبليغيين وهوسهم ما ذكره محمد أسلم في كتابه عن الشيخ محمد زكريا الكاندهولي، ويعرف عندهم ب”ريحانة العصر”، و”المحدث الكبير”، أنه قال في بعض رسائله: “إذا وصلت إلى حضرة الرسول صلى الله عليه وسلم، فقل له هذه الكلمات: إنه سلم عليك كلب هندي – يصف نفسه بالكلب ! -، ولإن تستطيع أن تقول في ذلك المجلس بأدب بالغ بعد الصلاة والسلام: إن هذا النجس لا يليق له أن يسلم عليك، لكنك رحمة للعالمين، ولا ملجأ لهذا النجس إلا إلى رأفة نظرتك”.
فهذا الكلام السخيف لا يصدر إلا من رجل بلغ النهاية في السخف والرعونة.. لأن هاتين الصفتين من أقبح صفات الذم التي لا يرضى بها عاقل لنفسه..
وأما قوله: “إنه لا ملجأ لهذا النجس إلا إلى رأفة نظرتك”، فهذا من الشرك الأكبر، لأن الله تعالى قال لنبيه: “قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رَشَدا”. فإذا كان النبي كذلك في حياته فهو بعد مماته أولى أن لا يملك ذلك لأحد.
السحر في عالمهم
قال الشيخ حمود التويجري رحمه الله: ومن الشركيات الرائجة عندهم تعليق التمائم والحروز والحجب التي تشتمل على الطلاسم الغريبة والمربعات والأرقام والرموز المبهمة التي لا تخلو من الإلتجاء إلى غير لله، والإستعاذة بغيره. وقد شك أمير الجماعة الشيخ إنعام الحسن أنه مسحور، وقد عالجه أحد تلاميذ جميل إلياس من البنغاليين. عالجه بالسحر، وأعطاه تعاويذ فيها شرك، ومما كتب فيها “بحق فاطمة”، و”بحق الغوث الأعظم عبد القادر”، وغير ذلك.. كذلك تعالج عنده لسان الدعوة التبليغية عمر بالنبري، واستخدم التعاويذ الشركية. فإذا كان هذا حال أميرهم وكبرائهم فما بالك بالعوام !..
وقد أحسن من قال:
وكلُّ خير في اتباع من سلف … وكل شر في ابتداع من خلف
وذكر محمد أسلم عن الشيخ محمد يوسف البنوري، وهو من كبار علماء ديوبند والجماعة، أنه كان صاحب قوة في شفاء المرضى، واستحضار الأرواح، وكان يثني على ابن عربي الصوفي.
أما شفاء المرضى بمحض إرادته فهذا من خصائص الرب التي لا يقدر عليها غيره. قال تعالى مخبرا عن إبراهيم عليه الصلاة والسلام: “وإذا مرضت فهو يشفين”، وقال تعالى: “أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع الله قليلا ما تذكرون”.
فلا يكشف السوء – الذي هو الضر – ولا يشفي من الأمراض إلا الله تعالى.
ولا يستبعد أن البنوري كان يستعين بالشياطين في علاج المرضى لأن كان يستحضر الأرواح، وذلك من عمل الشياطين. ولا بد فيه من التقرب لأكابرهم بما يحبونه من الشرك والسوق والمعاصي.
كذلك يستعان بهم في استحضار ما يقولون إنه أرواح الموتي، فيتصور الشيطان في صورة الميت ويكلم أهله بلسانه وما يعرفون عنه. وقد طلب أحد الناس من بعض هؤلاء استحضار روح أمه الميتة فتصور له شيطان، فطلب منهم استحضار النبي
صلى الله عليه وسلم فلم يقدروا لأنه يعلم أن الشيطان لا يتمثل به، فبدأ يحذر الناس منهم.
أما ثناؤه على ابن عربي فمن أوضح الأدلة على زندقته – وعلى أن الشياطين تعينه -، فالمحققون من العلماء على أن ابن عربي زنديق كافر. قال الذهبي في “السير”: “ومن أردأ تواليفه كتاب الفصوص، فإن كان لا كفر فيه، فما في الدنيا كفر”.
ولا يمدح ابن عربي إلا من هو متبع له في قوله بالإتحاد – فهو إمام القائلين بوحدة الوجود -، وهذا القول من أخبث أنواع الكفر.
معتقدهم في العلو
قال الشيخ حمود التويجري رحمه الله: وسأل أحدهم رئيس الجماعة في السعودية سعيد أحمد عن معتقدهم في العلو، وكان يثق به، فأجابه: إن الله في كل مكان، وليس هو في السماء. فقال له بماذا نرد على الذين يقولوه إن الله في السماء؟ فقال: اتركهم واثبت على عقيدتك فهي الحق ! وهذا مذهب الجهمية الذين كفرهم علماء السلف وتبرؤوا منهم (وهو معتقد الماتوردية)..
جهل أتباعهم
قال الشيخ حمود التويجري رحمه الله: وقد ذبح بعض أتباعهم الجهلة ولده في الهند لأنه رأى في المنام أنه يذبحه ! ولم يعرف المسكين أن رؤيا الأنبياء وحي، ورؤيا غيرهم بشائر أو أضغاث أحلام وأحلام منام أو من الشيطان. وإذا كان مشايخهم على ضلال فما بالك بأتباعهم من العوام ؟
وقد عالج أمير الجماعة في زماننا – إنعام الحسن – ما تخيله سحرا أصابه بالسحر والتعاويذ الشيطانية كما ذكرنا. والشرك من أعظم الذنوب، قال تعالى: “إن الله لا يغفر أن يشرك به”، وذبح الأولاد دونه لأنه داخل في قوله تعالى:”ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء”.
فتاوى العلماء فيهم
الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ:
((من محمد بن إبراهيم إلى حضرة صاحب السمو الملكي الأمير خالد بن سعود رئيس الديوان الملكي الموقر، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد: فقد تلقيت خطاب سموكم ( رقم 36/4/5-د في 21/1/1382هـ ) وما برفقه، وهو الالتماس المرفوع إلى مقام حضرة صاحب الجلالة الملك المعظّم من محمد عبد الحامد القادري وشاه أحمد نوراني وعبد السلام القادري وسعود أحمد دهلوي حول طلبهم المساعدة في مشروع جمعيتهم التي سموها ((كلية الدعوة والتبليغ الإسلاميّة))، وكذلك الكتيبات المرفوعة ضمن رسالتهم، وأعرض لسموكم أن هذه الجمعية لا خير فيها؛ فإنها جمعية بدعة وضلالة، وبقراءة الكتيبات المرفقة بخطابهم وجدناها تشتمل على الضلال والبدعة والدعوة إلى عبادة القبور والشرك، الأمر الذي لا يسع السكوت عنه، ولذا فسنقوم إن شاء الله بالرد عليها بما يكشف ضلالها ويدفع باطلها، ونسأل الله أن ينصر دينه ويعلي كلمته والسلام عليكم ورحمة الله)). [ ص- م – 405 في 29/1/1382هـ] . [ راجع كتاب القول البليغ في التحذير من جماعة التبليغ للشيخ حمود التويجري (ص:289) ].
سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز:
السؤال: هل ترون الخروج معهم وتأييدهم ؟
الجواب: الجماعات التي تدعو إلى الله كثيرة ومتنوعة، وقد سبق السؤال من بعض الإخوان عن جماعة التبليغ، وهي جماعة من الهند وباكستان وغيرها يتجوّلون في بلدان الدنيا في أوروبا وأفريقيا وأمريكا وآسيا وفي كل مكان، ولهم نشاط في البلاغ، ولهذا سموا جماعة التبليغ يُبلغون الإسلام ويبلغون دعوة الله عز وجل، والناس فيهم بين قادح ومادح كما تقدم، فمنهم من جهل أمرهم فذمّهم، ومنهم من عرف أمرهم ومدحهم وأثنى، ومنهم من توسّط في ذلك، والذي قلنا فيهم أقدم هو الذي نقوله الآن: ليسوا بكاملين،عندهم نقص، وعندهم غلط، وعند رؤسائهم القدامى بعض الأغلاط وبعض البدع، لكن هؤلاء الأخيرين في الأغلب ليس عندهم شيء من ذلك، إن كان فعند رؤسائهم الأقدمين، لكن هؤلاء الذين يتجوّلون الآن ينشدون توجيه الناس إلى الإسلام وترغيبهم في الآخرة وتزهيدهم في الدنيا، وتشجيعهم على طاعة الله ورسوله، وقد تأثر بهم الجم الغفير، يصحبهم الفُساق والعُصاة، فيرجعون بعد ذلك عُباداً أخياراً قد تأثروا بهذه الدعوة هذا هو الذي علمنا منهم، وقد صحبهم جمُّ غفير من إخواننا وعرفوا ذلك، وعندهم بعض النقص والجهل كما سبق، وفيهم جُهال يريدون الخير، فإذا صحبهم أهل العلم والبصيرة وأهل العقائد الطيبة نبّهوهم على بعض الأغلاط، وساعدوهم على الخير، وصارت الدعوة أكثر نفعاً وأكمل بلاغاً، أما ما صدر من اللجنة الدائمة لدينا في الرئاسة منذ سنين فقد خفي عليهم بعض أمورهم، فصدر في الفتوى شيء غير مناسب، وليس العمل عليها، بل العمل على ما ذكرناه آنفاً، وإن الواجب على أهل العلم هو التعاون معهم على البر والتقوى وإصلاح ما قد يغلطون فيه، وهكذا غيرهم مثل جماعة الإخوان المسلمين، والجماعة الإسلامية في باكستان والهند وغيرهم، كلهم عنده نقص، والواجب التعاون على البر والتقوى، والتعاون على ما ينفع المسلمين، والنقص يجب على أهل العلم أن يتعاونوا على إزالته والتنبيه عليه، حتى تكون الدعوة من الإخوان جميعاً متقاربة ومتعاونة ومتساندة، حتى ينفع الله بهم الجميع، فإذا اضطربت واختلفت أوجبت التنفير والشكوك والبلبلة، فالواجب على كل من لديه علم وغيرة إسلامية من أهل العلم أن يساعد في الخير، وأن ينبه على الخطأ من جماعة التبليغ، ومن غير جماعة التبليغ، هذا هو الذي نعتقده في هذا كله في جميع الجماعات، ما كان عندها من خطأ نُبهّت عليه وبُيّن لها خطؤها، وما كان من صواب شُكِرتْ عليه وشُجّعت على التزامه ونشره بين الناس، حتى تستقيم الدعوة إلى الله من جميع الجماعات الإسلامية. ونسأل الله التوفيق وصلاح النية والعمل، إنه ولي ذلك والقادر عليه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
نصيحة الشيخ ابن باز للجماعة: أنصحهم كثيراً بأن يعنوا بالعقيدة، ببيان العقيدة الصحيحة، توحيد الله الذي هو إخلاص العبادة لله – جل وعلا-، وترك عبادة ما سواه من التعلق على الأنبياء أو الأولياء والصالحين أو غيرهم؛ لأن هذا هو الشرك الأكبر، فينبغي بل الواجب عليهم وعلى غيرهم أن يهتموا بهذا، فإن العقيدة هي الأساس وهي الأصل والباقي تبع، فالواجب عليهم أن يهتموا بالعقيدة وأن يجتهدوا في بيانها وبيان ما يضادها من الشرك الأكبر، من دعوة الأموات والاستغاثة بالأموات والنذر لهم والذبح لهم ونحو ذلك، وقد وقع الناس في شرك كبير، هذا يتعلق بالحسين، وهذا يتعلق بفاطمة، وهذا يتعلق بعلي – رضي الله عنه-، وهذا يتعلق بالبدوي، هذا يتعلق بفلان، وفلان، لا، هذا منكر عظيم وشرك أكبر، فدعاء الأموات سواء من الأنبياء أو غيرهم هذا شرك أكبر، كونه يدعو الحسين أو النبي – صلى الله عليه وسلم- أو فاطمة أو علي -رضي الله عنه- أو الصديق أو عمر أو البدوي أو ابن عربي أو الشيخ عبد القادر الجيلاني أو .. كونهم يدعونه من دون الله، ينذرون له، يستغيثون به، هذا من الشرك الأكبر. فالواجب الحذر من ذلك، ويجب على الدعاة أن يحذروا من الشرك؛ لأنه هو أساس البلاء، الشرك هو أساس البلاء، هو أعظم الذنوب، كما أن التوحيد هو أساس الخير، وهو أعظم واجب، فهذا يفوت جماعة التبليغ العناية به، فالواجب عليهم أن يعتنوا به وعلى من شاركهم أن ينبههم، وأن يساعدهم على هذا الأمر حتى تكون الدعوة كاملة ومستوفية لما يجب من الدعوة إلى توحيد الله، والتحذير من الشرك بالله مع الدعوة إلى الصلاة والصيام والزكاة والأخلاق الفاضلة، والتحذير من المعاصي، هذا مع هذا.
الفتوى الأخيرة للشيخ العلامة ابن باز -رحمه الله -:
سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز – رحمه الله تعالى – عن جماعة التبليغ فقال السائل: نسمع يا سماحة الشيخ عن جماعة التبليغ وما تقوم به من دعوة، فهل تنصحني بالانخراط في هذه الجماعة، أرجو توجيهي ونصحي، وأعظم الله مثوبتكم؟
فأجاب الشيخ بقوله: (( كل من دعا إلى الله فهو مبلغ “بلغوا عني ولو آية”، لكن جماعة التبليغ المعروفة الهندية عندهم خرافات، عندهم بعض البدع والشركيات، فلا يجوز الخروج معهم، إلا إنسان عنده علم يخرج لينكر عليهم ويعلمهم. أما إذا خرج يتابعهم، لا. لأن عندهم خرافات وعندهم غلط، عندهم نقص في العلم، لكن إذا كان جماعة التبليغ غيرهم أهل بصيرة وأهل علم يخرج معهم للدعوة إلى الله. أو إنسان عنده علم وبصيرة يخرج معهم للتبصير والإنكار والتوجيه إلى الخير وتعليمهم حتى يتركوا المذهب الباطل، ويعتنقوا مذهب أهل السنة والجماعة)). [فرغت من شريط بعنوان (فتوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز على جماعة التبليغ). وقد صدرت هذه الفتوى في الطائف قبل حوالي سنتين من وفاة الشيخ وفيها دحض لتلبيسات جماعة التبليغ بكلام قديم صدر من الشيخ قبل أن يظهر له حقيقة حالهم ومنهجهم ].
جماعة التبليغ والإخوان من الثنتين وسبعين فرقة الضالة:
سئل سماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز – رحمه الله تعالى -: أحسن الله إليك، حديث النبي صلى الله عليه وسلم في افتراق الأمم: قوله: (( ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة إلا واحدة )). فهل جماعة التبليغ على ما عندهم من شركيات وبدع. وجماعة الأخوان المسلمين على ما عندهم من تحزب وشق العصا على ولاة الأمور وعدم السمع والطاعة. هل هاتين الفرقتين تدخل…؟
فأجاب – غفر الله تعالى له وتغمده بواسع رحمته -: (( تدخل في الثنتـين والسبعين، من خالف عقيدة أهل السنة دخل في الثنتين والسبعين، المراد بقوله ( أمتي ) أي: أمة الإجابة، أي: استجابوا له وأظهروا اتباعهم له، ثلاث وسبعين فرقة: الناجية السليمة التي اتبعته واستقامت على دينه، واثنتان وسبعون فرقة فيهم الكافر وفيهم العاصي وفيهم المبتدع، أقسام.
فقال السائل: يعني: هاتين الفرقتين من ضمن الثنتين والسبعين؟
فأجاب: نعم، من ضمن الثنتين والسبعين والمرجئة وغيرهم، المرجئة والخوارج، بعض أهل العلم يرى الخوارج من الكفار خارجين، لكن داخلين في عموم الثنتين والسبعين)). [ ضمن دروسه في شرح المنتقى في الطائف وهي في شريط مسجّل وهي قبل وفاته -رحمه الله- بسنتين أو أقل ].
حكم الخروج مع جماعة التبليغ:
سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز -رحمه الله -: خرجت مع جماعة التبليغ للهند وباكستان، وكنا نجتمع ونصلي في مساجد يوجد بها قبور، وسمعت أن الصلاة في المسجد الذي يوجد فيه قبر باطلة، فما رأيكم في صلاتي، وهل أعيدها؟ وما حكم الخروج معهم لهذه الأماكن؟
الجواب: بسم الله والحمد لله، أما بعد: فإن جماعة التبليغ ليس عندهم بصيرة في مسائل العقيدة فلا يجوز الخروج معهم إلا لمن لديه علم وبصيرة بالعقيدة الصحيحة التي عليها أهل السنّة والجماعة حتى يرشدهم وينصحهم ويتعاون معهم على الخير لأنهم نشيطون في عملهم لكنهم يحتاجون إلى المزيد من العلم وإلى من يبصرهم من علماء التوحيد والسنَّة، رزق الله الجميع الفقه في الدين والثبات عليه، أما الصلاة في المساجد التي فيها القبور فلا تصـح، والواجـب عليـك إعـادة مـا صليـت فيها لقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: (( لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد )) متفق على صحته. وقوله – صلى الله عليه وسلم- :(( ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك )) أخرجه مسلم في صحيحه. والأحاديث في هذا الباب كثيرة وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم )). [ فتوى بتاريخ 2/11/1414هـ ].
الشيخ محمد بن صالح العثيمين:
السؤال: فضيلة الشيخ: جماعة الدعوة الذين يخرجون ثلاثة أيام، وهم جماعة التبليغ والدعوة، المهم –يا شيخ– أني بدأت الالتزام قريباً، ومضطرب في هذا الأمر، هناك بعض الشباب من الإخوان يقول: لا تتبع هذه الجماعة، وهناك بعض العلماء في المدينة نصحني بالخروج معها، فما رأي فضيلتكم ؟
الجواب: الغالب أن كل المسائل يكون الناس فيها طرفين ووسطاً: فمن الناس من يثني على هؤلاء كثيراً، وينصح بالخروج معهم، ومنهم من يذمهم ذماً كبيراً، ويحذر منهم كما يحذر من الأسد، ومنهم متوسط، وأنا أرى أن الجماعة فيهم خير، وفيهم دعوة، ولهم تأثير لم ينله أحد من الدعاة، تأثيرهم واضح، كم من فاسق هداه الله! وكم من كافر آمن! ثم إنه من طبائعهم التواضع والخلق والإيثار، ولا يوجد في الكثيرين، ومن يقول: إنهم ليس عندهم علم حديث أو من علم السلف أو ما أشبه ذلك؟ هم أهل خير ولا شك، لكني أرى أن الذين يوجدون في المملكة لا يذهبوا إلى باكستان وغيرها من البلاد الأخرى؛ لأننا لا ندري عن عقائد أولئك، ولا ندري عن مناهجهم، لكن المنهج الذي عليه أصحابنا هنا في المملكة منهج لا غبار عليه، وليس فيه شيء، وأما تقييد الدعوة بثلاثة أيام أو أربعة أيام أو شهرين أو أربعة أشهر أو ستة أو سنتين فهذه ما لها وجه، ولكنهم يرون أن هذا من باب التنظيم، وأنه إذا خرج ثلاثة أيام وعرف أنه مقيد بهذه الثلاثة استقام وعزف عن الدنيا، فهذه مسألة تنظيمية ليست بشرع، ولا هي عبادة، فأرى –بارك الله فيك– إن كان اتجاهك لطلب العلم فطلب العلم أفضل لك؛ لأن طلب العلم فيه خير، والناس الآن محتاجون لعلماء أهل سنة راسخين في العلم، وإن كان ما عندك قدرة على تلقي طلب العلم، وخرجت معهم لأجل أن تصفي نفسك، فهذا لا بأس به، وهناك أناس كثيرون هداهم الله عز وجل على أيديهم.
وفي سلسلة لقاءات الباب المفتوح: قال الشيخ: وهناك قصص عجيبة أخبرنا عنها. حدثني من أثق به وتوثيق الثقة مقبول عند علماء الحديث يقول: إن رجلاً كان له ابن أخت من أفسق عباد الله وأقبحهم منظراً .. سكر وبلا وعدم صلاة، وإذا رأيت وجهه كرهته، فغاب يوماً من الأيام لمدة نصف شهر أو أقل أو أكثر المهم مدة، يقول: فقلنا فيما بيننا: لعل الله سلَّط عليه أحداً من هؤلاء الطائشين دهسه وتركه، انظر إلى هذا الحد. يقول: فبينما نحن كذلك إذا بالرجل يقرع الباب بعد الظهر، يقول خاله: وكنت في مكتبتي فقلت في نفسي: من هذا الغشيم الذي يأتي بعد الظهر الناس ما بين قائل ومتردٍ وما هذا؟ فقلت له: ادخل، وإذا الباب مغلق فلم يستطع أن يدخل، فجعل يقرع الباب وأقول: ادخل، فيقول: الباب مغلق، يقول: فقمت ففتحت الباب وإذا هذا الرجل النير الوجه الملتحي الذي أحببته، قلت: وماذا عندك ولماذا تجيء – يا أخي – في هذا الوقت؟! لو جئت بوقت مناسب نجلس معك! قال: أنا ابن أختك فلان بن فلان، فقلت له: كذبت، ابن أختي حليق، وجهه مكفهر،لا تحب العين أن تراه، لست هو فأنكرته! فقال لي: بل أنا ابن أختك، وإذا شئت أن أعد عليك بيتك الآن حجرة حجرة عددتها لك، إذا دخلت رحت من اليمين إلى الحجرة الفلانية، ومن اليسار الحجرة الفلانية، ومن الأمام المكان الفلاني!! فقلت: أنت هو؟ قال: أنا هو. قلت: ادخل، وما الذي قلبك من تلك الحال إلى هذه الحال؟ والرجل – هذا الخال – فيه شيء من العنف. ما الذي قلبك من تلك الحال إلى هذه الحال؟ فقال: إنه أتاني الإخوان وأمسكوني برفق وقالوا: إلى المسجد. فقلت: مالي وللمسجد! ما دخلته قط! قالوا: وإن لم تدخله في حياتك فإن الله غفور رحيم، امش معنا! يقول: فلما دنونا من المسجد قالوا لي: ادخل الحمام واغتسل ما دمت على حالك الأولى أنت كافر، والكافر إذا أسلم لابد يغتسل، يطهر ظاهره وباطنه، يقول: فاغتسلت، يقول: ألان الله قلبي لهم فاستجبت، يقول: دخلت المسجد وصليت وهم جعلوا يدعون لي بالثبات رافعي أيديهم يبتهلون إلى الله وقالوا: اخرج معنا، فو الله! يا خالي! ما ذقت لذة الدنيا إلا بهذا، وكأني بعثت الآن، والحمد لله الذي هدانا لهذا.
لكن لأجل أن نقول الحق الذي بيننا وبين الله: القوم عندهم جهل عظيم أكثرهم جاهل جداً، ولذلك لا يحبون النقاش في العلم ولا الكلام فيه، عندهم هذا المسلك نمشي عليه: تسبيح وتكبير وتهليل وقرآن وصلاة ودعوة للخير، لكن نقاش أو خلاف فقهي بل وعقدي أيضاً لا يتكلمون فيه، هذا وجه النقص فيهم. لو أن طلبة العلم الذين يشار إليهم صحبوهم ودرسوهم وعلموهم ما يجب في العقائد لكان فيهم خير كثير، لكن هم من هذا الباب صار فيهم نقص، وصار بعض المشايخ ينتقدهم من هذا الباب انتقاداً مطلقاً بدون أن ينظر إلى محاسنهم، وقد قال الله تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى”، ولو أننا عاملنا هؤلاء بالعدل وقلنا: أنتم – جزاكم الله خيراً – نيتكم طيبة وقلوبكم طيبة .. أخلاق .. إيثار، إلى غير ذلك من المحاسن، ونشكركم على هذا، لكن نريد أن نتكلم معكم في العقيدة وفي الأقوال الراجحة من أقوال الفقهاء في المسائل العملية، فانتدبوا لنا الكبار منكم حتى نعلمهم، لو حصل هذا لحصل خير كثير، لكن مع الأسف أن بعض الناس ينفر منهم تنفيراً بالغاً، فنسأل الله أن يجمع كلمة الجميع على الحق.
عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين:
السؤال: ما رأيكم في جماعة التبليغ عمومًا حيث أثير بعض الشبهات ضد هذه الجماعة؟
الإجابة: هؤلاء الجماعة من الدعاة إلى الله، وكان أول خروجهم، وقد كتبت عنهم عدة رسائل ما بين مادح وقادح، والحق أنهم جماعة يقومون بالدعوة إلى الله تعالى بأساليب رأوها مؤثرة مفيدة، فلا جرم، حصل بواسطة دعوتهم خير كثير وانتفع بهم من أراد الله به خيرًا، واهتدى بدعوتهم كثير من الضلال، وتاب بسببهم كثير من العصاة، وقد رأوا أن الدعوة بالفعل والنظر أقوى وأجود من الدعوة بالقول، وقد عيب عليهم عدم التعرض للمعاصي بأعيانها فلا ينكرون على من يدخن أو يشرب المسكر أو يتعاطى شيئًا من المعاصي بحجة أن هذا تنفير، ولهم اجتهادهم. والله أعلم.
صالح بن فوزان الفوزان:
السؤال: شخص خرج معهم خمس سنين ثم بان له أن منهجهم بدعي وفيه تصوف، فهل يجوز له التحذير منهم؟
الجواب: قال الشيخ إنهم في السعودية عندهم وزارة للدعوة تقوم على التوحيد فيها علماء، فليسوا بحاجة إلى استقدام دعوات مجهولة، وقال للسائل إنه ما دام عرف ما عندهم، فالواجب عليه أن يحذر منها، فلا يسعه السكوت وهو يعلم عليها بعض المآخذ، وهذا من النصيحة في الدين (من مقطع على اليوتيوب).
وسئل فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: ماذا تقول فيمن يخرجون إلى خارج المملكة للدعوة وهم لم يطلبوا العلم أبداً، يحثون على ذلك ويرددون شعارات غريبة ويدّعون أن من يخرج في سبيل الله للدعوة سيلهمه الله، ويدّعون أن العلم ليس شرطاً أساسياً ؟
الجواب: الخروج في سبيل الله ليس هو الخروج الذي يعنونه الآن. الخروج في سبيل الله هو الخروج للغزو، أما ما يسمونه الآن بالخروج فهذا بدعة لم يرد عن السلف. وخروج الإنسان يدعو إلى الله غير متقيد في أيام معينة بل يدعو إلى الله حسب إمكانيته ومقدرته، بدون أن يتقيد بجماعة أو يتقيد بأربعين يوماً أو أقل أو أكثر.
وكذلك مما يجب على الداعية أن يكون ذا علم، لا يجوز للإنسان أن يدعو إلى الله وهو جاهل، قال تعالى: { قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة }، أي: على علم لأن الداعية لابد أن يعرف ما يدعو إليه من واجب ومستحب ومحرم ومكروه، ويعرف ما هو الشرك والمعصية والكفر والفسوق والعصيان، يعرف درجات الإنكار وكيفيته.
والخروج الذي يشغل عن طلب العلم أمر باطل لأن طلب العلم فريضة وهو لا يحصل إلا بالتعلم لا يحصل بالإلهام، هذا من خرافات الصوفية الضالة، لأن العمل بدون علم ضلال. والطمع بحصول العلم بدون تعلم وهم خاطئ )).
نفورهم من التوحيد :
سئل الشيخ العلامة الفوزان حفظه الله :
فضيلة الشيخ ليس الواقع أنهم يرفضون دعوة التوحيد وذلك أنه إذا خرج معهم بعض طلاب العلم فأرادوا مثلاً بيان العقيدة والتوحيد وأنواع الشرك نفروا منه وغضبوا !!! وإذا قاموا يبينوا في العقيدة والتوحيد أو بعض السنن الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم نفروا من ذلك !!!
فأجاب الشيخ حفظه الله : (( أنا شاهدت هذا بنفسي، أنا ألقيت محاضرة في التوحيد في بعض مساجد الرياض وكانوا مجتمعين فيه فخرجوا، خرجوا من المسجد، ومثلي أيضاً بعض المشايخ ألقوا في هذا المسجد محاضرة عن التوحيد فخرجوا منه لأنهم كانوا نازلين فيه، فإذا سمعوا الدعوة إلى التوحيد خرجوا من المسجد مع أنهم يدعون إلى الإجتماع في المسجد لكن لما سمعوا التوحيد خرجوا من المسجد ! إما أنهم لا يقبلون ممن دعاهم إلى التوحيد، نعم، وهذا ليس خاصاً بهم بل كل من يسير على منهج ومخطط لا يقبل التنازل عنه، لو كانوا وقعوا في هذا الأمر عن جهل فهم يمكن أن يرجعوا إلى الصواب لكن هم وقعوا في هذا الأمر عن تخطيط وعن منهج يسيرون عليه من قديم مخطط لهم، فلا يمكن أن يرجعوا عن منهجهم لأنهم لو رجعوا عن منهجهم لأنحلت جماعتهم، وهم لا يريدون هذا، وآخر كتاب صدر وجمع فيه مقالاتهم وانتقادات عليهم والذين صحبوهم ثم خرجوا عنهم وتركوهم، آخر كتاب في هذا وهو كتاب حافل جامع كتاب الشيخ حمود بن عبد الله التويجري رحمه الله، فإنه كتاب ما ترك شيئاً حول هذا الموضوع، لأنه كتاب متأخر جمع كل ما قيل من قبل، وجمع فيه معلومات صحيحة عنهم، فلم يبق إشكال أبداً، لكن الفتنة والعياذ بالله إذا جاءت تعمى الأبصار، وإلا كيف إنسان عاش على التوحيد ودرس التوحيد وعرف عقيدة التوحيد، كيف يغتر بهؤلاء ؟! كيف يخرج معهم ؟! كيف يدعوا إليهم ؟؟ كيف يدافع عنهم ؟؟!! هل هذا إلا من الضلال بعد الهدى، واستبدال الذي هو أدنى بالذي هو خير، نسأل الله العافية والسـلامة .
وقد وجدت للشيخ هذه الكلمة التي أوردها أحد الإخوة في موقع الألوكة: قال شيخنا العلامة الوالد صالح بن فوزان الفوزان في كتابه ( إتحاف القاري بالتعليقات على شرح السنة للإمام البربهاري ) 2/ 231-232: ” جماعة التبليغ الذين اغتر بهم كثير من الناس اليوم نظرا لما يظهر منهم من التعبد وتتويب العصاة كما يقولون ، وشدة تأثريهم على من يصحبهم ، ولكن هم يخرجون العصاة من المعصية إلى البدعة والبدعة شر من المعصية، والعاصي من أهل السنة خير من العابد من أهل البدع ، فليُنتبه لذلك … وما قلت هذا كراهية للخير الذي معهم إن كان فيهم خير ، وإنما قلته كراهية للبدعة ، فإن البدعة تذهب بالخير . والبدع التي عند جماعة التبليغ قد ذكرها من صحبهم ثم تاب من مصاحبتهم ، وألفت كتب كثيرة في التحذير منهم وبيان بدعهم “..
ناصر الدين الألباني:
سئل – رحمه الله تعالى-: ما رأيكم في جماعة التبليغ: هل يجوز لطالب العلم أو غيره أن يخرج معهم بدعوى الدعوة إلى الله؟
فأجاب: (( جماعة التبليغ لا تقوم على منهج كتاب الله وسنَّة رسوله عليه السلام وما كان عليه سلفنا الصالح. وإذا كان الأمر كذلك؛ فلا يجوز الخروج معهم؛ لأنه ينافي منهجنا في تبليغنا لمنهج السلف الصالح. ففي سبيل الدعوة إلى الله يخرج العالِم، أما الذين يخرجون معهم فهؤلاء واجبهم أن يلزموا بلادهم وأن يتدارسوا العلم في مساجدهم، حتى يتخرج منهم علماء يقومون بدورهم في الدعوة إلى الله. وما دام الأمر كذلك فعلى طالب العلم إذن أن يدعو هؤلاء في عقر دارهم، إلى تعلم الكتاب والسنَّة ودعوة الناس إليها.
وهم – أي جماعة التبليغ – لا يعنون بالدعوة إلى الكتاب والسنَّة كمبدأ عام؛ بل إنهم يعتبرون هذه الدعوة مفرقة، ولذلك فهم أشبه ما يكونون بجماعة الإخوان المسلمين. فهم يقولون إن دعوتهم قائمة على الكتاب والسنَّة، ولكون هذا مجرد كلام، فهم لا عقيدة تجمعهم، فهذا ماتريدي، وهذا أشعري، وهذا صوفي، وهذا لا مذهب له. ذلك لأن دعوتهم قائمة على مبدأ: “كتّل جمّع ثمّ ثقّف”، والحقيقة أنه لا ثقافة عندهم، فقد مرّ عليهم أكثر من نصف قرن من الزمان ما نبغ فيهم عالم.
وأما نحن فنقول: “ثقّف ثمّ جمّع”، حتى يكون التجميع على أساس مبدأ لا خلاف فيه.
فدعوة جماعة التبليغ صوفيّة عصريّة، تدعو إلى الأخلاق أما إصلاح عقائد المجتمع؛ فهم لا يحركون ساكناً؛ لأن هذا – بزعمهم- يفرق.
وقد جرت بين الأخ سعد الحصين وبين رئيس جماعة التبليغ في الهند أو في باكستان مراسلات، تبيّن منها أنّهم يقرون التوسل والاستغاثة وأشياء كثيرة من هذا القبيل، ويطلبون من أفرادهم أن يبايعوا على أربع طرق، منها الطريقة النقشبنديّة، فكل تبليغي ينبغي أن يبايع على هذا الأساس.
وقد يسأل سائل: أن هذه الجماعة عاد بسبب جهود أفرادها الكثير من الناس إلى الله، بل وربما أسلم على أيديهم أناس من غير المسلمين، أفليس هذا كافياً في جواز الخروج معهم والمشاركة فيما يدعون إليه؟ فنقول: إن هذه الكلمات نعرفها ونسمعها كثيراً ونعرفها من الصوفيّة !!. فمثلاً يكون هناك شيخ عقيدته فاسدة ولا يعرف شيئاً من السنّة، بل ويأكل أموال الناس بالباطل، ومع ذلك فكثير من الفساق يتوبون على يديه! فكل جماعة تدعو إلى خير لابد أن يكون لهم تبع ولكن نحن ننظر إلى الصميم، إلى ماذا يدعون؟ هل يدعون إلى اتباع كتاب الله وحديث الرسول – عليه السلام- وعقيدة السلف الصالح، وعدم التعصب للمذاهب، واتباع السنَّة حيثما كانت ومع من كانت؟!. فجماعة التبليغ ليس لهم منهج علمي، وإنما منهجهم حسب المكان الذي يوجدون فيه، فهم يتلونون بكل لون. [ تراجع الفتاوى الإماراتية للألباني س (73) ص (38)].
عبد الرزاق عفيفي:
سئل الشيخ – رحمه الله -: عن خروج جماعة التبليغ لتذكير الناس بعظمة الله؟
فقال الشيخ: (( الواقع أنّهم مبتدعة محرّفون وأصحاب طرق قادرية وغيرهم، وخروجهم ليس في سبيل الله، ولكنه في سبيل إلياس، هم لا يدعون إلى الكتاب والسنَّة ولكن يدعون إلى إلياس شيخهم في بنجلاديش. أما الخروج بقصد الدعوة إلى الله فهو خروج في سبيل الله وليس هذا هو خروج جماعة التبليغ. وأنا أعرف التبليغ من زمان قديم، وهم المبتدعة في أي مكان كانوا، هم في مصر وإسرائيل وأمريكا والسعودية، وكلهم مرتبطون بشيخهم إلياس )). [ فتاوى ورسائل سماحة الشيخ/ عبد الرزاق عفيفي (1/174) ].
تم الملخص بعون الله، من كتاب “القول البليغ في جماعة الدعوة والتبليغ” للتويجري.